قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 6/6/2011

- 'الأخبار'
حين يردّد حزب اللّه خطاب النظام اللبناني
رائد شرف:

جاء في كلام نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في 23 أيار الماضي ما فحواه أنّ ضرورات اختلاط المسلمين مع غيرهم لا يمكن أن تستدعي تنفيذ قانون يخالف شريعة الله، وأنّه (أي قاسم) وحزبه ليسا &laqascii117o;في مجال المساومة والتنازل عن بعض الأحوال الشخصية في علاقاتنا مع الآخرين". وفي جزءٍ ثانٍ من كلامه، جاء ما فحواه أنّه لا يجوز إدخال القوانين اللبنانية في تفاصيل الحياة الزوجية، وإن اتّسمت بممارسات عنفٍ جنسي بين الزوجين. فهذا &laqascii117o;يضرب بالحياة الزوجية"، وتصحّ معالجته، تصحيحاً، في القضاء الشرعي، &laqascii117o;إذا كان هناك من معالجة مطلوبة"، يقول الشيخ قاسم. وتصح معالجته احترازياً، في التصدي لتسويق المرأة كسلعة في الإعلام والإعلانات.في الموضوع الثاني، قد لا يصح التشكيك في &laqascii117o;نيات" الشيخ قاسم في ما يخص &laqascii117o;حقوق المرأة". فهو يخصّها بالكلام الجميل وبالاحترام، ويوازي وزنها الاجتماعي بوزن الرجل، عبر التشديد على دورها، الذيلي، في بيت الرجل (يحدّد: أمّ وزوجة). وذلك رغم أنّ استخفافه بالمشكلة المطروحة في تحديده (&laqascii117o;إذا كان هناك من معالجة مطلوبة") يشي بركاكة منهجيّة تفقد من متانة حجته وتفقده، عند بعض الجمهور، من صدقيته، ضمن معزوفة &laqascii117o;نيات حزب الله المستترة" التي تفضحها زلّة اللسان.لكنّ المسألة ليست في &laqascii117o;النيات"، وليست في ما هو مبيّت ولا يعدو جرماً يحاكم عليه. فلكلام قاسم قراءة &laqascii117o;موضوعية" تستند إلى تاريخ حزب اللّه الاجتماعي مع جمهوره، ومع الطبقة الحاكمة، تترتّب عليه بموجبها مسؤوليات.يندرج كلام قاسم في إطار سياسة تعبوية لحزب الله، تراعي قواعد النظام الاقتصادي والاجتماعي السائد، فتعمل على الإحاطة بالمجتمع الموكل إليه من قبل الطبقة السياسية، وهم عامة من ولدوا &laqascii117o;شيعة" على سجل النفوس، بما في ذلك من ضرورات إبقاء الأمور على وضعها. فيذهب الحزب، بالتالي، في دعم ومجاراة السلوكيات الاجتماعية التي يسلكها الفقراء الذين صدفت كثرتهم عند &laqascii117o;شيعة الهوية"، وتسمح لهم بالصمود... في فقرهم. تشمل تلك السلوكيات في ما تشمل، استراتيجيات السيطرة على المشاعات العامة مثلاً، وضمن موضوعنا، بعض أوجه الذكورية.وللذكورية أوجه عدّة عند كل طبقات المجتمع. فقد تتجلّى في إصباغ المرأة بصورة سلعية متطورة، كما يدرج عند الطبقات البورجوازية وملحقاتها المتحكمة بالمفاصل الثقافية المهيمنة (الإعلام المرئي، الإعلانات، الخ). وقد تكون الذكورية، في بعض أوجهها، خصوصاً عند الطبقات الدنيا، وبسبب طبيعة عملها الشاق الذي ينحت الأجساد على أشكالٍ خشنة، في اعتماد التمجيد للجسد القوي ولمزاياه القتالية بما هو (التمجيد) وسيلة للفقير لأن يتقبل حالته (موضوع &laqascii117o;الكرامة"). وهذه الأوجه، لأسباب تاريخيّة، تدعمها الإيديولوجيا البورجوازية كما الدينية، وقد تذهب في تعييرها للمرأة إلى إلباسها دوراً اجتماعياً دونياً بالنسبة الى الرجل.وقد يكون كلام نعيم قاسم الذكوريّ جاء من هذا المنطلق الاجتماعي. وهو، لقربه الاجتماعي من رجال الطبقات الدنيا في السلّم الاقتصادي، يرى في الاقتراح &laqascii117o;المدني" (غير الديني) لمعالجة موضوع العنف المنزلي &laqascii117o;إجحافاً رمزياً" بحق هؤلاء الرجال، في ظلّ التعامي عن غيرها من أوجه الذكورية المرتبطة رمزياً بالطبقة المهيمنة (والعنف المنزلي حقيقةً موجود عند كل الطبقات، لكنّ الفقير &laqascii117o;جسمه لبّيس").كذلك، فإنّ &laqascii117o;مؤسّسة الزواج" تقع هي أيضاً بين أوجه مقاومة الفقير لفقره، عبر خلقها مساحة ثبات عاطفي آمنة في ظل نظامٍ اجتماعي قاسٍ ومذلّ، وسريع التحرّك والانقلابات. وتلك حقيقة يشترك قاسم وغيره من رجال الدين، وبعض جمهور الفقراء من جميع الطوائف، في تلمّسها، من دون فهمها بالضرورة من منظار طبقي. لكنّ تلمّسها ذاك قد يفسر سهولة استهزاء الشيخ قاسم بمشكلة العنف المنزلي ضد المرأة، فيما يفهم الزواج من خلالها كأولوية بالنسبة الى مشاكل الرجل. وهنا ننبّه إلى أنّ الصيغة &laqascii117o;المدنية" للموضوع (في مجلس النواب)، كما عرّفها الشيخ قاسم، لم تحدّد المرأة منفردةً كجهة مظلومة. لكنّ قاسم حلّل الموضوع من هذا المنظار، منظار التخفيف من ذنب الرجل، الرجل العامل والفقير.تبقى كلّ هذه التحليلات من الفرضيات. وهي إن صحت تكون... مؤسفة. وهي ليست مفاجئة. لكنّ الأكيد هو في الجزء الأول من كلام قاسم، وهو ما ينقل سلوك حزب الله السياسي من خانة &laqascii117o;المؤسف"، التي يريدها له كثر من العاتبين المحبّين ممّن حفظوا له إنجازه مع العدوّ، إلى خانة السلوك &laqascii117o;المنافق". ففي أوّل كلام قاسم، جاء ما هو أكثر تشدّداً، ما &laqascii117o;لا يقبل المساومة". فأن تكون قيادة حزب الله محنّكة في السياسة، وبراغماتية، ومحكومة بمعادلة دولية مع من يزوّد الحزب بالسلاح والمال والدعم في وجه العدو، وهو ما يجعلها &laqascii117o;صبورة" مع &laqascii117o;الحريرية" ومجرمي الحرب ومع النهب المنظم لثروة البلاد، يبقى مقبولاً ومبرراً عند البعض. وذلك رغم أنّ التحالف العابر للدول موجود في غير مكان، ولا يعني بالضرورة المساومة التامّة في قضايا الداخل. لكنّ فحوى كلام قاسم عن الزواج المدني الاختياري يشير إلى أبعد من &laqascii117o;صبرٍ" عند الحزب في التعاطي مع النظام القائم. إذ يعترض الشيخ قاسم على الزواج المدني لتنافيه مع شرع الله، وهذا ليس مستغرباً. ثم يقول ما يأتي: &laqascii117o;الأحوال الشخصية في لبنان لكلّ طائفة من الطوائف، وبالأخص الأحوال الشخصية الإسلامية، ليست بدعةً أو رأياً إنسانياً مادياً بعيداً عن اللّه تعالى، وإنما الأحوال الشخصية عندنا جزء من الإيمان والاعتقاد والدين والالتزام، بمعنى آخر: أيّ مخالفة لهذه الأحوال الشخصية الشرعية هي ارتكاب الحرام بالنسبة إلينا، وأيّ التزام بضوابط الأحوال الشخصية في الزواج والطلاق والإرث وكل العلاقات المبينة في الأولاد والوفيات وما شابه، كلّها بالنسبة إلينا مواقف شرعية، ولسنا في مجال المساومة أن نتنازل عن بعض الأحوال الشخصية في علاقاتنا مع الآخرين لنوجد أحوالاً مشتركة لأنّ ما نؤمن به هو إيمان ودين والتزام وجزء من المنظومة الإسلامية، وليس كتابة من بعض العلماء أو من بعض المفكرين لدينا".هكذا، يذهب الشيخ قاسم في تبرير النظام الطائفي اللبناني وكأنّه، بتقسيماته العنصرية، مستمدّ من إرادة الله وليس من صنع البشر (ليس بدعة). بل أكثر من ذلك، يصوغ الموضوع بمنطق الخطاب الطائفي اللبناني الصرف (على أساس تعدّد الطوائف وتعدّد قوانين الزواج) بدل أن يكتفي بالخطاب الديني، فيعرض الزواج الطائفي وكأنّه من مكتسبات المسلمين، فيصبح حقّ كلّ طائفة محفوظاً... وكذلك حدودها. والمبدئية &laqascii117o;الإسلامية" في الكلام جاءت هنا لتخفّف من وطأة الطائفية &laqascii117o;الشيعية".ما يقوله الحزب باستسهالٍ تامّ في خطاب نعيم قاسم، هو خطاب النظام اللبناني القائم، هو أن مصير &laqascii117o;شيعة الهوية" من الدولة يعود له وحده. والمصير الذي اختاره الحزب لـ&laqascii117o;الشيعة"، حتى إشعارٍ آخر، وبالتعاون مع &laqascii117o;الحريريّة" والطبقة المهيمنة، هو الفقر، والإقامة الجبريّة في الضاحية، والزواج بما يرتضيه شرع الله.


- 'السفير'

دلال البزري تعيش معاناتي البيروتية في القاهرة
سلوى فاضل:

... أما الفصل الأغرب والأجمل فهو الفصل الذي تتناول فيه مسألة التديّن المصري المنتشر بشكل ملحوظ في مصر وهذا ما لا يمكن ملاحظته كثيرا من بيروت إلا لمن يُدقق طبعا في بعض البرامج الدينية وبرامج الاستفتاءات. فيما نقلت الدكتورة دلال يدفعني للمقارنة مع جو بيروت، بيروت بما هي صورة مصغّرة عن المجتمع اللبناني بكل أطيافها وألونها وتوجهاتها، التدين في بيروت عبارة عن تدّين حزبيّ محصور جدا وغير منتشر في مجتمع يعاند الانتشار اللغوي للدين، بمعنى أن الفئة الشبيهة في لبنان بالمجتمع القاهري محصورة فقط ضمن إطار حزب الله والجماعة الاسلامية والسلفيين والقاعديين ليس أكثر، مما يعني أن المجتمع اللبناني لم يصل في تدينّه اللغوي الى مرحلة القبول التام. نعم وكصحافيّة أدخل مجتمعات متنوعة أجد أن فئة المتزمتين الدينيين لغويا لا زالت مهاجرة، وفي مرحلة إستنكار ضمني عام، ولم تجد لعاداتها توسعا إلا ضمن النطاق الخاص بهذه الفئات أي فئات العاملين ضمن الإطار الوظيفي لكل من الأحزاب المذكورة. ففي الجنوب مثلا ورغم التأييد التام للمقاومة الإسلامية ولمن يُمثلها أي حزب الله، إلا أن قبول الناس للعادات الدينية لا زال بعيدا نوعا ما، ولم يهضمه سوى المتفرغين والمتفرغات من المنتسبين وعوائلهم. والأمر ينطبق على الجماعة الاسلامية وبيئتها سواء في بيروت أو طرابلس أو صيدا. ما أضحكني أني شعرت بأن الدكتورة دلال سوف تعود من القاهرة محجبّة وربما مُنقبّة نتيجة الضغط الاجتماعي عليها، لكنها ربما عاندت لكونها كانت على الدوام تفكر بموقف زميلاتها الباحثات اللواتي سيأخذن منها موقفا مؤذيا على (رجعيتها المتأخرة)، علما أن أية محجبة لا يمكنها أن تستمر بحجابها إلا نتيجة قناعة ما به على وجه من الأوجه. لقد عبّرت الدكتورة دلال عن حالتي كمحجبة في عدة فصول، ولكن بصورة معاكسة ومقلوبة ومن جهة أخرى. انها تجربة مميزة كُتب لها أن ترى النور ولطالما أحببت أن أكتب عن علاقتي بالمجتمع الذي يعتبر كل من ليست على شاكلته غريبة، عن علاقتي بمن ينظر الى حجابي قبل أن ينظر الى قلمي وعقلي وتجربتي. اختصرت دلال البرزي في كتابها الجديد مواضيع تشكل محلّ جدل، فقد بدأت بالنقاب أولا لدرجة اعتقدت معها أن حربها على الحركات الاسلامية لم تتوقف. ولكنها استكملتها بالمثقفين والصحافيين ولم توفر المجتمع المحلي المصري والفنانات من سيف نقدها الذي تفاوت بين الوصفي والنقدي وتميّز باسلوبها التخفيفي في عملية النقد حيال الآخر مما دفع للسؤال: هل ان تجربة الغربة التي عاشتها في القاهرة خففت من تكبّر المثقف داخلها؟ ومن نظرة التعالي التي يعيشها الباحث والمثقف؟ وهل ان التواضع المصري المتعارف عليه ضمنيا انسحب الى داخلها كمراقبة؟. فاللبناني لا يزال الى اليوم يردد كلمتين يبتدأ بهما كلامه عند كل مقارنة بينه وبين العرب الآخرين (بس نحنا...). هذه الشوفينية لا تتحجم الا بعد الخروج من شرنقة بيروت وتشاوف مثقفيها وكتابها وشعرائها وصحفيها على بقية أفراد المجتمع العربي الكبير، ويجب أن تنتهي لزاما خاصة بعد ثورتي تونس ومصر وانتفاضتي سوريا واليمن التي لا يمكن للبناني أن يقوم بمثلها مهما علا شأنه لكونه كائنا غير حر بل مكبلا بطائفيته وزعمائه. وما لفتني في النص هو أن مجتمع مصر مجتمع متدين على النمط التقليدي، وبعيد عن التدين السياسي الذي يمكن القول به في ايران، وحزب الله لبنان، وحماس غزة، واخوان سوريا والاردن، ووهابيي السعودية، والى ما هنالك من مجتمعات مقترحة عن الخيار المدني، في طور التجربة. وما يؤكد رؤيتي أن المجتمع الإيراني مجتمع منفتح دينيا كون الإسلام بات في يد الدولة، ولم يعد طموحا واقتراحا أو مطلبا حزبيا مطلوبا تنفيذه ولو عبر الاستشهاد. ولا تمثل إيران التشدد الديني إلا فئة مُحددة وتيار ضمن عدد من التيارات، واللافت ان هذه الفئة المتشدة (الأحمدينجادية) تُقصص أجنحتها على يد أعلى ممثل للدين في إيران والعالم الشيعي اليوم.
(مصر التي في خاطري) الصادر عن دار الساقي مؤخرا


- 'الأخبار'
عن عزمي بشارة... وعن سوريا
(نقاش مع إبراهيم الأمين)
فرج الأعور:

في مقالته في &laqascii117o;الأخبار" يوم الاثنين 16 أيار الماضي، يساجل إبراهيم الأمين المفكّر والمناضل العربي عزمي بشارة حول اختلاف مواقفه من الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا. ويأخذ الأمين على عزمي بشارة عدم وضوح موقفه من تولّي الحلف الأطلسي &laqascii117o;إدارة الثورة في ليبيا"، الى جانب &laqascii117o;صمت إزاء الأردن" من قبله، مترافق مع &laqascii117o;قراءة غير مفهومة على الإطلاق لمشهد البحرين"، ومع فارق ظهر بين &laqascii117o;ما صدر عن مركز الدراسات الذي يديره وطريقة حديثه عن البحرين في قناة الجزيرة".. رغم كلّ ذلك، يجب القول إن النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، تميّز عن باقي الأنظمة العربية في السياسة الإقليمية. فهو لم يستسلم أمام الولايات المتحدة الأميركية عندما غزت المنطقة من بوابة العراق، ولم يوقّع على صلح مع إسرائيل لا يعيد كامل الجولان الى السيادة السورية. والأهم من كل ما سبق، أنه حوّل سوريا الى حبل سرّة تتغذى منه مقاومة حزب الله في لبنان. ومما لا شك فيه أن الدعم التسليحي والمادي واللوجستي السوري كان مفصلياً في تحقيق المقاومة النتائج التي حققتها في مواجهة إسرائيل، سواء في سنوات حرب العصابات التي أدّت الى تحرير جنوب لبنان في عام 2000 أو في الحرب التقليدية التي أدّت الى انتصار تموز 2006...من هنا يجب القول إن &laqascii117o;اقتحام المشهد السوري" من جانب عزمي بشارة هو تدخل مطلوب وضروري جداً. لا بل إن التدخل مطلوب من جانب كل مؤيد لموقف سوريا الإقليمي، ومن كل مؤيد للمقاومة في لبنان، لتشجيع النظام السوري على تغيير مقاربته لما يجري وعلى البدء بالإصلاح الجذري الذي يؤدي الى تحوّل ديموقراطي حقيقي في سوريا. إن صدور النقد من الموقع الذي يحتلّه عزمي بشارة يجب أن يحفّز صانع القرار في النظام السوري على إعادة التفكير في ما يجري في سوريا اليوم، لا على إصدار القرار بإعادة &laqascii117o;تعريف" عزمي وموقعه.


- 'السفير'

حـرب حزيـران وواقـع الأيـام العربيـة  
أحمد جابر:

طوى عمر الهزيمة العربية عقوداً من الزمن، تراجعت خلاله &laqascii117o;صيحات" الحدث لتؤول إلى أصداء خافتة في بعض العواصم العربية، وليصير الصراع إلى هم فلسطيني حصري، بعدما ضج الفضاء من &laqascii117o;خطب تحرير فلسطين"، وبعدما استنفدت المهل السياسية اللازمة لبناء &laqascii117o;الأنظمة العربية التقدمية..." شرطاً لا بديل عنه لهذا التحرير! فات الزمن، وما زال مقيماً على فوات، من دون بارقة أمل توحي بأنه سيكون موضوعاً للتساؤل &laqascii117o;النظامي العربي" الرسمي، ومن دون تباشير مراجعة جادة ولامعة من قبل جموع &laqascii117o;الثوريين والقوميين والديموقراطيين والنهضويين والإسلاميين...". سمة العجز التاريخي قيد على كل الردود القادرة على ملامسة صوغ جواب يتناسب وضخامة هزيمة العرب التاريخية على أبواب فلسطين، والتي تتكرر في صيغ مختلفة، تفاقم العجز الموروث وتعيد إنتاجه وتصديره إلى المستقبل العربي، الذي لا يبدو زاهياً، بكل المقاييس السياسية والاجتماعية. على نحوٍ ما، يمكن الادعاء أن حدث عام 1967، الذي كان مسرحه ما تبقى من فلسطين &laqascii117o;والطوق المحيط بها" عربياً، يتجدد بمعانيه الأساسية، بل إن هذه المعاني تأخذ أبعاداً جديدة، لفرط ما أعمل اللسان العربي في شرحها وتأويلها، مما حوّل إلى ثوابت &laqascii117o;لغوية"، وإلى سلاح &laqascii117o;ماضٍ" في مقارعة الخطب الأخرى &laqascii117o;المعادية"... معركة اللغة تظل الأهون والأيسر والأكثر مردوداً، في سياسة &laqascii117o;الهروب إلى الأمام"... أو الوراء، التي تتحكم بالمفاصل الكبرى للإستراتيجيات العربية!! من معارك اللغة، المعتمدة رسمياً وشعبياً، معركة &laqascii117o;نظرية المؤامرة"، التي تقفز من سؤال الذات إلى مساءلة الآخر، وتعفّ عن نقد أفعالها، حتى لا تتهم بممارسة &laqascii117o;جلد الذات"، بينما تطلق لسياطها الأعنة، حتى تنهش من جسد آلة المؤامرة... الذي هو بالمناسبة من فولاذ!! &laqascii117o;لماذا حصل مع العرب ما حصل؟". سؤال ليس برسم &laqascii117o;الشعوب والأنظمة" التي تستهدفها المؤامرة، لكن الإلحاح يقيم في مساحة سؤال &laqascii117o;لماذا فعلوا بنا ذلك؟" واضح الفارق بين السؤالين، لأنه يعبر عن افتراق بين وضعيتين، ولا بأس من التذكير بأن مباشرة الجواب العربي الجدي تقتضي قطع المسافة الفكرية الفاصلة بين السؤالين، ومن دون ذلك، ستظل &laqascii117o;الهوة السياسية"، العميقة، حاجزاً فاصلاً بين الرغبة في المسير إلى الأمام، وبين القدرة على &laqascii117o;تحريك الأقدام"!! القفز من فوق حواجز المعطيات الوقائعية والمادية، معركة &laqascii117o;لغوية" عربية أخرى، جياد القفز الأثيرة، في هذا المجال، هي جياد الموروث، إذ يستعاض عن سوداوية اللوحة الحاضرة، بمجد الأيام الغابرة، وتقوم الرواية والنقل وحتى الأسطورة، مقام المقتضيات العلمية، التي كانت الأساس لما عرفه العرب من نهضة سالفة... هذا لمن يريد اجتناب الانتقائية في تاريخه، ولمن يطمح إلى أن يظل العلم بوصلة هادية للمصير العربي. ما تقدم، يحضّ على معاينة الواقع العربي، حيال هزيمته المنكرة عام 1967، لتبيان الخلاصات الجوهرية، التي تحكمت بمسار هذا الواقع منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم. من قبيل الصدمة الإيجابية القول أن المواجهة العربية ـ الإسرائيلية، أسفرت، حتى تاريخه، عن هزيمة &laqascii117o;المجتمع العربي" في صراعه مع المجتمع الإسرائيلي، لذلك فإن الجانب العسكري، يعبِّر عن ميزان &laqascii117o;وطني عام" أولاً، قبل أن يقرأ على خلفية تقنية بحتة، عليه، فإن الاقتصاد والسياسة والثقافة والقيم الاجتماعية... وكل ما يمت إلى المنظومة الاجتماعية والوطنية، معني بالهزيمة، التي تتقرر مفاعيلها، في ميدان القتال. على هذا النحو، يمكن القول أن ما سقط في فلسطين، ذات يوم، لم يقتصر على الأرض فقط، بل إن السقوط طاول كل المسارح والميادين العربية الأخرى، وما بدا استثناء عام 1973 (حرب تشرين) عاد ليكرس في السياسة ما بدا أن الحرب قد وعدت بتعديل موازينه... هكذا يقف العرب أمام حصيلة هزائمهم اليوم وليس في جعبتهم إلا: ذكرى حرب، لا يستطيعونها، وأحكام سلم، لا يطيقون احتمالها، وما بين &laqascii117o;المرارتين"، تنشب منازعات بينية عربية، وتتغذى انقسامات داخلية أهلية، ويفتح احتمال ضياع أوطان عربية أخرى...! ما النتيجة من كل ذلك؟ مفاقمة العجز الداخلي العربي وتراكمه، واتساع الهوة لمصلحة التفوق الإسرائيلي، وتراجع النفوذ العربي دولياً، واستبعاد العرب من &laqascii117o;منظومة القرار الدولي" وتجاهل مصالحهم... هذا لأن السياسة الدولية تبنى على اساس مقومات كل &laqascii117o;منظمة إقليمية" تتحرك تحت شمس &laqascii117o;العولمة الجديدة". في موازاة الواقع العربي، المتراجع، كيف يبدو الواقع الفلسطيني بعد &laqascii117o;دهر" من معاناته؟ وضعية الحصار تظل الأقرب إلى وصف واقع الحال الفلسطيني، ولعله ليس من المبالغة القول أن الفلسطينيين ظلوا محاصرين دائماً، وبطرائق مختلفة، عبر مسيرة نضالاتهم الشاقة الطويلة. قيد الفلسطينيون بداية، بمقولة ملخصها &laqascii117o;إن تحرير فلسطين واجب قومي". وسُجن نشطاؤهم المستقلون الأوائل، لأن &laqascii117o;استعجالهم" من شأنه تهديد رحلة الاستعدادات الرسمية للحرب. وكبَّل الفلسطينيون، ضمن إطار رسمي ملحق، عندما سمح بإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، وأوكل شأنها إلى إدارة &laqascii117o;مأمونة" للإدارة الرسمية العربية، بحيث يكتفى من تنظيم وتجهيز وتعبئة الشعب الفلسطيني في الشتات، بترتيب شؤون مقرات &laqascii117o;الناطقين الرسميين" باسمه. وعندما آل أمر منظمة التحرير إلى الحركة الوطنية الفلسطينية المنبعثة بقيادة حركة فتح، حوصر النضال الفلسطيني وقمع، لأن استقلاليته وديناميته الصراعية، فاضتا عن قدرة احتمال الأنظمة العربية مجتمعة. تطرح ذكرى &laqascii117o;الهزيمة" اليوم، مراجعة الخيارات العربية بكل بنودها، لتبيان ثغراتها ونواقصها و... جديتها؛ مثلما تطرح مسألة الكفاح المسلح &laqascii117o;الطويل الأمد" الذي خاضته الحركة الوطنية الفلسطينية، من الخارج بداية، وفي الداخل الفلسطيني لاحقاً، وذلك لرسم حدود قدراته على تعديل موازين القوى، بالإتكاء على الميزان الفلسطيني حصراً. إلى ذلك، تطرح حركية الشعب الفلسطيني، مسألة الاستعداد الكفاحي العالي لدى &laqascii117o;الاجتماع الفلسطيني"، وتضيء على معنى استقلالية القرار، كركيزة أساسية دافعة، لكل الطاقة النضالية الفلسطينية... لكن ذلك لا يشكل مهرباً لأي وضع عربي من التزامه العروبي، حيال الشعب الفلسطيني، بمبررات من نوع &laqascii117o;أن الفلسطينيين أحرار في قرارهم... أو أنهم انفردوا... أو نرضى لهم ما يرضونه لأنفسهم..."، المؤازرة السياسية والمادية، من شأنها أن تعين &laqascii117o;الشعب الفلسطيني المستقل" على تجنب &laqascii117o;المحظورات التي تبيحها الضرورات"، نقول ذلك وفي ذهننا ما تتعرض له &laqascii117o;فلسطين" اليوم، في مواجهة العنصرية الصهيونية المنبعثة باسم التهويد، والمتفاقمة تحت مظلة الاستيطان. عام آخر والهزيمة مقيمة، ومن التفاؤل غير الواقعي، أن تمنى النفس العربية بمستقبل واعد قريب... في هذه الأثناء لا مناص من التمسك برومانسية قومية، ليظل الحلم مشتعلاً... وهذا &laqascii117o;أضعف النضال".


- 'الأخبار'

حسين الخليل يخصّب اليورانيوم
راجانا حمية:

حسين الخليل، أو ح. خ، كما هو مسمىًّ في الدعاوى القضائية، بات أشهر من نار على علم بعدما تحولت محطة الوقود الخاصة به والشوارع المحيطة بحيّه الصغير مكاناً للحملات الإعلانية والشعارات التي يخطها بيديه. شعاره &laqascii117o;كن للظالم خصماً وللمظلوم عوناً&laqascii117o;&laqascii117o;من هنا سيخرج القرار". صادمٌ المكان الذي عُلّقت عليه تلك العبارة، بقدر ما هو مضحك. فأيّ مكان قد يخطر على البال لخروج قرار، إلا أن يكون &laqascii117o;أفا" حمار. لكنه الوحيد الذي فعلها: حسين الخليل أو &laqascii117o;ح. خ"، كما يرد اسمه في الدعاوى القضائية المحرّرة بحقه. باللون المعتم العريض، خطّ العبارة ووضعها على مؤخّرة حمار، و&laqascii117o;صفّه" أمام محطة الوقود الخاصة به، على عين &laqascii117o;الرايح والجاي". هناك، في منطقة برج البراجنة، يذيع صيت الخليل. لكن، مع كلّ هذه الشهرة، يجهل كثيرون مكان إقامته، ما لم يقرن السائل اسمه بمحطة الوقود التي تحمل في كلّ حين اسماً مختلفاً، حسب الحالة السياسية التي يمرّ بها لبنان.كانت السماء قد دلفت ماءها، وعادت إلى صفائها، عندما قرّر أحدهم أن يقصد المحطة لرؤية الحمار. استدلّ إلى المكان عبر الهاتف، لكنه حينما وصل إلى المنطقة، ضاع كما يضيع الكثيرون في مناطق الضاحية التي تتشابه زواريبها. كان لا بد من الاستفسار عنه من جيرانه. سأل عابرين كثراً عن مكان المحطة، لكن لا جواب دقيقاً. عندها، خطرت بباله فكرة تعديل السؤال بعض الشيء: &laqascii117o;وين محطة نجاد النووية لتخصيب اليورانيوم؟". سريعاً، أتاه الجواب &laqascii117o;روح دغري دغري...".وصل السائل إلى المكان المحدّد. هناك، أمام المحطة، كان الرجل يتسامر وبضعة أشخاص. وما إن وصل الزائر، حتى &laqascii117o;هبّ" خليل من مكانه مرحّباً بالضيف. يبدأ اللقاء مشوباً بالحذر، فقد خاف خليل من أن يكون هدف الزائر سؤاله عن الدعاوى القضائية. لكن، بعد الاطمئنان، يبدأ السرد، حتى قبل السؤال، عن تجربته في كتابة الشعارات بالقول &laqascii117o;كلّ ما أفعله أنني أطبق قول (كن للظالم خصماً وللمظلوم عوناً)".من الظالم والمظلوم، انطلق الخليل إذاً. لكن، من هو المظلوم والظالم اللذان كانا السبب الرئيسي في اكتشاف موهبة الرجل؟ &laqascii117o;الرئيس إميل لحود والنائب أحمد فتفت"، يقول. ففي ليلة &laqascii117o;ما فيها ضو قمر، كنت جالساً أنا وزوجتي نتابع وقائع الخلاف في جلسة مجلس الوزراء بين لحود وفتفت، وعلا صوت الأخير في وجه الرئيس الذي قال له قعود أحلى ما فتفتك". في تلك الليلة، شعر الخليل بأن لحود &laqascii117o;مظلوم" ولا بد من طريقة لإعادة الاعتبار له. تزاحمت الأفكار في الرأس، إلى أن &laqascii117o;وجدها" فجأة. حمل قلماً وورقة وكتب العبارة التالية: &laqascii117o;هكذا تكون الرجال يا أشباه الرجال". صباح اليوم التالي، حمل الخليل صورة لحود وذهب بها إلى إحدى المكتبات. كبّرها، وخطّ العبارة في أسفلها وعلقها عند باب حيّه، إضافة إلى صورة الرئيس السوري بشار الأسد.شيئاً فشيئاً، بدأت الفكرة تستهوي صاحبها، حتى باتت شغله الشاغل، فانبرى يتابع الأخبار والبرامج السياسية، لالتقاط التعليقات منها. كان هدفه واحداً &laqascii117o;هو الردّ بالصور على كلام جماعة 14 شباط". وجماعة 8 آذار؟ &laqascii117o;بس المستقتلين منهم على المسؤولية والواقفين في وجه المقاومة"، يقول.كثُرت الأحداث السياسية. بدأت &laqascii117o;أعمال" الخليل تتوسع، إلى أن بلغت ذروتها &laqascii117o;ايام الانتخابات"، فعدا شعاراته الخاصة، بات الرجل &laqascii117o;مقصوداً، كان يجي ناس يطلبوا مني علّق صورة وحط كلمة وبيعطوني مصاري". هذه الأموال كان يدّخرها الرجل للحملات الإعلانية المكلفة، حتى عندما كانت الحملة تكبر &laqascii117o;أكثر من طاقتي، كنت أجمع تبرعات من المحبين، يعني بس يجي حدا بعرفه يعبّي بنزين، كنت أطلب الدعم للحملة".كبرت الحملات، وبدأت الشعارات تنتقل من المحطة إلى الشوارع المحيطة. كلما بان حدث، علق شعاراً، حتى أتخمت بعض الشوارع.بعد &laqascii117o;فشّة الخلق" في عهد لحود، بدأ يسطع نجم النائب السابق باسم السبع في منطقة برج البراجنة. عندها، &laqascii117o;نيشن" الخليل على السبع، إلى أن &laqascii117o;أتى اليوم". ففي أحد احتفالات 14 آذار، قال السبع: &laqascii117o;رأيت الرئيس الحريري واقفاً على باب الجنة، وقد أوصاني بسعد وكان كلما أوصاني يقول محكمة محكمة محكمة". عندها، لمعت الفكرة في رأسه، وكتب تعليقه &laqascii117o;صدّق أو لا تصدّق وأخيراً أوحى ربك إلى العالم الروحاني باسم حايك". مزقوها، فعلق بديلاً. اللافتة نفسها، لكن مع إضافة تعديل &laqascii117o;فبدل أن تكون باسم حايك أصبحت باسم السبع (حايك)". وخوفاً من أن يمزقوها مرة أخرى &laqascii117o;كنت أتولّى حراستها أو يحرسها أحد العاملين في المحطة".بعد تلك الحادثة، اشتكى السبع في مخفر برج البراجنة، فما كان من المخفر إلا أن أرسل &laqascii117o;دورية" إلى الخليل يأمره بنزع الصورة. لكن، بما أن &laqascii117o;فعلة الدرك غير قانونية، لكون البلدية يجب أن تأمر بذلك"، قرر الرجل مواجهة الدورية... بـ&laqascii117o;آر بي جي".انتهت المواجهة بدعوى قضائية تلتها دعاوى أخرى، لكنها &laqascii117o;كلها دعاوى عمار". يقول مفتخراً &laqascii117o;وقفت مع الكثيرين في مواجهة الدرك على الرمل العالي وبرج البراجنة، ورفعت السلاح".بسبب كل هذا، كثرت الدعاوى، وكانت الدعوى الكبرى من السفارة السعودية بسبب الشعارات القاسية التي رفعها عليها. يومها أرسلت السفارة وفداً إلى الرجل، فما كان منه إلا أن رماهم بقنبلة &laqascii117o;بس ما انفجرت، وكانت هذه أكبر دعوى". يقول &laqascii117o;ما فيهم يعملوا شي، أولاً ما بيتجرأوا وتانياً أنا كتير بلعب على الكلام". كيف؟ يورد مثالاً &laqascii117o;وقت صاروا يتهموا بقتل الحريري شروي غروي، كتبت: إن صدقت رؤياي، فإن سعد هو قاتل أبيه، بس مين سعد؟ ما عنا بالبرج سعد الحركة وسعد سليم وسعد العنان، من سيثبت قانوناً أن المقصود سعد الحريري؟". المرة الوحيدة التي تجرأوا فيها عليه، هي عندما وضعوا الحرفين الأولين من اسمه واسم عائلته في إحدى الصحف، عندها كتب على أوتوستراد المطار &laqascii117o;موتوا بغيظكم ح. خ وراكم والزمن طويل".


- 'الأخبار'
نكسة العرب... وداعاً
خالد صاغية:

كأنّ المشهد السوريّ ينقصه مزيد من الدماء. أو كأنّ دماءً تسيل هنا يراد لها أن تتستّر على دماء تسيل هناك. كأنّ ما جرى في حماه يومَي الجمعة والسبت لم يُسل ما يكفي من الدموع، فكان لا بدّ من فتح جرح آخر في مجدل شمس.كأنّ إشراك قَتَلة آخرين، يجعل من القتل أمراً عادياً، جزءاً من الحياة اليوميّة.كأنّ الاستشهاد على الحدود مع فلسطين المحتلّة يراد له أن يعطي دروساً في القضايا التي يصحّ النضال من أجلها. فالقتل هناك يُسقط شهداء، أمّا الموت في تظاهرة من أجل الكرامة، فلا يستحقّ حتّى الجنازات الآمنة.كأنّ ثمّة من يريد توجيه بوصلة التحرّكات الشعبيّة، كما لو أنّ الشباب في سوريا يعانون أزمة ترتيب أولويّات.كأنّ ثمّة من يريد أن يقيم تعارضاً بين رؤية فلسطين ورؤية سوريا الديموقراطيّة.كأنّ الرسائل إلى الداخل والخارج ينبغي أن تُخضَّب دائماً بدماء فلسطينيّة. كأنّ الفلسطينيّ الذي سلبه الاحتلال أرضه، ينبغي سلبه أيضاً طريقة موته وموعد الدفن.كأنّ ثمّة من يريد لنكسة حزيران ألا تصبح ذكرى، بل أن تعود كلّ يوم لتذكّرنا بأنّ الهزيمة رفيق دائم للأنظمة المتكلّسة، وأنّ أسطورة الفلسطينيّ المقاوم ستجد دائماً من يريد تحطيمها، أو الاتجار بها، أو توظيفها في بازارات وقضايا لا علاقة لفلسطين بها.وحدهم الشباب الذين ارتضوا، رغم كلّ شيء، أن يضحّوا بأنفسهم من أجل النظر إلى أرضهم المسلوبة، والمستعدّون دوماً للعبور إلى &laqascii117o;هناك" مهما تكن المخاطر، يثبتون أنّ نكسة 5 حزيران لا يمكن أن تستمرّ، وأنّ ما نعيشه اليوم ليس إحياءً لذكرى النكسة، بل مراسم الوداع لها.فأولئك الشباب الذين قضوا في الجولان هم من جيل واحد مع الشباب الذين رسموا طريق الحرية في ميدان التحرير في القاهرة، وهم من جيل واحد مع الذين حوّلوا &laqascii117o;البوعزيزي" إلى أيقونة ترشح حريّة من المحيط إلى الخليج.لقد ودّعت مصر نكستها يوم انتصرت على خوفها. وكما أنّ النكسة لم تكن نكسة مصر وحدها، كذلك بدأت المدن العربيّة تخلع عنها أكفان الخوف، وتُعدّ نفسها لعرس الحريّة.


- 'الأخبار'
لغة تخوينيّة
وليام نصار(مؤلّف موسيقي شيوعي):

ردّاً على مقال خليل عيسى &laqascii117o;اليسار اللبناني يسقط في سوريا" (&laqascii117o;الأخبار"، 4/6/2011):إنّ موقف الحزب الشيوعي اللبناني سليم جدّاً، وكلّ ما عدا ذلك يكون اشتراكاً في مشروع تفتيت المنطقة، لا إضعاف سوريا فقط.لقد أيّد الحزب الشيوعي العراقي التدخّل الأميركي في العراق، ودفع ثمن اختياره الخاطئ. وإذا كان موقف الحزب الشيوعي اللبناني لم يُرضِ غرور الكاتب إلى درجة اتهامه الحزب بالجبن السياسي والانتهازية، فأحبّ تذكيره بأن الحزب الشيوعي اللبناني لم يكن سابقاً ولا حالياً مقرّباً من النظام السوري، بل عمد هذا النظام الى تدفيع الحزب ضريبة لا تطاق من الدم والتحجيم، وإلى منعه من الاشتراك في الحياة السياسية والنيابية اللبنانية.إن موقف الحزب الشيوعي اللبناني لا ينطلق من حقد شخصي ولا من موقع المتملق للنظام السوري، والرفاق يعرفون جيداً أنهم سيدفعون ثمن موقفهم الوطني والقومي السليم، سواء بقي النظام السوري الحالي أو تغير.وبعيداً عن موقف الحزب الشيوعي اللبناني، يبدو أن الكاتب يودّ تعيين نفسه ناطقاً باسم الشعب السوري، وبناءً عليه أسأله: لنفترض أن هنالك نصف مليون أو مليون سوري يتظاهرون ضد النظام، ماذا عن الـ22 مليوناً الباقين؟وعن أي طبقات كادحة يتحدث الكاتب؟ هل هي طبقات كادحة تلك التي تهتف &laqascii117o;العلوي عالتابوت والمسيحي عا بيروت"؟أم أن إحراق صور السيد حسن نصر الله ورفع علم إسرائيل في حي باب السباع في حمص يمتّان بصلة إلى الكادحين والعمال والفلاحين والمثقفين الثوريين؟..


- 'الأخبار'
الربيع العربي ووهم ديموقراطيّة إسرائيل
إيلان بابي:

لا يزال من المبكر معرفة ما ستؤول إليه ثورة الربيع العربي. ولن نتمكن، إلا بعد حين، من استيعاب الأهمية البالغة لذلك الحدث التاريخي. وفيما يستقبل العالم بحفاوة سعي الشعوب إلى تحرير بلدانها وتحقيق الديموقراطية، تنتاب جهة واحدة في المنطقة حالة من الذعر والإحباط.قد تحسبون أنّ تلك الجهة هي أحد المستبدين، أو الأنظمة العربية ممن يخشون أن يلقوا المصير ذاته الذي حلّ بالزعماء التونسيين والمصريين. لكن حتى هؤلاء أنفسهم لم يدنوا من مستوى الريبة والرفض الذي وصلت إليه هذا الجهة. هذه الجهة هي النخبة العسكرية والسياسية الإسرائيلية، التي ترى كلّ تطوّر إيجابي في المنطقة تطوّراً كارثياً (كما فعلت بعد دقائق من إعلان اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح).بنظر إسرائيل، إذا نجحت الثورتان التونسية والمصرية، فهذا أمر سيئ، وسيئ جداً، والأسوأ منه اندلاع ثورات مماثلة في أماكن أخرى من العالم العربي. المثقفون العرب، الذين لا يعدّون كلّهم &laqascii117o;إسلاميين"، وبعضهم يتقن اللغة الإنكليزية، والمطالبون بالديموقراطية من دون اللجوء الى خطابات مناهضة للغرب، سيّئون أيضاً بالنسبة الى إسرائيل. الجيوش العربية التي لا تطلق النار على المتظاهرين، لا تقلّ سوءاً عن كثير من العوامل التي حرّكت وحفّزت الشعوب في العالم، وحتى في البلدان الغربية. وردّة الفعل العالمية سيئة، سيئة للغاية. هي تجعل الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة، وسياسات الفصل العنصري المتبعة داخل أراضي 1967، تبدو كأفعال يمارسها أي نظام عربي نموذجي.لم نتمكن، لفترة من الوقت، من معرفة مواقف إسرائيل الرسمية. ففي أول رسالة منطقية وجهها إلى زملائه، طلب رئيس الحكومة نتنياهو من الوزراء والجنرالات والسياسيين عدم الإدلاء بأي تصريح علني بشأن الأحداث في مصر. للحظة وجيزة، قد تعتقد أنّ إسرائيل تخلّت عن دور &laqascii117o;بلطجية الحي"، لتعود الى ما كانت دائماً عليه، إما زائرة، أو مقيمة. ويبدو أنّ نتنياهو قد أُحرج تحديداً عندما أدلى رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بتصريحات غير مناسبة حيال مصر. فالخبير الإسرائيلي بالشؤون العربية أعلن قبل أسبوع من سقوط الرئيس المصري، في الكنيست وبثقة تامة، أنّ نظام مبارك صلب وقادر على تحمل الصعوبات والضغوط، كما كان دائماً. لكن لم يتمكن نتنياهو من أن يلتزم الصمت لفترة طويلة، وحين نطق، مشى الجميع على خطاه. وحين أطلق الجميع تصريحات، بدا المعلقون على شاشة قناة &laqascii117o;فوكس نيوز" كزمرة من محبّي السلام والحرية الهيبّيين من فترة الستينيات.جوهر الرواية الإسرائيلية بسيط. ما حصل هو ثورة شبيهة بالثورة الإيرانية بمساندة من قناة الجزيرة، وسهّلها، بكل غباء، جيمي كارتر الجديد، وعالم مذهول. أول من يشرح وجهة النظر الإسرائيلية هم السفراء الإسرائيليون السابقون في مصر. إحباطهم الناتج من حجزهم داخل بهو شقة في مبنى شاهق في القاهرة، يتفجّر كبركان ثائر، لا يمكن إيقافه. وتُلخّص تنديداتهم ببضع كلمات مستقاة من أحدهم: &laqascii117o;هذا أمر سيئ لليهود، سيئ جدّاً". بالطبع، حين تقول في إسرائيل &laqascii117o;سيئ لليهود"، فأنت تقصد الإسرائيليين ـــــ لكنّك تعني أيضاً أنّ الأمر السيئ بالنسبة الى إسرائيل، سيئ لجميع اليهود في كلّ أنحاء العالم (رغم أنّ الأدلة تثبت العكس منذ تأسيس الدولة اليهودية).لكن ما يسيء إلى اسرائيل فعلياً هو المقارنة، بغضّ النظر عما ستؤول إليه الأمور، فإنّها تفضح مغالطات وادعاءات الدولة اليهودية على نحو غير مسبوق. كانت مصر آنذاك تعيش انتفاضة منذ سبعة أيام، طرد خلالها وزير الداخلية الذي أمر بلطجيته بالهجوم العنيف على المتظاهرين، وقد تتم محاكمته. لكن حصل ذلك لكسب الوقت، ولإقناع المتظاهرين بالعودة الى منازلهم. إلا أنّ ذلك أفضل بكثير من حال يائير نافيه، أحد المرشحين البارزين لتسلّم رئاسة هيئة الأركان العامة في إسرائيل. فهو أصدر أوامر في 2008 بقتل 7 فلسطينيين مشتبه فيهم، رغم إمكان اعتقالهم على نحو سلمي. لن يزجّ به في السجن، لكن الشابة &laqascii117o;اناتكام" التي فضحت حقيقة هذه الأوامر تواجه الآن حكماً بالسجن لمدة تسع سنوات، بسبب تسريبها المعلومات الى صحيفة هآرتس. لم ولن يقضي جنرال أو سياسي اسرائيلي يوماً واحداً في السجن، بسبب إصداره أوامر للجيش ليطلق النار على متظاهرين سلميين، ومدنيين عزل، من نساء وشيوخ وأطفال. أما الضوء المنبثق من مصر فهو مشع جداً، بحيث إنّه يضيء على المساحات المظلمة في &laqascii117o;الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".العرب السلميون والديموقراطيين (سواء كانون متدينين أو لا)، سيئون بالنسبة الى إسرائيل. لكن هؤلاء العرب وجدوا هناك طوال الوقت، لا في مصر فحسب، بل في فلسطين أيضاً. إنّ إصرار المعلقين الإسرائيليين على أنّ أهم قضية على المحك الآن هي معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، هو بمثابة تضليل، إذ إنّه لا صلة مهمة لها بالأحداث الهائلة التي تهز العالم العربي بأسره. معاهدات السلام مع إسرائيل هي عوارض للفساد الأخلاقي، لا المرض عينه ـــــ ولهذا السبب، فإنّ بشار الأسد، وهو قائد مناهض لإسرائيل من دون أدنى شكّ، ليس بمنأى عن موجة التغيير تلك. ما هو على المحك فعليّاً، الادّعاء بأنّ إسرائيل هي جزيرة غربية مستقرة وحضارية، وسط بحر هائج من الهمجية الآسيوية والتعصب العربي. يكمن الخطر في بقاء الخرائط على حالها، مع تغيّرات في الجغرافيا. ستبقى إسرائيل حينها جزيرة، إنما جزيرة تعصب وهمجية وسط بحر من الدول الحديثة التي تسودها المساواة والديموقراطية.في نظر المجتمع المدني الغربي، اضمحلت صورة ديموقراطية إسرائيل منذ زمن، إلا أنّها اليوم ستصبح باهتة ومشوهة في نظر من هم في السلطة والسياسة. وحده الوقت سيحدد مدى أهمية صورة اسرائيل الإيجابية القديمة من أجل الحفاظ على علاقة خاصة بالولايات المتحدة الأميركية. لكن بطريقة أو بأخرى، فإنّ الصرخات المدوية من ميدان التحرير هي تحذيرٌ من أنّ الأساطير المزيفة بشأن &laqascii117o;الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ومعقل الأصولية المسيحية (أشد تعصباً وفساداً من الإخوان المسلمين)، والشركات الصناعية والعسكرية الانتهازية المثيرة للريبة، والمحافظين الجدد ومجموعات الضغط الوحشية، لن تضمن استمرار العلاقة الخاصة التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة الأميركية في المستقبل. وإذا صمدت هذه العلاقة الخاصة لفترة أطول، فستكون قائمة على أسس متزعزعة. تشير دراسة حالات على طرفي النقيض لكلّ من القوى المناهضة للسياسة الأميركية المتماسكة والمتمثلة بسوريا وإيران، وتركيا الى حدّ ما، من جهة، والطاغية الساقط المناوئ لأميركا من جهة أخرى، إلى أنّه في حال استمرار العلاقة فإنّ الدعم الأميركي قد لا يكون كافياً في المستقبل من أجل الحفاظ على الدولة العرقية والعنصرية اليهودية، في قلب العالم العربي المتغيّر.كان من الممكن أن يكون ذلك خبراً ساراً لليهود على المدى الطويل، حتى للإسرائيليين منهم. لكن لن يكون سهلاً أن تحاط بشعوب تفخر بالحرية والعدالة الاجتماعية والقيم الروحية، وتتنقّل أحياناً بسلام وحيناً آخر بقسوة بين الحداثة والتقاليد، بين القومية والإنسانية، بين العولمة الرأسمالية العدوانية وتأمين القوت اليومي. لكن سيبلغ الوضع حدّاً نهائياً، وسيحمل أملاً بإنهاء أكثر من قرن من الاستعمار والتهجير الصهيوني، لتحلّ محلّه مصالحة أكثر إنصافاً لضحايا هذه الجرائم من الفلسطينيين أينما كانوا، وبأيّ وسيلة يجدها المستوطنون والسكان الأصليون الأنسب للمضيّ قدماً.لكنّ الإسرائيليين لن يفوّتوا فرصة لتجنّب السلام. سيعارضون، ويطالبون، ويتسلّمون المزيد من التمويل من دافعي الضرائب الأميركيين، بسبب &laqascii117o;التطورات" الجديدة. سيتدخلون سرّاً، وعلى نحو مدمر، لتقويض أي عملية انتقال الى الديموقراطية (تذكرون ردّة فعلهم المتّسمة بالقوة والشراسة بسبب &laqascii117o;دمقرطة" المجتمع الفلسطيني)، وسيصعّدون من حملة رهاب الإسلام الى مستوى جديد وغير مسبوق.لكن من يدري، ربما لن يتزحزح دافعو الضرائب الأميركيون هذه المرة، وسيتبع السياسيون الأوروبيون أهواء شعوبهم، وعندها، ليس مبارك وحده من سيُدفع باتجاه إنهاء حكمه الاستبدادي، بل إسرائيل أيضاً. حينذاك، ستسنح لها الفرصة كي تكون جزءاً من الشرق الأوسط المتغير والحقيقي، لا ذاك الشرق الذي تصورته لنفسها واخترعته قبل ستين عاماً.
* استاذ التاريخ في جامعة اكستير البريطانية (ترجمة كوثر فحص)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد