قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 26/4/2011

ـ 'السفير'
الحريري يطلق النار على بري و&laqascii117o;حزب الله" لإصابة ميقاتي وإضعافه
حروب لبنانية متفرقة.. على ضفاف الفراغ الحكومي
عماد مرمل:

لا يبدو أن الفراغ الحكومي يحول دون أن تأخذ المواجهة بين الأكثرية الجديدة وقوى 14آذار مداها، بعدما تحولت ملفات الناس الى ساحة للصراع، في انتظار ان تصبح خشبة المسرح الحكومية جاهزة لاستقبال العروض.
ومن الواضح في هذا المجال، أن كلا الفريقين لا يفوت فرصة متاحة او مفتعلة من أجل تسجيل النقاط على الآخر ومحاولة إرباكه سياسيا وشعبيا، حتى باتت هذه القاعدة تسري على كل شيء، من ملفات ساحل العاج وسجن رومية ومخالفات البناء التي تُتهم الأكثرية الجديدة بسوء مقاربتها والتعامل معها، وصولا الى أحداث سوريا التي يُتهم &laqascii117o;تيار المستقبل" بالتورط فيها وهو الذي لم يخرج بعد من خلف قضبان فضائح &laqascii117o;ويكيليكس" التي يبدو أن فصولها لن تنطوي في المدى القريب.هي حروب متفرقة تجري على ضفاف فراغ حكومي، وتستخدم فيها كل أسلحة التعبئة، في ظل غياب الضوابط الدستورية التي تمتص عادة انفعال الشارع، وفي طليعتها مجلس الوزراء المتعثرة ولادته، ومجلس النواب الذي لا يستطيع ان يمارس عمله التشريعي والرقابي من دون وجود حكومة أصيلة، فيما صلاحيات رئيس الجمهورية لا تسمح بتحميله أكثر مما يحتمل..

وأمام هذا الانعدام للوزن المؤسساتي، باتت القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والأمنية تسبح في فضاء مفتوح على حسابات متضاربة، ومتفلت من قانون الجاذبية وكل أنواع القوانين الاخرى، ما حوّل تلك القضايا الى مناسبات للاستثمار الفئوي والتوظيف الكيدي، الامر الذي أعطاها، تحت وطأة &laqascii117o;الكورتيزون" السياسي، أحجاما مضاعفة في السياسة والاعلام.. والشارع.وهكذا، أصبح كل طرف ينتظر خصمه عند أول كوع، ينصب له الكمائن والافخاخ، يحصي أنفاسه، ويراقب خطواته، لعله يقع على صيد سياسي او مذهبي يفيده في معركة تهميش الآخر وتهشيمه، في هذا &laqascii117o;الوقت الضائع" من عمر البلد، حيث تصبح اللعبة متحررة من الكثير من القواعد والضوابط.
وفي ظل هذا المناخ، كان واضحا ان قوى 14 آذار لم تترك مناسبة منذ مغادرة الرئيس سعد الحريري السلطة إلا واستغلتها للتصويب على الاكثرية الجديدة والانتقام منها، وخصوصا &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;أمل"، كونهما يتحملان من وجهة نظر تلك القوى، المسؤولية الاساسية عن الانقلاب على الحريري، وبالتالي يجب فعل كل شيء حتى لا يهنأ لهما بال.كانت البداية مع مسألة السلاح التي شكلت عصب الحملة الهجومية لـ14آذار في المرحلة الاولى. لكن، وبما ان هذه الحملة بدت بلا أفق في ظل موازين القوى الداخلية غير الملائمة والمعطيات الخارجية السائدة، فهي استنفدت الكثير من زخمها سريعا، ما دفع أصحابها الى البحث عن أوتار أخرى، يمكن العزف عليها، علما أن هناك من بدأ يهمس في ضوء التطورات السورية أنه صار اليوم يملك تصورا واضحا عن سر توقيت فتح النار على سلاح المقاومة.

من هنا، سارعت قوى المعارضة الجديدة الى التقاط أحداث ساحل العاج وسجن رومية ومخالفات البناء وموقف السيد حسن نصرالله حيال تطورات البحرين، لتعيد تصنيعها ومن ثم تسويقها، بما يؤذي صورة الاكثرية الجديدة ويقدمها بصفتها مسؤولة عما يتخبط به البلد، سعيا الى إسقاطها قبل ان تحكم، تماما كما ان قوى 8آذار استفادت من الاتهام السوري الموجه الى النائب &laqascii117o;المستقبلي" جمال الجراح، لشن هجوم عنيف على &laqascii117o;تيار المستقبل" وحشره في زاوية العبث بالامن القومي لسوريا ولبنان، بمعزل عن وجود أدلة دامغة أم لا.
وبرأي تلك الشخصية في 8 آذار، يمكن رصد محطات عدة تثبت وجود مخطط لضرب تجربة الاكثرية الجديدة في مهدها، ومن بينها:
    
ـ أزمة ساحل العاج: سارعت قوى 14 آذار الى إلقاء عبء هذه الازمة على عاتق &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;أمل"، لتأليب الرأي العام الشيعي واللبناني عليهما، في حين ثبت ان الواقعية التي اتسمت بها طريقة تعاطيهما مع خصوصية ذلك البلد هي التي أدت الى الحد من خسائر المغتربين، وحصرها في الجانب المادي من دون تسجيل أي قتل متعمد لأي لبناني. وفي المقابل، تأخر الحريري كثيرا في التحرك بصفته رئيسا لحكومة تصريف الاعمال، بينما كان سريعا على سبيل المثال في إقامة جسر جوي لنقل الناخبين من دول الخليج الى بيروت للمشاركة في انتخابات نقابة المهندسين في بيروت.
ـ قضية سجن رومية: حاول فريق 14آذار الايحاء بان تحرك السجناء هو بتحريض من &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;أمل"، متجاهلا ان سوء إدارة السجن وتباطؤ القضاء في المحاكمات، هما اللذان فجرا قنبلة الاحتجاجات. وبالتالي فان الحزب و&laqascii117o;أمل" ليسا فقط بريئين من تهمة التحريض بل هما المتضرران الاساسيان مما جرى لان تداعيات الاحتجاج انعكست مباشرة على ساحتهما المشتركة وتسببت لهما بالاحراج، بعدما راح أهالي المسجونين يضغطون عليهما ويقطعون الطرقات، ولو ان عملية القمع الامنية التي حصلت لاحقا أدت الى خسائر بشرية كبرى لكان من الصعب تقدير حجم ردود فعل الاهالي وحصرها.. وهذا كله عبء على &laqascii117o;أمل" والحزب، وليس فيه أي مكسب.

ـ مخالفات البناء: لم تتردد قوى 14 آذار في اتهام الحزب والحركة بتغطية المخالفين استنادا الى &laqascii117o;وهج" السلاح، في حين ان كلا التنظيمين يعتبران ان البناء العشوائي ليس سوى عبوة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة بين يدي الحركة والحزب تحديدا، كونه ينتج أحياء عشوائية ومكتظة هي البيئة الانسب لنمو المشكلات الاجتماعية والشوائب الاخلاقية، علما ان حماية بعض المراجع لمخالفات قام بها مواطنون من لون مذهبي معين، كانت بمثابة الثقاب الذي اشعل الحريق الكبير، وإذا كان من دور للحركة والحزب في هذا الملف فهو يتمثل في مسارعتهما الى بذل جهد استثنائي لتطويق فتنة مذهبية أريد لها ان تطل برأسها من بين الابنية المخالفة للقانون.
ـ موقف السيد حسن نصرالله من تظاهرات البحرين: بادرت المعارضة الجديدة الى استغلال موقف نصرالله الرافض لقمع المواطنين في البحرين، كي تحمله تبعات قرار النظام البحريني بترحيل بعض اللبنانيين، مع العلم بان الامر يتعدى حدود ما يمكن ان يقوله نصرالله، إذ سبق لسفيري دولتين عربيتين في لبنان ان هددا النائب وليد جنبلاط بترحيل الدروز الموجودين في بعض دول الخليج، عندما كان يستعد لحسم خياراته وتأكيد تحالفه مع سوريا والمقاومة. وبناء على ما تقدم، ترى الشخصية المذكورة ان قوى 14 آذار تعتمد منذ مغادرة الحريري للسلطة سياسة منهجية هدفها إغراق الاكثرية الجديدة في مستنقع الفوضى المنظمة، لاستنزاف قدراتها وشعبيتها، مشددا على ان الغاية الرئيسية من هذه المعركة تتجاوز &laqascii117o;أمل" و&laqascii117o;حزب الله" الى محاولة القضاء سياسيا على الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وحليفه الوزير محمد الصفدي بعدما ثبت انهما يملكان من الحيثية الشعبية السنية ما يكفي لإقلاق سعد الحريري الذي بات مصمما بعد إخراجه من رئاسة الحكومة على اقتلاع ميقاتي والصفدي ليس فقط من الحكم وإنما من الحياة السياسية ايضا لانه لا يحتمل وجود بديل عنه او شريك له في معادلة الطائفة والسلطة على حد سواء.
وتلفت هذه الشخصية الانتباه الى ان تمكن ميقاتي من احتواء الموجة الاولى من هجوم الحريري بعد تكليفه، ونجاحه في استمالة المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى الى جانبه، وصلابته في مفاوضات تشكيل الحكومة.. كلها عوامل جعلت الحريري يتجنب في الوقت الحاضر المواجهة المباشرة معه، مفترضا ان التصويب المستمر على حليفيه &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;أمل"، سيقود حتما الى اضعافه، بما يسهل لاحقا إخراجه من رئاسة الحكومة واستعادة &laqascii117o;المجد الضائع" الذي لا يبدو أنه سيعود أقله بالمعطيات اللبنانية، الا اذا كان هناك من يراهن على معطيات خارجية...


- 'النهار'
إميل خوري:

(...) ان مشكلة السلاح خارج الدولة اذا لم تعالج بسرعة، فلا أمل في أن تقوم في لبنان دولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل الاراضي اللبنانية. والتوصل الى هذا الحل لا يكون على شاشات التلفزيون وفي المحطات الاذاعية لتبادل الهجومات والاتهامات، ولا باستخدام القوة تنفيذاً لقرارات مجلس الامن ولاتفاق الطائف، انما بالحوار الهادىء والعقلاني داخل مجلس الوزراء أو الى طاولة الحوار للحصول على جواب من 'حزب الله' عن سؤال واحد هو: متى يرى الحزب ان وظيفة سلاحه قد انتهت كي يبنى على الشيء مقتضاه، لأن لا ثقة ولا شيء يضمن عدم استخدام هذا السلاح في الداخل بعدما تكرر استخدامه رغم كل التعهدات. فاذا كانت وظيفة هذا السلاح تنتهي عند انسحاب اسرائيل من بقية الاراضي اللبنانية التي تحتلها، فان على لبنان الرسمي ان يعمل عندئذ على تحقيق الانسحاب. وعندها تختبر نيات اسرائيل الحقيقية، فاذا كانت تشكو فعلا من سلاح 'حزب الله' وتعتبر انه يهدد أمنها، فما عليها الا ان تنسحب من بقية الاراضي اللبنانية التي تحتلها. أما اذا رفضت الانسحاب تحت أي ذريعة، فانها تكون هي المسؤولة عن بقاء السلاح خارج الدولة اللبنانية وهي المسؤولة عن بقاء الوضع على حدودها الشمالية غير مستقر، ويكون استمرار هذا الوضع لمصلحتها وفي خدمة مخططاتها. واذا لم يضغط المجتمع الدولي على اسرائيل كي تنسحب لتنتفي اسباب بقاء السلاح في يد 'حزب الله'، فان هذا المجتمع يكون هو ايضا مسؤولاً عن عدم العمل جدياً على تنفيذ القرارات الدولية وخصوصاً القرار 1701.
اما القول بان لا شيء يضمن تخلي 'حزب الله' عن سلاحه بعد انسحاب اسرائيل لأنه سبق لها ان انسحبت من معظم الاراضي المحتلة في الجنوب اللبناني ولم تهدأ الجبهة على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، حتى بوجود القوات الدولية، ولم تهدأ اخيراً الا  بعد تعزيز هذه القوات والتزام القرار 1701 الداعي الى وقف العمليات العسكرية بين اسرائيل والحزب، عدا أن موقف هذا الحزب ليس واحداً من موضوع التخلي عن السلاح، فبعضهم يقول عندما يتم الانسحاب من بقية الاراضي اللبنانية، وبعضهم يقول عندما يتحقق السلام الشامل في المنطقة، أو عندما يتم التوصل الى تفاهم حول برنامج ايران النووي...
ان الجواب القاطع على كل ذلك يكون بالتوصل الى اتفاق خطي ومعلن مع 'حزب الله' حول متى يرى الحزب ان وظيفة سلاحه انتهت كي يبنى عندئذ على الشيء مقتضاه، وهذا ينبغي ان يكون أول ملف شائك تفتحه الحكومة العتيدة اذا كانت تريد أن تحكم وان تجعل الدولة اللبنانية تقوم (...).


ـ 'النهار'
الياس الديري:

... والحنجلات التي برزت، على حين غرّة، في مواقع عدة وانتشرت كالفطر في مربَّعات و'محميّات'، وذات دلالات فاقعة، تنبىء انه ليس من المستبعد استدعاء هذا اللبنان المعطَّل، المجمّد، المشلول من فوق الى تحت، الممنوع من تأليف حكومة، للصعود مرَّة جديدة الى جبل التضحيات، حيث لا أكباش أغنام ولا بدائل تُقدَّم الى المذبح. والباقي معروف. فالقليل من التبصُّر، على قليل من الترويّ، مع قليل من الاحتشام، قد يساعد في تجاوز القطوع الجديد... وإن لم يكن قد قدمَّ نفسه للبنانييّن بصورة واضحة كالعادة. هناك حوادث متعدٍّدة، انتشرت من الجنوب الى الشمال، مروراً بالضاحية وجوارها، وصولاً الى حرم المطار، صعوداً الى البقاعين، يجدر بأولي الالباب، كما باولئك الطواويس التوقُّف عندها. والتأمُّل في ما ترمز اليه. وقراءة ما بين سطورها. وقبل فوات الأوان. أو قبل وصول الدعوة التي لا يمكن رفضها. أو قبل أن تستيقظ العاصمة على ما هو أشدُّ وأدهى. سواء في هذا الحي، أم في ذاك الشارع، أو على ذلك الاوتوستراد. ما هو وارد أعلاه لا يحتاج الى شرح وتفسير. فكل لبناني يعرف حكايات البناء على الأملاك العامة والخاصة. وكل لبناني فوق سن العاشرة يدرك معنى 'اليقظة' المفاجئة على هذه الظاهرة التي يكاد الشيب يغزوها.


ـ 'الجمهورية'
لكي نحمي لبنان
الياس المر:

تتّجه الأنظار اليوم إلى أحداث المنطقة عموما وسوريا خصوصا، وتكثر التحاليل عن ارتدادات الوضع السوري على لبنان، بناء على 'أنّ أمن سوريا من أمن لبنان، والعكس صحيح'.

من المنطق أن تطرح الأسئلة والتكهّنات، ولكنّ الأهم هو كيف نتعاطى مع هذا الواقع، وما هي التحدّيات التي سنواجهها؟ في الوضع الإقليمي، وهذا يشمل مصر والعراق وليبيا والبحرين وسوريا. كلّ دولة لها بطريقة أو بأخرى، مصالح أو مشاكل مع لبنان، أو على الأقلّ مع فريق في لبنان.على الصعيد المصري، يعرف الجميع أنّ مصر كانت في السنوات الأخيرة داعمة لفريق سياسي هو 14 آذار.أمّا ليبيا فهي تتحمّل قضيّة إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه وما يترتب على ذلك من إشكالات ومواقف للطائفة الشيعية ومطالبتها بمحاكمة نظام القذافي.في العراق يعنى لبنان في ملفّين أساسيّين: ملفّ المسيحيّين والاعتداء على الكنائس والهجرة العراقية إلى لبنان، وملفّ القاعدة التي كانت في إحدى المراحل تتحرك من بعض المخيمات في لبنان مرورا بسوريا إلى العراق، وهذا ما كشفته وضبطته الأجهزة الأمنية اللبنانية.في البحرين هناك اتهام لحزب الله في 'التورّط واللعب' بأمن البحرين، وما ترتّب عنه من ترحيل أو تهديد بترحيل عدد من اللبنانيين.أمّا الملف السوري، فهو طبعا الأكثر خطورة ودقة، كونه يترتب عليه عدة نتائج أوّلها اتهام سوريا لـ 'تيّار المستقبل' 'بالتورّط في الأحداث الأخيرة وتمويلها'، كما التشنّج الداخلي لدى الفريق الموالي لسوريا ضدّ 'تيّار المستقبل' والاتهامات المتبادلة، إضافة إلى تظاهرة 'حزب التحرير' في الشمال، وإن كانت ضعيفة الحجم، ولكنها غزيرة المعنى.

وأخيرا، هناك ملفّ المحكمة الدولية والقرار الاتهامي، الذي لم يستأثر في اهتمام الصفحات الأولى في الإعلام هذه الأيّام كما في السياسية، ولكنه موجود ومستمر حتى الآن، في انتظار صدوره.أمام كل هذه التحدّيات والملفّات الساخنة والدقيقة والحسّاسة، يبقى 'أفضل الشرور' في الوقت الراهن، التريّث وإبقاء الوضع اللبناني على ما هو عليه اليوم: رئيس حكومة يصرّف الأعمال، ورئيس مكلّف في انتظار التأليف.هكذا يكون كلّ الأفرقاء في الأكثرية الجديدة والأكثرية القديمة على مستوى المسؤولية ذاته، كونهم موجودين في موقع المسؤولية، واحد يصرّف ومعه حكومة قديمة تضمّ 14 و8، والثاني يفاوض على التأليف ولكن لم يأخذ بعد قرار كسر الجرّة بتأليف حكومة من لون واحد أو تكنوقراط، لا يمكن أن يتحمل لبنان أيّا منهما، وهو الحلقة الأضعف أساسا في المنطقة.يبقى من الواجب أن يحافظ كلّ المعنيين في الوقت الحاضر، على 'الستاتيكو' الداخلي، إن على مستوى الوضع السياسيّ أو الطائفي أو المذهبي أو الأمني، أو على مستوى المحكمة الدولية، لكي يواجه كلّ من موقعه وربما سويّا، مسؤوليّة ما سيترتب على لبنان في الأسابيع المقبلة.إلّا أنّ هذا لا يعفي من العمل والتعاون لتخفيف الأعباء المعيشية والاقتصادية عن كاهل المواطنين.


ـ 'النهار'

الحوار عند سوريا 'اسطوانة ودروس'!
سركيس نعوم:

عن التفاوض غير المباشر بين سوريا واسرائيل منذ ايام الرئيس الراحل حافط الاسد تحدّث الباحث الاميركي من اصل عربي الذي كان نشطاً وعلى مدى سنوات عدة في هذا الحقل، قال: 'اتاني احد المسؤولين الكبار عن الموضوع السوري في الادارة الاميركية فتحدثنا عن سوريا واميركا ولاحقاً عن سوريا واسرائيل. وركزنا على إمكان انفتاح هاتين الدولتين احداهما على الاخرى بل على ضرورة هذا الانفتاح. فقال ان الرئيس اوباما مستعد وجاهز وانه هو مستعد للذهاب معي الى دمشق للبحث في هذا الأمر. ما يزعجهم كأميركيين في الادارة السورية هو ان الحوار معها يكون دائماً من طرف واحد.
كان المسؤولون السوريون يُسمعونك تسجيلاً أو اسطوانة، ويتصرّفون كأساتذة يعطون دروساً ولا يسمحون لك حتى بالكلام أي بالحوار. لذلك توقّف الكلام والحوار بين العاصمتين'. الا يشكل ارسال اميركا سفيراً لها الى دمشق بعد سنوات من سحبه بداية حوار او رغبة في حوار؟ سألتُ. اجاب: 'ارسال سفير الى دمشق بعد انقطاع سنوات ليس سبب اطلاق حوار مع سوريا. او بالاحرى ليس الحوار السبب الوحيد له. وأحد ابرز اسبابه في رأيي هو عدم الثقة بالسفير السوري في واشنطن عماد مصطفى. لا اعرف لماذا 'جدَّد' له الاسد 'ولاية' اخرى في العاصمة الاميركية. كان يُفترض ان تنتهي مدة خدمته هناك بعد خمس سنوات. انتهت المدة لكنه بقي في واشنطن. مشكلة اميركا معه ليست شخصية وسببها انه غير دقيق. يتسلّم رسائل معظمها شفهي من مسؤولين اميركيين بغية ايصالها الى المسؤولين في دمشق فيغيّر فيها او يُحوِّر. ولا يريدون ان ينتهوا من ذلك. في اي حال يتعامل السفير مصطفى مع ابناء الجالية السورية في واشنطن، وهم اميركيون ايضاً، بطريقة سلبية، يهدد من ليس منهم مع السياسة السورية الرسمية او مع النظام السوري. وهؤلاء يسكتون عن ذلك لأن لهم عائلات في سوريا وأنهم لا يريدون تعريضها لأي اذى. أحياناً يرفض حضور بعضهم مناسبات اجتماعية او حتى وطنية سورية. ذات مرة انسحب وزوجته غاضباً من مناسبة كان فيها سوري تتعارض سياسته بوضوح مع السياسة السورية'.

ما رأيك في زيارة مالكولم هونلاين، احد ابرز قادة تجمع رؤساء أهم منظمات اليهود الاميركيين، لدمشق واجتماعه بالرئيس بشار الاسد؟ سألتُ. اجاب: 'انها محاولة. ولا اعتقد انها ستوصل الى اي مكان. ربما رتبها السفير عماد مصطفى. فعلاقاته جيدة مع اليهود السوريين الذين هاجروا الى اميركا ومع غيرهم من اليهود الاميركيين، وهو يحضر مناسباتهم المتنوعة. ويدعو بعضهم الى دمشق. تعاطى أخيراً مع البعض في 'ايباك'. لا اعرف كيف يجوز ذلك له. سوريا تريد سلاماً مع اسرائيل. وقد أُجرِيت مفاوضات غير مباشرة بينهما اثناء حكومات رابين وباراك وبيريز ونتنياهو استضافتها سويسرا واثمرت اتفاقاً كاد ان يصبح معاهدة سلام.
المطلوب معاهدة سلام. وهي قد تختلف ربما عن السلام الكامل. يعاد الجولان كاملاً الى سوريا وربما يعاد اكثر منه قليلاً. ذلك ان الحدود عام 1967 بين الدولتين كانت تبعد قليلاً عن مياه بحيرة طبريا، او على حدود هذه المياه. الآن تراجعت المياه قرابة 300 متر. وقد وافقت اسرائيل في المفاوضات المشار اليها اعلاه على ان تكون هذه الارض الاضافية تحت السيادة السورية ايضاً، لكن بعد ان تُحوّل متنزها للسوريين والاسرائيليين. علماً ان حق الاسرائيليين في زيارتها يبدأ عند شروق الشمس وينتهي عند مغيبها. ومع عودة الجولان ينسحب الاسرائيليون من المستوطنات التي بنوها على ارضه. كل شيء كان كل سائرا على نحو جيد. الرئيس (الراحل) الاسد اعطى موافقته لكنه طلب ارسال اسرائيل اقتراحاً مفصّلاً وموقّعاً بكل ما اتفق عليه كي تبدأ على اساسها المفاوضات الرسمية. تأخر رئيس حكومتها باراك يومها في القيام بذلك لأسباب عدة. وخلال هذه الفترة كان الاسد قد انتقل الى جوار ربه'.  ألا تعتقد ان تأخر باراك كان مقصوداً او على الأقل دليلاً على تردده وعلى شعور بالتفاجؤ بجدية حافظ الاسد وتالياً على عدم استعداده وبلاده للاقدام على هذه الخطوة؟ سألت. أجاب الباحث الاميركي من اصل عربي نفسه: 'لا اعتقد ذلك. على كل حال الاسرائيليون، حسب معلوماتي، جاهزون لمعاودة التفاوض المباشر او غير المباشر انطلاقاً من اتفاق سويسرا'. علّقتُ: اتفاق سويسرا فرط عندما سرّب تفاصيله اسرائيلي مشارك في 'المفاوضات' غير المباشرة الى الإعلام. اذ استاء السوريون واوقفوا كل شيء. بماذا ردّ الباحث نفسه؟


ـ 'النهار'

سوريا: لا حل دون إصلاحات تغييرية
علي حماده:

من المؤسف حقا ان يستعيد الاسد الابن 'مزايا' والده الراحل في معالجة قضايا سوريا في زمن ما عاد من الممكن، حتى بالحمايات غير المنظورة التي يوفرها الاصدقاء و'الاعداء' على حد سواء، الافلات من ازمة بإغراق البلاد في حمام من الدم، واعادة قفل ابواب السجن العربي الكبير. والسجن الكبير هذا يتم هدم جدارنه يوما بعد يوم بالصدور العارية التي تواجه الرصاص الحي من درعا الى حمص وغيرها من مدن ثورة الحرية والكرامة. وان وصف المحتجين العزل بالارهابيين عبر 'بروباغاندا' النظام السوفياتية النمط لن يغير في الحقيقة شيئاً في زمن ثورة الاتصالات التي ربحها المواطنون العاديون في المدن والقرى والبلدات، وبالتالي فإن تغطية القتل المتعمد بروايات تفتقر الى ادنى صدقية ستكون له مفاعيل عكسية داخليا وخارجيا


ـ 'النهار'

فلسطينيو الأنظمة
راشد فايد:
 
الأنظمة العربية واحدة. أثبتت ذلك وقائع الزمن الراهن: الجيش فيها لا يقاتل اسرائيل، على الأقل منذ أكثر من أربعة عقود، ومخابراتها لم تكشف شبكة تجسس اسرائيلية، أو معادية عموما، وحكوماتها لم تنفذ، يوماً، مشروع تنمية جدية إجتماعية – اقتصادية، ولم تضع مخططاً ناجعاً لردم الهوة بين الطبقات الاجتماعية، بل على العكس أجازت للمنتفعين بها المعدودين، سرقة المال العام، والخاص، وعمقت حاجة المعوزين وعممت الفقر.
لم يُعرف عن هذه الأنظمة، يوماً، تشجيعها الشباب على التقدم، ولم تضع لهم يوماً برامج تعليمية تعزز فرديتهم وتفتح أمامهم آفاق العلم والمعرفة، ولم تُترك لشعوبها حرية التعبير والتفكير.
حاولت هذه الأنظمة، باستمرار، عزل شعوبها عن العالم والتقدم: دست عسسها بينهم تحصي أنفاسهم وتقبض على أحلامهم. وإذا تركت لهم حيز حرية، فلكي تشغلهم بخلافات تبثها بينهم أو تشجعهم عليها. ولا تتردد، حين يواجهونها، في أن تعزلهم عن العالم بإقفال منافذهم على الجوار وبحرمانهم كل امكان للإتصال ومن الكهرباء والماء.تتطابق الصورة مع إسرائيل في علاقتها مع الفلسطينيين: تمنع عنهم حرياتهم، وتحاصرهم في الضفة والقطاع، وتعزلهم وراء جداري الاسمنت والقمع. تحرمهم العيش الكريم،وتغرّبهم عن التقدم العلمي والتطور الإجتماعي والبناء الإقتصادي.

جيش اسرائيل 'يتمرن' بالفلسطينيين، ويتدرب على قتلهم باستمرار، ولأجهزتها الأمنية جواسيس عليهم وبينهم تشتريهم بحماية موعودة وبتسهيل أعمالهم. وحين تشتد المواجهة لا يقف القمع الاسرائيلي عند استخدام الأسلحة النارية الأرضية، بل تشارك الدبابات والطوافات، وحتى الطائرات الحربية في محاولة إبادتهم، تماماً كما نظامي ليبيا واليمن، ولا شيء يردع الأنظمة القلقة الأخرى عن السير في المنحى نفسه.
حتى الألفاظ المستخدمة في توصيف المنتفضين على الأنظمة العربية تستعيرالمنطق الإسرائيلي المستعمل مع الفلسطينيين: إنهم مخربون. الفارق، وربما الوحيد، أن جيش اسرائيل يخدم، في أفعاله، شعبها ودولته، أما جيوش الدول العربية فتخدم الأنظمة وأهلها. فعلّة وجود هذه الدول استمرار أهل النظام في الحكم، ودور الجيوش أن توفر الحماية لهم وليس لمؤسسات الدولة وشعبها، وخصوصا، إذ يصبح الشعب خطراً على النظام وأهله.
بالنسبة إلى اسرائيل، الشعب الفلسطيني هو الخطر. بهذا المعنى على العرب جميعاً أن يشعروا أنهم فلسطينيو أنظمتهم، ولهم أن يتساءلوا بأي منطق تجيز الأنظمة العربية لذواتها أن تدين اسرائيل لاستخدامها النار والهدم في وجه الفلسطينيين، وهي عدوهم، لتحمي دولتها وشعبها، فيما جيوش العرب تواجه شعوبها بالهدم والدمار والنار، لتحمي أنظمة فُرضت عليهم ولم يُسألوا يوماً رأيهم فيها.


ـ 'النهار'
بعد سوريا... ايران
غسان حجار:
 
في 3 حزيران 2004 تحدث أمير قطر في افتتاح مؤتمر 'الديموقراطية والإصلاح في الوطن العربي'، فقال انه 'لم يعد مقبولاً ان يتخذ الصراع مع اسرائيل، أو انتظار السلام معها، ذريعة تبرر التواطؤ في الإصلاح، لأن ذلك قد طال ويمكن ان يطول أكثر (...) ولم يعد معقولاً التذرع أمام العالم بالحرص على مصالحه في منطقتنا والقول إنّ الإصلاح لو انطلق فسوف يزعزع الأمن ويهدد الاستقرار فيها، بعدما اكتشف هذا العالم بنفسه في السنين الأخيرة ان أخطار عدم القيام بالإصلاح تفوق بكثير كل الأخطار التي قد تصاحب القيام به'. وتابع 'ان منطقتنا لم تصل الى ما تقاسيه من خطوب تحديات الا لتوانيها عن الإصلاح، وبعدها عن الديموقراطية. وليست التعقيدات المتوالية للقضية الفلسطينية، وتبعات الأوضاع في العراق، الا شواهد قليلة تثبت ان الإصلاح كان ضرورة ملحة لم تلتفت اليها الأمة في التوقيت المناسب، لتعاني اليوم من كل ما تلاقيه'.
هذا الكلام لم يجد صداه لدى الزعماء العرب منذ العام 2004، ليقابل بهزات أرضية تطيح عروشاً ومناصب، وتدخل زعماء السجن، أو تحملهم على الهروب، أو تضعهم في أزمة مواجهة مع شعوبهم بالحديد والنار، كما يحصل حالياً في ليبيا وسوريا واليمن.

هل كان الكلام القطري نبوياً أم رسالة أم قراءة تقدمية لمسار الأمور لدى الشعوب في العالم؟ سؤال من الصعب الإجابة عنه بالنيابة عن صاحبه. لكن في المقابل ثمة معلومات تتحدّث عن خطة مرسومة للشرق الأوسط الجديد تحدث عنها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، واعتقد كثيرون انها فشلت، ودخلت حيز النسيان، ليؤكد مسؤول عربي أمام محدثيه في مجلس خاص أمس، انها الخطة نفسها، ولكن مع تبدل في التفاصيل، أي تغيير في التكتيكات التي تقود الى الهدف نفسه. ويتابع ان عدداً من المسؤولين العرب يعرفون بعض خطوطها العريضة، لكنهم لم يطلعوا على تفاصيلها، وبالتالي لا يمكنهم التأثير في مجريات الأمور الا بقدر ما يخصهم مباشرة ليبعدوا عنهم الكأس المرة. هل يملك معلومات عما يجري حالياً في سوريا؟ يقول ان الأمور بلغت طريق اللاعودة بعدما سالت الدماء بوفرة، وان لا أمل في الإنقاذ الا في حال فكت دمشق تحالفها مع ايران و'حزب الله' والمنظمات الفلسطينية. ومن يضمن للنظام استمراره اذا مضى في هذه الخطة؟ يقول المسؤول العربي 'انها مخاطرة ولها محاذيرها، ولكن هل من حلول أخرى، لا أعلم، ليست لديَّ كل المعطيات'. وهل من دولة أخرى مرشحة بعد سوريا؟ يقول لا يمكن المضي بسرعة اضافية ما لم يتم توفير الحلول في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين...ولكن ربما يأتي دور ايران لأنها معطلة للإصلاح ومحركة لحركات أصولية وارهابية، على قوله. وهل هي أمنية أم معلومات؟ يبتسم ولا يجيب.


ـ 'السفير'

الانتفاضة المنسية
نهلة الشهال:
 
ما يجري في البحرين يجرح ضمير ومشاعر أي عاقل. فهو ظلم صاف، أبشع ما فيه السكوت عنه. وقد نجحت السلطات البحرينية في إضفاء طابع طائفي موتور على مجمل الموقف، مصورة الأمر كصراع سني ـ شيعي، بل وكتدابير &laqascii117o;مشروعة" ضد نوايا إيرانية للتدخل وحتى للانقلاب! وقد تكون تلك هي الصورة الشائعة خارج البحرين، بسبب حالة الاحتقان الطائفي التي تطغى على المنطقة برمتها، تغذيها مواقف بعض السياسيين ومواقع الانترنت وشبكات التلفزة. وكانت حالة الاحتقان الطائفي قد تراجعت كثيراً مع الثورتين التونسية والمصرية، في لحظة تسام، سرعان ما هُرع الى تسييجها والتخطيط لقضمها. ولكن داخل البحرين، ما زال الفرز يحدث على أساس سياسي، وما زال جمهور عريض من البحرينيين، سنة وشيعة على السواء، يقولون متى ما تمكنوا من القول، إن الانتفاضة التي قاموا بها كانت تطالب بإصلاحات سياسية وتدابير اجتماعية، تمتلك تاريخاً عريقاً من النضال خلفها. وقد تأسست الانتفاضة التي جرى اغتيالها، على ذلك التاريخ وعلى تقاليد راسخة في العمل السياسي والفكري والنقابي والمطلبي، كانت تميز البحرين بين دول الخليج برمتها. وكان قد سبق لتلك الحركة السياسية والمطلبية محاورة السلطات الحاكمة بشأن تلك المطالب وانتزاع تدابير إصلاحية، وإن جزئية، والاهم، الحصول على وعود تقر بمشروعية تلك المطالب. وفي الخفاء، كانت السلطات البحرينية تعمل ما في وسعها لإفراغ تلك التدابير من معانيها، ولجعل الوعود غير قابلة للتحقيق. ومن ذلك ما يقال له التجنيس السياسي الذي يهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبحرين (!) ومن ذلك أيضا تشجيع مجموعات سلفية، جاهلة وبلهاء، على النمو وعلى احتلال مواقع في المؤسسات، وبخاصة في الجيش والأمن، كأدوات مضمونة لتسعير المواجهات المذهبية. وقد ظهرت إلى العلن الشديد في البحرين تلك المجموعات، وراحت تعلن أفكارها في الساحات العامة، بكلمات وأفكار لا تشرّف أبدا من يقف وراءها.

يظهر مجدداً، وهذه المرة بشكل جلي بل كاريكاتوري، كيف أن حالة الاحتقان الطائفي في المنطقة هي سلاح لتأطير التوترات السياسية والاجتماعية، واحتوائها عبر حرف معانيها. تقف السلطات السعودية خلف حكام البحرين، وقد هبت لنجدتهم وأرسلت قواتها إلى المنامة في إطار &laqascii117o;درع الجزيرة"، بعدما مطَّت تعسفياً صلاحيات معاهدة الدفاع المشترك التي لا تنطبق إلا على التهديدات الخارجية، وهذه واحدة من وظائف اتهام إيران. ولا شك بأن المسلك الإيراني على العموم، سواء الكلامي أو الفعلي، ساعد هؤلاء كثيراً. فهو يكاد لا يتكلف عناء التمويه على حَمولته الطائفية، التي وجدت سندها في الأهوال التي ارتكبتها طهران في العراق.
وتحت ستار قانون الطوارئ المعلن في البحرين (كيف يمكن للمرء أن يكون مع رفع قوانين الطوارئ من كل مكان، وتأييد إرسائها هناك تخصيصاً؟)، يجري اعتقال العشرات كل يوم، ويتعرضون للتعذيب وأحياناً للتصفية الجسدية. وقد طالت الحملة حركة العمل الوطني (وعد)، وهي يسارية عروبية، غالبية أفرادها وقياداتها من أصول سنية، مما يزعج كثيراً السلطات في مسعاها لتوضيح الصورة الطائفية للصراع! ولذا يتعرض الأمين العام لـ&laqascii117o;وعد"، السيد إبراهيم الشريف، الذي اعتقل فجر دخول القوات السعودية إلى البحرين، إلى تعذيب يتهدد حياته، كما ختمت مقرات الحركة بالشمع الأحمر. وأما حركة الوفاق الوطني الإسلامي بقيادة الشيخ علي سلمان، التي اشتهرت بحكمة مواقفها وحذرها من التطرف وتشديدها على عروبة وبحرينية منطلقاتها، والتي استقال نوابها من البرلمان بينما هم يمثلون نصف أعضائه إلا اثنين (18 من أصل 40 نائبا منتخباً!! رغم كل التدابير القانونية للالتفاف على مثل هذه النتيجة)، فقد جرى الاستغناء عن حلها، بل تعرضت قيادتها لأقل مقدار ممكن من القمع.
ولعل ذلك هو التكتيك الذي قررته السلطات البحرينية لفصل هذه الحركة عن قاعدتها وإحراجها أمامها، بل ولدفع تلك القاعدة إلى تأييد التنظيمات ذات الطابع الشيعي المتطرف، فتلاقي بذلك خطتها. إذ ما يجري حيال الشيعة البحرينيين، وهم أكثر من ثلاثة أرباع السكان، استباحة بكل معنى الكلمة. فعدا التوقيف، هناك حملة يتم على أساسها صرف الألوف تعسفياً من وظائفهم، في قطاعات التعليم والصحة خصوصاً، وفي كل المجالات على العموم. وهناك اعتداء على كافة الممتلكات والمؤسسات التي يصادف أن أصحابها من الشيعة، بما في ذلك المستشفيات. وهناك حل للنقابات وللجمعيات، بينما يستند نشاط هؤلاء إلى تقاليد نضالية عريقة. بل تظهر يافطات في شوارع البحرين تطالب بـ&laqascii117o;القصاص" وتعلن، إلى جانب مشنقة يحملها الملصق، أن &laqascii117o;لا عفو". ويلاقي هذا السلوك هوى أو رضا لدى جمهور واسعا في المنطقة العربية، تجذبه الخطابات المذهبية والتهويل بالخطر الإيراني. هذا علاوة على هؤلاء الذين يعتقدون أن ما يجري في البحرين هو ثأرهم الخاص من اضطهاد تعرضوا له، أو من غلبة لحقت بهم في العراق أو حتى في لبنان، كما يزعم مثلاً سعد الحريري شخصيا، الذي لم يتورع عن إطلاق تصريحات متهورة في هذا المجال، وغير لائقة بمكانته.
وهكذا يجري تنظيم الغد الأسود للبحرين، بما فيه دفع المضطهَدين على هذه الصورة إلى الانفجار والتمرد، وبما فيه مد الخطاب الإيراني بحجج وأدوات. وهي عجلة تتغذى من دورانها الذاتي، وقد لا تقف داخل حدود الجزيرة الصغيرة، بل قد تتوسع إلى منطقة الخليج برمتها، التي تحمل عناصر تفجر متعددة. فيا للهول، ويا لقصر النظر!


ـ 'الأخبار'

&laqascii117o;أبارتيد" وهّابي في البحرين: هدم مساجد وحسينيّات
أحمد صابر وحسين الدرازي:
 
الحملة الأمنية التي بدأت مع دخول قوات &laqascii117o;درع الجزيرة" إلى البحرين امتدت لتشمل المساجد والحسينيات والمراسم الدينية الشيعية. التمعّن في هذه الإجراءات يُظهر أنّها تعكس الفكر الوهّابي الذي يعدُّ ما يخالفه بدعاً دينية، ويكفّر المذاهب الأخرى ويقمعها
المنامة | نظام &laqascii117o;أبارتيد" عربي يتكوّن سريعاً في البحرين. نظام عنصري جديد قديم يُقسّم الشعب إلى معسكرين، الأول موال والآخر خائن. والخونة هم المعارضون، شيعة وسُنّة. البحرين مملكة العقاب. لا حرمة فيها لشيء. لا لطفل ولا لامرأة، ولا لمؤسسة تعليمية ولا لدور العبادة. وبالطبع لا حرمة فيها للرأي الآخر.
ربما بعد التجاوزات بحق النساء وسجنهن وتعذيبهن، فإن أكثر ما يؤلم البحرينيين هو هدم المساجد والتعدّي على الحسينيات التي يمتد عمر بعضها إلى نحو ألف سنة مضت. وتشير الإحصاءات إلى أنّ الجيش، مدعوماً بالقوات الخليجية، هدم حتى يوم الجمعة الماضي ٢٧ مسجداً، بعضها مكتمل البناء، وبعضها عبارة عن كبائن مؤقتة، انتظاراً لاستكمال بنائها ريثما تحصل الموافقة الرسمية على إنشاء مساجد عليها.
واستُهدفت المساجد بحجة أنها غير مرخّصة. بعضها أُقيم في مدينة حمد المكوّنة من 22 دواراً، ويقطنها نحو 70 في المئة من الشيعة، وليس فيها فيها إلا مسجد واحد للشيعة، فيما مساجد الطائفة السنّية متعدّدة. وجرت مخاطبة السلطات بين فترة وأخرى، حتى تقرّر إنشاء مساجد على أراض مملوكة لبعض أبناء الطائفة الشيعية، لكن من دون الحصول على رخصة. وكان الأمر مقبلاً على تسوية لأوضاع المساجد غير المرخصة، لكن ما حصل هو أن النظام قرّر تسوية هذه المساجد بالأرض.
هي &laqascii117o;حملة لإزالة أي مظهر شيعي"، يقول أحد رجال الدين، قبل أن يضيف &laqascii117o;هذه فضيحة برسم العالم الإسلامي ومنظمته التي لم تنبس ببنت شفة حتى الآن".

الحملة العنصرية الطائفية، كما يسميها بحرينيون كثر، امتدت لتشمل حرق نسخ من القرآن الكريم كانت موجودة في هذه المساجد، غالبيتها طباعة سعودية، ما يمنع أي حديث عن كونها محرّفة. لكن لا خوف على رجال الدين المتطرّفين، إذ استطاعوا أن يجدوا حجة لحرق القرآن، فقال الشيخ الموالي للنظام عبد اللطيف المحمود إن &laqascii117o;الصحابة أحرقوا القرآن"، مستشهداً بحادثة تاريخية لا تنطبق بتاتاً على ما يحصل من تدنيس للمساجد والقرآن في البحرين.لكن أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي في البحرين يتساءل في حديث لـ&laqascii117o;الأخبار": &laqascii117o;كيف يمكن العالم الإسلامي أن ينقلب من أقصاه إلى أقصاه على قسٍّ أراد حرق مصحف واحد، بينما يصمت هذا العالم حين يحرق ويمزّق أكثر من 45 مصحفاً؟".
عدد كبير من الحسينيات الشيعية تعرّضت للاقتحام والتكسير. وتتفاوت الأرقام بشأن عدد الحسينيات التي تعرضت للاعتداء. فبينما تقول جهات إنها سبع، تتحدث جمعيات، تقوم بعملية دقيقة لرصد هذه الانتهاكات، عن اعتداءات على 412 حسينية، فيما تشير الأرقام نفسها إلى تدمير أكثر من 35 مسجداً. وتضيف أن عدد محال ضيافة وإطعام زوار الحسينيات المدمرة تجاوز 1070، وأنّ عدد نسخ القرآن التي أُحرقت ودُنّست تزيد على 83 نسخة و1012 كتاباً جامعاً للأدعية والزيارات.والمثير للصدمة أن بعض عناصر القوات الأمنية المتطرفين أرادوا أن يتركوا ذكرى لإخوانهم، ليزيدوا عمق الشرخ الطائفي، تعكس أمراضهم القبلية ولا تمتّ إلى الدين بصلة، فكتبوا فوق جدران الحسينيات وداخلها عبارات شأن &laqascii117o;أبناء المتعة"، وأخرى ذات دلالات معينة مثل &laqascii117o;نحن أحفاد عمر".ويبدو أن هدم المساجد لم يشف بعد غليل شيوخ السلطة، فطالبوا بالمزيد، إذ دعا الشيخ السلفي جاسم السعيدي، المقرّب من الديوان الملكي، إلى هدم أحد أبرز مساجد الشيعة، وهو مسجد الشيخ عزيز في منطقة السهلة، وقال: &laqascii117o;بمسجد الشيخ عزيز اعتقد بوجود كلب ميت وهم يتبرّكون ويشركون".

تكتيك وهّابي : عمليات هدم المساجد والحسينيات، وتضييق الخناق على الممارسات الدينية، وتكفير المذاهب الإسلامية، وغيرها من الإجراءات المذهبية السالفة الذكر، مرتبطة على نحو وثيق بفكر وهّابي أُدخل على أيدي جنود &laqascii117o;درع الجزيرة" منذ الثامن عشر من آذار الماضي. وقد يظنّ من يعيش خارج البحرين أن تطبيق الوهّابية في المملكة أمرٌ مبالغ فيه تتحدث عنه المعارضة لتخويف الناس، لكن المتتبّع بهدوء لتصرفات القوى الأمنية يكتشف أن الإجراءات التي استهدفت الشيعة تنبع من فكر وهّابي لم يدخل دفعةً واحدة، بل بالتدريج.
تبدأ الحكاية الوهّابية مع الحملة الأولى التي شنّتها القوى الأمنية على المضائف الحسينية. وهذه عبارة عن مضائف من خشب أو ألومنيوم توضع على جوانب الشوارع في القرى الشيعية ومدينة المنامة، تُقدّم فيها الأطعمة والمشروبات مجاناً في المناسبات الدينية الخاصة بالشيعة، وهي قانوناً غير مرخّصة، إلا أنها تدخل في إطار حرية المعتقد. وكانت الدولة غير مكترثة بها، إذ إنها تقع في الشوارع الفرعية داخل القرى الشيعية، ولم يُبلّغ ضدّها على أنها مصدر إزعاج. لكن هذه المرّة اختلف الوضع، إذ ظهر فجأة أنها بدعة ومبالغات في الممارسات الدينية.بدأت السلطات بهدم المضائف وتمزيق الرايات والأعلام السوداء التي تحمل عبارات دينية من وحي عاشوراء، بطريقة تكشف عن عقيدة وهّابية لم يألفها البحرينيون منذ دخول آل خليفة إلى البحرين أواخر القرن الثامن عشر،ثم توسّعت الحلقة لتشمل المساجد. وبدأت هذ العقيدة الوهّابية بالتمظهر أكثر مع دهم البيوت، حيث مُزّقت صور رجال الدين الشيعة المعلّقة في غالبية بيوت الطائفة الشيعية، وجرى تكسير التُرب الحسينية التي يصلي عليها الشيعة، إضافة إلى تمزيق كتب الأدعية وحرق القرآن.
النقلة الأهم تمثّلت في استهداف بعض المساجد التي دُفن فيها علماء للطائفة الشيعية، هذه المساجد لم تكن غير مرخّصة، بل هي مسجّلة في الأوقاف الجعفرية، ولا سبب لهدمها، إلا لكونها شيعية. هذا فضلاً عن إزالة الأضرحة، وهو ما تعدّه الوهابية بدعاً لا شأن لها بالدين.
ووصل الأمر إلى منع المواكب العزائية التي جاءت في وقت يُصادف وفاة فاطمة الزهراء بنت النبي محمد. يومها خرج شباب في مواكب رمزية تعبّر عن رفضهم لقرار السلطات، لكن جرى قمع هذه المواكب وتفريق المشاركين عبر إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والقنابل المسيلة للدموع.
يقول أحد أعضاء الهيئة المركزية في المجلس العلمائي &laqascii117o;الآن فقط عرفنا أن الطائفية في البحرين بلغت حدّاً غير مسبوق، والآن فقط عرفنا جزءاً من نتائج الفكر الوهّابي الذي ظلّ عاملاً على تكفير المسلمين حتى صار المسلم لا يثور لأخيه المسلم حينما يتعرض القرآن للحرق والتمزيق، فقط لأن أخيه ينتمي إلى طائفة أخرى، مع أنّ القرآن هو واحد ومن مطبعةٍ واحدة أيضاً".

اللعب بنار الفتنة : ما يجري من انتهاك حرمات المساجد، دفع بأكثر رجال الدين المتصالحين مع النظام إلى رفع صرختهم. ولدى ابتعاث الملك لنجله الشيخ ناصر بن حمد للتعزية بوفاة العلامة السيد علوي الغريفي، التقى هناك بأحد كبار العلماء السيد عبد الله الغريفي الذي حمّله رسالة شفوية واضحة لأبيه &laqascii117o;بخصوص ما يحصل من تعدٍّ غير مسبوق في تاريخ البحرين من هدم لبعض المساجد ودور العبادة والتخريب الذي يطال الحسينيات"، مؤكّداً أنّ بلداً مثل البحرين &laqascii117o;لا تقبل عاداته وتقاليده اعتقال النساء".
ولم يكتف الغريفي بالحديث البيني، فقد وجّه خطاباً في مسجد عن العنصرية التي يتعامل بها النظام، قائلاً إنّ &laqascii117o;هدم المساجد ودور العبادة والاعتداء على حرمة الحسينيّات سابقةٌ خطيرة في تاريخ البحرين. فما قرأنا طيلة هذا التاريخ، وحتّى في أعقد الأزمات، أنه جرى الاعتداء على المساجد والحسينيّات والشعائر. فما نتمناه أن تُزال هذه النقطة السوداء من تاريخ هذا البلد". وتساءل &laqascii117o;إنّنا لا نفهم هدم المساجد والاعتداء على الحسينيّات في سياقات الأمن والاستقرار. إنّنا لا نفهم السؤال عن الهويّة المذهبيّة في نقاط التفتيش في سياقات الأمن والاستقرار".في المقابل، أطلق الأمين العام لجمعية &laqascii117o;الوفاق" الوطنية الإسلامية، الشيخ علي سلمان، تحذيراً شديد اللهجة من نار الفتنة التي يلعب بها النظام من أن تمتد إليه، وقال &laqascii117o;لمن يريد، يمكننا القول إن ما يحاول رموز الطائفة الشيعية (الدينيون والسياسيون) قوله للنظام، إننا نمسك بالشارع اليوم ونجنّبكم الكأس المرّة، لكن استمراركم سيدفع بنا إلى رفع أيدينا عن الشباب ونجعلهم يواجهونكم بالطرق التي يرونها مناسبة".
وأخيراً ليس ثمة شك في أنّ كل الحملات التي تستهدف البحرين، تمثّل على نحو غير بطيء ملامح نظام عنصري ينطلق من تحت عباءة الولايات المتحدة الأميركية التي لا تكف عن اعتبار حكومة المنامة شريكاً استراتيجياً، وترى أن الاجتياح الخليجي لهذا البلد، بقيادة السعودية الوهّابية، أمر مشروع.


ـ 'النهار'
مصر: هجوم سلفي على الدولة المدنية
السيد يسين ـ القاهرة (باحث مصري):
 
اتبع الاخوان المسلمون في العقود الاخيرة استراتيجية الخفاء، بمعنى التصريح بأنهم من أنصار الدولة المدنية حتى ينالوا القبول العام. لكن نائب المرشد العام للجماعة افصح في مؤتمر شعبي اخيراً عن ان الاخوان يسعون لاقامة الحكم الاسلامي وتطبيق الحدود 'بعد امتلاك الارض'.
تحدثنا من قبل عن الثورة وتحديات التغيير الشامل، وقلنا أن الهدف الاستراتيجى للثورة باعتبارها ثورة ديموقراطية هو السعي إلى تحقيق الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية فى ظل دولة حديثة.
وقررنا أن الدولة الحديثة لابد أن تكون دولة علمانية تفصل بوضوح بين الدين والدولة، بحيث تقوم على التشريع وليس على الفتوى، ولا تتيح أدنى فرصة لرجال الدين أي دين أن يهيمنوا على مقدرات التطور الاجتماعي من خلال تأويلاتهم الصحيحة أو المشوهة للنصوص الدينية.
والعلمانية – على عكس ما يشيع تيار الإسلام السياسي – تحترم الأديان كافة، وتتيح الفرصة لأتباع كل دين أن يمارسوا طقوسهم كما يشاؤون فى ظل الدستور والقانون.
وأضفنا أن العلمانية لا تعني إطلاقا فصل الدين عن المجتمع، لأن الدين يتخلل أنسجة المجتمعات الإنسانية، وإنما هي كمذهب سياسي تحرص على الفصل بين السلطة السياسية والسلطة الدينية.
هل هناك وضوح أكثر من ذلك فى تعريف العلمانية، والإقرار بضرورة فصل الدين عن السياسة، وليس فصل الدين عن المجتمع؟

ومع ذلك ثار عديد من القراء الذين علقوا على مقالي الماضي على شبكة الإنترنت، واعتبروا العلمانية وكأنها ضرب من ضروب الكفر، فى سياق وجهوا فيه الانتقادات اللاذعة لي بطريقة تجاوزت أحيانا آداب الحوار، وأخلاقيات الإسلام في الاختلاف!
والواقع أن تيارات الإسلام السياسى جميعا وعلى اختلاف منطلقاتها وأشكالها التنظيمية، تدعو صراحة أو ضمنا الى إقامة الدولة الدينية على أنقاض الدولة العربية العلمانية الراهنة.
لا فرق فى ذلك بين 'الاخوان المسلمين' و'الجماعة الإسلامية' و'جماعة الجهاد' وأخيرا الحركة السلفية التى برزت فى المشهد المصري فى السنوات الأخيرة.
وقد اتبع الإخوان المسلمون على وجه الخصوص فى العقود الأخيرة استراتيجية الخفاء، بمعنى التصريح بأنهم من أنصار الدولة المدنية التي تقوم على سيادة القانون وتداول السلطة السياسية، وذلك حتى ينالوا القبول العام من المجتمع الذي يسعى الى تحقيق الدي

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد