قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 4/8/2011

- 'المستقبل اليوم'

ـ يتردد المتابع كثيراً في تصديق ما يسمع، وللوهلة الأولى يحسب أن حواسه قد أصيبت بالعطب الذي يضرب البلاد منذ آماد ليست بالقصيرة، ذلك أن هذه المواقف والتوجهات التي بدأت تتكشف عن حكومة حزب السلاح لا تعكس توجهاً كيدياً تفوح منه رائحة الاستئثار ونزعة الإلغاء فحسب، بل تكشف توجهاً لنهج تدميري يريد التضييق على الحريات، وخصوصاً الإعلامية على طريقة الأنظمة الشمولية البائدة.
الموقف المستهجن الذي جرى تداوله في مجلس الوزراء أول من أمس إزاء ما سمّاه ثرثار موتور 'الإعلام الفالت' في تغطيته للأحداث الدموية في سوريا، موقف نافر ويمثّل الملامح الأولى للسياسة الكيدية لحكومة 'حزب الله'.
حرب استباقية - إلغائية يشنها الحزب الحاكم، فبعد التعطيل والتهديد والتوتير والترهيب والتخوين والتحريض واستجلاب الفتن وقلب الحقائق، والتعرض للمقامات والصلاحيات والتنكر للعدالة، تلوح في الأفق منذ فترة، نذر حملة جديدة قديمة تهدف إلى الانقضاض على ما تبقى من النظام اللبناني القائم، ليس من مدخل السلاح أو إلغاء المؤسسات، بل بكتم صوت الإعلام وخنق الحريات. خطابٌ 'بلطجي' ينتمي إلى عصر آخر.. إلى زمن ما قبل ثورات الربيع العربي، وروحه الحريات بكل تجلياتها.الإعلام الموعود عند هؤلاء هو ذلك الذي يستعيد مشهدية العَراضَات والهتافات والنفاق السياسي المغلّف بشعارات الروح والدم، وكل أنواع الارتهان والتكاذب، مصحوباً بصَليات الشتم والتخوين ونشر الأكاذيب. هو الوجوه الصفراء واللغة الخشبية إياها التي عفا عليها الزمن وتجاوزتها الأحداث فباتت خارج زمانٍ، هو، للمفارقة، ربيعُ العرب بامتياز.انتهى زمن الصمت.. فالزمن زمن اجتراح الشرعية بقوة الحق، والعدل، والحريات. وفي مواجهة الترهيب والظلامية والشمولية والبطش والقتل بدم بارد... لا مجال للخوف أو للمزيد من السكوت.


من عهد الوصاية السورية إلى عهد وصاية السلاح
مسلسل حرب الإلغاء ضد الحريري 1998 ـ 2011
حمْلة الجنازير والمصالح وتقارير 'المواطن الصالح'

ـ 'المستقبل'

في هذه الحلقة، يسلّط الزميل جوزف الهاشم الضوء على بعض 'قصص' تلك الحقبة السوداء، المشبعة بالملفات المفبركة والسجن والتوقيفات التعسفية، وما رافقها من ضغوط ومحاولات إذلال وكسر معنويات، طالت عشرات الموظفين الكبار والمدراء العامين الشرفاء، لا لسبب وجيه إلا انتماؤهم الى خط الرئيس رفيق الحريري، واتبعوا لتحقيق ذلك طرقا ًللاعتقال استوحوها من الافلام البوليسية. يبقى أبرزها ما تعرض له، وبأوامر 'من فوق'، كل من المدير العام لمرفأ بيروت المهندس مهيب عيتاني الذي زُج به في السجن بسبب جنزير، ومحافظ بيروت نقولا سابا الذي سُجن لقمعه المخالفات ولعدم مخالفته القانون وقرارات مجلس الوزراء، لتكتمل 'قصص الحيّات' بفضيحة الفضائح مع تقارير 'المواطن الصالح' الذي فبرك مع أجهزة النظام الامني 22 دعوى بحق المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات الدكتور عبد المنعم يوسف خلال أسبوع (...).


&laqascii117o;رسالة من تحت الماء"
دينامو السلام المفقود في المشرق

ـ 'السفير'
جمال دانيال:

في عالم مضطرب يرخي بظلاله على صناعة الطاقة وأسعار النفط، تخضع العقود التي تحكم العلاقات المعقدة بين شركات النفط والبلدان المضيفة لآليات تدقيق على نحو متزايد.
ويحظى البند المسمى بـ&laqascii117o;القوة القاهرة" (الحالة التي يصبح فيها تنفيذ العقد مستحيلاً لسبب أو لآخر) بأهمية خاصة، إذ يُعنى بدراسة البيئة السياسية الإقليمية التي تؤثر على تنفيذ وتشغيل الامتيازات المحددة للشركات.
في خطابه قبل نحو عشرة ايام، حرك الأمين العام لـ&laqascii117o;حزب الله" السيد حسن نصر الله، بشكل غير مباشر، &laqascii117o;جيشاً" من محامي الطاقة الدولية يعملون على إيجاد التعريف الممكن، الأكثر شمولاً، للبند المذكور أعلاه، وذلك من اجل منح العملاء، الشركات التي تود الانخراط في اللعبة النفطية في المنطقة، هامشاً أوسع من المناورة عندما يشرعون في قياس نفقاتهم الرأسمالية مقارنة بالفترة الزمنية الممكنة لتحصيل عوائد استثمارهم. في الواقع، إن شركات النفط الدوليّة سوف تطلب الحماية وفق هذا البند، في الوقت نفسه الذي ستضمن فيه الحفاظ على حقوقها التعاقديّة. وفي حالة تحقّق سيناريو تقاسم الإنتاج، سوف تركز هذه الشركات اهتمامها على تطبيق الحجز الاحتياطي، بغض النظر عن احتمالات تحقق شروط القوة القاهرة.
في الواقع، إن الصيغة التي حددها نصر الله بوضوح تبدو مشابهة لشروط القوة القاهرة في مجمل العقود الموقعة للتنقيب عن النفط وإنتاجه في أنحاء الحوض، من اسرائيل حتى قبرص فلبنان وسوريا. أما منطقة الردع التي عاشت فيها المنطقة منذ حرب 2006 فقد توسعت اليوم لتصل إلى البحر.
نبذة عامة عن الأبعاد الثلاثة في البحر:

1- لائحة شروط مرحلة ما قبل المناقصة:
بغض النظر عن الخلاف حول توزيع الحصص، وإعادة توزيعها بما يخدم اسرائيل في استنزاف الاحتياطات اللبنانية من خلال تقنية الحفر الأفقي التي تعتمدها، فإن الشركات النفطية ستظهر متلهفة للمشاركة في جولات المناقصة التي يقدمها كل من لبنان، سوريا أو قبرص. فخلافاً للاشتراك في مشاريع هيدروكربونية مشابهة في اسرائيل، لن يشكل العمل مع حكومات البلدان الثلاثة المذكورة آنفاً خطراً على الشركات المعنية، لا سيما أن &laqascii117o;المقاطعة الصامتة" المفروضة من قبل غالبية الدول المصدرة للنفط تجاه اسرائيل قد لا تدخل حيّز التطبيق.
وبالتالي فإن الأجواء التنافسيّة التي أوجدتها هذه المجموعات من الشركات النفطية المستعدة للعب فقط على الجانب غير الإسرائيلي من الحوض، في مرحلة ما بعد الترسيم، يعطي فرصاً واضحة للاعبين آخرين في المنطقة.
2- &laqascii117o;المحرّك الأول" لأسطورة &laqascii117o;بونانزا":
صحيح أن اسرائيل استفادت من كونها أول من شرع في التنقيب عن النفط وانتاجه على جانبها من الحوض، من خلال تعاونها مع شركة نوبل للطاقة، التي تتخذ من هيوستن مقراً لها، إلا أنها فشلت في اجتذاب أي شركات أخرى للاستثمار في مياهها، على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها خلال السنوات الخمس الأخيرة.
تستخدم اسرائيل إنتاجها، بالتعاون مع شركة نوبل للطاقة، لدعم الشبكة الاسرائيلية المحلية. غير أنها، وعلى غرار خططها في جذب أي عملاء جديين، فشلت في وضع خطط لتصدير الغاز الطبيعي جراء المخاوف نفسها المتعلقة بـ&laqascii117o;جو المقاطعة غير الرسمي" على امتداد الحوض. علماً ان محاولات عدة للالتفاف حول الأمر، ومنها تصدير الغاز إلى قبرص ومزجه بالغاز القبرصي، هي قيد الدراسة في المرحلة الراهنة.
يُذكر أن سيناريو مماثل (السيناريو القبرصي) ممكن تحقيقه اقتصادياً إلا انه يشكل تحدياً تقنياً (نظراً لعمق المياه الأمر الذي يخلق صعوبة بالغة لجهة التمديدات بين البلدين)، وفوق ذلك كله، فإن اسرائيل قد تجد نفسها في دائرة المقاطعة الصامتة مرة أخرى.
وعلى النقيض من ذلك، فإن الجانب اللبناني من الحوض والممتد وصولاً إلى قبالة سواحل طرطوس في سوريا، يمثل منطقة آمنة لتحرك شركات النفط، وهو أمر يتيح إنشاء برنامج صارم للتنقيب والإنتاج، يدير العوائق المترتبة عن حالة القوة القاهرة. ومن هنا، فإن احتمالات تحقيق فوائد عالية وسريعة في الجانب غير الاسرائيلي من الحوض تبدو أكثر وضوحاً وبديهية.
3- عائد النفط: الداعم للتكامل من اجل السلام:
احتمال وجود هذه الاحتياطات الكبيرة من النفط في حوض البحر الأبيض المتوسط، يعني أن هناك عوائد تقدّر بمليارات الدولارات ستدخل في المعادلة لدى أطراف الصراع الدائر إقليمياً. إذاًّ، ثمة حقيقة مالية جديدة تضاف إلى معادلة السلام للمرة الأولى منذ سنوات عدة، مفسحة بذلك المجال امام إمكانية حقيقية لتحقيق التكامل الاقتصادي. وللمرة الاولى، فإن تغذية عملية السلام يصبح مرتبطاً بثروة المنطقة، على عكس العمليات السابقة التي كانت تعتمد على سياسة &laqascii117o;الجزرة" المالية الأميركية. وبذلك، فإن الحوافز المالية لعملية السلام سوف تطرح كوصفة جديدة على طاولة البحث في الشرق الأوسط. ويأتي مثل هذا التطور المالي في الوقت المناسب، حيث ان الدول الغربية المنخرطة في المشهد السياسي المشرقي تواجه تحولا متناقضاً، إذ ان حاملي الجزرة الغربيين هم اليوم إزاء خفوضات مالية حادة في ميزانياتهم، الأمر الذي يؤثر بدوره على قدرتهم المالية على دعم بقية دول العالم.
لقد سجلت تصريحات نصر الله الأخيرة، التي كان لها وقع الألغام البحرية، علامة فارقة في الصراع، إذ انها فتحت المجال نحو مرحلة اقتصادية جديدة قائمة على الردع. ولذلك، فإن على اسرائيل الانتقال بالمنطقة إلى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، إذا رغبت في الحصول على دعم الشركات النفطية بغية استغلال احتياطاتها النفطية، أو لقبول أي خطط &laqascii117o;موحدة" للتنقيب في المناطق البحرية المشتركة. وفي النهاية، قد تستطيع السياسة المتنازعة على الأرض إيجاد قضية مشتركة في البحر.  (مترجم عن الانكليزية)


الاستراتيجيّة الكبرى للبنان(1)

ـ 'السفير'
الياس حنا:

ان جُلّ ما يمكن قوله عن لبنان، هو انه لا يملك ايّة ثقافة إستراتيجية. فالثقافة الاستراتيجيّة هي ثقافة تتكون من تراكمات تاريخيّة تتألّف مكوّناتها من العوامل التالية: التاريخ، الجغرافيا، التقاليد، الدين، كيفيّة التعامل مع المخاطر، كيفيّة وعي الذات والآخر....الخ. وقد يمكن القول، ان لكلّ حضارة ثقافة استراتيجيّة خاصة بها. فعلى سبيل المثال، تعتبر اميركا دولة بحريّة، فقط لانها على حدود محيطين (الأطلسي والهادئ). من هنا سيطرتها على البحار، ومن هنا رؤيتها الاستراتيجيّة الكبرى بالاتجاه الآسيوي كما الاوروبيّ.
ايضا، لدى اسرائيل ثقافة استراتيجيّة خاصة بها تقوم على التجربة التاريخيّة الخاصة بالشعب اليهوديّ، ان كانت التجربة في القِدَم ام في العصر الحديث، مع نبوخذ نصّر او مع الرومان، او حتى مع الاغريق.
ومع الاغتصاب الاكبر للارض في تاريخ المنطقة، وبعد إعلان الكيان الصهيونيّ، بدأت تتكوّن ثقافة استراتيجيّة تراكميّة ترتكز على الجغرافيا، الطوبوغرافيا وحتى مع الديموغرافيا.
مثّل فكر ديفيد بن غوريون المُرتكز الاهمّ لهذه الثقافة الإستراتيجية، والذي قام على المبادئ التاليّة:
÷ خوض الحرب على ارض العدو - بسبب عامل العمق الاستراتيجيّ، طولا وعرضا
÷ يجب ان تكون الحرب خاطفة وسريعة – لان الجيش الإسرائيلي يقوم على الاحتياط بنسبة 80%، فلا يمكن شلّ البلاد لفترة طويلة.
÷ لا لحروب الاستنزاف – بسبب أهمية العنصر البشريّ.
÷ ضرب العدو بطريقة تجعله غير قادر على المدى القريب على استعادة توازنه استعدادا لحرب مقبلة.
÷ نتج عن هذه المبادئ مبادئ فرعيّة، كالحفاظ على التفوّق النوعي في الاسلحة، كما احتكار ملكيّة أسلحة الدمار الشامل خاصة النوويّ منها، كما تأمين راع دولي مهمّ – اختار بن غوريون الولايات المتحدة الأميركية بدل بريطانيا لانه شعر ان هذه الأخيرة سائرة الى الهبوط عن عرش القوى العظمى.
لكن عدم توفّر ثقافة استراتيجيّة في لبنان، يعني حتما ان له ما يُسمّى بالثقافة الاستراتيجيّة السلبيّة، التي تقوم على ردّ الفعل وليس الفعل. تقوم على قدريّة معيّنة، اي القبول بالقدر الجغرافيّ لبلد الارز على انه دائما محور التلاقيّ والصراع بين الغرب والشرق، قبل المسيح وبعده، قبل خسارة فلسطين وبعدها وحتى الآن. انه تلك المنطقة التي يُطلق عليها في علم الجيوبوليتيك &laqascii117o;المنطقة العازلة"، ( Bascii117ffer State). فهي منطقة تُخلق اذا لم تكن موجودة، فعلى سبيل المثال، خٌلقت كل من الاورغواي والباراغواي كدول عازلة لفصل الارجنتين عن البرازيل. كما خلقت افغانستان بحدودها الحاليّة خلال اللعبة الكبرى في وسط آسيا لفصل مصالح بريطانيا في الهند عن مصالح روسيا القيصريّة.
ماذا عن الاستراتيجيّة الكبرى؟
في التعريف العام للاستراتيجيّة، هي تلك الفكرة - الرؤية التي تربط الاهداف بالوسائل بهدف تحقيق الاهداف السياسية. إذاً الاستراتيجية هي في خدمة السياسة لا العكس.
اما المفكّر الانكليزي والمؤرّخ بول كيندي، فهو يُعرّف الاستراتيجيّة الكبرى على انها:
&laqascii117o;قدرة قيادات امّة ما، على جمع كلّ عناصر القوّة، العسكريّة منها وغير العسكريّة، بهدف الحفاظ، تدعيم وتحقيق الاهداف - المصالح البعيدة المدى، إن كان في فترة السلم ام الحرب".
إذاً، هل هناك استراتيجيّة صغرى، وأخرى كبرى؟

ممكن، إذ لكلّ مستوى من مستويات الدولة في كل ابعاد عناصر القوّة لديها، هناك استراتيجيّة. للعسكر استراتيجيّة، للاقتصادييّن استراتيجيّة، للسياسة الخارجيّة استراتيجيّة، لكن شرط ان تتلاقى كلّها في بوتقة واحدة تحت قبّعة الاستراتيجيّة الكبرى، وهذا عمل يعتبر مُضنيا، طويل الامد، وهو مسار وليس قرارا. فعلى سبيل المثال، لتحقيق الاهداف القوميّة استراتيجيّة معيّنة. وهي، اي الاهداف، التي قد تذهب الامم من اجلها الى الحرب، وقد لا تذهب بسبب النقص في القدرات القوميّة. اما المصالح الحيويّة والتي تهدّد الكيان، فهي المصالح التي تقاتل الامم وتموت من اجلها. فعلى سبيل المثال، قبلت باكستان مساعدة اميركا بعد 11 ايلول لضرب نظام طالبان، مع انه يعتبر من المصالح القوميّة لباكستان – كعمق استراتيجيّ ضد الهند. لكن بعد ان انتقلت اميركا الى ضرب الطالبان – الباشتون داخل باكستان، انتفضت باكستان لأن هذا يمسّ الاهداف الحيويّة – وحدة باكستان.
إذاً، هل تتكامل الاستراتيجيّات الصغرى، وتتقاطع في مكان ما كي تتحقّق اهداف الاستراتيجيّة الكبرى السياسيّة؟ بالطبع، من هنا صعوبة العمل في هذا المجال.
لكن الاستراتيجيّة عامة، تتأثّر بالظرف القائم، من النظام الدوليّ، الى الاقليميّ وحتى الى النظام الاقتصاديّ العالميّ، ضمنا مدى درجة التقدّم التكنولوجيّ –Contextascii117al. فعلى سبيل المثال، وحسب المفكّر الاميركيّ ولتر راسيل ميد –Walter Rascii117ssell Mead- قامت اولويات الولايات المتحدة في استراتيجيّتها الكبرى خلال الحرب الباردة على الترتيب التالي:

÷ في المرتبة الاولى اوروبا الغربيّة كمسرح اساسيّ ضد السوفيات
÷ في المرتبة الثانية تأتي شرقيّ آسيا
÷ اما في المرتبة الاخيرة، فيأتي الشرق الاوسط – حتى مع النفط، والذي كان مضمونا تقريبا
بعد 11 ايلول، انتقلت اوروبا من المرتبة الاولى الى الثالثة، ليحل مكانها الشرق الاوسط، لتحافظ شرق آسيا على ترتيبها الثاني. من هنا ضرورة فهم ما يجري في منطقتنا من ثورات وهميّة وانقلابات وتحوّلات جذريّة. فلقد اصبح الشرق الاوسط منطقة العصر، والممر، للجبار الى آسيا خلال انتقاله من اوروبا –Shatter Belt. وهذا امر يذكّرنا بما قاله مكيافيللي في صعوبة الانتقال من نظام الى آخر، وصعوبة التأقلم خاصة للقوى الصغرى. فها نحن في العالم العربي، وخاصة في لبنان ندفع الفواتير الدمويّة واحدة تلو الاخرى، في ظلّ عدم توفّر بصيص امل في الافق.
على كلّ على الاستراتيجيّة الناجحة ان ترتكز على العوامل التالية:
÷ يجب ان تكون مقبولة.
÷ مناسبة.
÷ ممكنة – اي توازن الاهداف مع الوسائل كما نظّر المفكّر البروسي الكبير كارل فون كلوزفيتز. هذا عدا صفة الليونة والقدرة على التأقلم.
يقول البعض الآخر، ان على الاستراتيجيّة ان ترتكز على:
÷ ما تريده السياسة.
÷ ما تسمح به التكنولوجيا.
÷ وما يقبله الرأي العام.
ما هي التحّديات امام الفكر الاستراتيجيّ – الاستراتيجيّات؟
لان شروط نجاح الاستراتيجيّة كثيرة ومتعدّدة. ولانها كما قلنا تتعلّق مباشرة بالظروف التي تُنتج فيها. إذا هي اليوم تتعلّق مباشرة بظاهرة العولمة ونتائجها –Globalization. كما تتعلّق بتراجع دور الامّة – الدولة –Nation State، وحتى دور وتأثير المنظمات الدوليّة، والمنظمات غير الحكوميّة، الخيريّة منها كما الارهابيّة – تنظيم القاعدة مثلا.
فعالم اليوم هو عالم مجتمع المخاطرة كما يقول عنه المفّكر الالمانيّ اولريتش بيك –Risk Society. وهو عالم اصبحت فيه القوّة –Power- موزّعة على الكثير من اللاعبين كما يقول المفكّر الاميركيّ جوزف ناي، وليست محصورة فقط في يد القوى العظمى والكبرى. فلنتأمّل مثلا تأثير تنظيم القاعدة بعد كارثة 11 ايلول 2001.

في عالم كهذا، اصبحت الامة – الدولة لاعبا مثلها مثل باقي اللاعبين. فالمجتمع بحاجة اليها فقط لحلّ الازمة الاقتصاديّة، اما الباقي فهو متروك للمجتمع المدني حيث رجال الاعمال وحتى رجال العصابات كما يحدث اليوم في المكسيك. كذلك الامر، يتبوّأ الصدارة اليوم ما يُسمّى بتيّار القانون الدولي وتعميمه حتى ضمن سيادة الدول. فالسيادة اصبحت مشروطة اليوم، ومتعلّقة بمدى احترام الامة – الدولة لبعض المعايير الدوليّة، حتى ولو كانت ملتوية في بعض الاحيان هذه المعايير – المحاكم الدوليّة، كما الاتفاقات الدوليّة ICC.
يُضاف الى هذه الظروف، موضوع تعميم المعرفة وسهولة الحصول عليها عبر الانترنت مثلا –Diffascii117sion of Knowledge– فقد يمكن التوصل الى كيفيّة تصميم قنبلة نوويّة، كما تصميم قنبلة كبيرة من مواد تجاريّة تباع في السوق. وهذا بالفعل ما حصل في تفجير اوكلاهوما العام 1994، وما حصل في النروج مؤخرا. إذاً، قد يمكن اليوم لشخص منفرد، التأثير في سياسة الامة - الدولة وحتى التأثير في النظام العالميّ. افلا يؤّثر ما قام به مُرتكب مجزرة اوسلو بسياسة الدول الاوروبيّة في ما خصّ الهجرة الاسلاميّة؟ افلا يؤثّر ايضا مستقبلا في دور الاحزاب اليمينيّة المتشدّدة في اوروبا تجاه محيطها المتوسّطي. بالطبع، ومن هنا صعوبة العمل الاستراتيجيّ في هذه الظروف.
ما العمل في هذه الظروف غير الملائمة لصناعة الاستراتيجيّات؟
بكلام بسيط، وجوب التخطيط الاستراتيجيّ عبر التركيز على الثوابت – المُسلّمات كمُعطى اساسيّ، وترك فسحة - قدرة كبيرة من الليونة، Flexibility، للتاقلم مع كل المتغيّرات الطارئة – وهي سريعة وكثيرة. في هذا التخطيط الاستراتيجيّ، تؤخذ المصالح الحيويّة اوّلا – يوضع ترتيب لها واولويّات، وتُخصّص بوسائل ملائمة لها. اما الباقي، فوجب خلق آليّة تأقلم له، تقوم على القوّة الذكيّة حسب تعبير جوزف ناي في كتابه الاخير &laqascii117o;مستقبل القوّة" The Fascii117tascii117re of Power. تتألّف هذه القوة الذكيّة من القوة الصلبة التي تتزاوج مع القوّة الصلبة، Hard Power and Soft Power، وهنا يأتي دور الاسترتيجيّة الدفاعيّة اللبنانيّة.
(غدا الجزء الثاني والأخير)
([) أستاذ جامعي، باحث وكاتب استراتيجي


بين الاستراتيجيّة الكبرى والاستراتيجية الدفاعية (2)

ـ 'السفير'

الياس حنا:

إذا احتوت الاستراتيجيّة الكبرى المُتخيّلة المصالح القوميّة للبنان، يبقى عليها ان ترتكز على المصالح الحيويّة. وهذه المصالح الحيويّة، تكون فقط، فقط في البُعد والمستوى السياسيّ فقط. وهذا امر لا يتوفّر اليوم في لبنان. فعلى سبيل المثال، وإذا ذهبنا الى المستوى الجيو ـ سياسيّ، Geopolitical، إن إحدى اهم المُسلّمات الجيو ـ سياسيّة والحيويّة للبنان كي يستمرّ، تقوم على عدم جعله مسرح صراع الآخرين ـBascii117ffer State. وهذا امر يؤخذ على المستوى السياسيّ ومن كلّ الافرقاء، ضمنا الاقليّات. وللاسف هذا امر غير متوفّر حاليّا. من هنا صعوبة وضع الاستراتيجيّة الكبرى للبنان ـ تُؤخذ على المستوى السياسي. وبالتالي عدم القدرة على وضع الاستراتيجيّة الدفاعيّة للبنان، والتي توضع حتما على المستوى العسكريّ لكن تحت الاشراف السياسيّ.
إذاً بين الاستراتيجيّة الكبرى، والاستراتيجيّة الدفاعيّة لغط ومغالطات كبيرة بين الافرقاء السياسيّين في لبنان ضمنا حزب الله. فعلى طاولة الحوار، لا تناقش الاستراتيجيّة الدفاعيّة، بل تُناقش الاستراتيجيّة الكبرى، لان هذه الاخيرة هي اكبر من الاستراتيجيّة الدفاعيّة والتي هي بحت عسكريّة ـ وهذا خطأ شائع اليوم بين جهابذة السياسة اليوم في لبنان.
وإذا انتجت طاولة الحوار استراتيجيّة كبرى، يصبح موضوع رسم الاستراتيجيّة الدفاعيّة من عمل المقاومة + الجيش + الشعب حيث دور المجتمع المدنيّ ـ حتى ولو عتب عليّ ولامني قائد الجيش لاقحام المؤسسة في هذا الدور كما نُمي اليّ مرّة.

ماذا لدينا اليوم من الثقافة الاستراتيجيّة، وماذا لدينا اليوم من طروحات في الاستراتيجيّة الدفاعيّة؟
عرف لبنان عدّة عناوين حول كيفيّة الدفاع عنه، منها ان &laqascii117o;قوّة لبنان في ضعفه". وبالرغم من انتقاد البعض له، قد يمكن القول، ولان الاستراتيجيّة هي ظرفيّة، ان هذا الشعار كان مفيدا في وقته وقد خدم لبنان بطريقة ما. لكن الشعار كان شعارا لمن لا يريد العمل على استراتيجيّة، او لان تركيبة البلد آنذاك كانت تتطلّب نوعا كهذا من الشعارات التي بقيت دون تجسيد على ارض الواقع. فلا يكفي مثلا ان يُطلق الشعار فقط هكذا في الهواء ودون مضمون. إذاً على الدولة ان تحضّر له، تؤمّن له اسس النجاح. افلا يُقال &laqascii117o;ان قرار الحرب هو في يد القويّ، ام قرار السلم هو في يد الضعيف"؟ ومن اسسه على الاقلّ، خلق منظومة تقوم فعلا على القوّة الذكيّة، والتي تجمع بين القوة الصلبة والقوّة الطريّة، اي قوّة عسكريّة قادرة وكافية للصمود لفترة محدّدة، وبشكل تُظهر ان لبنان هو المُعتدى عليه، مع قوّة دبلوماسيّة طريّة ترتكز على الدعم السياسي العربيّ كما الدوليّ، بالاضافة الى القرارات الدوليّة. لكن لا يمكن للبنان عندها في ذلك الوقت ان يُطلق شعار قوّة لبنان في ضعفه، ومن دون منظومة لادارة عمليّة الحرب والسلم، وفي الوقت نفسه يُوقّع نوابه ورئيسه على اتّفاق سريّ يعطي منظمة التحرير الفلسطينيّة حق قتال اسرائيل من ارض لبنان، عنيت اتفاق القاهرة 1969، الامر الذي يُلغي من المنظومة فورا البُعد الطريّ الدبلوماسي ـ هذا استنادا لشرعة الامم المتحدة والقانون الدوليّ. ومن يدري، قد يصلحّ هذا الشعار اليوم بعد فترة تأمّل معيّنة، خاصة ان البُعد الصلب من المعادلة اصبح اليوم جاهزا ومُجرّبا ـ عنيت المقاومة؟ فما يعني قول الأمين العام لحزب الله انه لا يريد الحرب مع اسرائيل، لكن العدوان على لبنان سوف تكون كلفته عالية جدّا؟ الم يعترف السيّد بأن العالم كلّه يدعم اسرائيل، ضمنا بعض العرب ضدّ لبنان؟ وبالرغم من ذلك حقّقت المقاومة انتصارا في تمّوز 2006؟ إذا ما الذي تغيّر في شعار قوّة لبنان في ضعفه سوى جهوزيّة المقاومة، ايّ القوّة الصلبة؟ في الحدّ الادنى قد يمكن تغيير الشعار، لان المضمون تبدل جذريا.
أما الاوراق التي قدّمت على طاولات الحوار، والتي وإن دُرست بعناية، قد تقنعنا اكثر بأنه ليس للبنان هذه الثقافة الاستراتيجيّة، خاصة ان الثقافة السياسيّة للافرقاء في الحوار هي ايضا ليست من نفس المنبع والمصدر، ولا تنظر الى عمليّتي السلم والحرب بالمنظار نفسه.
منهم من اراد تحييد لبنان على غرار سويسرا وبلجيكا. وهذا امر يتطلّب منظومة مختلفة، في حدّها الادنى تقوم على بُعدين اساسيّين هما: ضمانة دوليّة من القوى الكبرى، كما حصل مع بلجيكا في القرن التاسع عشر. كذلك الامر موافقة داخليّة. الامران غير متوفّرين.
قد يُحيّد لبنان نفسه عن محيطه ايضا بقرار داخليّ بحت. لكن هذا الامر يتطلّب: توافقا سياسيّا داخليّا كاملا على الحياد، كذلك الامر خلق وبناء قوّة ردعيّة داخليّة تُخرج لبنان من دور الدولة العازلة (Bascii117ffer State). للبنان اليوم قوّة ردع، لكن لا قرار سياسيّا داخليّا موحّدا.
ما هو المتوفّر اليوم من الطروحات الاستراتيجيّة؟
في اوّل طاولة حوار عقدت مع الرئيس بريّ حضرها الأمين العام لحزب الله، فنّد السيّد الثقافة الاستراتيجيّة ـ التجربة الاسرائيليّة تجاه لبنان. فحدّد السيناريوهات الممكنة، وما يمكن لاسرائيل ان تقوم به على الشكل التالي:
÷ عمليات قصف مكثّفة دون اجتياح ـ 1993ـ 1996
÷ عمليّات قصف مع اجتياح محدود ـ عمليّة الليطانيّ 1978
÷ عمليات قصف مع اجتياح كامل ـ كما حصل في العام 1982
وعليه على لبنان ان يتحضّر. اتت حرب تمّوز 2006 من ضمن مزيج مما طرحه السيّد. قصفت اسرائيل آملة الحسم عبر سلاح الجوّ. وعندما عجزت قرّرت العمليّات البريّة، لكنها لم تكن جاهزة لان المفاجأة الاستراتيجيّة الكبرى كانت في البُعد التكتيّ، في مارون الراس، في بنت جبيل وغيرها، خاصة منظومة صواريخ الحزب. لم تكن اسرائيل جاهزة على المستوى التكتي، فتراكمت خسائرها في هذا البُعد لتُنتج الخسارة الاستراتيجيّة الكبرى لها، تمثّل في عدم قدرتها على الحسم. لذلك &laqascii117o;ربح حزب الله لانه لم يخسر، وخسرت اسرائيل لانها لم تربح".
ولمن يُتابع خطب السيّد خاصة حول سلاح المقاومة، قد يمكنه الاستنتاج ان الخطاب تدرّج تصاعديّا من طلب السيّد في إحدى خطبه، ان تُكتب كلمة &laqascii117o;ان المقاومة شرعيّة" في البيان الوزاريّ. حتى وصل الامر الى القبول بالثالوث &laqascii117o;الشعب + الجيش + المقاومة" في البيان الوزاري بحيث الامر اصبح مُسلّما به ودون جدل يُذكر.
في خطابه الاخير، قد يمكن القول ان السيّد ارسى مكوّنات الاستراتيجيّة الكبرى للبنان، حتى ولو اتت من ضمن الحديث على الثروات النفطيّة والغاز. فما هي؟

÷ ثبات معادلة الشعب والجيش والمقاومة
÷ جهوزيّة المقاومة لتنفيذ ما تحدّده الدولة حول ارض محتلّة، او حول اعتداء ما.
بكلام آخر، يمكن تكليف المقاومة بأيّة مهمّة عسكريّة اذا ما ارادت الدولة ذلك. لكن الحديث عن الدولة يعني كلّ الدولة، بكل اطيافها وشعبها وارضها وهذا فعلا يعيدنا الى ثلاثيّة الشعب والجيش والمقاومة، وقد يمكن اضافة الارض والبحر والجوّ. لكن هذا الامر يطرح اسئلة كثيرة وشائكة منها:
÷ من يُكلّف من، وما هي آليّة التكليف؟
÷ هل الحكومة تُكلّف وتعلن الحرب؟ وماذا لو كانت لا تمثّل كلّ الاطياف السياسيّة؟ الا تُشكّل الدول عن الازمات المصيريّة حكومات وحدة وطنيّة كي يكون قرار الحرب والسلم جَماعيّا؟
÷ إذا قبل اللبنانيّون بثلاثيّة الشعب + الجيش + المقاومة، فأين دور الجيش وهو لا يحضر طاولة الحوار، وإذا حضر عبر وزير الدفاع فهو لا يُقدّم ورقة. وإذا كلّف بإعداد ورقة، فمن سيقوم بإعدادها في المؤسسة العسكريّة في ظلّ موضوع مُسيّس حتى العظم، وتنوّع مذهبيّ في المؤسسة العسكريّة على غرار المجتمع اللبنانيّ؟ وهل اصبح الجيش للامن الداخليّ، واوّل من يصطدم بالهجوم الاسرائيليّ في حال حصوله؟ فهل نعي ما يمكن للجيش ان يتكبّده في حال المواجهة المباشرة التقليديّة مع اقوى جيش عصريّ في المنطقة؟ وفي هذا الاطار، الا يجب على قيادة الجيش تغيير العقيدة العسكريّة والتي تقوم على التدريب، التنظيم والتسليح؟ الم تنتصر المقاومة لانها واجهت الجيش الاسرائيليّ بطريقة غير تقليديّة ـ لا تماثليّة؟
÷ كذلك الامر، اين دور الشعب كلّ الشعب، خاصة المجتمع المدني؟ الم نقل آنفا ان الاستراتيجيّة الكبرى تتطلّب كلّ مقدرات وعناصر قوّة الدولة؟
÷ من، وكيف، ومتى ستُحضّر آليّات التعامل والتعايش بين المقاومة والشعب والجيش؟ Modascii117s Vivendi & Modascii117s Operandi
÷ إذا قبل كلّ اللبنانيين بالثلاثيّة، فمن يُعلن الامر، ومن يتولّى البُعد الطريّ الدبلوماسيّ للاستراتيجيّة الكبرى؟
÷ من يحدّد المخاطر، خاصة انها قد تأتي من العدو ومن الصديق في بعض الاحيان؟ فهل يمكن تكليف المقاومة بقتال الصديق في يوم ما؟
÷ وإذا كانت الثلاثيّة قائمة ـ وانا معها لكن بشروط ـ فهل افضل للمقاومة ان تسوّقها هي في ظلّ الحملة الكبيرة عليها، بدل تركها للدولة؟ وهل يفيد لبنان عسكرة سياسته الخارجيّة؟ اليس افضل للمقاومة ان تكون في الظلّ، والسرّ، خاصة ان احد اهمّ اسباب نجاحها منذ تأسيسها تمثّل في عملها السريّ؟
÷ وإذا اعتبرنا ان لكلّ استراتيجيّة ظروفها، خاصة التكنولوجيّة. وإذا اعتبرنا ان مركز ثقل المقاومة هو في شبكة الصواريخ المتعدّدة المدى. فماذ العمل في حال تغيّرت الظروف؟ وماذا لو استطاع العدوّ ايجاد حلّ لهذه المنظومة ـ تكنولوجيّا؟ فكيف تُعدّل الاستراتيجيّة الدفاعيّة؟ من يُعدّلها؟ من يدفع الثمن؟ وكيف تتمّ عمليّة التأقلم ضمن مثلّث الجيش والشعب والمقاومة؟
÷ ما هو دور الجيش في المُثلّث، خاصة ان قانون الدفاع يعطيه الدور الاهمّ، لا بل حتى احتكار امتلاك السلاح، وحصريّة استعمال العنف ـ حسب ماكس ويبر؟ فلماذا لا تعدّل القوانين؟
÷ كيف يُدافع لبنان عن نفسه في حال وقعت الحرب اليوم؟ فهل هناك خطّة حرب تُشرك الشعب والجيش والمقاومة؟ كيف سيتصرّف الجيش، خاصة انه هدف اساسيّ في الحرب المقبلة؟ وماذا عن القيادة والسيطرة فيه؟ ماذا عن رئاستي الحكومة والجمهوريّة؟
÷ إذا كانت الاستراتيجيّة الكبرى معقدّة، وهي كذلك. وإذا كانت الاستراتيجيّة الدفاعيّة ايضا بدورها مُعقّدة. فمن هم اصحاب الخبرة اليوم، الميدانيّة، والاكاديميّة والتاريخيّة، والعاملون الآن على رسم كلّ هذه الاستراتيجيّات؟ افلا يستدعي الامر تغيير شروط التوصيف الوظيفيّ للوزارت الامنيّة – ليس بالضرورة ان يكون عسكريّا سابقا؟ خاصة ان التعيين اليوم لهذه الوزارات يقوم على الانتماء السياسيّ فقط، وعلى من هو ابرع في الخطب الرنّانة. فهل يجب ان تترك حرفة الحرب للعسكر؟ ام نتذكّر ما قاله جورج كليمنصو حول هذا الامر: &laqascii117o;الحرب مسألة حسّاسة جدّا كيّ تُترك للعسكريّيين"؟
في الختام ليس المطلوب من المسؤولين السياسيّن والعسكريّين في لبنان صنع المعجزات. فعليهم التصرّف والتخطيط بما لديهم من وسائل. الم يصدّ حزب الله بصواريخ الكاتيوشا، والتي تعود الى الحرب العالميّة الثانيّة، اقوى جيش في المنطقة؟ المهمّ هو في الطريقة، التخطيط وكيفيّة الاستغلال الاقصى للوسائل المتوفّرة. الم يقل الفيلسوف الفرنسيّ ريجيس دوبرييه، ان الافكار تُسيّر العالم؟ فهاتوا لنا عُصارة افكاركم ايها السياسيّون ـ ايضا العسكريّون.


إذا سقط النظام في سوريا...؟

ـ 'السفير'
هشام داود:  

أكثر من مئة يوم مرّت على بداية الثورة السورية. مئات القتلى وقعوا، آلاف الاعتقالات، وعشرات آلاف المهجّرين داخل البلاد وخارجها. أما النظام السوري، من جهته، فلم يوفّر جهداً لقمع الاحتجاجات ووأد بوادر الثورة. علماً أنه حاول في وقت مبكر الاحتذاء بالنموذج التونسي من خلال السعي لتحقيق التوازن بين القمع ووعود الإصلاح، لكن المبالغة في الخيار العسكري دفعت بنسبة كبيرة من المدنيين إلى الانقلاب عليه.
وعلى ضوء المعطيات السورية الحالية، تحضر سيناريوهات عدة. في السيناريو الأول، الذي حدث بالفعل، ينجح النظام السوري في تدجين المواطنين وترويعهم. في السيناريو الثاني، الذي لم يدخل حيّز التنفيذ جدياً، يجري الرئيس بشار الأسد إصلاحات تتعلّق بقانون الإعلام والحقوق المدنيّة والتعددية السياسية وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة فضلاً عن مكافحة الفساد. السيناريو الثالث، الذي تبتعد إمكانيّة حدوثه، قد يترجم بانشقاقات داخل النظام، تحاكي ما حصل في كل من مصر وتونس، حيث تولى الجيش زمام المبادرة وعزل مكونات النظام السياسي الأكثر فساداً. أما السيناريو الرابع والأخطر، وهو قيد التحقق، فيقوم على تكثيف آلية القمع مقابل تكثيف الاحتجاجات، الأمر الذي يهدّد بجرّ البلد إلى حرب عرقية ومذهبيّة. يُذكر أن هذه الفرضية ليست مستجدّة في ظل ما قدمه النموذجان العراقي واللبناني خلال السنوات الماضية.
قد يكون الحلّ المثالي للأزمة، وفقا للعديد من الجهات، هو السيناريو الخامس، وفيه يتوصل جزء من النخبة العلوية والطائفة السنيّة إلى اتفاق يقضي بإبعاد عائلة الأسد عن السلطة، والتوصل إلى تقاسم عادل للسلطة بين الأطراف المختلفة.
لا شك في أن لزلزال الأزمة السورية ارتدادات قوية في منطقة الشرق الأوسط، وهي إن بدأت في لبنان حيث تواجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المدعومة من حزب الله اتهام المحكمة الدولية لعناصر من حزب الله باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، فهي لا تنتهي عند تدهور العلاقات بين سوريا وتركيا بشكل غير مسبوق. بالنسبة لدول الخليج، التي طالما تخوفت من سوريا وعلاقاتها المشبوهة مع إيران، فهي تشعر اليوم أن النظام السوري هو بمثابة حصن منيع بوجه انتشار الثورات العربيّة نحو المشرق العربي. في حين أن التحدي الأكبر الذي تواجهه دول الخليج في هذه المرحلة، والمملكة العربيّة السعوديّة تحديداً، هو التالي: هل ستدق الثورات العربيّة، بانجازاتها السياسية والمعنوية، أبواب مملكة آل سعود، هناك حيث الأسئلة حول المواطنة والحريات السياسية والمساواة بين الجنسين والتعددية الطائفية والمذهبية تفرض نفسها بقوة. أما بالنسبة للمملكة الأردنية، فهي تجد نفسها ممزقة بين عدائها التقليدي لحزب البعث وبين خوفها من استيلاء الإخوان المسلمين على الجارة السورية بحدودها الضخمة. وكان الملك عبد الله أبدى في العام 2003 تخوفه من فرضية تشكيل الهلال الشيعي الذي يضم إيران والعراق وسوريا ولبنان. ومن جهة أخرى، لا يخفى أن الأزمة السورية سرّعت كذلك سياسية التمرد في الأراضي الفلسطينية حيث خلقت حالة تقارب بين حماس وفتح من دون موافقة دمشق. والأسوأ من ذلك، بالنسبة لسوريا، أن حماس وجدت في مصر ما بعد مبارك صديقاً جديداً.
واحدة من النتائج غير المنتظرة للأزمة السورية الحالية تجلّت في إثارة الهلع في تل أبيب كما في إحراج أميركا. فتل أبيب كانت على ثقة، على الرغم من العبارات الثورية البعثية التي كانت تطلق في الماضي، بأن الجبهة الشمالية الشرقية ستبقى هادئة. أما اليوم فقد تبيّن ان الثورات العربية جميعها، بما فيها السورية، قد فتحت التناقضات على اسرائيل: يبدو ان سقوط الأنظمة الدكتاتورية العربية لا تخدم اسرائيل في بسط تفوقها على المنطقة.

وفي ما يتعلّق بالعراق، قد يبدو مستغرباً قلقه من سقوط محتمل للنظام السوري. فبغـداد ودمــشق لم تكونا على علاقة جيّدة منذ أكثر من خمسين عاماً، وكلتاهما جمعت في السلطة الإخوة الأعداء في حزب البعث.
لكن ما سر هذا القلق من سقوط النظام؟ وهل يتقاسمه جميع العراقيين؟ تسببت الحرب الأهلية التي شهدها العراق بين عامي 2006 و2007 بتهجير جماعي إلى الدول المجاورة لا سيما إلى سوريا، حيث يعيش فيها الآن أكثر من مليون لاجئ عراقي من جميع الأديان. من هنا، فإن أي انتكاسة في الأوضاع السورية، على الطريقة اليمنية أو الليبية، تدفع النظام إلى طرد عدد كبير من اللاجئين إلى العراق، في وقت يشهد الأخير تدهوراً مقلقاً لجهة التدابير الأمنية. وحتى لو استمر النظام السوري، العلوي، في دعم المتمردين العرب السنة وقدامى البعثيين، فإن الحكومة العراقية تتخوّف من حقيقة أن البديل لا يمكن أن يكون أقل سوءاً، وبغداد تراه متمثلاً في أصوليّة سنيّة مدعومة من دول الخليج، والمملكة العربية السعودية تحديداً، ضد الشيعة في المنطقة.

وهذا ما يجعل شيعة العراق، على الرغم من خلافاتهم مع إيران، يتخوفون من رؤية السنة يبسطون هيمنتهم على سوريا ولبنان. فسقوط النظام يعني بالنسبة لبغداد، كما لغيرها، ضعفا حتميا لحزب الله اللبناني، وبالتالي تراجع الشيعة في المنطقة. ولا ننسى أن شيعة العراق، على تنوعهم، تربطهم علاقات استثمارية، رسمية وغير رسميّة، بسوريا.
وقد حاولت حكومة المالكي، منذ العام 2009، أن تخلق علاقة عراقية - سورية هادئة، تعود بالفوائد الاقتصادية على البلدين، لا سيما في حقلي النفط والغاز. وفي هذا الإطار، فإن انهيار نظام الأسد يعني دخول البلاد في حرب أهلية. وهذا من شأنه أن يفضي إلى خلق حالة من الفوضى تشكل ارضاً خصبة لتحرك الجماعات المتطرفة التي قد تمد جسوراً مع الجماعات السلفية في طرابلس وفي سوريا وصولا إلى المثلث السني في العراق. وهذه الفرضية - السيناريو تخيف الولايات المتحدة، حتى ولو لم تبد تعاطفاً علنيا مع الأسد.
وبالتالي لأسباب تتعلّق بالمعطيات الاجتماعية - السياسية في العراق، فإن غالبيّة القوى تخشى سقوط النظام السوري، بمن فيها السنة والبعثيون المهددون بخسارة حليف &laqascii117o;براغماتي" مهم.
وحدهم أكراد العراق، وحزب مسعود البرزاني تحديداً، سيشعرون بالارتياح لسقوط نظام دمشق. إذ لا ننسى أن مليون ونصف مليون إلى مليوني كردي يعيشون في سوريا في ظروف سياسية وإدارية محفوفة بالمخاطر، على الرغم من الخطوة المتأخرة التي قد قامت الدولة السورية، تحت ضغط الشارع، بمنح أكثر من مئة ألف كردي الجنسية.
وفي الخلاصة، هذه ليست المرة الأولى التي يضغط فيها شعب في المنطقة على حكومته طلباً للانفتاح، والخيار متاح امام الحكومة السورية، كما امام الحكومات الاخرى، على الانفتاح بشكل تدريجي. والشارع السوري يذكرنا اليوم بأن سوريا في قلب العالم العربي، إنما للمطالبة بمزيد من الديموقراطية والحرية والكرامة الإنسانيّة. (ترجمة: هيفاء زعيتر عن &laqascii117o;لوموند" الفرنسية) [ باحث عراقي ورئيس المركز الفرنسي للبحوث العلمية في العراق]


لأن المتهمين 'قديسون'... حاكِموا رفيق الحريري

ـ 'نهار الشباب'

رفيق اوري ـ وليد غريزي:

في خطوة استفزازية حيال الشركاء في الوطن، أقدم 'حزب الله' على رفع المتهمين في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى مرتبة القديسين. وهذا يعني أمراً من اثنين: اما ان الحزب نفض يديه منهم على اعتبار ان أهل الشيعة إجمالاً لا يستعملون عبارة القديس، بل على العكس هي صفة تلازم الطوباويين من الطائفة النصرانية الكريمة، فكان في امكانهم لو شاؤوا استخدام صفات الامامية والأولياء، وهذا احتمال مستبعد لأن ما يعنيه المسؤولون في الحزب من خلال هذا التوصيف يشكل استكمالا للأيام والرموز والحقبات المجيدة والالهية.
أما الاحتمال الثاني المتمثل بتبني 'حزب الله' لجريمة الاغتيال بصريح العبارة، فهو الأصح والأقرب الى المنطق، فيبدو ان الحزب عقد النية على مصارحة الناس ومكاشفتهم بأنه لا ولم ولن يخجل من فعلته هذه. واذ بهذا الحزب الالهي يرتكب خطيئة أخرى من خطاياه التي لا تغتفر عبر التنكر لدور الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ارساء معادلة مقاومة وممانعة بوجه العدو الاسرائيلي في تفاهم نيسان الشهير.
ولهذا حاكموا رفيق الحريري، فهو مجرم و عميل وخائن، هو من رجال الميليشيات والبلطجة وقطاع الطرق. حاكموا رفيق الحريري لأنه كلما عجز عن شيء كان يرفض الحوار ويعمد الى نشر فتيانه على الطرق ويأمرهم بقطعها وحرق الاطارات. حاكموا رفيق الحريري لأنه كان يغذي الفتنة بين السنة والشيعة، ولأنه كان من دعاة الدولة الاسلامية في لبنان، ولأنه دعا الى محو الحضارة المسيحية من لبنان. حاكموا رفيق الحريري لأنه لم يجد سوى اراقة الدماء سبيلا لحل كل مشكلة ولو لم تكن مستعصية... حاكموه لأنه هدم ما بنته اسرائيل من جسور واوتوسترادات وبنى تحتية، وأعاد تخريب ما بنته الحرب الأهلية في لبنان.

لكل هذه الأسباب حاكموا رفيق الحريري، لأنه المجرم، أما الذين أراحوا الوطن منه هم فوق القداسة...
ان الحال بين الشركاء في الوطن هي حال طلاق بائن بوضوح. وهذا يعني عند الاسلام ان لا سبيل لعودة المطلّقة سوى بالتحلل. والمطلقة هنا هي 'حزب الله' الذي يمثل المرأة الخارجة عن طوع زوجها، الا أن الحزب خارج فعلاً ليس عن طوع قوى 14 آذار، انما عن طوع الوطن والدولة والارادة الباطنية المشتركة لجميع اللبنانيين. ولا سبيل للتحلل سوى عبر العودة الى حضن الدولة وكنفها والنزول من مستوى القديسين الى تحت سقف العدالة والقانون.
وفي الختام، ان القديسين هم القادرون وحدهم على تلقي الصفعة ومقابلتها ببسمة. إن القديسين وحدهم هم القادرون على صنع المعجزات وهم الذين يصنعون من الشر خيراً، وفي نهاية المطاف يصفحون ويصافحون ويسامحون. أما المجرمون فهم بأدوات القتل يصنعون الجريمة وما أبعدهم عن القداسة. اطمئنوا، فرفيق الحريري يسامحكم لأجل لبنان.


&laqascii117o;الحرس الثوري" يجند عرب الأهواز ويرسلهم إلى دمشق

ـ 'الشرق الأوسط'
هدى الحسيني:

إذا قيض للنظام السوري أن يعبر وادي الدم، فسيكون الفضل في ذلك للجسر الإيراني. إذ في محاولة منه لإعادة الاستقرار (الاقتصادي والأمني) تعهد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي بدعم نظام الرئيس بشار الأسد. فبدءا من شهر يونيو (حزيران) أذن خامنئي بتقديم المساعدة للاقتصاد السوري في أربعة جوانب مختلفة..
الأول: تقديم مساعدات اقتصادية مباشرة بمبلغ 7 مليارات دولار..
الثاني: تساعد إيران الحكومة السورية على فرض قوانين أكثر صرامة على البنوك الإسلامية والخاصة، لكبح جماح هروب رؤوس الأموال..
الثالث: المساعدة على زيادة فرص العمل والنمو الاقتصادي..
الرابع: منح الحكومة السورية، على الفور، 300 ألف برميل نفط يوميا.
اتخذ القرار على أساس تقرير من 54 صفحة كان بعنوان &laqascii117o;التدابير الاقتصادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية لدمشق: اعتبارات للإمام خامنئي".
في المقدمة، أشار التقرير إلى عدد من نقاط الضعف في الاقتصاد السوري التي من شأنها أن تخرج عن نطاق السيطرة نتيجة للانتفاضات المنتشرة في المدن في جميع أنحاء البلاد، وأقر بأن الاضطراب السياسي الحالي أدى إلى انخفاض حاد في الإنتاج، والتجارة الداخلية والخارجية وكذلك الاستثمارات الأجنبية، ولم ينس الإشارة إلى الانهيار الكامل في مجال السياحة، &laqascii117o;وأن هذه التطورات السلبية تهدد بشل الاقتصاد".

رأى التقرير الذي قُدم إلى خامنئي، أن كل هذه العلامات المثيرة للقلق في الاقتصاد السوري يجب أن يُنظر إليها على خلفية انخفاض ملحوظ في معدل النمو الحقيقي، من معدل سنوي بلغ في المتوسط نحو 5.5 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، إلى 3.2 في المائة العام الماضي، مع انخفاض حاد في الاستثمارات الخاصة، باستثناء قطاع الطاقة. وتوقع التقرير أن يستمر انخفاض النمو في العام المقبل إلى أقل من واحد في المائة.استنزاف احتياطي العملة الأجنبية فاقم الوضع السيئ. وفي هذا الصدد اعتمد التقرير على &laqascii117o;معلومات حساسة" مررها المصرف المركزي السوري إلى المصرف المركزي الإيراني في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2010، وفيها يحذر من أن احتياطي العملة الأجنبية وصل إلى مستوى ينذر بالخطر 4.03 مليار دولار، أي أكثر قليلا من ثلث الاحتياطي 11.936 مليار دولار (614 مليار ليرة سورية)، الذي كان لدى سوريا في منتصف عام 2008.ونسب التقرير معلومات إلى مسؤول كبير في الحكومة السورية على ما يبدو أنها طلبت المساعدة الاقتصادية الإيرانية حتى قبل الأزمة الحالية، وفيها تحذير من أن العرض المالي السوري قد يجف تماما في عام 2011.بالإضافة إلى التوصيات التي أوردها، أثار التقرير قلقا عميقا من أن المشكلات هي من الضخامة بحيث لا يقتصر تأثيرها على الاقتصاد السوري، وأنه ما لم تتدخل إيران، فإن أبعاد الأزمة الاقتصادية قد تمتد إلى لبنان وتخلق تحديات إضافية صعبة للحكومة اللبنانية الجديدة ولحزب الله.

لا تكتفي إيران بتقديم المساعدة الاقتصادية، ففي ضوء الصعوبات التي يواجهها النظام السوري في قمع المظاهرات المتزايدة، تزود إيران سوريا بتكنولوجيا متخصصة لمساعدة أجهزة استخباراتها وقواتها الأمنية على ملاحقة تحركات أفراد محددين ومجموعات يعتبرها النظام تشكل تهديدا له. وتهدف المساعدة التكنولوجية إلى دعم الحكومة السورية للقيام بالعديد من &laqascii117o;العمليات الوقائية" ضد &laqascii117o;قياديين&

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد