قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 9/6/2011

- 'الجمهورية'
دبلوماسي أميركي لشباب لبنان:التغيير يبدأ منكم
مي الصايغ:

نظّم دبلوماسي اميركي اوراقه، وانتقى كلماته التي يَودّ أن يخاطب بها مجموعة من الشباب الجامعيين، عن مبادئ الديمقراطية في الولايات المتحدة.
إستهَلّ الدبلوماسي المخضرم حديثه عن طريقة عمل المؤسسات الدستورية من قضائية وتشريعية وتنفيذية في بلاده واستقلاليتها، وأسهب في الحديث عن الكونغرس، وما يملكه الرئيس الاميركي من صلاحيات امامه، ولا سيما لجهة حَق النقض' الفيتو' لأي قرار لا يرغب الرئيس فيه.
حديث استحوَذَ على اهتمام قسم من الشباب، فيما شبّهه قسم آخر، بمحاضرة قانون دستوري في سنة اولى سياسة.
شباب جلسوا في حماس ينتظرون لحظة إنهاء الدبلوماسي تقديمه، لينهالوا عليه في ما بعد بأسئلتهم عن موقف إدارته من التطورات التي يشهدها الشارع العربي.
اسئلة كانت أشبه بسهام، حاول السياسي المحنّك احتواءها، مبررا مقاربة إدارته للثورات العربية، وعدم التزامها القيم الديمقراطية التي تدافع عنها، بعبارة 'لكلّ بلد خصوصيته'.
خصوصية حَتّمت تردّد إدارة الرئيس باراك اوباما وتريثه حيال ما تشهده الساحة السورية منذ منتصف آذار الماضي، ما خلق له إشكالية فاضحة بسبب انحراف البوصلة الأخلاقية والأسلوب الانتقائي للسياسة الأميركية ما بين سوريا كنظام وبين العراق أو ليبيا على سبيل المثال، ما يتعارض مع محاولة أميركا للحفاظ على صورة عرّابة الديمقراطية العالمية.
إشكالية لا ينكرها الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه لدواع وظيفية، لكنّه حاول التنَصّل منها عبر التذكير بموقف سيّد البيت الابيض، عندما خاطب الرئيس السوري بشار الاسد في وضوح قائلا: 'قُم بالإصلاح او تَنَح'.
تقليم أظافر؟
يستجمع قواه لبرهة، لتعود علامات الإرباك وترتسم على محيّاه، حين تتوجّه اليه إحدى الشابّات بالقول، إنّ بلاده تنوي تقليم أظافر النظام السوري، وليس تغييره، مذكرة اياه بأنّ وزيرة الخارجية السابقة كوندوليسا رايس أوضحت للنائب وليد جنبلاط، اثناء زيارته نيويورك في العام 2005، أنّ واشنطن 'لا تريد إسقاط النظام بل تغيير سلوكه'، مختتمة بالقول 'إنّ مراعاتكم أمن اسرائيل والخوف من أن ينشأ نظام مُعاد على حدودها، منع اوباما من الضغط على الأسد حتى يتنحّى، كما فعل مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك'. هجوم استفَزّ الدبلوماسي، لكنه اكتفى بالرد انّ 'السياسة في تحوّل دائم، وهي ليست جامدة'، مُبديا سعادته لما يجري على الساح العربية، حيث تفتحت براعم الديمقراطية. ورفض اتهام إدارة اوباما بالسَعي إلى الاستيلاء على الثورات العربية عبر تقديم مساعدات مالية سخية، على غرار ما جرى في تونس ومصر، بعد أن عجزت عن حماية الأنظمة الحليفة لها، نافيا ان تكون غاية بلاده، التوَدّد الى بعض الدول العربية الخارجة للتَوّ من ثوراتها، بغية صرف نظرهم عمّا يجري على الساحة الفلسطينية.
وقد سمع من الحاضرين الكثير عن انحياز الإدارة الاميركية الى جانب الدولة العبرية، وتجاهلها مطالب الشعب الفلسطيني. وحاول احدهم تذكيره كيف صفّق أعضاء الكونغرس لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتناياهو، وقوفا له 29 مرة خلال خطابه الاخير الذي استغرق 48 دقيقة. وأظهر احد الشبان انعكاس العجز عن إيجاد حَل للقضية الفلسطينية على عدم الاستقرار في لبنان، طالبا من الدبلوماسي إطلاع إدارته على عدم رضى قسم كبير من اللبنانيين في شأن سياستهم في منطقة الشرق الاوسط.
حول لبنان
وبالانتقال الى الشِق اللبناني، بدأ الشباب في شرح مساوئ النظام اللبناني على اساس أنه 'رئاسي وليس برلمانيا، بل بدعة توافقية' على حَد تعبيرهم.
وحمّــــل بعضهـــــم الارتهــــــان الى التوافقية، والشخصنة، وعدم الاحتكام الى المؤسسات الدستورية، وتفشي الطائفية والفساد في مؤسسات الدولة ووجود سلاح في يد حزب خارج سلطة الدولة مسؤولية ضرب ديمقراطية الكيان اللبناني. وأشار احدهم الى وجود نقص في الوعي بين المواطنين الذين لديهم ولاء مطلق للزعيم، ويستمرون في انتخابه وعدم مساءلته. الى جانب تفَشّي ظاهرة شراء الأصوات عند كل استحقاق انتخابي، ما يُفقد المواطن أهم وسيلة ديمقراطية للتعبير عن رأيهم، ومحاسبة المسؤولين عند إخلالهم بواجباتهم. تابع المسؤول الاميركي باهتمام شديد تذَمّر الشبان اللبنانيين من مساؤى النظام وآلية عمل المؤسسات في لبنان، مكتفيا بنصحهم قائلا: 'التغيير يبدأ منكم، وعليكم التحرّك لترسيخ أسس الديمقراطية في بلدكم، وليس خافيا عليكم أنّها خطوة في مسيرة الألف ميل نحو الإصلاح'.
نصيحة استدعَت من احد الشبان الطلب الى الدبلوماسي ابلاغ إدارته الكف عن دعم أركان الطبقة السياسية الحاكمة، والإصغاء الى أصوات الشعب اللبناني.
ومع انّ الجلسة الحوارية كانت مخصصة لمناقشة 'مبادئ الديمقراطية'، إلاّ انّ ذلك لم يمنع الحاضرين من السعي إلى استشفاف موقف الإدارة الاميركية من موضوع تأليف الحكومة اللبنانية.
سؤال دفع المسؤول الاميركي الى إعادة التذكير بما عَبّر عنه مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى جيفري فليتمان، والسفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيللي، مجددا رفض واشنطن قيام اي حكومة لا تحترم القرارات الدولية، ولا سيما المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وقرار مجلس الامن 1701. وتجنّب الدخول في عواقب اذا ما تمّ استيلاد حكومة لا ترضى عنها واشنطن، ممتنعا عن إيضاح مشروع القانون الذي أعَدّه عدد من النواب الاميركيين في الكونغرس تحت عنوان 'قانون 'حزب الله' لمكافحة الإرهاب لعام 2011'، The Hezbollah Anti- Terrorism Act ، والذي يهدف الى وضع ضوابط كبيرة على المساعدات الاميركية الى لبنان، 'في الأوقات التي يكون حزب الله جزءا من الحكومة اللبنانية'.
ورفض الإجابة عمّا إذا كان الأميركيون في صدد تهديد لبنان اقتصاديا، والتلويح بورقة المصارف في شكل خاص. وختمَ حديثه مبتسما: 'لا حكومة في القريب العاجل'، مضيفا بلهجة ساخرة 'انّ ذلك سيستغرق وقتا طويلا'.


- 'النهار'
لبنان ضد قرار ادانة سوريا في ظل صمت عربي لما تتعرض له
خليل فليحان:

اعترض لبنان على مشروع قرار في مجلس الامن يدين التدابير التي تتخذها السلطات السورية ضد المتظاهرين المدنيين المطالبين باصلاحات واسعة. وقد اعدت المشروع بريطانيا وتبنته فرنسا والمانيا والبرتغال، وايدته الولايات المتحدة الاميركية. وطرح أمس على مجلس الامن. واتخذ لبنان هذا الموقف بصفته عضوا غير دائم لدى المجلس وتحدث باسم المجموعة العربية لدى المنظمة الدولية. ويتخذ لبنان موقفا دوليا الى جانب روسيا والصين والهند على اللهجة القاسية لمسودة القرار. ووعد مندوبا روسيا والصين باعادة النظر في موقفهما الرافض لها باتخاذ موقف اكثر مرونة حيال صيغة معدّلة بعدما كانا هددا باستعمال حق النقض اذا بقي النص على حاله.
واللافت انه لم تجتمع جامعة الدول العربية مرة واحدة لتحديد موقفها مما يجري او للاضطلاع بدور مهدئ او توسط على الرغم من مرور ثلاثة اشهر على بدء اندلاع التظاهرات والحوادث الامنية. وليس هناك اي توضيح لصمت الجامعة التي كان لها موقفها من الصدامات التي وقعت في ليبيا بين قوات العقيد معمر القذافي والمعارضين المسلحين اذ ان الجامعة في ختام اجتماع استثنائي لمجلس وزراء الخارجية العرب طلبت من لبنان ان يكلف مندوبه لدى المجلس نواف سلام ان يساهم في الاتصالات في اروقة المجلس بهدف انشاء منطقة حظر جوي فوق ليبيا وفقا لرغبة عدد من الدول الغربية في مقدمها اميركا وفرنسا وبريطانيا. ولعب لبنان دورا بارزا في صوغ القرار بالتنسيق مع مندوب فرنسا وسواه مما حظي باعجاب الاداء الديبلوماسي الذي ادى الى اتخاذ القرار ضد ليبيا. وتجدر الاشارة الى ان اي موقف للجامعة لم يظهر على الرغم من عدد الضحايا الذي فاق الالف قتيل وعدد كبير من الجرحى والمعتقلين والهاربين من الصدامات المسلحة.
اما بالنسبة الى المشروع الذي طرح أمس في مجلس الامن، فيرمي الى ادانة التدابير القمعية في سوريا ضد المحتجين المدنيين المطالبين بحريات سياسية واعلامية واصلاحات في ميادين مختلفة وحل الحزب الحاكم واعطاء المزيد من الحريات للاعلام وعدم حصر ذلك فقط بالوسائل الرسمية. ولم يأخذ واضعو القرار بالموقف السوري الرسمي
وافادت مصادر ديبلوماسية انه في حال صدر قرار عن مجلس الامن بلغة مخففة تقتصر على ادانة اعمال العنف التي تقع خلال التظاهرات فسيكون الثاني بعد قرار 'مجلس حقوق الانسان' الذي انعقد في جنيف في الاسابيع القليلة الماضية ودان بشدة استعمال القوات السورية 'الاسلحة الفتاكة' ضد المدنيين المحتجين وقرر ارسال لجنة تحقيق لتقصي حقيقة ما يجري.
ولفتت الى ان الدور الذي يلعبه لبنان في المجال الدولي يشوه بما يجري في الداخل ولا سيما على صعيد الكيدية المستعملة في الاتصالات والشروط الموضوعة التي تعوق الرئيس المكلف في انجاز تشكيلته الحكومية على الرغم من ان المعرقلين هم بعض اطراف الفريق الواحد اي 'الاكثرية النيابية' الجديدة. واستغربت التراشق السياسي الجاري حول انعقاد جلسة لمجلس النواب وما اذا كانت جائزة وفي هذه الحال يسمح لها ان تكون تشريعية على الاقل بالنسبة الى التجديد لحاكم مصرف لبنان الذي ستنتهي ولايته في نهاية شهر تموز المقبل. واشارت الى ان التوتر السياسي حول انعقاد تلك الجلسة سيستمر اسبوعا جديدا، لان الرئيس نبيه بري كرر دعوته لعقد جلسة الاسبوع المقبل.


ـ 'الحياة'

سورية والدور المفترض
حسان حيدر:

المواطنون الذين عرضهم التلفزيون الرسمي السوري وهم يناشدون الجيش التدخل لإنقاذهم من &laqascii117o;العصابات المسلحة" في مدينة جسر الشغور، صورة طبق الأصل عن المناشدات التي عرضها التلفزيون نفسه في 1976 وقال إن مخاتير لبنانيين وجهوها إلى الجيش السوري للتدخل من اجل &laqascii117o;إنقاذ المسيحيين" في لبنان، قبل أن يتبين بالتجربة الملموسة أن اللبنانيين بمختلف طوائفهم وأحزابهم كانوا في &laqascii117o;سلة واحدة" بالنسبة إلى الحكم في دمشق.
ومع أن الفارق الزمني بين ما يجرى في سورية حالياً وما جرى في لبنان آنذاك يزيد عن 35 سنة، فإن النظام السوري لا يزال يعتمد الأساليب نفسها في تبرير تصرفاته وتقديمها على أنها من مستلزمات &laqascii117o;الدور" الذي يؤديه لـ &laqascii117o;المحافظة على الاستقرار" في المنطقة، رابطاً بين استقراره الداخلي وبين استمرار هذا الدور، من دون أدنى تطوير للمفاهيم السياسية أو الإعلامية، يتماشى مع التغيير الحاصل في العالم.
لكن في حاله الجديدة، يبدو النظام السوري عاجزاً عن إدراك حدود الدور الذي ابتكره له الغرب. فهو عندما اجتاح لبنان للمرة الأولى طرح تحركه من زاوية المقايضة بين المصالح الغربية ومصالحه الذاتية، وكان &laqascii117o;استيعاب" لبنان في ذلك الوقت هدفاً استراتيجياً للنظام السوري تقاطع مع هدف استراتيجي للغرب، وخصوصاً الأميركي، يقوم على إبعاد خطر منظمة التحرير الفلسطينية عن إسرائيل وكف يدها في لبنان. ولهذا، ساهم الغربيون آنذاك في تضخيم &laqascii117o;الدور الإقليمي" السوري الذي كان من شروطه إبقاء جبهة الجولان السورية هادئة وكبح الفصائل الفلسطينية في جنوب لبنان. ومع أن فشل دمشق جزئياً في تنفيذ الشق الثاني دفع إسرائيل إلى غزو لبنان في 1982، إلا أن هامش المناورة الذي مُنح لسورية في الداخل اللبناني مكّنها من العودة مجدداً إلى بيروت لوقف الحروب المفتعلة بين حلفائها. وطوال هذه المدة تغاضى الغرب عن تجاوزات نظام دمشق في لبنان وفي سورية نفسها، وعن تقاربه المتزايد مع إيران ودعمه العسكري والسياسي لـ &laqascii117o;حزب الله"، مفضلاً الضغوط الديبلوماسية ومحاولات الإقناع الهادئة، طالما أن الشق الرئيسي من الاتفاق لا يزال سارياً.
ويبدو النظام السوري كمن صدق فعلاً انه يستطيع التخلي عن التزاماته غير المعلنة من دون أن يتغير هو، فبدأ بعد تهديدات كلامية، في تهديد فعلي للاستقرار السائد على جبهة الجولان عبر إرسال آلاف الشبان الفلسطينيين لاجتياز &laqascii117o;الحدود" بتحريض وتنظيم من فصائل فلسطينية تدين له بالولاء، فأخطأ مرتين: الأولى عندما كشف انه كان يحافظ على هدوء جبهة الجولان لمبررات أخرى غير التي يتحدث عنها، ولا سيما مقولة &laqascii117o;التوازن الاستراتيجي" مع إسرائيل، والثانية عندما ظن أن باستطاعته فعلاً التخلي عن علة &laqascii117o;دوره الإقليمي" التي حمته طوال هذه العقود.
ولعل هذا الانقلاب على الالتزامات، بما في ذلك ما يقول الغرب انه تزويد &laqascii117o;حزب الله" صواريخ بعيدة المدى ومحاولة بناء مفاعل نووي سري، يفسر تصاعد مواقف الدول الغربية التدريجي مما يجرى في سورية وفرضها عقوبات قاسية على دمشق وسعيها إلى إصدار قرار إدانة لها في مجلس الأمن، بعدما اعتبرت معظم عواصمها أن الحكم في دمشق فقد شرعيته، من دون أن يشغل بال هذه العواصم أي قلق على الاستقرار في المنطقة.


ـ 'النهار'
المواقف الدولية من سوريا في سباق مع المتغيرات
رفع حرارة الضغط دون إقفال الباب
روزانا بومنصف:

تحدث وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه في واشنطن بعد لقائه نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون ومسؤولين اميركيين عن دفع قرار بادانة سوريا في مجلس الامن قدماً في ما بدا انه سباق مع تصعيد في سوريا كان مرتقبا على خلفية احداث جسر الشغور ونزوح عائلات سورية الى تركيا خوفا مما بدا تحضيرا لعملية عسكرية كبيرة ضد المعارضين السوريين. فالموقف الاوروبي المعلن ربط احتمال استعمال روسيا حق الفيتو بان المسألة ستقع على ضميرها في اشارة ضمنية الى ان عدم المساهمة في ضبط المواجهة يمكن ان تؤدي الى عدد كبير من الضحايا. واعلن جوبيه موقفا متطورا متقدما على الموقف الاميركي اذ قال 'ان الرئيس بشار الاسد فقد شرعيته للاستمرار في الحكم'، فيما حاذرت واشنطن حتى الآن الجهر علنا وصراحة بهذا الموقف الذي اقتصر الاسبوع الماضي على قول كلينتون ان شرعية الاسد قاربت النفاد قبل ان تبدي قلقها على قطع اتصالات الانترنت في سوريا يوم 'جمعة اطفال الحرية'.
وتقول مصادر عليمة ان فرنسا لا تتفرد في هذا الموقف بمعنى انها يمكن ان تتعرض لانتقاد لاحق من الولايات المتحدة مماثل لذلك الذي تعرضت له ادارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى كسرها عزلة الرئيس السوري بعد 2005 عبر الخطوط الواسعة التي فتحها امام الرئيس السوري واستقباله اياه لاحقا في العاصمة الفرنسية. اذ ان ما اعلنه جوبيه كان واضحا في اختصاره موقفا متفقا عليه ومنسقا بين فرنسا والولايات المتحدة، فضلا عن ان بريطانيا تواكب الموقف الفرنسي عن كثب في الوقت الذي تبدو فيه فرنسا متحركة بقوة ومبادرة في اكثر من ملف من ليبيا الى المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الى سوريا فضلا عن اضطلاعها بدور في الدعم المالي لمصر وتونس قبل انعقاد مجموعة الثماني في دوفيل قبل اسبوعين. ولعل الموقف الفرنسي هو الاكثر تأثيرا على سوريا نظرا الى الاجراءات الاوروبية الاضافية التي يمكن ان تعتمدها وتؤثر بصورة اكبر عليها من اي اجراءات عقابية اميركية تبعا لحجم التبادل التجاري بينها وبين اوروبا.
لكن هناك مؤشرا مهما توقفت عنده المصادر المعنية. اذ ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بادر قبل ايام الى القول ان الرئيس السوري فقد شرعيته، فلم يقابل هذا الموقف بأي رد فعل من اي كان، لا في سوريا في اطار الرد على موقف اسرائيلي يعتبر تدخلا في الشؤون السورية لان شرعية اي رئيس او زعيم عربي لا تعتمد على اسرائيل تحديدا، وخصوصا ان وزيري الاعلام والداخلية السوريين انبريا الى التعليق على احداث جسر الشغور والتمهيد لخطوات عسكرية لاحقة فيما اصدرت الخارجية السورية تنديدا بقتل اسرائيل فلسطينيين في الجولان في 'يوم النكسة'؛ ولا حتى من لبنان من جانب سياسيين موالين او قريبين من النظام السوري، فيما لا يتوقع اي رد فعل خارج هذا الاطار او من دول عربية التزمت الصمت المطبق ازاء ما يجري في سوريا وتركت للغرب ادارة الموقف من دون موافقتها العلنية على الاقل، باعتبار انها لو لم تكن موافقة لكانت اعلنت ذلك ايضا.
وكان يمكن ان يسري الاعتراض ولو الكلامي فقط، بالنسبة الى هذه المصادر، في شأن احالة الموضوع النووي السوري امام اللجنة الدولية للطاقة الذرية بالتزامن مع الضغوط في اتجاه اصدار قرار عن مجلس الامن يدين سوريا. اذ ان توقيت الاحالة امر يمكن ان يسجل في اطار السعي الغربي الى ممارسة مزيد من الضغوط على النظام السوري، الا ان هذا التوقيت ايضا يفقد المجتمع الدولي صدقيته وجديته من حيث صوابية ما يملك في الملف النووي السوري الذي كان يجب ان يظهر في وقت سابق وليس كما لو ان المجتمع الدولي لا يملك وسائل كافية لاستصدار قرار ادانة في حق النظام السوري ويلجأ الى سبل اخرى.
وتقول المصادر المعنية ان القرار الذي يعمل عليه في مجلس الامن يمثل ضغطا معنويا على النظام السوري، الذي واجه طويلا في كل الاتجاهات، كل القرارات التي حاولت ان تدرج سوريا في ما يتعلق بلبنان في الاعوام الاخيرة، وان سوريا كانت حساسة بقوة ازاء اي ذكر لها في اي موقف دولي يمكن ان يضعها على طاولة مجلس الامن. لذلك لا يزال البعض يأمل ان يشكل القرار الدولي ضغطا قويا مقنعا على وقع مواقف افرقاء لا يزالون يفتحون الباب جزئيا امام صفقة متكاملة من التغييرات يقدمها النظام السوري دفعة واحدة وبسرع، على غرار ما فعل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الذي طالب الاسد مرة جديدة باجراء اصلاحات سريعة، او كما فعل وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي امسك بالعصا من وسطها في هذا الموضوع. فالقرار اذ يدين قمع النظام السوري للمعارضين ورد الفعل الامني على تطلعات الشعب السوري يطالب في الوقت نفسه السلطات السورية باحترام حقوق الانسان واطلاق المعتقلين السياسيين واتخاذ الخطوات اللازمة من اجل ملاقاة تطلعات السوريين الى جانب مطالب اخرى مما يجعل النظام السوري مسؤولا من موقعه الذي لا يزال مجلس الامن يقر بشرعيته عبر هذا القرار ولو انه يدينه.


- 'اللواء'

جنبلاط يقدم الميثاقية اللبنانية على التشريع 'الحكومة أولاً'
رباب الحسن

نجح رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط في مساعيه، وتمكن من جمع أقطاب الأكثرية الجديدة في ساحة النجمة من خلال لقاء أجمعوا كلهم على اعتباره 'صدفة'.
ومهما يكن الأمر 'أصدفة كان أم غير صدفة' فالمهم ان هذا الاجتماع نجح في كسر حلقة الجمود وبعت بمؤشرات ايجابية توحي بأن تشكيل الحكومة بات ممكنا، الأمر الذي انعكس ارتياحاً لدى جنبلاط الذي يؤكد مصدر مقرب منه أنه كان له دور أساسي في تحريك عجلة الحوار بين الأفرقاء المختلفين على الحصص من دون أن يكثر في التفاؤل متوافقاً مع الرئيس بري في القول 'ما تقول فول ليصير بالمكيول'.
ووفقاً للمصدر فان الخلاصة التي يُمكن استنتاجها من اجتماع 'الصدفة' أن فريق الأكثرية الجديدة توافق مجتمعا على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة وأعاد فتح قنوات التواصل مع الرئيس المكلف الذي كانت هذه الأكثرية قبل ساعات من الجلسة النيابية تتهمه بأنه وراء العرقلة في التأليف، وهذا يعني أنه اذا ما سارت الأمور كما هو مرسوم لها فإن ولادة الحكومة ستكون قريبة جداً، الأمر الذي سيشكل مخرجاً لموضوع جلسات مجلس النواب بحيث يتم تلافي موضوع الفراغ خصوصا في مصرف لبنان من خلال الحكومة اذا ما تم الاستعجال في تأليفها.
وتحدث المصدر عن انتفاء الخلافات التي كانت قائمة بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والنائب ميشال عون بعد الاجتماع الثنائي الذي جمعهما 'حيث تم التفاهم على النقاط الخلافية بينهما، وهو الأمر الذي أدى الى رفع منسوب التأليف الى مستوى عال اذا ما تجاوب الرئيس ميشال سليمان مع مطلب عون فيما خص تسمية الماروني السادس في الحكومة'.
و عن موقف النائب جنبلاط أوضح المصدر أن الأخير يقدّم السياسة على التشريع 'فهو يفضّل أن يتم الاستعجال بتشكيل الحكومة والا يلجأ مجلس النواب الى أخذ جزء من دور السلطة التنفيذية'، لأن هذا الأمر سيؤدي الى خلق تفسيرات ليست فيى مصلحة الحالة الميثاقية التي يحرص عليها جنبلاط 'فهو يولي الميثاقية اللبنانية أهمية أكبر على الدستور، ففي العام 1943 كان هناك 'الميثاق' ولم يكن يسمى 'دستورا'، ولذلك فان الميثاق في لبنان واحترام المجموعات اللبنانية الطائفية - السياسية لبعضها البعض تجاه البعض الآخر هي أهم، بل وترتقي الى مستوى الدستور اذا لم تتجاوز بأهميتها هذا الدستور فالميثاقية اللبنانية هي الأساس عند وليد جنبلاط'.
المصدر الذي أكد على الدور الايجابي الذي لعبه جنبلاط في تقريب وجهات النظر بين أفرقاء الأكثرية الجديدة والرئيس المكلف، فهو أجرى لهذه الغاية سلسلة من الاتصالات، أوضح أن الاشكالية الوحيدة المتبقية تتعلق بالتباينات العالقة بين الرئيس سليمان والنائب عون والتي يجب تذليلها بأسرع وقت ممكن، كاشفاً أنه تم التفاهم على صيغ لتجاوز هذه التباينات سواء منها المتعلقة بمرشحين من كسروان وجبيل، أو بالمرشح الماروني السادس.
وفي حال العودة الى نقطة البداية أكد المصدر أن موقف جنبلاط واضح، وهو مع بند وحيد اذا ما اضطر مجلس النواب الى الانعقاد لمناقشة قضايا تخص السلطة التنفيذية، وهو اجراء التعديل على قانون النقد والتسليف الذي يتعلق بالتمديد لحاكم مصرف لبنان، والاتفاق على عدم طرح أي قضايا أخرى من اختصاص السلطة التنفيذية' لأن ذلك سيؤدي الى الاخلال بالصيغة الميثاقية للبنان، فالسلطة التنفيذية شيء والسلطة التشريعية شيء آخر'.


ـ 'النهار'
الوسطية' خدمة لـ'حزب الله' و الأسد
علي حماده:

ليس ثمة شيء اسمه 'وسطية' في لبنان. هذا مجرد مصطلح تلطى خلفه الرئيس نجيب ميقاتي سنوات عدة لكي يخفف من ارتباط اسمه بالرئيس السوري بشار الاسد. فقد كان 'رجل بشار الاسد' في الحكومة الاولى التي ألفها. وآنذاك فهم ان الخروج عن المتفق عليه غير ممكن فأكمل مهمته من دون اخطاء كبيرة. لكنه كان الوحيد الذي قبل به النظام السوري رئيسا للحكومة بعد خروجه، وحاول ابقاءه في سدة الرئاسة الثالثة بعد انتخابات 2005 فلم يفلح في مواجهة الموجة الاستقلالية الهادرة، فجاء فؤاد السنيورة ممثلا اصيلا للحالة الاستقلالية في لبنان. في المرة الثانية، أتى ميقاتي كخيار اصيل لبشار الاسد ووافق عليه 'حزب الله'، وسوّق له وليد جنبلاط باعتبار انه الوحيد الذي يمكن مقاتلة سعد الحريري به. كان ذلك في كانون الاول الفائت. انقلبت المعادلة فجاء نجيب ميقاتي 'رجل بشار الاسد' مكلفا تشكيل حكومة الغلبة التي ضم اليها جنبلاط ومحمد الصفدي الذي اغري بالانتقال على قاعدة انه ما دام الحريري قويا فلن يرى رئاسة الحكومة. وقد توهم ميقاتي والمنتقلون معه الى صف 'حزب الله' والنظام في سوريا ان الانتصار كامل، وان موازين القوى انقلبت الى غير رجعة. فجاهر البعض مثل جنبلاط بأنه صار جزءا اصيلا مما يسمى جبهة الممانعة والمقاومة من طهران الى دمشق، اما البعض الآخر مثل ميقاتي فتمسّك بمعسول الكلام الذي يتقنه، وحاذر استفزاز السنّة كمرشح فرضه الثنائي الشيعي والحليف في سوريا.
منذ اليوم الاول لاختيار نجيب ميقاتي، بدأ التحول الكبير في المحيط الاقليمي من مصر الى ليبيا واليمن ثم سوريا. واليوم تبدو الصورة قد تغيرت بشكل كامل. فالنظام في سوريا يسير بخطى ثابتة نحو بوابة الخروج محمولا بالدم المسفوك في سوريا، الامر الذي اسقط بشكل عملي احدى مرجعيتي ميقاتي اللتين جاءتا به رئيس وزراء مكلفا. اما 'حزب الله' الملاحق عربيا ودوليا فأفضل ما يقوم به اليوم هو 'خفض رأسه' في زمن سقوط الرؤوس الكبيرة حوله، والبحث عن صيغ توافقية مع القوى الحقيقية في البلد.
حكي كثيرا عن 'وسطية' تجمع ميقاتي وعلاقته برئيس الجمهورية ميشال سليمان، ووليد جنبلاط ونبيه بري، وتحاول اصطياد بعض الرؤوس الكبيرة في 14 آذار. ولكن لكي تكون الامور واضحة، نقول ان الوسطية التي يحكى عنها اذا قامت فستكون غطاء للتحالف الذي اتى بنجيب ميقاتي. انها تغطية لسياسة بشار الاسد في لبنان، فلا ميقاتي خرج من تحت عباءة مرجعيته في دمشق، ولا بري صار مستقلا، ولا جنبلاط شرب حليب السباع الى درجة تحرره من 'الدبق' الذي علق فيه. أما ميشال سليمان فأفضل مواقف له هو الانتظار لا الانضمام الى 'جبهة' جديدة لن تدوم، وستذهب بها التحولات الكبيرة التي ستصيب الداخل السوري. فما بني على اساس ان بشار الاسد عاد الى لبنان سقط مع سقوط اول قطرة دم في سوريا، وانتهى مع غرق النظام في بحر من دماء ستودي به عاجلا ام آجلا. فقليلا من الحس السليم أيها السادة.


ـ 'الأخبار'
حوارات غير مكتملة مع الأجانب بشأن سوريا وموقف المقاومة
إبراهيم الأمين:

بعض الأجانب في لبنان، من دبلوماسيين حقيقيين أو رجال استخبارات، أو باحثين في مؤسسات لا يُعرَف أين ينتهي تمويلها الفعلي، أو إعلاميين زملاء في هذه المهنة الرذيلة، هم أفضل بكثير من كل الكذابين المنتشرين بيننا في المنطقة والذين يتحدثون عن حقوق الإنسان والحريات وخلافه. يطلب الأجنبي الموعد بصفة عاجل، ثم لا يلبث أن يصرّ على أخذ وقت أطول لأن النقاش مهم. يحمل في رأسه أو على ورقة مجموعة من الأسئلة المحددة، بالإضافة الى ما يتيسّر خلال الحديث. وإذا كانت العلاقة سابقة لهذا الاجتماع، وجرى تبادل صريح للمواقف، فلا يتأخر هؤلاء عن الدخول مباشرة في صلب الموضوع. طبعاً لا ينسون البدء بمعزوفة عن حقوق الإنسان والحريات، وكأنهم يفترضون وجود آلات تسجيل غير تلك التي تكون عادة في حوزتهم، ثم مباشرة الى الموضوع:
ــ هل تعتقد أن بشار الأسد قوي كفاية حتى يصمد أكثر من ستة أشهر إضافية؟
ــ هل تعتقد أن إيران أو حزب الله سيقومان بما يساعده لمنع السقوط داخل سوريا أو خارجها؟
ــ هل تلوح في الأفق بوادر مواجهة جديدة مع الإسرائيليين؟
ــ هل تقدّر أن يكون لبنان ساحة لبعث الرسائل من خلال عمليات اختطاف أو اغتيال أو تفجيرات كما حصل مع القوات الدولية على طريق صيدا أخيراً؟
ــ من يقدر على مساعدة ثوار سوريا من لبنان؟ هل هناك إمكان لغير الدعم الإعلامي؟ أم لديك معلومات عن أشياء أخرى؟
اللطيف أنّ بين الدبلوماسيين الغربيين في بيروت، ممن يتولّون عادة ملف عمل الاستخبارات التابعة لبلاده، لا يكون مضطراً لإخفاء هويته الفعلية، وخصوصاً عندما يباغته محدّثه بأنه يقدّر ذلك. لكن الأدهى هو أن عملية جمع المعلومات تقوم على طريقة التحقيقات المباشرة. وإذا حاولت مع أحدهم، بعد أن يتبين لك أنه ليس من أصحاب الخبرة، أن تمتنع عن التعليق، يصاب بالخيبة ويردّ: يبدو أنك لا تريد الحديث في الأمر.
لكن اللافت الآن، هو أن هؤلاء الزوار، يتحدثون قليلاً عن فضائح &laqascii117o;ويكيليكس" في معرض نفي وجود تقليد عندهم كما يفعل الأميركيون، وإذا لمّحت أمام الأذكياء منهم إلى أن جوليان أسانج قد يكون حصل على أرشيف وزارات خارجية لبلدان غير الولايات المتحدة، يسارعون الى التدقيق في ما قيل: أهذه معلومات أكيدة أم مجرد تقدير أم تمنيات؟ الجواب بابتسامة لا ينفع. لكن ما عليه سوى تدوين الملاحظة.
وفي العودة الى الاهتمامات المباشرة، يركز هؤلاء على أن التغيير في العالم العربي &laqascii117o;غير ممكن من دون مواكبة من العالم المتحضّر، لأن وسائل الديموقراطية موجودة لدينا، ونحن من يقدر على حماية الأنظمة ذات الاتجاهات الديموقراطية، ونحن من يملك الخبرة والقدرة على تدريب الشباب على تولّي أعمال القيادة في المرحلة المقبلة". وبناءً على التصرف وفق منطق الحق المكتسب، يصار إلى توضيح أنه &laqascii117o;ليس منطقياً أن تقف حكومات العالم متفرجة إزاء ما يحصل. وهي لديها مصالحها، لكنها تحاول الاستفادة من الثورات لكي تفرض على الولايات المتحدة عدم إدارة الظهر مرة أخرى الى حقوق الأفراد والجماعات داخل الدول الحليفة لها".
كل ذلك ليس مهماً، المهم هو: &laqascii117o;لماذا تريدون أن تحوّلوا الانتفاضات العربية على الأنظمة الاستبدادية الى ثورة ضد الغرب وإسرائيل؟".
وتحت هذا العنوان، تعود الأسئلة ذاتها ومحاولة الحصول على أجوبة أو تكوين صورة عما يمكن أن يكون عليه الوضع في القريب المتوسط أو على المدى البعيد. لكن الأهم أيضاً هو أن لا أحد من هؤلاء يملك في حالة سوريا جواباً واضحاً عن &laqascii117o;البديل من بشار الأسد". المحتال من الزوار الأجانب يقول &laqascii117o;الشعب يختار"، لكن الذكي غير المهين لمن يقف في قبالته يشير الى &laqascii117o;أنه ليس أولوية اليوم، لأن المطلوب تغيير كبير في النظام الحالي أو تغييره كليا"ً. أما عن دفتر الشروط؟ فعندئذ تفتح الشهيّة: &laqascii117o;يجب تحقيق مشاركة لتيارات أخرى في الحكم وتطوير بناء الدولة وتعزيز الحريات والمبادرة الفردية، والعمل على ورشة داخلية من دون التزامات خارجية من النوع الذي يهدد علاقات سوريا مع العالم، ومدخل هذه الالتزامات أن تسير سوريا نحو حثّ الفلسطينيين على القبول بتسوية سريعة مع إسرائيل وأن تبحث سوريا أيضاً عن تسوية تعيد إليها الجولان وتحصل بعدها على دعم الغرب المالي للبناء، وأن تبتعد عن إيران".
أحد الأصدقاء من هؤلاء كان محبطاً لعدم وجود أجوبة شافية، لكنه سمع قبل مغادرته سؤالاً طويلاً: ترى، ما الذي يبقي سوريا على علاقة مع إيران وحزب الله وحماس؟ فالعالم أغنى من إيران إذا كان السبب مالياً، والغرب أكثر قرباً من الفكرة العلمانية لنظام البعث من النظام الإسلامي في إيران، أو من الطبيعة العقائدية لحزب الله وحماس؟ والشباب السوري يفضّل أن تكون لديه الفرصة للذهاب الى أميركا وفرنسا وأوروربا من أجل تعلّم الطب والسينما والفنون، وحتى للسياحة، وليس هناك إغراء مقابل لا في طهران ولا في الضاحية الجنوبية ولا في قطاع غزة؟ ترى، ما الذي يجعل بشار الأسد يرفض الغرب ويقبل بهؤلاء؟ ألا يستحق السؤال المراجعة ومحاولة الإجابة عنه؟
ليس مهماً انتظار الجواب من الزوار الأجانب، ولا حتى من جماعة &laqascii117o;بدّي عيش" الذين يعيشون برعاية آل سعود، لأننا اليوم في زمن العرعرة والصيصنة... أدركنا يا مهدي!


ـ 'السفير'

لو حكم في أشهر تصريف الأعمال... لكان أحرج خصومه وجمهورهم
هل يثأر الحريري بغيابه ممن أقاله من الحكومة؟
نبيل هيثم:

عندما يُسأل المحيطون بسعد الحريري أين هو، ولماذا غادر ولم يعد، وما هو هذا الشيء الكبير الذي غيّبه عن بلده، لنحو شهرين؟ يسارع هؤلاء الى نسج أجوبة ومبررات تخفف عن رئيسهم المغترب شيئاً من إحراج، واللافت للنظر ان المحيطين لا يلتقون على أجوبة ومبررات موحدة، فيقول أحدهم مثلاً إن الحريري ما تعود أن يهرب من المسؤولية، &laqascii117o;فهو يتابع الوضع في لبنان يومياً ويعطي توجيهاته وسيعود عندما تدعو الحاجة".
وإذا كان هناك من يلمح الى الطابع الخاص وتحديداً المتصل بالصعوبات المالية لسعودي أوجيه وغيرها من المشاريع، فضلاً عن إعادة بروز الحاجة الى حسم بعض المسائل المتصلة بتركة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإن البعض من &laqascii117o;المستقبليين" يلمح الى الهاجس الأمني، &laqascii117o;وتجدد القلق على أمنه الشخصي تحديدا"، وأنه ربما تلقى نصيحة خارجية بمغادرة لبنان في هذه المرحلة ربطاً بالعامل الأمني.
بمعزل عن تلك المبررات، فإن ما يـُرى فقط هو ان الحريري غائب عن المشهد كلياً، وأنه خرج ولم يعد، في ذروة ازمة سياسية ودستورية خانقة، تتطلب منه شخصياً الحد الأدنى الذي يفرضه عليه موقعه كرئيس حكومة تصريف اعمال، على ان هذا الغياب يكشف بما لا يقبل ادنى شك، الفراغ على مستوى الرئاسة الثالثة، فتبدو معطلة بالكامل، خاصة ان ليس هناك من يملأ هذا الفراغ او من ينوب عن رئيس حكومة تصريف الاعمال.
لكن أن يقرر الحريري ترك موقعه الرسمي المسؤول وأن يغيب عن البلد كل هذه المدة الطويلة، والمرشحة لأن تتمدد، ومن دون ان يواجه اللبنانيين، ان لم يكن كلهم فعلى الأقل من يوالونه، بحقائق ومبررات هذا الغياب، فإن ذلك يطرح علامات استفهام عدة:
- هل اختار الحريري لحظة الغياب أم أن هناك ارادة ملكية قررت ذلك.. ولماذا الابعاد المؤقت عن المشهد اللبناني وكم سيدوم وما هي الذرائع والمبررات والأولويات الحقيقية التي حملت زعيم تيار المستقبل على مغادرة لبنان؟ هل تقاطع قرار الحريري أم قرار السعوديين مع رغبة فرنسية او تركية او قطرية وهل ان لهذا الغياب ارتباطاً بالبعد السوري، وما هو حجم الدور الاميركي تحديداً في هذا الغياب عن الصورة؟ وهل ان الدافع الى المغادرة، هو امني وما هي حدوده، واذا كان ذلك صحيحاً واذا كان ثمة ما يهدد الرئيس الحريري في شخصه، لماذا لا تتم المجاهرة بذلك علناً وفضح الجهة او الجهات المتآمرة، وهل هي جهة لبنانية، أم عربية، أم دولية، أم إسرائيلية، وكيف تم اكتشافها ومن كشفها، وهل ما زالت حرة طليقة، وهل تم إبلاغ الجهات الأمنية المختصة؟
يقول المقربون من الحريري إنه مقيم في غربته الحالية في السعودية التي تشكل في جانب نقطة ارتكاز حركته الخارجية، ومنها انطلق في تنقلات خارجية قادته الى بعض الدول الأوروبية ومنها فرنسا وبريطانيا، كما انها تشكل في الجانب الآخر نقطة متابعة مباشرة لمصالحه وأعماله، كما يقول المقربون منه وكذلك البعيدون عنه، فهل ان المصالح الشخصية لمسؤول ما زال يتبوأ سدة رئاسة الحكومة، وإن من موقع تصريف الاعمال، لها الاولوية على المصالح العليا للشعب اللبناني التي ما زال مؤتمنا عليها حتى في الإطار الضيق لتصريف الاعمال؟
يقول أحد وزراء فريق الرابع عشر من آذار الحاليين، وهو يتسم بموضوعيته وواقعيته، أنه حاول أكثر من مرة الاستفسار عن سبب غياب الحريري ولم يجد جواباً صريحاً، يضيف &laqascii117o;لو كنت مكان سعد الحريري، لاستطعت تحويل الأشهر الأربعة لمرحلة تصريف الأعمال الى فترة إنتاج تفوق حتى المرحلة التي كان فيها رئيساً للحكومة، أي قبل الاستقالة، فما كان يجري في مجلس الوزراء، أثبت أن فريقي 8 و14 آذار أدخلا العناوين الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية التي تصيب مصالح الناس مباشرة بين حدي الانقسام السياسي المؤذي، ولذلك تحولت حكومة الحريري الى حكومة تصريف أعمال من قبل أن تستقيل، فماذا يضير لو أن الحريري عقد اجتماعات عمل وزارية يومية واستدعى محمد فنيش وحسين الحاج حسن وشربل نحاس وجبران باسيل، هل كان بمقدور أحد أن يرفض الاجتماع برئيس الحكومة، ولو طلب منهم قضايا محددة على صلة بقضايا الناس هل كان يمكن أن يرفضوا تنفيذها، وإذا رفضوا كيف ستكون نظرة الناس اليهم وفي المقابل ماذا ستكون النظرة الى الحريري حتى من قبل جمهور 8 آذار، اذا بدا أمامهم أنه أحرص من ممثلي فريقهم السياسي على مصالحهم الحيوية".
ويضيف الوزير نفسه أن الحريري ضيع فرصة لن تتكرر عندما لم يتلقف فرصة تصريف الأعمال من أجل تقديم نموذج لرجل الدولة والحاكم الحقيقي.
في المقابل، يسأل وزير في الأكثرية الجديدة &laqascii117o;هل ان الأداء الذي قدمه الحريري منذ إقالته من رئاسة الحكومة كان محكوماً فقط بلعبة الثأر من هذه الإقالة، وبالتالي هل جاءت مغادرته لبنان كجزء من تلك اللعبة، بهدف تعميق الفراغ من خلال خلق ازمة إضافية في وجه مقيليه تحت شعار &laqascii117o;عليَّ وعلى أعدائي يا رب" سواء بالاستقالة من المسؤولية التي تمليها عملية تصريف الأعمال، اقله لناحية توقيع البريد، او محاولة سحب الفراغ على المؤسسات الأخرى كمجلس النواب وعرقلة انعقاده، وبالتالي القول بأن لا بديل عني وأن البلد لا يسير من دوني، أو خارج إرادتي، فلا انعقاد لمجلس الوزراء بغير إذني كما لا انعقاد لمجلس النواب بدوني"؟
يختم الوزير نفسه &laqascii117o;ألا يمكن أن يشجع ذلك على محاولة الاستفادة من هذه السابقة التي افتعلها الحريري والعمل إن عاجلا أو آجلا على سد تلك الثغرة المعطوفة على غيرها من الثغرات التي تكشفت في فترة الحكم الحريري خاصة في مرحلة ما بعد عام 2005، والتي تجلت بالسعي إلى مركزة حياة البلد ومؤسساته كلها حول شخصية رئيس الحكومة ودوره وموقعه وحتى مزاجه، سواء كان رئيساً كامل الصلاحيات أو رئيساً مصرفاً للأعمال، فيما النص الدستوري واضح لناحية إناطته دور راعي الأمان لمجلس النواب في الحالات الطارئة ومما لا شك فيه ان الفراغ الحكومي سواء الناتج عن الإقالة أو الاستقالة هو جزء لا يتجزأ عن تلك الحالات الطارئة"؟


ـ 'الأخبار'

إخوان سوريا بين التقيّة والأخطاء القاتلة
بشير البكر:

يحاول الإخوان المسلمون ركوب موجة الحركة الاحتجاجية في سوريا، وفي البداية أرادوا تصدر المشهد الإعلامي، لكنهم سرعان ما تراجعوا، حين اكتشفوا أن النظام أراد أن يستدرجهم إلى هذا المربع، وصاروا ينشطون من خلال قنوات أخرى مثل المؤتمرات التي تعقد في الخارج، لكن حضورهم في الداخل باهت وصدقيتهم مجروحة .

كان الإخوان المسلمون أول من بادر من بين أطراف المعارضة السورية إلى مواكبة الحركة الاحتجاجية في داخل سوريا. وفي الأسبوع الأول من اشتداد زخم المواجهات في درعا، أطلت شخصيتان بارزتان من الإخوان، هما المراقب العام المهندس محمد رياض الشقفة، والناطق الرسمي زهير سالم. ظهر الأول من إسطنبول التي وصل إليها من مقر إقامته في اليمن ليقول في أحاديث ولقاءات إعلامية إن جماعة الإخوان &laqascii117o;تدير التظاهرات وتشارك فيها بفاعلية"، وهو ما تقاطع مع اتهامات النظام السوري عن أن &laqascii117o;التظاهرات وأعمال الشغب والتخريب هي من صنيع جماعة الإخوان المسلمين".

واستدعى ذلك رداً من وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية، في صيغة بيان تحذيري أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية، جاء &laqascii117o;رداً على تصريحات المسؤول في جماعة الإخوان المسلمين السورية محمد رياض الشقفة من إسطنبول حيث هو الآن". ونقلت الوكالة عن البيان قوله &laqascii117o;إنه في هذه المرحلة الدقيقة، يستحيل أن تسمح تركيا بأية مبادرة (من الإخوان المسلمين السوريين) يمكن أن تضر بالرغبة بإجراء إصلاحات في سوريا". وأضاف: &laqascii117o;نحن واثقون بأن الشعب السوري سيلبي مطالبه وتطلعاته من خلال السبل السلمية، وأن الإدارة السورية ستبدأ عملية الإصلاح التي وعدت بها في أقرب وقت ممكن". وبحسب مراقبين أتراك، إن حرص وزارة الخارجية التركية على التشديد في بيانها على &laqascii117o;السبل السلمية"، إنما يعكس تلقيها معلومات من سوريا تشير إلى وقوف جماعة الإخوان المسلمين وراء أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات في أكثر من مكان. وبينما كانت مواقف سالم الإعلامية في بداية الحركة الاحتجاجية مواربة، فإنه تدارك الأمر في تصريحات لاحقة أراد منها تصويب الرؤية، وأعلن في الأول من أيار &laqascii117o;أن الجماعة قررت استئناف نشاطاتها المعارضة، واتخذت قراراً بهذا الشأن عبر مؤسساتها"، نافياً أن يكون الإخوان قد دعوا في بيانهم الأخير الشعب السوري إلى التظاهر. وقال: &laqascii117o;بياننا الأخير لم يتضمن أي دعوة مباشرة إلى التظاهر، وكان هذا العنوان قراءة غير دقيقة من بعض وسائل الإعلام، والذي وجهه البيان هو دعوة لكل أبناء الشعب السوري بكافة فئاته للالتحام بالحراك الوطني". وأضاف: &laqascii117o;الجماعة أكدت في بياناتها السابقة أنها ملتحمة بهذا الحراك ومصرة على أن يبقى وطنياً ودون أي احتواء من أي جهة كانت، ولا يحق لأحد أن يدعيه وأن يفرض الوصاية عليه". وأكد أن الإخوان المسلمين &laqascii117o;جزء من المجتمع وليسوا وراء هذا الحراك وليسوا المحركين له، ولا الأوصياء عليه".
والسؤال الذي يطرح نفسه هو، لماذا تنصل سالم من تصريحات المراقب العام، وأنكر على جماعته أي دعوة للتظاهر؟ الإجابة تتلخص في ثلاثة أسباب: الأول هو أن الإخوان، بعد شهرين من الحركة الاحتجاجية، اعترفوا بحجمهم الفعلي ودورهم المتواضع فيها. ويعرف السوريون أن رهان الإخوان الرئيسي كان على مدينتي حلب وحماة، حيث مراكز ثقلهم التاريخية، وبينما لم تتحرك الأولى حتى الآن، فإن الثانية انتظرت حتى &laqascii117o;جمعة أطفال الحرية" الأخيرة لكي تنزل بقوة. ورغم التلميحات التي صدرت بشأن دور للإخوان في استنفار حماة، فإن أوساطاً سورية تؤكد أن الحراك تلقائي، وغير مسيّر. واعترف سالم بإمكان مشاركة الجماعة في الحراك الذي تشهده سوريا، بالقول: &laqascii117o;لكوننا لا نملك قواعد تنظيمية بالمعنى الاصطلاحي، لكون التنظيم محكوماً عليه بالإعدام، فإن لنا قواعد فكرية تؤمن بمبادئنا وأهدافنا ضمن المجتمع السوري، وهي تتحرك تلقائياً ضمن هذا المجتمع، وتشارك في الحراك الدائر حالياً على طريقتها وبقرارها". السبب الثاني أن الإخوان تعرضوا لانتقادات داخلية وخارجية. في الداخل عابت عليهم أطراف في الحراك الجماهيري أن ينسبوا إلى أنفسهم تسيير التظاهرات، ورأت أنهم شذوا عن الخط العام للمعارضة الذي تواضع أمام حركة الشارع وسار خلفها من دون ضجيج أو بيانات. وخارجياً، نبهتهم أطراف مثل تركيا إلى مخاطر سلوكهم السياسي، الذي يثير الحرج، ويخلق أزمة دبلوماسية مع سوريا. أما السبب الثالث، فهو أن ادعاءهم أبوّة الحركة الاحتجاجية يعطي للنظام ذرائع لضربها بقسوة، ولا سيما أنه درج على توجيه اتهامات للمتظاهرين بأنهم &laqascii117o;سلفيون" يمارسون التخريب، ويعتدون على قوى الأمن والجيش. يمكن تلخيص تاريخ حركة الإخوان المسلمين السوريين ومسارها في أنه يتأرجح بين التقية السياسية والأخطاء القاتلة. وبرزت براغماتية الإخوان المسلمين وبراعتهم في التلون حسب الطقس السياسي العام بعد الاستقلال مباشرة، حيث شاركوا في الانتخابات البرلمانية في سنة 1947، حين باشرت الجماعة العمل السياسي العلني، ولم تتراجع عن هذا الخيار في ظل ديكتاتورية حسني الزعيم وسامي الحناوي، واستمروا في حكومة خالد العظم سنة 1949بوزير أسندت إليه حقيبة الأشغال، هو محمد المبارك، وكانت مكافأة ظهورهم العلني أن أديب الشيشكلي قرر سنة 1952 إغلاق مقارّ الإخوان وزج بقادتهم في السجن. وحصل انفراج في وضعهم العام بعد سقوط الشيشكلي ومجيء هاشم الأتاسي سنة 1954. لكن المرحلة الأبرز كانت مع وصول حزب البعث إلى السلطة في سنة 1963، الذي حل جميع الأحزاب ونصّب نفسه قائداً للدولة والمجتمع. وليس هناك محطات سياسية هامة في حياة حركة الإخوان المسلمين حتى بداية السبعينيات، عندما عاد الإخوان للنشاط شبه العلني من خلال العمل الدعوي في صورة أساسية، واستفادوا من وصول حافظ الأسد إلى السلطة سنة 1970، ذلك أن الأسد كان منهمكاً لعدة سنوات في ترتيب وضعه داخل الحزب والجيش، وشُغل بعد ذلك بحرب تشرين سنة 1973. ورغم أنه بدا قوياً وممسكاً بكل الخيوط، لم يستقر وضعه الداخلي حتى سنة 1976 حين تدخل عسكرياً في لبنان. ويمثّل هذا الحدث منعطفاً هاماً في تاريخ سوريا لعدة أسباب. الأول أن الأسد استمد شرعية عربية ودولية للتدخل العسكري في لبنان، ما زاد في أوراق قوته. والثاني أن الشارع السوري أخذ يتحرك في اتجاهين: رفض التدخل في لبنان ضد المقاومة الفلسطينية، والمطالبة بالديموقراطية. وهنا بدأت تظهر حركة احتجاجية عبّرت عن نفسها من خلال تحرك النقابات، وخصوصاً نقابة المحامين، وتعاظم هذا التحرك بسرعة حتى بدا حكم الأسد غير قادر على احتواء حركة الشارع، والتفرغ للوضع في لبنان، الذي استعر فيه القتال بشدة. في هذه الفترة تحديداً، بدأ الإخوان بارتكاب الخطأ القاتل الرقم واحد، وهو رفع السلاح في وجه النظام

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد