قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 24/5/2011

ـ 'الديار'
المحطات التلفزيونية المذهبية في طرابلس تشحن النفوس، فاعليات تسأل هل حصلت هذه القنوات على غطاء واسع لتحرض على القتل الجماعي؟

(...) طفل لم يتجاوز السنوات الخمس قال لمعلمه وبعفوية :' على أهل السنة قتال الشيعة والعلويين'، هذا الكلام اقشعر له بدن المدرس الذي سارع إلى سؤاله عن مصدر هذا الكلام ومن لقنه إياه فأجاب الطفل : سمعته من قناة 'الصفا'...


ـ 'المستقبل اليوم':
في كلام لم يسبقه إليه أحد، حتى المواقف المستهجنة لرئيس كتلته النيابية قبل يومين، ذهب نائب 'حزب الله' نواف الموسوي إلى اعتبار أن 'ما يُتحدث عنه من طابع إنساني إغاثي (في مساعدة النازحين السوريين إلى شمال لبنان) لا علاقة له بالإنسانية والإغاثة، بل هو مجرد ستار للإضرار بأمن سوريا ووحدتها ومستقبلها'! تملق ونفاق سياسي وتكاذب لم يتفوّه به حتى الغارقون في خوفهم من ارتكاباتهم أو على مصالحهم في هذا الزمن المتغير.
كلام النائب لا يعكس خفّة وعدم إحساس بالمسؤولية وخيالاً مريضاً فقط، ولا يتنافى مع أبسط القواعد الدينية والقيم الإنسانية فحسب، بل ويحمل بعداً تحريضياً وتسويقاً للفتنة تفوح منه روائح طائفية ومذهبية خطيرة جداً. أن يُصار إلى توظيف المعطى الإنساني البديهي، بما هو واجب ديني وإنساني وأخلاقي قبل أن يكون حقاً للدين والجيرة والرحم، في زواريب السياسة اللبنانية الضيقة وأوحالها فهذه سوداوية لم يسبقه إليها أحد، حتى أولئك النكرات المتبرعون بهتافات الروح والدم البائدة.
هل أصبح، عند النائب وحزبه، مدّ يد العون والمساعدة إلى نساء وأطفال وعجز ومرضى ومن تقطعت بهم السبل 'جريمة' كبرى يرتكبها لبنان واللبنانيون، وأهل الشمال خصوصاً، تضاف إلى 'جرائم' لبنان بحق سوريا منذ ثلاثة عقود ونيّف؟! مع التذكير أن شهامة أهل الشمال كانت استضافت آلاف العائلات الجنوبية في حرب تموز 2006، ولم تنتظر جزاء أو شكوراً من جهة أو حزب. مشكلةٌ كبيرة، فعلاً كبيرة، أن يتسلل السخفاء والموتورون والحاقدون، وفي خضم المفاصل التاريخية الكبرى، لبثّ سمومهم. متى أصبحت الأخلاق وجهة نظر؟ ومتى صار الموقف بوقاً للتشويش ونشراً للأكاذيب، ومنذ لم يستح قتلة الأبرياء المدنيين في شوارع بيروت في أحداث 7 أيار، من قبائح أفعالهم، بات من غير المستغرب سماع السماجات ولو كانت في غير زمانها ومكانها. ولله الأمر من قبل ومن بعد


ـ 'النهار'
يحسم اللقاء الماروني المقبل في بكركي خياراته؟ إما دولة قوية محايدة وإما لامركزية واسعة
اميل خوري:

اذا كان التحفظ الشيعي عن بيان القمة الروحية التي انعقدت في بكركي حول سلاح المقاومة قد افقد البيان بعض القوة المعبّرة عن وحدة موقف رؤساء الطوائف، فهل يكون لمسيحيي 8 آذار او بعضهم مثل هذا التحفظ في لقائهم المقبل في بكركي؟ واذا كانت القمة الروحية تعتبر ان موضوعي السلاح والمحكمة الخاصة بلبنان هما شأن السياسيين، فإن هؤلاء مختلفون على ذلك ويشكل خلافهم سبباً مهماً من اسباب تعثر تأليف حكومة جديدة. وهل يلتقي الزعماء المسيحيون في 2 حزيران المقبل في بكركي على موقف واحد من سلاح 'حزب الله'، كما اتفقوا في الماضي على رفض السلاح الفلسطيني وعلى بقاء الجيش السوري في لبنان خلافا لاتفاق الطائف، ام انهم لا يتوصلون الى اتفاق فيبقى لبنان من دون دولة الى اجل غير معروف؟ ان وطنا من دون دولة ليس وطنا.
لقد اجمعت الكنائس المسيحية بعد السينودس من اجل لبنان والمجمع البطريركي الماروني ومؤتمرات البطاركة والاساقفة والاجتماعات المسكونية على اعلان 'شرعة العمل السياسي' في ضوء التعليم المسيحي وخصوصية لبنان في مؤتمر عقد في قصر المؤتمرات في ضبية (آذار 2009)، وركزت هذه الشرعة على الكيان والقيمة الحضارية والحياد في الصراعات وحصر السلاح بالقوى الشرعية. (...)


ـ 'النهار'

حكومة التكنوقراط: حاجة ولا حاجة!
علي حماده:

لم يخطر ببال ميقاتي أن من أتوا به ما أقدموا إلا ليكون حجرا على رقعة شطرنجهم. و لم يخطر بباله ايضا ان نظاما في سوريا يترنح و يكاد يتهاوى بفعل الانتفاضة الشعبية المتعاظمة ضده، لا يسعه ان يقبل بلبنان حياديا في الوقت الذي يضع بشار الاسد مصيره على الطاولة بإقدامه على قتل المئات في سوريا لاسكات الشعب. ففي الوقت الذي تغادر 'حماس' سفينة النظام في سوريا، ووقت تقوم جبهة عربية واسعة ضد السياسة الايرانية في المشرق العربي، وفي الوقت الذي ينتفض أكثر من شعب عربي، كيف يمكن الاسد الابن التخلي عن 'عقدة لبنان' المتحكمة به، و ترك بلاد الارز تنعم بمناخ سياسي هادئ؟ وهل يعقل ان يقبل 'حزب الله' بالتخلي عن حلم السيطرة على لبنان، وهو الذي كان قاب قوسين أو أدنى من التحكم بمفاصل الحكم فيه؟ ان حكومة تكنوقراط حل معقول بحدود ضيقة، ولكن السؤال لا يتعلق بحرب الجنرالين، بل بعقدة الاسد الابن اللبنانية، و بأحلام العظمة لدى 'حزب الله'، و ايضا و خصوصا بأجندة طهران في هذه المرحلة. فلننتظر و نر.


ـ 'الديار'
رضوان الذيب:

كلّ الأنظار باتجاه حارة حريك وما سيقوله نصرالله الأربعاء، خطاب مفصلي سيرسم معالم المرحلة المقبلة، مشروعان يتصارعان والمواجهة واقعة حتماً
كل الانظار باتجاه حارة حريك وما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً في ذكرى تحرير الجنوب الى اللبنانيين والعرب والمسلمين، خصوصاً ان اطلالته تأتي في ظل احداث استثنائية على المنطقة العربية ولا تمر في حياة الشعوب الا كل الف سنة تقريبا. وتكتب تاريخا ومسارا جديدين.
ويقول معظم العاملين في الوسط السياسي &laqascii117o;ان خطاب الامين العام سيكون مفصلياً وحاسماً، وبعد ان استمع العالم الى خطاب اوباما وتوجهاته في المنطقة، فان العالم سيستمع الى خطاب السيد حسن نصرالله الاربعاء الذي سيحدد البوصلة للتطورات المستقبلية، بعد ان حدد اوباما بوصلته التسووية الغربية فيما السيد سيحدد بوصلة المقاومة والتمسك بالثوابت والمبادئ وبحق الشعوب في الحرية والسيادة على اراضيها.
فالامور خطرة، ومعالم المرحلة المقبلة ستحدد بشكل حاسم، &laqascii117o;قبل خطاب السيد شيء وبعد خطاب السيد شيء آخر" وليس كما يدعي البعض في لبنان بأنه &laqascii117o;بعد خطاب اوباما شيء وقبل خطاب اوباما شيء آخر"، ويذهب هؤلاء برسم سيناريوات سوداء للمقاومة وسوريا كما رسموا عام 2005 وجاءت النتيجة على عكس ما يشتهي البعض الذين يقرأون &laqascii117o;بسطحية" التطورات السياسية ولا يدركون بواطن الامور وايمان القائلين بالنصر الذي يتفوق على كل تكنولوجية الغرب.
فأوباما &laqascii117o;المنتشي" حتى الثمالة بعد قراره بقتل بن لادن يعتبر ان &laqascii117o;الكون" اصبح في جيبه، عبر قراراته ونظرياته وسها عن باله ان مشاريعه ومشاريع ادارته كانت تسقط في هذه المنطقة الاستراتيجية في العالم وبالتحديد عبر المحور الايراني السوري اللبناني الفلسطيني والوافد الجديد المقاومة العراقية.
ويتابع العاملون في الوسط السياسي &laqascii117o;ان خطاب السيد نصرالله سيتطرق الى ثورات الشعوب وانتفاضاتها وما يحصل في العالم العربي وسيتطرق ايضاً الى الاحداث في سوريا ولذلك فان خطابه سيكون مفصليا، كما سيتطرق الى مسيرة &laqascii117o;يوم النكبة" وما احدثته من تفاعلات عالمية اكدت بأن زمامالمبادرة ما زال في يد المقاومة، وليس في يد اوباما وغيره.
ويضيف هؤلاء &laqascii117o;ان الخطاب &laqascii117o;البهلواني" لاوباما والذي حاول فيه ان يحدد مسار الشرق الاوسط والاوضاع في سوريا خدمة لاسرائيل داعيا البعض الى الالتحاق بالمشروع الاميركي والا سيتعرضون للعزل.
محدداً القرارالاميركي &laqascii117o;بالقدر" فيما نهار الاربعاء سيسمع اللبنانيون والعرب خطابا نوعيا مفصليا يحدد فيه السيد نصرالله الامور بكل وضوح عبر مواقف توازي دقة المرحلة وخطورتها خصوصاً ان الجميع ينتظر ما سيحمله الخطاب من تصورات للمرحلة المقبلة وبالتالي رسم مسار المستقبل للمنطقة العربية.
فخطاب السيد نصرالله سيكون ردا على كل ما يخطط للمنطقة رغم ان اوباما تراجع عن &laqascii117o;الفتات" الذي اعطاه للفلسطينيين وهلل له بعض العرب عبرما تضمن خطابه عن حدود 1967 لكنه ما لبث ان نكث بوعده تحت الضغط الاسرائيلي وتراجع جذريا محدداً خريطة جديدة لحدود 1967.
ويقول المتابعون للتطورات السياسية &laqascii117o;ان العالم بمجمله بمن فيهم الحكام العرب باستثناء سوريا والمقاومة هللوا لوصول اوباما المسلم كما وصفوه &laqascii117o;ابو حسين" ووحده السيد حسن نصرالله رفض هذه النظريات مؤكداً ان اوباما سيكون اخطر من بوش، وان المشروع الاميركي واحد وان تعددت الاساليب. واللافت وحسب المعلومات فان السفارات الاجنبية والعربية في لبنان تلقت معلومات من دولها عن تزويدها بشكل فوري بالنص الحرفي لخطاب السيد نصرالله فور الانتهاء من كلمته فوراً وفي ضوء كلام السيد فان الامور ربما اتخذت منحى مغايرا خصوصا وان السفارات الاجنبية والعربية تؤكد بأن بصمات الرئيس الأسد والسيد نصرالله واضحة في مسيرات يوم النكبة وانهما قادران على قلب الطاولة على الجميع، واخذ الامور بمنحى مختلف عما يخطط له اوباما والاتحاد الاوروبي.
وتختم بعض المصادر بالقول &laqascii117o;ان اوباما وساركوزي وكاميرون حددوا سياساتهم الشرق اوسطية تجاه سوريا وقوى المقاومة وفي المقابل فان قوى المقاومة حددت ايضا خطواتها واستراتيجيتها القائمة على مبدإ ممنوع سقوط قوى المقاومة وفي مقدمها سوريا. مهما كلف الامر ومهما كانت التضحيات دون اسقاطغرق المنطقة &laqascii117o;في الحرب الشاملة" في ظل مشروعين متناقضين جذريا ويتصارعان حول كل الملفات، من والمواجهة واقعة حتماً بينهما وبأساليب مختلفة وان كان البعض يحاول استبعادها لكنها واقعة مهما تم تأجيلها.


ـ 'الديار'

ماذا فعل وفد السفارة الأميركية في الحدود الشمالية؟
جهاد نافع:

لأي هدف جال وفد السفارة الاميركية في المناطق الحدودية الشمالية وعند المعابر الحدودية برفقة بعض رؤساء البلديات؟اكثر من علامة استفهام طرحتها الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية وهيئات وفاعليات شمالية حول اهداف الوفد الاميركي في ما أعتبره الوفد تفقدا للمعابر والأطمئنان على النازحين السوريين الذين وفدوا من تلكلخ الى اقربائهم في وادي خالد وبعض القرى اللبنانية الحدودية . السؤال الأبرز الذي طرحته بعض الاوساط السياسية المراقبة تمحور حول سر هذه الزيارة الاميركية الى الحدود الشمالية قبيل وصول مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان الى لبنان، ومدى الرابط بينهما حيث اعتبرت هذه الاوساط ان استهدافات الزيارة الى الحدود الشمالية كانت:
اولا، تفقد المعابر الحدودية الشرعية وغير الشرعية. ومراقبة الضفة السورية من النهر لتحديد مساحة انتشار الجيش السوري ومدى امساكه بالوضع الامني على الحدود.
ثانيا، كشف للحدود اللبنانية وامكانية نصب اجهزة رصد حساسة في نقاط يمكن حمايتها لمراقبة المنطقة السورية الحدودية وصولا الى الداخل السوري.
ثالثا، لقاء النازحين السوريين والاستماع منهم مباشرة لروايات وحكايات عن اسباب النزوح وكيفية تنفيذ الجيش السوري لعمليته العسكرية في تلكلخ.
رابعا، ولعله الاهم، مدى الاستفادة من هؤلاء النازحين وتوظيفهم في ما ترسمه الادارة الاميركية من مخطط لحصار سوريا عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية ومدى انعكاس وجود هؤلاء النازحين على الواقع اللبناني وتأثر هذا الواقع في حال شهدت الساحة الشمالية ارتدادات للازمة السورية الداخلية.
هذه الاوساط أعربت عن استغرابها للصمت اللبناني الرسمي حيال زيارة هذا الوفد الذي جاء الى الحدود تحت غطاء انساني وبذريعة تفقده لأوضاع النازحين السوريين ودرس امكانيات مساعدتهم، فيما لوحظ مدى التركيز الجدي على دراسة المعابر الشرعية وغير الشرعية وأماكن تمركز الجيش السوري وكيفية عبور النازحين ومن ثم الاحتكاك جيدا بالنازحين السوريين وابداء التعاطف معهم رغم أن احداث عديدة شهدتها المناطق الحدودية وأن ألوف النازحين قد وفدوا الى عكار في اوضاع انسانية سيئة للغاية في حرب تموز ولم يشهد هؤلاء النازحون الرعاية والاهتمام التي لقيها النازحون السوريون الذين لم تتجاوز اعدادهم الخمسمئة إمرأة وطفل.
وتتساءل هذه الاوساط ايضا عن سر الاهتمام البالغ بالنازحين السوريين فيما لم يلق العمال السوريون والباصات والسيارات السورية التي لطالما تعرضت لأبشع انواع الاعتداءات في السنوات التي تلت العام 2005 وذهب ضحيتها العديد من الضحايا السوريين قتلى وجرحى دون أن تنبس السفارة الاميركية او السفارات الاوروبية ببنت شفة دفاعا عن العمال والمواطنين السوريين الذين كانوا يعبرون للعمل في لبنان والكثير من هؤلاء شهد اعتداءات تعتبر جرائم انسانية بكل ما في الكلمة من معنى.
مصادر مطلعة اشارت الى أن الوفد الاميركي أعد خلال جولته دراسات حول تداعيات الاحداث السورية على الساحة اللبنانية ومدى امتداد هذه الاحداث الى لبنان وبخاصة الى الساحة الشمالية حيث بدأت ملامح هذه التداعيات تظهر بسجالات لها منحى مذهبي خطير قد يؤدي الى إندلاع فتنة تكون شرارتها في طرابلس ، لكنها لن تستقر في الشمال انما ستشمل كل لبنان وصولا الى المنطقة العربية بكاملها،ومؤشرات ذلك ما يحصل حاليا من خلال بعض المنابر في مساجد طرابلس وبعد هروب مجموعات من بانياس وتلكلخ واحتضانها في بعض أحياء طرابلس وبعض قرى عكار حسب قول مصادر سياسية شمالية متابعة.
هذه المصادر رأت لو أن السلطات اللبنانية تأخذ دورها في وضع حد لتجوال موظفي السفارات الاجنبية في المناطق اللبنانية وخاصة في المناطق الحدودية واعتبار هذا التجوال وتوجيه اسئلة لمواطنين لبنانيين او للنازحين بمثابة خرق للسيادة اللبنانية وتدخل في شؤون داخلية وكأن لبنان واقع تحت الوصاية الاجنبية وتحت سيطرة السفارات الاجنبية وعلى رأسها السفارة الامريكية حسب رأي هذه المصادر.
على صعيد اخر يمكن الاشارة الى بدء عودة النازحين الى تلكلخ حيث سجلت عودة عشرات العائلات فيما عائلات اخرى لم تستطع العودة حتى الان بعد اجراءات اتخذها الجيش السوري على طول الحدود واغلاقه لكافة المعابر غير الشرعية بشكل محكم وذلك افساحا في المجال لعودة العائلات النازحة عبر معبر جسر قمار الرسمي الامر الذي شكل ارباكا لدى العائلات التي دخلت الاراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية عبر معابر غير معترف بها وعبر النهر الكبير الجنوبي، دون ان تحمل وثائق رسمية تشير الى هويتهم او خروجهم من سوريا


ـ 'السفير'

'حزب التحرير'; مع الثورات العربية وضد ';الأنظمة الاستبدادية';: أمامنا منعطف تاريخي يمهد لإعلان الخلافة الإسلامية الراشدة!
غسان ريفي:
 
ثمة عداء تاريخي بين ';حزب التحرير'; في كل ولاياته المنتشرة في العالم وبين كل الأنظمة وخصوصا العربية منها كونها ترى في أفكاره وأهدافه ومراميه تهديدا لوجودها، ويرى هو في تمسكها بحدودها التي رسمتها ';سايكس بيكو'; قوقعة للأمة الإسلامية وتعطيلا لانفتاحها وامتدادها في أرض الرباط وعلى امتداد الجزيرة العربية وأفريقيا والعالم لاستعادة سلطانها وصولا نحو إعلان الخلافة الإسلامية التي يرى الحزب أنها الحل الوحيد لكل المشكلات التي تتخبط فيها المجتمعات. لذلك فان ';حزب التحرير'; ومنذ نشأته في القدس الشريف على يد الشيخ تقي الدين النبهاني في العام 1953 ، قدّم نفسه كحزب تغييري وليس إصلاحيا، لكن من دون عنف ومن دون استخدام السلاح، معتمدا ';منهج الكلمة الطيبة ومبدأ الإقناع';، فواجه قمع الأنظمة العربية والإسلامية، وعانى الأمرين من الحظر كتنظيم سياسي، ومن الملاحقات والتعقبات بحق نشطائه في كثير من البلدان، لذلك فان ';حزب التحرير'; يدعم اليوم ';كل الثورات الشعبية في كل الدول العربية لكنه يتحفظ في الوقت نفسه على التدخلات الغربية أو القطرية لأن الهدف من هذه الثورات بنظره هو مقدمة للتخلص من الأنظمة الاستبدادية وتمهيد لاجتماع الأمة وإعلان الخلافة الإسلامية، وليس لاستبدال هذه الأنظمة بوصايات أجنبية أو عربية قد تكون أشد على الأمة من الأنظمة القائمة';. لا يعترف ';حزب التحرير'; بالقوانين الوضعية في أي من بلدان العالم، بل يعتبر ';أن من الواجب تطبيق الإسلام تطبيقا شاملا في جميع شؤون الحياة، وأن يكون دستور المسلمين وسائر قوانينهم أحكاما شرعية مأخوذة من كتاب الله وسنة نبيه';، وبالنسبة له فإن كل نظام غير نظام الاسلام هو نظام كفر، من دون تكفير الحاكم بالضرورة';، وأن غير الاسلام من المبادئ الأخرى كالرأسمالية والشيوعية والاشتراكية والقومية والوطنية ';هي مبادئ فاسدة تتناقض مع فطرة الانسان كونها من وضع البشر، لذلك فان أخذها حرام وحملها حرام والدعوة إليها حرام، والتكتل على أساسها حرام';. في العام 1959 قدم ';حزب التحرير'; العلم والخبر الى وزارة الداخلية اللبنانية بعد أن استقر مؤسسه الشيخ تقي الدين النبهاني في لبنان بعد تعقبات بحقه من قبل السلطات الأردنية والسورية، وباشر عمله بشكل قانوني، لكن في العام 1961 واجه قرارا بالحظر وذلك (بحسب قيادته) من باب التوازن الطائفي بعد حظر السلطات اللبنانية للحزب السوري القومي الاجتماعي، ما دفعه الى اعتماد العمل السري، ليتوقف نشاطه في الحرب الأهلية اللبنانية انطلاقا من كونه لا يؤمن بالعمل المسلح، ليعود الى الظهور بعد اتفاق الطائف حيث تعرض بداية لكثير من الملاحقات من قبل المخابرات السورية ومن ثم من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، لكن القضاء المختص (وبحسب قيادته) ';لم يتعامل مع الحزب على أساس قرار الحظر، بل كان يبرىء كل نشطائه ويوقف التعقبات بحقهم';، وهذا الأمر شجع قيادة ولاية لبنان الى التقدم من جديد بعلم وخبر، حصلوا بموجبه على ترخيص في العام 2006 في عهد الوزير أحمد فتفت عندما كان وزيرا للداخلية بالوكالة، لينشط الحزب بعد ذلك في فتح المراكز وإقامة المؤتمرات والندوات والتظاهرات والمسيرات التي كانت تربك الأجهزة الأمنية والقيادات السياسية. وتشير قيادة الحزب الى أنها ';تعرضت في العام 2010 لضغوطات كثيرة من قبل السفارة الأميركية وعدد من الأنظمة الاقليمية الذين قاموا بعدة محاولات لسحب الترخيص منها، وأن عددا من الأجهزة الأمنية عملوا على تنفيذ هذه الرغبات، فرفع مجلس الأمن المركزي توصية الى مجلس الوزراء بسحب ترخيص ';حزب التحرير';، وقد وافق الرئيس سعد الحريري عليه، لكن ضغوطا شعبية ساهمت بشطب هذا القرار';. يرى ';حزب التحرير'; أن انتفاضة الشعوب في وجه الحكام من أجل استعادة سيادة الاسلام وسلطان الأمة أمر مطلوب، وإنطلاقا من ذلك يعتبر الحزب أن الثورات العربية القائمة اليوم بوجه الظلم هي ظاهرة صحية لا بل تشكل منعطفا تاريخيا مهما في مسار نهوض الأمة الاسلامية، لذلك هو لا يميز في دعمه لهذه الثورات بل هو خرج في تظاهرات واعتصامات دعما لثورة ليبيا في بيروت، ولثورات مصر وتونس وسوريا في طرابلس، وأصدر بيانات حول ثورة البحرين واليمن، لأن هذه الثورات بنظره ';بدأت تزعزع أنظمة القهر والاستبداد، بعدما فاجأت الغرب وجعلته يضع جداول أعمال جديدة، لمواكبة الثورات ومحاولة إجهاضها واستيعاب بعض منها كما حصل في مصر، وكما يحصل الآن في سوريا التي كانت ردة فعل الادارة الأميركية حيالها ألطف من ردة فعلها حيال كل الثورات العربية';، لأن النظام السوري (برأي ';حزب التحرير';) ';قدم على مدى عشر سنوات خدمات للسياسة الأميركية وعمل على استيعاب ولجم الكثير من حركات المقاومة في وجه إسرائيل، تحت شعار الممانعة وكي تكون حركات المقاومة ورقة تفاوض بيده وليست وسيلة لتحرير فلسطين';. ولا يخفي ';حزب التحرير'; مشاركته في ما يجري من أحداث على أرض سوريا و';لكن بشكل سلمي ومن دون استخدام السلاح الذي لا نؤمن بجدواه';، ذلك أنه لم يسجل في تاريخ الحزب أنه استخدم السلاح أو العنف، ';إلا في قتال المحتل إذا وجد';، وهو يعتبر أن تنظيم ';القاعدة'; يتأثر بأفكاره ومبادئه، من ناحية النظرة الى التغيير الجذري، ';لكن هناك فارقا منهجيا واضحا ما بين طريقة الحزب الفكري ومنهج القاعدة العسكري';.

ويؤكد المسؤول الاعلامي لـ';حزب التحرير'; (ولاية لبنان) أحمد القصص ';أن الأمة الاسلامية يجب أن تتحرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى لخلع حكامها المستبدين، واستبدالهم بأنظمة إسلامية على منهج القرآن والسنة النبوية الشريفة';، لافتا النظر الى ';أن هذه الثورات القائمة وإن لم تؤد فورا الى تغيير النظام إلا أنها تشكل بداية حيوية في الأمة سوف تدفعها الى التفكير في البديل السياسي، والبديل الوحيد اليوم عن النموذج الغربي الرأسمالي والمرتبط بعقيدة هذه الأمة هو النظام الاسلامي';. ويقول القصص: ';يجب أن يعي اللبنانيون أن بلدهم ليس عالما مستقلا بحد ذاته، وان لا أمل لهم بالنجاة إلا بنجاة العالم الاسلامي المحيط بهم، وهنا يجب أن يتنبه المسلمون الى أنهم جزء مما يجري في العالم العربي، كما يجب أن يتنبه أصحاب نظرية تحالف الأقليات الى أن الغلو في هذه النظرية هو انتحار سياسي بعينه، لأن في هذا استعداء لأمة تملأ جوانب الأرض ولن يكون المستقبل في العالم الإسلامي إلا لها، لذلك فإننا نجد في هذه الثورات مرحلة انتقالية مهمة جدا للعالم الإسلامي تمهيدا لتمكين الأمة من استعادة سلطانها';. ويستبعد القصص حصول ثورات في لبنان ويشير إلى أن الفتنة التي يروج لها في مصر هي بإيعاز خارجي، ';خصوصا أن المسلمين والاقباط كانوا جنبا الى جنب في الثورة المصرية، لذلك يبدو أن ثمة مصلحة خارجية بالنفخ بالبوق الطائفي لاجهاض ما تحقق حتى الآن من إنجازات لهذه الثورة';. ويؤكد القصص أن ';حزب التحرير'; يرى ';أن الطوائف الأخرى هي جزء من النظام الذي نسعى إليه بمعنى ما يدعو إليه مشروعنا السياسي لإقامة الخلافة الاسلامية التي تلحظ وجود طوائف ضمن المجتمع الاسلامي، لهم حق الرعاية الكاملة دون النظر الى انتماءاتهم الطائفية، كما أن مشروعنا السياسي ليس في مواجهة غير المسلمين في العالم الاسلامي وإنما هو لمواجهة المشاريع السياسية المخالفة للاسلام والتي هي في جلها من نتاج الحضارة الغربية وسياساتها';.


ـ 'السفير'
خطبة مصرية في طهران
فهمي هويدي:

كان لا بد من بذل بعض الجهد لإقناع الإيرانيين بأن الثورة المصرية ليست صدى للثورة الإسلامية، ولا هي من تجليات الصحوة الإسلامية، كما أنها ليست جزءا من المشروع الأميركي لإقامة الشرق الأوسط الجديد.(1)طوال أكثر من ثلاثين عاما من متابعة أحداث الثورة الإسلامية، كنت أذهب إلى طهران محملا بمجموعة من الأسئلة، أطوف بها على من أعرف من صناع القرار والمطلعين على أسرار البلد، حيث كنت أواصل السؤال وهم يجيبون. لكن الأمر اختلف هذه المرة، إذ أدركت منذ اللحظة الأولى أننا تبادلنا الأدوار. حين وجدت أن لدى الإيرانيين قائمة طويلة من الأسئلة التي تنتظر الإجابة حول الذي جرى في مصر. ولم يكن السائلون من الدبلوماسيين والمثقفين فحسب، وإنما سبقهم إليها عدد من كبار المسؤولين الذين اكتشفت أنهم يتابعون ما تنشره الصحف المصرية كل صباح، ويجدون فيها ما يحيرهم بأكثر مما يجدون ما يشبع فضولهم ويفهمهم.
كانت المناسبة أن معهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية قد دعا إلى ندوة ليوم واحد حول &laqascii117o;الانتفاضات الشعبية في البلدان العربية وتأثيرها على مستقبل القضية الفلسطينية"، وتحدد موعد الندوة في 15 أيار/مايو الحالي، وهو ذكرى اغتصاب فلسطين وإعلان دولة إسرائيل في عام 1948. وفى إشارة لا تخلو من دلالة فإن المعهد دعا للحديث في الندوة التي كان جمهورها من الدبلوماسيين العاملين، اثنان من مصر فقط هما الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، وكاتب هذه السطور. إلى جانب ثلاثة من الباحثين الإيرانيين، في مقدمتهم وزير الخارجية السابق السيد منوشهر متكي. وقال لي أحد السفراء الذين تولوا تنظيم الندوة إنهم اكتفوا بالمتحدثين المصريين ليس فقط للأهمية الكبرى للثورة المصرية، ولكن أيضا لإدراكهم أن مصير القضية الفلسطينية مرتبط إلى حد كبير بسلامة الموقف المصري وعافيته. مضيفا أن الاطمئنان على مصر يستصحب بالضرورة اطمئنانا على مستقبل القضية، بل ومستقبل العالم العربي بأسره.

من الأمور ذات الدلالة أيضا أنه رتبت لنا إلى جانب الندوة، سلسلة من اللقاءات مع رئيس مجلس الشورى السيد على لاريجاني، ومستشار الأمن القومي السيد سعيد جليلي، ووزير الخارجية الدكتور على أكبر صالحي، ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا السفير رضا شيباني. كما رتب لنا لقاء آخر مع أساتذة وطلاب جامعة الإمام الصادق، التي تخرج نخبة العاملين في المجالين السياسي والدبلوماسي وفى كل هذه اللقاءات كانت الثورة المصرية هي موضوع الحديث من جانبنا، كما كانت وقائعها ومواقفها محور السؤال من جانبهم، ولأن كلا منا كانت له حصته من الحديث ومن السؤال، فسأعرض هنا حصتي باختصار، تاركا للدكتور حسن نافعة أن يعرض نصيبه بالصورة التي يرتئيها.(2)قلت إن العالم العربي شهد في ستينيات القرن الماضي انتفاضة الشعوب العربية ضد المحتل الأجنبي، الإنكليزي والفرنسي، وكانت ثورة يوليو/تموز 1952 هي الشرارة الأولى في حملة انطلاق حركات التحرر التي ترددت أصداؤها في أرجاء أفريقيا. وما يحدث الآن في العالم العربي هو ثورة مماثلة، تدافع بها الشعوب عن كرامتها. إذ تقاوم الظلم والذل اللذين أنزلهما بها البديل الوطني، بعدما تحول إلى &laqascii117o;احتلال" من نوع آخر، شوه الاستقلال وفرغه من مضمونه، حتى صار ذلك البديل عبئا على الأوطان وعقبة في طريق تقدمها. استشهدت في ذلك بقصة المرأة الجزائرية التي استشعرت الظلم والعنف بعد إعلان الاستقلال، فقالت إن الاستعمار الفرنسي استمر نحو 130 عاما ثم رحل غير مأسوف عليه، ثم تساءلت: متى ينتهي هذا الاستقلال بدوره؟
قلت أيضا إن ثمة أوجه شبه بين الثورة الإسلامية في إيران وثورة 25 يناير في مصر، كما أن هناك اختلافات عدة بينهما. فهما متشابهان في أن كلا منهما استهدف ليس تغيير النظام فحسب، ولكن قلب سياساته رأسا على عقب، وإن اختلفت في ذلك الوسائل. كما أن الشعب هو الذي قام بالثورة في البلدين لا قوة سياسية أو عسكرية. كذلك فإن النظامين السابقين في كل من البلدين كانا يقفان في المعسكر الموالى للولايات المتحدة وإسرائىل وأصبحا يشكلان أهم تحديات ما بعد الثورة. ولئن كان ذلك قد أعلن في إيران إلا أنه لا يزال كامنا ومضمرا في الحالة المصرية. يتشابه البلدان أيضا في الفوضى التي شاعت في كل منهما بعد نجاح الثورة، وأخلت بنظام العمل في جميع أجهزة الدولة ومرافقها العمومية. ثم إن الثورتين كان لهما تأثيرهما الاستراتيجي على المستوى الإقليمي. فكما غيرت الولايات المتحدة الأمريكية من خطط تعاملها مع &laqascii117o;الاتحاد السوفياتي" في أعقاب الثورة الإسلامية، حيث كانت واشنطن تعتبر إيران &laqascii117o;كنزا استراتيجيا" لها، فإن الوصف ذاته أطلق على علاقة الرئيس السابق ونظامه مع إسرائيل. وإذا كانت قضية فلسطين قد اعتبرت عنوانا مهما منذ إطلاق الثورة الإسلامية، فإنها تظل أحد أهم مقومات الأمن القومي المصري.(3)مواضع التمايز والاختلاف أكثر بين الثورتين. فالثورة في إيران دينية، لها رأس تمثل في الإمام الخميني، ولها مشروع واضح يقوم على فكرة ولاية الفقيه. وهي في مصر ثورة وطنية، والإسلاميون جزء منها، ثم إنها بلا رأس أو قيادة واضحة المعالم. ومشروعها لا يزال غامضا وغير متفق عليه. إن شئت الدقة فقل إن الذين قاموا بالثورة فى مصر كانوا يعرفون جيدا ما يرفضونه لكنهم ليسوا على وفاق في ما يقبلون به. ولئن اعتمدت الثورة في البلدين على الجماهير الفقيرة والعزلاء، إلا أن التباين حدث في موقف الجيش في كل منهما، إذ كان ولاؤه لنظام الشاه في إيران الأمر الذي اضطر النظام إلى الاستعاضة عنه بتشكيل حرس الثورة. أما الجيش في مصر فقد كان ولاؤه للوطن، وقد حسم خياره مبكرا حين أعلن انحيازه إلى جانب مطالب الشعب. والثورة المصرية ركزت على المطالب الوطنية الداخلية، وسكتت عن السياسة الخارجية، في حين أن الثورة الإيرانية فتحت كل الملفات منذ يومها الأول، الذي رفعت فيه شعارات الموت لأميركا وإسرائيل (مرك بر) وأعلنت القطيعة مع الشيطان الأكبر وتابعه الأصغر، وترتب على ذلك أن البلدين ناصبا الثورة الإسلامية العداء منذ يومها الأول، في حين أنهما تصرفا بحذر ولجآ إلى الملاينة ومحاولة الاحتواء في الحالة المصرية. والثورة الإسلامية انطلقت في ظل الحرب الباردة واستفادت من التوازن بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة. وهو ظرف لم يتوفر للثورة المصرية، التي انطلقت في أجواء القطب الأميركي الواحد، وفي غيبة أي توازن دولي. والثورة الإسلامية قامت في بلد يبعد آلاف الكيلومترات عن إسرائيل، بينما المصرية انطلقت في بلد ملاصق لإسرائىل، الأمر الذي كان له تأثيره على حسابات كل من البلدين.

والثورة الإسلامية كان لها صداها في العالمين العربي والإسلامي. ولم تغير شيئا في واقع أنظمته رغم مضي أكثر من ثلاثين عاما على نجاحها. أما الثورة المصرية فهي في موقف معاكس، حيث أحدث انطلاقها هزات قوية ترددت بسرعة وخلال أسابيع قليلة في أرجاء العالم العربي. وربما كان ذلك مرتبطا بالوزن التاريخي ودور كل من البلدين في المحيط الاستراتيجي. وإذا كانت الثورة الإيرانية لم تتعرض لهزات اقتصادية موجعة بسبب اعتماد البلد على صادرات النفط، فإن موقف مصر اختلف، حيث أدى نزوح الأموال وتهريبها إلى الخارج إلى إحداث موقف اقتصادي صعب ومؤرق للسلطة، خصوصا في ظل الاعتماد على الخارج في توفير المواد الغذائية. وقد اعتمدت ثورة إيران على المحاكم الاستثنائية في إزالة آثار النظام السابق وتصفية بقاياه، إلا أن الثورة المصرية ظلت على تعاملها السلمي بعد نجاحها، وأحالت رموز النظام السابق بمن فيهم رأسه إلى النيابة العمومية والقضاء العادي. وإذا كانت رموز نظام الشاه قد غادرت البلد معه، فإن رموز نظام مبارك بوغتت بما جرى وبقي أغلبهم في مصر، وكان هو في مقدمتهم. وترتب على ذلك أن رجال الشاه ضعف تأثيرهم في داخل إيران، على عكس ما حدث في مصر حيث لم يكف رجال مبارك وأدواته الأمنية بعيدين عن محاولات التآمر على الداخل.(4)كان السفير رضا شيباني مساعد وزير الخارجية في زيارة أخيرة لطاجكستان، وحين التقى رئيسها السيد رحماني وتطرق الحديث إلى ما جرى في مصر، فإن الرجل أخبره بأن الثورة المصرية والأحداث التي توالت بعدها في العالم العربي هي من تجليات &laqascii117o;الفوضى الخلاقة" التي تحدثت عنها كوندوليزا رايس وزيرة خارجية أميركا السابقة، لذلك فإنه يعتبرها ضمن خطوات إقامة الشرق الأوسط الجديد. ولم تكن الملاحظة مفاجئة تماما، لأن أحد الدبلوماسيين سأل أثناء الندوة عن مدى صحة الخبر الذي ذاع في واشنطن عن أن الإدارة الأميركية دربت 5 آلاف شاب مصري من الذين اشتركوا في الثورة. وقال لي أحد الخبراء الإيرانيين إن بعض الإصلاحيين يعتبرون الثورة جزءا من المشروع الأميركي، في حين أن بعض المحافظين يعتبرونها من أصداء الثورة الإسلامية ومن تجليات الصحوة الإسلامية، وقد لاحظت أن هاتين النقطتين كانتا موضوعا للتساؤل المتكرر من جانبهم، كما انهما ظلتا محل نفي وإيضاح من جانبنا.
الموضوع الآخر الذي احتل مساحة كبيرة من الأسئلة انصب على مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية وتفسير العلاقات الباردة بين القاهرة وطهران التي ما زالت مستمرة بعد الثورة وإن بدرجة أقل، وقد كان هذا الموضوع محل مناقشة في اللقاءات التي عقدناها. إلا أننا فوجئنا بما سمعناه من السيد على لاريجاني في هذا الصدد، إذ نفى أن التوتر سببه الحساسيات والمخاوف الأمنية وموضوع الشارع الذي يحمل اسم قاتل السادات خالد الإسلامبولي. وقال إنه حين كان مستشارا للأمن القومي زار القاهرة والتقى الرئيس السابق ومدير المخابرات حينذاك السيد عمر سليمان، وإن مبارك قال له إنه يريد شيئا واحدا من إيران، هو أن يسلموا مصر شخصا اشترك في محاولة اغتياله في عام 1995، وإذا ما تم ذلك فستعود العلاقات طبيعية بين البلدين. أضاف لاريجاني انه عاد بالاسم إلى طهران وان الأجهزة الأمنية ظلت طوال شهرين تبحث عنه ولم تجد له أثرا في إيران! سألوا أيضا عن حظوظ الإخوان المسلمين في الانتخابات القادمة وعن امكانية إقامة حكومة دينية في مصر. كما سألوا عن العلاقة بين الجيش والإدارة الأميركية، وعن علاقة مصر بإسرائيل ومستقبل اتفاقية كامب ديفيد، وعن موقف مصر من المقاومة الفلسطينية ومصير معبر رفح. سمعنا منهم عتابا لتجاهل الإعلام العربي معاناة الشيعة في البحرين، وتعاطفا وتضامنا مع النظام في سوريا. وقلة ممن لقيناهم عبروا عن حيرتهم إزاء ما يحدث هناك، وسمعت أحدهم يقول إن استمرار النظام السوري بعد الذي جرى أصبح مشكلة وإن سقوطه سيكون مشكلة أكبر. طوال 48 ساعة ظلوا يلاحقوننا بطوفان الاسئلة حول الذي يجري في مصر والعالم العربي، الأمر الذي لم يتح لنا أن نطرح ما عندنا من استفسارات بشأن التطورات الحاصلة في إيران. وهو ما جعلني أقول لمرافقي إن المباراة لم تكن عادلة، وإننا لم نستطع أن نحقق التعادل في نهاية المطاف. فرد عليّ قائلا ما معناه: خيرها في غيرها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد