قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 17/5/2011

لا نترك حلفاءنا وإن رفضوا نصائحنا'!

'النهار'
سركيس نعوم:

عن دولة الامارات العربية المتحدة وخوفها من ايران، تحدّث المسؤول البارز نفسه المتابع لشؤون شبه الجزيرة العربية في 'الادارة' الاميركية المهمة نفسها، قال: 'لا تنسَ إن الامارات دولة صغيرة ايضاً ومجاورة لايران، وتخشى سيطرتها او ربما سيطرة ايديولوجيتها الاسلامية المذهبية. ابناء الامارات مسلمون، لكنهم لا يميلون الى التطرّف، وتحديداً لا يطمئنون الى 'الاخوان المسلمين'، فكيف يأنسون الى نظام اسلامي شيعي اصولي يحاول مدّ نفوذه الى بلادهم؟ لا تنسَ ايضاً ان سقوط الرئيس المصري حسني مبارك اثار الهلع في الامارات كما في دول اخرى غيرها. اي تحوّل القلق الذي كان سائداً داخلها الى خوف.
كانت مصر، كدولة عربية كبرى مع ما يعنيه ذلك من امتلاكها نفوذاً كبيراً وجيوشاً قوية ذات اسلحة متنوعة برية وبحرية وجوية، قادرة على إشعار اشقائها وخصوصاً الصغار في الحجم منهم بالحماية وبالاستعداد لمساعدتهم عند الحاجة. مبارك ذهب وكان مصدر اطمئنان لهم. وما اقلقهم اكثر انه سقط بأيدي حلفائه الاميركيين الذين هم ايضاً حلفاء للامارات. وما اقلقهم ان هؤلاء لم يدافعوا عنه. تركوه، بل دفعوه للسقوط'. ماذا اثار ذلك من مشاعر او تساؤلات عند المسؤولين الاماراتيين؟ سألت. أجاب: 'بدأوا يتساءلون عن مدى جديتنا واخلاصنا لحلفائنا وقدرتنا على الدفاع عنهم. وانا لا استطيع ان انكر جدية تساؤلاتهم وربما صحتها. طبعاً مبارك اساء الى نفسه والى مصر وساعد في جعل تنحّيه عن السلطة حتمياً. الانتخابات التشريعية الاخيرة التي أُجريت في عهده غير مقبولة بأي معيار. حصل فيها تزوير كبير. هذا فضلاً عن المشكلات التي اثارها 'التوريث' اي ما أشيع عن سعيه لإحلال ابنه جمال مكانه في سدة الرئاسة. ناهيك بالفساد المستشري.
على كل بدأت مشكلة الثقة بعلاقاتنا مع حلفائنا وخصوصاً في الخليج. نحن عندنا حلفاء. وبعضهم يطالبه شعبه بالحرية والديموقراطية. لا نستطيع نحن ان نرفض هذه المطالب او ان ندينها وخصوصاً اذا كانت غالبية شعوب هؤلاء الحلفاء مؤيدة لها. ولا نستطيع ان نقبل ان تمارس الحكومات الصديقة لنا القمع ضد اصحابها. في موضوع السعودية والبحرين (الاولى ارسلت ودولاً خليجية اخرى وحدات عسكرية الى الثانية لمواجهة تظاهرات غالبية شعبها) قدمنا النصائح اللازمة لكل منهما. ولم نكن نستطيع الا ان ننصحهما من موقع الصداقة والمتحالف. لكن مشكلتنا ان حلفاءنا لا يستجيبون، فتحصل اشكالات. لكنهم يبقون حلفاءنا، فهل نتركهم او نتخلى عنهم؟ طبعاً لا، لا نجبرهم على القيام بأمور لا يريدونها. لكن كيف نحميهم؟ وماذا نفعل لهم في هذه الحال؟ هذه هي المشكلة'.
ماذا عن البحرين والمشكلات بين غالبية شعبها الشيعية والنظام القائم فيها المسنود من الاقلية السنّية؟ سألت. اجاب: 'الشيعة في البحرين، كما كل اهل البحرين عندهم تجربة ديموقراطية وإن تكن قُطِعت من زمان. وهم مثقفون. وشيعة البحرين عرب لا ايرانيون رغم شيعية ايران. ولا اعتقد انهم يريدون ان يصبحوا ايرانيين. وهم راقبوا تجربة ايران مع شيعة العراق العرب وشيعة لبنان العرب ولاحظوا الفوقية التي مارستها عليهم ولا تزال. فهي تزدريهم او لا تحترمهم. لكن هناك ديموغرافيا في البحرين. سبعون في المئة من شعبها شيعي. اما الحكم فيها فهو سنّي متسلّط. ولا يزال يمتنع عنها او يرفض القيام بإصلاحات سياسية او حتى اقتصادية. من هنا بدأت الأزمة الاخيرة'.
سألتُ: سمعت ان حواراً بين النظام والمعارضة بدأ في البحرين. فهل ما سمعته صحيح؟ وماذا يمكن ان ينتج؟ اجاب: 'بدأ حوار مع 'جمعية الوفاق' الشيعية المعارضة. هذه الحركة هي الاوسع تمثيلاً للشيعة في البحرين وهي اضافة الى ذلك معتدلة. ما تحاوله وهي تفاوض او تحاور هو ألا تفقد صدقيتها الشيعية عند الغالبية الشيعية. وفي اجواء محتدمة وضاغطة كالسائدة فإن المتطرفين وإن كانوا اقل تمثيلاً يصبحون اكثر تمثيلاً وقدرة على جر الشارع الشيعي الى صفهم. فبدلاً من ان يكون الاصلاح مطلبهم يصبح مطلبهم اسقاط النظام. ماذا تفعل 'حركة الوفاق' في هذه الحال؟. الزعيم البحريني الشيعي المتطرف الشيخ المشيمع عاد الى بلاده بعد طول غياب وهو يلقي يومياً خطباً حادة. وهذا ما يفعله ايضاً زعماء سنّة. اما ماذا سينجم عن الحوار فإنني حقيقة لا اعرف ولا اريد ان اتكهّن'.
سألتُ: هل سيقبل ملك البحرين بتحويل نظامه الملكي المطلق الى ملكية دستورية؟ بماذا اجاب المسؤول البارز نفسه المتابع لشؤون شبه الجزيرة العربية في 'الادارة' الاميركية المهمة نفسها؟


التغييرات المحتملة للنظام مستبعدة في لبنان

- 'النهار'
روزانا بو منصف:

حظيت الحركة الاعتراضية ضد النظام في سوريا بمواقف اميركية رسمية لقيت وتلقى اعتراضات اعلامية وسياسية كبيرة، خصوصا تلك التي تعبر عنها وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. اذ تطاول الانتقادات الاميركية وغير الاميركية المعايير المزدوجة لواشنطن في تعاطيها مع ليبيا وسوريا في ظل تصرف مماثل للقيادتين في البلدين المعنيين ازاء الاحتجاجات الشعبية وحرص كلينتون على تقديم تبريرات يجدها المعلقون الاميركيون محرجة في احسن الاحوال وغير لائقة مع تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا من جهة ثانية. في حين ان سوريا وعلى لسان مستشارة الرئيس بشار الاسد بثينة شعبان في حديث صحافي الاسبوع الماضي اعتبرت ان الموقف الاميركي من الاحداث في سوريا ليس سيئاً. وهذا اثار تساؤلات لدى كثر حول صحة وصمود مقولة الممانعة السورية ضد الولايات المتحدة التي لا تجد لها اي صدى يذكر في ظل هذه المعطيات. الا ان ما يعني لبنان في هذه التطورات هو امكان تأليف حكومة يريدها 'حزب الله' و'التيار الوطني الحر' حكومة مواجهة اي مواجهة للاميركيين، كما يقول الطرفان، مع سَوق اتهامات لكل من الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي بالخضوع للضغوط الاميركية في ظل تجاهل ما يجري على الخط السوري - الاميركي ولو ان ما يجري يتصل باسباب ومصالح اميركية مختلفة تسري كذلك على الخط السوري - الاسرائيلي، في ظل تمسك اسرائيل بالنظام الحالي في سوريا ورفضها ان يطاوله التغيير ايضا. وتاليا هل يتم الافراج عن حكومة مماثلة اذا اتخذت الولايات المتحدة مواقف اكثر تشددا من دمشق علما ان لبنان لا يشكل الاساس في جوهر الموقف الاميركي من دمشق بل عناصر اخرى اكثر اهمية. اي هل ان هناك اي ثمن يتعين على دمشق ان تقدمه لجهة التغاضي الغربي والاميركي عن المطالبة برحيل النظام ام هي تعتبر انها تسدي خدمة الى الولايات المتحدة والمنطقة باسرها اذا استمر النظام الحالي في سوريا الذي لن يلبث ان ينفذ برنامجه بالنسبة الى لبنان وفق ما خطط له قبل اشهر.
مصادر مراقبة ترجح الاحتمال الثاني لان القيادة السورية لم تظهر حتى الان اي تغيير اساسي، بل هي تغييرات تكتية واذا غيرت فانها لن تعمد الى ذلك في لبنان لوجود حسابات مختلفة لا تتصل بها وحدها بل تتصل بايران ايضا. ولذلك فان المطالب التعجيزية للعماد ميشال عون والتي يضع بموجبها اليد على كل الحصة المسيحية مستبعدا اي دور لرئيس الجمهورية ولاحقا على كل التعيينات ايضا والقرار داخل الحكومة يفيد بان ترجمة تحالفه مع 'حزب الله' هو تحالف البندقية التي يحملها الحزب تحت عنوان المقاومة مع التغيير الذي يرفعه عون شعارا لتكتله النيابي، في ما ينبئ بامكان نقل لبنان من نظام الى نظام تحت هذين العنوانين، علما انه يفترض في التطورات الجارية في المنطقة وفي سوريا تحديدا ان تؤدي الى اعادة نظر في امور كثيرة لم تكن واردة قبل بعض الوقت من دون ان يعني ذلك اضمحلال هذا الخيار او عدم وروده تبعا للمد والجزر في الموضوع السوري في الدرجة الاولى. لكن بالنسبة الى مراقبين كثر فان ما اتضح حتى الان من نيات الاكثرية الجديدة يفترض ان يحفز اللبنانيين على رفض الذهاب نحو ما رفضوه في الانتخابات النيابية من خلال انتخاب اكثرية اخرى غير هذه الاكثرية. فازاء ما يحصل من انتفاضات في العالم العربي ومفاخرة اللبنانيين بانهم كانوا في اساس انطلاقتها عام 2005 لا يفهم كثر صمت اللبنانيين، وان كان الامر مفهوما من حيث المبدأ في التبعية السياسية والطائفية، عن تعطيل مقصود لشؤونهم اليومية بذريعة المطالب والمطامع الشخصية لهذا او ذاك من قوى 8 آذار، وعدم ثورتهم ورفضهم لهذا الواقع المفروض قسرا عليهم في وقت لم يكف النائب وليد جنبلاط عن التعبير عن غضبه حيال هذا الواقع ولو انه ساهم في تأمين الوصول اليه وفق ما اعلن.
وما يعني مراقبين كثر ايضا من الموقف الاميركي هو التظاهرة الفلسطينية التي انطلقت من الجولان المحتل على نحو نادر وفريد ومحاولة معرفة ما اذا كانت هذه التظاهرة –الرسالة ستساهم في اقناع الولايات المتحدة في شكل اساسي وبقية الدول الغربية باهمية المحافظة على استمرار النظام السوري وبقائه قويا من دون تعريضه لادانات قوية تهز اسسه بسبب قمعه المعترضين عليه، وذلك من اجل استمرار ضمان الحدود مع اسرائيل وتاليا السكوت عنه لبعض الوقت الاضافي من اجل انهاء الانتفاضة الشعبية لديه امنيا اولا قبل الانتقال الى المعالجة السياسية. ذلك ان ما يحصل في سوريا يتسبب بارباك كبير للمجتمع الغربي الذي لم يستطع ان يظهر انسجاما بين مطالبته التاريخية بالديموقراطية ودعمه حقوق الانسان وابتعاده عن دعم المعارضة السورية في مسعاها الذي يصب في هذا الاطار، فظهر هذا المجتمع منفصم الشخصية او في احسن احواله موظفا شعاراته الانسانية في خدمة مصالحه النفطية في ليبيا او سواها بالنسبة الى سوريا مما يطرح تساؤلات جدية عن امكان نجاة العالم الغربي من تداعيات ما يجري في المنطقة وما سيصيب الثقة بينه وبين شعوب المنطقة.


بعد التحفّظ الشيعي عن بيان القمة الروحية في بكركي
لا حلّ لمشكلة السلاح ولا قيام للدولة

- 'النهار'

اميل خوري:

تحفّظ المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى عن بندين في بيان القمة الروحية الاسلامية – المسيحية التي انعقدت في بكركي، تناول احدهما 'حق الدولة في تحرير اراضيها التي تحتلها اسرائيل'، وطلبه ان يتضمن البيان 'حق لبنان في تحرير ارضه ليشمل بذلك حق الشعب والجيش والمقاومة'، يؤكد في رأي اوساط سياسية الآتي:
اولا: ان الطائفة الشيعية ترفض المس بسلاح المقاومة ودوره بقيادة 'حزب الله' حتى وإن بوضعه في اطار 'حق الدولة في تحرير الارض' وكأن الدولة لا تعني 'حق لبنان في تحرير ارضه' بل تعني طرفا لبنانيا او طوائف معينة هي التي تتمثل وحدها في الدولة من دون طوائف اخرى... ولها نظرة الى هذا السلاح مختلفة عن نظرتها.
ثانيا: ان لا قمة روحية ولا سياسية ولا طاولة حوار ولا قمة عربية تستطيع تحديد دور سلاح المقاومة ما لم توافق الطائفة الشيعية على ذلك، بدليل انها تحفظت عن بعض ما تضمنه البيان الختامي للقمة الروحية، وإن اعتبر البطريرك الراعي هذا التحفظ سياسيا، وهو يميز بين عبارة 'حق الدولة' وعبارة 'حق لبنان' وكأن الدولة شيء ولبنان شيء آخر... او كأن الدولة تتمثل فيها طوائف من دون اخرى، وهذا يخالف اصلا احكام الدستور والميثاق الوطني. ولا طاولة الحوار التي يشكل المشاركون فيها شبه قمة سياسية توصلت الى ايجاد حل لموضوع السلاح خارج الدولة، حتى في اطار 'استراتيجية دفاعية'، وظل البحث عن هذا الحل يدور في حلقة مفرغة. وعندما جدّ الجد، تعطلت لقاءات هيئة الحوار بموقف اعلنه العماد ميشال عون وبحجة انه لم يعد ثمة جدوى من حوار تحول حوار طرشان... ولا قرارات مجلس الامن وتقارير الامين العام للامم المتحدة توصلت الى تنفيذ هذه القرارات.
ثالثا: ان مشكلة السلاح في يد 'حزب الله' هي مثل مشكلة السلاح الذي كان في ايدي التنظيمات الفلسطينية، وفي ايدي الميليشيات اللبنانية، ولم يتم التخلص منها الا بعد حرب داخلية لم تنته الا عند التوصل الى اتفاق الطائف وبعد دخول الجيش السوري الى لبنان، فأنهى الحرب من دون ان ينهي اسبابها حتى بعد وصاية سورية على لبنان دامت ثلاثين عاما. فكما كانت وظيفة السلاح الفلسطيني تحرير الاراضي في فلسطين من الاحتلال الاسرائيلي انطلاقا من لبنان ودعمت فئة لبنانية وظيفة هذا السلاح، وكما كان الوجود العسكري السوري في لبنان مطلوبا من فئة لبنانية، وما دامت اسرائيل تحتل جزءا من الاراضي اللبنانية في الجنوب، فإن سلاح المقاومة في لبنان باق ما بقي هذا الاحتلال... وهذا معناه ان لا امل في قيام الدولة اللبنانية القوية التي لا دولة سواها ولا سلاح غير سلاحها، تماما كما كان وضع الدولة عندما كان سلاح المنظمات الفلسطينية هو الذي يقاسم السلطة اللبنانية دورها ويشارك في قراراتها من خلال تمثيلها غير المباشر فيها، وكما كان وضع الدولة اللبنانية زمن الوصاية السورية عليها بأمنها المستعار وقراراتها المعلبة...


'حزب الله' مربَك بين الأزمتين السورية والإيرانية

- 'المستقبل'
أسعد حيدر:

'حزب الله' مربك. 'عاصفة الربيع' العربية، حشرته حيث لا يحب، كما حشرت قوى أخرى على خلاف معه، تبعاً لاختلاف الدوائر والمواقع على مساحة الوطن العربي، لذلك يبدو مؤخراً 'الصمت من ذهب ان لم يكن من الايمان'. نادراً ما سمع أحد تصريحاً أو تعليقاً أو خطاباً من الذين يكلفون لينطقوا بمواقف الحزب خلال الأسابيع القليلة الماضية، حتى الأزمة الحكومية وعدم النجاح في تشكيلها بعد مرور أكثر من مئة يوم على التكليف، تبدو وكأنها خارج 'صحن' الحزب مع أنه هو ولا أحد غيره يشكل 'العمود' الذي تقوم عليه 'خيمة' الأكثرية الجديدة.
عندما يكون الافق رمادياً، ولا مؤشرات على شكل تحولاته ومضامينها، فإن لكل كلمة حساباتها ولكل موقف نتائجه على المدى الطويل.
بداية، 'حزب الله' 'غرق حتى اذنيه' في مستنقع الأزمة الحكومية. مهما كابر وأكد أن أسبابها ليست عنده وانما عند الرئيس ميشال سليمان والرئيس المكلف نجيب ميقاتي. العماد ميشال عون مهما غالى بمطالبه فإنه شكل ويشكل 'ورقة التوت' التي تخفي موقف 'الحزب' من تركيبة الحكومة كلها. المشكلة أكبر من اسم وزير الداخلية. بعد الاتفاق، إذا حصل، على الاسم، تحل الخلافات حول 29 وزارة، ومن ثم وهو الأهم حول البيان الوزاري والموقف من المحكمة الدولية. مشكلة 'الحزب' الحقيقية تكمن على جبهتين:
الأولى داخلية تقوم على أن فشل الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، يشكل فشلاً ذريعاً للحزب لانه هو الذي خطط ونفذ 'الانقلاب الدستوري' على الرئيس سعد الحريري وحكومته. والأهم له أن الأكثرية الجديدة ستعود أقلية، بذلك سيجد نفسه مضطراً للتعامل مع الواقع الجديد الذي يبدأ مع سعد الحريري وينتهي بقوى 14 آذار، وهو ما لا يريد تحمل ارتداداته.
الثانية خارجية، ذلك انه لا يمكن فصل الداخل عن الخارج. التطورات اليومية والسريعة التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، تجبره كما غيره على الترقب والحذر وان كان بنسبة أكبر لأن الحلقة الأساسية تعنيه مباشرة. 'حزب الله' واقع بين أزمتين تطالانه مباشرة، على ميمنته وميسرته في وقت واحد. خيارات الحزب صعبة ودقيقة. ما يحصل في سوريا يعنيه مباشرة.
العلاقة مع دمشق ليست تحالفاً استراتيجياً فقط، انها مسألة حياة أو موت بالنسبة له. دمشق هي 'الوريد' الذي يمده بكل أسباب القوة والمواجهة. الغموض الذي يسود الوضع في سوريا، يجعل 'الحزب' يحسب ألف حساب. بلا شك أنه يقف عقلاً وقلباً مع دمشق، لكن في الوقت نفسه لا يمكنه التنكر للمطالب المشروعة لشرائح واسعة من السوريين. أي خلل في مواقفه مما يحدث في المنطقة وما تعيشه شعوبها يفقده مصداقيته مستقبلاً. ليس أخطر على 'الحزب'، وهو الذي يقود المقاومة، أن يخرج من عمقه الشعبي لأنه عندئذ يلقى 'مصير السمكة التي تخرج من الماء'.
لو بقيت أزمة الحزب محصورة بميمنته لامكنه التحرك وعدم التموضع في موقع دفاعي وهو الذي اعتاد الهجوم وأيضاً الدفاع الوقائي.
يواجه 'الحزب' في ميسرته الإيرانية أزمة صامتة لكنها خانقة مهما قلل من أهميتها. الأزمة بين المرشد آية الله علي خامنئي والرئيس أحمدي نجاد تصيبه في الصميم. ليست الأزمة بين مراكز قوى على السلطة فقط، وانما حول الجمهورية ومستقبلها ونهجها والتزامها الفكري والسياسي. 'الحزب' ملتزم 'بالولاية المطلقة' للمرشد وفي الوقت نفسه له علاقات قوية وعميقة مع الرئيس أحمدي نجاد. لو بقي الخلاف محصوراً بين المرشد والرئيس ولم يأخذ أبعاداً فكرية وعقائدية لكان بقدرته التملص من القيود المفروضة عليه. المشكلة أن التزام الحزب بالولاية المطلقة يواجه اليوم بتزايد الكلام 'النجادي' عن 'الخط المهدوي' المؤمن بأن عودة الإمام المهدي اقتربت وان مؤشرات هذه العودة عديدة. من أبرز مؤشراتها ودلائلها وجود أحمدي نجاد في القيادة.
أكثر ما يؤكد إرباك موقف 'حزب الله' وحراجته ان أحد نوابه رد هامساً عندما سأله الزميل الياس الفرزلي في 'السفير' عما يجري في سوريا وفلسطين والمغرب العربي والخليج العربي وإيران: 'لقد بات ظهور الإمام المهدي قريباً جداً إن شاء الله'.
المشكلة أن ضجر اللبنانيين وخوفهم على يومياتهم المعيشية وحتى المصيرية قائم. اللبنانيون لا يستطيعون الانتظار أكثر مما انتظروا لرؤية حلول تخفف من حالتهم التي تضعهم على حافة الهاوية، خصوصاً أن الانهيار هذه المرة سيكون مدوياً ومصيرياً.


شهداء ولكن..

- 'المستقبل'
فيصل سلمان:

سأعتذر الف مرة ممن له القدرة على اقناعي بأن الشهداء الذين سقطوا في الجنوب اللبناني وفي الجولان يوم اول من امس، قد سهّلوا لنا العودة واسترجاع فلسطين.كان يجب ان ابدأ خاشعاً بطلب الرحمة لاولئك الشهداء الذين انضموا الى الآلاف وربما الى عشرات الآلاف ممن قضوا على طريق الجلجلة.ما بعد ذلك ربما يجدر بي التوجه الى اهالي اولئك الشباب الشهداء اشد على اياديهم وادعو الله ان يلهمهم الصبر والسلوان.
إنما كل ذلك لن يمنعني من التساؤل: هل كان يجب ان يُستشهد اولئك؟ هل من المنطقي ان نرسل الشباب من غير سلاح ليواجهوا عدواً مدججاً حقوداً!ماذا؟ هل اثبتنا للعالم الآن ان اسرائيل قوة غاشمة لئيمة وان الجيش الاسرائيلي ليس اكثر من عصابة مسلحة تهوى القتل؟آلم يقل الله في كتابه الكريم: 'وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة'؟ فهل اعددناها قبل ان نرسل الناس ليُقتلوا على بعد امتار من الارض السليبة؟والآن، ماذا عن عائلات الشهداء، عن زوجاتهم واطفالهم، هل سترعاهم الدولة في لبنان او في سوريا؟ ام هل سترعاهم السلطة الفلسطينية المفلسة؟
قد يقول قائل مناضل: هذا كلام متخاذل يذهب نحو التيئيس وقائله لا يدرك ان الروح المقاومة تنبت كالسنابل حيث كل قطرة دم زكية تشعشع ابطالاً وفتية... الخ.ليس بالشعر وحده يحيا الانسان. كان يفترض بنا ان نعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله، بمعنى اننا لو ذهبنا لمواجهة اسرائيل رحنا لنقاتل، ولو ذهبنا لاحياء ذكرى النكبة، رحنا لنؤكد حقنا في مواجهة عدو غير حضاري.اللهم الا اذا كان اولئك الشهداء على ثقة من ان انظمة دولهم مستعدة لأخذ الثأر فلا يقال انها متخاذلة او ان الدماء العربية رخيصة الى هذا الحد.


فتح الجبهة المشتركة

ـ 'السفير'
ساطع نور الدين:

ليست ذكرى النكبة هي الخيط الوحيد الذي كان يربط بين ما جرى على الحدود اللبنانية والسورية مع اسرائيل، وكان يتسم بدرجات متفاوتة من العفوية، وبمعدلات مختلفة من الضحايا الفلسطينيين الذين عرضت عليهم فرصة مناسبة للاستشهاد بنيران العدو فاغتنموها من دون تردد... ومن دون التمييز بين ما يعزز رصيدهم السياسي الخاص وبين ما يوضع في الحساب اللبناني السوري المشترك.
كانت المسيرة التي اتجهت صوب الحدود اللبنانية والتي انتهت برشق الجنود الاسرائيليين بالحجارة عبر الاسلاك الشائكة، تلقائية الى حد مخيف، مثلما كانت المسيرة التي خرقت خط الجبهة السورية وانتهت في بلدة مجدل شمس في الجولان، منظمة الى حد مقلق. والقياس هنا يستثني التوتر الاسرائيلي الذي نجم عن المفاجأة نفسها اكثر مما نتج عن حقيقة أن فلسطينيين وسوريين ولبنانيين سمح لهم بالوصول الى هذا المستوى من التحدي.
في مارون الراس كانت لحظة انفعال عادية، يمكن ان يشعر بها اي فلسطيني او عربي يشاهد الارض المحتلة والمسيّجة. وكانت الحجارة تعبيرا عن الغضب اكثر مما كانت محاولة للاستفزاز او مناورة للاشتباك. لم يكن المشهد في دقائقه الاولى يخلو من الطرافة: على تلك الحدود بالذات، لم يسبق لأحد ان اكتفى باقل من الصاروخ والمدفع والقنبلة والعبوة الناسفة... وهو ما كان يمكن ان يدخل التاريخ، لولا أن الاسرئيليين تعمدوا ارتكاب تلك المذبحة المروعة التي راح ضحيتها 11 شهيدا واكثر من 130 جريحا... والتي كان يمكن ان تشعل حربا اقليمية كبرى، لولا أن اللبنانيين والسوريين طبعا التزموا بقدر غير عادي من ضبط النفس، ورأوا أن الأمر هو مجرد قربان فلسطيني على مذبح النكبة.
في الجولان كانت لحظة اختراق مدروسة ومتعمّدة أذهلت الاسرائيليين الذين كانوا يتلقون التحذيرات من دمشق من دون أن يصدّقوها، او ربما من دون ان يفهموها. وهي أصبحت من الان فصاعدا أمرا واقعا وخيارا ثابتا، ينهي تفاهمات أمنية وسياسية على خطوط الجبهة السورية الاسرائيلية ترجع الى ما بعد حرب تشرين العام 1973... ويرسي قواعد جديدة للعبة، ليس فيها محرّمات ولا حدود للمفاجآت التي تحتملها والتي تتعدى خطوط الفصل العسكرية التي تميزت في العقود الاربعة الماضية بهدوء استثنائي.
جبهة الجولان فتحت، او هي تفتح تدريجيا، ردا على فتح جبهة الداخل السوري او مدا لها الى أحد أهم الابعاد التي تختزلها الجغرافيا السياسية لسوريا ونظامها. وفي هذه الحالة لا يمكن لأي عاقل أن يستثني جبهة الجنوب اللبناني التي كانت وستبقى عنوانا رئيسيا لا يخطئه أحد لوحدة المسار والمصير التي يمكن أن تترحم على الشهداء الفلسطينيين الـ11، لكنها تعد بارسال المزيد منهم الى الحدود اللبنانية الجنوبية، من دون الحاجة الى أي مناسبة فلسطينية خاصة، ومن دون الرغبة اللبنانية او السورية في اشعال حرب واسعة، صارت تعتمد على التوقيت المناسب للاسرائيليين، او على تقديرهم المحدد لما يجري في دمشق وبيروت.


عقدة 'الداخلية' ... 'المعلومات'

ـ 'صدى البلد'

صالح حديفة:

قالت مصادر رفيعة: 'أما بالنسبة لحزب الله، فإن تأخّره في الضغط على عون بشأن مطلبه في الداخلية، لا يعود إلى اعتراف الحزب بحق الجنرال في الحصول على ما يريد من الحقائب التي تناسب تمثيل تكتله النيابي، بل إن في نفس الحزب غايةً أخرى، ترتبط بحسابات بينه وبين قوى الأمن الداخلي ومديرها العام، وبالتحديد مع فرع المعلومات ورئيسه العقيد وسام الحسن، الذي يتّهمه حزب الله سراً وعلانية بسعيه لفبركة أدلة على تورط عناصر منه في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث يتصدّر الحسن وريفي قائمة الذين طالب الحزب مواربةً، وأحياناً مباشرةً، بتنحيتهم من مواقعهم'، ولفتت المصادر عينها إلى أن 'حزب الله ورغم غياب موضوع المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي عن واجهة خطابه السياسي بانتظار اللحظة التي تناسبه لإعادة إطلاق هذا السجال، فهو لا زال في بخلفية تحركاته مسكوناً بهاجس القلق من المحكمة ومن احتمال اتّهام عناصره، وهو يعمل على بلورة سلسلة خطوات عملانية من شأنه اللجوء إليها وفق مقتضيات الحاجة لمنع مسار المحكمة من مواصلة التقدّم، ولقطع الطريق على إجراءاتها في لبنان، وهو لذلك يضع نصب عينيه وزارة الداخلية بما تشكّله من حجر الزاوية في التعاون المباشر والعملي بين لبنان والمحكمة الدولية، خاصةً بعد أن قام فرع المعلومات مقام الضابطة العدلية للمحكمة، وهذا ما يريد حزب الله منعه، ودحض ما بُني عليه من أدلة'.
لكل ذلك إذاً، كانت 'الداخلية' هي عقدة العقد وأسهل ما يمكن للجميع التذرّع به لتأخير تأليف الحكومة. أما وأن الاتفاق عليها حصل فما الذي يؤخر الحكومة بعد؟ سؤالٌ لغز لا شك، 'وحده حزب الله يعرف الإجابة عليه'، ختمت المصادر الرفيعة كلامها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد