ـ 'السفير'
لماذا لم يطلب محمد بديع موعداً للقاء نصر الله؟
شهر العسل بين المقاومة و&laqascii117o;الإخوان المسلمين" في نهايته
عمار نعمة:
غريبة هي الفترة التي تمر فيها العلاقة بين &laqascii117o;حزب الله" وحركة &laqascii117o;الاخوان المسلمين" عن تلك المرحلة الممتدة لسنين طويلة بين هذين التيارين اللذين شكلا عماد الشرعية الشعبية لمشروع المقاومة على ضفتي الطائفتين الاساسيتين في العالم الاسلامي، السنة والشيعة. والحال ان الحزب و&laqascii117o;الإخوان" قد انتميا خلال نحو ثلاثة عقود الى مشروع مشترك مواجه لمشاريع هيمنة الانظمة الغربية على المنطقة، برغم اختلاف ظروف كل منهما، اذ انخرط &laqascii117o;حزب الله" في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والغرب وادواتهما في لبنان، بينما تمثل الهدف الاول بالنسبة الى حركة &laqascii117o;الاخوان"، في اقطار عربية مختلفة، في مواجهة الانظمة الحاكمة، تمهيدا لاستلام الحكم. والواقع ان حركة &laqascii117o;الاخوان" العالمية لا تحتفظ بمركزية هرمية تضم حركاتها كافة في العالم الاسلامي، وتشترك هذه الحركات جميعها في استراتيجية واحدة، فضفاضة، حيث يحتفظ كل تنظيم بهامش واسع من الحركة، وقد دفع هذا التمايز في بعض الاحيان الى تناقضات عميقة في ما بينها، اذ بينما خرجت الحركة في الماضي بخطاب معاد لسياسة الغرب بشكل عام، انخرط تنظيم الحركة في العراق في حلف مع الاميركيين اثر الاحتلال، اما حركة &laqascii117o;الاخوان" في سوريا فيبدو ان صلتها مع الادارة الاميركية وحلفاء واشنطن في المنطقة قد بلغت مرحلة متقدمة وتعود لعقود من الزمن.
ومع سقوط نظامي زين العابدين بن علي وحسني مبارك في تونس ومصر، وفي ظل تولي &laqascii117o;الاخوان" رأس حربة المواجهة المباشرة بوجه النظام السوري، اضافة الى مواجهات، خجولة حتى اليوم، للحركة الاسلامية بشكل عام مع النظامين الاردني والمغربي، تخرج اليوم حركة &laqascii117o;الاخوان المسلمين" لتشكل ظاهرة حقيقية في ظل الحراك الشعبي العربي، تخشاها الشعوب المنتفضة، لكنها تبدو في حاجة ماسة اليها لتحقيق الانقلاب على الواقع الرسمي الذي طبع العالم العربي منذ مرحلة ما بعد الاستقلال عن الاستعمار خلال القرن الماضي.وقد عزز موقف الحركة ايضا استظلال &laqascii117o;الاخوان" للعباءة التركية التي يشكل الحزب الحاكم فيها، &laqascii117o;العدالة والتنمية"، فرعاً بالغ الاهمية بالنسبة الى حركة &laqascii117o;الاخوان"، وان احتفظ بمسافة لا تلغي مرجعية &laqascii117o;الاخوان المسلمين"، حتى ان الحزب التركي قد أصبح اليوم يمثل عمقاً اساسياً لحركات &laqascii117o;الاخوان" في استراتيجيتها في المنطقة كما في تحالفاتها الخارجية، والتي تأتي الادارة الاميركية على رأسها! يأتي ذلك كله في ظل حراك سياسي &laqascii117o;سني" في المنطقة، يستظل بعض انظمة الحكم في المنطقة الحليفة لواشنطن، في مواجهة ما يعتبره كثيرون &laqascii117o;تغلغلاً وأطماعاً فارسية" لإيران في الخليج والمنطقة، ويتخذ هذا الحراك عنوان &laqascii117o;المأزومية السنية" في المنطقة من أفغانستان مروراً بالعراق وليس انتهاء بسوريا ولبنان!
