ـ 'الحياة'
فرنسا تعتبر تمويل المحكمة الدولية اختباراً لتعاون لبنان معها
باريس - رندة تقي الدين:
اعتبرت باريس أن خطوة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بإعطاء الضوء الأخضر لسفير لبنان في الأمم المتحدة نواف سلام للموافقة على المشروع البيان الفرنسي - الأميركي في مجلس الأمن لإدانة الهجوم على السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق والذي يمثل خرقاً لمعاهدة فيينا، إيجابية، وأن ميقاتي أراد بهذا القرار أن يظهر للأسرة الدولية انه ليس أسير القرار السوري. إلا أن أوساط باريس المعنية بالملف ترى أن روسيا والصين وافقتا على البيان مما كان جعل لبنان في عزلة لو لم يوافق عليه.
أما بالنسبة للبيان الوزاري والفقرة ١٤ منه المتعلقة بالمحكمة، وعلى رغم تصريح وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون والخارجية الفرنسية حول القلق إزاء البيان الحكومي بالنسبة لتعامل الحكومة مع المحكمة، كان هناك انقسام كبير في المواقف الأوروبية إزاء البيان. واعتبرت دول مثل اليونان وإسبانيا انه لا ينبغي مضايقة ميقاتي في بداية عمله كرئيس حكومة، وأن من الأفضل انتظار أعمال الحكومة، مع حجة رأت فرنسا أنها خبيثة، الادعاء من بعض ممثلي البعثات الأوروبية في لبنان انه لو كان الحريري رئيساً للحكومة لما استطاع أن يفعل شيئاً مختلفاً، &laqascii117o;ويجب ألا نطلب من ميقاتي أن يفعل ما لا نتوقعه من الحريري".
واعتبرت باريس أن هذه الحجة غير مقبولة، خصوصاً أن الحريري أجاب عليها في مقابلته التلفزيونية حول توقيف المتهمين من المحكمة الدولية. وباريس تعتبر أن الحريري يريد التنفيذ ولكنه كان رئيساً لحكومة شلتها المعارضة آنذاك، في حين أن حكومة ميقاتي لا تريد توقيفهم على رغم أنها قادرة على ذلك. فباريس تعتبر أن هذه حجة من بعض الدول الأوروبية التي تغض النظر عن أن ظروف الحريري في حكومته تختلف كلياً عن ظروف حكومة ميقاتي. والدول التي أخذت موقفاً حازماً، وعبرت من عدم رضاها على الفقرة ١٤ من البيان الوزاري هي فرنسا وبريطانيا والسويد ودول صغيرة مثل هنغاريا ورومانيا؛ وفي الوسط إيطاليا الأقرب إلى موقف فرنسا وبريطانيا ولكن مع حذر كبير، وألمانيا لأنها غائبة عن الأوضاع المحلية. وأشتون عبرت عن موقف فرنسا وبريطانيا وبعض الدول، وعن خيبة الأمل، لكن إسبانيا لم تكن راضية، غير أن ممثلة الاتحاد الأوروبي أقرت الموقف النهائي.
وفي نظر الأوساط الفرنسية أن المعيار الأسهل للحكم على تعاون هذه الحكومة مع المحكمة الدولية سيكون التمويل للمحكمة لأن بالإمكان معرفة ما إذا كانت ستقدم الأموال أم لا. فهو معيار سيوضع في الطليعة لأن الأسرة الدولية أظهرت بعض الليونة حتى مع حكومة الحريري وينبغي تكرار أن هذا واجب على لبنان لا يمكن أن يتهرب منه.
وتوقعت مصادر انه بعد ستين يوماً أي نهاية آب (أغسطس)، ستصبح القرارات الاتهامية علنية. وفي غضون ثلاثين يوماً، تنشر المحكمة الدولية في الإعلام طلبات بمثول متهمين أمام القضاء الدولي، وبعد ثلاثين يوماً إضافياً أي نهاية آب، تصبح القرارات الاتهامية علنية، وعندئذ تصبح تفاصيل التحقيق والبراهين والاتهام معروفة، وهذا سيضع &laqascii117o;حزب الله" أمام واقع تفاصيل التحقيق والاتهام. وقضية تمويل المحكمة ستكون معياراً مهماً لفرنسا التي بذلت جهداً في اجتماع أوروبي في بروكسيل للإشارة إلى التمويل، ولكن الاتحاد الأوروبي فضل الإشارة إلى الواجبات العامة للبنان. والمعيار الآخر الذي سيكون في التقييم الفرنسي للحكومة اللبنانية هو إذا قررت إعفاء وسام الحسن وأشرف ريفي من منصبيهما على رغم استبعاد هذه الأوساط لمثل هذا الاحتمال، لأن رسائل أوروبية وأميركية عديدة وجهت لميقاتي إزاء الموضوع، محذرة من أي تغيير في النظام الأمني الوحيد الذي لا يقع تحت سيطرة الغالبية الجديدة في لبنان، وأيضاً هو النظام الأمني الذي قام بالتحقيق للمحكمة، وميقاتي على يقين بتمني الغرب، ولن يقع في مثل هذا الخطأ، ويقول للجميع إن اشرف ريفي صديقه وهو الذي عينه. وترى الأوساط المطلعة في باريس على الأوضاع في لبنان أن التمويل للمحكمة مهم ولكن اهم من ذلك سيكون تطور الوضع في سورية وإعلان القرارات الاتهامية نهاية آب. إلى ذلك، يستقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي البطريرك الماروني بشارة الراعي في قصر الإليزيه في ٥ أيلول (سبتمبر) المقبل. وترى الأوساط أن في تشكيل الحكومة لم يعد للرئيس سليمان إلا وزير واحد فليس هناك في هذه الحكومة ثلث معطل متمثل بميقاتي ووزراء وليد جنبلاط ووزير للرئيس سليمان الذي وافق على تنازلات كبرى بالنسبة للوزارات السيادية. وترى أوساط فرنسية رغبة دمشق في الإسراع في تشكيل حكومة اللون الواحد، وكان ذلك جلياً في تنازل الرئيس بري عن وزير شيعي للطائفة السنية.
ـ 'السفير'
الأسـد يـريـد الإصـلاح فـمـن يعـرقـل؟
سامي كليب:
هل ثمة قيادات في النظام السوري تعرقل فعلا الاصلاح؟ تعددت الظواهر التي توحي بذلك. يتنامى الاعتقاد بأن استهداف الرئيس بشار الأسد وصورته لم يعد مقتصرا على المعارضة والغرب وبعض الدول العربية، وإنما ربما امتد الى أروقة حزب البعث وبعض اركان النظام وجزء من الطائفة العلوية نفسها. هناك من لا يريد الاصلاح لأنه يناقض مصالحه . هذه بعض الأمثلة: يعلن الأسد مجموعة من الاصلاحات الجريئة، فيزداد الوضع الأمني سوءا. يعطي أوامر صارمة بعدم استخدام الرصاص والعنف، فتتسرب صور عن استخدام الرصاص والعنف. ينعقد المؤتمر التشاوري للحوار في دمشق، فيتبين ان هيثم المناع ولؤي حسين كانا ينويان الحضور ولكن اعتقالات لأقربائهما او لرفاقهما حصلت عشية المؤتمر فيمتنعان عن المجيء. من الذي اعتقل ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ يتظاهر المثقفون في دمشق فتنهال عليهم الهراوات. هل ان عدم حصول المثقفين على إذن بالتظاهر يبرر ضربهم؟ وبين هذه وتلك، تضج سوريا ومعها العالم بنبأ وصول السفيرين الاميركي والفرنسي الى حماه. كيف وصلا الى هناك؟ هل يعقل ان كل الأمن لم ينتبه الى ذلك؟ قيل إن السلطات السورية ربما غضت الطرف عن الزيارة بداية لكي تصنع منها قضية تشد عصب السوريين الى النظام . قيل ايضا إن السفيرين وصلا عبر سيارات مموهة. وقيل إنهما حصلا فعلا على إذن بالذهاب. قد يكون ذلك صحيحاً او لا، ولكن الصحيح المؤكد ان ردة فعل الدبلوماسية السورية والهجوم على السفارتين أظهرا ان الرئيس الأسد كان مستاءً جداً من تلك الزيارتين. فأين كانت الأجهزة الأمنية إذاً؟ هل ثمة من سهَّل مهمة السفيرين؟
وغداة الزيارة الى حماه. ينتشر خبر عبر الإنترنت يفيد بأن فراس طلاس، نجل وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، كان ينوي دعوة السفيرين الاميركي والفرنسي الى عشاء في منزله، وأن الدعوة التي ألغيت، بسبب حماه، كانت ستتكرر في الاسبوع الحالي . أين السر في ذلك؟ وهل يعقل ان يتصرف طلاس بهذه البساطة بدون غطاء. ربما، ولكن السؤال مبرر خصوصاً حين نرى مئات الرسائل عبر الإنترنت التي جاءت تدافع عن طلاس.ثم يأتي من ينقل عن مسؤول قطري رفيع بأن الاميركيين يحاولون فتح خطوط مع بعض اركان النظام السوري بعيداً عن أعين الأسد، ويكاد المسؤول نفسه يؤكد ان الاتصالات قد قطعت شوطاً لا بأس به. وينبري مسؤول خليجي آخر ليشير الى ان الاتصالات بين بعض الدول الغربية وجماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" السورية صارت تدخل في صلب مستقبل سوريا بعد الإطاحة بالنظام الحالي. هل المعلومات صحيحة ام يراد زرع الفرقة والشقاق والشكوك بين أركان النظام؟
ويعود وليد جنبلاط من لقائه مع الرئيس السوري ليؤكد، وفق المقربين منه، أن اللقاء مع الأسد كان صريحاً جداً وعميقاً الى اقصى حد وأن الأسد شرح كم أنه انزعج من تصرفات بعض القادة الأمنيين، وكيف أنه أنبَّهم على الكثير من التصرفات، وكان ذلك بداية لعدد من المناقلات والتغييرات والقرارات التي بقيت بعيدة عن الأضواء.
قد يكون كل ما سبق صحيحاً، أو يكون من باب التكهنات، ولكن الأكيد ان حزمة الاصلاحات الكبيرة التي أطلقها الأسد ستكون - لو طُبقت - مناقضة للكثير من المصالح القائمة حالياً عند طبقة من اركان النظام وحزب البعث والطائفة العلوية. لا شك ان لهؤلاء مصلحة بعرقلة الاصلاحات، ولهم مصلحة أيضاً بأن تبقى الاوضاع الامنية متوترة الى الحد الذي يبرر حملة أمنية واسعة تعيد قلب الطاولة على كل الاصلاحات المنشودة، او تدفع صوب صفقة معينة قد لا يكون الاسد نفسه مستفيداً منها. أصحاب هذا التحليل يذهبون الى حد القول إن الرئيس الاسد يجانب الخطر، فهو يقود حالياً عملية إصلاح صعبة في كل الاتجاهات. المعارضة تواجهه بالشكوك الدائمة والتصعيد، والدول الغربية تلح عليه أن يسرع في الاصلاح او يرحل، والاميركيون والفرنسيون بدأوا يتحدثون عن مشارفة النظام على فقدان الشرعية، ولكن الاوضاع الامنية لا توحي بأن البلاد مقبلة قريباً على فترة هدوء وإنما العكس تماماً.
يضاف الى ذلك ان الوضع الاقتصادي المتردي سيزيد الأعداء. ثمة من يريد استغلال العقوبات والاوضاع الحالية لدفع الرأسماليين السنة الى الابتعاد عن الأسد. هناك من يعد بمستقبل أفضل لو تغير النظام، لكن حلب التي تضم نصف الصناعة السورية و33 منشأة صناعية ونصف مليون عامل في هذا المجال الصناعي لم تصدق بعد هذا الكلام ولكنها قلقة.
هل ثمة خطر داخلي على الأسد؟
الصورة في دمشق تبدد بعض الشكوك. يقال هنا إن النظام متماسك جداً أمنياً وسياسياً. يدرك اهله ان أي خلل لن يفيد الا الخصوم . يعرف مناوئو الاسد انه لا يزال الاكثر شعبية بين كل اركان النظام، وانه الأكثر قبولا والاكثر قدرة على قيادة الاصلاح الذي بات ضروريا اكثر من أي وقت مضى . يبدو الرئيس الاسد سيد الموقف. ينزلق مثلا رامي مخلوف ابن خال الرئيس الى متاهة السياسة عبر تصريح لصحيفة &laqascii117o;نيويورك تايمز"، فيكون الخطأ مفصلياً. يتم ابتعاده او إبعاده عن هيكل النظام، ذلك ان صورته كشريك في معظم الاقتصاد السوري لم تعد محمولة. من المفترض ان يكون في الابتعاد ما يريح الاسد نفسه.
يتنامى الحديث عن قرب إلغاء المادة 8 من الدستور ما يعني وضع حد لـ&laqascii117o;قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع". يقال إن قيادات كثيرة لن تبقى بعد المؤتمر المقبل للحزب. تتسرب شائعات عن تململ حزبي جدي من قرارات الرئيس. سرعان ما تنحسر الشائعات حين يتبين ان الاسد أكثر حرصاً على الحزب من كل الحزبيين الآخرين. هو يريد اكثر من أي وقت مضى الحفاظ عليه طليعياً. يدرك ان الحزب بحاجة الى دم جديد وقيادات شابة وسوف يمضي في هذا الاتجاه. لا بد بالنسبة للقيادة السورية ان يبقى الحزب سداً منيعاً على المستويات الشعبية والزراعية والفلاحية.
لم يكن الاسد يعلم كل شيء عن واقع سوريا. ثمة معلومات لم تكن تصل بشفافية اليه او لم تكن تصل ابدا. ثمة من نقل عن فاروق الشرع، نائب الرئيس في خلال اللقاء التشاوري، نقده اللاذع لرؤساء الحكومات السابقين وبعض المسؤولين الذين كانوا يغالون في الحديث عن التنمية والتقدم الاقتصادي. تبين ان الحزب والخطط السابقة فشلوا جميعا في تهدئة المناطق الزراعية والفلاحية التي كانت في طليعة المنتفضين رغم الوجود الحزبي الكبير فيها (درعا والرستن وإدلب على سبيل المثال). تبين ايضا ان النظام الاقتصادي برمته الذي فرضه الغرب على سوريا لم يكن ناجعاً وإنما زاد الفرقة بين الريف والمدن.
ولم يكن الاسد يعلم الكثير عن مساوئ تصرفات الامن. سمحت له اللقاءات الشعبية المباشرة بعد انتفاضة درعا، بالاستماع الى شكاوى المواطنين. تبين ان جهاز الامن صار كل شيء في البلاد إلا الأمن. والأنكى من ذلك ان هذا الجهاز لم يمنع الاختراقات الكثيرة التي حصلت، ولا منع وصول السلاح وأجهزة الإرسال وهواتف الثريا، او ان جزءاً منه قد قبل الرشوة عند الحدود فسمح بدخول ما صار لاحقاً ضد الدولة والنظام. وتبين ايضا انه كلما صدر قانون عفو ازدادت الاعتقالات. اتخذ الأسد الكثير من القرارات الاصلاحية الجريئة في الاشهر القليلة الماضية. جاء بكل القوانين الغربية للاحزاب والاعلام واختار منها افضلها ليصوغ قوانين جديدة للبلاد. واتخذ قرارات أمنية عديدة لإبعاد شبح الامن عن مؤسسات الدولة، ولتشكيل قوات شرطة وأجهزة مكافحة شغب بغية سحب الجيش لاحقاً من المدن. ولكن كل ذلك تطويه صور التظاهرات والدماء.تستغل بعض الاطراف الظلامية من مسلحين وعصابات وانصار الفتنة المذهبية كل خلل أمني لتأجيج الاوضاع. يختلط الحابل بالنابل، يضيع المتظاهرون الشرفاء في أتون المواجهات. تصبح كل تظاهرة سلمية عرضة للاختراقات من جهة ولغضبة الامن من جهة ثانية. ثمة من يريد منع اللقاء بين المعارضة الحقيقية والسلطة، وتحديداً اللقاء مع الاسد. لعل المثال الصارخ على ذلك، ما حصل قبل ايام قليلة في احدى حارات باب توما في قلب دمشق القديمة. كان عدد من الصحافيين اللبنانيين المدعوين الى اللقاء التشاوري يتناولون العشاء مع وزير الاعلام السوري عدنان محمود. سُمعت فجأة شعارات وصيحات تدعو لإسقاط النظام. تبين ان مئات السوريين المسيحيين كانوا يشاركون في زفاف، فاندسَّ بينهم بضعة فتيان وراحوا يصرخون ضد النظام، وحمل احدهم هاتفا نقالا وراح يصور الامر على انه تظاهرة . يبدو ان ذلك يحصل بصورة دورية في سوريا.
لا ينفي ذلك ان البلاد تشهد تظاهرات في العديد من مناطقها، وان حركة الشارع ضد النظام تزداد خطورة، ولا ينفي أيضاً ان الشارع بات اسرع من الاصلاحات ومن النظام ومن المعارضة نفسها، ولكن الأكيد ان ثمة سؤالا محورياً ينبغي التوقف عنده: هل ان كل اهل النظام موافقون على الخطوات الاصلاحية التي أعلنها بشار الأسد؟ وهل يستطيع الرئيس المضي قدما في هذه الاصلاحات وإنقاذ البلاد؟ ام ان لدى البعض تصورا آخر للحل يقضي بحمامات دم جديدة، خصوصاً ان انتشار المؤيدين للتيار الاسلامي بات أكثر خطورة من السابق؟ خلاصة القول إن الأسد يريد فعلاً الإصلاح لأنه الوسيلة الوحيدة لإخراج البلاد من مأزقها الحالي، ولكن الخصوم كثيرون.
ـ 'النهار'
السنّة والتغيير
'ان الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم' (قرآن كريم)
محيي الدين شهاب:
لم تأت دعوة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني للتغيير الجذري من فراغ فهو كمسؤول يشعر بما يئن تحت ثقله كل اللبنانيين من فقر وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وغياب مؤسسات الدولة والفوضى العارمة المستشرية في كل جانب، ولكننا مع تقديرنا لهذه الدعوة، نلفت الى ان التغيير يجب ان يبدأ من حيث يستطيع كل واحد منا ان يغير، ابتداء من نفسه الى عائلته الى مجتمعه ووطنه مع تحديد مسار وآليات هذا التغيير والاهداف التي يجب ان يصل اليها. وكم احوجنا في الطائفة السنية الى ان نستجيب دعوة مفتي الجمهورية ونبدأ عملية التغيير داخل طائفتنا التي تعاني اشد المعاناة مشاكل عدة تبدأ بغياب القيادات السنية السياسية عن تحمل مسؤولياتها تجاه ابناء الطائفة، وصولا الى تهلهل المؤسسات الصحية والتربوية والرعائية والاجتماعية السنية واقتراب اكثرها من حافة الافلاس والاغلاق مروراً بالهجرة القسرية المفروضة بفعل التغييرات الديموغرافية على ابناء بيروت السنة الى خارج بيروت، واحيانا الى خارج لبنان، الى انقسام الصفوف وغياب الرؤية السنية المشتركة في معالجة القضايا الوطنية الكبرى بالمشاركة مع الطوائف الاخرى الى العديد من المشكلات التي لا مجال لحصرها في مقال واحد وتحتاج من المسؤولين السنة الغائبين كل الغياب عنها معالجتها ومحاولة التغيير فيها.
لكنني في هذا المقال سأتطرق الى موضوع التغيير على المستوى السياسي السني الذي صار ملحاً، حيث فشلت القيادة السنية، ولا سيما في السنوات الست الاخيرة فشلا ذريعاً في تحمل مسؤولياتها سواء داخل الطائفة في معالجة مشكلاتها، او على المستوى الوطني، حيث شهدت تراجعات وهزائم سياسية متلاحقة ووصلت الى حدود فقدان رئاسة مجلس الوزراء وصلاحياتها، بل واكثر من ذلك لم تستطع هذه القيادة السنية التي نجحت باكثرية اصوات السنة وضمت في كتلتها النيابية كل النواب السنة تقريبا، ان تبلور حالة سياسية يكون للسنة فيها دورهم الريادي، وهذه القيادة كانت اعجز من ان تتحمل مسؤولياتها سواء حيال ابناء الطائفة او حيال القضايا الوطنية الكبرى، وهي دائماً تلقي باللوم على الآخرين داخليا وخارجياً مبعدة عن نفسها العجز في التقدير والتصرف، بل يمكننا القول اكثر من ذلك ان القيادة السنية لا تعترف بأنها قيادة سنية الا في لحظات الضعف والحشرة فتستنجد بالطائفة عند الضرورة وكأن الطائفة 'غب الطلب' يتم استحضارها وقتما نشاء ونتركها في الثلاجة للمرة المقبلة، ناهيك عن ادخال الطائفة في صراعات ومعارك طواحين الهواء تارة مع هذا الحزب او تلك الطائفة الاخرى مع رفع شعارات وسقوف عالية، وبعد السير لمسافة معينة في الصراع تبدأ القيادة السنية في التراجع بعد ان تحقق مطالب يتبين انها اما شخصية او تجارية او عقارية أو سواها.
ان التغيير في الطائفة السنية يجب ان يبدأ سريعاً، وعلى المثقفين واصحاب الرأي من ابناء الطائفة السنية ان يسارعوا الى انقاذ الطائفة من هذه السياسات الارتجالية والعشوائية للقيادة السنية واعادة القرار السني الى لبنان ليكون لبنانياً صرفاً بعد مصادرته في السنوات العشرين المنصرمة الى خارج لبنان واعادة النهوض بالطائفة ومؤسساتها من خلال العمل الجاد والصادق، وليس الاعتماد على المكرمات والهبات، لانها لا تدوم، وقديما قيل 'لا يصلح آخر هذا الامر الا بما صلح أوله'، وكما كانت الطائفة السنية رائدة في لبنان عليها ان تفتش عن السبل الآيلة لاعادة هذا الدور، من خلال التعب والجهد والعرق والمال الحلال الحقيقي وبناء مؤسساتها الدينية والسياسية والاجتماعية على اسس صحيحة وثابتة ودائمة، وكل ذلك يحتاج الى رجال حقيقيين يشمرون عن سواعدهم وعندئذ يتم التغيير المطلوب الذي سينسحب حتماً على الطائفة ومن ثم يعمّ خيره على الوطن.
ـ 'الديار'
محاولات متتالية لاستغلال ما جرى في لاسا بهدف التاجيج الطائفي
حزب الله تدخل حتى آخر الليل: الملف مُزمن وبحاجة للتفاهم
ياسر الحريري:
ما جرى من اشكال في بلدة لاسا بين الاهالي وفريق المساحة الذي ارسلته المطرانية المارونية ليمسح او يحدد لها املاكها بعد استحصالها على القرار القضائي نتيجة علم وخبر استحصلت عليه سابقاً ووقعته من &laqascii117o;المعني الاداري" في جبيل وهذا ما لم يستطع فعله باقي الاهالي الذين استفادوا من مسألة &laqascii117o;العلم والخبر". لقد جرى تضخيم ما جرى من وسائل اعلامية محددة ومن اعلاميين ينتسبون سياسياً الى القوات اللبنانية هم الذين عمدوا الى تضخيم ما جرى بهدف اظهار ان حزب الله وحركة امل وبعض الاهالي اعتدوا على القوى الامنية بعد ان عمد الاهالي الى منع فريق المساحة من القيام بما جاء ليقوم به في بلدة لاسا.
الحقيقة ان الاستغلال الاعلامي الذي عمدت اليه بعض وسائل الاعلام والاعلاميين المعنيين بتضخيم ما جرى بهدف الاستغلال السياسي والتأجيج الطائفي والمذهبي لن يغير في حقيقة ان المشكلة في لاسا ليست اسلامية ـ مسيحية كما انها ليست منظمة ولا متعمدة والسبب ان كافة القوى الاسلامية والمسيحية السياسية والدينية والفعاليات الشعبية على اختلاف انتماءاتها الدينية تعلم علم اليقين ان مشكلة الاراضي وامتلاكها ليست مستجدة بل هي منذ عشرات السنيين ولم تحلّ الى اليوم وهناك اشكالات حصلت وحاول البعض من اصحاب النيات السيئة استغلالها بين التيار الوطني الحر وحزب الله والحديث عن تعديات وغير ذلك في قضية &laqascii117o; الكنيسة والجامع ويا ليت كان حينها المختلف عليه يصلح لمدفن اسلامي او مسيحي على حد سواء بل الخلاف كان حينها على &laqascii117o;خربة لا تتعدى اربعة امتار باربعة امتار ومن لا يصدق فليذهب لير بأم العين حقيقة هذا الكلام".
المقداد ـ لاسا
المتابعون لمجرى القضية في بلدة لاسا قضاء جبيل من احزاب وفعاليات وقوى محلية وادارات يعلمون علم اليقين ان الخلاف لا يمكن ان يحل بقرار قضائي او حكم قضائي في منطقة تتسم بالعيش المشترك والوحدة الوطنية كما يقول احد فعاليات بلدة لاسا وجبيل طلال المقداد، الذي ايضاً ينفي نفياً قاطعاً ان تكون للمشكلة اسباب طائفية ومذهبية بل يرى ان القيادات في جبيل والمعنيين وعلى رأسهم المجلس الشيعي الاعلى والبطريركية المارونية هما القادران الى جانب رئيس الجمهورية وحركة امل وحزب الله والفاعليات الخيّرة على حل ّهذا الملف المزمن وليس بقرار او حكم قضائي يصدر لأن هكذا ملفات لا تحل باحكام وبالتالي لا يمكن للمساحة او الاداريين ان يعمدوا الى التحرك في ملف دون تقدير زمن الخلاف في الموضوع لأن الحوار والتفاهم يعطيان كل ذي حق حقه تماماً كما حصل في قرى اخرى في قضاء جبيل وقريبة من لاسا دون اي ضجيج على ان تأخذ الناس حقوقها وكذلك المطرانية لكن الاهالي لم يعتدوا على القوى الامنية ولم يكن هناك افراد لا من حزب الله ولا غير حزب الله وان التضخيم الاعلامي ونقل بعض المواقف باسمنا او اسم اي من اهالي البلدة والفعاليات هو عار عن الصحة ويتحمل مسؤوليته من ينقله او يحرفه ونحن جل ما ندعو اليه هو سلوك طريق التفاهم.
حزب الله
حزب الله المعني الاول في هذا الامر الى جانب الفعاليات البلدية والسياسية في لاسا والمنطقة تابع ما جرى عبر مسؤول المنطقة الشيخ حسين زعيتر الذي قضى طوال الليل لمتابعة هذا الامر وحل الاشكال بعيداً عن الاستغلال الطائفي والسياسي الذي تعمدت بعض الجهات الحزبية في المنطقة وعبر اعلامها لتضخيم ما جرى، الا ان حزب الله يعلم ان هذه المشكلة مزمنة وهي موجودة قبل ان يبزغ فجر حزب الله النور في لبنان وليس في لاسا - قضاء جبيل وهو في السابق عبر المعنيين وعبر عضو المجلس السياسي في الحزب غالب ابو زينب عمد للتدخل لحل مشكلة الكنيسة الى ان زار ابو زينب موفداً من قبل السيد حسن نصرالله العماد ميشال عون وسلمه مفتاح الكنيسة ويا ليتها تصلح تلك الخربة لكنيسة او مسجد، لكن ما جرى ايضاً من استغلال اعلامي وسياسي لذاك الموضوع هو عينه ما جرى بالامس على المستوى الاعلامي وتلفيق بعض التصريحات والمواقف وبث المعلومات المغلوطة واجراء الاتصالات للتأجيج.
وحزب الله يعلم ان الملف بحاجة الى تفاهم وحوار ونقاش بناء مع مختلف الاطراف كي يصل الحل الذي يحفظ حقوق الجميع بعيداً عن السياسة والتسييس لأنه برأي الحزب مشكلة مزمنة لا تحل بسهولة والمطلوب برأي الحزب التعاون من اجل المصلحة العامة وعدم فتح الباب كي يستغل البعض هذا الملف لينفث سموم الفتن كما حاول هذا البعض التصرف بموضوع غرفة الكنيسة.
ـ 'النهار'
الحوار له ظروفه وهو اليوم غير ممكن
توفيق الهندي:
السؤال المطروح اليوم: بعدما حسمت 8 آذار مسألة السلاح بالثالوث المدمر للبنان (الشعب والجيش والمقاومة) وبعدما حسم السيد نصر الله موقف 'حزب الله' من المحكمة، ماذا يمكن هيئة الحوار أن تبحث؟لا شك في أن هيئة الحوار مطلوبة من حيث المبدأ كأداة في يد رئاسة الجمهورية وفي إطارها لكي تعطي للرئيس قدرة للاضطلاع بمهماته الدستورية بالسهر على إحترام الدستور وإنتظام الحياة السياسية والوطنية في لبنان، علماً أن مأسسة هيئة الحوار هذه لا تخرج عن روحية إتفاق الطائف من حيث دور الحكم الوازن المنوط برئيس الجمهورية والضرورة في أن يكون هو المرجع الصالح لحل المسائل الخلافية لكي لا تنتقل المرجعية هذه إلى خارج الحدود.غير أن الدعوة الى إنعقاد هيئة الحوار في الظروف الراهنة وبعد تزوير إرادة الشعب بالترهيب، لا تستقيم إذا كانت صورة طبق الأصل عن جلساتها غير المجدية السابقة.ولنتذكر أن تلك الجلسات كانت تعقد في ظل موازين مغايرة وأجواء عدم قطيعة ولم يكن التناقض القائم بين 8 و14 آذار قد وصل إلى حد التنافر والعدائية كما هو عليه اليوم. أما قرارات هيئة الحوار وسابقتها لجنة الحوار، فلم تطبق. ومن ثم ظل 'المتحاورون' يلتقون في هيئة الحوار دون جدوى ونتيجة عملية، ليس إقتناعاً بجدوى الحوار، إنما لأن التحدث إلى الآخر أفضل من القطيعة كما لمراعاة رئيس البلاد بقصد إستمالته لهذا الفريق أو ذاك.ولنتذكر أنه في آخر مرحلة حكومة الحريري، لم تستجب 8 آذار لطلبات الرئيس سليمان لعقد هيئة الحوار بغية بحث مسألة المحكمة ومتفرعاتها وإخراجها من مجلس الوزراء المعطل عمداً، أي فصل القضايا الإقتصادية والإجتماعية والإدارية التي يتوجب حلها في مجلس الوزراء عن المسائل الخلافية الوطنية الكبرى التي يجب تداولها في هيئة الحوار.
والمؤسف أن الرئيس لم يتمكن من دعوة هيئة الحوار خلال فترة ستة الاشهر التي إستغرقها تشكيل الحكومة. والمؤسف أيضاً أنه لم يبادر هو والرئيس ميقاتي، إلى تشكيل حكومة وسطيين أو أنهما لم يكونا بالأحرى مقدامين بمسعاهما هذا، حكومة تعنى بالقضايا الإقتصادية والإجتماعية والإدارية في مقابل أن ترحل المسائل الخلافية الوطنية الكبرى إلى هيئة الحوار. كان هذا الأمر ممكناً أقله في الأشهر الأربع الاولى من فترة تشكيل الحكومة.
غير أن السؤال اليوم المطروح اليوم: بعد أن 'حسمت' 8 آذار مسألة السلاح عبر بت ما سمي بالاستراتيجية الدفاعية بالثالوث المدمر للبنان، أعني 'الشعب والجيش والمقاومة' وبعد أن حسم السيد حسن نصر الله موقف 'حزب الله' السلبي من المحكمة ضارباً عرض الحائط الموقف الملتبس والمفخخ أصلاً للحكومة في بيانها الوزاري، ماذا يمكن هيئة الحوار أن تبحث؟!
يا فخامة الرئيس، لا يمكنك بعد اليوم الدعوة إلى عقد جلسة لهيئة الحوار لعدد من الأسباب أهمها:
أولا، لأنهم ويا للأسف أفقدوك وأفقدوا الرئيس ميقاتي صفة الوسطية التي تميزتما بها أقله في نظر الشعب.
ثانيا، لأنكما أصبحتا أسيرين لـ 8 آذار. وكلامي هذا موضوعي لا يهدف إلى التجني عليكما. فـ'حزب الله' وأصدقاؤه يتمتعون بـ 19 وزيراً في الحكومة. وإذا أضيف إليهم وزراء السيد جنبلاط الثلاثة، يصبح عددهم 22. فالقرارات الحكومية في يد 'حزب الله' بشكل مطلق وليس بوسعكما إلا المعارضة الشكلية لحفظ ماء الوجه أو للمناورة على المجتمع الدولي، مكره أخاك لا بطل، إذا سمح بذلك من يمسك بالسلطة الفعلية داخل الدولة وخارجها ورأى في هذه المعارضة منفعة له.
ثالثا، لأن مبتغى التحالف الإستراتيجي إيران – سوريا - 'حزب الله' من هذه الحكومة هو إدخال لبنان الدولة في فلك هذا التحالف بغية تحقيق ثلاثة أهداف أساسية متفاعلة مترابطة: حماية سلاح حزب الله، التصدي للمحكمة والدفاع عن النظام السوري، مع كل ما تعنيه هذه الأهداف من أخطار جمة سوف يتعرض لها لبنان وأثمان باهظة سوف يدفعها المواطن اللبناني. أما موقف 'حزب الله' التكتي، فهو يقوم على تصديه وحلفاءه للمحكمة بصفتها محكمة أميركية - إسرائيلية تستهدف 'المقاومة' من خارج إطار الحكومة. كما هو قائم على عدم إحراج هذه الحكومة بالسماح لها بعدم التصدي للمحكمة والتظاهر 'بإحترام' القرار 1757 إلى حين يدفعها مسار العملية القضائية الى تعطيلها. بكلمة، يمكن القول ان الدويلة سيطرت على الدولة، تحصنت بها ووضعتها في خدمتها.
من هنا، يتبين أن قبول 14 آذار اليوم بالمشاركة في حوار من أجل الحوار يعني سياسياً أنها قبلت بإضفاء صبغة المشروعية اللبنانية الكاملة على الوضع الإنقلابي الذي خلقه التحالف إيران – سوريا – 'حزب الله' بواسطة سلاح الحزب ومن خلال 'اللعبة الديموقراطية' الشكلية.
ولنكن صريحين. المشكلة هي بين نظرتين متعارضتين الى لبنان، لا بل متصادمتين. لا يمكن بعد كل ما حصل أن تلتقيا. وقد وصل التناقض بين 8 و14 آذار إلى حد اللاعودة في ظل الظروف والموازين القائمة. فـ'حزب الله' هو منظمة جهادية إسلامية (ذات قاعدة ومعتقد شيعيين) تهدف إستراتيجياً إلى أسلمة العالم وتنظر إلى لبنان كقاعدة إنطلاق لمشروعها الأممي وهي تتوسل 'المقاومة المسلحة' سبيلا لمصادمة الإستكبار الأميركي ولتحرير كامل تراب فلسطين وتدمير الدولة الإسرائيلية كخطوة على طريق هدفها الإستراتيجي.
وهي لذلك ضد المجتمع الدولي وأي تسوية في المنطقة وأي سلام عربي مع إسرائيل. وهي تحدد موقفها من أي نظام أو دولة أو منظمة أو قوة حسب موقفها من 'المقاومة'. وهذا أمر واضح جداً في وثيقة 'حزب الله' الأخيرة.
أما خطابها السياسي التكتي واليومي، فيسوده الإلتباس المقصود حيث غالباً ما تستخدم عبارة المقاومة، بحيث يمكن أن يعتبرها البعض مقاومة لبنانية (التيار الوطني الحر ومسيحيو 8 آذار) والبعض الآخر المقاومة الإسلامية في لبنان (وهي تسميتها الحقيقية، وهي تعني إنها جزء من مقاومة أممية مسرح عملياتها هو لبنان ولكن غالباً ما يتعدى حدوده). وهي تبتغي تحرير ما تبقى من أراض لبنانية تحت الإحتلال كما حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية... لضرورات تكتية لإضفاء طابع لبناني على مشروعها الإسلامي ولعدم إخافة قاعدتها الشيعية التي قد تستشعر الخطر من ضخامة أهداف حزبها القائد.
أما القوى السيادية اللبنانية، فمشروعها لبناني ديموقراطي يهدف إلى سيادة وإستقلال لبنان وحرية قراره الوطني وكرامة الإنسان فيه وشعارها 'لبنان أولاً' بمعنى إعطاء الأولوية للمصلحة اللبنانية على ما عداها من مصالح عربية أو إقليمية أو دولية دون تنكرها لإنتماء لبنان إلى عالمه العربي وإلتزامه القضايا العربية الكبرى ولا سيما القضية الفلسطينية كما لإلتزامه كل القرارات الدولية، كما مسيرة السلام في الشرق الأوسط.
وهي وإن كانت ضد تدخل لبنان بشؤون الدول العربية الأخرى، لا يمكنها إلا أن تتعاطف مع حركة الشعوب العربية ضد الإستبداد والظلم السياسي والإجتماعي ومع الحرية والعدالة.
لذلك، ومن أجل صون الحرية والكيان اللبناني، لا مجال إلا السعي الجدي لبناء الدولة اللبنانية الحقيقية وليس الشكلية أو الرهينة أو المارقة. وهذا لا يستقيم إلا من خلال حصرية السلاح وحصرية قرار إستخدامه في يد الدولة دون سواها وليس مقبولاً من أي طرف وتحت أية حجة كانت أن يمتلك السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف. فأي سلاح خارج المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية هو غير قانوني وغير دستوري.
لذا، برأيي إذا أراد، الرئيس سليمان أن تتجاوب 14 آذار مع دعوته إلى عقد جلسة لهيئة الحوار لا بد أن تخصص هذه الجلسة حصراً لوضع خطة عملية لتحقيق حصرية السلاح وحصرية قرار إستخدامه في يد الدولة.
وفي إنتظار نضوج الظروف لدعوة الرئيس لمثل هذه الجلسة، نتمنى له الصبر والسلوان في سلوكه طريق الجلجلة ولبنان معه. ولكن في النهاية يوم القيامة آت لا محالة وهو ليس بعيداً!
ـ 'النهار'
بعدما صارت الحكومة حكومته والدولة قريباً دولته
هل بات 'حزب الله' مع حل لسلاحه؟
إميل خوري:
هل لا يزال في الامكان جمع الزعماء اللبنانيين حول طاولة للحوار والتوصل الى اتفاق على مواضيع مثيرة للخلاف، أم يكفي جمعهم حول الطاولة وإن لم يتم التوصل الى اتفاق على اي موضوع، بحيث يكون ذلك مجرد ابقاء التواصل قائماً في ما بينهم، وحسن العلاقات الشخصية يحول دون توتير العلاقات السياسية؟
لقد نجح الرئيس نبيه بري عام 2006 في جعل اجتماعات هيئة الحوار تسفر عن قرارات اتخذت بالاجماع ولكنها ظلت بدون تنفيذ لأن 'حزب الله' الذي كان قد وافق على انشاء المحكمة الخاصة بلبنان عاد وغيَّر رأيه بحجة أنه تبين له بعد وقت أنها مسيَّسة وتستهدف سلاحه، وقرار إزالة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات لم تساعد سوريا السلطة اللبنانية على تنفيذه لانها تعتبر هذا السلاح ورقة ضاغطة في يدها عند اجراء مفاوضات مع اسرائيل أو عند مواجهة مشكلات مع لبنان. واذا كان مطلوباً من سوريا التدخل لمساعدة لبنان على ازالة هذا السلاح، فان على السلطة اللبنانية ان تطلب ذلك رسمياً كي يكون تدخلها شرعياً ولا اعتراض عليه، خصوصا اذا اضطرت الى ادخال قوة من الجيش السوري الى الاراضي اللبنانية للقيام بذلك، ولا ساعدت سوريا لبنان على تنفيذ قرار آخر اتخذ بالاجماع ايضا وهو تحديد الحدود بين البلدين، وقد وضعت عبارة 'تحديد' بدل 'ترسيم' علها تساعد على تحقيق ذلك. وهكذا ظلت قرارات هيئة الحوار التي انعقدت برئاسة الرئيس بري واتخذت بالاجماع من دون تنفيذ. (...).
ـ 'النهار'
سوريا: سقوط النظام لا إصلاحه؟
علي حماده:
… وتمر ايام 'الجمعة' الواحدة تلو الاخرى، وتتعاظم حركة الثورة في سوريا. انها ثورة حقيقية يغذيها القمع الدموي. ثورة حقيقية تدفع ثمن الحرية والكرامة دما غاليا، وتقدم الشهداء يوما بعد يوم في مشهد من اروع مشاهد النضال الانساني ضد الظلم والقهر والاستعباد. انها مكاسرة وجودية بين الخير الذي يمثله حلم ملايين السوريين بالعيش احرارا في وطنهم، وشر احدى آخر الستالينيات على وجه الارض. انها مكاسرة بين ارادة الشعب في بناء وطن الشعب لا وطن العائلة والقلة المتنفذة. مكاسرة بين من يريدون ارساء نظام ديموقراطي تعددي حديث ومن يريدون تأبيد جمهورية حافظ الاسد. وقد كان مشهد يوم امس معبرا عندما تحدى ملايين السوريين الرصاص الحي، والدبابات، والاعتقالات، وخرجوا يعلنون موقفهم الرافض للبقاء اسرى في 'السجن الكبير' ليسقط منهم العشرات معبّدين بذلك الطريق نحو الحرية. وسيأتي يوم تقام فيه في كل مدينة من مدن سوريا، وكل قرية نصب يحمل اسماء شهداء الحرية الذين رووا بدمائهم شجرة الحرية.
وبالعودة الى واقع الحال، يمكن تسجيل الملاحظات الآتية:
1 - بدأت الثورة على شكل حركة اعتراضية على الاعتقالات والتعذيب. ثم تطورت الى حركة مطلبية لاصلاحات في النظام ولا تمس التركيبة الحاكمة ولا سيما الرئيس. والآن تحولت الحركة الاعتراضية المطلبية ثورة عارمة.
2 - في الاسابيع الاولى اقتصرت التظاهرات على ايام الجمعة، وكانت البؤرة الاولى في درعا وقراها وبعض مدن ريف دمشق. اليوم صارت حماة اشبه بمدينة محررة، والتظاهرات صباحية ومسائية في اكثر من 160 مدينة وقرية من اقصى البلاد الى اقصاها، وحجم التظاهرات يكبر بشكل مطرد: في حماه ودير الزور وحدهما خرج يوم امس ما يقارب المليون.
3 - قتل اكثر من 1500 مدني وجرح الآلاف، واعتقل ما يقارب 12000، وانتشر الامن والمخابرات في كل مكان، واستخدمت قطعات مضمونة الولاء من الجيش، ولم يمنع ذلك توسع الثورة.
4 - فشل النظام في تشتيت مثقفي الثورة. ففشلت المؤتمرات التي نظمها اما مباشرة وإما مداورة، وبدت خارج سياق المسار الثوري. وشكل اعتقال المثقفين في حي الميدان بدمشق يوم الخميس الفائت نهاية لاستمرار غالبية المثقفين في الموقف الرمادي.
5 - حتى الآن لم تنجح كل المحاولات لتطييف الثورة، وإخافة ما يسمى الاقليات. وبالتالي سوف تنضم تلك الاقليات في مرحلة قريبة الى الموجة.
6 - الاقتصاد الى انهيار مع استمرار النظام والثورة ضده. وسوف تنفضّ طبقة كبار التجار عن النظام سريعاً.
7 - ان الموقف الدولي والاقليمي ولا سيما التقاطع الاسرائيلي – الايراني - الروسي الحامي للنظام سيتلاشى مع اثبات الثورة انها الى تعاظم لا الى ضمور.
فهل يصير المطروح نهائيا، هو سقوط النظام لا اصلاحه؟