ـ 'السفير'
أي ديموقراطية نريد؟
سليم الحص:
تجاوبت السلطة في سوريا مع مطلب المحتجين الأساسي، إذ سلّمت مبدئياً بضرورة اعتماد الإصلاح سبيلاً لحل الأزمة القائمة. وقد أعلنت إلغاء حالة الطوارئ التي كانت محل شكوى عارمة على ما يبدو. كما اتخذت إجراءات أخرى متفرقة. ولا بدّ من طرح السؤال عند هذا المفصل: أي إصلاح هو مطلوب؟ بعبارة أخرى، أي إصلاح يتطلع إليه الشعب السوري حقيقة وهو الذي لا بدّ أن يفضي إلى إنهاء الأزمة الناشبة؟
إننا نعتقد أن الإصلاح الحقيقي الذي ينشده الشعب السوري وكذلك سائر الشعوب العربية إنما يتمحور حول تنمية الممارسة الديموقراطية. لقد أعلنت السلطة السورية تبنيها مبدأ إطلاق الحريات. وهذا أمر في منتهى الأهمية. إلا أن المطلوب أبعد من ذلك، ألا وهو تنمية الحياة الديموقراطية الفاعلة، أي توظيف الحريات في تطوير ممارسة ديموقراطية حقيقية. نحن نردد القول إن في لبنان الكثير من الحرية ولكن القليل من الديموقراطية. فلبنان في نظرنا هو شاهد بليغ على أن الحرية في ذاتها لا تكفي، والهدف هو في نهاية التحليل ترجمة الحريات ممارسة ديموقراطية صحيحة. هكذا فإن الحرية شرط لازم ولكن غير كافٍ لوجود الديموقراطية. والممارسة الديموقراطية الفاعلة لا بد أن تتجلى على الأقل في ظاهرتين: الأولى هي في إرساء نظام فعّال للتمثيل الشعبي الصحيح في الحكم، والسبيل إلى ذلك بطبيعة الحال هو الانتخابات الحرة والنزيهة. والظاهرة الثانية هي إيجاد آليات موثوقة للمساءلة والمحاسبة على كل صعيد وفي كل مجال. أما الانتخابات فيحسن أن تطبق على الصعيد النيابي المركزي كما على صعيد البلديات عموماً. والانتخابات النيابية التي يتميز بها أي نظام ديموقراطي صحيح لن تكون وافية بالغرض كلياً ما لم تكن مقرونة بمزايا النزاهة والموضوعية وحسن الاختيار إلى أبعد الحدود. فلا تكون الانتخابات ظاهرة ديموقراطية مثلاً إذا كانت نتائجها محكومة بتدخل السلطة السياسية وبهيمنة المال السياسي. ونحن في لبنان نقول إننا نحظى بكثير من الحرية ولكن بقليل من الديموقراطية، ذلك لأننا لم نتمكن بعد من ترجمة حرياتنا الوفيرة ممارسة ديموقراطية صحيحة. فالتمثيل الشعبي في الحكم بقي مشوباً بالدور العقيم الذي يلعبه المال السياسي في الانتخابات النيابية، وكذلك بالسطوة التي تمارسها طبقة من الزعامات التقليدية على مسار العملية الانتخابية، وفي حالات كثيرة تبلغ تدخلات المسؤولين حدود التلاعب والتزوير في نتائج الانتخابات. وكان مثل ذلك غير مرة في تاريخ لبنان الانتخابي.
أما آليات الرقابة، أي المساءلة والمحاسبة على الصعيدين الإداري والمالي، فمن المفترض أن تكون ماثلة أبداً في مجلس النواب وفي مؤسسات متخصصة من مثل مجلس الخدمة المدنية وهيئة التفتيش المركزي وديوان المحاسبة. إلا أن مجلس النواب الذي يفترض أن يمارس الرقابة السياسية على مسار النظام عموماً، عبر المناقشات العامة والأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة بالحكومة، فإن رقابته ما زالت تفتقر إلى الفعالية الحقيقية، وذلك في ظل ما يسيطر على كثير من النواب من مراعاة لأهل الحكم أو ارتباط وثيق بهم في مسعى إلى تأمين مصالح خاصة كثيراً ما تكون آنية. لقد دبّ الفساد في بعض هذه المؤسسات في لبنان على وجه فاضح، فلم يعد للموضوعية وجود يذكر في أدائها. وكثيراً ما يكون وراء الفساد وجوه سياسية ناشطة ومؤثرة لا بل مرموقة في المجتمع. فلا غلو في القول إن الفساد استشرى في الإدارة اللبنانية على نحو عطّل إلى حد بعيد فعالية أكثر مراجع الدولة ومؤسساتها. ولم يعد سراً أنه قلما تمر معاملة في دوائر الدولة لا تقترن بثمن هو في واقع الحال رشوة. ولقد كثر الوسطاء الذين يتفرغون لتصريف المعاملات وإنجازها لحساب المواطنين في مقابل أجر هو أقرب ما يكون إلى الابتزاز. والدولة تدفع ثمن الفساد غالياً بما يفوتها من موارد وما يصيب أداءها من خلل على كل صعيد وفي كل مجال.
ويفترض بالمواطن أن يكون مبدئياً هو المرجعية النهائية والأساسية للمساءلة والمحاسبة في الدولة. فهو الذي ينتخب النائب دورياً في أقلام الاقتراع ومن المفترض ألا ينتخب أو يعيد انتخاب أولئك الذين يتورطون في الفساد ويعرف عنهم ذلك. إلا أن ثقافة المحاسبة لم تتطور في لبنان إلى حدود السيطرة على سلوك المواطنين عموماً والتحكم بقراراتهم إزاء شؤون الحياة العامة، سواء على مستوى مجلس النواب أو على صعيد المجالس البلدية والمحلية. لذا نقول إن عنصر المساءلة والمحاسبة الحيوي لن يكتمل على الوجه المبتغى إلا بوجود مواطن، أي بوجود مجتمع، يتميز بالرغبة والقدرة على المتابعة والمحاسبة بتجرد وموضوعية. ما زال لبنان، وكذلك سوريا وسائر الأقطار العربية، تفتقر إلى الحد الأدنى من روح المواطنة الصالحة والمسؤولة. وهذا يحد من رصيدها الديموقراطي إلى مدى ملحوظ.
بعبارة موجزة، فإن الديموقراطية التي نريدها لبلدنا لبنان كما نتمناها لسائر الأقطار العربية الشقيقة، لسوريا ومصر وتونس والعراق وسواها، هي تلك التي تؤمن تمثيلاً صادقاً للشعب كما تؤمن آليات فاعلة للمساءلة والمحاسبة على الصعد كافة، ولا سيّما على الصعيدين الإداري والمالي، ناهيك بالمجال السياسي. نقول ذلك ونحن ندرك أن الديموقراطية، وبالتالي المساءلة والمحاسبة، هي أكثر من نظام وأبعد من نصوص دستورية وقانونية، إنها في واقع الحال ثقافة يلتزمها الشعب وتتحكم بسلوك المواطن وتوجهاته في النطاق الخاص كما في النطاق العام. وتنمية الثقافة الديموقراطية في المجتمع هي هدف لا يمكن بلوغه في ساعة أو يوم أو سنة، بل هي مسار متشعب قد يطول ولا بدّ أن تُعبّأ لتطويره شتى الإمكانات والطاقات والجهود فكراً وعملاً على مستوى الأفراد كما على مستوى المجتمع والدولة. هذا المسار ما زلنا نحن العرب في كل مكان في بداياته. فليس من نظام عربي يستطيع أن يزعم أنه يتمتع بالديموقراطية الحقيقية. ما زالت الديموقراطية حلماً يتعين علينا أن نسعى إلى بلوغه بتصميم وعزم. نسمع أحياناً بما يسمى ديموقراطية اشتراكية وديموقراطية ليبرالية، ونسمع بجمهورية ديموقراطية وملكية ديموقراطية، وما شاكل. في كل الحالات لا يكون النظام حقاً ديموقراطياً ما لم يتحلّ بالمزايا والخصائص التي سبق إيجازها.
ـ 'السفير'
السفير" تنشر الرواية الكاملة للموقف اللبناني المساند لسوريا في مجلس الأمن
الشامي قام بواجبه والحريري &laqascii117o;يشوّش" وسليمان ممتعض وسلام خارج السجالات
مارلين خليفة:
مع تصاعد الحملة الدولية ضدّ دمشق والتلويح بإصدار بيان صحافي عن مجلس الأمن تردد أنه يتضمن 4 بنود متشددة حيال سوريا، سارع وزير الخارجية والمغتربين الدكتور علي الشامي إلى إصدار تعليماته لمندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة الدكتور نواف سلام لرفضه. وفي ما كان يمكن أن يعتبر هذا الموقف طبيعياً جداً نسبة إلى ما يتضمنه البيان الوزاري وكذلك اتفاق الطائف بهذا الصدد، إذ بوابل من النقد ينهال على الوزير الشامي، استهله النائب &laqascii117o;القواتي" فريد حبيب، أمس الأول، وأكمله، أمس، نائب &laqascii117o;المستقبل" خالد زهرمان مستغرباً ما اعتبره &laqascii117o;الموقف غير المسؤول" للشامي &laqascii117o;متجاوزاً صلاحياته ومهامه ومتخطياً رؤساءه ببعثه رسالة إلى سفير لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام يطالبه بموجبها بضرورة تصويت لبنان ضد أي بيان يصدر عن مجلس الأمن يدين العنف السوري ضد المتظــاهرين ونــشره لهذا الطلب في وسائل الإعلام في محاولة يائسة لإحراج سلام وفرض موقف على اللبنانيين قد لا يكون محط إجماع وتوافق ولا يعكس الإرادة الحقيقية للدولة".وأكد زهرمان أنه &laqascii117o;بغض النظر إذا ما تشاور الشامي مع الرؤساء الثلاثة، كما حاولت أوساطه التلميح، أو لم يفعل فإن الدستور ينص بوضوح ومن دون مواربة على أن سياسة الحكومة يقررها مجلس الوزراء مجتمعا حيث لا مجال للتفسيرات والتذرع بأن الحكومة تعمل في إطار تصريف الأعمال ولا يجوز لها الاجتماع واتخاذ القرارات، لأن تقرير سياستها الخارجية، لا سيما أن لبنان يمثل المجموعة العربية في مجلس الامن، يدخل في صلب الأعمال التي يجب على الحكومة اتخاذ قرار بشأنها والبت بها مهما كانت الصفة التي تعمل بموجبها، تماما كما خرج القرار بامتناع لبنان عن التصويت ضد العقوبات على إيران من داخل مجلس الوزراء".
جاء موقف زهرمان بعد سجال دار منذ أمس الأول بعد أن تلقى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري خبر تعليمات الوزير الشامي للسفير سلام، ما دفعه الى الاتصال فوراً بالقصر الجمهوري طالباً التحدث الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي استوضح الأمر من الشامي الذي اعتبر أن موقف لبنان طبيعي، وكان رد رئيس الجمهورية أنه كان ينبغي أن يمر عبر القنوات الدستورية، فيما تبين لاحقاً ان أوساط رئيس الجمهورية ممتعضة جدا من تصرف الشامي.وقد سألت &laqascii117o;السفير" مندوب لبنان الدائم في الأمم المتحدة نواف سلام عن حقيقة موقفه مما يدور فقال: &laqascii117o;إنني غير معني البتة بأي سجال يدور في خانة السجال السياسي اللبناني وأنا لست طرفا فيه".وكان سلام يستعد للمشاركة في الإحاطة التي عقدت أمس في مجلس الأمن الدولي حول الوضع في سوريا والتي كان منتظرا أن تنتهي بجلسة علنية للمجلس ليلا في حال عدم الإجماع حول مضمون البيان الصحافي الذي تردد أنه مؤلف من 4 بنود شديدة اللهجة بالنسبة الى القيادة السورية، علماً بأن أي بيان مماثل يحتاج الى إجماع الدول حول مضمونه قبل إعلانه، في حين أن الجلسة العلنية لا تحتاج الى إجماع لعقدها وتكتفي كل دولة بالإدلاء بدلوها في الموضوع السوري.
هذا الموقف للنائب في كتلة &laqascii117o;المستقبل" أثار بدوره &laqascii117o;استغراب" وزارة الخارجية والمغتربين التي قال مصدر مسؤول فيها لـ&laqascii117o;السفير" إنّ &laqascii117o;المتحدثين عن موضوع التفرّد عليهم أن يدركوا بأن الوزير الشامي نسّق تعليماته للبعثة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان من جهة ومع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي من جهة ثانية". وعن سبب عدم اتصال الشامي بالحريري قال المصدر &laqascii117o;لأن الحريري غير مهتم بالموضوع، كما أنه لم يكن مهتما منذ إستقالة وزراء حكومته بموضوع اللبنانيين في أبيدجان وليبيا، وهو لم يسأل الوزير يوما عن هذه المواضيع متجاهلا إياها بالكامل. في المقابل كان رئيسا الجمهورية ومجلس الــنواب يتصلان عدة مرات يومياً بالوزير الشامي مستفسرين عن أي جديد حاصل".وأضاف المصدر المسؤول في &laqascii117o;الخارجية": &laqascii117o;إن إعطاء التعليمات المعروفة للسفير سلام في الموضوع السوري يأتي انطلاقاً من العلاقات المميزة اللبنانية السورية، وخصوصا أن رئيس الجمهورية كان واضحاً بتصريحه الأحد الماضي بعد خلوته بالبطريرك الماروني بشارة الراعي عبر تشديده على أن &laqascii117o;الأمن والاستقرار بين البلدين مترابط" ومعلناً وقوفه الى جانب القيادة السورية في الإصلاحات التي قررتها، ولنفترض على سبيل المثال بأن الوزير الشامي لم ينسّق مع الرئاسات، وهو أمر غير صحيح، فإن أقل الواجب الوطني أن يتخذ الوزير هذا الموقف".وعما تردد عن رأي للسفير سلام بضرورة انتظار الموقف الذي سيتخذه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم المنتظر في 8 أيار قال المصدر إن الشامي يرفض قطعا هذه الفكرة &laqascii117o;لأن الموقف اللبناني من سوريا لا يمكن ربطه بأي موقف آخر".ولدى سؤاله عن سبب ضرورة التشاور في موضوع استدعاء السفير السوري في حين لا ضرورة للتشاور في هذا الموضوع قال المصدر المسؤول &laqascii117o;إن موضوع استدعاء السفير السوري الذي طالب به البعض يستدعي مشاورات مع الرؤساء الثلاثة من جهة وأيضاً عقد جلسة خاصّة لمجلس الوزراء لمناقشتها لأن استدعاء السفير السوري يكتسب حساسية خاصة نظراً إلى العلاقات التاريخية بين البلدين وبسبب معاهدات الدفاع المشترك ومعاهدة الأخوة والتعاون، فضلاً عن العلاقات المميزة التي أرساها اتفاق الطائف بين البلدين، إلى عوامل أخرى طالما تحدث عنها فريق 14 آذار بعد الزيارات التي قام بها الحريري الى سوريا". يضيف المصدر المسؤول في &laqascii117o;الخارجية" وبالتالي إن استدعاء السفير السوري &laqascii117o;هو موضوع بغاية الخطورة ويختلف كلياً عن استدعاء أي سفير آخر".
ـ 'الجمهورية'
توتّر سوري، تردّد ميقاتي
أسعد بشارة:
من توقّف قليلا عند الكلام الذي قاله الرئيس نبيه برّي عن أنّ تأخير تشكيل الحكومة في لبنان هو أشبه بمؤامرة على سوريا، لاحظ أنّ الرجل لم يوجّه كلامه من فراغ، ولم يتوجه به إلى الفراغ. ولقد أصبح من الممكن بعد حوالى ثلاثة أشهر على تعثر تشكيل الحكومة، القول إنّ حالة الانتظار الطويلة هي أيضا لم تأتِ من فراغ، إذ بات من الصعوبة الجزم بأنّ هذا التشكيل ينتظر فقط حلّ عقدة وزارة الداخليّة، بل أصبح واقعيّا أكثر توقع ارتباط التأخير بانتظارات ورهانات ترتبط بمسار الأحداث المتسارعة في سوريا. لم يعد سرّا أيضا أنّ كلام الغرف المغلقة في قوى 8 آذار بات يتردّد مع مدى صدى مرشّح لخرق الجدران، بأنّ ثنائي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف يتبادل الأدوار في تعمّد تأخير ولادة الحكومة، وبأنّ هذا الثنائي يراهن ضمنا على تغيّر موازين القوى انطلاقا من درعا وصولا إلى السراي الحكومي، وأنّ هذا الثنائي أيضا يجد من الإرباك السوري والعجز الحزب اللاهي فرصة ثمينة لتصحيح موازين القوى، وللّعب على عامل استنفاد الوقت حتى الثمالة، انتظارا لتخفيف سقف حزب الله الداعم للعماد عون وللحدّ من معاييره القاسية في فرض التشكيلة الحكومية الجديدة.
سليمان يلعب ورقته النهائيّة : ولم يعد سرّا أيضا أنّ كلام الغرف المغلقة بات يتناول رئيس الجمهورية والرئيس ميقاتي بالعدل والمساواة في توزيع شبهات الرهانات الطارئة، فرئيس الجمهورية بحسب قوى الثامن من آذار يلعب ورقته النهائيّة، وهو يتوهّم القدرة على إعادة قلب الأوضاع لمصلحته إذا ما ضعف النظام السوري، وهو أيضا سيكون أحد أكبر الخاسرين إذا استطاع هذا النظام أن يستردّ أنفاسه، وأن يمسك زمام المبادرة لأنه لن يمحو من الذاكرة لبنانيّا، من وقف معه ومن راهن على سقوطه.وتبعا لذلك فإنّ الرئيس سليمان لن يقيم بعد اليوم صديقا في سوريا، ويمكن لمَن يستطيع التفسير أن يترجم هذا الواقع إلى وقائع، في عصر تحسم فيه الخيارات الكبرى على مستوى سوريا ولبنان.أمّا بالنسبة إلى الرئيس ميقاتي فإنّ الكلام الذي لم يقل بعد، يتجاوز مع ما اتهمه به حلفاء سوريا، المتصل بخوفه على تشكيل حكومة تذهب بمصالحه المالية وشركاته، وهو يصل إلى حدّ الاستخفاف بالمناورات الصامتة التي يقوم بها ميقاتي لتعطيل تشكيل الحكومة، وبالزيارات الشكلية التي يقوم بها شقيقه طه إلى دمشق ناقلا رسائل حسن السير والسلوك من دون أن يقدم على ما من شأنه تسهيل ولادة حكومة باتت سوريا اليوم بالإضافة إلى حزب الله أحوج إلى تشكيلها أكثر من أي وقت مضى.وبالنسبة إلى الرئيس ميقاتي أيضا فإنّ ما تردّده الغرف المغلقة في 8 آذار يصل إلى حدود التشكيك بنيّته في تشكيل الحكومة في ظلّ مراقبته القلقة لما يجري من أحداث متسارعة في سوريا، وخصوصا بما يتعلق باحتمال فرض عقوبات اميركية واوروبية على شخصيات سورية، وهو أمر مقلق لرجل أعمال مهدّد ايضا بالسيناريو نفسه في حال ترأس حكومة لبنانية تخالف القرارات الدولية وتمهد لإطاحة المحكمة، وهذا القلق من وجهة نظر موضوعية، سيؤدّي إلى زيادة منسوب التردد لدى ميقاتي في الإقدام على تشكيل حكومة، خسائرها السياسية بالنسبة إليه لا تقارن بما قد يجنيه من مكاسب.في كل الأحوال فإنّ القراءة النقدية لقوى 8 آذار تجاه سليمان وميقاتي، لا تغيّر من عناصر المشهد المؤجل لبنانيّا، بانتظار رسوّ الأحداث في سوريا على برّ واضح المعالم، لكن هذا المشهد الذي يعطي الفراغ مدلولا خطيرا، يحتوي على الكثير من العناصر غير المطمئنة التي قد تؤدّي إلى مزالق أمنية، تريدها بعض القوى الحليفة لسوريا رسائل أوّلية وتحذيرية وليست موجهة فقط ضد ما تسمّيه هذه القوى عرقلة مقصودة لتشكيل الحكومة من قبل رئيس الجمهورية والحكومة المكلف، بل في وجه القوى في الداخل التي تعتبر أنّ ربيع دمشق سيكون خطوة متقدمة تمهّد لفكفكة منظومة سياسية لبنانية متكاملة، طالما عطّلت وتعطّل المسار الديمقراطي في لبنان.
ـ 'الأخبار'
دمشق: وقائع عروض لمقايضة بقاء النظام بالعلاقة مع إيران
ابراهيم الأمين:
خيار الحسم العسكري الذي اتخذه الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة من يعدّهم النظام عملاء للخارج لجأوا إلى السلاح، سيكون له أثره الكبير على الحركة الاحتجاجية التي يقوم بها مواطنون يريدون تحقيق إصلاحات واسعة في البلاد. وبينما يراهن فريق من أهل الحكم في دمشق على نتائج إجمالية توقف الحركة الاحتجاجية، فإن في دائرة الأسد من يشير إلى أن برنامج الإصلاحات لن يكون قابلاً للحياة في ظل التوتر أو غياب الاستقرار، وخصوصاً أن لدى الحكومة السورية ما يكفي من الأدلة السياسية والأمنية والعملانية التي تشير إلى تجاوز الوضع مستوى احتجاجات مطلبية لجماهير إلى مستوى التدخل الخارجي.
من بين الأدلة السياسية، يشير المقرّبون إلى آخر جولة من الاتصالات التي جرت بين القيادة السورية وعدد من الموفدين العرب والإقليميين البارزين. يجري الحديث عن قطر والإمارات العربية المتحدة وتركيا وبعض الأوروبيين، وأن هؤلاء تحدثوا مباشرة عن &laqascii117o;المطلوب" من سوريا في هذه الفترة، مع توضيحات عن نوعية هذه المطالب ونوعية العروض المقابلة. ومنها:
ـــــ أن على سوريا أن تأخذ في الاعتبار التطورات التي عصفت بالمنطقة في الفترة الأخيرة، وأن التحولات الجارية في مصر تتيح إعادة الاعتبار إلى المحور العربي الذي يمنع الآخرين من التدخل في الشؤون العربية. وحتى لا يظل الحديث مبهماً، يتحدث الموفدون عن ضرورة إعادة سوريا النظر في علاقتها بإيران على وجه التحديد، ومع جهات المقاومة في لبنان وفلسطين، والسير نحو استراتيجية عربية جديدة.
ـــــ أن موافقة سوريا على التوجه الجديد ستتيح علاقات أفضل لها مع دول عربية كبيرة ومع عواصم خارجية، وأن الدول الغنية بالنفط ستوفر مساعدات كبيرة لسوريا لمواجهة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية، وفي ذلك ما يساعد النظام على إنجاز عمليات إصلاحية كبيرة مترافقة مع مشاريع تنموية تمنع أسباب الاحتجاج المعيشي.
ـــــ أن تحسّن علاقات سوريا مع عواصم عربية ودولية من شأنه توفير مساعدة لسوريا على مواجهة أي محاولات للتخريب أو زعزعة الاستقرار.
وبحسب القريبين أنفسهم، فإن الجواب السوري الذي صدر عن مستويات عدة، بينها الرئيس بشار الأسد مباشرة ومسؤولون آخرون، هو أن السلطات &laqascii117o;تميّز بين محتجّين من المواطنين الذين نعرفهم ونعرف مطالبهم، والمجموعات التي اعتقل العديد من أفرادها وهم ينتمون إلى تيارات سلفية متشدّدة ويجري تمويلهم ومساعدتهم لوجستياً من جهات وعواصم عربية"، وأن دمشق &laqascii117o;تعرف أن هناك من يعمل على استغلال الاحتجاجات الشعبية لتحقيق أهداف لا علاقة لها بمطالب الناس".
ومن المفترض أن يدعو وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال الساعات المقبلة، أكثر من عشرين سفيراً من أميركا وأوروبا لمناقشتهم في الأحداث الجارية في سوريا، ويعرض عليهم ملفات أعدّتها وزارة الداخلية، تتعلق بما تقول دمشق &laqascii117o;إنه برنامج تخريب منظّم يهدف إلى ضرب الاستقرار وإحداث فتنة في البلاد"، وذلك بحسب المقرّبين الذين يعتقدون أن الموفدين العرب والأتراك والدوليين إنما &laqascii117o;كانوا يحاولون عرض صفقة، فإذا رفضتها سوريا فسيكون هناك تصعيد دبلوماسي وإعلامي قريباً، بغية تحويل الملف إلى قضية دولية بقصد استدراج عروض من جماعات سورية لأشكال عدة من التدخّل".
ويبدو أن علاقات سوريا لم تهتز فقط مع عدد من الدول العربية، بل مع تركيا أيضاً. وحتى اللحظة، لا يتقبّل المسؤولون السوريون كيف أن الحكومة التركية توافق على استضافة مجموعة من قيادات الإخوان المسلمين في أنقرة وإسطنبول ومناطق قريبة من الحدود مع سوريا، وأن هؤلاء يتولّون إجراء الاتصالات بناشطين منهم في سوريا لحثّهم على التظاهر. ونُقل عن مسؤول سوري كبير قوله: &laqascii117o;هل تقبل تركيا بأن ينشط أكراد معارضون لها على أراضي سوريا ويعملوا على زعزعة الاستقرار فيها؟".
الواضح أن سياقاً آخر للمتابعة برز أمس في الملف السوري. ومع أنه لا الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الآن ولا التدخل الخارجي سيحجبان الحاجة إلى إصلاحات كبيرة داخلياً، إلا أن ذلك لن يكون وحده البند الساخن في البحث داخلياً وإقليمياً، وحتى خارجياً، وخصوصاً أن ما يجري الآن في ليبيا والبحرين من شأنه رفع درجة التنبّه إلى أن الولايات المتحدة، ومعها دول عربية كثيرة، تقوم بكل ما من شأنه لاحتواء الثورات الشعبية ومنعها من التوجّه نحو تغييرات جذرية. وها هي الضغوط على مصر تزداد يوماً بعد يوم لمنعها من السير سياسياً في وجهة مختلفة عمّا كانت عليه أيام حسني مبارك، ومحاولة حصر أهداف الثورة ببعض التغييرات الداخلية، عدا عن الجانب الأكثر خطورة، الذي يتمثل في استعداد عملي عند دول غربية وعند الولايات المتحدة للعودة إلى مغامرات عسكرية مباشرة أو بواسطة حلفائها... أليس الوجود العسكري السعودي في البحرين نموذجاً لوصاية خارجية مباشرة، أم يستعيد داعموه لغة حلفاء سوريا في لبنان عن &laqascii117o;الوجود الشرعي والمؤقت"؟ ثم ماذا عن ثوار ليبيا الذين باتوا على اقتناع بأن إطاحة معمر القذافي أمر غير ممكن من دون دخول جيوش الغرب إلى طرابلس وتدمير كل شيء؟
ـ 'الأخبار'
الحريري والبحرين يحاصران سوريا
جان عزيز:
شهيرة مقولة جوزف سماحة عن ضرورة فتح ملف &laqascii117o;حقبة الوصاية" كاملة من أجل تحديد عادل للمسؤوليات بين اللبنانيين والسوريين. المعادلة نفسها تبدو قابلة للتطبيق اليوم، على ما يجري في سوريا نفسها. فالمطلوب مقاربة الوضع هناك بنحو شامل، من أجل تحديد دقيق للمسؤوليات، بين ما هو داخلي وما هو خارجي. فمن السهل جداً الكلام عن لامماشاة النظام للعصر، وعن فشل آلياته، وعن أزمات اقتصادية متراكمة، منذ الانسحاب من لبنان إلى الجفاف، مروراً بالاتفاقات غير المتكافئة مع تركيا... كذلك عن كل متلازمة الموجة الديموقراطية في زمن سيادة &laqascii117o;الويب" وعولمة &laqascii117o;النت". لكن هذا كان قائماً قبل الآن. لا بل كان ضاغطاً وخانقاً، أكثر بكثير مما صاره في الآونة الأخيرة. مع ذلك، لم تتفجر الثورة في ظل الظروف الأقسى داخلياً، لتظهر فجأة في أزمنة فضلى.فالأحداث في سوريا لم تندلع بعد مثيلاتها في تونس ومصر، بقدر ما يمكن القول إنها بدأت بعد هذا التزامن غير المقصود، بين خروج سعد الدين الحريري من الحكم في بيروت، واهتزاز نظام الحكم في المنامة. حدثان، قرأتهما الرياض على أنهما نقطتان إيرانيتان مسجلتان في مرماها. لم يقبل الحكام السعوديون أيّ تفسيرات لعوامل سياسية أخرى أكثر داخلية أو ذاتية أكان في لبنان أم في البحرين. ولم يُتعبوا أنفسهم في تحليل أو تدقيق: طهران سدّدت ضربتين موجعتين في حديقتين محروستين للحاكم السعودي، وبالتالي المسألة تقتضي الرد، أولاً من باب العقاب، وثانياً من باب الردع دفاعاً عن &laqascii117o;الرياض" الأخرى.وكان سهلاً على السعوديين تجنيد أنظمة الخليج كاملة. فالبعبع الفارسي الرابض على منتصف مياهها، كاف لإقناع تلك التركيبات النفطية. فضلاً عن كون الرياض قاطرة كبرى لمجموعة الأجرام العائلية الصغرى المحيطة بها، رغم الحساسيات الأخرى والتباينات الممكنة. فالتناقض الأساسي ـــــ باللغة الماركسية ـــــ لا يزال قائماً هناك فعلياً، بين تسميتي الخليج العربي أو الفارسي.
أتقن السعوديون تحديد الهدف، ثم حشد الطاقات اللازمة لحملتهم من أجل تحقيقه. فمنذ اللحظة الأولى، ولأسباب موازينية، أدركوا أن المواجهة مباشرة مع طهران، صعبة أو مكلفة أو حتى مستحيلة. وهو ما حتّم الانتقال إلى الاستهداف غير المباشر: نحاصر دمشق، ونفرض عليها معركة بعنوان واضح: إما السقوط وإما الانفكاك عن الإيراني، فنكون أمام وضعية ربح مزدوج ومضمون. ثم إن الهدف السوري يسهّل المهمة أكثر بكثير من فرضية الهدف الإيراني المباشر. هنا، من السهل جذب تركيا إلى المعركة. فالخليط الهجين من بقايا الإسلاميين ــــ أو من طلائعهم ـــــ المسمّى &laqascii117o;العدالة والتنمية"، يهمّه جداً أن يظهر نفسه للغرب على أنه بات قادراً على تصدير ثورته الإسلامية المعتدلة، إذ يتوهم أولاد أربكان أن أوروبا وأميركا المأزومتين بين إسلام أنظمتهما العسكريتارية المتداعية على الطريقة المصرية، وبين إسلام أعدائهما على طريقة &laqascii117o;القاعدة"، سيكونان أكثر من مشجعين ومرحّبين بتصدير النموذج الأردوغاني الأوغلوي. واحتسب السعوديون كذلك، أن انضمام أنقرة إلى حملتهم عامل ضغط كبير على الطرفين، أي على سوريا، وعلى تركيا نفسها. فالأولى ستكون أمام سحب آخر غطاء إقليمي سني عن نظامها، والثانية ستكون أمام مستنقع من التفجرات المذهبية الكردية والعلوية، التي ستفرض عليها الدخول في المعركة. وهو ما يسبّب ارتياحاً مزدوجاً للسعوديين، مما لم يكن ليتوافر لو اختير الهدف الإيراني مباشرة.
وفي سوريا، حسب السعوديون أنه سيكون من السهل جذب نيكولا ساركوزي إلى المعركة. أولاً لحساباته الانتخابية الرئاسية المترنحة، وثانياً لتحقيق فوز يعوّض التورّط الليبي المتعدّد الأوجه، وثالثاً لإعادة الربط مع واشنطن على طريقة شيراك ـــــ بوش بعد خلافهما العراقي، ورابعاً لمجرد أن يقنعه بذلك حمد بن جاسم. يبقى أن سوريا أرض خصبة لاجتذاب الثنائي الإسرائيلي ـــــ الأميركي. يكفيهما تلويح بمعادلة من نوع: فلنبتزّ الأسد باستقرار نظامه، في مقابل ورقة أو أوراق عدة من تلك التي يمسك بها: الجولان أو المياه أو اللاجئين أو حماس أو حزب الله أو إيران أو العراق أو غيرها... حتى لو لم تنجح المحاولة، يكفي أن تنتهي إلى نظام سوري أضعف، لتستحقّ المسألة الاستثمار والرهان. فكيف إذا كانت كلفتها معدومة كلياً على واشنطن وتل أبيب، لا بل مردودها الدعائي كبير جداً، إن لناحية درجة الحريات والديموقراطية، أو لناحية تبرئة إسرائيل من أي دم فلسطيني، فيما الشوارع العربية مسرح لرصاص عربي بين &laqascii117o;جيوشها" و&laqascii117o;شعوبها".... لا بد من الاعتراف بجهنمية الخطة. يبقى انتظار نتائجها، مع الاعتذار الواجب، من كل الأسباب الداخلية وأصحابها المحقّين.
ـ 'السفير'
قراءة سورية للعناصر الخارجية التي غطت العناصر الداخلية و&laqascii117o;تلطت بالإصلاح"
دمشق تقرر الحسم.. بعدما استشعرت المخاطر التي تهدد النظام
نبيل هيثم:
من نافل القول إن ما تمر به سوريا حاليا اكبر وأخطر بكثير من سلسلة من الامتحانات الصعبة التي واجهها النظام السوري من 11 أيلول، إلى غزو العراق، إلى اغتيال الرئيس رفيق الحريري والخروج من لبنان، إلى &laqascii117o;حرب تموز" 2006، وصولا إلى حرب غزة، وتلك المحطات كلها نجح الرئيس بشار الأسد في تجاوزها ومعه سوريا سواء بالإدارة أو بالصبر والصمود والتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، فيما الأزمة الحالية هي نموذج جديد بحيث يمتزج فيها &laqascii117o;العدو الخارجي" المتعدد الجنسيات بالعناصر الداخلية على أنواعها.
في هذا السياق، يقول مسؤول سوري بارز &laqascii117o;إن الكثير من الخيوط الداخلية والخارجية قد تكشفت امام القيادة السورية، فكان لا بد للرئيس بشار الأسد من اتخاذ قرار الحسم، وقد لا يتطلب ذلك وقتا طويلا، خاصة وأن الرئيس السوري، نجح في التهيئة وفي تعبئة الشارع السوري ضد الفتنة، وفي استقطاب من يريدون الاستقرار لسوريا وفي فرز تلك الفئات التي تسعى الى التخريب تحت عنوان الاصلاح، عن سائر فئات الشعب السوري".ولعل ما يصر المسؤول السوري على تأكيده هو &laqascii117o;ان باب الاصلاحات الذي فتحه الأسد، قد يشهد في الآتي من الايام مزيداً من الخطوات"، الا ان المضحك المبكي بالنسبة اليه، هو التباكي الدولي ونحيب بعض ما تسمى &laqascii117o;الديموقراطيات الخليجية" على الاصلاحات في سوريا، وهناك لدى القيادة السورية عينات من الرعاية المباشرة لبعض الفئات التخريبية، سيتم تظهيرها في القريب العاجل".
ولقد جاء قرار القيادة السورية بالحسم غداة الزيارة السريعة التي قام بها وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، إلى دمشق، وفي ذلك إيحاء عن وجود مظلة خليجية – أميركية فيما ردد البعض ان القيادة السورية اغتنمت فرصة الزيارة للقول بأن قرار الحسم يحظى بالتغطية والدعم العربي والخليجي. وهناك من يقول إن زيارة عبد الله جاءت بعد تلمس وجود قرار سوري بالحسم، وذلك في سياق محاولة إماراتية لتحييد الذات عن &laqascii117o;الجبهة العربية" التي تستهدف سوريا.وقالت شخصيات لبنانية على تماس مع القيادة السورية إن الزيارة الاماراتية جاءت في سياق مهمة محددة، في ظاهرها إبلاغ موقف خليجي داعم للنظام السوري وأما باطنها فينطوي على محاولة – لم تنجح - لإجراء مقايضة بين الوضع الداخلي في سوريا وبين الوضع في البحرين.. يسعى من خلاله هؤلاء العرب الى انتزاع موقف سوري رسمي واضح يدين ما يعتبره الخليجيون التدخل الإيراني في شؤون البحرين. ويماشي البيانات الاخيرة المتتالية لمجلس التعاون الخليجي في الهجوم على إيران، أي أنهم يريدون سوريا الى جانبهم في &laqascii117o;حربهم الاميركية" ضد إيران، لكن الأسد لم يحقق مرادهم.ولقد قيل للأسد &laqascii117o;إن ايران تتدخل في شؤون البحرين وهو امر مدان من قبل العرب"، فذكّر محادثيه &laqascii117o;بأن سوريا قامت بما عليها في هذا المجال، ونصحت الجانب الإيراني خلال زيارة وزير الخارجية وليد المعلم الى طهران بعدم التدخل في البحرين، ولم يصدر عن إيران سوى دعوة لأخذ مطالب المعارضة البحرينية في الاعتبار". وقيل للأسد &laqascii117o;أن تطوّر سوريا موقفها مما يجري هناك، خاصة أن التوتر السياسي يتطور بين ايران ودول الخليج"، فذكر محادثيه بأن سوريا تعرف مسؤولياتها، وهي قالت ما رأت ان عليها ان تقوله في هذه الازمــة، وتعتبره كافياً ووافياً.
ويشير المطلعون على موقف القيادة السورية، إلى ان قرار الحسم استند على خلاصات أبرزها الآتي:
أولاً، هناك من يحاول إخراج الإصلاحات عن سياقها، والمؤشر على ذلك المواقف الخارجية والترجمة الفورية لها بأعمال تخريبية داخلية وبتغطية إعلامية تولتها فضائيات &laqascii117o;الاعتدال العربي".
ثانياً، محاولة تغذية الأحداث في سوريا عبر الممرات الحدودية مع الدول المجاورة، وهذا ما حدا بالسلطات الســـورية إلى إقفال المعبر الحدودي مع الأردن، وربما مع دول أخرى لاحقاً اذا دعت الحاجة لذلك.
ثالثاً، الاتساع المفاجئ للجبهة المعادية للنظام السوري، سواء من الجانب القطري الذي سخر قناة الجزيرة في خدمة زعزعة اركان نظام الأسد، ولا ننسى هنا قناة &laqascii117o;العربية" ومن يرعاها خليجياً، أو من الجانب التركي والصعود المفاجئ لتلك اللغة الطاووسية الواردة من انقرة الى دمشــق، بما فيها من تعابير فوقية مثل: &laqascii117o;نصحنا الأسد بكذا".. و&laqascii117o;ننتظر منه كذا وكذا".. و&laqascii117o;إصلاحاته غير كافية".. و&laqascii117o;ننتظر منه أن يقدم أكثر"، الأمر الذي وضع الموقف التركي في موقع شديد الالتباس بالنسبة الى السوريين، ما دفع بعض من هم في محيط القيادة السورية الى ترجيح فرضية ان يكون هناك من أغرى الاتراك بأنهم قد يكونون نموذجاً لعثمانية جديدة ترث كل هذه الفوضى التي تحدث على المسرح الشرق اوسطي والتي تعم العالم العربي حالياً.
رابعاً، الضغط الأميركي ـ الاوروبي المتزايد على سوريا، والذي يدرجه المطلعون على موقف القيادة السورية في سياق مكمل لتلك المحاولات المستمرة تارة بالضغط السياسي او التخريبي المستمر على سوريا منذ عام 2004 وكما يجري حالياً، وتارة أخرى بالإغراءات السياسية والمالية والاستثمارية لفك عرى العلاقة بين سوريا وإيران وبين سوريا وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق.
ـ 'النهار'
خوف من الفوضى في مصر وانهيار الاقتصاد!
سركيس نعوم:
'استبعد' الباحث الناشط الاميركي اليهودي نفسه الذي يُجري منذ سنوات قليلة ومن ضمن فريق عمل حواراً مع فريق عمل سوري حول العلاقات مع اميركا والسلام مع اسرائيل 'ان يحصل في سوريا ما حصل في تونس ومصر'. واضاف: 'بل اقول كلا. لكن في النهاية لا احد يعرف. الادارة الاميركية لا تعرف ماذا تريد. ليس عندها سياسة. لا عملية سلام. والمَلَكية في الاردن أُنقذِت. لكن الى متى؟'. ماذا عن السفير الاميركي الجديد في دمشق روبرت فورد؟ سألت. اجاب: 'السفير فورد قابل الرئيس بشار الاسد مرة واحدة، اثناء تقديمه اوراق اعتماده. اتصاله بالاجهزة الامنية والدفاعية محظور. يقابل وزير الخارجيـــة وليد المعلم فقط واحياناً آخرين داخلها. اما نحن عندما نزور سوريا فنقابل احياناً السيــدة بثينــــة شعبــــــان مستشــــارة الرئيس الاســـــــد لشـــــؤون الإعــلام. لكن لا لقـــــــاء مــــــــع الوزيـــر المعلم، علماً اننـــا كنـــــا نقابلـــــه في السابق'.
ماذا في جعبة مسؤول اول عن مركز ابحاث اميركي عريق مؤيد بقوة لاسرائيل؟
سأل كثيراً عن لبنان ورئيس حكومته المستقيلة سعد الحريري وعن دور العربية السعودية لبنانياً. وسأل عن السنّة والشيعة وما يجري بينهما وعن دور المسيحيين في ظل هذه الثنائية. وبعد بحث مستفيض في كل ذلك تحدث عن مصر ما بعد الثورة الناجحة على حسني مبارك، قال: 'تزعجني اخبار مصر وتقلقني. أخاف عليها من الفوضى وعدم الاستقرار ومن انفلات الامن ومن انهيار الاقتصاد. البوليس (الشرطة) لا يعمل. والجيش يرفض ان يتحول بوليسا. لا رجال دولة معروفون يمكن ان يتسلموا مقدرات الدولة المصرية وأن يقودوها. اذا كان عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية هو ابرز المرشحين لرئاسة مصر شعبية فذلك كارثة. هل يمثّل موسى الجيل الجديد؟ او ثورة الشباب؟ ام يمثل النظام القديم الذي كان جزءاً منه؟ اخشى ان تصبح مصر مثل الصومال'. علّقت: أنت تخشى ايضاً ان يؤثر كل ذلك على اسرائيل وعلى معاهدة السلام الموقّعة بينها وبين مصر. ردّ: 'نعم. لكن اخشى ايضاً ان يؤثر ذلك على المنطقة كلها. كيف ترى التأثير انت؟' سأل. اجبت: حتى الآن لم يهتف الشباب الذين اطلقوا ثورة مصر الناجحة ضد اميركا او ضد السلام مع اسرائيل. وقد تشهد مصر عدم استقرار. لكنها لن تصبح 'صومالاً' ثانية. فيها جيش قوي وعريق ومؤسسات عملت حتى في ظل الديكتاتورية. فيها نُخب وشباب. وما فعله هؤلاء لا يُصدَّق. لكن يجب في الوقت نفسه ان تتحدث اميركا مع 'مصر' لسد الباب الذي يمكن ان تأتي منه الريح. ويجب عدم الاكتفاء بالاطمئنان الى الجيش لأن قياداته العليا كلها تدربت في اميركا، فهو في النهاية جيش مصر وهو جيش مسلم بغالبيته كما شعبها ولا احد يعرف بدقة ماذا يمكن ان يعتمل في داخله.
بعد ذلك تناول الحديث السعودية فأشرت الى ان ادارة اوباما نصحتها بعدم ادخال قوات الى البحرين معتبرة هذه الخطوة خاطئة، ومن شأنها دفع ايران الى محاولة زعزعة استقرار المملكة انطلاقاً من منطقة إقامة غالبية الشيعة. فعلّق ضاحكاً: 'اليس افضل ان يقتل السعوديون شيعة بحرينيين من ان يقتلوا شيعة سعوديين؟ في اي حال ان ما يجري في ليبيا يشجّع الانظمة الشمولية وقادتها على اتخاذ قرار بالقمع في حال ثارت شعوبها عليها، إذ ربما ينجيها ذلك من مصير محتوم'.ماذا في جعبة موظف رفيع سابق وباحث حالي عن الشرق الاوسط وتطوراته ومشكلاته؟تحدث عن مصر فأبدى تخوّفه، في حال تعثّر او تعذّر الانتقال الى نظام بديل من نظام حسني مبارك خلال سنة، من تحوّل 'الاخوان المسلمين' الاقوياء والمنظمين جداً الى القوة الاكبر. وابدى تخوّفه ايضاً من حصول 'ردّة' في المعاهدة مع اسرائيل اي السلام معها. ومن شأن ذلك زعزعة المنطقة كلها. مصر كانت دائماً مركز استقطاب للعرب ومركز توجيه لهم. ضعفت بعد صلحها مع اسرائيل ايام الرئيس (الراحل) انور السادات. واستعادت بعد ذلك وبمدة طويلة جزءاً صغيراً من دورها لكن في الموضوع الفلسطيني فقط.من هي الدولة العربية المؤهلة لأن تحل مكان مصر؟
ـ 'النهار'
حكومة مطلوبين حقا!
علي حمادة:
بقيام وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال علي الشامي بإصدار تعليمات لمندوب لبنان في الامم المتحدة نواف سلام بأن يصوت ضد اي مشروع بيان او قرار 'يضر بسوريا' - وهو فعل ذلك من دون العودة الى مجلس الوزراء او اقله الى رئيس مجلس الوزراء بإعتباره يقوم بالتنسيق بين مختلف الوزارات – عكس الشامي بـ'أمانة' التفكك الذي يصيب الدولة اللبنانية، وقد تفاقم بشكل كبير منذ ان دخل 'حزب الله' وقبله حركة 'أمل' برئيسها نبيه بري بقوة في معادلة السلطة، اذ تعرضت مؤسسات الدولة لاكبر عملية سطو مادي ومعنوي واداري منذ ولادة الجمهورية اللبنانية. ولم يكن مفاجئا ان يكون 'مندوب' الثنائي 'امل' و'حزب الله' في الحكومة (وزير الخارجية) في حل من كل سلوك مؤسساتي بتصرفه منفردا في موضوع بدقة الوضع الداخلي في سوريا. ولعل من المفيد التذكير بأن وزارة الخارجية دخلت مرحلة انحطاط مديد لا مثيل له، مع دخولها في حصة 'الثنائي'. هذا ما يفسر فضيحة الاعتراف بلوران غباغبو بتغطية من نبيه بري، والتعليمات الصادرة لنواف سلام بوقوف لبنان في مجلس الامن بجانب القمع والقتل الدائرين في سوريا!
هذه عينة بسيطة مما سيواجهه نجيب ميقاتي الذي يتأخر في تأليف الحكومة، وهو العارف اكثر من غيره ان المعطيات التي اتت به تبدلت الى حد كبير. فلميقاتي مرجعيتان جاءتا به: واحدة محلية ('حزب الله') والاخرى اقليمية (النظام في سوريا).
'حزب الله' مصنّف على مساحة نصف الكرة الارضية تنظيما ارهابيا، واعضاؤه اما ملاحقون بموجب مذكرات توقيف دولية واما ممنوعون من السفر، واما مراقبون بشبهة الارهاب. وقد اضيفت الى مشاكل الحزب ازمة البحرين (البعد الايراني) والصدام المباشر مع جميع عرب الخليج مما انعكس اضطرابا في اوضاع ثلاثمئة وخمسين ألف لبناني يعملون في المنطقة. ولا ضرورة للتذكير بالتأثير السلبي الذي يتسبب به الحزب على مصالح اللبنانيين واستقرارهم بسبب اعماله في مناطق عدة من العالم كأميركا الجنوبية او اوروبا (بين المهاجرين العرب والمسلمين) والولايات المتحدة. كما ان الحزب الذي يمثل مرجعية كبرى لميقاتي يقترب من ان توجه لأفراد كبار فيه تهمة الضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. من هنا العقدة الاولى. في المقلب الاقليمي، النظام في سوريا الذي أخرج من لبنان بـ'ثورة الارز' عاد ليمارس نفوذا مستجداً. ولكن ما يحصل منذ منتصف آذار الماضي في سوريا والتطورات المتلاحقة والخط البياني المتصاعد للازمة السورية الداخلية بفعل تحول الاحتجاجات ثورة حقيقية ضد النظام تزيد التعقيدات بالنسبة الى المنصّبين في لبنان بقرار سوري. اكثر من ذلك، عندما يسيل الدم في المدن والقرى، ويسقط مئات المدنيين الابرياء بالبطش والقمع لا يعود يشرّف احداً في لبنان ان يكون خيار النظام السوري لمنصب لبناني رفيع.
بعد هذا وحده المجنون يؤلف حكومة مطلوبين حقا...
ـ 'النهار'
كاريزما ميقاتي في 'ويكيليكس'!
راجح الخوري:
تعالوا الى عالم 'ويكيليكس'. الى أليس في بلاد العجائب التي لا تعجب احداً، بعدما سبق وتبين ان ما يقوله أهل 8 آذار عن 'حزب الله'، يتجاوز في 'الفضل' كل ما قاله تجمع 14 آذار، على الاقل لأن هؤلاء لا ينامون على 'أيدي المقاومة' ويدعون عليها بالكسر!اذاً تعالوا الى الوثيقة الرقم 74106 التي نشرها موقع 'الرأي نيوز' لاستطلاع المكنونات والطموحات السياسية عند رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي. ففي 8 آب من عام 2006 التقى جيفري فيلتمان ميقاتي في مكتبه، وكان ذلك عشية صدور القرار 1701. في ذلك اللقاء ظن ميقاتي مثل غيره، انه يتحدث الى بئر عميقة ولم يكن يحسب ان افكاره الطافحة بالمحبة ستجد طريقها يوماً الى صنوبر 'ويكيليكس'.وهكذا أطلق العنان لمشاعره وانخرط في حفلة قصف سياسي لم يسلم منه أحد تقريباً. فلقد رأى يومها ان وقف اطلاق النار مناسبة ملائمة للتخلص من اميل لحود الذي جدد له السوريون. وشمل نبيه بري بعطفه فقال لفيلتمان 'انه جيد'. ولماذا؟ 'لأنه سيكون حيثما نريده أن يكون'. هكذا بالحرف، ولكأن أبو مصطفى خاتم في الاصبع! أو لأنه، كما قال ميقاتي، تبادل المواقف النارية مع وليد المعلم ووعظه كما يفعل 'الاستاذ مع التلميذ'.
وقال انه يعتقد ان سوريا تستخدم مزارع شبعا للإمساك بأوراق تتصل بالمحكمة الدولية، لكن لا ندري ما اذا كان هناك في دمشق الآن من يملك الوقت للقراءة. بيد ان السيد حسن نصرالله قرأ بالتأكيد وبتمعن شديد، مكنونات من اختاره رئيساً مكلفاً بعد الانقلاب على حكومة سعد الحريري، ومنها ان ميقاتي قال 'للعزيز جيف' انه يرغب في رؤية الحزب منزوع السلاح وفي ان يضعف موقفه بعد وقف النار. أكثر من هذا، رسم ميقاتي خريطة توقعاته لتسليم سلاح الحزب وقال انه سيصوّر نفسه على انه المنتصر لكنه سيخرج في الحقيقة ضعيفاً عسكرياً وسياسياً.واذا كان ميقاتي قد شمل فؤاد السنيورة بمحبته قائلا انه لا يصدق نفسه انه قائد حقيقي بل وكيل عن سعد الحريري، فإن قمة المحبة برزت في حديثه عن الحريري عندما قال عنه انه 'ساذج يسهل خداعه، ولهذا لا يمانع حزب الله في التعامل معه'!هنا قد يرى البعض ان الساذج فعلا هو ميقاتي، لأن في كلامه ثلاث اهانات مجانية وغير ضرورية تنم عن تهور غير مبرر: واحدة الى الحريري والثانية الى 'حزب الله' والثالثة الى نفسه، عندما يوحي ضمناً انه هو من يحسن المكر والخداع، على عكس ما يشيعه من الدماثة.ولكن لماذا كل هذه الحميمية مع فيلتمان؟ لان ميقاتي يرى انه لا يوجد قائد حقيقي جامع وصاحب كاريزما لدى السنّة، الذين لن يكون في مقدورهم مواجهة الشيعة الموحدين والمسلحين... إلاّ اذا صدّق فيلتمان مثلاً ان ميقاتي هو صلاح الدين الايوبي الجديد.ولكن من قال ان المطلوب مواجهة السنّة للاشقاء الشيعة في لبنان؟!
ـ 'النهار'
كتاب المكوّن الاقتصادي في الموقع الايراني
هيثم مزاحم:
أكثر ما يكون نفوذ ايران واسعا هو حيث تكون تجارتها، ومجال نفوذها المؤكد اقرب جغرافياً الى ايران نفسها، ويمتد على شكل قوس من آسيا الوسطى الى الخليج العربي وجنوب العراق. ولي نصر هو باحث أميركي من أصل إيراني يعمل ككبير مستشاري ريتشارد هولبرك الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية في أفغانستان وباكستان. وهو أيضاً باحث في مجلس العلاقات الخارجية التابع للكونغرس الأميركي. اشتهر بكتابه 'صعود الشيعة' الصادر قبل سنوات. كتابه الجديد 'قوى الثروة: نهضة الطبقة الوسطى الجديدة في العالم الإسلامي' Forces of Fortascii117ne) (الصادر في العام 2009 والذي ترجم إلى العربية ونشر قبل شهرين (دار الكتاب العربي- بيروت- 2011).في الجانب المتعلق بايران في الكتاب نجد ان الاقتصاد الايراني يحتل المرتبة 151 بين أكثر الاقتصادات عزلة في العالم(من أصل 160 دولة) والمرتبة السادسة عشرة بين أكثر الاقتصادات عزلة في الشرق الأوسط(من أصل 17). وتفتقر مساعي إيران لإحراز نفوذ إقليمي إلى دعامة اقتصادية، وهذا ما يجعل تقدير قوة إ