تنطلق أوساط مطلعة على واقع العلاقة اليوم بين إيران و&laqascii117o;الاخوان" كما بين هذه الحركة و&laqascii117o;حزب الله"، من التململ &laqascii117o;السني" الحالي، لتفسر سبب ابتعاد &laqascii117o;الاخوان" عن محور المقاومة وتقربهم اكثر فاكثر من الحركة الاميركية في المنطقة التي باتت تراهن اليوم على ما تسميه &laqascii117o;الاسلام المعتدل"، ومثاله في تركيا، للحؤول دون المزيد من السيطرة الايرانية على المنطقة، اضافة الى تحجيم الحراك الاسلامي السني الجهادي والسلفي بعد تجميد واشنطن العلاقة معه، والهم الاول بالنسبة الى واشنطن كان ولا يزال وسيبقى عمادها الاساس في المنطقة، أي حليفتها إسرائيل.
لا يعني هذا الامر ان الادارة الاميركية تتفق في استراتيجيتها بالكامل مع حركة &laqascii117o;الاخوان"، لكنها تعمل على تعديل استراتيجية هذه الحركة لمصلحتها، وتشير الأوساط نفسها الى ان نهوض الاخوان في المنطقة هذه الايام، تلازم مع اقتراب في السياسة بين الدورين التركي والسعودي، مع العلم ان السعودية قد اتخذت من &laqascii117o;الاخوان" خصماً لها طيلة عقود. ويعيد بعض المحللين بداية التحول في موقف &laqascii117o;الاخوان" الى الماضي القريب، مع انتصار الانتفاضة التونسية وبداية الحراك الشعبي في مصر، عندما شرع &laqascii117o;الاخوان" في اجراء اتصال مباشر مع الاميركيين وجهات غربية أخرى، ربما لطمأنتهم الى واقع الحال بعد انتصار الثورة في مصر. ويقول هؤلاء ان المشروع السلطوي للاخوان دفع بهم الى هذا الطريق، كما انهم ارادوا استيعاب الحركة السلفية النامية في مصر والتي تتخذ من الشعارات الطائفية والمذهبية العقائدية اساساً لانتشارها، كما انهم حسنوا علاقتهم بالمؤسسة الدينية في مصر أي الأزهر. وتوقف كثيرون عند &laqascii117o;السلبية" التي ابداها الاخوان خلال الحراك الشعبي في يوم النكبة كما في ذكرى النكسة، ومن المفيد التذكير بأن شعارات الاخوان خلال انتفاضة الشعب المصري لم تلحظ أي تحرك أو لافتة أو حتى هتاف ضد إسرائيل أو اتفاقية كامب دايفيد! من هنا يحذر بعض المراقبين من خطورة الاحداث في سوريا، ويقول هؤلاء ان &laqascii117o;الاخوان" السوريين، وحركات شقيقة، قد يشكلون &laqascii117o;حصان طروادة" أميركيا لضرب محور المقاومة انطلاقاً من اسقاط النظام في دمشق.وفيما ترصد الجهات المتابعة وجود خلافات جوهرية قد تصل الى حد الانشقاق بين &laqascii117o;إخوان" سوريا، بدليل اختلاف الحضور والنبرة في مؤتمري أنطاليا وبروكسيل، تسأل هل انتهى شهر عسل &laqascii117o;الاخوان" مع إيران و&laqascii117o;حزب الله"؟من الواضح، حسب الأوساط المتابعة، ان الاخوان" بدأوا بنأي انفسهم عن محور ايران و&laqascii117o;حزب الله"، وثمة مثل بسيط يستدل به من الزيارة التي قام بها مرشد &laqascii117o;الاخوان" في مصر محمد بديع الى لبنان قبل اسابيع، اذ على غير العادة، تجاهل زعيم &laqascii117o;الاخوان" قيادة &laqascii117o;حزب الله" ولم يطلب موعدا للقاء الامين العام السيد حسن نصر الله، حتى ان بديع لم يوجه خلال زيارته أي خطاب خاص او حتى كلمة شكر الى المقاومة!
لكن البعض يشير في المقابل الى حالة ارباك لدى &laqascii117o;الاخوان"، اذ بينما تنخرط الحركة في معركة تبدو معركة وجود بالنسبة الى التنظيم في سوريا، تحتفظ الحركة في مصر بمسافة عن تلك الاحداث ويبدو موقفها ضبابياً، وفي لبنان، ثمة ترقب لدى &laqascii117o;الجماعة الاسلامية" لمسار الاحداث وثمة أسئلة حول &laqascii117o;فتور" العلاقة مع &laqascii117o;حزب الله" وزيارة &laqascii117o;مؤجلة" لإيران، أما في الاردن، فيبعد &laqascii117o;الاخوان" انفسهم عن احداث سوريا ويتهمهم البعض بأن موقفهم هو اقرب الى النظام في سوريا عنهم من اخوانهم في الحركة.على انه برغم هذا الهامش، قد تكشف الاحداث عن موقف اكثر جذرية للاخوان، خاصة في حال تطورت الأمور في سوريا نحو الأسوأ، واذا ما طالت زمنياً.. وخلال هذه المرحلة، لن يزيد موقف &laqascii117o;الاخوان" من المسافة مع إيران والمقاومة.. سوى ابتعاد!
ـ 'السفير'
تبادل أدوار
ساطع نور الدين:
حلم قديم يوشك أن يتحقق، ويدخل تعديلاً جوهرياً على معادلة الصراع العربي الإسرائيلي: أن تتحول سوريا الى جبهة للمقاومة وأن يصير لبنان منصة للممانعة، ويعود توزيع الأدوار الى منطقه الطبيعي المستند الى عناصر القوة وحقائقها وموازينها. ذلك هو الانطباع الأول والأهم الذي تركه يوم النكسة ومسيرته الشعبية السورية الفلسطينية المؤثرة نحو خط الجبهة مع العدو الإسرائيلي في الجولان، والتي انتهت الى مذبحة جديدة راح ضحيتها 23 شهيداً وعشرات الجرحى السوريين والفلسطينيين.. بينما كان خط الجبهة الجنوبية اللبنانية يشهد هدوءاً نسبياً لم يسبق له مثيل في تاريخ تلك الجبهة، التي تواطأ العرب جميعا في وقت من الأوقات على جعلها بديلاً وحيداً من جبهاتهم المغلقة، ومحطة رئيسية للانطلاق نحو مفاوضاتهم مع إسرائيل.ولعل ما يزيد من أهمية تبادل الأدوار، الأول من نوعه بين الجبهتين اللبنانية والسورية، انه لم يكن كما يبدو بالتفاهم المسبق، على ما اشتبه كثيرون. كان الأمر اشبه بافتراق تاريخي، وربما أيضاً بخلاف جذري، حول طريقة استخدام الصراع مع العدو. يمكن لبعض الخبثاء أن يظن أن ثمة في لبنان من لم يمتثل هذه المرة للتعليمات الآتية من دمشق. فاشتعلت في الجولان واستكانت في العديسة. وكان يوم امس مشهوداً.
لا حاجة الى التثبت من أن جبهة الجولان قد فتحت على مصراعيها، ولم يعد الأمر مجرد عملية استكشافية على غرار ما جرى في يوم النكبة الذي كانت حصيلته دموية ايضاً. يمكن الزعم ان الجمهور الفلسطيني يستفيد من اضطراب الوضع الداخلي السوري ومن ضعف الرقابة المشددة على جبهة الجولان، ويقرر ان يبتعد عن الحرج والقلق إزاء ما يجري في قاعدته السورية، ويتوجه الى الحدود لملاقاة الإسرائيليين وتذكيرهم بقضيته. كما يمكن الشك في أن ثمة في دمشق من دفع ذلك الجمهور نحو استفزاز العدو. وفي الحالتين النتيجة واحدة وهي أن الجبهة لم تعد هادئة كما كانت منذ حرب تشرين العام 1973، ولن تظل هادئة بعد اليوم. والمسيرات والاعتصامات السلمية يمكن ان تتحول في اي لحظة الى اشتباكات وتفجيرات وربما غارات عابرة للشريط الشائك، تعيد الى الأذهان سيرة الجنوب منذ ما قبل تلك الحرب بقليل. إنه توزيع عادل للأدوار، يصوب خطأ قديماً ارتكب في مطلع سبعينيات القرن الماضي بحق لبنان، عندما صار البلد الصغير الهش منطلقا للصراع وغرفة مساومة خلفية، تستغل دماء اللبنانيين والفلسطينيين ودمار عمرانهم، من اجل الوصول الى المؤتمرات وقاعات التفاوض.. بينما كان يعتقد ان دور لبنان في الصراع سيقتصر على كونه ملاذا آمنا واستراحة للمقاتلين والمفاوضين، يتوقفون فيها في طريقهم الى جبهات المواجهة العسكرية او الدبلوماسية، ويستفيدون مما توفره من عوامل دعم للقضية، في السياسة او الثقافة او الاعلام او حتى الاقتصاد.. لم تكن متوافرة يومها في بقية البلدان العربية. جبهة الجولان تفتح. جبهة الجنوب تغلق. ما زال الأمر على مستوى الحلم..الذي يحتاج الى المزيد من الأدلة للتثبت من انه صار أمراً واقعاً.
ـ 'النهار'
خيار العقل والتعقل والحوار في لبنان
علي حمادة:
قد تغيرت الامور جذريا لأن ما بني على قاعدة عودة النظام في سوريا الى الاضطلاع بدور شبيه بما مضى في لبنان قد سقط بغرق النظام في بحر من الدماء السورية الثائرة على 'السجن الكبير'، بالتالي وجب التفكير بعقل مختلف عما هو سائد حتى الآن. فاجتماعات الجنرال عون بالسيد حسن نصرالله لحل العقد بين الحلفاء بهدف تشكيل حكومة 'مطلوبين' هي آخر ما يحتاج اليه لبنان. المطلوب اعادة ترتيب الاولويات في البلد، وفتح قنوات الحوار و النقاش السياسي، وتشكيل حكومة جديدة تعكس طبيعة لبنان وتوازناته. واي حكومة لا يكون الاستقلاليون اساسها لن تحوز شرعية داخلية كاملة، وبالتأكيد لن تحوز شرعية عربية ودولية كما يتوهم البعض. ليست مهمة اللبنانيين تشكيل حكومة تكون سندا لقتلة الاطفال و النساء والشيوخ في سوريا، فخيار التبعية لنظام في طور السقوط بفعل ثورة حقيقية ليس خيارا لبنانيا ولا يجوز ان يكون على الاطلاق. فليعد الجميع الى العقل والتعقل والحوار الهادف.
ـ 'النهار'
دلع الصهر ورخاوة الخص
راشد فايد:
حين يكثر النقد، يذكّرون اللبنانيين بأن ولادة حكومة الوحدة الوطنية استغرقت مدة أطول، لكنهم ينسون أمرين: أن مصدر علة التأخير هو نفسه، دلع الصهر والعم، وأن تكليف سعد الحريري أوحى بالاطمئنان إلى القوى الاقتصادية والمالية، على عكس ما توحيه هيمنتهم المسلحة ولو تلطت بنجيب ميقاتي. وكالرصاص الخلبي الذي يطلقه الجيش في المناسبات، يطلق انقلابيو 8 آذار مناوشات جانبية لشغل الرأي العام، كإثارة نقاش في الزواج المدني و'بطولة' الوزير النحاس في ميدان الخليوي، واتهام 14 آذار باعادة لبنان 60 سنة إلى الوراء، أو بتصريحات سليطة حتى البذاءة. ولا يبتعد عن ذلك اتهام واشنطن بممارسة ضغوط. ولا يدري اللبنانيون كيف تضغط أميركا على من يعاديها. واذا كان عداؤهم لها حقيقياً فلم يقبلون؟ ألم يعرفوا سلفاً أن العلاقات الدولية بعد سقوط جدار برلين لم تعد أسود على أبيض، أو العكس؟ إذاً علام زعم القوة و'المنعة' ولاسيما في وجه 'الشيطان الأكبر.
ـ 'الأخبار'
لا معنى لثورة تتجاهل قضية فلسطين
ابراهيم الأمين:
أن تقول إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة الأميركية والغرب والسوريون والعرب، إن ما جرى في الجولان في 15 أيار الماضي وأول من أمس، ما هو إلا سعي من النظام السوري إلى حرف الأنظار عن مشكلته الداخلية، ففي ذلك إشارة هي الأقوى إلى أنّ كل أصحاب هذا الرأي هم فعلياً من الذين يتوافقون، من حيث يدرون أو من حيث لا يدرون، على إفراغ كل الانتفاضات والثورات العربية من مضمونها السياسي الوطني. يطلب منا هؤلاء أن نصدّق أن التغيير إنما يقتصر على مسائل تتصل بالوضع الداخلي، وبالتالي، فإن أصحاب هذا الرأي يعتقدون أن هناك فصلاً فعلياً بين المسألة الداخلية وبين المسألة الوطنية، بينما هم ظلوا، ولا يزالون يعتبون على النظام السوري لأنه لم يطلق رصاصة باتجاه الجولان، وبعضهم يقول إنه لم يتحرك منذ 44 عاماً. يتناسى هؤلاء أن سوريا هي التي خاضت حرب تشرين عام 1973، وأن خيانة أنور السادات ومسارعة الولايات المتحدة وإسرائيل الى إشعال الحرب الاهلية في لبنان، كانتا تستهدفان في مكان ما محاصرة سوريا وعزلها ودفعها الى تقليد السادات. ومشكلة اصحاب هذا الرأي، أنه عندما وافق الحكم في سوريا على إتاحة المجال، ولو سلمياً، لأبناء فلسطين أو للسوريين من أبناء الجولان التعبير عن حقهم بالعودة الى أرضهم المسلوبة، والتحرك من خلال تظاهرات ومسيرات العودة، حتى صار الأمر عيباً: احترنا يا قرعة منين بدنا نبوسك!
الواضح أن هناك حاجة فعلية إلى إعادة النظر في كل المعايير. وأن هناك حاجة إلى أن نغادر العقل الكلي، الذي يعتمد صورة واحدة ونسقاً واحداً في مقاربة كل ما يحصل من حوله. فلا يحاول أحد أن يأخذ مسافة قليلة الى الخلف لمراقبة المشهد من زاوية أخرى. وبات المتحمسون للانتفاضة السورية، كيفما قامت، لا يهتمون لكيفية حصول الأمر، ولا لمن يتولّى قيادة الشارع، ولا لمن يسعى، وباشر الاستثمار، ولا الى موقف أعداء الأمّة مما يجري: ألا يكفي ترحيب الولايات المتحدة وإسرائيل، ومنذ اليوم الأول، بالانتفاضة السورية لتكون مدعاة للقلق؟ بينما ظل الأميركيون والغربيون يعملون بكل قوة لحماية أزلامهم في مصر وتونس وربطوا تدخلهم في ليبيا واليمن بأن يكونوا شركاء كاملين في اي تغيير سوف يحصل.لكن السؤال الأساسي يتعلق بأصحاب هذا الرأي، وخصوصاً منهم الذين يعلنون أنهم ينتمون إلى معسكر المقاومة للاحتلال الأجنبي وللاستعمار الاقتصادي والتبعية الثقافية للغرب، وهو: هل تريدون فعلاً تغييرات تقتصر على حقوق خاصة بالأفراد والجماعات على طريقة فرقة &laqascii117o;بدي عيش" المنتشرة منذ عام 2005 بين لبنان ورام الله ومصر والأردن ودول الخليج؟ وبالتالي، إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تعترضون على فكرة أن الإصلاحات التي تنوي الأنظمة المستهدفة تنفيذها غير كافية؟
المشكلة مرة جديدة، هي في أن عملاء أميركا وإسرائيل من حكام ومثقفين وإعلاميين، جهدوا منذ لحظة اندلاع النار في جسم البوعزيزي، إلى رفض وجود أي مضمون سياسي وطني للانتفاضات العربية. وساروا في الركب الأميركي نحو بناء ثورات مضادة تقوم على أن تنشغل كل دولة، وكل شعب بمشاكله الداخلية، وألّا يفكر في أي أمر آخر من حوله. وهو فخ وقعت فيه قوى كبيرة، منها حركة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" المقبلة على انقسامات لم تعرفها في تاريخها بسبب السياق الانتهازي الذي تسلكه في كل العالم العربي وتريد تعميمه حتى على فلسطين. وهو الفخ الذي يشغل مصر مثلاً، في انتخابات نيابية يعتقد الانتهازيون أنهم سيرثون بموجبها الحكم القديم. ثم لا يلبث هؤلاء أن يقبلوا بكل السياسات التي كانت قائمة سابقاً. فلا تكون هناك مشكلة في مصر مع استمرار كامب ديفيد وصفقة الغاز لإسرائيل، إذا ما أتيح اتخاذ قرار بمنع الاختلاط في المدارس. ثم لا يهتمّ هؤلاء، وخصوصاً المحرّضين على ثورة عمياء في سوريا، إذا ما كانت النتيجة حرباً أهلية مديدة، وتقسيماً وناراً تحرق الأردن ولبنان وتأتي على قوى المقاومة في دربها. ثم يطلقون كذبة ويصدقونها: أصلاً الغرب لا يريد سقوط هذه الأنظمة لأنها لا تمثّل خطراً عليه؟ ولو كانت هذه الخلاصة صحيحة، فما الذي يدفع الولايات المتحدة وكل دول الغرب وكل دول العرب ـــــ أميركية وإسرائيل وتركيا وأجهزة عالمية الى الانشغال 24 على 24 في متابعة ما يجري في سوريا؟ المشكلة هنا، هي في رفض المحتوى السياسي للثورات. وفي رفض العلاقة الحكمية بين أي تغيير داخلي وبين هوية الفريق الذي يحكم. فهل يعقل أن نقبل بحكم جديد في سوريا تكون نتيجته عزلها باسم حقوق شعبها، والانتقال الى مشكلات داخلية تؤدي الى حروب أهلية بديلةً من القمع الحالي؟منطقتنا وبلادنا لديها مشكلات كبيرة بدأت بعد قيام اسرائيل. وكلما تعمقت ازمة هذا الكيان، ازداد الضغط على الحكومات والأنظمة والشعوب عندنا. ومن لا يرد أن يرى أن هناك من سقط وهناك من صمد، يكن من الفئة التي تصحّ فيها الدعوة الى الهجرة والتنظير عن بعد. أما وقائعنا الحالية فتقول إن مسيرات العودة فتحت الباب أمام معركة جديدة، ستكون أكثر قساوة، وبكلفة باهظة أيضاً، لكنها ستعيد الاعتبار الى المعنى السياسي الحقيقي لكرامة المواطن العربي، وليس لهذا المعنى من معبر آخر سوى المقاومة!
ـ 'الجمهورية'
من النكبة إلى النكسة: 'فتح' تسحب الورقة الفلسطينية من حزب الـله
اسعد بشارة:
حوّل يوم النكسة الذي كان يفترض أن يشكّل الحلقة الثانية في مسلسل تحريك ورقة الفلسطيني المدني باتجاه الحدود، إلى نكسة لحزب الله، الذي أراد من هذا التحريك المدروس تخفيف الضغط عن النظام السوري عبر استعمال الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة إلى حالة ممانعة مدنية، عدّة العمل فيها شجاعة فردية للاجىء الفلسطيني وتعبئة تولاها حزب الله والفصائل الفلسطينية الحليفة، ودعم لوجستي وخطابي من حزب الله لم يرقَ إلى مستوى الاستعداد لوضع الخطة ب موضع التنفيذ، في حال أقدمت إسرائيل (وهو ما قامت به فعلا) على إطلاق النار على الممانعين المدنيين، وسقط الشهداء من دون أن يجدوا من يستعدّ لرد طلقة واحدة على الجنود الإسرائيليين في الجنوب والجولان.
ولفهم أسباب نكسة يوم النكسة، وجب العودة قليلا إلى الوراء، إلى ما قبل مرحلة التحضير ليوم النكبة، حيث بدا أن معظم الفصائل الفلسطينية، ومن ضمنها حركة فتح، أيّدت تنظيم تظاهرة الى قرب الحدود لإحياء الذكرى، ولتوجيه رسالة إلى إسرائيل والمجتمع الدولي بأنّ القضية الفلسطينية لم تَمُت. ومع التوافق على مبدأ التظاهر، بدأت اجتماعات تنسيقية بين فتح وحزب الله، فيما التنسيق لم يكن حاجة ملحّة بين الحزب والفصائل الأخرى، ومن بينها حماس والجبهة الشعبية وغيرها من الفصائل التي لا تحكم علاقتها بحزب الله أو القيادة السورية معادلة التنسيق بما يتضمّنه من تباين أو تطابق، بل تحكمها آليات عمل واحدة كأنّها تنتمي إلى فصيل واحد.
وفي الجلسة المشتركة التي عُقدت بين فتح وحزب الله، تم استعراض الهدف من التظاهرة إلى الحدود، فأصرّت فتح على ألّا يتخطى التجمّع ساحة مارون الراس، وألّا يصل المتظاهرون إلى الشريط، ذلك لاعتبارات عدّة، أبرزها يتصل بعدم رغبة القيادة الفلسطينية في توريط لبنان باشتباك مع إسرائيل، هو غير مستعدّ له، ولحرص هذه القيادة على أن لا تستعمل الجنوب كساحة لتبادل رسائل أبعد من مجرّد التذكير بقضية اللاجئين، وأخطر من أن يتحمّل لبنان تبعاتها إذا ما تبيّن أنّ هذه التظاهرة ستخرق القرار 1701. وفي هذا الإطار حرصت كوادر فتح على تنبه حزب الله إلى خطورة أن يتم تحويل التظاهرة من مسارها وهدفها إلى أن تصبح وقودا لنظرية رامي مخلوف (استقرار إسرائيل من استقرار سوريا). وفي الاعتبارات أيضا أنّ فتح، التي أيّدت وساطة بإطلاق احتجاجات يوم النكبة، كانت تريد لهذه الاحتجاجات أن تحقق هدفا فلسطينيا في مرمى إسرائيل يسابق المعركة الدبلوماسية المقبلة في الأمم المتحدة عند إعلان الدولة. كانت فتح تريد تظاهرة سلمية، وليس اقتحاما للحدود تعرف مسبقا أنّ حزب الله أو النظام السوري لم يتخذ قرارا بالرد عليه إذا ما أدّى إلى سقوط ضحايا وشهداء.
'لوجستية النكبة'
وفي الجانب اللوجستي لتحضير تظاهرة النكبة، أشياء تستحق التوقف، إذا تولّت حركة فتح تمويل تحرك التظاهرة، وامتنع حزب الله عن ذلك، لا بل إنّ الحزب لم يفِ بوعده بإرسال سيارات اسعاف احتياطا لنقل الجرحى، ما أدى إلى زيادة الخسائر في الأرواح وساهم في استياء الفلسطينيين، وخصوصا أنصار الفصائل الحليفة لحزب الله الذين زوّدهم الحزب على الأرض في مارون الراس مقصات لقطع الشريط الشائك، وهم كانوا أوّل من اقتحم الشريط وأوّل من سقط منهم الشهداء وأصيب الجرحى. وبعدما انتهى يوم النكبة لبنانيّا وسوريّا إلى ما انتهى إليه، بدا واضحا أن الشارع الفلسطيني ذاق مرة جديدة طعما يشبه مذاقه طعم الخداع، إذ ما معنى أن يتم التشجيع على إحياء يوم آخر مشابه في ذكرى النكسة، تتكرر فيه مشاهد قتل المدنيين على الحدود اللبنانية والسورية، من دون أن يحرّك حزب الله في لبنان أو الجيش السوري في الجولان ساكنا؟ وما معنى أن تتحرك الحمية السورية فجأة، وأن تساندها حمية حزب الله لتنظيم اشتباك مدني على الحدود في الجولان والجنوب، وكأن ذلك معدّ كورقة فلسطينية للاستعمال عند الحاجة، خدمة لمعادلة الاستقرار مقابل الاستقرار؟ المعنى الوحيد الذي استخلصته حركة فتح، هو أنّ ما جرى وسوف يجري على الحدود لن يصبّ في خدمة القضية الفلسطينية. لذا، قامت بتهدئة قواعدها وتخفيف الحماسة إلى المستويات الدنيا، منعا للمشاركة في يوم النكسة. وقد ساعد ذلك قرار الجيش اللبناني بمنع وصول التظاهرة إلى الحدود، كما ساعدتها الخلاصات التي خرج بها الشارع الفلسطيني ممّا جرى في يوم النكبة وطوال يوم النكسة لم تنجح الفصائل الحليفة لحزب الله في تحريك الفلسطينيين لتكرار اقتحام الحدود، ليس بسبب القرار الصلب فقط لقيادة الجيش بعدم تمكين أي جهة من الوصول إلى الحدود، الذي هو الترجمة العملية لالتزام العماد قهوجي حماية المقاومة من دون التعهد بتغطية أي أعمال تهدّد لبنان وتخرق القرار 1701، بل لأنّ قيادة منظمة التحرير أرادت قطع الطريق على استثمار الورقة الفلسطينية، ولم يبقَ في الميدان إلا العقيد منير المقدح الذي أحيا يوم النكسة بمعارك صوتية لم يكن الهدف منها سوى القول: 'أنا أتمايز عن حركة فتح، إذا أنا موجود'.