ـ 'النهار'
حكومة ميقاتي ليست 'للحزب'... بل يطمئن إليها
سركيس نعوم:
حذَّرت الولايات المتحدة وحلفاء لها في الاتحاد الاوروبي نجيب ميقاتي، عندما كان 'رئيساً مكلفاً'، من تشكيل حكومة تكون واقعاً وفعلاً حكومة 'حزب الله'. وافهمته انها ستتخذ المواقف والاجراءات المناسبة في هذه الحال. وهي لن تكون طبعاً في مصلحة لبنان اذ انها قد تشمل، من جملة ما تشمل، وقف الكونغرس مساعدات بلاده المتنوعة للبنان ولا سيما للجيش والمؤسسات الامنية فيه. وبعد ولادة الحكومة الموعودة انهالت عليها الاتهامات بانها تابعة 'للحزب' المشار اليه أعلاه، من الخارج وكذلك من الداخل ممثلاً بفريق 14 آذار.
فهل الحكومة الجديدة التي تعثَّر تأليفها اكثر من خمسة اشهر، والتي يكاد وضع بيانها الوزاري ان يستغرق مهلة الشهر المنصوص عليها في الدستور، حكومة 'حزب الله'؟
تشير المعلومات المتوافرة عند متابعي حركة 'الحزب' المذكور في الداخل اللبناني، ومع حليفه الاستراتيجي سوريا بشار الاسد الى جملة امور من شأنها اعطاء جواب عن السؤال المطروح اعلاه. اولها، ان الرئيس السوري طلب من قيادة 'حزب الله' ومن حلفائه الآخرين في لبنان ترشيح النائب نجيب ميقاتي لتأليف الحكومة الجديدة. وقد تجاوب معه هؤلاء وبكل 'طيبة خاطر' كما يقال. وثانيها، ان قيادة 'الحزب' وحلفاءه في الداخل لبوا طلب الرئيس السوري الاسراع في تأليف الحكومة بعد المماطلة التي رافقت مساعي تأليفها والتي اشتركوا في معظمها كلهم بدءاً من الرئيس المكلف ومروراً بـ'التيار العوني' وانتهاء بـ'الحزب'. وما كانوا لينجحوا في ذلك لولا اشارة حاسمة او ربما حازمة تلقاها ميقاتي من دمشق. وثالثها، ان عوامل عدة ساعدت في تأليف الحكومة. منها عامل الخوف 'اللبناني' الذي استغله الرئيس السوري للاسراع في تأليف الحكومة. ومنها عامل القلق الذي كان يشعر به الرئيس نفسه جراء تفاقم الاحتجاجات الشعبية في بلاده ومطالباتها بالاصلاح ثم باسقاط النظام. ورابعها، هو ان حكومة ميقاتي تعكس وبدقة طبيعة الاوضاع في سوريا يوم تأليفها، أي تعكس قلقها و'لقلقتها' وتعذّر معرفة الاتجاه الذي ستسلكه التطورات، واذا كان النظام سينجح في حسمها أو في عدم منعها من تشكيل خطر وجودي عليه. ولكن من دون القدرة على وقفها، هذه الامور الاربعة تعني، ودائماً استناداً الى معلومات متابعي حركة 'حزب الله' انفسهم داخل لبنان ومع سوريا، ان مهمة حكومة ميقاتي هي الامساك بالامن في لبنان تلافياً لأن يؤدي التفاعل بين جهات لبنانية والمحتجين السوريين الى تردٍّ اكبر في الاوضاع داخل سوريا، وربما الى خربطة للبنان تؤذي سوريا اكثر مما تفيدها. وتعني ايضاً ان المهمة الثانية للحكومة الامساك بادارات الدولة وقضائها ومؤسساتها المدنية وغير المدنية، أو بالاحرى متابعة الامساك بها مع السعي لإحكام السيطرة عليها. طبعاً لا يعني ذلك كله في رأي المتابعين انفسهم ان الاهداف المقررة والمشار الى بعضها ستنفذ كلها. ولعل 'منتعة' ميقاتي وحلفائه اثناء تأليف الحكومة، والآن اثناء وضع البيان الوزاري لها خير دليل على ذلك. انطلاقاً من هذا الواقع يقول هؤلاء ان الحكومة الجديدة في نظر 'حزب الله' وربما في نظر حلفائه ليست حكومته. بل انها حكومة سوريا بشار وحلفائه اللبنانيين. كما انها حكومة 'قطنية' لا حديدية، اي انها ستحاول 'الانجاز' بقفازات من حرير. طبعاً لا يعني ذلك ان 'الحزب' حذر من الحكومة، وان حذره هذا سيستمر، بل يعني انه يطمئن اليها. لكنه ربما لا يثق بانها ستستطيع الانجاز. اما الحكومة القادرة على الانجاز في رأيه، فهي 'الحكومة الحديدية' لا القطنية. وتأليف حكومة كهذه سيبقى متعذراً الا اذا نجح النظام السوري في انهاء الاوضاع الصعبة التي تعيشها بلاده والظروف الصعبة التي يمر فيها. طبعاً يفضل 'الحزب' ان يكون الحسم او الإنهاء في مصلحة النظام وسيده بشار، اذ ربما يسهل مهمة تأليف حكومة حديدية. لكن اذا كان في غير مصلحتها فانه لن يعوق على الاطلاق تأليف حكومة كهذه. ذلك انه وحلفاءه بقواهم والديموغرافيا وعوامل كثيرة قادرون على تحقيق هذا الانجاز. وبذلك ينتقلون من مرحلة الحكومة التي يطمئنون اليها الى مرحلة 'الدولة' التي يطمئنون اليها او ربما يطمحون اليها. وذلك يعني الكثير او 'يبشّر' بالكثير مستقبلاً، بدءاً بصيغة الدولة، ومروراً بمصير 'الحالات' السياسية الكبيرة بقديمها والجديد، وانتهاء بالمكوِّن الذي ستكون له الكلمة الأساس فيها.
فهل 'الحزب' وحلفاؤه يمتلكون ما يكفي من القوة لتحقيق ذلك؟ وهل تسمح تطورات المنطقة بذلك؟ ام انه 'غرور' القوة؟ وحده المستقبل يجيب عن ذلك.
ـ 'النهار'
زحف مبكر إلى السرايا !
نبيل بومنصف:
تشكل المواجهة المفتوحة والدائمة بين الولايات المتحدة و'حزب الله' مكونا ثابتا من مكونات الالتباس التي واجهت الحكومات المتعاقبة بما فيها تلك التي كانت قوى 14 آذار تحظى بغالبيتها. وبهذا الواقع المعتاد لم يكن مفاجئا ان يبدأ رئيس الحكومة ووزراء في الحكومة الميقاتية عقد اجتماعات مع السفيرة الاميركية في حين كان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله يتهم وكالة الاستخبارات الاميركية باختراق حزبه. غير ان ما يضفي خصوصية مستجدة على هذه المواجهة انها تبدو هذه المرة محمولة بعناصر تنطوي على منسوب ارفع من الحدة في ضوء ثلاثة ابعاد متزاحمة عند تزامن خطر. فهي البديل عن ضائع من حرب دولية – اقليمية عبر لبنان وهذه المرة تتكئ الى خلفية الازمة السورية. وهي المواجهة الاصيلة بين العمود الفقري لحكومة الاكثرية وواشنطن. وهي النذير المتقدم لاحتمال صدور القرار الظني للمحكمة الدولية.
معنى ذلك ان الحكومة الميقاتية ستقبل، ومعها لبنان بأسره، على اختبار شديد القسوة، في ضوء راديكالية مزدوجة بدأت الولايات المتحدة و'حزب الله' يطلقان مؤشراتها. فمشروع القرار المطروح في الكونغرس الاميركي والذي يحمل اسم 'حزب الله' تحديدا ليس سوى نذير تشدد اميركي مع الحكومة يخشى ان يفضي الى استحضار نمط العقوبات او العزل الكلي او الجزئي. واتهام السيد نصرالله للسفارة الاميركية بأنها 'وكر للجواسيس' ليس بدوره سوى رسم خطوط متقدمة للمواجهة قد تنسحب مفاعيلها على السياسات الحكومية الخارجية وبعض سلوكياتها الأمنية في الداخل ايضا.
بطبيعة الحال لم تعلن الادارة الاميركية حتى الآن تبنيها للتوجهات التي يحملها مشروع القرار في الكونغرس، ولا ذهب السيد نصرالله الى الطلب من الحكومة اتخاذ خطوات دراماتيكية في العلاقات مع واشنطن. ولكن ذلك لا يحجب الدلالة الخطرة للمقدمات. وليس غريبا والحال هذه ان تفاقم مؤشرات المواجهة المتصاعدة مأزق الحكومة في البحث عن الصيغة السحرية لمسألة المحكمة الدولية. فسواء صدر القرار الظني في القريب العاجل ام لم يصدر، المأزق ماثل بأقوى صوره ايا بلغت قوة الغموض البناء في صياغة مطاطة او في اجتراح مخرج يقرب من 'اللاصيغة'.
فهذه الواقعة محسوبة اصلا في معزل عن المتغيرات الهائلة التي حصلت اخيرا، فكيف مع حكومة لقوى الاكثرية لا يصنفها الاميركيون والغربيون الا حكومة 'حزب الله؟
بذلك تكون معالم هذه المقدمات اقرب الى رسم الاطار الاقليمي – الدولي للمواجهة التي تقترب من لبنان. وهو الاختبار الاقسى من مجرد اجتراح صيغة لغوية. فبين مشروع قرار راديكالي في الكونغرس واتهام راديكالي آخر يوجهه 'حزب الله' الى عوكر ولانغلي، كيف تراها تكون السرايا في بحثها عن مسارب خشية الحصار الذي يدنو بقوة؟ وهل تكفي بلاغة حسن التخلص لرد هذا الزحف؟
ـ 'النهار'
بين 'إلغاء الطائفية' والسلاح في التبانة وجبل محسن
لا حلّ يُرتجى في غياب مشروع وطني جدّي
سمير منصور:
من المهم جداً ان يتفق اللبنانيون على معادلة ذهبية هي ان السلاح يكون فقط للدفاع عن الوطن وعلى الحدود، وان اي سلاح غير ذاك الموجه الى العدو الاسرائيلي لردعه ووقف اعتداءاته، مرفوض جملة وتفصيلاً. فبهذا المعنى يحيّدون سلاح المقاومة عن سلاح الاحياء والزواريب في العاصمة وسائر المدن، ويمنعون استغلاله من انتهازيين ومغرضين وربما مدسوسين وعملاء، ولا تعود هناك مشكلة في الحديث عن 'طرابلس منزوعة السلاح'، وهو الشعار الذي طرحه اخيراً نواب المدينة ووجهاؤها، واستطراداً يصبح الكلام عن ان الخطوة تمهّد لمثلها في مدن ومناطق اخرى غير مشكوك فيه ولا يستبطن مشروعاً مشبوهاً ولا يستهدف سلاح المقاومة.
ـ 'الشرق'
رسائل الى محيطه لدرس اتجاهات الرأي العام اللبناني / الشائعات ضد &laqascii117o;حزب الله" تتوالى الواحدة تلو الأخرى: من قتل مغنية ولماذا كشف السيد شبكة التجسس الأخيرة؟
اسامة الزين:
تفاوتت تقديرات موعد صدور القرار الظني في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن زخم الأخبار يعطي مؤشراً ولو ضعيفاً حول قرب صدوره.
وتزامناً مع ذلك كثرت الشائعات حول شبكة تجسس اخترقت حزب الله، حتى ان بعضها راح يروّج أسماء قياديين من الحزب، تارة همساً وتارة علناً مستفيداً من تقارير نسبتها الصحف الخليجية الى مصادر مسؤولة.
وتشعبت التأويلات حول الشبكة منها من اتهمها بالتورط باغتيال عماد مغنية ومنها من لم يتهم.
خطاب السيد حسن
التحليل الأكثر قرباً الى المنطق هو ان أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله وفي خطابه الأخير، أراد قطع الطريق على كل هذه الشائعات، وذلك حرصاً على سمعة قياديي الحزب الذين طاولتهم الشائعات ومن أجل أهداف أخرى.
من المعروف ان حزب الله اليوم، هو تنظيم حديدي صلب من الصعب جدا اختراقه لكن، ليس مستحيلاً كي لا نقع في فخ المثالية غير الواقعية ومن شدة الحرص عليه.
وكونه كذلك، فهو يتعرض اليوم لحملة سياسية وإعلامية مركزة ومدروسة، تستفيد من أرضية او قاعدة مهيأة لنقبل الشائعات.
الانسان يصدّق شائعة في حال لم يكن مؤمناً او مقتنعاً بالطرف الآخر، أما في حال كان العكس، فإنه لا توجد قوة في العالم تستطيع ارغامه على قبول او تصديق أية شائعة.
مسؤولية الحزب
واذا كانت الأطراف المعادية للحزب مسؤولة عن إطلاق الشائعات، فإن الحزب نفسه مسؤول أيضاً. كيف؟
من المستغرب جداً - وحتى اليوم - ان يتواصل خطاب الحزب بالطريقة نفسها التي أبعدت جمهوراً عريضاً من غير الشيعة عنه، اذ كيف بحزب أصبح يملك عدداً كبيراً من العيون داخل إسرائيل، لجمع معلومات عسكرية، ولمسح المجتمع الاسرائيلي لمعرفة اتجاهات الرأي العام، ولا يعطي الاهتمام المفروض للمحيط الموجود حوله. ليس صحيحاً ان الطرف الآخر مسؤول لوحده عن الحرب الاعلامية والنفسية، بل الحزب نفسه، وقد شكا بعض حلفائه السنة ولو همساً. ليس مطلوباً من الحزب ان يصبح ممثلاً للسنة او للموارنة ولكن بالحد المعقول يجب ان يكون او ان يقنع الآخرين.
الشائعات كالنار في الهشيم
الشائعات اليوم كالنار في الهشيم وجمهور حزب الله وغيره يتساءل هل صحيح أنه مخترق؟ لقد شفا غليل بعض الناس خطاب، السيد، لكن البعض الآخر بحاجة الى المزيد خصوصا عندما يتذكر ما أعلنته دمشق غداة اغتيال عماد مغنية، بأن الجريمة سيكتشف فاعلوها بعد أسبوعين، ومضت أسابيع وأسابيع وبقي الفاعل مجهولاً . حتى ربطت الناس بين اغتيال مغنية واغتيال الحريري.
ولو لم يحدد السيد تاريخ عمل الشبكة الجديدة المكتشفة (قبل 6 أشهر) لظن الناس بأن الاعلان عن هذا الاكتشاف سيناريو لتسليمهم الى المحكمة الدولية باعتبار اعضائها هم قتلة الرئيس رفيق الحريري.
أخيراً، هذا الكلام هو في سياق محبة المقاومة والخوف عليها!!
ـ 'الشرق'
حتمية الحوار تخطاها الزمن؟!
الفرد نوار:
مع عودة بعض السياسيين الى الكلام على حتمية الحوار لتخطي التعقيدات الأمنية المتفشية في أكثر من منطقة، هناك من يجزم بأن الحوار الذي توقف جراء رفض حزب الله وقوى 8 آذار مقاربة الاستراتيجية الدفاعية وسلاح المقاومة، لن يستأنف قبل ان تتضح نظرة الحزب وحلفائه الى ماهية الدولة والسلاح الشرعي من ماهية فرض الرأي بقوة السلاح غير الشرعي!
كما ترى مصادر مطلعة ان ثمة ما يقتضي استبعاد الخوض في أي حوار، طالما ان حزب الله ليس في وارد ضبط سلاحه غير الشرعي، لاسيما ان الكلام على أنه مخصص لمواجهة العدو الاسرائيلي لم يعد يجد من يقبضه عن جد، لأنه قد استخدم في مجموعة مسائل ومفاصل سياسية - أمنية استهدفت خصوم الحزب، فضلاً عن ان أحداً من حزب الله وقوى 8 آذار لم يعد يأتي على ما يتجاوز الكلام في عموميات إسرائيل وتحرير الارض!
لذا، أصبح الكلام على إحياء مشروع الحوار بمستوى الكلام على مواجهة العدو، ليس لأن المقاومة غير موجودة، بل لأن سلاحها قد تطور الى حاجة سياسية داخلية وإقليمية في وقت واحد، حتى وإن كان المقصود في هذه المرحلة الخارجية الحرجة افهام من لم يفهم بعد ان الحرج الداخلي في سورية مرتبط بدور السلطة الى جانب حزب الله والادارة الايرانية، وأي كلام آخر لا بد وأن يجافي الحقيقة والواقع، خصوصاً ان الحوار المقصود قد يقارب بشكل او بآخر العلاقة مع دمشق بنسبة مقاربة العلاقة الطارئة مع إيران!
المهم في نظر حزب الله ان يتحكم بقراره الداخلي والاقليمي والخارجي في مجال رفض الحوار اللبناني - اللبناني. أما الأكثر أهمية فهو استمرار خصوم الحزب في نظرتهم الى سلاحه غير الشرعي، الأمر الذي يبقي المقاومة حالا مجافية لرغبة اللبنانيين الجماعية، حتى وإن كان المقصود في سياسة حزب الله وإعلامه القول ان بعض اللبنانيين المناوئين هم على علاقات مع المخطط الاميركي - الاوروبي المهتم بالمحافظة على تفوق إسرائيل وعلى مصلحة إسرائيل في المنطقة على حساب جيرانها!
أما وقد تراجع الكلام الحاد والمهدد في حال صدر القرار الاتهامي عن المحكمة الدولية، فإن بعضهم يربط ذلك بأن لا مصلحة لحزب لله وشركائه في الحكومة وخارجها في إثارة غبار سياسي - أمني، فضلاً عن إمكان تأثر الحليف السوري المرهق في أموره وتعقيداته الداخلية، وهذا بدوره مؤشر الى ان الاتهامات لم تعد تخيف قوى 8 آذار، بل ربما يمكن ان تعزز مواقعها التخويفية عندما تدعو الحاجة؟
ـ 'المستقبل'
بالإذن.. معضلة الازدواجية
علي نون:
اعتاد البعض منّا ممارسات الحزب المسلّح في لبنان، وتأثيراتها السلبيّة على البلد وأهله، غير أنّنا راهناً دخلنا في طور جديد رغم إلفة التفاصيل.
في تلك التفاصيل، أن لا جديد في الأداء الأمني وكل متفرّعاته، باعتبار أنّ 'حزب الله' سبق وأن شارك وساهم في تتبّع مشتبه بهم بالعمالة وإلقاء القبض عليهم، ثم تسليمهم إلى السلطة الرسمية المعنية، وبعد ذلك إطلاق مواقف تتناسب و'طبيعة' الحالة: إذا كانت آتية من أطر الأخصام، وَجُبَ شرعاً وكيداً وسياسةً وصل الليل بالنهار وتطويع اللغة وفتح الهواء وصفحات الصحف وتزيين المنابر بالتصريحات في كل اتجاه، باعتبار أنّ البيئة السياسية الحاضنة لهؤلاء العملاء هي المسؤولة عن إنتاجهم وتخميرهم!
.. أما إذا كانت حالة العمالة آتية من حلفاء آخر زمن، أو من داخل الدار والمدار فوَجَبَ شرعاً وسياسةً وكيداً، التطنيش قدر الإمكان وتخفيض مستوى الصوت إلى أدنى مستوى ممكن.. ثم بعد ذلك العودة إلى لعبة الإنكار المعهودة: تحويل الهزيمة (المعنوية والسياسية والأمنية) إلى انتصار آخر مُسيَّج بالرضى الإلهي.
الجديد في هذا الطور القديم والمألوف، هو اننا إزاء حالة غير مسبوقة في الفعل ورد الفعل. إذ إنّها المرّة الأولى التي يكشف فيها 'حزب الله' عن فعل عمالة وتجسّس داخل صفوفه. والمرّة الأولى أيضاً التي يتصرّف بها الحزب وكأنّه فعلياً (وإضافياً) دولة مكتملة المواصفات: ولا كلمة واحدة تشير إلى أي جهاز أمني رسمي في ما حصل. ثم ولا إشارة واحدة إلى ضرورة إحالة الملف إلى الأطر القضائية والأمنية الرسمية القائمة. وبعدها ولا كلمة واحدة (يمكن أن تُستعار من المطولات السابقة الخاصة بالخصوم) في شأن العقاب الواجب..
حتى عند الشكليات ما عاد الحزب القائد يتوقف أو يهتم. المهم أن يقول ما لديه وعلى الآخرين الإنصات، وبعدها فليذهب مَنْ يشاء إلى حيث يشاء طالما أنّ الركيزة الأساسية باقية في مكانها. وهذه الركيزة تفيد بأنّ 'فكرة' الدولة المركزيّة تزداد تهشيماً فوق تهشيم. وقصة 'الازدواجية' الأولى الخاصة بالسلاح ومشتقاته ومتفرّعاته (ومنها الأمن) فعلت فعلها في ذاك المنحى، ويأتي الآن دور البقية المتمّمة، وفي أوّلها القضاء وعدالة الدولة الواحدة والجامعة.
.. غارق في أناه، ومُتماهٍ مع حَالِه 'حزب الله'. ولا يرى شيئاً آخر في هذه الدنيا. ولا يهمّه إلا إطاره التنظيمي ومناخه 'الجهادي' وكل ما يؤدي إلى خدمته. أكان ذلك أشخاصاً أم تنظيمات أم مؤسسات أم دولاً. والباقي سيّان، أكان ذلك الباقي تراثاً من العداء له والشغل ضدّه في كل مكان. مثل حالة النائب ميشال عون وصحبه. أو كان طعناً بالصميم لحالات شعبية تتعرّض للمهانة والقتل علماً أنّها جزء من مرافعاته دفاعاً عن طليعية المقاومة والممانعة في مقابل نظام عربي عام قرّر الجلوس في العتم إزاء النزاع مع إسرائيل!
طور جديد، ظاهره 'إنجازات' و'انتصارات'، وباطنه مآزق حقيقية وكبرى.. وتوتّر مؤذٍ وسيزداد أذاه!
ـ 'المستقبل'
المستقبل اليوم:
وحيداً في غربته يقف رئيس حكومة حزب الانقلاب. بين ضغط الوقت الثقيل وضغوط سلاطة 'الحلفاء' الذين يقررون عنه كل صغيرة وكبيرة؛ يحتار، يفكّر، يتذاكى. لكن كل التشاطر الكلامي و'الفهلوة' ما عاد يقنع أحداً بأن التركيبة التي وضع على رأسها تتمتع بالشرعية والمشروعية اللازمة لإدارة بلد تتناتش بقاياه مطامع الميليشيويين وجنون الموتورين.
دَع عنك حديث 'ارتياب' المجتمع الدولي من هذه الحكومة، أو 'تجاهل' العالم العربي، و'إنكار' أغلبية الشعب لها، أو تلك الصرخة الرسالة التي انطلقت بالأمس من نساء لبنان، رفضاً لحكومة تعكس ذهنية تقوم على التهميش، فإن فيها من النقائص ما هو أكبر.
الجنرال المتوتر يطمئن إلى أن النقاش حول بند المحكمة في البيان الوزاري 'محصور بين رئيس الحكومة و'حزب الله'!'، أما الحزب المعني، فإلى أدبيات قياداته المتكاثرة هذه الأيام، رسماً لرؤية الحكومة وسياساتها وصولاً إلى الوعد بإعادة بناء الدولة، فإنه قد حسم القول في المحكمة. الأمين العام المنهمك بملاحقة أجهزة الاستخبارات العالمية هذه الأيام، أعلن يوم الجمعة الفائت بشكل صريح وواضح أن 'موضوع المحكمة منتهٍ (عندنا) من زمان'!! فعلى ماذا يعكف صائغو البيان طالما أن الحزب القائد في صدد القرار.. وطالما أن طربوش الانقلاب مستعد للركوب على أي رأس حتى لو كان رأس القطع مع أغلبية اللبنانيين، وكل المجتمع العربي والدولي!
ـ 'اللواء'
محكمة
عامر مشموشي:
آخر سيناريو أزمة المحكمة ما أعلنه وزير حزب الله محمد فنيش، ومفاده أن اللجنة لم تبدأ بعد بمناقشة موضوع المحكمة، وعندما تبدأ فإن موقف حزب الله منها معروف سبق أن أعلنه أمينه العام، وأكدت كتلة الحزب النيابية في أكثر من بيان وأكثر من موقف، وملخصه أن الحزب لا يعترف بهذه المحكمة لأنها أميركية وصهيونية الصنع، والهدف من إنشائها النيل من المقاومة والحزب&bascii117ll;
إن هذا التصريح للوزير فنيش بعدما ظهر الخلاف داخل اللجنة إلى العلن لم يترك أي مجال للتفاؤل المصطنع بإمكانية التوصل داخل لجنة الصياغة إلى صيغة تضمن احترام الحكومة للقرارات الدولية، ولا سيما المحكمة الخاصة بلبنان، وهي الصيغة التي يتمسك بها الرئيس ميقاتي وحليفاه الوسطيين الرئيس سليمان وجنبلاط ولا تُغضب حزب الله الذي يصرّ على عدم ذكر المحكمة في البيان، إلا إذا كان وزير حزب الله قال ما قاله من باب المناورة، بعدما ضمن الغلبة لرأي الحزب داخل اللجنة، على رأي الرئيس ميقاتي، ودخل الجميع في مرحلة البحث عن الإخراج&bascii117ll;