قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 1/8/2011

- 'الأخبار'
العراق: الصراع الطائفي بلغ المراقد المقدسة!
علاء اللامي(كاتب عراقي):

تتحرك الطائفية السياسية عبر نشاط منظوماتها وآلياتها الداخلية في الدولة والمجتمع. حركتان متداخلتان تبدوان على تناقض كبير، وهما ليسا كذلك: الأولى، أنّها تتحرك كالمدحلة الفالتة، فلا تكتفي بتدمير ما هو قابل للتدمير وفي متناولها، بل تطاول كلّ العلامات والرموز والبُنْىات المادية والمعنوية المناقضة في العمق لطبيعتها الرجعية تاريخياً والهدامة مجتمعياً. الحركة الثانية، هي أنّها تدور وتناور على شتى الجبهات، لتصفيح صبوات أنصارها وأوهامهم وتحويلها إلى أهداف وشعارات مغلفة باللفظ الوطني والديموقراطي أحياناً. لكنّها تدافع بكل استماتة عما تسلبه من حقوق ومحوزات الطوائف الأخرى، وتعدّه استرجاعاً لمسلوبات حدثت في الماضي. لعل أخطر ما في هاتين الحركتين هو استهدافهما لرموز وبُنْىات مادية ومعنوية، ذات مضامين توحيدية مضادة للتفريق والاستقطاب الطائفي، ضمن دائرة ما يسميه بعض علماء الإناسة والاجتماع &laqascii117o;رأس المال الرمزي". هنا قراءة تحليلية في مثال طازج من العراق. بعد أسابيع على تسيير تظاهرات حاشدة في قضاء سامراء ذي الأغلبية العربية السنية، رفضاً لمحاولة استيلاء الوقف الشيعي العراقي على ضريح ومرقد الإمامين العسكريين هناك، وهما تحت إشراف وإدارة الوقف السني، منذ سنين طويلة، وبعد ما قيل عن قيام متنفذين من الشيعة بعمليات شراء &laqascii117o;غير طبيعية" لأراضٍ واسعة محيطة بالمرقد، أقدمت القوات الحكومية التابعة لـ&laqascii117o;قيادة عمليات بغداد" على اقتحام مرقد الإمام ـــــ أو السيد ـــــ إبراهيم بن علي. ومنعت تلك القوات الأهالي من العرب السنة من زيارة الضريح ودفن أمواتهم أو زيارة قبورهم فيه، كما اعتادوا أنْ يفعلوا، منذ مئات السنين، جنباً إلى جنب مع مواطنيهم الشيعة. السيد إبراهيم هو أحد أبناء الإمام علي الهادي، عاشر أئمة المسلمين الشيعة الاثني عشرية، وكان مرقده على الدوام رمزاً من رموز التواصل &laqascii117o;الضد طائفي" والتوحيد المجتمعي، بين أكبر طائفتين دينيتين في العراق. فكان يوحّد الأهالي بغض النظر عن انحدارهم الطائفي، في المناسبات الحزينة والسعيدة. كان مرقد السيد إبراهيم يقوم بالدور البناء والإيجابي ذاته الذي قام به طوال قرون مرقدا أبيه وعمه في سامراء، حتى حلّت كارثة الاحتلال الأجنبي والإفرازات السياسية والاجتماعية والسياسية التي جاء بها ومنها ظاهرة الطائفية السياسية والإرهاب التكفيري والطائفي الذي فجر المرقد في نهاية المطاف، لتندلع موجة مرعبة من الاقتتال الطائفي.
في نهاية 2004، أقدم مسلحون من تنظيم القاعدة على تفجير المرقد، فبكاه العرب السنّة قبل الشيعة، ولكنّهم توقفوا جميعاً عن زيارة أطلاله أو دفن موتاهم في المقبرة القريبة منه، لأنّ التنظيم لم يكتفِ بتفجير المرقد، بل أهدر دماء كلّ من يقوم بتلك الطقوس والممارسات التي عدّها &laqascii117o;جاهلية لا يقوم بها إلا مشركٌ أو كافر". ثم حلّت نهاية نفوذ تنظيم القاعدة العسكري والمجتمعي، في تلك الأرجاء، وحُرِّر مرقد السيّد إبراهيم والمناطق المحيطة به. غير أنّ تطورات أخرى كانت على وشك الحدوث، لتقطع تلك السيرورة الاجتماعية الطبيعية والمتساوقة مع التراث العلائقي العميق، بين مكونات المجتمع العراقي المتنوع.
لجأت سلطات بغداد إلى تكليف قوات عسكرية تابعة لقيادة &laqascii117o;عمليات بغداد" القيام بتلك المهمة، ولم تُنَطْها بالقوات المحلية التابعة لمحافظة الأنبار، وهذا بحد ذاته انتهاك سافر للدستور ، ولشكل العلاقات بين المركز والمحافظات والأقاليم الاتحادية. السلطات المركزية لم تقرر بعد ضمّ المرقد إلى الوقف الشيعي، ولكنّها في طريقها إلى فعل ذلك. وبعض وجهاء الأنبار قالوا لوسائل الإعلام إنّ لديهم معلومات تؤكد أنّ السلطات المركزية تريد ما هو أكثر من ذلك، هو أنْ تقتطع تلك المنطقة من ناحية الكرمة شرق الفلوجة، وتضمها إلى منطقة الشعلة &laqascii117o;ذات الأغلبية العربية الشيعية"، والتابعة لمحافظ بغداد الكبرى.
من الواضح أنّ المهيمنين سياسياً وأمنياً، وهم من الأحزاب الإسلامية الشيعية ذات التوجهات والخلفيات الطائفية المتباينة الشدّة والوضوح، يسعون إلى انتزاع كلّ ما يمكن انتزاعه من مراقد وأضرحة ومؤسسات دينية مصنَّفة شيعية كان يُديرها الوقف السني، وقد نجحوا في ذلك في أماكن عدّة. لكنَّ هؤلاء، وهم يستعيدون ما يظنونه حقوقاً لطائفتهم، يقومون في الوقت نفسه بتدمير آخر الرموز والعلامات الدالة والمؤسِّسة للتعددية المجتمعية الدينية والقومية العريقة، واستكمال مشروع التطهير الطائفي والعرقي &laqascii117o;الهادئ" لدفن تلك التعددية. من الطبيعي أنَّ الفعل التدميري على الأرض لا توقفه أو تُقَنِّعه الخطابات والمسميات الوطنية الرنانة التي يتسلح بها الطائفيون الشيعية أو غيرهم، لكن قد تعطيه شيئاً من &laqascii117o;المشروعية المنطقية الزائفة" التي تلخصها عبارة &laqascii117o;هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا". ولكنّ أحداً لم يتساءل حتى الآن عن ثمن هذا الاسترداد، وهل هو ثمن طبيعي أم أنّه مستقطع من &laqascii117o;لحم" الوطن الواقعي والتاريخي وتراثه الذي لا يزال حيّاً يناهض مشاريع التطييف والشرذَمة.لم تخرج ردود الأفعال على هذه الممارسات عن دائرة التشنج، والسطحية المختلطة بالأسباب المادية المتعلقة بالعوائد والإيرادات القادمة من إدارة تلك المراقد.
إنّ عملية التطهير والفرز الطائفي التي تنشط الأحزاب الإسلامية الشيعية لإنجازها، تختلف نوعياً عن عملية التطهير والفرز القومي التي أنجزتها، أو كادت، الأحزاب القومية الكردية بهدوء في المناطق التي تخضع لسيطرتها. هاتان السيرورتان للتطهير والفرز هما أخطر ظاهرتين سلبيتين أفرزهما واقع الاحتلال الأجنبي ومشروعه السياسي المعبَّر عنه بنظام حكم المحاصصة الطائفية والعرقية، على أرضية ما يسمونه &laqascii117o;العملية السياسية". ولكن هل يطعن وجود السبب المادي والمالي في مشروعية الدفاع عن تلك الرموز التوحيدية المجتمعية، في وجه المدحلة الطائفية المقابلة؟ طبعاً لا، لكن سيكون من المفيد تزويد هذا الدفاع بعمقه الوطني والديموقراطي المفتوح على شبكة الأهداف العامة للحركة الوطنية الديموقراطية العراقية التي طال انتظار ظهور قطبها الحقيقي. ولعل طول الانتظار يرتبط بالنوعية المرتجاة لهذا القطب بأنْ يكون متمايزاً ومنفصلاً ومختلفاً عن الكيانات والأحزاب السائرة في سياقات العملية السياسية الاحتلالية التي ارتكبت بحق شعبها أكبر الخطايا والآثام السياسية عبر تبنيها عملياً لخيار الحرب والاحتلال لإسقاط الدكتاتورية البعثية الصدامية أولاً، وباصطفافها مع المشروع الاحتلالي منذ بداياته في &laqascii117o;مجلس الحكم" السيئ الصيت، وما جاء بعده.
إنّ مطلب وضع كافة المرافق والأوقاف والنشاطات المالية للمرجعيات الدينية تحت الإشراف المباشر والعلني لمؤسسات الدولة، سيبقى مطلباً صحيحاً، ولكنّه ليس آنياً وعاجلاً، فهو لا يتقاطع أو يتناقض مع ضرورة الدفاع عن وجود رموز التواصل والتوحيد المجتمعي ومثالهما في مراقد أئمة المسلمين الشيعة التي يجب أن تبقى كما كانت، في عهدة الأوقاف السنية، مثلما يجب أن تبقى مثليتها السنية في عهدة الوقف الشيعي، إنْ وجدت.
ليس لدينا أيّة أوهام في هذا الصدد، فمن المنتظر والمتوقع أنْ تقيم الأطراف والمرجعيات الدينية الدنيا، ولا تقعدها، لمجرد التلويح بوضع ثرواتها ومواردها المالية الضخمة تحت إشراف الدولة وسلطات الضرائب، ولا جديد في هذا الصدد، فقبل أكثر من قرن كتب ماركس ما معناه: &laqascii117o;إنّ الكنيسة يمكن أنْ تكون مستعدة لمناقشة مبادئ الإيمان الكنسي الثلاثة والعشرين كلّها، ولكنّها غير مستعدة أبداً لمناقشة إمكانية حجب أو استقطاع 1% من ثرواتها ومواردها المالية من قبل أيٍّ كان!".
إنّ الوقوف في وجه المدحلة الطائفية السياسية اليوم بهدف إنقاذ رموز التوحيد والتواصل الوطني والمجتمعي له الأولوية. أما تنفيذ سياسة ديموقراطية حيادية فعالة في التعامل مع الكيانات والمرجعيات الدينية والطائفية فيمكن أنْ يكون أحد أهم أهداف مرحلة ما بعد جلاء الاحتلال واستعادة الاستقلال الوطني الحقيقي، وكنس حكم المحاصصة الطائفية واستبداله بنظام ديموقراطي علماني متين.


- 'النهار'
'النهار' تروي كواليس 'انتاج' قانون تحديد المناطق البحرية.. 'اتفاق ثلاثي' بلور الاقتراح وجهد للجنتي الأشغال والسرايا
منال شعيا:

وأخيرا، سيكون للبنان اقتراح قانون يحمي حقوقه النفطية وثروته. فالقصة مع النفط 'ساخنة' وطويلة. تارة يفاجأ اللبنانيون باتفاق بين لبنان وقبرص يأخذ من مساحة لبنان نحو 9 في المئة، وطورا يكتشفون ان اسرائيل غارقة في نهب نفطنا ومياهنا، فيما السلطات اللبنانية لا تملك الحدّ الادنى من المقوّمات القانونية التي تحمي ما هو حق للبنان.هذا الواقع تبدّل اخيرا، حين كشفت لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النيابية 'النقاب' عن الاتفاق الشهير بين لبنان وقبرص الموقع عام 2007. منذ تلك اللحظة، بدأت السعي الى ايجاد مخارج تستعيد حقوق لبنان. ثم، تسارعت الاحداث، وبدا واضحا ان اسرائيل تقتنص اي فرصة لاخذ ثروة لبنان النفطية، فكان امام لجنة الاشغال اطلاق ورشة لوضع قانون نهائي يشكلّ الارضية الصالحة للانطلاق، على ان تعقبه قوانين تفصيلية اخرى.
هذا الجهد الاشتراعي تولاه رئيس اللجنة النائب محمد قباني، وسيترجم اليوم باجتماع مهم تعقده العاشرة والنصف قبل الظهر لمناقشة الاقتراح قبل عرضه على الجلسة الاشتراعية الاربعاء المقبل.
وعلمت 'النهار' ان الاجتماع سيضم ممثلين عن الوزارات وبعض النواب المهتمين، ولا سيما اعضاء هيئة مكتب مجلس النواب. هؤلاء سيناقشون بندا وحيدا هو اقتراح قانون تحديد المناطق البحرية.
بداية القصة
قصة اقتراح القانون بدأت حين بوشر العمل على مستويات ثلاثة: اولا لجنة الاشغال ورئيسها قباني، ثانيا رئيس مجلس النواب نبيه بري، وثالثا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. اسفر عن هذا 'الاتفاق الثلاثي' عمل واحد مهدّ له الاتفاق بين بري وميقاتي على اقرار اقتراح القانون المنتظر.
وانطلاقا من هذا الاجتماع، بدا ان 'عدّة الشغل' باتت في يد قباني، مقدّم اقتراح القانون. على هذا الاساس، انطلقت الورشة النيابية، والتي ضمت عددا من الخبراء في القانون الدولي، وخصوصا قانون البحار، وديبلوماسيين وعسكريين.
اهمية اقتراح القانون انه يأتي ترجمة لاتفاق الامم المتحدة لقانون البحار عام 1982. كان هذا الهدف هو محرّك عمل الورشة التي استمرت نحو اسبوعين في اجتماعات متتالية، عقدها اولا قباني مع بري وميقاتي، ثم مع مستشار ميقاتي جو عيسى الخوري لمتابعة الموضوع.بفضل هذا التنسيق، كانت الورشة النيابية تقابلها اجتماعات في السرايا برئاسة الخوري وعدد من ممثلي الوزارات والادارات، الى ان أتت الحصيلة: اقرار مسودة اولى للاقتراح.وحمل قباني المسودة الى بري ليبلغه ان نص الاقتراح سيكون جاهزا اليوم، وان لجنة الاشغال في جلستها ستوفر الفرصة للمجتمعين للاستماع الى ملاحظات الحكومة والنواب معا.ووفق معلومات لـ'النهار' فان الجلسة التي ضمت ميقاتي وقباني، رسخت اتفاقا واحدا بين الرجلين، بدا معها واضحا ان 'الجبهتين' التنفيذية والاشتراعية تعملان في اتجاه موحد. اذ ليس ثمة مجال مفتوح للمزايدات السياسية او لتصفية حسابات بين المعارضة والموالاة. على العكس تماما، اتفق الطرفان على ان يعرض مضمون الاقتراح في جلسة لجنة الاشغال اليوم، ومن ثم يعرض كمشروع قانون في جلسة مجلس الوزراء غدا، وبما انه ليس ثمة وقت كاف لإحالة مشروع القانون رسميا من مجلس الوزراء على مجلس النواب قبل موعد الجلسة الاشتراعية، يوم الاربعاء، فان اقتراح القانون هو الذي سيعرض في الجلسة النيابية وسيكون مجلس الوزراء قد اطلع عليه. على هذا الاساس، حصل العمل استباقا للوقت وافساحا للمجال امام مزيد من التنسيق. ففي الوقت الذي كانت الورشة النيابية تتخذ في مسودتها الاولى قانونا موسعا من 50 مادة، كانت لجنة السرايا تعدّ مشروعا يركز على المنطقة الاقتصادية الخالصة. ومع تقدّم العمل، وتحديدا خلال الـ48 الساعة الاخيرة وتبادل المعلومات بين الجانبين، اختصرت الورشة النيابية اقتراح القانون وتوسعت لجنة السرايا في العمل، مما ادى الى تقارب في الموضوع.يوم السبت الماضي، اطلع قباني بري على المضمون، ثم شارك في الاجتماع الاخير للجنة السرايا برئاسة ميقاتي بهدف الوصول الى مجلس النواب بنص موحد ونهائي، وكانت النتيجة: بات للبنان قانون يحدّد المناطق البحرية.
عناوين القانون
جهد متواصل وحركة سريعة استطاعت ان تبلور قانونا. 'النهار' حصلت على ابرز عناوينه، وفيه 'تأكيد واضح لالتزام لبنان احكام اتفاق الامم المتحدة'، واللافت ان الاقتراح يحدّد المفاصل الاساسية التي تشمل خطوط الاساس وهي باختصار الحد الفاصل بين البر والبحر بالنسبة الى لبنان والتي تبدأ بنقطة ب ـ ا جنوبا وهي نقطة الهدنة، وشمالا منتصف مصبّ نهر الكبير اي الحدود مع سوريا. كما ان الاقتراح يحدّد المياه الداخلية بأنها تلك التي تفصل خط الاساس عن البر اللبناني، ويحدّد المياه الاقليمية التي تمتد 12 ميلا بحريا عن خطوط الاساس وبعد ذلك المنطقة المتاخمة التي تبعد 12 ميلا اضافيا ايضا اي 24 ميلا عن خط الاساس. واذ يتحدث الاقتراح عن الجرف القاري الذي يعتبر ضيق المساحة في لبنان، يتطرق الى المسألة الاساسية التي تحمي حدودنا وهي المنطقة الاقتصادية الخالصة اي Exclascii117sive Economic Zone (EEZ) لكون هذه المنطقة تضم حقوق لبنان في ثرواته النفطية.هذه العناوين القانونية تعتبر نقطة الانطلاق لحماية لبنان، وخصوصا ان هذا الاقتراح يشمل تفاصيل عدة متعلقة بحقوقه وواجباته في كل هذه المناطق، مثل ما يسمى المرور البريء للسفن ومرور السفن الحربية ومواضيع متعلقة بصيد الاسماك والبيئة والجزر الاصطناعية والبحث العلمي وغيرها. ومن المقرر ان تلي هذا القانون قوانين تفصيلية اخرى او مراسيم تطبيقية وفق ما هو مطلوب، اي ان تتولى مثلا وزارة الزراعة العمل على اعداد مشروع قانون متعلق بالثروة الزراعية والاسماك، ووزارة البيئة تهتم بالقوانين المتعلقة بالحفاظ على البيئة البحرية، ووزارة الثقافة بما هو يتعلق بالمكتشفات الاثرية، ووزارة الدفاع تهتم بما يعود الى السفن الحربية او المواد الخطرة.هذه هي قصة القانون الذي سيحدد مناطقنا البحرية، وفور صدوره يودع الامم المتحدة، بعد نشره في الجريدة الرسمية. وسيكون امام النواب يوم الاربعاء جدول اعمال مثقل بـ67 بندا، الا ان الاهم ان يعوا خطورة المرحلة، ويضعوا المزايدات جانبا ليجندّوا نشاطهم الاشتراعي نحو اقرار قانون المناطق البحرية سريعا، بدل الاكتفاء بتصريحات لا تعيد الى لبنان حقه المهدور.


- 'السفير'
نحن جبناء يا معالي الوزير!
نصري الصايغ:

من زمان، كنا نبالغ في تأثيم لبنان. أحيانا، كنا نعتبره شقيقاً ونداً لصقلية. وننسبه إلى أشطر المافيات على الاطلاق. كان هذا، حديث صحافة وكلام أناس عاديين، اعتادوا على جلد الذات وجلد البلد. ولم يحصل أن توقف أحد عند اتهام النشاط اللبناني في السياسة والاقتصاد والمال والأمن والصحة والتربية.. بالمافيوي. إلى أن صرّح وزير الصحة علي حسن خليل بما يلي: &laqascii117o;لعبة مافيات مركبة تتحكم بمفاصل القطاع الصحي... بين موردي الأدوية والمستلزمات الطبية والأطباء والمستشفيات والصيادلة". وبرغم هذا التصريح الاتهامي الخطير، لم يتوقف أحد عنده. كأن لبنان، ينظر إلى اللعبة المافيوية على أنها قديمة وعامة. ولا لعبة سواها. فالوزير لم يكتشف البارود. وما كنا نكتبه لم يكن كشفا يستحق القراءة... فنحن، بحكم عبقرية التيئيس، منحنا اللعبة المافيوية، براءة أخلاقية، وصرنا نجيد اللعبة، على المكشوف، بكل الاحترام المفترض، وتقاليد الاعتبار، والأسلوب المرموق في السياسة.مناسبة هذا الكلام، ليس تصريح وزير الصحة. كلامه لا جديد فيه. هو معروف منذ ما قبل الوزير &laqascii117o;المقهور" اميل بيطار. وهو موثق ببيانات ومدعم بوقائع، كررها مراراً، حارس الصحة النائب السابق اسماعيل سكرية.مناسبة هذا الكلام، ملف أعدته مجلة &laqascii117o;لو بوان" الفرنسية، عن المافيات التي وجدت مكان اقامة لها في فرنسا، بعيد سقوط الاتحاد السوفياتي، قادمة من بلاد البلطيق والبلقان وجورجيا والشيشان، وبعيد انتشار العولمة العنكبوتية، واعتماد أرباب الاقتصاد والسوق فيها، سياسة المافيوزو الشرعية.اللافت في الملف، ان فرنسا ليست الأم التي تلد وتربي المافيات. وسبب ذلك، ليس عفتها الأخلاقية، بل بنية دولتها المركزية التي منعت قيام دويلات داخل الدولة. لقد ثبت ان المافيا تفقس بيوضها القذرة في الدول الضعيفة، وفي الدول التي تشغل فيها الديموقراطية دور الرجل المريض، وفي الدول التي يسود فيها استبداد دائم وطويل الأمد، وفي المجتمعات المنقسمة إلى قبائل وعشائر وطوائف... والغريب، أن لبنان في هذا السياق، يعتبر منتجاً لمافيات محلية ذات ربحية ممتازة، انما، لم ترق إلى مستوى العولمة، من حيث الانتشار والريادة. واللافت في الملف أيضا، الحديث عن البنية الهرمية المؤسساتية التي تنتظم فيها آليات الجريمة والسرقة والدعارة والمال، والعابرة للحواجز كافة والمجازفة بكل المعايير، والقادرة على توظيف الدين ومؤسساته وصولا إلى سوق المخدرات والرقيق الأبيض.غير أن المافيات في اوروبا والغرب، ليست الدولة ولا مؤسساتها. هي خارج الدولة، وتستعين على اختراقها بالرشوة والتهديد والتوريط... صداقة المافيا للدولة سرية وغير شرعية ومراقبة وتتعرض للملاحقة والقصاص. وبرهنت أجهزة القضاء في أحيان كثيرة، عن جدارة وجسارة في ملاحقة المافيات وإسقاط رؤوسها المجرمة.لبنان، يشذ عن هذه القاعدة. فنظامه التأسيسي، مافيوزي معلن. والفساد دين الدولة المالي والاقتصادي، والسرقة صلاته اليومية. ومكافأة المافيوزيين مضمونة في الادارة والسياسة والاقتصاد والأمن والقضاء والصحة والتربية.وليس غريباً في هذا السياق، ان تكون لنا طبقة سياسية حاكمة تنتمي إلى آل كابوني، وتستوطن بلداً جميلاً يدعى لبنان، فيما هو زقاق ضيق من أزقة صقلية.ومع ذلك... &laqascii117o;برافو" علي حسن خليل! انما... هل تجرؤ على تسمية أحد... أو الإشارة إليه من بعيد؟نحن مثلكم... نعرفهم جيداً، ولا نجرؤ على تسمية أحد منهم. اننا جبناء.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد