قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 18/7/2011

ـ 'الديار'
معادلة &laqascii117o;ميزان الذهب" انكسرت بسبب ثقل ملف القرار الاتهامي واحتقان الوضع في المنطقة / تلزيم الاستقرار الأمني لـ&laqascii117o;حزب الله" مقابل رفع &laqascii117o;عصا" المحكمة الدولية
جوني منيّر:

لا تبدو الاوساط الديبلوماسية قلقة من مستقبل الوضع في لبنان ومسار الاحداث، على الاقل في الامد المنظور.
فالسفارة الاميركية منشغلة بالتبديل الروتيني للطاقم الاساسي، بسبب انهاء مدة عمل الفريق السابق والسفارة الفرنسية دخلت في مرحلة اجازات الصيف، فيما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدأ مهامه الرسمية بتوجيه رسالة الى العواصم الغربية انطلاقاً من الجنوب وتأتي كترجمة عملية لما سبق واعلنه باستمرار منذ لحظة تسميته رئيساً للحكومة، بأنه لم يخالف القرارات الدولية لكن الارتياح الدولي او على الاقل عدم قلقه على الوضع في لبنان له اعتبارات اخرى، من دون التقليل من اهمية التنسيق الحاصل ما بين الرئيس نجيب ميقاتي والعاصمة الفرنسية باريس، فالعواصم الفرنسية والتي كانت قد تلقت ضربة عندما &laqascii117o;طارت" حكومة سعد الحريري، اعتمدت سلوكاً سياسياً جديداً بتشجيع نجيب ميقاتي على تولي رئاسة الحكومة وفي نهاية المطاف مباركة ولادة حكومة تحظى بثلث معطل يضم وزراء رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووليد جنبلاط.
وصحيح ان الموقف اصبح مقلوباً، وان المعادلة السابقة انعسكت بعد ان كانت اكثرية غربية اذا جازت التسمية وثلث معطل متحالف مع سوريا وايران لتصبح الاكثرية الوزارية متحالفة مع سوريا وايران وثلث معطل من ثلاثة أجزاء ولكن يتأثر بطريقة أو بأخرى بالقرار الغربي.
لكن الأهم ان المعادلة يومها بأن يطلق عليها وصف &laqascii117o;ميزان الذهب" اي معادلة دقيقة وشديدة الحساسية قادرة على أن تضبط الصراعات وعدم دفعها الى المجهول الا ان &laqascii117o;الثقل"الذي شكله بند القرار الاتهامي معطوفاً على مسألة شهود الزور وسط معادلة اقليمية متفجرة، ادى الى &laqascii117o;كسر" معادلة ميزان الذهب.
اما الآن فان العواصم الغربية تتحدث عن معادلة أخرى ملائمة اكثر للواقع اللبناني وسط الاحتقان الاقليمي الكبير.
فهنالك من يقول ان العواصم الغربية باتت مقتنعة ان التوازن اللبناني الداخلي اختل وبشكل كبير لصالح حزب الله وحلفائه وان الاحداث الخطيرة التي تمر بها سوريا اضافة الى الضغط المتصاعد على ايران تفرضان واقعاً جديداً يؤدي في نهاية المطاف الى تكريس الاستقرار على الاقل في هذه المرحلة، بغية تمريرها بأقل الاضرار الممكنة.
ووفق هذه النظرة، فان العواصم الغربية التي تعتقد أن ارتفاع منسوب الاحتقان الاقليمي وتزايد الضغط على حزب الله سيدفعان قيادة حزب الله الى توتير الوضع في لبنان وعند الحدود مع اسرائيل، وان الحل الافضل لذلك يكون من خلال تلزيم الأمن الى حزب الله نفسه من خلال تشكيل حكومة يكون القرار الاول فيها له. ذلك ودائماً حسب الاعتقاد الديبلوماسي الغربي، فان تحميل حزب الله مسؤولية الاستقرار الان من خلال حكومة محسوبة عليه، سيجعله مضطراً لضمان الاستقرار وابعاد الشارع عن التجاذبات لكن هذه الاوساط تقول بانها تدرك جيداً ان ذلك سيضيف الى قوة حزب الله درجات اكثر، وهو ما سيجعل الفريق الثلاثي والذي يشكل الثلث المعطل غير قادر على التحرك يوم يُطلب منه ذلك.
وبكلام اوضح، لا بد من &laqascii117o;رفع عصا" بوجه حزب الله والتلويح لضمان عدم تعاظم قوته، ولا عطاء &laqascii117o;ثلاثي" الثلث المعطل الاوكسيجين المطلوب كي يبقى حاضرا وموجودا بالمعنى السياسي للكلمة.
والواضح ان هذه &laqascii117o;العصا" الدولية هي المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، ولذلك فان هذه الاوساط تتوقع ان يستمر الجدل ما بين المحكمة الدولية وحزب الله من خلال القرار الاتهامي واستدعاء شهود وتقديم ملفات وملفات مضادة، بهدف ترك حزب الله تحت سقف سياسي محدد، فيما هو في المقابل سيبقى ضامنا لا بل راعيا للاستقرار الامني على قاعدة انه اصبح &laqascii117o;ام الصبي".
وقد تكون هذه النظرة للعواصم الغربية قد انتجت فعلا استقرارا امنيا داخلياً وسط براكين المنطقة. كما انها سمحت للرئيس ميقاتي بتوجيه رسائله المعبرة من الجنوب، وهي تشير بانها ستجعل الطريق سالكة امام الاستحقاق المتعلق بالحصة اللبنانية في مسألة تمويل المحكمة الدولية.
لكن لا شك ان الذي بات بعيدا في مسألة الضغط الاقليمي، اضافة الى موضوع الضغط على حزب الله بشكل غير واقعي، سيؤدي لاحقا الى انهيار هذه المعادلة الجديدة، تماما كما انهارت معادلة &laqascii117o;ميزان الذهب" عندما جرى تحميلها ملفا ثقيلا هو المحكمة الدولية.
ويكفي الاشارة في هذا المجال الى ان ايران تعتبر اهم انجازاتها الخارجية تحالفها مع حزب الله اضف الى ذلك ان ايران اكتفت حتى الان بتوجيه رسائل الى الغرب وسط كل ما يحصل في المنطقة، وهي لم تبادر بعد الى لعب اي من اوراقها، دون ان ننسى ان النظام في سوريا وان كان قد تلقى ضربات قوية، الا انه ما يزال يتفاعل مع الاحداث على اساس انه لم يصل بعد الى خط الخطر الحقيقي، في ظل استمرار قدرته الفائقة على الامساك بالتركيبتين الامنية والعسكرية في البلاد.
وبالتالي، ذا ما عدلت احدى هذه المعطيات، فانه لا بد للبنان ان يتأثر، لتأخذه اللعبة الحاصلة في المنطقة باتجاهات اخرى غير محسوبة، اما بانتظار ذلك فان الواضح ان لبنان باق تحت سقف الاستقرار الامني والسياسي.


ـ 'الديار'

بين جريمتي سيدة النجاة و14 شباط
'القوات' اتّهمت فحلّت و'حزب الله'... حَكَم
جوني منيّر:

توجيه القرار الاتهامي اصابع الاتهام في جريمة 14 شباط 2005 الى عناصر من 'حزب الله'، يعيد الى ذاكرة قسم كبير من المسيحيين واللبنانيين توجيه أصابع الاتهام الى حزب 'القوات اللبنانية' بتفجير كنيسة سيدة النجاة غير المسبوق آنذاك في تاريخ المسيحيين اللبنانيين والشرق الاوسط، مع مفارقة أساسية بين الحالتين
أن 'حزب الله' اليوم يمسك بالسلطة والحكم في لبنان ويملك القدرة على مقاومة الاتهامات الموجهة اليه والتصدي لاي قرار اتهامي او غيره، من دون ان يصدر قرار عن الحكومة بحله واعتقال امينه العام السيد حسن نصر الله. في حين ان حزب 'القوات' بقائده وكوادره ومحازبيه كان يعيش تحت وطأة الاتهامات والاغتيالات والاعتقالات الجماعية والتهديدات المختلفة بـ'الغيوم التي تتجمع من الشرق'، كما كتب احدهم في مذكراته واصفاً تلك المرحلة، والتي افضت بما يشبه المؤامرة الى حل 'القوات' واعتقال رئيسها.
يعود احد القياديين المسيحيين بالذاكرة الى تلك المرحلة مقيّماً المقارنة بين حال المسيحيين في الدولة مع مطلع حقبة الطائف وما كان من امر الظلم الذي تعرضوا له خلال 15 عاماً من القمع على يد نظام الوصاية السورية، والمتعاونين معه تحت عناوين عدة، وموقف 'حزب الله' والمتعاونين معه حالياً في 8 آذار، الذين يرفضون الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية ويقدمون مختلف الذرائع للالتفاف عليها ونقضها ورفض تطبيقها. والأمر في رأي هذا القيادي لن يؤدي سوى الى نتيجة واحدة انهيار ما تبقى من أسس الدولة وتقاليدها القانونية ونظمها، تمهيداً ربما لاتهامها بالخروج على الشرعية الدولية او ما يمكن اختصاره بالدولة المارقة.
في المقارنة بين الاتهامين ان قراراً سياسياً اتخذ على أعلى مستويات الدولة اللبنانية وحاضنتها السورية مطلع التسعينات بضرب تجربة حزب 'القوات' ومعه كل الاحزاب المسيحية التي تم حظر انشطتها ومطاردة ناشطيها، في حين ان لا قرار اليوم بضرب تجربة 'حزب الله'، بل ان قسماً كبيراً من معارضي سياسة الحزب لا ينفكون يرددون خطاباً يدعو الى احترام التنوع ومواقف الآخر والتمييز بين من طالتهم الاتهامات وبنية 'حزب الله'، لكن منطق 'الفصل والتمييز' هذا لم يجد نفعاً في طمأنة الحزب الذي احتاط جيداً لغدرات الزمن، وأحسن الافادة من دروس الماضي وعبره، وربما تجربة 'القوات' المنحلة من خلال الانخراط في العملية السياسية سواء على مستوى السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية، اضافة الى كل الادارات المدنية والعسكرية والامنية التابعة للدولة، وفي شكل مؤثر وفاعل، وهو يرفض تالياً المس بأي من كوادره. ويستمر القيادي في منطق المقارنة، معتبراً ان 'القوات' في تلك المرحلة اعلنت انخراطها الكامل في العملية السلمية وقامت بحل اجهزتها العسكرية والامنية وتسليم قسم كبير من اسلحتها الى السلطة اللبنانية الناشئة، مما جعلها مجردة من اي قدرة على المبادرة او الاعتراض على المستوى الميداني للحد من القمع الذي تعرضت له. وهذا الأمر يختلف تماماً مع 'حزب الله' الذي يحتفظ بقدراته العسكرية والأمنية الضخمة التي تمكنت من مواجهة اسرائيل، والحزب يعمل على تطوير هذه الآلة باستمرار وبما يقارن مع أكبر القوى العسكرية الاقليمية، وهذا أمر يجب أخذه في الحسبان 'لأن الحق الى جانب السلاح ومن يملك القوة العسكرية بدليل ما جرى في السابع من أيار وغيرها'، وتالياً لا امكان للمقارنة.
وفي المقارنة أيضاً، ان قرار حل حزب 'القوات' في آذار 1994، استند الى واقعة تفجير كنيسة سيدة النجاة قبل صدور اي حكم او قرار قضائي، ومن دون اثبات ضلوع 'القوات' ومناصريها في الجريمة التي لم تتضح طبيعتها حتى اليوم، ومع الأخذ في الاعتبار طبيعة النظام القضائي اللبناني الذي كان سائداً، بدليل المحاكمات التي جرت لاحقاً، وكانت موضوع تنديد من منظمات حقوق الانسان العالمية لافتقارها الى الشروط الموضوعية المعروفة عالمياً، وخصوصاً لجهة الشهود والوقائع، في حين أن جريمة 14 شباط 2005 تشكل موضوع القرار الاتهامي، الصادر عن المحكمة الخاصة بلبنان، الذي اتهم عناصر من 'حزب الله'.


ـ 'صدى البلد'
بيروت 2011... أو غزّة 2!
علي الأمين:

لعل اكثر ما تكشفه الثورة السورية اليوم هو الازمة الاخلاقية التي تعاني منها العديد من القوى السياسية ذات النزعة الايديولوجية في لبنان. ويمكن تلمس هذه الازمة بشكل فاضح ومريب في محاولاتها تفسير ما يقوم به الثوار السوريون على انه 'مؤامرة اميركية لاستهداف المقاومة ضد اسرائيل'. ويتورط المتسلحون بالتحرير والغاء الطائفية السياسية من هذه القوى، بوصف ما يجري من انتفاضة شعبية انه مؤامرة طائفية او مذهبية بدعم غربي هدفها القضاء على الشيعة والمسيحيين او تهجيرهم. هذا ما يمكن ان تسمعه في العديد من الدوائر الشيعية المحيطة بحزب الله وحركة امل ويمكن ان تتلمسه لدى فقهاء السياسة والفكر والتحليل في التيار الوطني الحر وحلفائه.
ولعل مقولة 'سورية الاسد' التي استفحلت في الخطاب اللبناني الممالىء للنظام السوري لعقود، تجد تفسيرها اليوم لدى شرائح سياسية متنوعة في المجتمع اللبناني، بأن سورية الدولة والدور هي مرادف لآل الاسد. ولا معنى حقيقيا لسورية سوريا وقوميا لهذا البلد  بمعزل عن الاسد سواء كان الاب الراحل او الابن الصامد والسلالة الاتية. هكذا لم يجد اصحاب المقولة ضيرا في الترويج لها وتبنيها، في وقت يرذلون بموضوعية خطابية، كل ما يتصل بالاقطاع السياسي وبالعائلية الذي حاول احتواء لبنان واختصاره سواء عبر 'الحريرية'، اوسواها ممن سعى ويسعى لاختصار البلد او الطوائف والمذاهب في تاريخه الحديث بعائلة ما.
ينكفىء الخطاب المقاوم والممانع والتحريري، نحو دوائر عصبية ينهل من امراضها، ويستقوي بها ويدجج جمهوره بمنطق انقسامي، ويطلق العنان لكل ادبيات الانقسام المذهبي المتخلف، فقط لمواجهة مقولة التحرر ومسارها، فحين يصعب الرد على مطالب الحرية والكرامة ومقاومة الظلم والتسلط والمصادرة للشعب السوري، تستحضر المؤامرة كجواب وينتعش الخطاب المذهبي، وتستجلب الروايات الدينية في محاولة اسقاط تعسفي محبوك بدجل على العقل والدين. لا لشيىء الا لتبرير سحق المظلوم ودعاة الكرامة الانسانية في المقلب الاخر، ليتحول مطلب الحرية للشعوب، الى رجس من عمل الشيطان. لا بل تستكمل هذه الثقافة السياسية مسيرتها المريبة والمأزومة، لتعلي من شأن القوة في مواجهة قوة الحق، فيصبح قتل المدنيين عمل مشروع، لا بل بطولي من قبل اجهزة النظام في سورية، ما دام هؤلاء لا يسلمون بحكمة هذا النظام ورموزه.
في مؤدى هذه الثقافة ان احدا غير النظام السوري واتباعه يستحق ان يستمر، لابل تتحول مقولة ارادة الشعب والخيارات الحرة للمواطنين الى مقولات استعمارية، ويتخلى بعض دعاة المقاومة في لبنان بسرعة بهلوانية عن مقولة راسخة في خطابها ان الانظمة العربية والاسلامية المستبدة هي من يمنع هذه الشعوب من مقارعة اسرائيل ومشاريع السيطرة الاستعمارية على المنطقة ويحول دون عيشها بكرامة. هكذا عند اول تحد تتهاوى منظومة المقاومة كتعبير عن ارادة الشعوب وتطلعاته الى الحرية. وهكذا يتخلى حزب الله عن تعاطف الشعب السوري ودعمه، ليقف الى صف النظام الاستبدادي حين تعلق الامر بخيار الشعب السوري. وحينها بدأ التشكيك بثورة مصر وبثورة تونس الى حد التمني الذي يرشح من مواقف دعاة 'الممانعة والمقاومة' بعودة مصر وتونس الى ما كانتا عليه قبل التغيير الاخير والمستمر. والاهم، لقد بات اصحاب دعوات اسقاط معمر القذافي في ليبيا ومحاسبته منذ عقود في لبنان، ينقلبون على الاف المواقف والتصريحات ضده، ويلوذون بالصمت.
مع امساك حزب الله واحزاب الممانعة بمفاصل السلطة في لبنان، تتكشف صورة السلطة بوضوح، لتبدو المقاومة او الناطقين باسمها اليوم، هم اقرب الى الانظمة، ليس بوصفها تحولت الى سلطة وتمسك بمفاصل الدولة تقريبا فحسب، بل في السير على خطى النظام العربي، في استخدامه العصبيات وصراعها وسلطة الدين وسطوة الامن كوسيلة للبقاء من جهة، وتشكيك هذه القوى بالثورات العربية وما تحققه من تغيير. في المحصلة ينجح حاملوا لواء 'المقاومة والممانعة' اليوم في تحويلهاما الى نظام وسلطة رسمية. ولكن، سلطة لا تترجم مصالح الشعوب وتطلعاتها، بل تسقط في حبال النظام العربي حين تعلن بجرأة سلوكها  ان انهياره يعني سقوطها. غزة 2 لم تعد تحذيرا محمّلا بالخصومة والتخويف... باتت أقرب مما نتصوّر.


ـ 'الأخبار'
سوريا: عندما يلتقي الحكم ومعارضوه
كيف تجري تغطية الحدث السوري؟
إبراهيم الأمين:

سؤال ليس موجّهاً أصلاً الى الجهات الرسمية المعنية بالعلاقات مع الإعلام الخارجي. لكن يبدو انه صار من الضروري توجيهه ايضاً الى قوى المعارضة التي بدأت، قبل تسلم السلطة، ممارسة دور الرقيب على طريقة محاكم التفتيش.
قبل نحو شهر من الآن، تلقّت إدارة &laqascii117o;الأخبار" اتصالاً يتضمن قراراً شفهياً بمنع دخولها نهائياً الى الاراضي السورية. وأن الحكومة السورية تتصرف على ان &laqascii117o;الأخبار" غير موجودة على خريطة الصحافة العربية. وقبل يومين، قررت الجهة نفسها، منع جريدة &laqascii117o;السفير" من الدخول أيضاً الى سوريا بعد أخذ وردّ وسماح ومنع استمر اسابيع، علماً انه في الفترة نفسها، حاولت جهات بارزة في الحكم، فتح كوة في هذا الجدار، من خلال توجيه دعوات الى ادارتي &laqascii117o;الأخبار" و&laqascii117o;السفير" لحضور الجلسة الافتتاحية للقاء الحوار التشاوري الذي ترأسه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، الذي يظل من اكثر الشخصيات السورية التصاقاً بقضية البلد وأهله.
وإذا كانت الادارة التقليدية للحكم في سوريا تعتمد معايير خاصة في مراقبة الإعلام الوافد اليها من لبنان او من غيره، فهذا امر معلوم، وربما جرت محاولات للاحتيال على هذه المعايير من نافذين في النظام نفسه لأجل الحد من تأثيراتها السلبية. لكن يبدو ان هناك حلقة مفقودة، تجعل من الصعب الحديث عن واقع جديد لإدارة الإعلام الرسمي.
وإذ جرت العادة أن يترافق اي قرار من هذا القبيل مع حملة تهدف في غالب الاحيان الى تشويه صورة الصحافة المقصودة، فإن من الإنصاف عدم اغفال حقيقة قوية وقاسية، تفيد بأن الصحافة اللبنانية عموما كما صحافة عربية اخرى، عملت على ابتزاز الحكم في سوريا خلال فترات طويلة، لأجل تحقيق انواع مختلفة من المكاسب. وربما لم يتوقف هذا الاسلوب عند البعض حتى اللحظة.
طيّب، اذا كانت حسابات النظام العامة تقوده الى اخطاء من هذا النوع، فما الذي يجعل معارضين، لا تزال اسنانهم من حليب، يتجرأون على ممارسة الجانب الآخر من الرقابة، وصولاً الى الإلغاء والمنع أيضاً، وكيف ستكون الحال معهم لو وصلوا هم الى مركز القرار في السلطة؟
مع الأسف الشديد، فإن قسماً لا بأس به من شخصيات هذه المعارضة، من داخل سوريا او خارجها، يحملون سواطير بأيديهم وليس اقلاماً، وبواسطتها يقررون صفة هذا الصحافي او ذاك، او هذه الصحيفة او تلك. فمن لا يعجبهم، يصبح فوراً من أتباع النظام، وانه يتلقى تقارير تعد له في مقار الاستخبارات السورية، وينشرها. وفي مكان آخر، يمكن اتهام هذا الصحافي او هذه الصحيفة، بأنهم من أتباع القوى الحاقدة على الشعب السوري والراغبة في تدمير ثورته ووأدها. وفي كثير من الحالات، ينشغل بعض من ينسب الى نفسه صفة المعارض للحكم في سوريا، في ملء صفحاته على الشبكة العنكبوتية، بسيل لا يتوقف من الشتائم، بحق هذا الصحافي او ذاك، مستخدمين الاسلوب نفسه الذي يلجأ اليه بعض الموالين للنظام.
حجة النظام في المنع، ان هذه الفئة من الاعلاميين، انما هي ناطقة باسم المتآمرين على وحدة البلد، او من الخاضعين لنفوذ القوى المعادية لسوريا عربياً او غربياً، وأنها صحافة تريد أن ترى بعين واحدة.
حجة من هم في صف معارضي النظام في سوريا، ان هذه الفئة من الاعلاميين، انما هي بوق للنظام، وأن ايراد انتقادات للنظام ليس سوى محاولة التفاف هدفها التغطية على الدور الاساسي في النيل من الثورة.!
أما الهدف فواحد:
ممنوع الاشارة الى عمليات القتل التي يقوم بها عناصر مسلحون تابعون للنظام، وأدّت الى استشهاد المئات من ابناء الشعب السوري. ففي ذلك ما يعدّ تحريضاً على النظام. وممنوع الاشارة الى جرائم مجموعات مسلحة تخرج من الأزقّة نفسها التي يخرج منها المتظاهرون، وقتلت مئات من افراد الاجهزة الامنية والعسكرية. ففي ذلك ما يعدّ تآمراً على سلمية الثورة.
ممنوع الاشارة الى أن الحركة الشعبية القائمة في سوريا بغالبيتها لا تخضع لنفوذ المتآمرين على سوريا.. ففي ذلك ما يشير الى ان النظام ظالم وبالتالي هناك مبرر لتغييره. وممنوع الاشارة الى الدور الاميركي والفرنسي والسعودي في تأجيج التوترات الداخلية وأخذ البلاد صوب فتنة او حرب اهلية.، ففي ذلك ما يقود الى اعتبار الثورة مجرد عصابات مأجورة تعمل لمصلحة الخارج.
ممنوع لفت انتباه النظام الى أن الحوار يحتاج الى دعائم، ويحتاج في سوريا الى رفع القبضة الامنية وتعديل القوانين الاقتصادية لوقف النزيف الناجم عن البطالة. ففي ذلك، ما يعني اتهاماً للنظام بأنه استبدادي وفاسد.
وممنوع لفت انتباه المعارضين إلى أنه يصعب تحقيق ثورة وطنية يشارك فيها السفير الاميركي، وممنوع التحذير من تكرار تجربة ليبيا. ففي ذلك انتقاص من القيمة الثورية للناس المشاركين في الاحتجاجات.
وزير الإعلام الجديد في سوريا الدكتور عدنان محمود يحمل أفكاراً مواكبة للعصر. لكن آلية العمل والتوجيهات تشله. ومن نصب نفسه وزير إعلام الثورة، ياسين الحاج صالح، يفترض انه مثقف عانى القمع وأمضى سنوات طويلة في الاعتقال. لكن آلية العمل والتوجيهات تجعله أيضاً يتصرف مثل أهل النظام... إزاء ذلك: ما العمل؟ وما هو المسوح به غير الصمت؟


ـ 'الحياة'
تشويق وتضليل
غسان شربل:

انا مواطن غير صالح. أقولها ولا يرف لي جفن. لا أحب الدولة الطبيعية، ولا حكم القانون، ولا دولة المؤسسات المضجرة، وأحمد الله انني لم اولد في اوسلو او فيينا. أنا لا أحب شيئاً غير الإثارة والتشويق، وبلادي سخية. شوهتني الروايات التي قرأتُها في صغري. أعشق الغموض والالتباسات، والمناطق المظلمة، والظلال، والمتاهات، والجمل التي لا تكتمل، والملامح التي تصلح لتأويلات كثيرة، والاسئلة التي تهرم من دون ان تلتقي بأجوبتها. أحب الالتواءات، والتسريبات، والعبارات الغائمة، ومفترقات الطرق المؤدية إلى الأدغال، وأحب الضباب، وانعدام الرؤية، والبوصلة الدجالة. أحب مصانع التمويه والتضليل. بصراحة قاطعة، ومن دون لف او دوران، اعجبتني قصة الإستونيين السبعة في لبنان، هي طريفة ومسلية: سبعة سياح يدخلون الاراضي اللبنانية براً ثم... يتبخرون. وبالمناسبة، إن ظاهرة التبخر هذه ليست طارئة على لبنان، المواطن فيه يمكن ان يتبخر في الاطراف او العاصمة، فلماذا الحصانة للسائح اذا حُرِمَ اللبناني منها؟
تبخر الإستونيون في البقاع اللبناني، وبدأت الاسئلة: من خطفهم؟ وأين يحتجزهم؟ ولمصلحة من؟ وهل الغرض فدية مالية؟ ام المطلوب تأديب إستونيا العزيزة وتصحيح مسارها؟ ثم أطلت منظمة مجهولة لتعلن مسؤوليتها. اسم جميل وواعد، &laqascii117o;حركة النهضة والاصلاح". انه أمر يبعث على التفاؤل ان تُفْتَتَح النهضةُ بخطف سياح، وهي ممارسة تؤكد ان الاصلاح حتمي ووشيك. وغرقت البلاد في التحليلات، والممتع ان المسؤولين اللبنانيين يتحولون في هذا النوع من الاحداث الى محللين ومبصِّرين، ويشاركون الجمهور في طرح الاسئلة. وقيل إن بعض الاجهزة امسكت بخيط واعتقلت عدداً من المشاركين في عملية الخطف. أنا أخاف من قصة الخيوط هذه، لأنها تنقطع سريعاً اذا كانت جدية. ثم إننا ندفع منذ سنوات ثمن الاعتقاد أن جهازاً أمسك خيطاً.
بعد 113 يوماً استعاد الإستونيون حريتهم، فجأة وبلا مقدمات، وبفعل وساطة فرنسية غامضة وبعيداً من الاضواء. عملية الإفراج نفسها كانت خبراً ساراً لعائلات الرهائن. مبروك، وتبين ان &laqascii117o;حركة النهضة والاصلاح" من قماشة الحركات الوحدوية العابرة للحدود ومن دعاة التلازم بين المسارات والعلاقات الندية، فقد كشف الإستونيون بعد عودتهم الى بلادهم، أنهم احتجزوا في اماكن عدة في لبنان وسورية. ضاعف هذا الجانبُ منسوبَ الاثارة والتشويق، وأيقظ ذكريات ممتعة عن احتجاز الرهائن وعن &laqascii117o;الساحة اللبنانية" ايضاً.
كنت أواكب حلقات المسلسل الإستوني وأستمع الى ذكريات وزير الخارجية الليبي السابق عبد الرحمن شلقم. قال إن العقيد معمر القذافي اعتبر لبنان مصنعاً للزعامة العربية، وأنه بلد &laqascii117o;يمكن ان تشتري فيه كل شيء"، و &laqascii117o;الولاءات معروضة للإيجار كالشقق المفروشة". وأضاف أن القذافي كان سخياً على الساحة اللبنانية بالمال والسلاح، وأنه موَّلَ انشقاقاً في الجيش اللبناني وانشقاقاً في حركة &laqascii117o;فتح". كنت استمعت من آخرين الى انتهاكات آخرين، وأن بعض القنابل التي هزت العالم صُنعت في لبنان، وان اكثر المسرحيات فظاظة مُثلت على ارضه. إنه بلد الاثارة والتشويق. لن نعرف تفاصيل المسرحية الإستونية، ستنضم بعض فصولها الى مسلسلات التشويق الغامضة التي كان لبنان مسرحَها منذ عقود. بلد لا يُحب الوضوح ويُفضل الغموض والاثارة. إذا طالَبَ يتيمٌ بمعرفة مَن قتل أباه اتُّهم بتهديد السلم الاهلي والضلوع في مؤامرة لزعزعة الاستقرار، كأن السلم الاهلي لا يستقيم الا مع الغموض والتضليل والإثارة والتشويق.رافقتُ قصص بلدان كثيرة بائسة. لم يُحتقر بلد بالقدر الذي احتُقر فيه لبنان. لا يمكن ان تَحترم الدول او السفراء بلداً يساهم أبناؤه في احتقاره، مفضلين العيش في ساحة سائبة وفي ظل جرائم غامضة، حرصاً على السلم الأهلي .


ـ 'الجمهورية'
ماذا بعد التجديد للقوات الدولية؟
جـورج شـاهين:

يبدو التجديد للقوات الدولية المعززة لولاية جديدة تمتد لسنة كاملة بموجب القرار 1701، الاستحقاق الأول والأسهل الذي ستواجهه الحكومة الميقاتية الجديدة في الأيام المقبلة. فاللبنانيون من جميع الفئات، بمن فيهم من قوى 14 و8 آذار والوسطيين من الأكثرية والأقلية الذين قاموا بعد 25 كانون الثاني الماضي يعلنون مباشرة وفي السرّ والعلن أنهم ملتزمون هذا القرار رغم الشكوك المحيطة بالمراحل التي قطعها تطبيقه إلى اليوم بعد مرور خمس سنوات على صدوره، ما حال دون الإعلان عن الانتهاء من تطبيقه (...).
وتعترف مصادر أممية أنّ بسبب التعثر الذي أصاب مسيرة الحكومة السابقة التي عرفت بـ'حكومة الوحدة الوطنية' والفترة التي فصلت بين استقالتها في 12 كانون الثاني الفائت وتشكيل الحكومة الجديدة في 13 حزيران الماضي لم تنجح الدولة اللبنانية في إضافة أية محطة حدّدها القرار 1701، ولا هيئة الحوار الوطني التي راهن عليها الأمين العام للأمم المتحدة قد حققت أيّ خطوة إضافية، لا على مستوى جمع سلاح حزب الله وإنهاء البؤر المسلحة غير اللبنانية، ولا على مستوى ضبط الحدود اللبنانية – السورية وترسيمها نهائيّا، لا بل فإنّ أحداث سوريا زادت من حال الفوضى على بعض المعابر الحدودية وعزّزت وجود الكثير من المعابر غير الشرعية. وما خلا ذلك فإنّ ما هو مطلوب بحرا من القوات الدولية البحرية ومعها بحرية الجيش اللبناني قد أنجِز إلى الحدود المثالية، بعدما قامت هذه القوات بما أنيط بها من مهامّ وهي التي فتّشت ورصدت حمولة أكثر 38 ألف و 700 باخرة وناقلة وصلت الى الشواطئ اللبنانية حتى الأسبوع الماضي.
ولذلك يبدو ويليامز الذي يغادر لبنان في الساعات المقبلة ليكون في 21 الجاري امام مجلس الأمن الدولي متردّدا في تقريره الى الأمين العام. وسيعبّر له عن ارتياح مشروط الى مصير القرار 1701 بفعل التنسيق القائم مع الجيش اللبناني في الجنوب وفي ضؤ تعهدات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعه أكثرية حكوميّة، باستثناء الموقف الملتبس عموما لحزب الله والذي لم يعلن الى اليوم أيّ موقف سلبي من القرار 1701 حتى في أسوأ الظروف التي عاشها الجنوب، وحتى في خلال 'ثورة الأهالي' ضدّ هذه القوات، رغم أنّ هذا القرار استند في الكثير من ينوده إلى مضمون القرار 1559 الذي يعارضه الحزب جَهارا، لكنّ معظم بنوده، عدا تلك المتصلة بسلاحه، قد نفّذت... (للقراءة).

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد