- 'المستقبل'
أبعد من المناورات العسكرية الإسرائيلية
محمد السمّاك:
أثبتت المناورات العسكرية (نقطة تحوّل-5) التي أجرتها اسرائيل على مدى خمسة ايام انها تستعد دائماً للأسوأ. وانها تتوقع دائماً هذا الأسوأ. وهو أن تتعرض لهجوم من الخارج لا يتورع المهاجمون عن استخدام أي سلاح تصل اليه أيديهم. ولذلك فان المناورات قامت على اساس تصور يفترض تعرض اسرائيل الى هجوم نووي. أو الى هجوم كيماوي أو حتى الى هجوم جرثومي. ولذلك أعدت لكل من هذه التصورات الاجراءات الدفاعية المدنية والعسكرية، ووضعت الخطط لمواجهتها، وللحماية منها وقامت بالتدريب على هذه الاجراءات والخطط. وكأن الأسوأ الذي تتوقعه وتنتظره قد يحدث فعلاً في أي يوم.
يعكس هذا الأمر حقيقة أساسية. وهي ان اسرائيل لا تتوقع السلام مع العالم العربي، وامتداداً مع العالم الاسلامي. ولذلك فانها لا تستعد لما ليس توقعاً. وهي بالتالي لا تعمل له. فالمجتمع الاسرائيلي في حال استنفار عام. وفي حال استعداء دائم للجوار، القريب والبعيد. وتجذّر التربية الاسرائيلية هذه المشاعر وتعززها حتى انها جعلت منها المكون الاساس للشخصية الاسرائيلية. وتستمد هذه التربية مقوماتها من خلفية الاضطهادات والمجازر التي تعرض لها اليهود في العالم، من روسيا في الشرق (خلال الحقبة القيصرية) حتى بريطانيا في الغرب، حيث كان دخول اليهود اليها محظراً بموجب القانون. وتحمل الثقافة اليهودية العامة مشاعر الخوف والحقد والكراهية للمجتمعات التي عاش فيها اليهود مضطهدين ومنبوذين في أوروبا الشرقية وامتداداً حتى فرنسا واسبانيا وخاصة في ألمانيا النازية.
كما تشكل هذه الخلفية الثقافية أساس تعاملهم مع الفلسطينيين خاصة ومع العرب عامة بصفتهم العدو الجديد. فهي ثقافة تتعدى اللاثقة بالآخر لتصل الى الادانة المسبقة له وتالياً الى التخفز الدائم لرد عدوان منتظر يمكن أن يقوم به في أي وقت. فقد علمت الاسرائيليين تجارب معاناتهم الطويلة ان الآخر عدو محتمل وإن أبدى تعاطفاً. فالتعاطف معهم متغير. والعداء لهم ثابت. وهم يأخذون من المتعاطفين معهم اليوم كل ما يستطيعون، استعداداً لرد عدوانهم عندما يتغيرون. ويهادنون اعداءهم ليس لإقامة سلام معهم، انما لمنع تمكينهم من الاعتداء عليهم في المستقبل. أما السلام بما يعنيه من ثقة بالآخر والعيش معه باطمئنان ومحبة وتسامح فانه، أبعد ما يكون عن الثقافة العامة في اسرائيل كما اثبتت طبيعة المناورات العسكرية الأخيرة.
فالمناورات صورت الآخر ليس فقط على أنه عدو يريد شراً باسرائيل، بل انها صورته على انه يريد إزالة اسرائيل من الوجود. وبالتالي فان من الواجب الاستعداد له والتصدي حتى لنواياه. والتصدي لا يكون على قدر امكاناته أو على حجم ما هو قادر على أن يقوم به في الوقت الراهن، بل التقدم عليه في تملك القوة التي تحول دون تمكنه من إلحاق أي أذى باسرائيل في المستقبل.
استوجبت هذه الخلفية الثقافية والتربوية تحويل المجتمع الاسرائيلي الى مجتمع 'اسبارطي' معادٍ دائماً ومتحفز دائماً، ومستعد دائماً لحماية نفسه من خلال توفير القوة العسكرية الهجومية للوصول الى هذا الآخر في عقر داره، والى ضربه قبل أن يجد أي فرصة لتنفيذ نواياه.
فاسرائيل التي استخلصت الكثير من الدروس والعبر من الحملات الصليبية، لا تريد أن تعمل حتى لا ترى ذاتها وقد تحولت الى امارة صليبية جديدة في القرن الواحد والعشرين. ولقد كادت تتحول فعلاً الى مثل هذه الامارة في عام 1973. أولاً عندما نجح التحالف المصري السوري بدعم عربي شامل، في شن حرب رمضان. وثانياً عندما بدا التدخل الاميركي من خلال الجسر الجوي العسكري لدعم القوات الاسرائيلية في سيناء وكانه حملة صليبية جاءت من وراء البحار لانقاذ الامارة من السقوط. وانه لولا هذه الحملة لكانت نتائج الحرب أسرع حسماً واشد مأساوية على اسرائيل.
ومن هذه الدروس والعبر كذلك عدم السماح لقيام تضامن عربي حقيقي، خاصة بين جناحي العالم العربي : مصر والشام، على النحو الذي حققه صلاح الدين الأيوبي. وكان من مستلزمات ذلك احتلال منطقة ايلات في خليج العقبة لتكون نقطة الفصل الاسرائيلية بين عرب اسيا وعرب افريقيا. ثم جاءت اتفاقية كمب دافيد لتكرس هذا الفصل من خلال الزام مصر مقابل استعادة سيناء- بفك ارتباطها بالصراع مع اسرائيل التي تواصل احتلالاً للضفة الغربية والجولان وحروباً على لبنان وغزة.
ويبدو واضحاً ان المتغيرات التي عصفت بالعالم العربي، والتي لا تزال تعصف به، أوحت الى اسرائيل برسالة جديدة. وهي عدم جدوى المراهنة على استمرار المعادلة التي أفرزتها تسويات الامر الواقع : تسوية كمب دافيد مع مصر، وتسوية وادي عربة مع الاردن، وتسوية أوسلو (التي اسقطت اصلاً) مع السلطة الفلسطينية. فالتسويات الثلاث تجاهلت العامل الجوهري لأي تسوية مرشحة لأن تتحول الى قاعدة لسلام دائم تحترم الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. فتسويات الاذعان لا تؤسس لسلام. يؤسس هذا السلام أحد أمرين : أما الحل العادل وهو ما لا تستطيع اسرائيل أن تتحمله وهو ما ترفضه اسرائيل وتستبعده من كل المحادثات، أو الحل الالغائي للآخر، وهو ما تعمل اسرائيل دائماً على الاستعداد له، على النحو الذي ترجمته مناورات الايام الخمسة التي قامت بها.
من هنا تبدو الاستراتيجية الاسرائيلية واضحة تماماً. وهي الاستعداد دائماً للحرب وكأنها ستقع غداً. فيما تبدو الاستراتيجية العربية واضحة تماماً أيضاً، وهي الاستعداد دائماً للسلام، وكأنه على قاب قوسين أو أدنى. بالنسبة لاسرائيل فان المفاوضات جزء من الاستعداد الحربي. ذلك انها توفر مظلة لمزيد من التوسع وبناء المستوطنات والتهويد وفرض الأمر الواقع. أما بالنسبة للجانب العربي فان المفاوضات تبدو خياراً وحيداً وطريقاً في اتجاه واحد.. وإن كانت التجارب منذ عام 1949 حتى اليوم قد أثبتت انه طريق مسدود..
يحاول الجانب العربي وبخاصة الفلسطيني - فتح الطريق بمزيد من المفاوضات مستنداً الى وعود دبلوماسية أميركية في الدرجة الأولى. ويحاول الجانب الاسرائيلي تضييق الطريق بمزيد من الاستعداد العسكري مصحوباً بمبادرات ليّ ذراع الدبلوماسية الأميركية.
ويبدو ان الوضع سيبقى على ما هو عليه الى أن تتغير المقاربة العربية لكيفية التعامل مع 'المجتمع الحربي' الاسرائيلي. وما يجري الآن في العالم العربي قد يكون أول الغيث.
- 'النهار'
لبنان يدخل نفق القرار الاتهامي
صالح بكر الطيار(رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي):
اعتبارا من الخميس 30/6/2011 دخل لبنان جديا في نفق القرار الاتهامي الخاص بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حيث سلم محققون دوليون مدعي عام التمييز في لبنان القاضي سعيد ميرزا مذكرات توقيف في حق اربعة اشخاص لبنانيين ينتمون الى 'حزب الله'، هم: مصطفى بدر الدين وسليم عياش وحسين عنيسي واسد صبرا. وسبق لوسائل اعلام غربية وعربية منذ اشهر ان نشرت بعض هذه الاسماء وسيناريوات عن كيفية تنفيذ جريمة الاغتيال، ومنها مجلة 'دير شبيغل' الالمانية وقناة 'سي ان بي سي' التلفزيونية الكندية وصحيفتا 'لوموند' و'لوفيغارو' الفرنسيتان وجريدة 'السياسة' الكويتية وغيرها. ووفقا للاتفاقات الموقعة بين الدولة اللبنانية وبين المحكمة الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها يجب ان تعمد القوى الامنية اللبنانية الى اعتقال المطلوبين وتسليمهم الى المحكمة. وفي حال تعذر الوصول الى اماكن سكنهم يصار بعد 30 يوما الى تبليغهم بواسطة وسائل الاعلام، واذا لم يسلموا انفسهم تجرى محاكمتهم غيابيا. وكما كان متوقعا فقد انقسم اللبنانيون بين من يؤيد قرار المحكمة، ويطالب الدولة بالقيام بواجبها لجهة القاء القبض على المتهمين، وبين من اعتبر القرار الاتهامي مسيسا ومفبركا ويهدف الى خدمة اسرائيل واميركا، خصوصا ان بعض المتهمين هم من قادة المقاومة التابعة لـ'حزب الله'. ورغم ان الهدوء اثر صدور القرار الاتهامي كان سائدا في كل المناطق اللبنانية، الا ان ذلك لا يعني ان هذه الاجواء مرشحة للاستمرار بسبب الانقسامات الحادة الحاصلة في الشارع اللبناني ما بين قوى 8 و14 آذار، والتي تأخذ في بعض مناحيها ابعادا مذهبية حيث يعتبر بعض السنة ان زعيمهم اغتيل فيما يعتبر بعض الشيعة ان هناك 'مؤامرة' لالباسهم هذه التهمة التي تأتي ضمن مخطط يهدف الى اشعال فتنة مذهبية في منطقة الشرق الاوسط. والتهم لم تنحصر فقط في اطراف لبنانيين، بل يتردد انها ستمتد لاحقا الى اطراف اقليميين مثل سورية وايران وسيتم الكشف عن اسماء المتهمين وصفاتهم خلال الايام المقبلة بعد تسليم لوائح الاتهام من المحكمة الدولية الى السفارة السورية والسفارة الايرانية في لاهاي.
ومن المؤكد ان طهران لن تتجاوب مع ما ستطلبه منها المحكمة، وكذلك دمشق التي اساسا رفضت توقيع اي اتفاق مع المحكمة، وطلبت منها تزويدها ادلة دامغة تثبت تورط عناصر سورية على ان تتولى السلطات السورية بنفسها محاكمة المتهمين. وكان 'حزب الله' قبل اشهر عدة شن هجوما لاذعا على المحكمة وكشف عن معلومات وعن قرائن تتهم اسرائيل بانها وراء عملية اغتيال الرئيس الحريري. كما شن 'حزب الله' حملة على من اسماهم 'شهود الزور' من جنسيات لبنانية وعربية، وطالب بمحاكمتهم، لانهم ضللوا التحقيق وفبركوا اخبارا ومعلومات غير صحيحة، كان من نتيجتها سجن اربعة من الضباط اللبنانيين الكبار نحو اربعة سنوات قبل الافراج عنهم لعدم وجود ادلة تدينهم. وما بين الآراء المؤيدة لما صدر عن المحكمة من قرارات وتلك الرافضة لها صار مؤكدا ان لبنان سيمر في مرحلة كبيرة من التوتر السياسي الذي قد تصحبه احتكاكات امنية، ولكنها لن تصل الى حد المواجهات، لان الجيش اللبناني مستعد ولن يسمح بأي فلتان امني، ايا تكن اسبابه وظروفه والجهة التي تقف وراءه. يضاف الى ذلك ان البعض في لبنان يلوح باحتمال ان يلجأ المجتمع الدولي الى فرض عقوبات على لبنان في حال عدم استجابة 'حزب الله' تسليم المتهمين، او قد يذهب المجتمع الدولي – حسب رأي آخرين – الى احالة موضوع المحكمة الى مجلس الامن لوضعه تحت الفصل السابع، مما يعني احتمال حصول تدخل عسكري غربي. ولكن كل هذه الامور مجرد تكهنات، لان فرض عقوبات اقتصادية على لبنان ستصيب كل اللبنانيين وبقدر اقل 'حزب الله' الذي لا يملك مؤسسات انتاجية ولا مصارف ولا استثمارات داخلية او خارجية. كما ان احالة ملف المحكمة الى مجلس الامن لادراجه تحت الفصل السابع لن يحقق اي نتيجة، لان المواجهة لن تحصل بين قوى عسكرية غربية و'حزب الله'، بل بين قوى عسكرية غربية وانصار وحلفاء 'حزب الله' وهم يمثلون اكثر من نصف الشعب اللبناني. وهناك من يتوقع ان تكون قرارات المحكمة مقدمة لقيام اسرائيل بعدوان على 'حزب الله' في لبنان بذريعة اخضاعه للشرعية الدولية، ولكن مثل هذه المغامرة العسكرية تستوجب ضمان نجاحها، لان 'حزب الله' بأفضل استعداداته وجهوزيته، كما تستوجب عدم تدخل قوى اقليمية لمصلحة 'حزب الله' وخصوصا ايران التي لن تسمح بالقضاء على حليف استراتيجي يؤمن لها حضورا مهما على البحر الابيض المتوسط.
الواضح اذاً ان لبنان دخل نفقا مظلما مليئا بالمفاجآت التي ستظهر نتائجها تباعا، والتي ستكون تداعياتها كثيرة ومن المبكر التكهن بها.
- 'السفير'
كيف تدفع أميركا ثمن قواعدها في دول الخليج
ارام روستن:
رسمياً، لا تدفع الولايات المتحدة شيئاً للحكومات الأخرى، مقابل حيازة حق إقامة قواعد عسكرية. منطقها في ذلك صريح: ضخ الأموال في خزائن المستبدين الأجانب لا يشكل أساساً لتكوين حلفاء استراتيجيين حقيقيين. مع ذلك، ولخوض الحروب في كل من العراق وأفغانستان، في ظل تمترس الملالي في إيران، اعتمد البنتاغون، خلال العقد الأخير، بطريقة غير مسبوقة على شبكة من القواعد العسكرية الموزعة على امتداد الشرق الأوسط.
وقد كشف تحقيق خاص لـ&laqascii117o;نيوز ويك"، حول ممارسات البنتاغون التعاقدية في كل من أبو ظبي والكويت والبحرين، النقاب عن إنفاق أكثر من 14 مليار دولار في عقود ذات مصدر واحد لشركات تسيطر عليها الأسر الحاكمة للدول الواقعة على الخليج الفارسي. ويثير هذا الكشف سؤالاً أساسياً: هل تذهب أموال المكلفين الأميركيين لتغذية الملوك الحاكمين في النظم الصديقة، في حين نجح المحتجون الشباب والربيع العربي في خلق دفعة جديدة للديموقراطية في المنطقة؟
لنلقِ نظرة على أبو ظبي، وهي الإمارة الأغنى بين الإمارات العربية المتحدة، حيث تستضيف قاعدة جوية أميركية في الدفرا، والتي تعدّ مركزاً حيوياً للتزود بالوقود في المنطقة. وكما هي الحال في غالبية بلدان الخليج، فان أبو ظبي محكومة من قبل أسرة واحدة، تهيمن على كل من الحكومة ومشاريع الأعمال. والعائلة ههنا هي آل نهيان، والأمير البالغ من العمر 63 سنة هو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، المعروف باهتمامه بسباق الجمال، والذي تعادل ثروته الـ15 مليار دولار. كما يسيطر الشيخ على شركة النفط الوطنية &laqascii117o;أدنوك". وقد تبيّن لاحقاً أن كل قطرة نفط تشتريها أميركا لطائراتها في قاعدة الدفرا، ـ أكثر من 200 مليون برميل في السنة تكلف أكثر من 5,2 مليارات دولار منذ 2005 ـ تعود للشركة التابعة لآل نهيان: أدنوك.
بيد أنه واستناداً الى وثائق العقود، فان الأموال تلك، دفعت من دون المرور بعملية المناقصة التنافسية، التي من المفترض ان تواكب أية عملية شراء لأسلحة نارية، أو لمدفعية مضادة للطائرات او للوقود، بحسب ما ينص نظام البنتاغون.
في ابو ظبي، &laqascii117o;قد نكون أساساً نشتري وجودنا"، يقول الكسندر كولي، الأستاذ في جامعة برنارد، والمنكب على دراسة إستراتيجية القواعد الأميركية. الولايات المتحدة تدفع في العادة الإيجارات لملاك الأراضي الأجانب، لكن تلك المدفوعات منفصلة عن حقوق إقامة القواعد، التي تحصل عبر اتفاقيات حكومية (من حكومة لحكومة). في حالة القواعد، &laqascii117o;هناك بدل يدفع بشكل ضمني"، يقول كولي.
منذ ثلاثة عقود، وبعد مجموعة من الفضائح ذات الصلة بالإنفاق ( كلّف شراء مطرقة ومقعد مرحاض 640 دولاراً بدلاً من 436)، اقر الكونغرس قانون التنافسية في مجال أعمال المقاولات في 1984، والذي ينص على وجوب المناقصات التنافسية. والمبدأ في ذلك بسيط: التنافسية تجتذب أسعاراً أقل وترفع مستوى النوعية. ووفقاً لشارلز تييفر العضو في اللجنة الفيدرالية لمقاولات زمن الحرب &laqascii117o;القانون يوجب العمل بمبدأ التنافسية مع بعض الاستثناءات المحدودة".
وقد استغلت أبو ظبي أحد تلك الإعفاءات ببراعة. لكن قبل 5 سنوات، وفي أوج حرب العراق، تحدّى مقاول وقود أميركي يتبع لشركة في فلوريدا عقداً ذا مصدر واحد بقيمة 500 مليون دولار كانت وجهته شركة &laqascii117o;أدنوك". العقد &laqascii117o;يجب أن يفتح للمنافسة الكاملة". كتب محامي العقود رونالد اشر في رسالة احتجاج الى مكتب المساءلة في الحكومة الاتحادية. ورد البنتاغون مستشهداً بما سماه قانون الإمارات العربية المتحدة. لكن محامي الشركة (المذكور أعلاه) قال أن الجيش &laqascii117o;عاجز عن إنتاج قانون أو مرسوم كهذا".
وتظهر المراسلات الداخلية عبر البريد الالكتروني للبنتاغون، التي حصلت عليها &laqascii117o;نيوز ويك" مستفيدة من حركة حرية تداول المعلومات، ارتباكاً حتى داخل وكالة الدفاع اللوجستية المسؤولة عن تأمين مشتريات الجيش من الفيول. وبعد سؤال كولونيل عن الاتفاقية الأحادية الموقعة مع &laqascii117o;أدنوك" في 2008، رد رئيس شعبة النشاط في الوكالة بالقول &laqascii117o;بشكل أساسي، يبدو أنها المصدر الوحيد المسموح لنا تأمين النفط من خلاله وفق الحكومة المحلية". ولاحقاً، قال مسؤول عقود أميركي &laqascii117o;هل ثمة توثيق أو تاريخ" حول قانون أبو ظبي؟ حتى أن السفارة الأميركية في أبو ظبي قالت انه ليس بمقدورها العثور على نسخة من القانون المذكور. وبعد بضعة أشهر وحسب، أقر البنتاغون 918 مليون دولار اضافية لاتفاقية ذات مصدر واحد مع &laqascii117o;أدنوك". وفي تقدير تييفر &laqascii117o;هناك من يقوم بتحويل مفاتيح الخزانة الأميركية إلى الإمارة".
وقال البنتاغون انه فعل ما كان عليه أن يفعله. &laqascii117o;لدينا حرية الاختيار"، يقول أحد أعضاء وكالة الدفاع اللوجستية لـ&laqascii117o;نيوز ويك". ويتساءل &laqascii117o;هل تريدون البقاء في ذلك البلد والطيران في مجاله الجوي، وأن نستخدم وقوده أم لا؟". أما رونالد نيومان السفير السابق في منطقة الشرق الأوسط فيقول &laqascii117o;أن المعضلة هذه تعتبر من الآثار المحتملة لمزاولة الأعمال في بلدان غير ديمقراطية".
ويبدو أن الأسر الحاكمة الأخرى في الخليج والتي تستضيف قواعد أميركية أيضاً، تحقق منافع بالطريقة عينها. في الكويت على سبيل المثال، حيث القاعدة العسكرية تشكل المعبر العسكري الأساس إلى العراق. وكما هو الحال مع آل نهيان في أبو ظبي، تدير عائلة الصباح الكويت، فضلاً عن شركة النفط الوطنية &laqascii117o;كويت بتروليوم" Kascii117wait petroleascii117m co.، والتي حصلت على حوالى 4 مليارات دولار في صورة عقود مع البنتاغون منذ 2005، غالبيتها عقود ذات مصدر واحد (أي مع شركة آل صباح). وتشرح وكالة الدفاع اللوجستية ذلك بالقول &laqascii117o;أن العقود التي تقوم بتزويد الوقود المتجه إلى العراق ذات مصدر واحد بفعل القيود الكويتية".
لننتقل الآن إلى مملكة البحرين، حيث ثار المحتجون كجزء من الربيع العربي الشهر الفائت. وتشكل البحرين موطن المقر الرئيسي للأسطول الخامس الأميركي البالغة مساحته 60 فداناً. ويدير البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ويحدث ههنا ان تكون البحرين أيضاً المضيف للمقر الاقليمي لعمليات الطاقة التابعة لوكالة الدفاع اللوجستي الأميركية ـ المسؤولة عن شراء كل الوقود المطلوب للجيش الأميركي بالدرجة الأولى. ففي كل سنة، تفوز شركة البحرين الوطنية للطاقة وبصورة روتينية على مقدار وافر من عقود البنتاغون، المسماة &laqascii117o;وستباك"، كي تقوم بتزويد الفيول اللازم للعمليات العسكرية الأميركية في غرب المحيط الهادئ. وتشكّل شركة النفط الوطنية البحرينية حالة نادرة: المملكة التي بالكاد يبلغ تعداد سكانها المليون نسمة، أضحت واحدة من مصادر الوقود الأساسية للجيش الأميركي، حيث تنال المليارات أيضاً.
وتوضح وكالة الدفاع اللوجستية أن مبيعات النفط البحرينية للجيش الأميركي ليست ذات مصدر واحد كما هو الحال في العقود الموقعة مع ابو ظبي. في المقابل يقول البنتاغون، أن البحرين تفوز دائماً لأن عروضها هي الأقل، كما أنها تقوم بتوفير كميات ضخمة من الفيول، ولا تواجه مزاحمة حقيقية من أي منافس من مصدري النفط التقليديين في المنطقة. وفي هذا السياق، يقول دايفيد كيرش المدير لدى مؤسسة الاستشارات النفطية &laqascii117o;أن شركة النفط البحرينية ما كانت لتفوز بهذه العقود لولا انها عائدة الى القاعدة العسكرية". أما المسؤول في وكالة الدفاع اللوجستية فيقول أن الوكالة تبذل قصارى جهدها لتامين الوقود للقوات الأميركية حول العالم بأقل كلفة.
ويبقى السؤال عما إذا كان هؤلاء الحلفاء الاستراتيجيون يعومون حول نهر جارف من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.
ترجمة: حسن الحاف
عن &laqascii117o;نيوز ويك" بتاريخ 26/6/2011
- 'المستقبل'
من قال إن لا فائدة من حكومة ميقاتي؟!
خيرالله خيرالله:
هل يستطيع النظام السوري عبر فرض تشكيل حكومة لبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي انقاذ نفسه؟ يبدو ان النظام السوري مقتنع بذلك، بل مقتنع بانّه قادر على تجاوز الازمة العميقة التي يعاني منها عن طريق متابعة ممارسته لعملية الهروب الى امام من جهة وممارسة القمع من جهة اخرى. لو لم يكن الامر كذلك لما مارس كل هذه الضغوط منذ ما يزيد على ستة اشهر من اجل اخراج الرئيس سعد الحريري من السراي وكأن خروج نجل الشهيد رفيق الحريري من موقع رئيس مجلس الوزراء يشكل خشبة الخلاص لنظام لا يريد الاعتراف بأنه فقد شرعيته في سوريا اوّلا نظرا الى انه لم يكن قادرا في ايّ يوم على تلبية اي مطلب للمواطنين السوريين الطامحين الى حدّ ادنى من الحرية والكرامة والعيش الكريم قبل اي شيء آخر...
كان يمكن لحسابات النظام السوري ان تكون في محلها لولا انه كان لا يزال قادرا على تشكيل حكومة في لبنان من دون سلاح ميليشيا 'حزب الله' الايراني. اضطر النظام السوري الى الاستعانة بسلاح هذا الحزب مرة اخرى ليفرض مثل هذه الحكومة على اللبنانيين. لو أعاد النظام السوري حساباته بشكل جيّد وفي العمق لاكتشف ان تشكيل الحكومة بالطريقة التي تشكلت بها لا ينفعه بشيء باستثناء انه يؤكد انه لا يريد التعلم من تجارب الماضي القريب ومن الازمة التي غرق فيها. باختصار شديد، لا يريد هذا النظام الاعتراف بان عليه الاهتمام بالشأن الداخلي السوري، هذا اذا كان لا يزال لديه مجال لذلك.
الاهمّ من ذلك كلّه ان هذا النظام يرفض الاعتراف بانه صار تحت رحمة النظام الايراني اكثر من اي وقت وان هذا دليل ضعف وليس دليل قوة في اي شكل. ربما كان النظام الايراني يلوح للنظام السوري بانه يمكن ان يأتي له بالترياق من بوابة العراق وان هناك توازنات جديدة في المنطقة بعد الانسحاب العسكري الاميركي من هذا البلد المهم وانه الجهة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ الذي سينجم عن خروج الاميركيين من الاراضي العراقية. أوليست ايران المنتصر الاوّل من الاجتياح الاميركي للعراق؟ كان احد نوّاب 'حزب الله' واضحا في ذلك عندما تحدث في سياق احدى جلسات الثقة بالحكومة عن لبنان بصفة كونه جزءا لا يتجزأ من المحور الايراني- السوري وامتداد له!
لم يقل طبعا ما يفترض به قوله بصراحة اكبر. لو اعتمد الصراحة لقال ان لبنان مجرد 'ساحة' بالنسبة الى ايران وان بيروت ليست سوى ميناء ايراني على البحر المتوسط وان في استطاعة طهران ان تشكل الحكومة اللبنانية التي تشاء خدمة للنظام السوري في انتظار إحكام النظام الايراني سيطرته على العراق... بما يمكنه من التفاوض من موقع قوة مع الولايات المتحدة وحتى مع اسرائيل، على ان يكون ضمان مستقبل النظام السوري بشكله الحالي جزءا من هذه المفاوضات. هل هو رهان سوري في محله؟ الكثير يعتمد على ما اذا كان الوقت سيسمح لطهران بممارسة هذه اللعبة غير المضمونة. في النهاية، يبدو الوضع في غير مصلحة النظام السوري الذي يواجه ثورة شعبية لا مثيل لها منذ الاستقلال. اكثر من ذلك، ليس لدى النظام في دمشق اي جواب عن اي سؤال يطرحه عليه المواطنون باستثناء القمع.
ما تشهده سوريا اهم بكثير من جلسات مجلس النواب اللبناني حيث لا يزال هناك من يعتقد ان عليه الرد بقسوة وحتى بكلام بذيء على كل من يتناول القمع الذي يمارسه النظام فيها في حق المواطن العادي. هناك نوّاب لبنانيون تابعون للنظام السوري يعتقدون ان هناك في دمشق من سيحاسبهم على بقائهم مكتوفين لدى الكلام عن حقيقة ما يدور على الاراضي السورية. هؤلاء النواب مثلهم مثل نوّاب 'حزب الله' وقيادييه وتوابع الحزب يعيشون خارج الزمن. لذلك لا يمكن توجيه اي لوم لهم على تصرفاتهم المضحكة- المبكية التي لا علاقة لها بكل ما هو حضاري في هذا العالم. انهم يراهنون على الاوهام من بينها وهم القدرة على إبقاء لبنان اسير المحور الايراني- السوري الى ما لا نهاية. ينسى هؤلاء ان التوازنات في المنطقة لا تقررها لا ايران ولا سوريا، حيث نظامان مريضان، وان حكومة لبنانية يشكلها 'حزب الله' وملحقاته على شكل تلك الاداة لدى الادوات التي اسمها النائب المسيحي ميشال عون لا تقدم ولا تؤخر. كل ما تستطيع هذه الحكومة عمله هو توعية بعض اللبنانيين، الذين ما زالوا يعانون من قصر النظر، الى خطورة السلاح الميليشيوي الذي في يد حزب مذهبي على مستقبل بلدهم وابنائهم.
اضافة الى ذلك، يعطي تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة فكرة عن مدى الاستعداد الايراني- السوري للدخول في مواجهة مع المحكمة الدولية التي يبدو انها ستكشف من يقف وراء الجرائم التي ذهب ضحيتها اللبنانيون الشرفاء من الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، على رأسهم باسل فليحان وصولا الى الرائد وسام عيد. من قال ان لا فائدة من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي كشفت اوّل ما كشفت ضعف النظام السوري وعجزه عن القيام باي نقلة نوعية تثبت انه قادر على التعاطي مع ما يدور في المنطقة والعالم وحتى داخل سوريا نفسها!
- 'النهار'
عن 'المُبعد قسراً'!
نبيل بومنصف:
قد يكون الطابع المكاني الذي سيواكب الاطلالة التلفزيونية الاولى للرئيس سعد الحريري غدا عبر شاشة الـ 'ام تي في'، بعد اشهر الغياب الطويلة عن البلاد وعن المسرح الاعلامي، موازيا في اهميته او اكثر للمضامين السياسية لمواقفه المرتقبة. فالمسألة هنا سترتسم في أذهان الجمهور العريض الذي يؤيده ويدين بالولاء لقوى 14 آذار من زاوية مختلفة تماما حتى عن تلك التي اعتاد ان ينظر عبرها الى زعيمه سواء في محطاته الرسمية التي كان الحريري مقلا فيها طوال توليه رئاسة الحكومة السابقة او حتى في آخر اطلالاته الشعبية في الذكرى السادسة لانتفاضة 14 آذار.غدا يتحدث الحريري 'زعيما مبعدا قسرا'، بفعل قوة قاهرة، من شبه المنفى الباريسي. فمن ذا يصدق ان ينقلب دولاب الزمن ويعود الى هذه المتاهة؟ واي سخرية قدر هذه ان يرغم الابن على الابتعاد القسري في لحظة اطلالة القرار الاتهامي في قضية الاب المغتال بأبشع انماط التصفيات؟لعل الرئيس الحريري وحده مع قلة من محيطه يمتلكون السر الامني الذي غيب رئيسا للحكومة عن البلاد كان لا يزال في طور ممارسة المسؤولية ولو في تصريف الاعمال. لكن استباق الاطلالة يغدو امرا نافلا من زاوية الفضول الكبير لمعرفة تأثير 'هبوطها' على الجموع من الخارج هذه المرة، ومن موقع الابتعاد او الابعاد القسري. يعيد هذا التطور الى الاذهان واقعا مقيما اعتاده جمهور عريض آخر. فالسيد حسن نصرالله أبعد او ابتعد قسرا عن الاطلالات الشعبية المباشرة منذ حرب تموز 2006 وباتت اطلالاته محصورة بالشاشة الصغيرة. فأي مفارقة ثنائية هذه ان يتطابق الابعاد القسري على الزعيم السني الاقوى مهددا بالاغتيال مثله على الزعيم الشيعي الاقوى مهددا من اسرائيل؟..
- 'النهار'
الخميس موعد الانطلاقة لترجمة التعهدات الحكومية وميقاتي يسعى إلى الملف الاجتماعي تبريداً للتجاذبات
سابين عويس:
أما وقد نالت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ثقة من كلفوه، وتحولت أقلية نواب 14 آذار الى المعارضة، فان مواجهة ما بعد الثقة وقبل الاعلان عن فحوى القرار الاتهامي ستنحو في مسارين متوازيين يدفعان المشهد المحلي الى حسابات جديدة وأبعاد مختلفة انطلاقا من النتائج التي انتهى اليها مسار التكليف والتأليف: الاول يعبر عنه ميقاتي الذي ينتقل من الوعود والالتزامات الشفوية الى التنفيذ اعتبارا من الخميس المقبل، موعد أول جلسة لمجلس الوزراء تُجدد لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة وسط معلومات عن توافق حكومي على عدم معارضته او اظهار اي تحفظ عنه من أجل اطلاق اشارات ثقة الى الاسواق حول التزام الحكومة السياسة النقدية ولا سيما الاستقرار النقدي بعدما فاتتها الاشارة اليه في البيان الوزاري بقطع النظر عن الآراء المتناقضة داخلها حياله. اما التعيينات الامنية فلا تزال موضع بحث عن توافق في شأنها ينتظر ان تبلوره الاتصالات والمشاورات التي ستسبق الجلسة..وعلى المسار الموازي، تستعد قوى 14 آذار اعتبارا من غد وانطلاقا من الرسائل التي ينتظر ان يوجهها زعيمها سعد الحريري، لرسم خريطة طريق لمعارضتها المقبلة والعناوين التي ستشكل استراتيجيتها.واذا كانت الاهداف الرئيسية باتت واضحة على اساس مواجهة السلاح واسقاط الحكومة المنبثقة من 'الانقلاب الدستوري' بقوته، فإن ثمة من ينتظر من هذه القوى الا تقتصر مواجهتها على العناوين وانما ان تضمنها خريطة طريق لما بعد الاتهامي. فليس المهم معرفة الاهداف التي ستتوسلها للوصول الى ذلك بل معرفة ما ستفعله في ما بعد.
- 'النهار'
3 - هل يتعاطف علويو تركيا مع... الاسد؟
سركيس نعوم:
... ماذا عن علويي تركيا؟ وهل يشكلون مصدر قلق وربما اذى لتركيا الاسلامية وخصوصاً اذا تردّت الى اقصى حد العلاقات بين النظام السوري و'العصبية' التي تدعمه بكل قوة وهذه الـ'تركيا'، واذا تعاطف العلويون الاتراك مع هذا النظام؟ عن هذا النوع من الاسئلة يجيب متابعون ومن قرب للاوضاع في تركيا ومحيطها فيقولون ان فيها مواطنين علويين يبلغ عددهم قرابة 18 مليونا. لكنهم علويون اتراك وليسوا علويين سوريين. قد يكون في تركيا علويون من اصول سورية، صاروا اتراكاً بعدما ضمت فرنسا لواء اسكندرون السوري الى تركيا بعد الحرب العالمية الاولى، ويراوح عدد هؤلاء بين مليون ونصف مليون وثلاثة ملايين. لكنهم مندمجون تماماً في المجتمع التركي. وقد اثبتوا ذلك من زمان وخصوصاً عبر المواقع المهمة التي وصلوا اليها سواء في الحياة الحزبية او في الحياة السياسية او في الحياة الرسمية. ولعل ترؤس علويي تركيا حزباً عريقاً هو حزب الشعب اي حزب اتاتورك مؤسس تركيا الحديثة والعلمانية الدليل الابرز على الاندماج المذكور. طبعاً جواب المتابعين هؤلاء عن احتمال تعاطف العلويين الاتراك مع 'اخوانهم' السوريين منطقي. لكنه يثير بدوره اسئلة قد تعبّر إما عن عدم اقتناع كامل به، وإما عن شكوك في بعض مضمونه.ابرز الاسئلة هو: اليس صحيحاً ان علويي تركيا ايّدوا النظام العلماني منذ اسسه اتاتورك، وانضموا اليه بغالبيتهم، ودعموه وحموه لأنه حوّلهم مواطنين مساوين للاتراك الآخرين اي السنّة وسواء كانوا من اصول تركية او كردية؟ وأليس صحيحاً ان 'نقزة' وإن خفيفة على الاقل حتى الآن قد اصابت علويي تركيا بعد وصول حزب اسلامي الى السلطة قبل اكثر من عشر سنين، ونجاحه في إضعاف الدور السياسي للحامي الفعلي للعلمانية اي الجيش، واضعاف احزابها باستقطاب جماهيرها التي اثقلتها الصفقات والفساد وتردي الوضع الاقتصادي في اثناء حكمها؟ وقد عبّرت جهات علوية او تنظيمات عن 'نقزتها' المشار اليها بتقدمها من 'الحكم الاسلامي' وإن ديموقراطياً حتى الآن، بجملة مطالب 'مذهبية' تنصف العلويين.اما السؤال الاخير والاكثر اهمية او بالأحرى الاكثر خطورة فهو: هل يشكّل علويو تركيا خطراً عليها في حال صار الحكم فيها 'اسلامياً' مئة في المئة ومتخطياً العلمانية وكذلك الديموقراطية وحرياتها وتداول السلطة بواسطة الانتخابات الذي هو من ابرز سماتها؟ طبعاً لا يرتاح المتابعون انفسهم الى هذا النوع من الاسئلة، لكنهم يقولون ان حزب العدالة والتنمية الاسلامي الحاكم لا ينوي تأسيس دولة اسلامية اصولية ولا القضاء على الديموقراطية. ولكن في حال حصل ذلك فإن علويي تركيا لن يسكتوا، ولا بد ان يؤثر ذلك سلباً على اوضاعها. تركيا العلمانية تطمئنهم وهم جزء منها. اما تركيا الاسلامية الاصولية العنيفة والراديكالية فإنها تقلقهم بل تخيفهم. علماً، - يضيف - هؤلا المتابعون، ان الحزب الحاكم حالياً لا يتصرّف بخبث وليس عنده 'اجندة مخفية'، ولذلك فإنهم يستبعدون حصول اي شيء مقلق ومؤذ من جهته أو من جهة مواطنيه العلويين. وعلماً ايضاً ان ما يهم هؤلاء هو قضايا ثقافية ودينية تتعلق بمراكز العبادات. وقد حصل الاهتمام بها وسيستمر.ماذا عن تركيا وايران، وعن تركيا ولبنان؟ وماذا عن تركيا وسوريا اذا دخلت 'الجحيم'؟.
- 'النهار'
زيارة فورد لحماه تثير اهتماماً بالتحولات المتبادلة..التقارب الأميركي مع 'الشعوب' دونه العقدة الإسرائيلية
روزانا بومنصف:
تابع المراقبون في الايام الاخيرة باهتمام استقبال اهالي مدينة حماه السورية السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد بنثر الزهر على موكبه في بادرة لا يمكن توقعها في بلد كسوريا يجعل من المواجهة مع الولايات الاميركية جوهر ايديولوجيته وسياسته. وعلى رغم ان المسألة يفسرها كثر بأنها تتصل في جزء اساسي منها بالحاجة الماسة لدى اهل المدينة الى خشبة خلاص مما يخشونه على نطاق واسع من ممارسات امنية في غياب اي امل او مساعدة بتجنيب المدينة ما عاشته في اوائل الثمانينات، في حين يدرجها البعض الآخر في اطار الحوار الذي تقول الديبلوماسية الاميركية ان سفيرها يجريه مع المعارضة كما مع المحيطين بالرئيس بشار الاسد. فان الاستقبال الذي لقيه فورد يشكل في ظاهره احراجا للنظام من حيث ان الولايات المتحدة في حال كانت احد ابرز الاعداء الذين يتربصون بالنظام السوري، الذي يشكل اساس محور 'الممانعة' ضد المحور الاميركي 'الاستعماري'، هي من يجعل اللجوء اليه للحماية من النظام نفسه. هذا التطلع الى الغرب وتحديدا الى الولايات المتحدة الاميركية رافق ثورات مصر وتونس وليبيا من اجل اعطاء هذه الثورات فرصة والحصول على الاعتراف الدولي، علما انه لم يكن هناك اي عدائية مميزة ضد الولايات المتحدة في هذه الدول التي تعتبر انظمتها قريبة من الاميركيين او ليست ضدها على الاقل. ولذلك ارتبك الغربيون وحاولوا التقاط الفرصة التي اتيحت لهم قبل ان تفرض الفوضى او الاوضاع الخطيرة ما لا يمكن معالجته وما يمكن ان يهدد مصالحهم في الشرق الاوسط. والمعارضة السورية لم تعلن حتى الان تطلعها الى موقف اميركي رسمي متطور من النظام في سوريا انما يقوم بذلك آخرون في اميركا وسواها، لكن في هذا المشهد الذي حصل مغزى انه يكسر المنطق الذي اقامه النظام على مدى عقود في طريقة تصنيف الخارج وتحديد سبل التعامل معه من حيث ان لا عداء لدى الشعب مع الولايات المتحدة او الغرب، اكان هو من يكسره، بحيث ان زيارة فورد معروفة من النظام وممهد لها مسبقا او انها فاجأت هذا الاخير واثارت استياءه. لكن الاستقبال بالورود هو ما يعتقد المراقبون وجوب ان تأخذه الولايات المتحدة في الاعتبار من هذه التجربة بالذات منفردة او في اطار الانتفاضات العربية الاخرى في تونس ومصر وليبيا. فالاتصال بمدينة حماه واهلها الذين يصنفون على نطاق معمم من جماعة 'الاخوان المسلمين' او في جوهرها قد يسهل على الادارة الاميركية التفكير في مقاربات اخرى في شأن ما يجري في المنطقة اكانت تساعد النظام السوري على تخطي هذا الحاجز ام تضغط عليه بالتلويح بهذا الاحتمال. وقد واجهت الولايات المتحدة في الاشهر الاخيرة احتمالات لم تكن تتصورها تتصل بما ادخلته الانتفاضات العربية من تغيرات قسرية لا يمكن القفز فوقها، منها على سبيل المثال انفتاح واشنطن على احتمالات الحوار مع الاخوان المسلمين في مصر. هذه الخطوة يحض عليها افرقاء كثر حتى بين الدول العربية لكن وفق معايير مزدوجة. اي انها يجب ان تسري على مصر وعلى حركة 'حماس' فيما لا يزال يتخبط الموقف الاميركي في شأن المصالحة الفلسطينية الفلسطينية حولها ، لكن المقاربة حيال سوريا ظلت خجولة في ظل تمسك خارجي رسمي بالنظام والمخاوف من وصول 'الاخوان' الى الحكم. ولذلك تثير زيارة فورد تساؤلات بهذا المعنى بعدما قوربت ميدانيا على نحو مباشر لما كان يعتبر معقل الاخوان من دون وساطة وسائل اعلامية اكانت من جهة النظام ام ضده داخلية او خارجية. وهذه المعاينة المباشرة تسمح بخلاصات من دون شوائب كثيرة يفترض ان تقلق النظام السوري في الزيارة الاميركية. اذ في هذا البعد لخطوة فورد تكمن الضغوط الفعلية على النظام من اجل استعجال وضع الاجراءات الاصلاحية على خط التنفيذ تحت وطأة سقوط المخاوف من البدائل، التي كان يلوّح بها، حين يغدو غير متاح سوى الانتقال الى البدائل في حال لم تتغير الامور على ما باتت الحال بالنسبة الى 'الاخوان المسلمين' في مصر على سبيل المثال. لقد خلطت الانتفاضات الشعبية العربية الاوراق وهناك احتمالات وأفق لعلاقات جديدة مختلفة مع الغرب وفي مقدمه الولايات المتحدة، على رغم ان الامور في المنطقة غامضة ولن تتضح في المدى المنظور. لكن المراقبين المعنيين يعتقدون ان واشنطن سرعان ما تطيح اي امر ايجابي حين يحين اوان استحقاق ما يتصل باسرائيل وخصوصاً اذا كان للامر علاقة مباشرة بالفلسطينيين ايضا. اذ تعمد الولايات المتحدة الى اخذ جانب اسرائيل من دون اي تردد على نحو تنسف بنفسها ما تكون قد كسبته في بعض الجولات السياسية. ويعتقد المراقبون ان الفرصة متاحة لردم الهوة مع الشباب العربي اكثر من اي وقت مضى مع التغيير الذي طرأ في النظرة الى الشعوب العربية ومن المهم الا تطيحها الادارة الاميركية في موقفها من الدولة الفلسطينية في ايلول المقبل.