- 'النهار'
الجيش الأميركي له رؤية للسلام مختلفة!
سركيس نعوم:
تحدّث الباحث اليهودي – الأميركي المرموق المدافع من زمان عن حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، والداعي إلى حوار إسرائيل وبلاده مع 'حماس'، قال: 'لا توجد عملية سلام. انتهت. انها 'صدفة' فارغة. ربما ذلك أفضل. الخطر هو ان نعمل على احيائها في الظروف الراهنة. لأنها لن تعود الى الحياة كما يجب. الرأي العام الإسرائيلي مال في معظمه الى اليمين. الشباب في إسرائيل صوّتوا لأفيغدور ليبرمان في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وأنت تعرف من هو، وما هي سياساته وتطرّفه. بنيامين نتنياهو ليس رجل سلام. ليست
عنده 'شهية' للسلام، ولا يملك رغبة حقيقية في إحلاله. لا يتخذ قراراً، ولن يمشي بعملية سلام. ما يهمّه هو المحافظة على شعبيته ورئاسته للحكومة. إنه يتحدث عن السلام. ويحاول إقناع الفلسطينيين بالعودة الى المفاوضات، فقط لأنه يربح من استمرار عملية السلام ولكن غير الموصلة الى نتائج. اميركا لا تضغط عليه وعلى احزاب إسرائيل لإحيائها. والفلسطينيون منقسمون. والعالم العربي على حاله'.
ماذا عن الرئيس أوباما وعن الاستعدادات الايجابية لإحياء عملية السلام التي قيل انها لديه؟ سألت. أجاب: 'أوباما ذكي. كان على استعداد للقيام بأي شيء لاحيائها ولقيادة اطرافها نحو الحلول. لكن ربما يكون وصل الى مرحلة اعتقد فيها إنه لا يستطيع القيام بأي شيء جدي على هذا الصعيد. ربما يعاود عمله السلمي الجدي في ولايته الرئاسية الثانية اذا فاز بها. الآن هناك قضايا عدة تشغله، والمفاوضات لن تؤدي الى شيء. إن ما يحصل في العالم العربي لا بد ان يفرض تغييرات حقيقية في الأنظمة. ربما لا تتحول الانظمة العربية انظمة ديموقراطية. لكنها قد تضطر الى تبنّي الحد الأدنى منها. وربما يدفعها ذلك الى التخلي عن استعمال قضية فلسطين للبقاء في السلطة وللسيطرة على الناس والتحكّم بمصائرهم. في الانظمة العربية 'المقبلة' ستفقد اميركا التي منها كانت معها 'على العمياني'، وستصبح في حاجة الى العمل الجاد لإستعادة نفوذها في المنطقة. وذلك سيكون صعباً اذا لم تفعل اميركا شيئاً في الموضوع الفلسطيني. ذلك ان بعض الانظمة الجديدة سيأخذ مسافة من اميركا، والدول العربية 'المتصالحة' مع اسرائيل ستأخذ مسافة منها. وذلك يعني ان اميركا لن تستعيد نفوذها وان اسرائيل لن تستعيد السلام الذي كانت حققته ولن تنخرط في عملية سلام جديدة إلا اذا ضغطت اميركا على الجميع للتوصل الى حل نهائي. مصر على الاقل وبعد التغيير فيها ستنهي حصار غزة. وستهتم طبعاً بأمنها. لا تنسَ ان هناك 'الاخوان المسلمين' عندها و'حماس' في غزة'، علّقت: هذا صحيح. اسرائيل واميركا تقولان دائماً إن قضية فلسطين لا علاقة لها بقضية 'الارهاب الاسلامي' الاصولي الذي يُرعِب العالم منذ تسعينات القرن الماضي، وهذا امر غير صحيح. ربما لو حلت قضية فلسطين في شكل سليم لما سقطت انظمة عربية معينة، ولما بدأ التغيير في العالم العربي. التغيير سيأتي على كل حال'. علّق الباحث اليهودي – الاميركي المرموق نفسه: 'يجب ان تتدخل اميركا جدياً في هذا الموضوع. وهي تستطيع ان تتدخل وبنجاح'. سألتُ: كيف تستطيع ذلك وانت اكثر من غيرك تلمس انحيازها التام الى اسرائيل بعد تحوّلها موضوعاً اميركياً داخلياً. خذ الكونغرس مثالاً على ذلك. ردّ: 'لا تنسَ الجيش الاميركي. لديه رؤية مختلفة وهو يتساءل: الى متى تُدفَع المليارات من دولارات بلاده الى اسرائيل؟ في رأيه لا بد من حل يُهدِّئ المنطقة ويجعلها مستقرة ويؤمّن مصالح اميركا في الوقت نفسه. هذه امور يؤمن بها الجيش الاميركي. طبعاً هناك تفاصيل اكثر عن هذا الموضوع، لكنني لا استطيع الخوض فيها'.
ـ 'النهار'
وليامس: الأسباب التي تلحّ لتأليف الحكومة
روزانا ابو منصف:
اتسم تحرك الممثل الخاص للامم المتحدة في لبنان مايكل وليامس في الايام الاخيرة بمنحى نشط على خط المسؤولين المعنيين بتأليف الحكومة مشجعا بقوة على تأليفها بسرعة في ظل خشية كبيرة يبديها من 'ان الفرص تضيع والمخاطرتكبر من دون وجود حكومة في لبنان'. وبمقدار ما ينقض تحركه ما يشاع عن ضغوط دولية من اجل منع تأليف الحكومة ينتظرها المجتمع الدولي للحكم عليها سلبا او ايجابا، فان وليامس يضيف الى الاسباب التي توجب الاسراع في التأليف، اي'الاسباب الاقتصادية وحاجة لبنان الى حكومة تدير شؤون جميع اللبنانيين من دون تمييز وتوحي الثقة على ابواب مرحلة سياحية، اسبابا امنية&rdqascii117o;. فتثبيت الوضع الامني يحتاج الى حكومة 'ولو ان الاهتزاز بمعناه المقلق اقتصر في الآونة الاخيرة على خطف الاستونيين السبعة في البقاع، كما يتصل ايضا بالحاجة الى متابعة دعم القرار 1701'. اذ ان الوضع في الجنوب مستقر راهنا واللجنة العسكرية الثلاثية تجتمع دوريا وبافضل تمثيل عسكري لبناني وفق ما يرى وليامس، الا ان الوضع ضاغط بالنسبة الى الدول المشاركة في القوة الدولية اقتصاديا وميدانيا ومرد ذلك الى مشاركة قواتها في اكثر من بلد. ويبدو ان وليامس يعتزم زيارة عدد من العواصم المعنية من اجل طمأنتها الى الوقائع على الارض في الجنوب، لكن مهمته 'اكثر صعوبة من دون حكومة ولان اي حادث امني محتمل سيجعل صعبا جدا معالجته من دون حكومة'. اذ لا يخفى ان عددا من الدول المعنية تجد نفسها امام خيارات صعبة في ظل هذه المعطيات بحيث يمكن ان تقلص عدد قواتها وفق ما تردد بالنسبة الى الموقف الايطالي اخيرا وما سبق ان اعلنه وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني وهو ما قد ينعكس على الدول الاخرى. وعدم وجود حكومة قد يثير تساؤلات لدى هذه الدول عن امكان مساعدة لبنان اذا لم يساعد هو نفسه مما قد يضع توازن القوة من حيث العدد ومشاركة الدول على المحك.
'الخوف هو من تأخير يتعدى الاسابيع القليلة التي تظل مقبولة الى اشهر عدة' في حين ان التحديات في موضوع الجنوب تتوزع على محورين وفق وليامس: الاول ما يكشفه المسؤول الدولي من 'تقدم جدي حصل في موضوع انسحاب اسرائيل من شمال بلدة الغجر. وزيارة الموفد الاميركي فرديريك هوف مساعدة في هذا الاطار' اذ يكشف وليامس ان الحكومة العتيدة ستتلقى هدية الانسحاب الاسرائيلي من البلدة بعد التوصل الى اتفاق في هذا الاطار وتقديم اقتراح بان ينسحب الاسرائيليون في تاريخ محدد بموافقة ورعاية للامم المتحدة وامينها العام ثم تجرى محادثات منفصلة لاحقة بين لبنان واسرائيل حول مصير ابناء البلدة في حين ان القوة الدولية قد اعدت خطة امنية من ضمن اللجنة الثلاثية العسكرية لمواكبة ذلك. وننتظر تأليف الحكومة لكي تبدي رأيها ويبدأ وضع ذلك موضع التنفيذ'. المحور الآخر وفق وليامس يتصل 'بحصول تقدم في درس موضوع الحدود البحرية للبنان في مجموعة العمل التي اجتمعت في جنيف اخيرا كما من خلال اجتماعات اللجنة الثلاثية العسكرية والتوافق على ان الخط الامني ضمن 12 ميلا علما ان المشكلة الكبيرة للبنان هي في عدم ترسيم حدوده مع اي من جيرانه.
ـ 'النهار'
لبنان أولاً... والسما زرقا!
راجح خوري:
مرة جديدة طمأن البطريرك بشارة الراعي الى انه سيواصل الطريق التي سلكها من قبله الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير: 'لا تخافوا، انا هو'، واقول له: 'من المكان الذي وصلت اليه سأبدأ. إنك البطريرك الدائم وانت ذخيرة حية في بكركي'.
لكن هذا الكلام لن يسرّ اطلاقا اولئك الذين نصّبوا وينصّبون انفسهم اوصياء وممثلين حصريين لهذه الحرية والسيادة والاستقلال، مفترضين ان اجنحة الملائكة تنبت فوق اكتافهم وانهم انما جاؤوا ليدينوا الناس رغم ان في تاريخهم تاريخاً من العيوب!
لم يكن هناك من ضرورة لكي يقول الراعي: 'لبنان اولا والسما زرقا'، ففي الوطن اكثرية كبيرة تردد معه ضمنا ومع سعد الحريري علنا هذا الشعار الذي يقود الكثيرين الى استذكار كوكبة من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم وسقطوا غيلة من اجل بقاء لبنان اولا، والذين فجروا 'ثورة الارز'، فسارع 'المحبون' ليقولوا إنها 'ثورة القنبيط والزيتون' على سبيل الضيق والتهكم.
لكن لبنان لا يبنى بالكلام والضغائن والاحقاد، ولا بمحاولة ادخال الدولة ومشروعها من خرم اللون الواحد والحزب الواحد والرؤية الواحدة، كذلك لا يبنى من خلال الاوهام المتورمة جدا والشخصانية المرضية حتى الافتراض بامتلاك مفاتيح السماوات... وكل هذه المآثر هي التي تزدحم الآن وراء عقدة تشكيل الحكومة.
ـ 'الشرق'
شروق وغروب - خليل الخوري - هل بدأ جنبلاط 'برمة العودة'؟
خليل خوري:
هل بدأ العد العكسي لدورةٍ جديدة يقوم بها وليد جنبلاط في اتجاه قوى الرابع عشر من آذار، اي الى حيث كان مستقراً في السنوات الماضية قبل ان يسجّل قفزته الاخيرة التي شكّلت العمود الفقري في اطاحة حكومة الرئيس سعد الحريري؟ ثمة مؤشرات عديدة الى ذلك تبدأ من دمشق ولا تنتهي في الرابية تجعل أبا تيمور يشعر بغصةٍ توازي فعل الندامة على ذلك التحرّك، خصوصاً وان التطورات المتسارعة في العالم العربي وتحديداً في سورية قد لا يميل هواها مع ما تشتهيه سفينة الفريق الذي حوّله جنبلاط من الاقلية التي افرزتها الانتخابات النيابية عام 2009 الى اكثريةٍ لا يجمع بين اطيافها مشروعٌ موحّد.
رئيس جبهة النضال الوطني ينتابه الحنين الى اللقاء الديموقراطي، فجبهةٌ نيابية من اثني عشر عضواً هي غيرها من سبعة نواب والنفوذ هنا غيره هناك، بل ان الدور هنا ليس كما كان هناك، والوعود بثلاث حقائب بينها واحدة اساسية على الاقل ما تزال معلقةً على مزاج الميشالَين وليس ثمة ما يشير الى ان مراسيم تشكيل الحكومة مرشحةٌ للصدور في الايام القليلة المقبلة. ابو تيمور ضاق ذرعاً بهذا التردد في التشكيل وهو يكاد يقصُر لقاءاته بأركان المعارضة على صديقه المزمن الرئيس نبيه بري. وقد سعى بكل ما لديه من امكانات، ووظف الصداقات المشتركة كلها ليعيد فتح حوار مع المملكة العربية السعودية فلم يوفق حتى الان، على ما قال هو مباشرةً. وبالتالي تضيق الدنيا به وبطموحه. ومع محبته لابي مصطفى، فهو لا يكتفي بهذه العلاقة، لذلك بادر امس الى تحركٍ يراهن العارفون على انه سيقوده الى العودة الى الموقع الذي كان فيه ما قبل قفزته الاخيرة.
فاللقاء في دار الفتوى مع المفتي الدكتور محمد رشيد قباني هو ذو دلالاتٍ عديدة تشرح ذاتها بذاتها ولا مجال للتفصيل فيها ومن ثم توجهه الى بعبدا ولقاؤه الرئيس ميشال سليمان ليسا سوى مقدمة لمزيدٍ من اللقاءات التي ستشمل الرؤساء الروحيين من الطوائف كافةً على حد قوله اضافة الى مجموعة من المواقع السياسية ليس مستبعداً ان يكون بينها البعض القريب من سعد الحريري باعتبار ان لقاءً بين المختارة وقريطم قد لا يكون ملائماً في الوقت الحاضر اذا لم يكن مبنياً على اسسٍ ثابتة، اذ لا تكفي افعال الندامة في هذا السياق.
فهل يمكن توقع مثل هذا اللقاء مع ما يترتب عليه من &laqascii117o;برمة العودة" في المستقبل القريب؟
الجواب قد لا يكون متيسراً قبل استطلاع بعض التطورات والمستجدات خصوصاً ما كان منها في دمشق، فليس سراً ان ما ستؤول اليه الاحداث في سورية هو مجال ترقب ورهانات مختلفة ليس فقط على صعيد جنبلاط ولا على صعيد لبنان فحسب، بل كذلك على الصعد العربية والاقليمية والدولية.
ـ 'الشرق'
الحزب 'يويو' بيد الجنرال!
الفرد نوار:
يقول قيادي في التيار الوطني ان &laqascii117o;الجنرال مرتاح الى وضعه السياسي والشعبي أسوة بارتياحه التام لعلاقته المميزة مع حزب الله". ولا يرى القيادي المشار إليه حرجاً في القول ان &laqascii117o;الجنرال يتلاعب بحزب الله مثل &laqascii117o;اليويو" للدلالة على عدم تخوفه من ان ينقلب الحزب وحلفاء 8 آذار عليه يوماً، طالما أنه &laqascii117o;عون قادر على حمايتهم"، وقد أثبت ذلك في الداخل وفي الخارج على السواء!أما قوى 14 آذار فهي وأن كانت لا تبحث عن موقع وزاري، غير ان تفاهمها الواضح يميز العلاقة القائمة بين أركانها ومن يسمع ويقرأ بيانات الأمانة العامة لقوى 14 آذار لا بد له من ان يفهم حقيقة الروابط الجيدة بين فاعليات ثورة الأرز الثانية شاء من شاء وأبى من أبى!وما يقال عن المشهد الجامع لقوى الاقلية الرصينة والمتفاهمة يؤكد بالضرورة ان ما يقلق جماعة حزب الله والجنرال المتقاعد ميشال عون هو في محله، مهما اختلفت الرؤية والممارسة بحسب إجماع المراقبين ممن يفهمون حقيقة الوضع العام في لبنان، من غير حاجة الى الاتكال على مفهوم التيار الوطني &laqascii117o;لعلاقة اليويو مع حزب الله او العكس"، كون أمور الجانبين قائمة على زغل بل على حذر؟!
ـ 'الاخبار'
سليمان وعون تراجعا عن الحقيبة ولم يتّفقا على الوزير
نقولا ناصيف:
يكاد يجتمع في الأسبوعين الأخيرين انتعاش الآمال في احتمال تأليف الحكومة في إيجابية واحدة حتى الآن، هي أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميشال عون تراجعا خطوة واحدة عن تصلبهما حيال حصول كل منهما على حقيبة الداخلية، عندما فتحا باباً على الحوار في هذه العقبة، ووافقا على الخوض في أسماء محتملة لتولّي الحقيبة، من غير أن يكونا اتفقا على الأمر، ومن غير أن يوحيا بأنهما أصبحا جاهزين للتفاهم على مصير الحقيبة.
اكتفيا ظاهراً بأن قبلا على مضض بتبادل أسماء والانفتاح على خيارات مختلفة لا تضع حقيبة الداخلية في يد أحدهما من أجل أن يسجّل انتصاراً سياسياً على الآخر. إلا أن التوصّل إلى اتفاق على توزير مَن سيشغل الحقيبة يتم بتوافقهما معاً. كانت فاتحة تراجعهما مداولات الخميس 28 نيسان بين سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وانتهى تداولهم إلى اقتراح العميد بول مطر مرشحاً محتملاً للتوزير. ومع أن ترشيحه سرعان ما انكفأ إلى ما قبل اتفاق الخميس بعد رفض الرئيس هذا الترشيح، إلا أن الأخير، وكذلك رئيس تكتل التغيير والإصلاح، أظهرا لأول مرة منذ تكليف ميقاتي، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، مرونة للخوض في أسماء جديدة.
والواضح أن هذا المؤشر، الإيجابي بدلالاته الظاهرة، غير كاف للقول بإمكان إحداث اختراق جدّي في مأزق أزمة التأليف التي تُبرز، يوماً بعد آخر، معطيات تلو أخرى:
1ـــــ على وفرة ما يُقال عن صلاحياتهما الدستورية وما تنصّ عليه بالفعل، لا يبدو جدّياً القول إن التأليف هو قرار رئيسي الجمهورية والحكومة وحدهما، وإن صلاحياتهما الدستورية تخوّلهما ذلك. أفصح عن هذه الثغرة، المناقضة لتلك الصلاحيات، إخفاق الرئيس المكلف في إعلان حكومة أمر واقع للمرة الثالثة على التوالي.
2ـــــ لأن أياً من العقبات، سوى حقيبة الداخلية، لم يُبتّ بعد، ولا خيض في التفاوض عليه، فإن تفاهماً على الشخصية الموزّرة في حقيبة الداخلية لن يفضي حكماً إلى تأليف الحكومة.
بقبوله بأسماء محتملة لحقيبة الداخلية، نزع عون عن نفسه صورة المعرقل الوحيد للتأليف، ولم تعد المشكلة تدور في فلكه وحده. وإذ عدّ نفسه شريكاً في المواجهة مع رئيس الجمهورية على حقيبة الداخلية، إلا أنه ليس كذلك في الخلاف الناشب بين الرئيس المكلف وحزب الله على توزير المعارضة السنّية. وكانت دمشق أبلغت إلى السيد طه ميقاتي، شقيق الرئيس المكلف، قبل أكثر من أسبوعين، أنها جاهزة للمساعدة: حلّوا سائر عقد التأليف ووزّعوا الحقائب بينكم، وأنا أتكفّل بإيجاد حلّ ملائم لحقيبة الداخلية إذا استمرت مشكلة قائمة. لم تُسوَّ الحقيبة ولا سواها.
3 ـــــ وفق ما نُسب إلى الرئيس المكلف في لقاءات مغلقة في طرابلس، في عطلة نهاية الأسبوع، استشمّت الغالبية النيابية الجديدة أنه ليس قريباً أبداً من تأليف وشيك، ولم يُلقِ بأوراقه وشروطه كلها، ولا أوقف ساعة إبطاء التأليف عن دورانها. قال لمجتمعين به هناك إنه لم يأتِ إلى رئاسة الحكومة كي يتسبّب في تشعّب الفتنة، بل من أجل وأدها. لمّحت فكرته تلك إلى استمرار إيمانه بحكومة لا تستثني أي فريق من صفوفها. وقال إنه لن يُقدم على عمل لا تريده الطائفة السنّية أو توافق عليه. انطوت فكرته هذه على أنه لا يزال يأخذ في الاعتبار إرضاء دار الفتوى واستجابة مخاوفها وعدم استفزاز سلفه المبتعد.
ـ 'الاخبار'
سليمان وعون تراجعا عن الحقيبة ولم يتّفقا على الوزير
روبير عبد الله:
عكار | تنشط عمليات قمع مخالفات بناء على الأملاك العامة ارتكبتها فئة أو أخرى من اللبنانيين في بعض المناطق. في هذه الأثناء، نجح فريق كبير من أهالي عكار، بعد &laqascii117o;انتفاضة" أحرقت فيها الدواليب وقطعت الطرقات بالسواتر الترابية، وعلت لهجة التحذير ليلخّصها اجتماع للبلديات تقرر على أثره إعطاء الفرصة للمسؤولين حتى نهار السبت الماضي &laqascii117o;وإلا سيجدون أنفسهم أمام غليان كبير لا يمكن التكهن بنتائجه" بتمديد العمل بالتعميم الذي يسمح للبلديات بمنح تراخيص 120 متراً ضمن حدود ضيقة واستثنائية.
وفجأة، غصّت الشوارع والطرقات في عكار بلافتات، تفنّنت بشكر اللواء أشرف ريفي المدير العام لقوى الأمن الداخلي على اهتمامه بعكار وبمعاناة أهلها. فـ&laqascii117o;كل الشكر والتقدير على دعمه لقضايا الناس وشؤون المنطقة، وكل الشكر لك يا سيادة اللواء، ولواء الحق لا يحمله إلا الرجال، وجدير بمحبتنا وثقتنا يا أشرف الرجال، وشكراً شكراً شكراً يا سيادة اللواء". وكأن المشهد خلاصة استفتاء شعبي أظهر تأييد اللواء ريفي من قبل بلديات القليعات، البيرة، بيت الحاج، شان، تكريت، تاشع، عرقا واتحاد وسط وساحل بلديات القيطع، وبلديات أخرى لم تظهرها كثافة اللافتات التي ازدحمت بالأخص في بلدة حلبا.
ومع ذلك، تنبّه ناشرو اللافتات إلى أن قرار تمديد السماح للبلديات بمنح تراخيص البناء بيد وزير الداخلية، فظهرت لافتة أو اثنتان لشكر &laqascii117o;معالي الوزير على لفتته الكريمة"، علماً بأن الوزير أكد أن تلك التراخيص عمل استثنائي &laqascii117o;حيث يصعب الحصول على موافقة المكتب الفني"، وأن &laqascii117o;الاستثناء لا يمكن القبول به إلا من خلال تعديل تشريعي في مجلس النواب".
وإذا كان الدور قد أتى على مخالفات كانت تغطيها جهات معينة، واليوم قررت لدواعٍ خاصة وقف التغطية، فسال الدمع ومعه بعض الدم يوم حان وقت التهديم. فهل يتنبّه المواطنون الآخرون قبل مسؤوليهم الى أن &laqascii117o;تلك الأيام نداولها بين الناس"، ألم يقل النائب محمد قباني في اجتماع لجنة الأشغال في 3/5/2011 إنه &laqascii117o;ليس هناك قانون اسمه 120 متراً بالنسبة إلى من يتحجّج ببعض القوانين"، وإن مجلس النواب &laqascii117o;لن يقونن أي مخالفة بعد 1/1/1994"؟
ـ 'السفير'
المال" لحل الخلاف على أموال البلديات: الرواتب والاستحقاقات الدولية مؤمنة
ايلي الفرزلي:
ما تزال لجنة المال والموازنة مصرة على السير عكس التيار والفراغ وعلى القول إن مجلس النواب يعمل، في إطار الفصل بين السلطات. اجتماعات تلو أخرى سعياً للوصول بالدولة إلى حسابات سليمة وإصلاح الشوائب التي اعترت الموازنات منذ العام 93 إلى الآن.
أمس خطت اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال خطوة إضافية نحو الهدف المنشود، وبعدما كانت خطة وزيرة المال ريا الحسن لإعداد الحسابات قد رفضت سابقاً من أعضاء اللجنة، لكونها طلبت لإتمام المهمة ما بين سنتين (إذا كان عدد الموظفين 177) وست سنوات (إذا كانوا 60 موظفاً)، قدم رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان اقتراحاً يسمح بإعداد الحسابات كاملة خلال ستة أشهر وعبر الاستعانة بـ48 موظفاً فقط. وقد تقرر خلال الجلسة أن يصار إلى بحث هذه الخطة بشكل موسع مع وزارة المالية وديوان المحاسبة. وإذا ما تم الاتفاق على السير بها فإن مرحلة جديدة ستشهدها طريقة إعداد الحسابات والموازنات العامة تضع حداً للتشكيك بالأرقام، التي كان ديوان المحاسبة غير موافق عليها كما لم يصادق عليها مجلس النواب بحسب الأصول.
وكانت اللجنة قد عقدت باستنفار عوني تمثل بحضور النواب ميشال الحلو، زياد اسود، آلان عون، سيمون ابي رميا، حكمت ديب، فيما استعان يوسف بزميله النائب جمال الجراح، كما حضر عضو اللجنة النائب ياسين جابر، إضافة إلى وزيرة المال ريا الحسن وممثلين عن ديوان المحاسبة.
الموضوع الذي استحوذ على أغلبية النقاش في الجلسة كان تصريح الحسن الذي أشارت فيه إلى أن الدولة قد لا تستطيع تأمين رواتب الموظفين نهاية الشهر الحالي، بسبب فقدان السيولة والاستحقاقات التي تنتظر الدولة. وقدمت الحسن خلال الجلسة المعطيات التي تملكها وجرى نقاش حولها، فاستنكر البعض تصريحها، معتبراً أنه تخويفي أكثر منه واقعي، علماً أن الوضع المالي ليس بهذا السوء، في ظل توفر الاموال في مصرف لبنان وكذلك في الوزارة نفسها. وخلص المجتمعون إلى &laqascii117o;ضرورة الوصول الى حلول من خلال الإطار الدستوري والبرلماني والديموقراطي بعيدا عن المواقف الإعلامية التي تسيء لسمعة لبنان المالية والاقتصادية".
وأكد كنعان أنه سيصار إلى معالجة الموضوع ضمن لجنة المال، وذلك بالدعوة إلى اجتماع يجمع وزيرة المالية وحاكم مصرف لبنان إضافة إلى وزير الاتصالات شربل نحاس، &laqascii117o;للاستماع الى الجميع، ولاسيما بما يتعلق بالخلاف الحاصل بين نحاس والحسن حول عائدات البلديات من الهاتف الخليوي، وحول ما تعتبره وزارة المالية فائضا يتجاوز حقوق البلديات". كما دعا كنعان وزير الداخلية والبلديات إلى الاجتماع لبحث إمكانية حل مسألة هذه الحقوق، لاسيما أن &laqascii117o;الإدارة المحلية والتنمية المحلية ضرورة وهي تحتاج الى أموال البلديات التي هي أمانة في أعناقنا، ولن نختلف على الشكل الذي يفرضه القانون الذي نحترمه، لا بل علينا أن نحمي القانون في المجلس النيابي".
وقد طمأن كنعان، بعد الجلسة، إلى ان الوضع الاقتصادي سليم في مسألة الرواتب والاستحقاقات الدولية، مؤكداً في الوقت عينه على ان هناك معالجات يجب أن تحصل.
ـ 'السفير'
بين فردان والرابية: العين بالعين والكتاب بالكتاب... والحريري ثالثهما
كلير شكر:
جلستان فقط كانتا كافيتين لانقلاب الصورة. رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي يمحو بنفسه، ما &laqascii117o;اقترفه" لسانه قبل سنوات. الجولة التقليدية على رؤساء الحكومة السابقين، في السادس والعشرين من كانون الثاني الماضي، قادته للمرّة الأولى، إلى الرابية ليحلّ ضيفاً في &laqascii117o;الصالون البرتقالي". دقائق معدودة لم تخل من المزاح، والتبادل السريع للأفكار. الكيمياء بدت حاضرة بين الرجلين، لتناقض ما شيّعته تسريبات جوليان أسانج وثرثرات &laqascii117o;ويكيليكس".
لم يهلل &laqascii117o;البرتقاليون" للعودة الثانية لابن طرابلس إلى السرايا الحكومية، ولو أن &laqascii117o;جنرالهم" كان متحمسا لمحمد الصفدي، كما لم يندموا، أقله حتى اللحظة، على &laqascii117o;خيار الواقعية" الذي كان متوفراً في تلك اللحظة. يعرفون جيداً طبيعة الحضن السياسي الذي استضافه طوال السنوات الست الماضية. لكنهم مرتاحون للتطمينات التي حملتها &laqascii117o;رياح" الحلفاء &laqascii117o;التغييرية" في الخامس والعشرين من كانون الثاني الماضي. هي مجرّد تطمينات كلامية، تلقيهم على &laqascii117o;وسادة ميقاتية"، قد لا تكون حريرية، تعدهم بعدم الانقضاض على المقاومة أو سلاحها، على اعتبار أن حمايتها خط أحمر في القاموس الميقاتي، ما يعني أن مصير المحكمة الدولية رهن &laqascii117o;شهية" قراراتها بـ&laqascii117o;الاعتداء" على سلاح المقاومة.
قائمة مآخذ &laqascii117o;الجناح المسيحي" في الأغلبية الجديدة، على رئيس الحكومة المكلف بدأت تطول، تبدأ بتوصيف الأزمة ولا تنتهي بتصنيف المفاوضات: يريد الإيحاء أن العقدة داخلية في &laqascii117o;الداخلية"، معزولة عن كل محيط لها. ولكن ثمة شعورا يتسلل إلى أذهان الرابية بأن ميقاتي في صدد ترقّب جلاء الصورة الخارجية، قبل أن يخطو خطواته الأخيرة المؤدية إلى السرايا الحكومية، وكأن صورة المعادلة الإقليمية ستنتج معادلة داخلية جديدة.
في &laqascii117o;مطالعته الدفاعية" يعتبر ميقاتي أن لـ&laqascii117o;عملة" كلامه وجها واحدا، لكنه ليس مضطراً لتقديم التوضيحات في الإعلام حول خريطة مشاوراته.
أن يكون ميقاتي وعون سوياً في مركب الأغلبية الجديدة، يعني أن المصير صار مترابطاً، لأن غرق السفينة يهدّد كل الركاب. ولكن لا مكان لعقدة ذنب في &laqascii117o;الذهن البرتقالي"، المتأهب دائماً لإطلاق النار. &laqascii117o;لقد أثبت انه ليس دمية بيد &laqascii117o;حزب الله" أو حلفائه، أو النائب الثالث عشر في &laqascii117o;كتلة الوفاء للمقاومة"، وهو يتمتع بكلّ مقومات المناورة السياسية وحريّة التحرك. ولهذا لا خوف عليه من &laqascii117o;الرصاص البرتقالي". فليشكّل حكومته ليحقق بها انجازاً في شارعه... أما العبرة بنظر ميقاتي، فتبقى في نيّة شركائه الجدد في تسهيل مهمته.
ـ 'السفير'
بين فردان والرابية: العين بالعين والكتاب بالكتاب... والحريري ثالثهما
عماد مرمل:
إذا كانت هناك قوى لبنانية تقارب ما يجري في سوريا على أساس حسابات سياسية قد تصيب وقد تخطئ، فإن هناك قوى أخرى حليفة لدمشق تتابع المشهد المتحرك من زاوية الخيار الاستراتيجي الثابت الذي يجعلها تقف الى جانب نظام الرئيس بشار الأسد في السرّاء والضرّاء، بمعزل عن حسابات الربح والخسارة.
وفي حين تفيد المعلومات المتسربة من دمشق الى بعض مراكز القرار في بيروت أن عمليات تصفية دموية جرت على أساس مذهبي في عدد من المناطق السورية، ولكن لم تتم الإضاءة عليها كلها لتجنب ردود الفعل الحادة التي يمكن ان تثيرها.. تشدد مراجع لبنانية عليا على أهمية احتواء الحريق الناشب في سوريا بسرعة، منبهة الى أن نجاح مشروع تفتيتها سيقلب قواعد اللعبة في المنطقة رأسا على عقب، وسيرتد حربا إقليمية وخيمة العواقب، &laqascii117o;إذ إن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء تغيير معادلة الحكم في دمشق، وهي سترد في الخليج على أي تعرض لحليفتها الاستراتيجية في معسكر الممانعة والمقاومة، وبالتالي فإن سوريا هي الآن خط دفاع عن استقرار المنطقة، ولا يجوز استسهال العبث بتركيبتها وبأمنها".
ولئن كان &laqascii117o;حزب الله" أكثر المعنيين على المستوى الاستراتيجي بأن تخرج دمشق سالمة من الاختبار الحالي، إلا ان الحزب قرر مبكرا، بالتنسيق معها، التعامل مع الاحداث التي تشهدها سوريا بتحفظ شديد على المستويين السياسي والاعلامي، بما لا يعكس حقيقة الموقف الضمني للحزب، وذلك منعا لاستغلال انخراطه في الحملة الدفاعية عن سوريا، من أجل التحريض السياسي والمذهبي ضد نظام بشار الأسد، على قاعدة ربطه بإيران والحزب.
ـ 'الاخبار'
حيص بيص... إعلامي
ابراهيم الأمين:
في تونس، ثم في مصر، جرى الاتكال كثيراً على وسائل التواصل الإلكتروني لتوضيح صورة ما يجري. في مصر نجحت القنوات الفضائية في الانتقال بالمعنيين مباشرة إلى الميدان، وصارت الوسائل الإلكترونية عاملاً متمّماً، بينما اختفت هذه الصورة في ليبيا لأسباب كثيرة، أبرزها قرار سلطات معمر القذافي وقف الإنترنت في مناطق نفوذها، بينما يتكّل المعارضون في مناطقهم على الآلة التلفزيونية الضخمة التي تواكب نشاطهم.
في سوريا، يبدو المشهد مختلفاً كثيراً. منع السلطات وسائل الإعلام ذات التأثير الكبير من التحرك داخل الأراضي السورية، ومحدودية التغطية من جانب الإعلام المكتوب، والانقسام السياسي ـــــ الإعلامي الواضح بين مؤيّدين ومعارضين لما يجري في سوريا، دفعت وكالات الأنباء العالمية، كما الفضائيات العربية والأجنبية، إلى الاتكال على مصادر غير واضحة لناحية البيانات: شاهد عيان، ناشط حقوقي، مواطن.. إلخ.
وهؤلاء قدّموا معلومات متناقضة أضاعت صدقيتهم وأضاعت فعاليتهم، وإن كانت وكالات الأنباء قد حرصت على الاستمرار باللعبة نفسها، لكونها تنطلق من أن غالبية الإعلاميين خارج سوريا سيستندون إليها أكثر ممّا يستندون إلى وسائل الإعلام الرسمية أو القريبة من الحكم هناك. كل ذلك ساعد على أن تكون ساحة الإنترنت ومواقع الاتصال الاجتماعي المكتوبة والمرئية أكثر حضوراً وفعالية، وخصوصاً أن العمل الفردي في هذا الحقل لا يخضع لضوابط، وثمّة شعور عميق لدى مستخدم الإنترنت بأنه أبعد عن الرقابة، سواء تلك الأمنية التي يخشاها أو المهنية التي تحاسبه على ما يقول، أو الأخلاقية التي تجعله في قفص الاتهام حيث يرتكب الأخطاء.
في سوريا، لم يخشَ النظام وسيلة الإنترنت، لم يضيّق عليها، ولم يعمد إلى وقفها، ولا حتى إلى حجب وسائل البث إلى الخارج ـــــ علماً بأن معارضين تحدثوا عن اعتقالات لبعضهم نتيجة تعقّب تقني لهم من أجهزة الأمن ـــــ كذلك لم تتأثر الاتصالات الهاتفية أو الثابتة بالاستنفار (في حالتي درعا وبانياس، صار الإجراء جزءاً من الإجراءات التي تواكب أي حملة عسكرية في أي بلد من العالم). ثم إن النظام في سوريا استفاد من تطوّع عشرات بل مئات من أنصار النظام، وخصوصاً الذين يجيدون استخدام هذه الوسيلة لتنظيم عمل بدا أكثر فعالية من كل وسائل الإعلام السورية الأخرى، وبالتأكيد أكثر جدوى من التصريحات والمقابلات الصحافية. لكن المشكلة ظلت موجودة لدى المتابعين للمشهد من خارج سوريا، حيث الغالبية تتبادل الاتهامات بالاستناد إلى معطيات غير دقيقة.مؤيّدو المعارضة يقولون إن النظام وإعلامه لم ينطقا يوماً بكلام صحيح. ثم على هذا الأساس جرى نفي أي أعمال تخريب أو قتل يقوم بها مسلحون، سوريين كانوا أو من دول أخرى. وأصحاب هذا المنطق يرفضون مجرد الإشارة أو التشكيك في وجود جهات تقوم بعمليات قتل منظّمة. وعندما يُطرح السؤال: مَن يقتل العسكريين؟ يأتي الجواب فوراً من هؤلاء: قتلهم الجيش لأنهم رفضوا المشاركة في القمع. طيّب، وما هو تفسير بعض شرائط الفيديو عن عمليات تمثيل بجثث العسكريين؟ يعود الجواب نفسه: إنها ألاعيب النظام. طيّب، وما سرّ وجود عدد كبير من المواطنين السوريين الذين يصدقون ذلك؟ تعود إلى الجواب نفسه: ليس صحيحاً أن هناك عدداً كبيراً ممّن يصدّقون النظام. تسأل في المقابل: وكيف لك أن تتأكد من ذلك؟ يجيب المتحدث: ولو، ألا تعرف الأنظمة وألاعيبها؟نقول له إننا أرسلنا زملاء إلى هناك، أشاروا بوضوح إلى عناصر القلق، وإلى وجود عمليات تخريب، وسمعوا من المواطنين حكايات عن هذا الأمر، يعود الجواب نفسه: لو لم يضمنوا أنكم ستصدّقون روايتهم لما سمحوا لكم أصلاً بالذهاب. تجيبهم: لكنّ بعض مراسلينا ذهب سرّاً، ولم يفصح عن هويته المهنية، حتى عندما اعتُقل أحدهم لم يقل إنه صحافي.. لكن، عنزة ولو طارت، الجواب هو نفسه: كلّو كذب بكذب!
طيّب، لماذا عليّ أن أصدّق وكالة &laqascii117o;رويترز" عندما قالت إن نحو عشرة آلاف كانوا في تظاهرة الميدان في دمشق، بينما أحد الزملاء كان هناك، شارك في الصلاة، ثم خرج مع المحتجين من المسجد إلى الشارع، وسار معهم، وظل يراقب المشهد حتى انتهى، وقال إنه لم يرَ أكثر من 500 شخص على أبعد تقدير! لماذا عليّ أن أصدّق &laqascii117o;رويترز" وهي تنقل عن شاهد عيان مجهول أو تستند إلى شخص مثل وسام طريف، الموجود في لاهاي ومدريد منذ ما قبل اندلاع الاحتجاجات، وهو يعمل مع جهات تموّلها حكومات الغرب، ومكلّف رسمياً بأعمال ضد النظام في سوريا؟...
في المقابل، ثمّة مشكلة أكبر عندما يقول لك أحد المقرّبين من الحكم في سوريا: لم يخرج إلى الشارع إلا بضع عشرات من المطالبين بالإصلاحات، أما بقية الناس فهم من ضمن برنامج معدّ سلفاً! تسأله: لكن، ألا يستغل المخرّبون الحشود عادة؟ يجيبك: بلى، لكنّ المخرّبين هم الذين يقفون خلف التحرك! نعود إليه: أليس هناك ما يوجب تظاهر المواطنين للمطالبة بحقوق؟ يقول لك: نعم، ولكن الأمر لا يحصل بهذه الطريقة. اتركوا للحكم أن يقوم بالإصلاحات وانسحبوا من الشوارع. ولكن كيف يضغط المواطنون عادة للحصول على الحقوق، أليس التظاهر وسيلة أساسية؟ يجيبك: بلى، لكن لا تسير الأمور هكذا فجأة!
ـ 'الشرق الأوسط'
مشعل.. والاعتدال الإيجابي!
طارق الحميد:
في حواره المنشور في صحيفتنا أمس، وضع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، تعريفا جديدا لمفهومي &laqascii117o;الممانعة" و&laqascii117o;الاعتدال"، وهما المصطلحان اللذان تم تداولهما في السنوات الخمس الأخيرة بشكل مكثف، بل واستُخدما كسلاح تشويه سمعة في المنطقة، للدول والأفراد على حد سواء.
ففي الحوار يقول مشعل، من القاهرة حيث يوجد الآن، إنه يتطلع إلى انتهاء تقسيم العالم العربي إلى دول اعتدال، ودول ممانعة، مضيفا: &laqascii117o;ما أريده أن تكون الأمة العربية كلها مع الاعتدال الإيجابي والانفتاح على العالم، وفي الوقت نفسه لا نترك قوى المقاومة. ما أعنيه ببساطة هو أن نصل إلى خريطة سياسية جديدة في المنطقة، وأن يتوحد الجميع في خندق واحد، وأن نقف صفا واحدا لنخرج بقرارات موحدة تعبر عن نجاح عربي في السياسة الداخلية والخارجية".
حسنا، دعونا نصدق مشعل، ولو مرة، وليس القصد هنا التصيد، وإن كان حديث خالد مشعل هو ردا على كل ما سبق أن قاله مشعل نفسه، ورفاقه، وغيرهم من المنافحين عمَّا يسمى محور &laqascii117o;الممانعة"، ويهاجمون من ينادون بالاعتدال، على الرغم من أن الاعتدال هو أساس كل شيء، وليس عمالة وخيانة كما كانوا يقولون، خصوصا أن من كانوا يدعون الممانعة والمقاومة، لم يمانعوا إلا التغيير، وهو سنة الحياة، ولم يقاوموا إلا شعوبهم، وهذا ما رأيناه طوال السنوات الخمس الماضية، ونراه اليوم على رؤوس الأشهاد، خصوصا في سوريا، ورأيناه يوم انقلب سلاح حزب الله على اللبنانيين.
وبالتالي، وإن أردنا تصديق مشعل ولو مرة - على الرغم من أنه أمر ليس بالسهل - خصوصا أن اعتداله يأتي مع تضعضع سوريا، وانكسار القذافي، وحدوث شرخ في إيران بين الولي الفقيه والرئيس الإيراني، إلا أن كلام مشعل عن الاعتدال الإيجابي يعني ألا تسير دولنا خلف الميليشيات والجماعات والأحزاب، وألا يكون للدولة - حتى إن كانت دولة حلم مثل الدولة الفلسطينية - أكثر من رأس يتكلم باسمها، ويتخذ مواقف منفردة، ويشوه ويحطم مفهوم القيادة وقيمها.. فالقيادة ليست تسلطا، بل انضباط! رأينا هذا الأمر في لبنان يوم قرر حزب الله الإيراني جر البلاد إلى حرب، فقط لأن نصر الله قرر ذلك بناء على معطيات إيرانية، وليست لبنانية. ورأينا ذلك من حماس حين جرت على غزة مصائب لا أول لها ولا آخر، فلم نسمع من قبلُ عن انقلاب تحت احتلال إلا ما فعلته حماس، ولا نعلم - إلى الآن - ما الفائدة من الحرب الأخيرة التي وقعت بغزة، ويومها قلنا: إن &laqascii117o;دماء غزة.. مشروع تجاري"، وشتمنا بأقذع الألفاظ، بل وخونا لذلك.
مشعل اليوم ليس معتدلا فحسب، بل &laqascii117o;معتدل"، أي: معتدل وزيادة، أو معتدل إيجابي، حسب قوله. فإن كان مشعل صادقا في اعتداله، فللاعتدال شروط، أولها: الانضباط، وعدم &laqascii117o;المقامرة" أو &laqascii117o;المغامرة"، وعدم الارتماء في أحضان إيران مرة أخرى، وعلى مشعل أن يتذكر أن زواج حماس وإيران غير الشرعي قد نتج عنه أطفال، فماذا سيفعل بهم مشعل الآن؟ وكما قلت، سنحاول تصديق أبي الوليد، لكن مهمته أن يثبت ذلك، والطريق طويل.