قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 28/7/2011

ونصر الله يعترف بإسرائيل!

ـ 'الشرق الأوسط'
طارق الحميد:

دعا زعيم حزب الله حكومة لبنان إلى عدم تفويت فرصة التنقيب عن النفط والغاز في الحدود البحرية، وقال حسن نصر الله أن ليس لدى &laqascii117o;المقاومة" أي مانع بأن تتوصل الحكومة إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية للبنان. وقال نصر الله، في احتفال أقامه الحزب بمناسبة &laqascii117o;الذكرى السنوية الخامسة لحرب يوليو (تموز) 2006"، حول موضوع النفط والغاز والحدود البحرية &laqascii117o;على اللبنانيين أن يعرفوا أنهم أمام فرصة ليكون بلدهم غنيا، لأن في مياهه الإقليمية ثروة هائلة من النفط والغاز، وهي ثروة وطنية تقدر بمئات مليارات الدولارات"، مضيفا أن &laqascii117o;هناك 850 كلم يعتبرها لبنان له وليس من حق إسرائيل إقامة منشآت لاستخراج النفط والغاز فيها"، ثم قال بتذاك واضح، وهنا لب الكلام، أنه &laqascii117o;في منطق المقاومة ليس هناك شيء اسمه إسرائيل حتى نسلم لها بحقها باستخراج النفط والغاز"، وموضحا &laqascii117o;إننا في المقاومة نعتبر أن ترسيم الحدود البحرية للبنان هو من مهام الدولة اللبنانية ومسؤولياتها، ونحن نقبل بما تقوله الدولة"!

والسؤال الآن هو: مع من ستتفاوض الحكومة اللبنانية من أجل ترسيم الحدود البحرية، مع أسماك البحر الأبيض المتوسط، مثلا، أم إسرائيل، ولو على طريقة التقليعة السورية، التفاوض من خلف حجاب، حيث يجلس المندوب الإسرائيلي بغرفة، ونظيره اللبناني بغرفة أخرى، ويتنقل الوسيط بينهما؟ أوليس ترسيم الحدود البحرية يعني الاعتراف بـ&laqascii117o;الكيان الصهيوني الغاصب" بحسب تعبير نصر الله الدائم، أم أن نصر الله يسير على خطى النظام السوري الذي اعترف مؤخرا بالدولة الفلسطينية بحدود 1967، وبذلك اعترف بوجود إسرائيل تلقائيا؟ ولماذا يجيز نصر الله، حامي حمى المقاومة، التفاوض البحري مع إسرائيل، بينما يمنع التفاوض البري؟ ولماذا يعتقد أن إسرائيل ستكون صادقة في المفاوضات البحرية، وهو الذي يقول إنها لم تلتزم بتفاوض، وإنما تفهم لغة المقاومة، حيث يعتبر نصر الله التفاوض مع إسرائيل تفريطا وخنوعا، فلماذا لا يقاوم نصر الله اليوم بحريا؟
وبالطبع يخطئ من يعتقد أن الأسئلة قد انتهت، فلماذا يغري نصر الله اللبنانيين اليوم بالقول إنهم أمام فرصة ليكون بلدهم غنيا، بينما كان يقول لهم إنه ليس بحاجة للمال لأن لديه &laqascii117o;المال الطاهر"، أي أموال إيران، فهل تبخر المال الطاهر، أم أنه لم يعد طاهرا؟ كما أن على نصر الله المتلحف بعباءة الدين أن يقول لنا، طالما أنه لا يرى ضيرا في التفاوض مع إسرائيل بحريا بسبب الغاز والنفط، وهو وأعوانه ما فتئوا ينتقدون الدول النفطية: أيهما أهم؛ التفاوض مع إسرائيل من أجل الغاز والنفط، أو من أجل الحفاظ على حياة البشر، واستقرار لبنان، خصوصا أن حرب تموز، التي يحتفل بذكراها، قد خلفت للبنان قرابة 1200 قتيل؟ ولأن الشيء بالشيء يذكر، ففي حال بات للبنان نفط وغاز، فمن الذي سيتولى التنقيب عنه، الأميركيون أم الفرنسيون؟ إلى أن يجيب حسن نصر الله، وأعوانه، على بعض هذه الأسئلة، نقول للمخدوعين بوهم &laqascii117o;سيد المقاومة": أفيقوا يا سادة!


بين السلاح والبلايين

ـ 'الحياة'
زهير قصيباتي:

لا يستطيع أي لبناني إلا أن يُكبِر لدى الأمين العام لـ &laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصرالله رفضه سرقة الإسرائيلي الثروات النفطية للبنان. وإن لم تفهم حكومة بنيامين نتانياهو من خطاب الأمين العام في ذكرى &laqascii117o;الانتصار في حرب تموز" (يوليو) سوى رسالة عنوانها &laqascii117o;نتحداكم بدء الحرب"، فإن النقاش مازال محتدماً بين النُّخب السياسية والعسكرية الإسرائيلية حول &laqascii117o;حرب لبنان الثالثة" باعتبارها آتية لا ريب فيها، فيما قسم من اللبنانيين على الأقل سيتطيّرون تشاؤماً مهما وعدهم الأمين العام بالنصر.
ومرة أخرى، لن يجدي التذكير بعمق الانقسامات بين اللبنانيين، ولا باختلافهم على توصيف النصر، وعلى جنس الملائكة. فمن لا يرون في سقوط ألف شهيد انتصاراً ثمنه قدسية لسلاح &laqascii117o;حزب الله"، وانكفاء الحزب الى الصراعات السياسية مهما ترفّع عن السلطة ومكاسبها، ما زالوا لا يرون في ذاك النصر سوى ثمن باهظ دفعه اللبنانيون من دمائهم وممتلكاتهم، وآخر يدفعونه بتحوّل السلاح في الداخل قوة ضاغطة على الحياة السياسية، معها لا يستقيم أي حوار. حتى نشر قوات &laqascii117o;يونيفيل" براً وبحراً، لم يمنح حصانة المنطق لمقولة النصر، طالما يُبعِد المقاومة عن الحدود، ويحصّن إسرائيل من هجمات الصواريخ.
تلك على الأقل، رؤية الفريق المعارض لتوجهات &laqascii117o;حزب الله" وحلفائه الذين اتُّهِموا جميعاً باستثمار الانتصار مكاسب سياسية، منذ أطاحوا حكومة الرئيس سعد الحريري، ومعها اتفاق الدوحة.وإن كان مصادفة غريبة الاعتداء على دورية لقوات &laqascii117o;يونيفيل" قبل ساعات قليلة من خطاب السيد حسن نصرالله، فالغريب كذلك ان يتجاهل الخطاب الحادث فيحجّم دلالاته، في حين ينحو بعضهم منحى التشكيك في هوية &laqascii117o;الرسالة" التي أريد للاعتداء ان يوجهها، وهوية المعني بها.فإذا أُضيفت بمفهوم ضرب مفاعيل القرار 1701، أو على الأقل التلويح بالتنصل منه، بعدما ضرب &laqascii117o;حزب الله" قرار إنشاء المحكمة الدولية (1757) بحائط &laqascii117o;المؤامرة على المقاومة"، لكانت المحصلة مزيداً من الحجج لمن يخشون احتمال تصنيف لبنان دولة خارجة على الشرعية الدولية... وما على الجميع إلا أن يفهم مغزى الإلحاح الأميركي – الأوروبي على &laqascii117o;التزامات" لبنان التي لا تتأثر بأي ظروف إقليمية.

وإذا كان القلق في واشنطن وعواصم أوروبية من احتمال هروب النظام في سورية الى أمام، و &laqascii117o;تنفيس" انتفاضة الداخل بحرب في الجولان أو جنوب لبنان، يلقى صداه في قلق مماثل لدى شريحة واسعة من اللبنانيين – بمن فيهم فريق 14 آذار – فـ &laqascii117o;جبهة النفط" باتت كأنها الحرب المقبلة التي لا يريدها &laqascii117o;حزب الله"، ولكن... ولا يعلم أحد بعد، هل تسبق المراسيم التي حضّ السيد حسن نصرالله حكومة نجيب ميقاتي على إصدارها لاستثمار الثروة النفطية، فيما السرقات الإسرائيلية سبّاقة حتماً، كل تدبير لبناني أو عربي.بيت القصيد، بيتان في خطاب الأمين العام: رفع معنويات حزبه ورجاله، ومنهم أربعة طلبت المحكمة الدولية توقيفهم للاشتباه في تورطهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهم &laqascii117o;متهمون قديسون" لدى حزبهم، كما قال الرئيس السابق أمين الجميل... أي رفع المعنويات بالتحضير لـ &laqascii117o;جبهة النفط"، وما دام لكل جبهة سلاحها، تصبح المعادلة أو يجب ان تكون لدى اللبنانيين: ثراء بعد الفقر، متطلباته نفط يحميه سلاح الحزب.
الحزب بات على الجبهة، الفريق الآخر ما زال في وادي المحكمة &laqascii117o;المؤامرة". أليس في ذلك ما يراد قوله للبنانيين؟ كتلة &laqascii117o;المستقبل" النيابية تخاطبهم بأن السلاح ذاته الذي يعِد بحماية ثروة النفط &laqascii117o;فَقَدَ شرعيته بعدما تحوّل الى صدورهم، واحتضن المتهمين" باغتيال رفيق الحريري.ومثلما كانت المعادلة &laqascii117o;الافتراضية" يوماً الحكومة مقابل المحكمة، وتحولت &laqascii117o;المحكمة مقابل الاستقرار"، لن يكون مؤلماً ربما لكثيرين ان تُنجِب يوماً &laqascii117o;إما الثروة وإما العدالة"! اللبنانيون أدمنوا الألم المجاني والافتراضي. وبالعودة الى النقطة صفر، الحوار ووظيفة السلاح وشرعيته، هل يمكن افتراض قدرة لبنان على المطالبة بحقوقه في ثرواته النفطية قبل ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل؟ فات خطاب الأمين العام ان حكومة نجيب ميقاتي لا يمكنها أن تفاوض افتراضياً بل إسرائيل ولو برعاية الأمم المتحدة. قبل الترسيم لا شرعة دولية لوقف النهب أياً يكن مقداره وبراعة اللص و &laqascii117o;خبرته". وإن لم تفاوض العدو، هل يجدي الحكومة اللبنانية حوار مع حكومة اسماعيل هنية، لاستغلال ثروة بالبلايين؟


الغاز: وعد صادق؟

ـ 'السفير'
ساطع نور الدين:  

نام لبنانيون كثيرون ليلة الثلاثاء على وعد الثروة، وحلموا باليوم الذي يغرقون فيه بالدولارات، ولعل بعضهم قصد المصرف في اليوم التالي للاستدانة على حساب حصته الموعودة من الغاز الموجود في قاع البحر الابيض المتوسط، التي يبدو أن توزيعها على المواطنين لن يتأخر عن ست او سبع سنوات على ابعد تقدير، اذا لم يحصل اي طارئ يبدد الوعد ويحرق الثروة ويحبط الوطن، الذي لم يتشابه مع الدول المنتجة للنفط والغاز الا في طقسها الحار والرطب.وعد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان صادقاً جداً لكنه لم يكن دقيقاً أبداً. الرقم الذي اطلقه للثروة الغازية المرتقبة وقدّره بمئات مليارات الدولارات هو رقم خيالي بل وهمي، ولا يمكن ان تحلم به حتى اكبر الدول المنتجة للغاز في العالم، وهي على التوالي روسيا وقطر وايران، والتي ستنضم اليها اسرائيل بعدما كافأتها الطبيعة على اغتصابها فلسطين وتشريد شعبها باحتياطي من الغاز يمكن ان يجعل منها رابع دولة منتجة في العالم، او ربما ثالث دولة قبل ايران، كما يُقال.عشرات المليارات من الدولارت كافية لكي يشعر كل لبناني بغنى النفس والجسد، ولكي يسد الدين ويوقف العجز في ميزانيتيه العامة والخاصة ويعيد المغتربين جميعاً. اما اذا ارتفع هذا الرقم الافتراضي لدخل لبنان من تصدير الغاز الى ما فوق المئة مليار دولار، في مدى زمني قصير طبعاً لا يزيد على الخمس سنوات على سبيل المثال، فإن لبنان يمكن ان يصبح دولة توزع الهبات والقروض حتى على الدول الخليجية الشقيقة التي طالما تلقى منها المساعدات المالية، كما يمكن ان يشتري سندات الخزينة الاميركية التي تسدد ديون الاميركيين وتمنع افلاس دولتهم.. اذا كانت مثل هذه الخطوة جائزة شرعاً.

المهم الآن، وقبل ان يحتدم الخلاف على الاحتياطي اللبناني من الغاز القابع في قعر المتوسط، ان تبدأ الخطوات العملية للتنقيب والاستخراج والتسويق، ولا يظل الأمر مجرد نكتة يتداولها اللبنانيون عن سكان بعض المدن الساحلية الذين يضعون من الآن قوارير الغاز المنزلية على الشاطئ وينتظرون ظهور الأنابيب من البحر لتعبئتها بالمجان. ومثل هذه الخطوات يفترض ان تتخذ بسرعة فائقة، لانها سهلة جداً، ولا تقتضي سوى التعاقد مع عدد من الشركات الدولية الكبرى، لتعويض التأخير في اللحاق باسرائيل المتقدمة في ذلك السباق نحو سبع سنوات.. فضلاً عن بناء بعض المنشآت على الساحل لتسييل الغاز وتخزينه تمهيداً لاستخدامه في الداخل وتصديره الى الخارج. وهي ليست قضية سياسية، الا في كونها اشبه بعرض دولي، واغواء اميركي واسرائيلي تحديداً، بالمشاركة في التنقيب والتصدير والاستخراج من الآبار المشتركة، على امل ان يستقر لبنان ويهدأ شعبه قليلا، لعله يفكر في المحظور الاكبر اي التفاوض والتفاهم على تقسيم العائدات، بعد ترسيم الحدود البحرية، وتالياً البرية بما يقفل آخر جبهات الصراع العربي الاسرائيلي! الحذر واجب، وإلا يصبح وعد الثروة مثل الوعد بالجنة، لا يطلقه سوى الأنبياء ولا يدركه سوى الاتقياء.. وهم قلة في لبنان، لا يبتغون سوى غنى الروح.


دولة 'السيد' واستدراج عروض التنقيب عن النفط والغاز!

ـ 'الشرق'
ميرفت سيوفي:

يَعْلَق اللبناني بين خطابيْن سياسيين لا يستويان ولا يتساويان ولا يلتقيان حتى في النقاط الأساسيّة، وكأي مواطن لبناني لم أعد أتساءل كثيراً ما الذي سيقوله أمين عام حزب الله مع كلّ إعلان عن إطلالة جديدة له يسبقها غالباً عنوان &laqascii117o;إنشائي"، السيّد من سنوات لم يعد يقول للبنانيين شيئاً مفيداً يجدون فيه إجابات على أسئلتهم الكثيرة، والسيّد ما زال يعتمد أسلوب الخطابة الذي اعتمده جمال عبد الناصر حتى استيقظ من حماسة ومبالغة خطاباته على الخامس من حزيران، والفارق بين الرجلين أن عبدالناصر اعترف بالهزيمة، فيما السيّد حسن حوّل الدمار الذي لحق بلبنان وأعداد القتلى والجرحى إلى &laqascii117o;انتصار إلهي"، تحوّل هذا العام في خطاب &laqascii117o;استباقي" للقرار الاتهامي لمدعي عام المحكمة الدوليّة فأطلق عليه &laqascii117o;الكرامة والنصر".
لم أتوقع الكثير من خطاب السيّد نصرالله، فالمشهد هو نفسه والتكتيك والإيحاء هو نفسه &laqascii117o;استعراض" أعداد مرصوصة رصاً على الكراسي للهتاف في فراغ بين فقرتين، إلا أنّ ما يجعل أيّ لبناني يتأكّد أن جعبة الرجل &laqascii117o;خاوية" حتى من الكلام تمسّكه بجمل &laqascii117o;حماسيّة" لا تقدّم ولا تؤخرّ على أرض الواقع، فيما هي حقيقة كلّفت لبنان الكثير، فإذا به يستعيدها مجدداً قائلاً: &laqascii117o;من منطلق معرفتي بهذا العدو وبمعرفتي بهذا الشعب وبمعرفتي بهؤلاء المقاومين الأبطال، كما كنت أعدكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً"، تناسى السيّد أن خبرته في 12 تموز وخطابه الأول لأولمرت وقيادة أركان الحرب في جيش العدو ونصيحته لهم بعدم تجربة الحرب، ذهبت أدراج الرياح فاستيقظ على خراب لم يتوقعه هو نفسه، كانت حسابات حزب الله لا تتجاوز تدمير بعض الجسور والطرقات وبعض القرى، لم يخطر للسيّد لحظة أنه سيستيقظ على هذا الدمار الهائل في الضاحية تحديداً بعدما سوّت إسرائيل الأرض بما كان يعرف بالمربع الأمني.
لم يتردّد السيد في استعادة صيغة الوعد بالنصر، وتحدّث عن معرفته بشخصيته العدو وتركيبته ـ وهو غالباً يمتلك معرفة كليّة في علم الاغتيالات ومنفذيها وفي القضاء والهندسة والقانون والأنتروبولوجيا والأنطولوجيا والسوسيولوجيا، وحديثاً الجيولوجيا وعلم البحار والآبار النفطيّة والغازيّة والثروة البترودولاريّة ـ على رغم أنّ معرفته الكُليّة هذه كلّفته القول: &laqascii117o;لو كنتُ أعلم"، ومع هذا يريد للشعب اللبناني أن يتكل على معرفته مجدداً!!
وللسيّد &laqascii117o;زلات" ـ بدها حلم الله ـ فيناقض نفسه بنفسه، ولا يتردّد في مخاطبة دول العالم من دون أن يفسّر للبنانيين ما هو محلّه بين الرئاسات الثلاث التي تشكّل رأس الدولة والسلطات منوطة بها، إلا إذا كانت الرئاسات الثلاث أضحت &laqascii117o;3 ورقات" يستخدمها السيّد متى شاء وكيف يشاء، فالرجل يجهل حتى أبسط مبدئيات وبديهيات استدراج العقود لحساب الدولة اللبنانيّة، وفي الوقت الذي كان يحاول إقناع اللبنانيين قائلاً: &laqascii117o;نحن المقاومة ليس لنا رأي بهذا الأمر، لا (رأي) فنياً ولا تقنياً ولا نتدخل بهذا الموضوع"، فإذا به يقفز بقدرة قادر فوق الدولة اللبنانية بكاملها، ويقدم على أمر لم يجرؤ حتى رئيس الجمهوريّة على إعلانه، فتوجه ـ ويفترض أنه غير ذي صفة رسميّة لدول العالم، ومثله مثل أي رئيس حزب أو تيار سياسي في لبنان لا أكثر ولا أقل، حتى لا نقول غير هذا، لأنّ كثيراً من الدول لا تعتبره حتّى كذلك ـ  وحدها الدولة اللبنانية برئاساتها &laqascii117o;الطرطوريّة" الصمّاء البكماء لم تسمع ولم ترَ الخطوة التي أقدم عليها السيّد نصرالله وتوجّه بخطابه ـ غير المطمئن أبداً ـ إلى: &laqascii117o;الدول أو الحكومات أو الشركات التي تريد أن تأتي وتعرض مناقصات مع لبنان وتبدأ بالتنقيب عن النفط واستخراجه حيث لبنان هذا قادر على حماية هذه الشركات ومنشآت النفط أو الغاز، وهو قادر لأن من يمكن أن يعتدي على هذه المنشآت لديه منشآت نفط وغاز، ومن يمس المنشآت المستقبلية للنفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية ستمس منشآته، وهو يعلم أن لبنان قادر على ذلك"!!
لبنان غير قادر على أي شيء منذ ألقى عليه حزب الله القبض وأطبق عليه بكفّه وأخذه رهينة أجنداته، لا نعرف أي دول خاطب السيّد إلا أنها لن تعدو اثنتين: كوريا الشمالية وإيران، وما دام حزب الله قادر على حماية منشآت الدول المدعوّة للتنقيب، قادر أيضاً على تهديدها بحسب معرفة الشعب اللبناني الشخصيّة بالسيّد وحزبه!!


'حزب الله' المربَك داخلياً وإقليمياً يهرب إلى الأمام

ـ 'المستقبل'
ربى كبارة:

يعتمد 'حزب الله' سياسة الهروب إلى الأمام فيتخبّط مصعّداً مواقفه بعنجهية سياسية غير مسبوقة بدلاً من البحث عن سبل تلاقٍ مع شركائه في الوطن، كمخرج منطقي وحيد لمواجهة وضعه الحالي. فهو محاصر داخلياً باتهام اربعة من كوادره باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فيما يتزعزع فعلياً سنده الاقليمي الاقرب بغض النظر عن نتائج 'ثورة' الشعب السوري المستمرة منذ اربعة اشهر ونصف رغم عنف القمع الدموي.
ويبدو 'حزب الله' مربكاً في مواجهة التحولات المتسارعة رغم نجاحه في تشكيل حكومة يتمتع مع حلفائه بأغلبيتها إضافة الى احتفاظه بسلاحه لان اندلاع حوادث سوريا لم يكن في حسبانه.
فهو من جهة يدعم بقوة إستئناف الحوار الوطني المتبقي على جدول أعماله بند وحيد هو بند 'الاستراتيجية الدفاعية' المتعلق بمصير سلاحه وإمكان وضعه تحت سلطة الدولة، ويرفض من جهة اخرى المساس بهذا السلاح، بل وجد له مهمة جديدة تتعلق بالدفاع عن ثروة لبنان النفطية البحرية.
فقد حذّر أمينه العام السيد حسن نصر الله مؤخرا 'الاسرائيلي من مد يده إلى هذه المنطقة' في خطاب غابت عنه العناوين الداخلية المعتادة كوصف المحكمة الدولية بانها 'إسرائيلية' أو تناوله الاحداث الجارية في سوريا. كما تجنّب التطرق الى حادثة الاعتداء على 'اليونفيل'، اذ تعرضت قوة فرنسية قبل ساعات قليلة من الخطاب لتفجير تراوحت تفسيراته بين كونه رسالة سورية الى فرنسا او على ارتباط بالقرار 1701 الذي وضع حداً للعمليات العسكرية بين 'حزب الله' واسرائيل صيف العام 2006 او للتجديد المرتقب للقوة الدولية.
ورغم سعيه الى اطالة عمر الحكومة، بإعتباره راعيها، لم يتردد 'حزب الله' في إحراج رئيسها نجيب ميقاتي الذي يترقب المجتمع الدولي مدى تنفيذه تعهده العلني إلتزام التعاون مع المحكمة الدولية الخاصة، وذلك عندما رفع المتهمين الى مصاف 'القديسين' مسفّها بذلك مسبقاً مقولة القضاء اللبناني المرتقبة بأنه جهد لتوقيفهم ولكن 'تعذّر التنفيذ'. ولا يرى ديبلوماسي عربي في هذا السلوك سوى دليل تخبط . فـ'حزب الله' يرغب بتسهيل عمل الرئيس ميقاتي ليكرسه زعيماً سنياً مقابل الرئيس سعد الحريري. وهو يريد من الحكومة اموراً ابرزها: تعيينات تساعده في السيطرة على الدولة لأن حصنه الشيعي لم يعد كافياً وهو بحاجة الى الاحتماء بالمؤسسات، الالتفاف على المحكمة الدولية الخاصة، دعم النظام السوري سواء عبر منع الجيش لجوء سوريين الى لبنان او بمعارضة اي قرار مضر في مجلس الامن الدولي او بتعاون مصرفي يبعد شبح الانهيار الاقتصادي. وقد يؤدي الالتفاف على المحكمة او التعاون المصرفي مع سوريا التي تواجه عقوبات دولية الى احتمال تعرض لبنان لعقوبات مماثلة تضرب قطاعه المصرفي مما يؤدي الى دمار اقتصادي يشابه الدمار الذي نجم عن اختطافه صيف عام 2006 جنديين اسرائيليين لمبادلتهما باسرى.

وتندرج في إطار الارباك الهجمات الشخصية على الرئيس سعد الحريري وعائلته وكذلك ما تشهده قرية لاسا في جرود جبيل من تعديات عقارية لأنصاره على أوقاف الكنيسة المارونية. كما تندرج في هذا الاطار ايضاً مساعي إعادة فتح ملف شهود الزور لاحالته أمام المجلس العدلي رغم تعارضه مع إلتزام القرار الدولي 1757 وبروتكول التعاون مع المحكمة الذي سلّم لبنان بموجبه صلاحية النظر في إغتيال الحريري حصراً إلى المحكمة الدولية وأودعها كل ملفاته القضائية. ويأمل 'حزب الله' وحلفاؤه بأن يخدم ذلك مصالحهم في الانتخابات المقبلة عام 2013 عبر تأهيل موالين لهم وإضعاف معارضين على أساس تورطهم في هذا الملف.
ويرى ديبلوماسي عربي في اعتماد الحكومة لغتين في مواجهة معضلة المحكمة ومعضلة السلاح غير الشرعي، محاولة لتخطي مصاعب البيت الواحد وأخذ فترة سماح بلنتظار تطورات المحكمة وتطورات سوريا. فرغم مكابرة 'حزب الله' في مواجهة القرار الاتهامي الذي سيكشف الشهر المقبل عن أدلته، كيف له أن يتعامل مع تطورات النظام الحليف في سوريا مهما أتت النتائج: فوضى او نظام بديل او بقاء لنظام مهشم في احسن الاحوال, وقد برز إستياء شعبي سوري من مواقف 'حزب الله' تجلى بحرق اعلامه في المسيرات فيما انتقل حليفه النائب وليد جنبلاط الى وصف ما تشهده سوريا بأنه 'ثورة' داعياً إلى محاسبة المسؤولين عن عمليات القتل.
ويخشى المصدر نفسه أن يؤدي الارباك إلى اندلاع مواجهة بين 'حزب الله' وإسرائيل بإعتبارها تناسبهما ظرفياً. ويرى أن مصلحة 'حزب الله' تقتضي البحث عن سبل لحل الخلافات الداخلية قبل إنهيار نظام دمشق لان السعي لاحقاً سيكون أكثر صعوبة بحيث لا يبقى له سوى مهرب وحيد للخروج من مأزقه: افتعال حادثة مع الدولة العبرية خصوصاً وأن هذه الطريق تناسب حليفه الايراني الذي يسعى الى الحفاظ على نظام دمشق.
ولا يستبعد المصدر أن يأتي التصعيد من قبل إسرائيل كسبيل لمواجهة استحقاق اعتراف الامم المتحدة بالدولة الفلسطينية في أيلول المقبل خصوصاً وأن حليفتها الولايات المتحدة منشغلة بأمورها من أزمتها الاقتصادية الى استحقاقات خروجها من العراق وأفغانستان.


جنبلاط بين ما قاله للأسد عن قرب وعن بُعد

ـ 'الأخبار'
نقولا ناصيف:

ثمّة قاعدة تطبع الحياة السياسية اللبنانية: اصغوا إلى ما يقوله النائب وليد جنبلاط أو يفعله. صار مؤشر توازن القوى الداخلي وصمود السلطة والغالبية، قبل استدارته إلى سوريا وحزب الله، وبعد دوره في إطاحة الرئيس سعد الحريري. يقال ذلك اليوم حيال ما يقوله عن سوريا
أنعشت بضعة مواقف أدلى بها رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط حيال الأحداث الجارية في سوريا، بعضها من موسكو والبعض الآخر من لبنان، بعض قوى 14 آذار ممن راهنوا على إجراء الزعيم الدرزي مراجعة للموقع والخيارات التي أضحى عليها في المرحلة الحالية، وتوقعوا أن يمهّد بخطوات مماثلة لاستدارة تعيده إلى هذا الفريق معاكسة لاستدارته عنه قبل سنتين. كذلك ألقت مواقف جنبلاط في قلوب قوى في الأكثرية الجديدة أسئلة غامضة عن مغزى تحوّل غير مألوف له، لأول مرة مذ مصالحته مع سوريا، واتخاذه مواقف لا تكتفي بالتعليق على ما يجري في سوريا، بل تظهره أقرب إلى تفهّم مطالب المعارضة ورفض الحلّ الأمني هناك، فضلاً عن كلامه على محاسبة المرتكبين، مساوياً بين رجال النظام والمسلحين، وإطلاق المعتقلين والتعدّدية الحزبية وحرية التظاهر.حاول أكثر من طرف في قوى 8 و14 آذار أن يقرأ في مواقف جنبلاط من سوريا ارتدادات محتملة على توازن القوى في لبنان، بين مَن هم في السلطة ومَن هم خارجها، وأن يقرأوا فيها ـــــ مستبقاً سواه ربما على نحو ما يشاع عنه ـــــ تطورات في سوريا تفقد الرئيس السوري بشّار الأسد المبادرة، وتجعل سيطرته على بلاده متعذّرة، واستطراداً بداية تهاوي النظام.
ومهما تكن الخلاصة التي يريد كل من قوى 8 و14 آذار التوصّل إليها بعد صدمة المواقف الأخيرة، المفاجئة خصوصاً، للزعيم الدرزي من سوريا، إلا أن ما أطلقه يتصل بملاحظات منها:

1 ـــــ أن ما أعلنه جنبلاط لجريدة حزبه الأنباء يوم 19 تموز، أو من راشيا يوم 25 تموز، وما كان قد قاله من موسكو قبل ذلك يوم 20 تموز عندما تحدّث لأول مرة ـــــ وأول مسؤول في فريق تحالفه ـــــ يصف ما جرى بـ&laqascii117o;ثورة"، قد يكون فاجأ الرأي العام اللبناني، إلا أنه كان أفضى به إلى الأسد في لقائه الأخير به في دمشق يوم 9 حزيران.
باستثناء كلمة &laqascii117o;ثورة" عن أحداث سوريا، تطرق الأسد وجنبلاط في هذا الاجتماع قليلاً إلى الوضع اللبناني، إلا أن الزائر اللبناني رغب في محادثة الأسد في الأحداث الدائرة في سوريا منذ آذار المنصرم وإبداء رأيه فيها، واستأذنه في مناقشة الموضوع والإصغاء إلى رأيه حيال ما يحدث هناك نظراً إلى تأثر لبنان بها، ثم استفاضا في الحديث عن الداخل السوري، وكلاهما قال ما عنده وأصغى إليه الآخر في ثنائية ما يجري: الدعوة إلى الإصلاح، والاعتداءات المسلحة التي يواجهها النظام.
بالتأكيد، لم يفصح جنبلاط لدى عودته إلى بيروت عن هذا الشقّ في محادثاته مع الأسد، ومع صديقه معاون نائب الجمهورية اللواء محمد ناصيف الذي يمثّل المظلة الواقية له في سوريا رداً على مسؤولين آخرين في القيادة ـــــ وبينهم أمنيون ـــــ لا يبدون ثقة حيال التعامل مع جنبلاط وينظرون إليه بحذر، ويشككون في معظم مواقفه.
إلا أن الانطباعات التي استخلصها جنبلاط ممّا سمعه، حملته على الاعتقاد بأن تسارع الأحداث يحتّم استعجال تنفيذ برنامج إصلاحي شامل يدعمه الرئيس السوري، إلا أن بعض المحيطين به لا يجارون هذا الاستعجال. لم تكتم انطباعات جنبلاط قلقه على النظام تحت وطأة ضغوط الاعتداءات الداخلية والتدخلات الخارجية، لكنه لمس أن الطريقة التي يقارب بها النظام أحداث سوريا، إلى عامل الوقت، لا تلائم تسارع التطورات رغم ما سمعه من الأسد من رغبة جادة في إطلاق عمل الأحزاب والإعلام المستقل.
على أن سوريا، لاحظ جنبلاط، لم تتخلص كثيراً، ولا كفاية، من تقويمها التقليدي لدور الأحزاب وواقعها خارج النطاق العقائدي، بما فيها الأحزاب التي أضحت عقائدها منقرضة أو من الماضي. لمّح الزعيم الدرزي يومذاك للرئيس السوري عمّن يقصده بهذا النوع من الأحزاب الجامدة. لم يُخفِ أيضاً رأيه في ضرورة محاسبة بعض المسؤولين الأمنيين عن أخطاء ارتكبوها ضاعفت من وطأة الأحداث وصدام الشارع، فردّ الأسد بأنه عاقب بعض هؤلاء بإقالتهم، أمنيين ومحافظين، من مناصبهم في عدد من المدن وأحلّ سواهم محلهم.
لاحظ في انطباعاته محاولات جرّ سوريا إلى نزاعات مذهبية، ولم يخفِ عن المسؤولين السوريين في تلك الزيارة، كما في زيارات سابقة لهم، فحوى ما كان يحدّث به مَن يلتقيهم في لبنان والخارج، أو يتبادل وإياهم مكالمات هاتفية، كتلك التي تكلم فيها بعد أيام على مقتل أسامة بن لادن مع نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، وحضّه على ضرورة أن تمنح إدارته الرئيس السوري مزيداً من الوقت لإطلاق برنامج إصلاحي لسوريا. إلا أن جنبلاط ميّز باستمرار بين ما يريده الأسد وما تتشبّث به آلة النظام العجوز والمتصلّبة.
الواقع أن هذا الجانب من ردّ فعل النظام على أحداث سوريا، لمسه أكثر من زائر لدمشق في الأيام الأخيرة قابل مسؤولين سوريين كباراً، ولاحظ وجود فريقين إلى يمين الرئيس وإلى يساره يتجاذبان الطريقة التي يقتضي بها مواجهة هذه الأحداث: الأول يمثله ـــــ إلى ناصيف ـــــ نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع والوزير وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان، يفضّل إيلاء الحوار والإصلاحات الأولوية على الحلول الأمنية. والآخر يمثله الأمين القطري المساعد لحزب البعث محمد سعيد بختيان وتؤازره في موقفه ـــــ تبعاً لطبيعة أدوارها ـــــ الأجهزة الأمنية السورية التي تريد ترجيح الحلّ الأمني على الحلّ السياسي.
بين هذين الموقفين، تسود القيادة السورية جدلية عميقة بين الخيارات المطروحة يميل فيها الرئيس إلى أوّلها، إلا أنه ليس من السهل توقع تجاوز الأسد كلياً حزب البعث وتخطّي مكانته في النظام وتأثيره في القرارات، على وفرة تفهّمه واقعاً جديداً في سوريا هو أن ليس في وسعه العودة بسوريا، كما بنظامه، إلى ما كانا عليه قبل 15 آذار الماضي. ولأنه ليس في وارد دفع الوضع الداخلي إلى مجازفة تقود سوريا إلى فوضى شاملة، احتاج الرئيس ولا يزال إلى فريقي وجهتي النظر المتعارضتين بغية توأمتهما بحلّ ثالث.
2 ـــــ قد لا تكون النبرة التي أطلق فيها جنبلاط مواقفه الأخيرة من سوريا، عبر الأنباء أو من راشيا وموسكو، مماثلة لما حدّث الأسد به. إلا أنه لا يخوض حكماً رهاناً على سقوط النظام، ولا يشعر بأن أحداً ممّن كانوا قد حدّثوه قبل سنوات، من الدول العظمى والنافذة، عن سقوطه المحتمل، عندما كان جنبلاط في المقلب الآخر من دمشق، يريد الآن أيضاً إسقاطه.

لا يكرّر جنبلاط تجربة خبرها بين عامي 2005 و2008، وأدركها من قبله والده الراحل كمال جنبلاط في النزاع المحموم بينه والرئيس حافظ الأسد في اجتماعاتهما الأخيرة الثلاثة في كانون الأول 1975، ثم في كانون الثاني 1976، ثم في اجتماع 27 آذار 1976 الذي أفضى إلى القطيعة الكاملة بينهما. كلاهما، الأب والابن، سعيا إلى التلاعب بالنظام السوري، ولم يخفيا رهاناً حقيقياً على سقوطه، وفي أحسن الأحوال توقع سقوطه المريع من الخارج على وفرة يقينهما بتماسكه الداخلي وقبضة الأمن على السياسة فيه. كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات يرسل عبر خليل الوزير رسائل إلى جنبلاط الأب يشجّعه على رفع نبرته ضد الأسد الأب والمضي في المواجهة، ويرجّح له سقوط نظام الأسد من توقعات دولية معظمها وهمي ومركّب.
وصلت إلى جنبلاط الأب أيضاً رسائل من مصادر لبنانية مختلفة حليفة له كانت تتقاطع عند الفلسطينيين، ولكنها تنطوي على المضمون نفسه. وعندما كان يتسلم بعضها من الوزير السابق عبّاس خلف، يكتفي بهزّ رأسه. لم يسقط النظام السوري حينذاك ولا بعد ذاك، وخسر جنبلاط الأب الحرب والدور قبل أن يخسر الحياة نفسها.
بدوره جنبلاط الابن تلقّى تأكيدات رجّحت له، تحت وطأة مرحلة ما بعد القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري والشروع في المحكمة الدولية، انهيار نظام الأسد الابن. سمع ذلك من مسؤولين أميركيين كباراً، إلى أن تيقّن بنفسه عام 2006 من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أن المطلوب تحسين سلوك سوريا وليس تقويض نظامها. خسر جنبلاط الابن أيضاً معركة قاسية ضد سوريا انتهت بعودته إليها ومصالحتها من أجل المحافظة على الدور والموقع.


برسم المحكمة الدولية ورو: محام 'يقوّض الثقة بهما وبالعدالة'

ـ 'السفير'
علي الموسوي:

أنشئ مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان بهدف الدفاع عن المتهمين والوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في إبداء حججهم ومرافعاتهم القانونية، وتقديم المعونة لوكلائهم المعيّنين على نفقتهم الشخصية، عند الاقتضاء، وإنْ لم يكونوا موجودين، يبادر هذا المكتب إلى تعيين محام من صفوفه للدفاع عن هذا المتهم أو ذاك، شرط أن ينال في الدرجة الأولى موافقة المشتبه به أو المتهم نفسه.
وسواء أكان المحامي من خارج مكتب الدفاع أو من الموضوعين على قائمته المعتمدة لدى المحكمة، فإنّه يجب توافر شروط محدّدة في مؤهّلاته تخوّله القيام بواجبه ومنها على سبيل المثال لا الحصر كما وردت في البند الخامس من الفقرة ألف من المادة 58 من قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة، &laqascii117o;لم يصدر عنه خلال ممارسته وظيفته أو في ظروف أخرى سلوك من شأنه تقويض ثقة العامة في المحكمة أو في سير العدالة، أو يسقط الثقة بالمحكمة الخاصة بلبنان". ولكن يبدو أنّ المحامين اللبنانيين الأربعة الذين حظوا بشرف الانضمام إلى مكتب الدفاع لغاية الآن بعد استنكاف العشرات من نقابتي بيروت وطرابلس عن الالتحاق بهذا المكتب الذي يرأسه الفرنسي فرانسوا رو، قد شرعوا في كسر الشروط الأساسية لوجودهم في المكتب، من خلال إطلالات تلفزيونية تتناول القرار الاتهامي الأوّل للمدعي العام دانيال بيلمار، وشرعية المحكمة، حيث يصولون ويجولون في مرافعات خارج إطار المحكمة تنمّ عن دفاع مستميت عن قضيّة ليس من شأنهم مناقشتها والبحث فيها خصوصاً وأنّهم يقدّمون أنفسهم على أنّهم محامون في مكتب الدفاع، أو يجري التعريف بهم على أنّهم أعضاء في هذا المكتب الذي شهد التباسات كثيرة عند انطلاقته ومنها أنّ أحد أعضاء لجنة فحص المتقدّمين إليه كان وجوده مخالفاً للشروط الموضوعة لاختيار المرشّحين بسبب نيله عقوبة تأديبية.

يذكر أن البند الثالث من الفقرة ألف من المادة 58 من قواعد الإجراءات والإثبات يؤكد ضرورة أن يكون المحامي &laqascii117o;غير مدان أو لم تنزل به عقوبة تأديبية مقامة ضدّه أمام هيئة وطنية أو دولية بما في ذلك الإجراءات المقامة بموجب نظام آداب مهنة المحاماة".وبلغ الأمر بأحد هؤلاء المحامين في حلقة تلفزيونية، أن نسي أنّ دوره هو الدفاع عن المتهم في حال وجوده، وليس تبّني أفكار وطروحات فريق 14 آذار والتنظير لها وإعطاءها مفاعيل سحرية جذّابة، وصولاً إلى إعطاء وجهة نظر تتضارب مع ما يفترض أن يكون عليه دوره في المستقبل عند بدء المحاكمات الوجاهية والغيابية على حدّ سواء، وتتناقض مع شرط المحكمة لتعيينه، وهو &laqascii117o;سلوك يقوّض الثقة بالمحكمة"، وهي أساساً ثقة في طريقها الانحداري وتخسر الكثير من قيمتها بسبب لعبة تسييس المحكمة، كما أنّه سلوك يسيء إلى سير العدالة ويرسم علامات استفهام كثيرة حول طريقة اختيار هؤلاء المحامين وكيفية تعيينهم.
وقد خرج هذا المحامي عن طوره بدفاعه عن رئيس الهيئة التنفيذية في &laqascii117o;القوّات اللبنانية" سمير جعجع، عند الحديث عن الحكم عليه بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رشيد كرامي، لكي يفهم من سياق حديثه أنّه مؤيّد إن لم نقل منتم إلى هذا الحزب، علماً بأنّه كان مقاتلاً في صفوف أحد تنظيمات &laqascii117o;الجبهة اللبنانية" خلال الحرب اللبنانية وأصيب بجروح تركت أثرها على جسده، وعلى ما يبدو، على تفكيره أيضاً.

واسترعت مشاركة هذا المحامي في الحلقة التلفزيونية، سلسلة استفسارات يفترض أن يجيب عليها رئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو كونه معنياً بها قبل سواه، وذلك لإزالة الالتباسات التي تركتها هذه المشاركة الخارجة عن أوانها وتوقيتها الزمني.فهل حظيت مشاركة هذا المحامي التلفزيونية بموافقة رو نفسه؟ وهل يوافق رو على ما قاله هذا المحامي في السياسة بغضّ النظر عمّا قاله في القانون وهو يخضع بطبيعة الحال، للمناقشة والحوار وصار الوجبة الرئيسية والطبق المفضّل على مآدب اللبنانيين؟وكيف يمكن لأيّ متهم يقف على الضفّة الأخرى المناقضة سياسياً لهذا المحامي أن يقبل بوجوده معه أمام قوس المحكمة؟
ألا تؤذي هذه المشاركة، سمعة مكتب الدفاع الذي يجب أن يكون حيادياً وأن يضمّ محامين محايدين ولا تربطهم أيّة علاقة بالمحكمة أو بفريق سياسي لبناني ما؟ وهل يراقب رو أداء المحامين المنتسبين إلى مكتبه قبل انتقالهم إلى مقرّ المحكمة في ضاحية لايتسندام في لاهاي؟ ألا تؤدّي عدم حيادية هذا المحامي إلى ضرب مصداقية مكتب الدفاع كلّه خشية أن يكون كثيرون على شاكلته في عداد المكتب المذكور؟ وكيف سيتعامل رو مع هذا المحامي؟ وهل سيسمح له بإخراجه من المكتب الذي يرأسه لمخالفته أسس إنشاء هذا المكتب والغاية المطلوبة منه؟ وكيف يفسّر رو أن وجود هذا المحامي في مكتبه هو لمصلحة العدالة؟ وأيّة عدالة هي هذه التي يكون محامي الدفاع فيها خصماً سياسياً للمشتبه به أو المتهم على فرض أنّ المحاكمة هي للأشخاص الأربعة المنتمين إلى حزب الله؟. يذكر المحامون في نقابة المحامين في بيروت، أنّه عند انتخاب نقيب لهم، كان يبادر المُنْتخب فور إعلان فوزه، إلى المجاهرة بخلع ثوبه السياسي والتخلّي عن حزبيته، مع أنّه وصل بفضل الدعم السياسي وبحكم التجييش والعلاقات الحزبية، فلماذا لا يتقيّد المحامون اللبنانيون المنضوون في مكتب الدفاع، بهذا الأمر الذي أصبح قاعدة جوهرية في نقابة المحامين، ولولا انتسابهم إلى هذه النقابة لما تسنّى لهم، كما يفترض، الظفر بالدخول إلى جنّة مكتب الدفاع وحمل صفة محام في مكتب الدفاع في المحكمة الخاصة بلبنان؟.


عيوب المحكمة الخاصة بلبنان قابلة للتصحيح؟

ـ 'السفير'

الياس فرحات:

منذ الاستقلال عقد لبنان اتفاقات ومعاهدات مع دول خارجية تنوع طابعها من سياسي واقتصادي الى عسكري وقضائي ودفاعي وامني، وكان لبعضها تأثير كبير على استقرار البلاد وامنها. ان اكثر اتفاق ادى الى انقسام خطير بين اللبنانيين هو اتفاق القاهرة الذي وقعه عن الدولة اللبنانية العماد اميل بستاني قائد الجيش، وعن منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في 3 تشرين الثاني 1969 بحضور وزيري الخارجية و الحربية المصريين. سمح الاتفاق بالوجود الفلسطيني، المسلح في منطقة العرقوب. كان المفترض ان يجد هذا الاتفاق حلا للتوتر اللبناني الفلسطيني، لكنه ادى الى انقسام اللبنانيين بين مؤيد للاتفاق ومعارض له. واستنادا الى المادة 15 من الاتفاق الذي ظل نصه سريا، على ان تطلع عليه القيادات فقط من دون الحكومة ولا مجلس النواب، ما ادى الى اختمار عوامل النزاع بين اللبنانيين وانفجارها في حرب اهلية عام 1975.
في عهد الرئيس الياس سركيس، بينما كانت الدولة تحاول التوصل الى حل للوجود الفلسطيني بمساعدة سوريا وجامعة الدول العربية اندلع قتال بين وحدات من الجيش اللبناني واخرى من الجيش السوري في شباط 1978 كاد يطيح بكل منجزات تلك المرحلة، لكن اتصالات لبنانية سورية توصلت الى تسوية بانشاء محكمة امنية خاصة تنظر في الجرائم التي تمس امن ومصالح قوات الامن العربية (المقصود السورية) يرأسها ضابط لبناني، ويكون في عضويتها ضباط سوريون. تم انشاء المحكمة بموجب القانون الرقم 2 78 تاريخ 15 شباط 1978 وعينت هيئة المحكمة برئاسة العميد جورج قزي، بموجب مرسوم صدر عن رئاسة الجمهورية. وجلست المحكمة، وقبل ان تتوصل الى اصدار احكام صدر المرسوم رقم 603 تاريخ 19 ايار 1983 في عهد الرئيس امين الجميل، انهى مهام هذه المحكمة استنادا الى الفقرة التاسعة من قانون انشائها.
تسبب اتفاق القاهرة بمضمونه وشكله المخالفين للدستور بحرب اهلية دامت اكثر من 16 عاما، اما المحكمة الامنية الخاصة فقد باشرت بالمحاكمة لكنها الغيت قبل ان تصدراحكاما.

اليوم يواجه لبنان اتفاقا من نوع اخر هو الاتفاق مع الامم المتحدة على انشاء المحكمة الخاصة بلبنان ويعيش تداعيات الانقسام بين داعم لهذه المحكمة ومشكك بصدقيتها، فما هي هذه المحكمة؟
يسمي معظم اللبنانيين هذه المحكمة بالمحكمة الدولية، مع انها ليست كذلك، اذ ان الاسم الرسمي في الاتفاق وفي قرار مجلس الامن هو &laqascii117o;المحكمة الخاصة بلبنان". اما تعبير المحكمة ذات الطابع الدولي، فقد ورد في رسالة رئيس الوزراء اللبناني الى الامم المتحدة بتاريخ 13 كانون الاول 2005 والتي طلب فيها &laqascii117o;انشاء محكمة ذات طابع دولي" من دون ان تظهر فيما بعد في كتابات الامم المتحدة.
جاء في" كتاب المحكمة الخاصة بلبنان" الصادر عن المركز الدولي للعدالة الانتقالية(1): &laqascii117o;المحكمة الخاصة بلبنان ليست مؤسسة تابعة للامم المتحدة &laqascii117o;و"هي محكمة مختلطة او هجينة" و&laqascii117o;الامم المتحدة هي فريق في اتفاق مع لبنان". لقد انشئت المحكمة بموجب اتفاق بين الحكومة اللبنانية والامم المتحدة اقره مجلس الامن بموجب القرار 1757 عام 2007 تحت الفصل السابع باكثرية 10 اعضاء وامتناع خمس دول عن التصويت، بينها دولتان عضوان دائمان هما روسيا والصين. هذا الاتفاق يحمل عيوبا اساسية ودستورية لا يمكن عمل المحكمة في ظل استمرارها وهي:
جاء في مستهل القرار 1757(2) &laqascii117o; ان مجلس الامن اذ يشير الى ان الاتفاق المبرم بين الامم المتحدة والجمهورية اللبنانية بشأن انشاء محكمة خاصة بلبنان قد وقعته الحكومة اللبنانية والامم المتحدة على التوالي في 23 كانون الثاني و6 شباط 2007 &laqascii117o;. والمفارقة هنا ان هذا الاتفاق ليس مبرما استنادا الى احكام الدستور اللبناني، لا سيما المادة 52 منه.كما ان الحكومة اللبنانية ليست الجمهورية اللبنانية بل هي احدى هيئات الجمهورية اللبنانية. ان عدم عرض الاتفاق على مجلس النواب بسبب الخلاف على شرعية الحكومة لا يلغي صلاحيات رئيس الجمهورية الموجود في سدة المسؤولية وقت توقيع الاتفاق، والذي كانت الحكومة تجتمع احيانا برئاسته، وترفع اليه مراسيم للتوقيع، ولم تصرح يوما انه غير شرعي رغم الخلاف السياسي الكبير معه. ويلاحظ ان مجلس الامن تجاهل الرسائل التي ارسلها رئيس الجمهورية في حينه، استنادا لاحكام الدستور يوضح فيها موقفه المعترض على مسار انشاء المحكمة.

- اشار القرار 1757 في مستهله الى رسالة رئيس وزراء لبنان &laqascii117o;التي اشار فيها الى ان الاغلبية البرلمانية اعربت عن تأييدها للمحكمة"وفي ذلك تجاوز لدور وصلاحيات رئيس المجلس النيابي وهو وحده في نظام فصل السلطات من يحق له المخاطبة باسم المجلس بناء على محاضر جلسات يعقدها المجلس وفقا للاصول الدستورية. ان رسالة رئيس الوزراء لا تستند الى اي رسالة من المجلس النيابي. اما ما نشر عن عريضة وقعها نواب فلا قيمة دستورية له، من دون انعقاد جلسة نيابية وفقا لاحكام الدستور اللبناني.
-جاء في مستهل القرار 1757 ايضا &laqascii117o;وإذ يثني على الأمين العام لجهوده المتواصلة من أجل المضي، بمعية الحكومة اللبنانية، في اتخاذ آخر الخطوات اللازمة لإبرام الاتفاق" و&laqascii117o;إذ يشير، في هذا الصدد، إلى الإحاطة التي قدمها المستشار القانوني في 2 أيار 2007 والتي لاحظ فيها ان إنشاء المحكمة عن طريق العملية الدستورية يواجه عقبات حقيقية، ولاحظ فيها أيضا ان جميع الأطراف المعنية أكدت من جديد اتفاقها من حيث المبدأ على إنشاء المحكمة". تعتبر هذه الفقرة اقرارا من مجلس الامن بوجود عقبات دستورية حقيقية لانشاء المحكمة وبان الاتفاق غير مبرم كما ورد سابقا. لقد ورد الشيء وعكسه في مستهل القرار 1757 فهل الاتفاق مبرم ام لا؟! الجواب على هذا الالتباس هو الاحتكام الى الدستور اللبناني الذي يحدد ان الاتفاق غير مبرم وفقا لاحكامه.
-نصت المادة 6 من الاتفاق على ان يتشاور الطرفان بشأن انشاء لجنة ادارة وجاء في كتاب المحكمة الخاصة بلبنان المشار اليه انفا ان لجنة الادارة تتألف من كبار المساهمين الماليين في المحكمة وتترأسها بريطانيا واعضاؤها المانيا وهولندا والولايات المتحدة وفرنسا ولبنان وممثل عن الامين العام للامم المتحدة من دون حق التصويت. وتحددت اهم واجبات اللجنة بالاتي:

- تلقي تقارير التقدم من المحكمة وتأمين النصائح والتوجيه السياسي في كل الامور غير القضائية لعمليات المحكمة ومن ضمنها مسألة الانتاجية والفاعلية.
- التأكد من ان جميع هيئات المحكمة تعمل بشكل منتج وفاعل وتحت المساءلة ومن حسن استخدام الموارد التي قدمتها الدول المانحة من دون الاضرار بمبدأ الاستقلال القضائي.
- تقديم تقارير دورية الى مجموعة الدول المهتمة بالمحكمة (وهو محفل يضم عددا متغيرا من الدول المهتمة بالحصول على معلومات عن المحكمة ويمكن ان تكون داعمة ماليا او غير داعمة).
لتاريخه يلف الغموض عمل هذه اللجنة التي تشبه وزارة العدل في بعض الانظمة، ولم يعرف ما هو النصح والتوجيه السياسي الذي تقدمه للمحكمة، ولا تقارير التقدم التي تتلقاها منها، ولا التقارير الدورية التي تحال الى محفل دول، وصفت انها مهتمة بالمحكمة. ولم يتسرب شيء في الاعلام اللبناني عن كل ذلك رغم ان لبنان عضو في هذه اللجنة.
ـ ورد في المادة 4 من الضميمة المرفقة بالاتفاق &laqascii117o;ان تتنازل السلطة القضائية عن اختصاصها في الجريمة على رئيس الوزراء رفيق الحريري واخرين وتحيل نتائج التحقيق وسجلات المحكمة ان وجدت الى المحكمة الخاصة". استنادا الى احكام المادة 20 من الدستور اللبناني، فان السلطة القضائية تتولاها المحاكم اللبنانية على اختلاف درجاتها ضمن نظام ينص عليه القانون. وهذا يوجب ان تنشأ المحكمة الخاصة بلبنان بموجب قانون، وفقا لاحكام الدستور، كما انشئت المحكمة الامنية الخاصة عام 1978 بموجب قانون.
ولا يجوز في مطلق الاحوال في دولة تعتمد الفصل بين السلطات ان تأمر السلطة الاجرائية سلطة اخرى هي القضائية، بان تتنازل عن صلاحياتها بموجب اتفاق مع جهة خارجية ومن دون نص قانوني. من الممكن اجراء تعديل على الما

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد