قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الجمعة 5/8/2011

- 'النهار'
تحذيرات وليامس من خطر الانفجار هل تكون في محلها؟.. عوامل كثيرة خفّفت الأصداء أبرزها الحرص على الاستقرار
ابراهيم بيرم:

قبل ايام، اطلق الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة في بيروت مايكل وليامس اكثر من تحذير من اخطار تتهدد لبنان، سواء من جهة الجنوب، حيث ينطوي تراكم احداث مثل حادثي الوزاني وميس الجبل على احتمالات تفجير حرب، وتحذير آخر عن امكان انتقال تأثيرات رياح 'السموم' التي تهب على سوريا منذ اشهر على الوضع اللبناني ولا سيما من جهة الشمال، حيث تتداخل الحدود على عشرات الكيلومترات، وحيث 'الارضية' مهيئة هناك كونها تتفاعل سلبا وايجابا مع الحدث السوري الذي ازداد دويّاً وارتجاجاً بعد التطورات الدراماتيكية في حماه، واطلاق زعيم المعارضة النيابية الموجود في باريس تصريحات تشي برغبة اكبر في التفاعل مع هذا الحدث، اذ قال انه لا يمكن السكوت بعد اليوم عن مسار الوضع في سوريا.لا ريب في ان تحذيرات وليامس التي انطوت على درجة اعلى من قبل من الخشية والتنبيه، كون الرجل كررها على باب اكثر من مسؤول لبناني، وعلى فترات متباعدة، لم تجد لها اصداء وابعاداً عند الكثيرين، ولم يقم لها الاعتبار اللازم لاعتبارات عدة ابرزها:
- ان 'الاخطار' و'المحاذير' التي أومأ اليها الممثل الدولي في لبنان ليست جديدة، فنادرة جدا الاوقات التي خلت فيها الاخطار، الى درجة ان البعض يعتبر ان لبنان والخطر الآتي من اكثر من جهة صنوان لم ينفصلا منذ نشوء الكيان اللبناني.
- ان وليامس اعلن، الى كونه ممثلا لأعلى هيئة دولية ومن مهماته دوما الافصاح عما ينتابه من شعور بخطر ما يزحف نحو البلد الموجود فيه، أنه بات على درجة من 'التعاطف' مع الساحة اللبنانية، بكل مكوناتها، وخصوصاً انه على علاقة جيدة وطبيعية تربطه بكل تلاوينها واتجاهاتها.
- فضلا عن ذلك بات الرجل على درجة من الحرص على انجاح  حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، وعلى اعطاء رئيسها فرصة لكي يرسي اسس التجربة السياسية التي انطلق بها.
وعليه، يخرج اصحاب هذه الرؤية باستنتاج فحواه ان من طبيعة عمل وليامس وخصوصية مقاربته للاوضاع ان يطلق بين الفينة والاخرى هذا النوع من التحذيرات، ويطلق ما في مكنون نفسه من هواجس، وخصوصا ان الرجل يعيش منذ نحو اكثر من 4  اعوام على خط 'فيلق' الزلازل. وعليه، فإن كلامه وتحذيراته هي خليط من القراءة والمعلومات عن مآل الاحداث في سوريا وعلى خط التماس في الجنوب اللبناني، وهي ايضا انطباعات وتحذيرات ومخاوف شخصية يسجلها الرجل الذي يؤدي بشكل او بآخر دور الوصي المعنوي والادبي على مجموعة قرارات دولية متخذة في شأن الساحة اللبنانية، وهي على صلة مباشرة بالقرار 1559، ومن ثم بالقرار 1701 والقرارات المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وآخرها القرار الاتهامي الذي صدر بعد طول انتظار.ولا يخفي اصحاب هذه 'الرؤية' انهم لا يقيمون على اي مخاوف من النهج الجديد الذي بدأ يختطه فريق تيار 'المستقبل' الذي يعمل على الخروج من حياده تجاه مسار الوضع في سوريا، وافصاحه عن رغبة اخرى في الانخراط بشكل اكبر في حركة المحتجين على النظام في دمشق، وهو الامر الذي وجد تفسيره اكثر ما يكون في البيان الذي صدر الاحد الماضي عن الرئيس سعد الحريري.فهؤلاء يعتبرون ان ليس في مقدوره المضي ابعد في التلاعب بالموضوع السوري لانهم يدركون ان النظام الدمشقي ما برح في حيوية وجهوز كاملين، وان اسقاط هذا النظام ليس امرا واردا في المدى القريب، وان بديله هو حالة الحرب الاهلية المديدة ولن تبقى محصورة داخل حدود الكيان السوري.لذا، فإن هذا 'التمادي' المفاجئ بالضلوع في اللعبة السورية الجهنمية اينما كان، بفعل 'قراءة' خاطئة اقام عليها كل خصوم نظام الرئيس بشار الاسد في الداخل والخارج، وفحواها ان 'رمضان' هو الشهر الاخير من عمر هذا النظام، وانه بعد عيد الفطر ستحط طائرات زعماء عرب في مطار دمشق، في طريقهم الى بيروت، وبالتالي حان وقت الثأر والانتصار.ولكن الذي لم يدخل في حساباتهم ان هذا النظام هو الذي بادر الى هجوم مضاد في حماه ودير الزور وسواها قَلَبَ الاحلام والموازين والمعادلات، وجعل الكثيرين يعيدون حساباتهم، وخصوصا ان التجارب التي تتالت منذ عام 2006 ولم تزل طرية وساخنة في كل الاذهان، اثبتت ان التفكير في جر لبنان الى أتون 'مشكل' معين دونه اخطار وحسابات، اذ قد يمكن ان يعلم الراغب فيها كيف يبدأها ويوقد نارها، ولكنه لا يقدر ان يحصي تداعياتها ونتائجها.وتأسيساً على تلك المعطيات، لا يرى اصحاب هذه الرؤية ضرورة للذهاب بعيدا مع مخاوف وليامس وتحذيراته والبناء عليها لتأسيس اعتقاد فحواه ان البلاد تقف على شفا حفرة من انفجار داخلي، لكن بالطبع ثمة اصحاب رؤية مضادة تماما، وهي تنطلق اصلا من الذين يقيمون جملة تقاطعات وروافد محلية واقليمية ودولية تجعل وليامس يقدم على اطلاق تحذيراته على النحو التي اطلقها.فالرجل بطبيعة الحال يعي خطورة المرحلة على المستوى الاقليمي المحيط بلبنان، ويدرك مدى الترابط العميق القائم بين لبنان والجارة التي تفجَّر فيها بركان الاحداث منذ نحو 4 اشهر ونصف شهر، وامكان انعكاس هذا الانفجار على لبنان، وبناء عليه فهو يدرك انه كلما طال امد الحدث السوري وتفاعل، شعر حلفاء النظام في دمشق والمتربصون به ثأرا والمنتظرون ساعة تصفية الحساب معه، بأنه في حالة ضعف او في حالة استشراس، فهم لن يستطيعوا ان يحافظوا على السلوك المتحفظ والمعقول الذي سلكوه طوال الفترة السابقة تجاه الحدث السوري، والذي عده البعض نوعا من 'التفاهم الضمني' على النأي بالساحة اللبنانية قدر الامكان عن تفاعلات هذا الحدث وتداعياته وتطوراته المفترضة.لذا فإن ثمة من يجد في طيات الخطاب السياسي الاخير للرئيس الحريري اعلانا غير مباشر باسقاط مرتكزات هذا التفاهم وفتح الابواب امام نهج جديد في مقاربة الاحداث في سوريا والتي هي مع حركة المعارضين للنظام والانزلاق اكثر فأكثر في عمق الحدث السوري.ولم يعد مفاجئا ان ما حصل في احد شوارع منطقة الحمراء ليل الثلثاء الماضي وما يمكن ان تشهده بعض مناطق الشمال في ظل الدعوة العامة التي اطلقتها مجموعة قوى للتعبير عن التعاطف مع حركة المتمردين في سوريا، هي من المؤشرات الاولية التي يمكن القول معها وفق هؤلاء، إن تحذيرات وليامس ومخاوفه ليست مبنية على فراغ، وانما هي في محلها تماما. ثمة رأيان أحدهما لا يقيم وزناً لتحذيرات الممثل الدولي والآخر يراها حقيقية لأن ثمة تحولات في التعاطي مع الحدث السوري


- 'النهار'

مَن هزم مَن في سوريا؟
عبد الكريم أبو النصر:

'مَن هزم مَن في سوريا؟ المعركة الكبرى من أجل التغيير مستمرة وطويلة لكن هذا السؤال مطروح وثمة اقتناع لدى المسؤولين الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين المعنيين بالأمر، بأن المحتجين ألحقوا هزيمة حقيقية وجوهرية متعددة الجانب بنظام الرئيس بشار الأسد ولو لم يتمكنوا من اسقاطه حتى الآن'. هذا ما أوضحته لنا مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الاطلاع في باريس، مشيرة الى ان هذا الاقتناع الأميركي - الأوروبي يستند الى المعلومات الواردة من دمشق وعواصم اقليمية والى المعطيات والحقائق الأساسية الآتية:
أولاً - بدأ المحتجون حركتهم في آذار الماضي من الصفر ومن لا شيء ولم يكن لهم وجود في الواقع السياسي والشعبي السوري وفي الحسابات الاقليمية والدولية وتحدوا سلمياً نظاماً قوياً عسكرياً وأمنياً مستقراً ظاهرياً يحكم سوريا بقبضة حديد ويتمتع بدور مؤثر في المنطقة وبعلاقات واسعة اقلمياً ودولياً. لكن النظام لم يستطع القضاء على المحتجين بل تحولت حركتهم انتفاضة شعبية واسعة غير مسبوقة في تاريخ البلد هزت الحكم في الصميم فأربكته وأضعفته. وصار المحتجون هم القضية الأساسية والقوة المحركة للأحداث في سوريا والمتنامية يوماً بعد يوم. وهذه هزيمة للنظام.
ثانياً - كسر المحتجون هيبة النظام وفضحوا عجزه عن اجراء اصلاحات حقيقية وأظهروا للعالم طبيعته الأمنية البالغة القسوة وأثبتوا ان الأسد ليس زعيماً اصلاحياً وليس قادراً على حفظ الأمن والاستقرار في بلده. ولم يعلن المحتجون عصياناً مسلحاً على النظام، بل خاضوا ويخوضون معه معركة سلمية صعبة يغذونها بتضحيات هائلة من أجل بناء سوريا جديدة على أساس مطالب مشروعة يحتاج اليها السوريون وتتركز على ضرورة الانتقال سلمياً من حكم متسلط مستبد الى حكم ديموقراطي تعددي منفتح وعادل يهتم بالبناء الداخلي ويتوقف عن زعزعة الأمن والاستقرار في عدد من دول المنطقة بالتحالف مع ايران والقوى المتشددة. واستخدم النظام أشد وأقسى وسائل القمع لوقف حركة الاحتجاج من دون جدوى، وبدا واضحاً ان القيادة السورية مستعدة للقتال حتى النهاية من أجل الاحتفاظ بالسلطة وانها ترفض الاصلاح الجدي لأنه يؤدي الى تغيير تركيبة النظام وطبيعته وتوجهاته، أي نهايته. وهذه هزيمة للنظام.
ثالثاً - قبل انطلاق حركة الاحتجاج لم تكن الدول البارزة والمؤثرة تهتم فعلاً بالوضع الداخلي وبالاصلاح والتغيير في سوريا، بل كان اهتمامها يتركز على السياسات الاقليمية لنظام الأسد وعلى ضرورة تغييرها. لكن المحتجين قلبوا المعادلة فصار الوضع الداخلي هو الأساس والاصلاح هو المطلب الرئيسي الامر الذي شكل احراجاً كبيراً للنظام الذي خسر في أسابيع كل ما أنجزه عربياً واقليمياً ودولياً خلال سنوات. وبدأ الكلام في عواصم القرار عن أن الأسد 'هو المشكلة وليس الحل' وانه مصدر الاضطرابات وعدم الاستقرار في سوريا والمنطقة، وانه 'فقد شرعيته ويمكن الاستغناء عنه' بل بدأ التخطيط لاقامة نظام جديد في سوريا. وهذه هزيمة للنظام.
رابعاً - وضع المحتجون نظام الأسد أمام احتمالين قاسيين وصعبين بالنسبة اليه: الأول انه لم يعد ممكناً حكم سوريا وضبط أوضاعها واستعادة هيبة الدولة ودورها الاقليمي وعلاقاتها الخارجية اذا لم ينقلب النظام على ذاته ويقدم تنازلات جوهرية في الداخل والخارج ويجري تغييرات جذرية تستجيب لمطالب المحتجين ولما تريده دول بارزة ومؤثرة. الثاني أن تمسك النظام بالحل الأمني وبرفض الاصلاح والتغيير الحقيقيين سيؤدي الى اضعافه وانهاكه أكثر فأكثر والى تفككه وحدوث صراعات داخلية فيه، لأنه سيواجه مزيدا من المصاعب الجدية الاقتصادية والمعيشية والمالية والاجتماعية والأمنية والسياسية والشعبية وهذا ما يؤدي الى سقوطه في موعد يصعب تحديده منذ الآن. وهذه بالطبع هزيمة للنظام.ولخص لنا ديبلوماسي أوروبي معني بالملف السوري الوضع بقوله: ' كان نظام الأسد قبل انطلاق الاحتجاجات موضع اهتمام حقيقي اقليمياً ودولياً فصار موضع اتهام وملاحقة ومهدداً بالمحاسبة والسقوط. فالنقاش الاقليمي والدولي يدور الآن حول مرحلة ما بعد الأسد وليس حول انجازات الرئيس السوري وسبل التعاون معه. الأسد أخطأ كثيراً في حساباته وبالغ في تقدير قوته وأفرط في الثقة بذاته وبقدراته وراهن على حاجة العالم اليه وتعامل بلامبالاة بل بشيء من الاحتقار مع الانتفاضات الشعبية العربية، وتبين بوضوح انه معزول عن شعبه وانه ليس مكترثاً لتطلعات مواطنيه وآمالهم الحقيقية. هذا النظام لن يستطيع الانتصار لأنه عاجز عن وقف الانتفاضة الشعبية وعاجز عن ضبط الأوضاع من طريق اصلاحات شكلية تهدف أساساً الى تأمين بقائه'.


- 'النهار'
مقاربات 'السلفية' و'القاعدة' و'الاخوان' للثورات العربية
عبد الكريم أبو النصر:

ما هي المقاربة السلفية الاسلامية للثورات العربية او ما عرف بـ'الربيع العربي'؟ بداية السلفية الاسلامية تعبير واسع يندرج فيه تنظيم 'القاعدة' و'السلفية الجهادية' وتتقاطع فيه تنظيمات الجماعات الاسلامية بما فيها 'الاخوان المسلمين' وتلتقي جميعها على اقامة نظام الشريعة الاسلامية، وان كان البعض منها يرتضي فكرة التنوع في اطار ديموقراطية غامضة في التعريف.عموما الفكر السلفي الاسلامي سواء عند السيد قطب او غيره من القادة السلفيين لا يؤمن بالتغيير السلمي ولا بأنصاف الحلول حول هوية النظام الاسلامي وتطبيق الشريعة الاسلامية. ومن هنا اهمية قراءة موقف 'القاعدة' و'السلفية الجهادية' التي ركزت في خطابها الايديولوجي على التغيير بالسلاح وعلى اعطاء الاولوية في المواجهة مع 'العدو البعيد' اي الولايات المتحدة الاميركية على المواجهة مع 'العدو القريب' الممثل بالانظمة العربية التي تعتبرها جميعا لا تقيم 'نظام الشريعة'.لقد تزامنت 'الثورات العربية' مع اغتيال الولايات المتحدة الاميركية لزعيم 'القاعدة' اسامة بن لادن. اما الدكتور ايمن الظواهري الذي بايعته 'القاعدة' لزعامتها فهو صاحب كتاب 'فرسان تحت راية النبي' (صدر في منتصف التسعينات) وتم التنظير فيه 'لعولمة الجهاد'. وهو تعبير عن التحول في الايديولوجيا الجهادية من قتال الانظمة العربية الى قتال الولايات المتحدة الاميركية خلافا لما كان قد ذهب اليه في الستينات السلفي عبد السلام فرج في كتابه 'الفريضة الغائبة' حيث انت الاولوية لقتال 'العدو القريب' اي الانظمة العربية.خلافا لحركة 'الاخوان المسلمين' التي تتبنى نظرية 'صناديق الاقتراع' فان 'القاعدة' و'السلفية الجهادية' تجد ان الولايات المتحدة الاميركية اضطرت للتخلي عن حليفيها الرئيسين حسني مبارك وبن علي وانها تريد احتواء الثورتين بما يضمن الابقاء على المصالح الاميركية والاسرائيلية.واذا كان البعض في الغرب الاميركي  والاوروبي يعتقد بان 'الثورات العربية قدمت خيارا استراتيجيا بديلا للشباب العربي ومغايرا للطريق التي تدعوهم اليها 'القاعدة' لمواجهة الانظمة العربية والغرب' الا انه في حسابات 'القاعدة' فان الحراك السياسي اضعف خصما مهما للقاعدة هو الانظمة العربية وان اي معادلات جديدة تتيح فرصاً اكبر لجذب الشباب ولنشر الدعوة.واستكمالا لتعامل 'القاعدة' مع 'الربيع العربي' الذي تتحفظ على كونه 'ثورات' فان المنظر الفكري والفقهي فيها ابو يحيى الليبي يرى في بحث له عنوانه 'ثورات الشعوب بين التأثير والتاثر' ان 'هذه الثورات هي فرصة سانحة يجب استثمارها. فالمطلوب من المجاهدين ان يتقنوا فن الولوج للاحداث محافظين على جهادهم ومبادئهم وان يحذروا من تسلل شيء من المفاهيم المعوجة اليهم في غمرة الانشغال والانفعال مع التغييرات الكبرى المتسارعة الباهرة. وان تكون مرتكزات مسيرتهم راسخة في اذهانهم مصقولة في تصوراتهم.ولا شك في ان 'الربيع العربي' يشكل سؤالا محيرا لـ'القاعدة' والسلفية الجهادية. وهناك مقاربة حذرة مع هذه الظاهرة. فلا مراجعة فعلية للخطاب الايديولوجي وانما محاولة تكيف ايديولوجي للحضور في المسرح. ومن هنا بين مفكري 'القاعدة' هناك براغماتيون اكثر مرونة من الظواهري. وهؤلاء يرون أن انهيار الانظمة العربية يخدم اهداف 'القاعدة' ولا يضر بها وان لم ينته الى حكم اسلامي.تشترك الولايات المتحدة الاميركية مع 'القاعدة' في كون 'الربيع العربي' يشكل سؤالا محيرا. فميزان السياسة الخارجية الاميركية تأرجح في اتجاه الانظمة القائمة وفي اتجاه الثورات. فواشنطن غير واثقة من ضمان تعاطف الحركات الاسلامية مع قيام انظمة سياسية مدنية وديموقراطية. والتجربة التركية بهذا المعنى لا يمكن اعتمادها مقياسا، ذلك ان جذور العلمانية قوية جدا في تركيا، وبالتالي فان التطمينات التي يحاول الطيب اردوغان تسويقها حول قبول الاخوان المسلمين سلمية التغيير والاعتراف بالآخر تتعامل معها الادارة الاميركية بالكثير من الحذر.ان اندفاعة السلفية الاسلامية نحو استخدام السيوف والخناجر في تحركات المعارضة السلمية في الاردن وتحديداً في الزرقاء وكذلك استخدام السلاح في سوريا، يشكل دافعا مقلقاً للولايات المتحدة الاميركية حول ما اذا كان موقف الحركات الاسلامية من الحراك السياسي هو مجرد استثمار مؤقت لتعزيز البنية الصلبة لـ 'القاعدة' والحركات الجهادية السلفية. فالمنحى الايديولوجي العام هو الدعوة الى تحكيم الشريعة والعمل المسلح في التغيير ورفض العمل السياسي المدني السلمي ضمن الاطر الدستورية والقانونية المعمول بها في العالم العربي اليوم.ايا يكن الامر تكتيكيا، هناك تخفيف في حدة النقد الايديولوجي المعروف ضمن ادبيات 'القاعدة' والحركات السلفية ضد الديموقراطية باعتبارها نظاما كافرا غير اسلامي. كما انه تكتيكيا تبدي واشنطن 'انفتاحا' على الحركات الاسلامية. انما هذا لا يعني انها قريبة من المغامرة بالشركة معها في السلطة السياسية طالما ليست في مواجهة مع السلفية الجهادية 'القاعدة' ولم تحسم امرها في كونها جزءا من النظام الاقليمي الاميركي وفي استبعاد العداء لاسرائيل. فبمثل هذه الشركة وعلى قاعدة هذه الشروط تصبح الحركات الاسلامية بوظيفة اخرى بما فيها الاخوان المسلمون. وهذا يستتبع تفكيكا لها واشتباكا مع الآخر الاسلامي وغير الاسلامي.


- 'السفير'
التحالف يكتمل بين إسرائيل والفاشية
سمير كرم:

في ذروة الفزع العالمي الذي احدثه هجوم الفاشي النروجي اندريس بيرينغ برييفيك في العاصمة النروجية اوسلو وبعدها في جزيرة هادئة تواجه شاطئ النروج ما ادى الى تدمير واسع النطاق وقتلى قاربوا المئة، تساءلت نشرة اللوبي العسكري الاسرائيلي في واشنطن &laqascii117o;اين يلتقي العنف اليميني مع العنف اليساري".لم تضع نشرة &laqascii117o;المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي" علامة استفهام امام التساؤل لأن النشرة ارادت ان يكون موضوعها اجابة على التساؤل وليس مجرد سؤال.جاء هذا الموضوع في نشرة اللوبي العسكري الاسرائيلي بعد يوم واحد من اعتراف الارهابي الفاشي النروجي بما يكنه من كراهية وعواطف مناهضة للاسلام وفي الوقت نفسه حبه الجامح لاسرائيل وحماسه القوي لها. ولم يكن هذا الاعتراف يضيف جديدا الى ما سبق ان عبر عنه برييفيك، في كتاب من تأليفه يقع في 1500 صفحة، ويحمل عنوان &laqascii117o;2083"، من رفض قاطع لما اسماه المؤسسة السياسية الاوروبية باعتبارها &laqascii117o;حليفاً للمسلمين ضد اسرائيل"، فضلا عن امتداحه لاسرائيل لأنها &laqascii117o;لا تعطي للمسلمين الحقوق نفسها التي يتمتعون بها في بلدان اوروبية مختلفة".وفي هذا الكتاب يقول الارهابي الفاشي &laqascii117o;لقد حان الوقت لوقف الدعم الغبي للفلسطينيين ... والبدء في دعم ابناء عمومتنا في الثقافة ـ الاسرائيليون".اما سبب معالجة نشرة اللوبي اليهودي المسمى اختصاراً &laqascii117o;جينسا" فترجع يقينا الى ان الاجابة المباشرة على السؤال: اين يلتقي العنف اليميني والعنف اليساري هي: اسرائيل. انما في زمنين مختلفين. وكل ما في الامر ان عمل برييفيك الاجرامي الارهابي ضد وطنه النرويج جاء ليكشف لأول مرة بكل هذا الوضوح عن التحالف الحالي بين الفاشية الاوروبية الارهابية وبين اسرائيل وفلسفتها الصهيونية كما يفهمها ويقدرها الفاشيون الإرهابيون الأوروبيون الذين يشكلون اقصى اليمين في اوروبا بل في اي مكان من العالم بما في ذلك اسرائيل.اما زمن التحالف بين اليسار العالمي ـ الاوروبي والاميركي خاصة ـ وإسرائيل الصهيونية التي كانت ترتدي مسوح اليسار وأحيانا اليسار المتطرف، فقد انقضى منذ ان رأت اسرائيل وفلاسفتها من الصهاينة ان من المناسب التحول من سياسة ادّعاء الضعف الى سياسة استعراض القوة وتحويل اسرائيل من وطن صغير لليهود الى وطن متوسع على الاراضي العربية التي تحتلها. انقضى زمن التحالف اليساري العالمي مع اسرائيل الصهيونية عندما كشف اليسار كل اكاذيب اسرائيل عن ضعفها امام العرب كما كشف اكاذيبها عن التعاطف الطبقي مع العمال من اليهود وغير اليهود، ذلك الذي كانت ترفع شعاراته في المظاهرات والمسيرات المشتركة مع اليسار الاميركي واليسار الاوروبي.انتهى زمن التحالف مع اليسار وغاصت اسرائيل مع فلسفتها الصهيونية في قاع التحالف مع اليمين العالمي. وعندما انكشف امر التحالف الرسمي والشامل بين المحافظين الجدد الاميركيين، كممثلين لليمين السياسي الاميركي، كان ذلك بمناسبة صعود المحافظين الجدد الى السلطة في اميركا مع تولي جورج بوش الابن الرئاسة الاميركية. لكن التحالف بين اسرائيل واليمين الاميركي كان قد سبق هذا الزمن بوقت طويل، عندما اصبح من قبيل السياسة العلنية من الجانبين ان يتحالف اليمين الديني (البروتستانتي خاصة) مع اسرائيل ومع العقيدة الصهيونية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من العقيدة المسيحية كما يفهمها زعماء &laqascii117o;المسيحية الصهيونية" التي لم تستطع ان تثبت لنفسها وجودا خارج اميركا بأي حال.لكن من المؤكد ان الصهيونية الاميركية ـ وهي اقوى مؤسسات اللوبي الاسرائيلي على الاطلاق - لا يمكن ان تقدم على اعتراف صريح بأن العنف اليميني الفاشي يلتقي مع العنف الاسرائيلي الصهيوني، او بأن اسرائيل هي نقطة الالتقاء الحقيقية للعنف اليميني والعنف اليساري عندما كان للعنف اليساري وجود. لهذا لم يجد اللوبي العسكري الاميركي (جينسا) من سبيل امامه الا المضي في معالجة الهجوم الارهابي في عاصمة النرويج على انه عنف اسلامي. وذهب في إغفال الحقائق التي اعترف بها مرتكب هذا العمل الى حد التساؤل: لماذا يشن المسلمون الارهابيون مثل هذا الهجوم على النرويج وهي التي ايدتهم وفتحت ابواب الإيواء لهم ووقفت مع قضاياهم في المحافل الدولية؟ ولأنه كان لا بد ان يجيب فقد اجاب بأن &laqascii117o;برييفيك والجهاديين وصلوا الى النقطة التي يلتقي عندها الاشباح: الفاشيون، القمصان البنية الشيوعيون والجهاديون الذين يؤمنون جميعا بالتصاعد التراتبي للشعوب، في الداخل والخارج، من هم مثلنا ومن ليسوا مثلنا، من يستحقون ومن لا يستحقون، المتسامحون وغير المتسامحين".واذا بدا ان نشرة &laqascii117o;جينسا" تقول كلاما غير مفهوم فهذا صحيح، والقصد منه إخفاء الحقيقة وهي ان العمل الإرهابي الذي اصاب النرويج هو نتيجة تحالف ـ تعاقدي او غير تعاقدي ـ بين الفاشية والصهيونية بقصد الإضرار بأوضاع المسلمين في انحاء اوروبا وليس في النرويج وحدها. ولا بأس لزيادة جرعة الكذب في هذا البيان من إقحام إيران وحماس وحزب الله في الموضوع، فإذا كان الارهابي النرويجي قد قتل اطفالا فلا فرق فهؤلاء ايضا يقتلون الاطفال في حروبهم وهجماتهم. فهل هذا كلام قابل للتصديق؟وينتهي اللوبي العسكري الصهيوني الى انه: &laqascii117o;اذا كان التحالف المتطرف اليميني ـ اليساري ـ الجهادي قد تمثل كله في شكل واحد ـ وان كان هذا يوترهم بالفعل اذا فكروا بالامر ـ فما الذي يبقى للعالم لكي يفعله؟ &laqascii117o;ويجيب بأن الاميركيين سيكتفون بالشعور بالراحة بان هجوم برييفيك قد كشف للمباحث الجنائية الاميركية (اف . بي . اي.) عن وجود هذا الشخص وتمكنه من شراء ستة اطنان من السماد ليصنع قنبلته، ولكن العمل البوليسي الجيد ينبغي ان لا يكتفي بهذا انما ينبغي ان يتنبه الى وجود رفاق السفر المستعدين دائما لان يقتلوننا جميعا، اي المسلمين من رفاق برييفيك (...).ويبدو انه انقضى ايضا زمان كان فيه الاسرائيــليون وفلاســفة الصهيونية يجيدون الكتابة والتعليق وإقناع العالم الخارجي كله بعدالة القضية اليهودية في سياسة اسرائيل، فإن ما تفتق عنه ذهن اللوبي العسكري الصهيوني في اميركا انما يكشف عن ضعف مزمن في محاولة إقناع الآخرين بان رجلا يحب اسرائيل ويطلب دعمها ويكره الفلسطينيين والمسلمين انما اراد بعمله الارهابي ان يقف في صف الجهاديين الاسلاميين ضد أبناء وطنه.ولم يكن هناك ما يبعث على الدهشة ان تنتشر الكتابات الموضوعية من كل اتجاه تكشف المدى الذي بلغته الصهيونية اليمينية المتطرفة التي ادّعت يوما انها تعتنق افكار اليسار وفلسفته بينما استمر الناطقون باسم وزارة الخارجية الاميركية في تجاهل الحقائق عن الجاني الإرهابي ودوافعه ومحاولة إلقاء اللوم على الجهاديين الاسلاميين ومن عداهم من المتطرفين المسلمين في اوروبا بوجه خاص. وردا على ذلك كتب المعلق الاميركي اليكس كين مؤكدا ان &laqascii117o;هذا العمل الارهابي هو في الحقيقة عمل حماسة ارتكبه مجرمون معادون للمسلمين. فإن فحص وجهات نظر برييفيك ودعمه للحركات السياسية اليمينية المتطرفة في اوروبا يوضح تماما ان التحقيق في ذروة الاسلاموفوبيا (الخوف المرضي من الاسلام) وفي الصهيونية اليمينية المتطرفة هو وحده الذي يمكن ان يجعل المرء يفهم المعتقدات السياسية الكامنة وراء هذا الهجوم الارهابي. ان من الواضح ان برييفيك هو من المعجبين المتحمسين بالنشطاء المعادين للمسلمين الذين يتخذون قاعدتهم في الولايات المتحدة، امثال باميلا غيللر وروبرت سبنسر ودانييل بايبس، وقد اعترف بدعمه الشديد لاسرائيل. ان ايديولوجية برييفيك السياسية تزداد وضوحا بالنظر الى التعليقات التي الصقها الى جانب الموقع اليميني المسمى بلا وثائق ...". ومن بين هذه التعليقات ذلك الذي يقول فيه برييفيك: &laqascii117o;بالنسبة الي فإنه من قبيل النفاق الشديد ان يعامل المسلمون والنازيون والماركسيون معاملة مختلفة. انهم جميعا يدعمون ايديولوجيات الكراهية". ويضيف في تعليق آخر: &laqascii117o;ما الذي ستفعله العولمة والحداثة بهجرة المسلمين الجماعية؟ هل تستطيع ان تسمي بلدا واحدا تنجح فيه التعددية الثقافية حينما يكون للاسلام دور فيها؟ ان المثل الوحيد لدولة الرفاهية التي لا توجد فيها الاقليات غير المسلمة هي الولايات المتحدة".وبعد ... لقد جاء هذا الهجوم الارهابي في النرويج على خلفية من ردود الفعل الغربية على ثورات الربيع العربي. وكان من ابرز ما وصفت به هذه الثورات ما قاله الفيلسوف الاميركي ناعوم تشومسكي ـ في حديث اجرته معه الصحفية سيدا ناتش: &laqascii117o;ان الغرب يشعر بفزع من الديموقراطيات العربية". ومعنى هذا ان هذا المفكر الكبير الذي يتابع الصراع العربي ـ الاسرائيلي منذ سنوات طويلة بفكر منفتح وإيجابي، يتوقع ان يكون لربيع الثورات العربية تأثيراته الايجابية في عالم الغرب الذي كثيرا ما صور نفسه للعالم الاسلامي بما فيه الوطن العربي، على انه المثل الذي ينبغي ان يحتذي به العرب. والآن جاء الوقت الذي يدرك فيه الغرب ان هناك ما يمكن ان يتعلمه من العرب حتى في مجال الديموقراطية.وهذا مناقض تماما لمعتقدات الارهابي الصهيوني النرويجي برييفيك الذي يرى ان على الغرب ـ خاصة اوروبا بما في ذلك بلده النرويج ـ ان يتعلم من الصهيونية اليمينية ومن ممارسات اسرائيل.انتهى الزمان الذي كانت فيه الصهيونية تتحالف بطرق الخداع المختلفة مع اليسار العالمي. وانتهى الزمان الذي يتمسك فيه الغرب بأسبقيته وأولويته على عالم العرب والمسلمين.العالم مقبل على عهد مختلف لا يستطيع فيه الغرب ان يظل على استسلامه لعقائد الصهيونية اليمينية بينما تلوح في الافق اشارات على حيوية الوجود العربي وقدرته على التأثير الايجابي في الديموقراطية الغربية.على الغرب ـ اوروبا واميركا ـ ان يختار بين افكار تشومسكي وتأثرات ربيع الثورات العربية والافكار التي دفعت برييفيك الى ارتكاب عمله الارهابي إرضاءً للصهيونية اليمينية.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد