- 'السفير'
لأن &laqascii117o;العقل المؤامراتي" يفرز اتهامات.. قرر رفع العشرة.. والصمت!
جنبلاط: أنا محبط و&laqascii117o;مقهور".. وعالق على &laqascii117o;الدبق"
نبيل هيثم:
فجأة دار السؤال دورة كاملة حول وليد جنبلاط، أين أصبح الرجل، ما الذي حلّ به، هل تبدّل حاله، لماذا صرخ في وجه حلفائه في الأكثرية الجديدة، لماذا سافر الى فرنسا وماذا فعل هناك، وماذا نقل الى الفرنسيين، وماذا حمل إلى السوريين، ولماذا خصـّه جيفري فيلتمان بزيارة وماذا قال له، ولماذا سافر فجأة الى الدوحة للقاء امير قطر؟
الحق يقال ان وليد جنبلاط في نظر كثيرين أشبه بـ&laqascii117o;شيفرة" كاملة متكاملة، ومستعصية على معاجم فك الرموز وسبر الأغوار، والحق يقال أيضا ان الرجل أجاد إرباك حلفائه الجدد كما القدامى، فالتقوا على استنتاج مشترك بأن وليد جنبلاط &laqascii117o;قرأ شيئا ما" في فضاء الثورات العربية؟
من هنا، قد تعتقد الاكثرية الجديدة أن من حقها أن تخشى تحوّلا لدى من دخلت معه يوماً في صراع مرير، خاصة أنهما لم يجتمعا معا تحت سقف واحد إلا نتيجة للظروف السياسية والامنية التي فرضها ايار 2008.
هناك أسئلة كثيرة باتت بحاجة إلى أجوبة سريعة، وخاصة حول اللقاء بين جنبلاط وفيلتمان، وكذلك حول خلفيات الجرأة التي أظهرها فجأة في التصويب على الأكثرية الجديدة وإلقاء مسؤولية التعطيل عليها واتهامها بالقصور السياسي وبعرقلة مسار تأليف الحكومة؟في المقابل، بدت الأكثرية السابقة وكأنها على وشك &laqascii117o;الشماتة" بالأكثرية الحالية، خاصة أن الحلفاء القدامى استمدوا من الانتقادات الأخيرة التي وجهها جنبلاط إلى حلفائه الجدد، سبباً مباشراً للاعتقاد بأن مركب الأكثرية الجديدة قد بدأ يترنح، وبأنّ من طعنها في ظهرها وقلب الميمنة على الميسرة، كرّر، أو هو يمهـِّد لتكرار الطعنة ذاتها، لكن في الظهر الآخر.
وعلى ما يقول احد منظري &laqascii117o;14 آذار" فإن جنبلاط &laqascii117o;قرر أن يبتعد عن الشرّ ويغني له"، وأولويته في المرحلة الراهنة ان يتجنب المؤثرات ويحمي رأسه، وبالتالي فإن الزعيم السابق لـ&laqascii117o;14 آذار" تأكد ولو متأخرا بأنه لن يجد ضالته في الموقع الآخر، وحاله منذ البداية أشبه ما تكون بمن يطلب تناول &laqascii117o;الكبة بصينية في مطعم صيني"!
قد تكون خشية الاكثرية الحالية من تحوّل ما لدى جنبلاط، كما استعداد الاكثرية السابقة للشماتة مبالغاً فيهما، وان كان ثمة من لا يتردد في الاتجاهين بتبني فرضية أن وليد جنبلاط يعيد حساباته ربطا بالحدث السوري. لكن العارفين بمكنونات الرجل يرون في تلك الفرضية الشائعة ظلماً للرجل من قبل &laqascii117o;العقل المؤامراتي" الذي لطالما شعر وليد جنبلاط انه يتعقبه &laqascii117o;وينسج ما ينسج من الفرضيات والسيناريوهات والاقاويل السخيفة" بحسب التوصيف الجنبلاطي.
لا يرى جنبلاط نفسه مضطراً لأن يقدم كشف حساب سياسيًّا تبريريا لهذا الطرف أو ذاك، تاركا لـ&laqascii117o;بعض قارئي الفناجين السياسية" حرية التنجيم والتفسير كيفما شاؤوا، بل هو لا يرغب في الدخول في هذه اللعبة التي إن بدأت قد لا تنتهي. لكنه في لحظة معينة تراه عاجزا عن حبس تلك الضحكة المعبرة حينما يحاول ترسيم حدوده ويقول: &laqascii117o;لقد سبق وتموضعنا و&laqascii117o;علقنا على الدبق"، عندما كنا في &laqascii117o;14 آذار"، كنا نروح ونجيء ونطير الى أميركا والى غير أميركا، ومع كل تلك الحركة &laqascii117o;ما طلع منا شي"، أما الآن فقد علقنا على الدبق ولا تستطيع أن تتحرّك، ومع ذلك &laqascii117o;مش مخلصين"، تفضل حلها اذا فيك"؟ والضحكة ذاتها يكررها جنبلاط حينما يقال له بأنّ هناك من يقرأ في مواقفه الاخيرة من الاكثرية الجديدة محاولة طلب لجوء سياسي الى &laqascii117o;14 آذار"، لا يريد أن يقول &laqascii117o;ماذا تبقى من 14 آذار"، بل هو يسارع الى السؤال: &laqascii117o;ما هو مشروع 14 آذار، هل لديهم مشروع، وما هو شعارها وماذا حل بشعاراتها الكبرى، وبالخلاصة، هل هم أفضل حالا منا، كلنا في الهوا سوا"؟
أنا محبط و&laqascii117o;مقهور"، يقول وليد جنبلاط، ولا يخفي أنه قرر أن يرفع العشرة، والاستسلام لما هو أقوى منه: &laqascii117o;أنا استسلمت، فقد بادرت الى إطلاق تلك الصرخة، ولم تؤد الى أية نتيجة، ولذلك لن أكررها، ولا أريد ولا أستطيع أن أختلف معهم، ولذلك لن أبادر الى القيام بأي شيء بل أرفض القيام بشيء، خاصة أن لا أحد يريد أن يسمع، وكأنهم يعيشون في عالم آخر فيما البلد يذوب وينهار، لا بل اكثر من ذلك، إن تكلمت يأتِ من يتهمك، مع الأسف كل الناس لديها حساباتها، وبالتالي لا تستطيع أن تقوم بالعمل وحدك". ولعل ما يصر عليه جنبلاط هو أن مكمن تعطيل ولادة الحكومة داخلي، ويستطيع &laqascii117o;حزب الله" أن يفعل شيئا، خاصة مع ميشال عون، فمن الخطأ كما يقول ان يقال &laqascii117o;ان نجيب ميقاتي هو المعطل، لأنه على ما يبدو استسلم مثلي، وهو ايضا محبط، وماذا في إمكانه ان يفعل أكثر، فقد سبق ولبى كل شروط ميشال عون فما المطلوب منه بعد".وفي قناعة جنبلاط &laqascii117o;ان استحضار عامل التعطيل الخارجي والتمترس خلفه هو تكبير للمسألة للهروب من مسؤوليتنا، فالتعطيل ليس خارجيا، فهو من نسج العقل المؤامراتي الذي صار من الضروري أن نخرج من لغته ونتخلص من تأثيره، وأقصر الدروب هو تشكيل الحكومة وإنهاء هذه المسرحية".ولا يوافق جنبلاط القائلين بأن فيلتمان خرّب في زيارته الاخيرة الجهود الرامية الى تشكيل الحكومة، &laqascii117o;فهذا الكلام ايضا من إفرازات العقل المؤامراتي المريض الكامن على الكوع وينسج الاتهامات، لقد جاء فيلتمان في سياق محاولة أميركية فرنسية وبريطانية للضغط على سوريا، وكشف فيلتمان عن سعي تلك الدول الى إنتاج قرار في مجلس الامن ضد سوريا وذلك من خلال محاولة تجميع 9 أصوات في مجلس الامن، وقد قلت له كما قلت للفرنسيين في زيارتي الاخيرة: لا تعزلوا بشار الأسد لأن ذلك غير مفيد ولن يؤدي الى أية نتيجة".
من الواضح ان جنبلاط يحتفظ لنفسه بما دار بينه وبين فيلتمان، ويبدو منزعجا الى حد كبير من نسج بعض السيناريوهات الحوارية بينهما والحديث عن دفتر شروط تلقاه من مؤسس &laqascii117o;14 آذار" ويقول: &laqascii117o;مع الاسف عقلنا مليء بالمؤامرات، فإن حصل والتقيت أحدا فسرعان ما تجد فورا من يضع لهذا اللقاء بعدا تآمريا، وان حصل وأبديت موقفا، فسرعان ما تجد ايضا من يأتي ويؤوّل هذا الموقف ويقولبه ويقلبه ويعطيه البعد التآمري وتحت عنوان &laqascii117o;هذا ما يريده جيفري فيلتمان". ولذلك أمام هذا الكمين أفضل شيء هو السكوت"! والمؤسف بالنسبة الى وليد جنبلاط هو أن هناك من هم مشغولون فقط بحروبهم الشخصية الطاحنة. فيما الادارة مشلولة، والجيش والامن كله مشلول، الاقتصاد مشلول والهجرة تتزايد ورؤوس الاموال تهرب من البلد وحتى منطق تصريف الاعمال مشلول. واذا كان لا يعرف أين هو سعد الحريري ولماذا هو غائب، فإنه تمنى لو ان سعد الحريري يمارس مسؤوليته في تصريف الاعمال. يقول جنبلاط كلامه هذا وهو يتذكر أن فؤاد السنيورة بقي يصرّف أعمال حكومته حتى آخر دقيقة له في السرايا، وحتى لحظة التسليم والتسلم بينه وبين الحريري.لا يعرف جنبلاط متى ستتشكل الحكومة، لا يعرف أين هي العقدة الآن، هو قريب من الاعتقاد بأن هناك من ينتظر جلاء صورة الحدث السوري، ولكنه يرفض مقولة &laqascii117o;التعطيل في انتظار صدور القرار الاتهامي في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري"، فحتى لو صدر القرار فما الذي سيتغير.. لا شيء. خاصة ان هذا القرار أصبح مهزلة لكثرة ما حكي عنه ولكثرة التسريبات التي كشفت عن مضمونه من ديرشبيغل وحتى التلفزيون الكندي وما بعده، لقد انتهى القرار، وأما المحكمة ونظرا لـ&laqascii117o;الشرشحة" التي أصابتها، فلم يعد لها أية قيمة ولم يعد أحد يقبضها، وحتى لو صدر القرار الاتهامي، ففي أحسن الاحوال سيستغرق الكلام حوله يوما أو يومين وبعد ذلك تذهب الناس الى أشغالها وتنساه.
ـ 'السفير'
سليمان مع حكومة متوازنة بصيغة 11 وزيراً &laqascii117o;للوسطيين"
ميقاتي يراهن على مساعي &laqascii117o;الخليلين".. ويلتزم الصمت
غاصب المختار:
وصلت عبارات الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله الى مسامع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي بصورة جلية، حول استمرار المساعي لتسهيل تشكيل الحكومة، كما وصلت بالقدر ذاته من الوضوح، عباراته عن عدم رغبة الحزب بالضغط على حلفائه أو على أي طرف آخر للمضي في خيارات اخرى غير الخيارات التي تناسب هؤلاء الحلفاء، وهو الامر الذي صعّب ربما مهمة ميقاتي في تدوير الزوايا بالرهان على ضغط كان يتمناه من &laqascii117o;حزب الله" على حليفه رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، فعاد الرئيس المكلف الى صمته في انتظار شيء جديد.لكن الجديد المنتظر لم يأت، فقد تردد ان أحد &laqascii117o;الخليلين" كان في لندن لحضور المباراة النهائية لبطولة أوروبا بكرة القدم السبت الماضي، والوزير جبران باسيل المفوض بالتفاوض من جانب &laqascii117o;التيار الحر" مع الرئيس المكلف كان ايضا في عاصمة الضباب للغرض ذاته، وهكذا دخلت البلاد مرحلة جديدة من الركود استدعت مبادرة رئيس المجلس نبيه بري لتحريك عمل اللجان النيابية والهيئة العامة للمجلس، لمعالجة الكثير من الملفات العالقة، ما يعني الدخول في مرحلة جديدة من شد الحبال السياسية، ووضع الملف الحكومي بنداً ثانياً إن لم يكن ثالثاً اذا استمرت عاصفة مبنى وزارة الاتصالات في اقتلاع آخر مداميك مؤسسات الدولة، ما دفع مراجع مسؤولة الى القول انه &laqascii117o;لو لم يكن في لبنان جيش متماسك وحريص على البلد، لكنا الآن نشهد اقتتالا في الشوارع بين اللبنانيين كما في اليمن".
وثمة سؤال مطروح: إلى متى يستطيع أن يتحمل الجيش هذا الاحتراب السياسي الذي يؤدي إلى توتير أمني يدخل على خطه أكثر من طرف خارجي لتأجيج الصراعات؟ وهل قدر للجيش أن يتصرف دائما بوصفه أم الصبي وأباه وأخاه، وأن يأخذ بصدره كل تبعات المشكلات السياسية.
في غضون ذلك، يبدو أن &laqascii117o;حزب الله" الذي سحب يده مؤقتا من الموضوع الحكومي، في حالة انتظار، وتقول أوساطه النيابية إنه بعد كلام السيد نصر الله لا كلام، ولننتظر ما ستحمله الايام، فلا شهية الآن للكلام في الموضوع الحكومي، بعد التطورات الكبيرة التي حدثت في الاسبوع الماضي.
أما الرئيس نجيب ميقاتي فيدرك هذه الحقائق، وثمة من فاتحه بها مؤخرا، وأيقن أن لا جواب شافياً لديه حتى الآن على الاسئلة المطروحة، والذي يعرفه ميقاتي وحده: لماذا يتأخر ميقاتي في إعلان تشكيلته؟ ولماذا ما زال يراهن على المساعي بعدما أيقن ان &laqascii117o;حزب الله" لن يضغط على العماد عون؟ بل أكثر من ذلك، جاء من قال له إن سوريا تنصحه بسرعة التشكيل لمعالجة الملفات العالقة بين البلدين وأهمها الآن مشكلات الحدود. وكان ميقاتي يكتفي بهز رأسه تسليماً بأن الوضع المتدحرج الى الهاوية ليس في مصلحته، لكنه في الوقت ذاته ما زال مصراً على عدم رمي كرة النار التي يمسكها في وجه الآخرين، وعلى &laqascii117o;دوزنة" كل المطالب والحسابات ليخرج بتشكيلة حكومية تشبهه، ومقنعة له وللبنانيين، وهو ما يوافقه عليه رئيس الجمهورية ميشال سليمان.
ويقول الرئيس ميقاتي إن التشكيلة المتوازنة التي يرغب بها موجودة في جيبه، لكنه يتركها للحظة الاخيرة التي يستنفد فيها كل المساعي والاقتراحات والحلول التوافقية، لذلك قال في المنتدى الاقتصادي العربي قبل أيام انه لن ينتظر الى ما شاء الله، وستكون للبنان حكومة منتجة في الوقت المناسب والظرف المناسب.
عدا ذلك يعتصم ميقاتي بالصمت حاليا، وهو عمم على المقربين منه عدم الكلام حاليا في الموضوع الحكومي، على أمل تجدد المساعي بعد استئناف حركة الخليلين وباسيل.ويقول متابعون للاتصالات التي جرت مؤخرا، &laqascii117o;ان رئيس الجمهورية يوافق ميقاتي على عدم تشكيل حكومة اللون الواحد، حتى لا تصطدم برفض الغرب، والادارة الاميركية تحديدا، ولكن الرئيس سليمان لا يمانع بأن يقدم ميقاتي حكومة متوازنة وفق صيغة 19 وزيرا للأكثرية الجديدة، و11 وزيرا للكتلة الوسطية التي يشكلها سليمان مع الرئيس المكلف والنائب وليد جنبلاط، أي ان تكون عملياً الحصة الاكبر فيها للأكثرية الجديدة كحق لها بعد تسميتها الرئيس المكلف، وبحيث يكون للرئيس سليمان ثلاثة وزراء مسيحيين بينهم ماروني للداخلية، وثلاثة وزراء لجنبلاط بينهم سني، وخمسة لميقاتي بينهم مسيحي".
ويوضح هؤلاء أن الرئيس سليمان يعتبر &laqascii117o;أن وزير الداخلية المتفق عليه (العميد المتقاعد مروان شربل) محسوب من حصص جميع الاطراف وليس من حصة رئيس الجمهورية، لذلك يطلب وزيراً مارونياً، وهو بذلك يكون قد أرضى الأكثرية الجديدة بحكومة تناسبها لكنها &laqascii117o;غير فاقعة" سياسياً، ويرضي &laqascii117o;التيار الوسطي" الذي يشكل الجزء الآخر من الحكومة، بما يؤمن لها الدعم الخارجي الضروري لعملها".وكما الرئيس ميقاتي، ينتظر رئيس الجمهورية عودة المساعي لتدوير الزوايا الحكومية، لكنه كما يقول مقربون منه، حاضر لمعالجة المشكلات الخطيرة التي تتفجر من حيث لا يدري أحد، كما حصل في موضوع مبنى الاتصالات، حيث تدخل فورا مع قيادة الجيش والامن الداخلي لسحب عناصر فرع المعلومات وتسليم المبنى للجيش، وهو سيبقى حاضرا لمعالجة مشكلات اخرى كامنة، ليس آخرها التفجير الذي استهدف قوة &laqascii117o;اليونيفيل" قبل أيام قليلة على طريق صيدا.
ـ 'اللواء'
تبريرات نصر الله لم تُخفِ مسؤولية حزبه عن تعطيل عملية التشكيل / لبنان يتخبّط بدوّامة الفراغ السياسي بقرار غير مُعلن من الخارج / 'الجميع يعرف أنه لو أراد 'حزب الله' تسريع عملية التشكيل لما استعصى عليه الأمر'
معروف الداعوق:
يؤشّر الموقف الأخير الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بمناسبة عيد التحرير حول أزمة تشكيل الحكومة الجديدة وقوله بأن حزبه لن يمارس أي ضغوط على حلفائه لتسريع عملية التشكيل ومن ثم إعلانه عن تأييده لتفعيل عمل المجلس النيابي وعقد جلسات تشريعية في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال إلى أمرين إثنين، الأول إلى أن أزمة تشكيل الحكومة العتيدة هي أزمة منظّمة مسبقاً وهي مستمرة في دائرة المراوحة المقررة لها ضمن الظروف التي أدت الى إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري نهاية العام الماضي، ولم تخرج من تأثيرها بعد بالرغم من تبدّل الظروف والمعطيات المحلية والإقليمية والدولية بعد تمدّد ظاهرة الانتفاضات الشعبية العربية لتشمل سوريا وتفاعلاتها على مختلف دول المنطقة ومن ضمنها بالطبع لبنان&bascii117ll;
وقد حاول الأمين العام لحزب الله تبرير التأخير الحاصل بتشكيل الحكومة الجديدة بالتذرّع بأن هناك ضغوطاً أميركية وأجنبية على رئيسي الجمهورية والرئيس المكلّف تمنع التشكيل، في حين أنه قال في الخطاب نفسه، بأنه لا يأبه أحداً وهو قادر على مواجهة الدول التي ذكرها بأنها تعرقل التأليف، ثم أشار بأن تشكيل الحكومة السابقة إستغرق خمسة أشهر ولم يحصل إلا بعد تدخل مباشر من الملك السعودي والرئيس بشّار الأسد في محاولة غير موفّقة إطلاقاً للمقارنة بين عملية تشكيل الحكومتين، المستقيلة حالياً والمرتقبة، لأن الحكومة السابقة كانت حكومة وحدة وطنية جمعت كل الأطراف اللبنانيين تحت مظلتها بعد مرحلة من الانقسام السياسي الحاد وفي ظل ظروف سياسية هادئة ومؤاتية ووضع اقتصادي أكثر إشراقاً ونمواً، في حين أن الظروف التي مهّدت لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية وهيّأت لتأليف الحكومة العتيدة بقيادة <حزب الله> أدخلت لبنان في تجاذبات حادة والحكومة المرتقبة التي هندس <حزب الله> عملية تشكيلها مع حلفائه <الوطنيين> وبشّر اللبنانيين بولادتها في ثلاثة أيام فقط، يمكن وصفها بحكومة الانقسام الوطني بامتياز أو حكومة اللون الواحد، لأن المشاركين فيها بمعظمهم من ضمن الأكثرية الجديدة فقط بعد رفض تحالف المعارضة في 14 آذار المشاركة في حكومة لا حول ولا قوة لهم في التأثير بقراراتها أياً كانت ومشاركتهم ووجودهم فيها سيكون فقط بمثابة شهود زور وليس أكثر بعد الاطلاع مسبقاً على الجهات والدول المتحكمة فيها&bascii117ll;
أما الأمر الثاني فيتعلق بتأييد انعقاد جلسات المجلس النيابي وتفعيل الجلسات التشريعية تحت عناوين مزيفة، كالحاجة إلى توفير استمرارية عمل المؤسسات والإدارات الرسمية، في حين أن المخفي من وراء مثل هذه الدعوات، يبيّت نوايا مشكوك بأمرها، ولا تصبّ في مصلحة النظام الديمقراطي وانتظام عمل المؤسسات الدستورية واستقلالها، مهما كانت الدوافع المعلنة من وراء الدعوة إلى عقد مثل هذه الجلسات التشريعية في ظل وجود حكومة تصريف الأعمال فقط، لأنه يمكن تأمين تسيير أعمال الوزارات والإدارات العامة والمستقلة أياً كانت من خلال المراسيم الجوّالة، كما جرت العادة من قبل وفي ظروف مماثلة وحتى أكثر صعوبة في بعض الأحيان، إلا إذا كان الهدف غير المعلن من عقد الجلسات التشريعية لتمرير قرارات من صلاحيات الحكومة فقط، هو التغطية على التعطيل المنظم الذي يتولاه <حزب الله> وحلفاء سوريا لعملية تشكيل الحكومة من جهة كما هو ظاهر وإطالة أمد الفراغ الحكومي السائد حالياً وما يتسبب به من تداعيات على مستوى الوطن كله، سياسياً واقتصادياً من دون مساءلة أو محاسبة بفعل وجود السلاح الذي يمتلكه الحزب بدون أي حسيب أو رقيب ويوجّه إلى الداخل اللبناني للاستقواء به كلما دعت الحاجة لذلك كما حدث لدى اجتياح العاصمة بيروت في السابع من أيار عام 2008 أو استعماله ضد المواطنين في برج أبي حيدر وغير ذلك من <المناسبات> السوداوية، أو للسطو على صلاحيات الحكومة الدستورية ومصادرتها لمصلحة <الأكثرية الجديدة> في المجلس النيابي وإدخال لبنان في مزيد من الصراعات السياسية والطائفية وإحداث خلل منظم تحت عناوين دستورية وما شابه، لأنه لا يمكن التكهن بتداعياته وخطورته على ديمومة النظام الديمقراطي الذي يمارسه لبنان وعلى ركائز العيش المشترك بين كل الفئات والطوائف اللبنانية&bascii117ll;
لقد حاول الأمين العام لحزب الله التملص من مسؤولية <حزب الله> في التعطيل المنظّم لعملية تشكيل الحكومة العتيدة ولكن إشارته إلى أن حزبه لن يمارس أي ضغوطات على حلفائه لتسهيل عملية التشكيل، أعطت الدليل القاطع حتى للنائب وليد جنبلاط للقول بأن الحزب هو الذي يقف وراء التعطيل، لأن الجميع يعرف حق المعرفة أنه لو أراد <حزب الله> تسريع عملية التشكيل، لما استعصى الأمر عليه، ولكان بإمكانه التحرك بفاعلية وسرعة تجاه حليفه النائب ميشال عون لتذليل العقد، كما فعل ذلك من قبل بأمور ومسائل أكثر صعوبة وتعقيداً&bascii117ll;
يبقى أن ما يمكن استنتاجه مما قاله الأمين العام ولم يبوح به، لا سيما إذا صحّت بعض أخبار الصحف أنه زار دمشق أكثر من مرة واجتمع الى الرئيس السوري بشار الأسد، أن قرار تشكيل الحكومة الجديدة ما يزال أسير الرئيس الأسد الذي تولى منذ البداية اتخاذ قرار إسقاط حكومة الوحدة الوطنية، وهذا القرار لم يخرج من دائرة نفوذه بعد لاعتبارات ووقائع تخص النظام السوري بالرغم من كل التطورات الجارية، ولذلك لا بد للبنان أن يتعايش مع الفراغ السياسي المنظّم لوقت غير محدّد بعد&bascii117ll;
ـ 'المستقبل'
'المستقبل اليوم':
سألت 'المستقبل' الخبير الدستوري النائب والوزير السابق الدكتور حسن الرفاعي عن مدى دستورية طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير العدل إبراهيم نجار اتخاذ الإجراءات القضائية بحق المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لعدم تنفيذ كتاب وزير الداخلية زياد بارود، فأجاب: 'يحق لرئيس الجمهورية أن يطلب من الوزراء القيام بعمل يدخل ضمن اختصاص الوزير. وهذه الطلبات تصدر شفهياً وليس خطياً، إما في مجلس وزراءٍ منعقد وإما مباشرة إلى الوزير المعني. وللوزير واجب، وعلى مسؤوليته، البحث في إمكانية أو عدم إمكانية تلبية الطلب، من الوجهة القانونية أو إبداء الرأي بعدم التنفيذ. ولم تجر العادة أبداً بأن تأتي طلبات أو رغبات رئيس الجمهورية بموجب كتاب، ولا يمكن اعتبارها من المقررات لأن المادة 54 من الدستور تقضي بأن مقررات رئيس الجمهورية، لأنه غير مسؤول، تأتي موقعة أو على أقل تقدير موافقاً عليها من كلّ من رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص'.أضاف الرفاعي: 'كان من الخير أن يقوم فخامة رئيس الجمهورية بالإعراب عن رغبته أو طلبه عن غير طريق الكتابة إذ إن جواب الوزير المختص قد يأتي بعدم إمكانية أو جواز تنفيذ الطلب، وهذا ما يشكل إحراجاً لفخامة رئيس الجمهورية كان بغنى عنه'.
ـ 'النهار'
اللعب بالخطوط الحمر كاللعب بالحياة
علي حمادة:
يمثل التفجير الذي استهدف دورية تابعة للكتيبة الايطالية العاملة ضمن 'اليونيفيل' في الجنوب باكورة الحرب المضادة التي يخوضها النظام في سوريا و'حزب الله' بتجميع الاوراق الاقليمية، وتوجيه الرسائل الى المجتمع الدولي الذي بدأ بتشديد حصاره على النظام بعدما قتل ما يزيد على الالف مواطن سوري اعزل على ايدي اجهزة المخابرات والفرق العسكرية المضمونة الولاء للرئيس بشار الاسد ومحيطه.
و إذا كان استهداف القوة الدولية في الجنوب اللبناني لا يشكل اولوية في استراتيجية 'حزب الله' الذي يؤثر الابقاء على حالة 'الستاتيكو' القائمة تحت عنوان القرار 1701 الذي يجري تنفيذه بـ'هوامش' مريحة للحزب جنوبا، من اجل مواصلة مساره في الداخل اللبناني بهدف إعادة تشكيل سلطة يكون فيها الحزب قلب القرار بالتحالف مع النظام السوري، فإن قبول الحزب بتهديد الوضع الجنوبي الملائم لإراحة النظام في سوريا يعكس حالة القلق الكبير التي تعتري الايرانيين وقيادة الحزب في لبنان من تطور الاوضاع في سوريا. فالنظام يقتل المحتجين بلا هوادة، واعدادهم تتزايد يوما بعد يوم، فضلا عن الروايات التي تتحدث عن عمليات تعذيب لاطفال ونساء وشيوخ، ومع ذلك فإن الناس ينزلون الى الشوارع من دون انقطاع. ولا تخلو مدينة او بلدة او قرية في البلاد من مظاهر الاحتجاج، والتمرد على النظام والدعوة الى اسقاطه. وعلى خط مواز، تبقى خطوط النظام ورئيسه الاسد من الناحية العملية مقطوعة عربيا. فالمعلومات من مصادر مختلفة تتقاطع، مؤكدة ان العواصم العربية الرئيسية موصدة بوجه الاسد. اما اوروبيا واميركيا، وعلى الرغم من الحذر الشديد في التعامل مع النظام في سوريا لاسباب تتعلق بخيار اسرائيل في الابقاء على النظام في سوريا، وبقايا الخوف القديم من حلول الاسلاميين مكان النظام الحالي، فإن الابواب بدأت توصد الواحدة تلو الاخرى. وقد بدأ التفكير الجدي في التعامل مع مرحلة ما بعد النظام، مع ابقاء خيار الحفاظ على شخص الاسد الابن لفترة انتقالية تنتهي بتحول سوريا ديموقراطية برلمانية. والمؤكد هو ان العالم اجمع يتعامل مع سوريا على قاعدة ان التغيير يجب ان يحصل مع بشار الاسد او من دونه، ولكنه سيحصل. في مطلق الاحوال، لم يشذ النظام في سوريا عن القواعد القديمة الموروثة عن الرئيس الراحل حافظ الاسد، والتي جعلت من لبنان صندوقة بريد عربية، اقليمية ودولية تستخدمها سوريا في سياق الجهد الدائم لتقوية دعائم النظام بكل الوسائل المتاحة. وقد ارسى الاسد الاب قاعدة ذهبية يفترض انه لقنها لابنه، ومفادها ان اي خلاف مع جبار دولي يفترض حلفا مع جبار مواز.
السؤال: هل بدأ النظام في سوريا باللعب بالخطوط الحمر، وهي 'خطوط الحياة'، التي عاش عليها اربعة عقود في نعيم الحمايات العربية، الدولية… والاسرائيلية؟
ـ 'النهار'
الكويت... اتهامات مذهبية سخيفة! لماذا الاصرار على كسر مزراب العين في الكويت؟
راجح الخوري:
في الاجتماع الاخير الذي عقده مجلس التعاون الخليجي، ارتفعت الشكوى من تدخلات ايرانية سافرة في الشؤون الداخلية لدولة الامارات والكويت والبحرين طبعاً. المشكلة بين الكويت وايران، أثارت أزمة على خلفية اكتشاف شبكة تجسس ايرانية تنشط في الكويت، وهو ما ادى الى مشكلة ديبلوماسية بين البلدين. لكن الامور سويت واعيدت المياه الى مجاريها، بعد زيارة وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي التي اعتبرها المراقبون نوعاً من الاقرار الايراني بالخطأ والعودة عنه.لكن الذين يقرعون طبول الشعبويات في مجلس الامة الكويتي على اسس مذهبية، ارادوا هذه المرة الاصطياد في المياه العكرة، ودائماً على طريقة الدعوة الى الاستجوابات في مجلس الامة، لاعطاء مفاعيل هذه المزايدات بعداً من الاثارة الرخيصة، التي تنعكس على الوضع العام في البلاد وتعرقل انتظام الحياة البرلمانية والاستقرار العام في الكويت التي يفترض ان تكون في طليعة دول الخليج قياساً بتجربة الديموقراطية المتقدمة وبثرواتها وخبرة أهلها. من حق رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح، القول الآن ان اتهامه بـ 'العمالة لايران' مبالغة في السخف إنساق اليها ثلاثة من النواب الذين لم يقدموا للكويت في الفترة الاخيرة، الا هذا النوع من الاستعراضات الممجوجة التي سممت الحياة البرلمانية وشلت العمل الحكومي وانعكست سلباً على حياة المواطنين.
طبعاً ان توجيه هذا الاتهام الى الشيخ ناصر المحمد غاية في السخف والفظاظة، والامر لا يحتاج الى زمن لكشف زيفه، لأن موقف رئيس الوزراء وتاريخه معروفان جيداً، وهو الادرى بترتيب العلاقة مع طهران على قاعدة الاحترام الكامل لسيادة الكويت واستقرارها وأمنها، وخصوصاً انه كان سفيراً وعميداً للسفراء العرب في ايران في وقت سابق، بما يعني انه ملم الماماً عميقاً بالاسلوب الاجدى في معالجة الاصابع الايرانية التي تحاول ان تمتد الى الكويت.
ليس مطلوبا ًمن رئيس وزراء الكويت ان يخوض حرباً ضد ايران كما يريد هؤلاء النواب المغرقون في التطرف ودفع الامور نحو مزيد من الحمى المذهبية التي تتأجج في المنطقة. وليس صحيحاً انه يتغاضى عن الحملات المغرضة الموجهة الى دول مجلس التعاون الخليجي من بعض الاوساط الكويتية المتعاونة مع ايران. ثم ان الكويت دولة ديموقراطية تؤمن بحرية الرأي، فهل المطلوب من الحكومة ورئيسها العمل على كم الافواه والاقلام، أم إن ثمة قوانين وأدوات دستورية يحرص الشيخ ناصر على احترامها؟ وعندما يؤكد الشيخ ناصر انه ليس متاثراً بهذه الاتهامات السخيفة، ويريد ان تبقى الامور في اطار الاستجواب البرلماني، فانما حرصاً على الاستقرار العام وليس خوفاً من حفنة من قارعي الطبول تظاهراً استعراضياً في الشارع.
ثمة من لا يتقي الله في الكويت!
ـ 'الشرق الأوسط'
إيران والتجسس على مصر!
طارق الحميد:
وسط الجدال حول جدوى عودة العلاقات المصرية - الإيرانية من عدمه، أعلنت القاهرة عن اعتقال دبلوماسي إيراني بتهمة التجسس، ثم عادت وأفرجت عنه، وطلبت منه مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، فهل هذه هي كل القصة؟ بالطبع لا! فمصر اليوم، وبعد نهاية نظام مبارك، تمر بمرحلة لم تتحدد ملامحها، مهما قيل ويقال.. مصر اليوم مزيج من الأماني والأحلام، كما أنها مزيج من صعوبات وتحديات لها أول وليس لها آخر، خارجيا وداخليا. ومصر اليوم بين ألف ضارب ودع وقارئ فنجان سياسي. ولذا يجب ألا تؤخذ كل الأمور في مصر بحساسية، أو تجاهل، فدستور مصر اليوم هو العاطفة! لذا، فإن المهم في الحالة المصرية اليوم هو حماية أرض الكنانة من الاختراق، وتحديدا الإيراني، بشكل خاص، وغيره بشكل عام، سواء المتطرف أو من يريد إيجاد موضع قدم له هناك استغلالا للوضع الداخلي الآني. وأفضل مجال لضبط ذلك الاختراق هو مراقبة الأموال، وبشكل صارم جدا. فذات يوم طلب زعيم حزب الله حسن نصر الله من اللبنانيين ألا يخافوا لأن لديه المال الطاهر، قاصدا أموال إيران، لكن اتضح أن ذلك هو أساس البلاء، سواء في لبنان أو العراق أو غزة أو سوريا، وحتى اليمن، حيث الحوثيون. وآخر ما يريده المصريون هو أن يعيث المال الإيراني بهم فسادا، وتحت أي عذر. والحقيقة التي تعلمها الدول العربية، وأجهزتها الأمنية، أن الأموال الإيرانية تتسرب إلى منطقتنا تحت أشكال مختلفة، منها التبرعات، أو الحسينيات، وخير من يفتينا عن أضرار ذلك هم البحرينيون، وكذلك تتسرب أموال إيران لدولنا عبر واجهات تجارية، أفرادا أو مؤسسات، وهذا ما يجب أن يتنبه إليه الأمن والمؤسسات الاقتصادية في مصر.
فالنصيحة التي أطلقت إبان فضيحة &laqascii117o;ووترغيت" أيام الرئيس الأميركي نيكسون كانت بسيطة، لكنها ذهبية، وهي &laqascii117o;تتبع الأموال". وواجب المصريين اليوم هو تتبع الأموال بكل أنواعها، ومصادرها، والمستفيدين منها، خصوصا مع الحملات الانتخابية القادمة، سواء الرئاسية أو البرلمانية، وللأفراد أو الأحزاب، وحتى أموال المؤسسات الإعلامية، وهذا أمر مهم. ذلك لضمان سلامة مصر من الأموال الإيرانية غير الطاهرة، التي ما إن تدخل إلى دولة عربية إلا وتعيث فيها فسادا. فلا يهم الكشف عن التجسس الإيراني في مصر، لأنه من باب تحصيل الحاصل، حيث إن تجسس طهران على الدول العربية يسير على قدم وساق، وكان آخرها الكويت، لكن المهم والأهم هو التصدي للأموال، وتحديدا الإيرانية. فمع وضع مصر الاقتصادي اليوم، من السهل شراء الذمم، وخلق مؤسسات وهمية هدفها اختراق المجتمع وتشتيته، وليس تشييعه. والتشتيت في الحالة المصرية أخطر من التشييع بكثير، وذلك نظرا للظروف التي تمر بها أرض الكنانة. وعليه، فإن واجب المصريين اليوم ليس التصدي للتجسس الإيراني، لأن ذلك أمر لا مفر منه، بل إن واجب الأمن والمؤسسات المصرية أن يراقبوا تدفق الأموال الإيرانية، سواء من طهران، أو عبر واجهاتها العربية، وهي كثيرة للأسف!
ـ 'الشرق الأوسط'
مشاري الزايدي: من الهلال الشيعي إلى الهلال الإخواني!
طارق الحميد:
في ديسمبر (كانون الأول) 2004 أطلق ملك الأردن عبد الله الثاني تحذيره الشهير من بزوغ الهلال الشيعي الإيراني في المنطقة من خلال السيطرة الإيرانية على العراق وسوريا ولبنان، حينها وقع تحذيره مثل الصاعقة على الجميع. فقد كشف عاهل الأردن الذي تقع بلده في عين العاصفة، المستور مبكرا، وأثبتت الأيام التالية صحة كلامه وتحذيره.
في ذلك الوقت اضطر الملك عبد الله الثاني إلى تخفيف تصريحاته لاحقا، وعقب عليه وهاجمه كثيرون من رموز المرحلة الإيرانية السورية، مثل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي تحدث عن أن الهلال الشيعي لا يكتمل إلا بالبدر السني، بينما كان عراب الناصريين وصديق حلف الممانعة حينها &laqascii117o;الأستاذ" هيكل، أكثر شراسة في الرد، وشن وقتها في لقاء مع فضائية &laqascii117o;الجزيرة" القطرية هجوما على الملك عبد الله الثاني بسبب موقفه من إيران، وقال &laqascii117o;الأستاذ" إن إيران لا تشكل خطرا على الدول العربية وإن على الملك عبد الله أولا أن يندد بإسرائيل وأن يحذر من نجمة داود قبل أن يتحدث عن إيران. وقال هيكل في ذلك اللقاء إن &laqascii117o;الحديث عن إيران وهلالها يهدف فقط إلى إرضاء أميركا".كلام هيكل وقتها هو جزء من الجهد الإعلامي المعارض، وجزء من متطلبات التحالف الجبهوي الممانع.
الآن وفي 2011، الصورة اختلفت، أصبحت أميركا هي نصيرة الممانعين في مصر، وداعمة الثوار على نظام مبارك، ومع هؤلاء الثوار الأستاذ هيكل نفسه! ومصر &laqascii117o;الثورة" تقبض على جاسوس إيراني في بعثة رعاية المصالح الإيرانية في مصر، وتصرح السلطات المصرية قبل يومين بأنها قبضت على هذا الجاسوس لأنه حاول استغلال الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد بعد سقوط النظام، لتحصيل معلومات استخبارية خطيرة عن مصر ودول الخليج.لم يعد هناك مجال للمغالطة، وأصبح الخطر الإيراني باديا للعيان، بعد أحداث البحرين وحكومة المالكي الطائفية في العراق، وبعد صرخات أهالي سوريا بسقوط حسن نصر الله.
جرت في الساقية مياه كثيرة، لكن ظل أمر مهم، هو أن الحليف العربي الرئيس لإيران الخمينية، كان وما زال هو جماعة الإخوان المسلمين، سواء بشكلها التنظيمي الصلب أو بشكلها الفكري والخطابي، وكلنا يتذكر تصريحات المرشد السابق مهدي عاكف التي كان يفتخر فيها بعلاقاته مع إيران الإسلامية ويقدم دعمه المستمر لحزب الله في لبنان، وكيف أن عاكف و&laqascii117o;إخوان الأردن" أبدوا تفهمهم التام لغزوة حزب الله على بيروت الغربية بدعوى حماية سلاح المقاومة، بل إن عاكف أثناء حرب الحوثيين مع السعودية دعا السعودية (نوفمبر / تشرين الثاني 2009) إلى الكف عن هذه الحرب!كان هناك حلف واضح بين إيران الخمينية وحركة الإخوان المسلمين، خصوصا في مصر، وتم التوافق في كثير من المحطات الحاسمة لصالح وجهة النظر الإيرانية، طبعا عواجيز الناصرية ومحترفو الثورية دخلوا في هذا التحالف العريض، شعروا أو لم يشعروا، لكن الفائدة تصب في جيب &laqascii117o;الإخوان" وملالي طهران!
حاليا، بعد كل فعائل الحرس الثوري وحزب الله والأحزاب التابعة لإيران في العراق، أصبح الحديث عن المشروع الإيراني ليس كفرا أو مدعاة للشتيمة كما كان الأمر إلى قبل سنة من طرف الدعاية الإخوانية وبقايا الناصرية والبعثية.فماذا عن الخطر الإخواني الجديد؟
الإخوان في ظل الهزات الكبرى التي تضرب العالم العربي هم الرقم الصعب وهم الحزب المنظم وهم المستفيد الأكبر من اهتزاز شجرة الأنظمة الحاكمة، وهم من يلتقط الثمر المتساقط من هذه الشجرة المهتزة!
في مصر الأمر واضح وضوح الشمس، &laqascii117o;الإخوان" هم الطرف الأقوى في الميدان السياسي، وهم في حالة تحالف أو شبه تحالف مع العسكر، أمرهم مجاب، ورجالهم يحظون بالفرص الكبرى، بل وحتى لجنة تعديل الدستور كانوا هم من صبغها بلونهم، بداية من رئيس اللجنة المفكر &laqascii117o;الإسلامي" السياسي طارق البشري ونهاية بـ&laqascii117o;العضو" الرسمي في الجماعة صبحي صالح، والأخير يبدو أنه لم يتحمل نشوة النصر فصرح أخيرا تصريحات كشفت المستور مبكرا، وقال إنه لا يعترف بوجود مسلم ليبرالي أو علماني، وإن &laqascii117o;الإخوان"، حسب لهجته:&laqascii117o;جايين جايين..قاعدين قاعدين"! وبعد ضجة إعلامية من تصريحاته المثيرة، حاول الرجل تمييع كلامه بأنه كان &laqascii117o;بيهزر"، وهو ضحك كالبكا في مصر، كما قال المتنبي ذات يوم!كلام صبحي ذكرني بكلام إعلامي سعودي متعاطف مع &laqascii117o;الإخوان" لم يتحمل هو الآخر النشوة، فقال على حسابه بـ&laqascii117o;تويتر" إن الإخوان قادمون قادمون، وسيخرجون لنا من كل مكان! ولست أدري يخرجون لمن؟ ولماذا؟ وبأي صيغة؟ وبأي وجه؟!
ما يجري هو التالي، حسب تقديري: إن سقط علي عبد الله صالح في اليمن - ولست متعاطفا معه بل أصف الحال - فالبديل هم الإخوان المسلمون عبر حزبهم &laqascii117o;التجمع اليمني للإصلاح"، وهو قائد جبهة أحزاب &laqascii117o;اللقاء المشترك"، وحزب الإصلاح امتزج به، &laqascii117o;الإخواني" حميد الأحمر وإخوانه، وراثة من أبيهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر الذي جير الحكومة و&laqascii117o;حاشد" لخدمة الحركة، فالإخوان المسلمون هم العمود الفقري للمعارضة اليمنية التي في الشارع، أما الحزب الاشتراكي أو الجماعات المدنية فليست سوى إضافات تجميلية، أو في أحسن الأحوال لا تملك حولا ولا قوة أمام &laqascii117o;الإخوان" وحزب الإصلاح وبيت الأحمر وحاشد، حتى لو أرادت!هذا في اليمن، أما في مصر فلا جدال في قيادة &laqascii117o;الإخوان" للميدان السياسي، رغم نفي بعض مثقفي اليسار والقوميين وشبان التحرير، و&laqascii117o;الإخوان" هم من يدير اللعبة الداخلية، بصفقة مع العسكر، وقد قرروا أن لا يدفعوا بمرشح رئاسي في هذه المرحلة، حتى يطمئن العالم إليهم في المرحلة الأولى كما قال القيادي عصام العريان في تفسير هذا الموقف.في الأردن، الإخوان المسلمون هم اللاعب الرئيسي في المعارضة السياسية وهم القادرون على إثارة الشارع وإتعاب النظام, و&laqascii117o;إخوان الأردن" من أشد نسخ &laqascii117o;الإخوان" تطرفا.في سوريا، لا يوجد في الأفق بديل جاهز إلا الإخوان المسلمون، وقد صرح رياض الشقفة، مراقب الجماعة، أن هناك بدائل كثيرة للنظام إذا ما رحل، في مقدمتهم &laqascii117o;الإخوان" طبعا..
إذن، في اليمن ومصر والأردن وسوريا، وقبل ذلك في السودان وغزة، &laqascii117o;الإخوان" هم سادة المشهد، وإن شئت مصطلحا أكثر دقة فقل حركات الإسلام السياسي، وهذا لو دققت في الخريطة يعني بزوغ هلال معاكس للهلال الشيعي، أقصد معاكسا بالمعنى الشكلي على الخريطة. فمن الجنوب اليمني إلى الشمال الشامي تلتقي زوايا الهلال الخميني بالهلال الإخواني وتطبق شفرات هذا الهلال على الجزيرة العربية، أو بلغة السياسة، دول الخليج.
لست أزعم أن هذا تحليل سالم من الملاحظات النافذة، وهناك الكثير من الأسئلة أيضا، فهل كل نسخة من &laqascii117o;الإخوان" في بلد هي نسخة مطابقة تماما للبلد الآخر؟
طبعا لا، فمثلا في حرب السعودية مع الحوثيين كان موقف &laqascii117o;إخوان سوريا" في الخارج مساندا للسعودية عكس موقف &laqascii117o;إخوان مصر"، وكلنا نتذكر أن &laqascii117o;إخوان الكويت" تصارعوا مع &laqascii117o;إخوان الأردن" بسبب الموقف من غزو صدام للكويت، لكن المهم أن &laqascii117o;الإخوان" وكل حركات الإسلام السياسي هي حركات فكرية عقائدية، صحيح أنها براغماتية في السياسة، وهذا ما يفرقها عن السلفيات الساذجة سياسيا، ولكنها في العمق حركات عقائدية، تتقدم وتتحرك بحسب القوة لتحقيق النموذج المثالي المفقود لديها، فالسياسة عندها تخدم العقيدة الثاوية في تلافيف العقل الإخواني، وما فعله خالد مشعل وحماس في التصالح المفاجئ مجرد عينة من هذا السلوك.
يبقى سؤال مهم، هل يتجه الإخوان العرب، باتجاه النموذج التركي؟ كما يقال الآن وكما يبشر به بعض الباحثين الغربيين والأميركان؟أشك في ذلك بسبب خصوصية النموذج التركي، وبسبب عدم اكتمال الأخير أيضا، وبسبب رداءة الثقافة العربية الدينية والسياسية المعاصرة، وأيضا: هل وصل الإسلام السياسي التركي &laqascii117o;الأردوغاني" إلى محطته النهائية أم أنه ما زال في مرحلة الكمون المكي؟!وبعد: نحن أمام بداية عصر إخواني حافل أيها السادة
ـ 'الأخبار'
احتلال، شرعية وحقوق: حرب المشاعات في الجنوب
جنى نخال:
منذ شهر تقريباَ، وكلما سألت عن شخص ما في المنطقة، كان الجواب يأتيك &laqascii117o;معليش مشغول هاليومين، عم بيعمّر". هكذا هي حال معظم سكان الجنوب. بدأت موجة بناء لم تشهدها المناطق اللبنانية منذ أكثر من عشر سنين، وتعالت الأصوات مستاءة لسرقة أموال الدولة والتعدّي على المشاعات. لكن الأمور معقّدة قليلاً، ولا تختصر بسارق ومسروق، أو حقّ عام ومتعدّ. فالوضع يبعث على التفكير بالعدالة الاجتماعية وتأمين المسكن من قبل النظام، ومفاهيم الملكية، وأخيراً سيطرة أحزاب قوى الأمر الواقع التي تستفيد من حاجة الناس لها (أو لأيّ نظام حماية) وتستعملهم أداة ضغط عندما يحلو لها.
(...) سيطرة الأحزاب. من ناحية أخرى، لا تقع المشكلة، برأيي، في &laqascii117o;تعدّي" الناس على أملاك الدولة، أو في مواصفات البناء غير الآمن (وكأنّ التنظيم المدني أو أيّاً من مؤسسات الدولة تأبه حقاً لمصير هؤلاء)، بلا باستعمالهم ورقة بيد الأحزاب. فلنأخذ المساكن الشعبية في صور مثلاً. توقف البناء في بداية التسعينيات حصل بناءً على توازن معيّن بين حركة أمل وحزب الله، وتوافق بين الطرفين لإيقاف المنافسة، وبالتالي المشاكل بين مناصريهم: لم تكن هذه الخطوة إذاً لمصلحة الأهالي. ومنذ ذلك الحين وسكان المساكن الشعبية في صور يعانون حاجتهم إلى ترميم بيوتهم المتهالكة، أو حتّى بناء طبقة ثانية لأولادهم. وهي ظاهرة اجتماعية مهمة في المنطقة، إذ تتكوّن المباني من أفراد العائلة، وتبقى بذلك العائلات في الحيّ نفسه. ومع منع البناء في المساكن، اضطرّت العائلات إمّا إلى البحث عن بيوت خارج المحيط المباشر لمسكن الأهل، أو اللجوء إلى الأحزاب، عبر واسطة أو ترجّ أو مال. كل ذلك والمشاعات بأيدي الأحزاب، تتحكّم بها كأنّها أملاكها.
لقد أحكمت الأحزاب سيطرتها على الأهالي عبر سيطرتها على وقف البناء في المشاعات أو السماح به. وسهّل غياب مؤسّسات الدولة وتخلّيها عن الفقراء وجود الأحزاب وتحكّمها بالناس، ليس عبر مؤسّساتها فقط، بل وعبر رموز طوائفها والرفض الاجتماعي لمن لا يرضخ لها. وقد أصبحت المناطق &laqascii117o;الغير الشرعية" معتمدة كلياً على الأحزاب، لناحية السماح بالبناء أو عدمه وتأمين شبكات البنى التحتية، أو لناحية الوظيفة والمدارس والجامعات والمساعدات المادية. تمكّنت هذه القوى السياسية إذاً من توسيع الهوة بين الفقراء والدولة (وهي هوة تعمل الدولة بحماسة وهمّة على خلقها)، فتمتنع الدولة عن تأمين أبسط متطلّبات الحياة لهم، وتظهر الأحزاب كالمخلّص. والنتيجة هي فصل هذه المناطق أكثر، سياسياً واجتماعياً، عن محيطها، لتصبح معتمدة كلياً على الأحزاب، تستعملها متى أرادت لأهداف خاصة بها. وقد ظهر استياء عدد من الشباب في المشاعات، عندما بدأوا يشتمون رؤساء هذه الأحزاب في العلن. فما ظهر خلال الأحداث الأخيرة، هو تخلّي الأحزاب عن الناس ومصالحهم، أمام الجيش والدرك.
فيما يتقاسم الأثرياء الأراضي والمشاعات دون رادع لأنّ الملكية إله عادل، وفيما يبعد الفقراء عن القانون والشارع والسياسة والمجتمع، وتتعالى صرخات البورجوازية لفرض القانون كلّما حاول أحد عمّال وعاملات مصنع ما المطالبة بحقوقهم، تنمو بيوت المعدومين والمعدومات في مشاعات الأوزاعي والمساكن الشعبية في صور والقرى الجنوبية. كذلك، يستمرّ حكم من يعيش خارج هذه المناطق بعيداً عن معاناتهم اليومية وتحكّم الأحزاب بهم، وبعيداً عن ظلم القانون لهم وتعدّي الجيش والشرطة عليهم، يبقى قاسياً، عابساً، جافاً، ظالماً، لأنّه يرى مشروعيّة وجودهم في حدود الملكية وشرعيتها... (للقراءة).