لا شيء سيمنع المحكمة الخاصة بلبنان من القيام بمهمتها
ـ 'الحياة'
انطونيو كاسيزي:
أبلغتني السلطات اللبنانية أنها لم تتمكن من تبليغ قرار الاتهام الذي صدّقه قاضي الإجراءات التمهيدية لدى المحكمة في 28 حزيران (يونيو) الماضي إلى المتهمين شخصياً، ولا حتى توقيفهم، وإنني أدرس تقريرها حالياً. وفي الوقت نفسه، إنني على ثقة أنها ستستمرّ في التعاون مع المحكمة وفي مواصلة البحث عن المتهمين، وفقاً للموجبات المنصوص عليها في المادة 15 من المرفق بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1757 (2007).
والخطوة التالية التي تنص عليها قواعدنا للإجراءات والإثبات قد تتطلب منّا إعلان قرار الاتهام المصدَّق على نطاق أوسع. وقبل اتخاذي قراراً بشأن هذه الخطوة، أرغب في التوجّه مباشرةً إلى المتهمين، وأسرهم، وشركائهم المقربين منهم، وكذلك إلى الجمهور اللبناني.
فالمحكمة الخاصة بلبنان أُنشئت لتحقيق العدالة بصورة منصفة ومناسبة، وجميع موظفي المحكمة يعملون بكامل الاستقلالية والحياد. والزعم بأننا خاضعون لتأثير بعض الدول أمر باطل. وإننا نعمل فقط خدمةً لمصلحة لبنان، ودافعنا الوحيد هو إقامة العدالة، فهدفنا فقط كشف الحقيقة وراء اغتيال الرابع عشر من شباط (فبراير) 2005 والقضايا الجزائية الأخرى التي قد تكون متلازمة معه، مراعين في ذلك أسمى معايير القانون الجنائي الدولي. وبالنسبة إلى الجمهور اللبناني، تعني هذه المهمة أن عملنا سيساعد على إنهاء اللجوء إلى الاغتيالات في إطار النزاعات السياسية اللبنانية، ووضع حد للميل إلى عدم المُساءلة، ما يؤدي في الواقع إلى استمرار الحلقة المفرغة للاغتيالات وانعدام الاستقرار. وبالنسبة إلى المتهمين، تعني مهمّتنا أننا سنجري المحاكمات بالاستناد إلى قرينة ثابتة لبراءة المتهمين. ولن تدين المحكمة أبداً أيَّ شخص إلا إذا ثبتت مسؤوليته من دون أدنى شكّ معقول.
ويعيّن رئيس مكتب الدفاع في غياب المتهمين أفضل المحامين لتمثيلهم أمام المحكمة، غير أن خير ضمانة لمحاكمة نزيهة وعادلة هي المشاركة الفعالة للمتهم. وعليه، أحثّ جميع المتهمين على المثول أمام المحكمة. وإذا كنتم لا ترغبون في الحضور إلى المحكمة شخصياً، فمن الممكن، في حال اتُّبعت الإجراءات المنصوص عليها في قواعدنا، المثول أمامها بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة، أي المشاركة في الإجراءات من دون الانتقال شخصياً إلى لاهاي. وفي جميع الأحوال، يجدر بكم كحدّ أدنى، تعيين محامٍ يمثّلكم وإعطاؤه توجيهات: فغياب توجيهات المتهم قد يزيد من صعوبة مهمة المحامي الذي يعيّنه رئيس مكتب الدفاع التابع للمحكمة والقاضية بإعداد قضية مقنعة لصالح أولئك الذي اتهمهم المدعي العام. وتتجاوز قواعدنا هذا النطاق، إذ تنصّ على امكانية تعيين محاميكم وإعطائه توجيهات من دون المثول أمام المحكمة إطلاقاً، ولا حتى عبر نظام المؤتمرات المتلفزة. ويكفي أن تقدموا كل حججكم عبر محاميكم. وفي حال اعتقدتم أن هذه المحكمة غير قانونية أو غير مشروعة، يمكنكم مناقشة ذلك بواسطة المحامي الذي عينتموه، وبذلك تبدون رأيكم في هذا الشأن. أعدّوا قضيتكم عن طريق محاميكم ودافعوا عن حقوقكم بعناية.
وإذا تعذّر عليكم دفع أتعاب هذا المحامي بأنفسكم، فقد خُصصت موارد مالية كبيرة في ميزانية المحكمة لضمان الدفاع عن الأشخاص المتهمين، ويمكنكم استعمال هذه الموارد لتعيين أفضل المحامين والخبراء، بهدف إجراء تحقيقاتكم الخاصة ومتابعة نظرياتكم في القضية. وفي قدرتكم ممارسة كل حقوقكم في الدفاع من خلال توجيه محامٍ من اختياركم. وإذا لم تعيّنوا محامياً بعد، لكم أن تتّصلوا مباشرةً برئيس مكتب الدفاع التابع للمحكمة للحصول على قائمة بأسماء محامين مستقلين من ذوي الكفاءات العالية. وسأردد هنا ما قاله رئيس مكتب الدفاع: بما أن المحكمة الخاصة بلبنان هي محكمة قضائية، فإن محامي الدفاع وحده بوسعه الاعتراض فعلياً على التهم الموجّهة إليكم.
وأذكّر كذلك جميع المتورطين في تلك الجرائم الإرهابية في لبنان أن لا شيء، بل لا شيء إطلاقاً، قد يحيد المحكمة عن مهمتها، أو قد يمنعها من الاضطلاع بها، فالأهداف النبيلة التي تستند إليها المحكمة (أي المساءلة وإقامة العدالة، للإسهام في إرساء السلام والمصالحة على المدى الطويل، وضمان حقوق المتضررين) مكرّسة في نظامنا الأساسي وقواعدنا، ومحمية بعناية فائقة من طرف القضاة، ولا يمكن التغاضي عنها بجرة قلم، أو بكلمات بليغة، أو حتى باللجوء إلى العنف.
فلا رجوع عن مسيرة العدالة، وسنتوصّل إلى المحاكمة بصورة أو بأخرى. لذا، أناشد المتهمين الاستفادة من الخيارات القانونية الواسعة النطاق التي تمنحها قواعدنا للإجراءات والإثبات، وبذلك الإسهام في كشف الحقيقة وإقامة إجراءات عادلة.
* رئيس المحكمة الخاصة بلبنان
مجهولون في 'حزب الله'
ـ 'السفير'
جعفر العطار:
قبل أيام قليلة، أزاح ع.، الشاب العشريني، ملاءة بيضاء اللون عن جسده النحيل الذي أنهكه مرض خبيث، تاركاً سرير المستشفى بخفر، عائداً إلى منزل متصدّع الأركان في زقاق عشوائي، حليق الرأس والجسد، مبتسماً كعادته.
في مثل هذه الأيام، قبل خمس سنوات، كان ع. ممتشقاً سلاحه، يتنقل به واثباً، في حركات قتالية محترفة، باحثاً بعينيه الذابلتين من شدة النعاس، عن دبابات الـ&laqascii117o;ميركافا"، التي سرعان ما تحوّلت إلى ذباب يذوي أمام عيون أفراد مجموعته القتالية، في &laqascii117o;وادي الحجير".
آنذاك، اشتهرت تلك المعركة باسم &laqascii117o;مجزرة الميركافا"، بعدما دمّر المقاتلون إحدى وعشرين دبّابة، وقتلوا العشرات من الإسرائيليين، في ساعات حرب تموز الأخيرة. بعد مرور أحد عشر يوماً على انتهاء الحرب، عاد ع. إلى منزله، أشعث الرأس، أغبر الوجه. &laqascii117o;هل صحيح أنك شاركت في معركة وادي الحجير؟" سأله عارفوه بفضول فشلوا في إخفائه، اثر انتشار الخبر بين دائرة أصدقائه المقرّبين.
إلى يومنا هذا، يتشبث ع.، مبتسماً ابتسامة بريئة، بجوابه الذي أعلنه قبل خمس سنوات: &laqascii117o;لم أشارك في تلك المعركة قطّ. فقد اقتصرت مهمتي، في الحرب، على تزويد المقاتلين بالطعام، فقط". ومع ذلك، كان عارفوه يحاربونه بالأدلة التي تسلحوا بها، محاولين سبر أغوار الجدار الذي كان العشريني يتحصّن خلفه: &laqascii117o;لقد أخبرنا فلان، بأنه ما زال مشدوهاً لمّا رأى تلك الابتسامة على وجهك بغتةً في أثناء احتدام المعركة. لماذا تصرّ على إخفاء مشاركتك؟". الجواب ذاته، بالأسلوب الرصين الدمث ذاته، كان يواجههم: &laqascii117o;ماذا سأستفيد لو أخفيت عنكم ذلك؟ وماذا سأخسر في حال بحت به؟ لا شيء. إذاً، دعونا نتحدث في موضوع آخر، بعيداً عن التخيلات المضحكة.. عن ابتسامات في المعارك". أصدقاؤه المقرّبون، يعرفون أن الجدار الذي يتحصّن به ع. ، ليس جداراً أمنياً يحاول من خلاله، بأسلوب بوليسي، المناورة كي لا يُكشف أمره. هم يعرفون أنه جدار مصنوع من خجل، وليس من التواضع فحسب. الخجل الذي يفرض على الشاب الاحتماء بجدار، يجهد قدر المستطاع الحفاظ على صلابته.
فهو، كسائر المقاتلين، مقتنع بأن البوح ببطولات نفذّها، يفقده الإحساس الذي رفع الابتسامة على وجهه، لمّا سمع، من بين أصوات الصواريخ والرصاص، أصوات نحيب الغزاة، من شدة الجزع. هو خبر عن كثب، بأن المشهد الذي رسمه في طفولته، في أن يكون مقاوماً مقاتلاً، لا يشبه التنفيذ: فوداع الأم والأب والزوجة والأطفال، قبل سلوك طريق يصعب الرجوع منه، لا يُختزل بأمنية، كأمنية طفل يحلم برحلة كشفية.. على ضفاف نهر بديع. ذوو الطفل سيسألون، عندما يحين وقت الرحلة، عن الزمان والمكان، ومخاطر الترحال، وموعد الرجوع، فيما الطفل الذي تمنّى بأن يكون مقاوماً، سيكتشف، متلمساً بعينين يقظتين، أن الأمنية التي تمناها ذات يوم، تحتم عليه الكثير. فأن تكون مقاوماً، لا يُختزل بحمل السلاح ومعرفة سبل التعامل معه فحسب: الطفل الذي وُلد على حبّ أمه، سيتذكر أنها تنتظر رجوعه من المعركة سالماً. سيتذكر، من بين ما سيتذكر قبل اشتداد أزير الرصاص، أن ابنته الصغيرة لثمته على وجنتيه، متمنية عليه العودة بأسرع وقت. أن تكون مقاوماً، لا يُختصر بنقرة أصبع خاطفة على عبوة تلف الجسد، تمزّقه إرباً قرباناً...للفوز بالجنّة. الجسد يُقدّم قرباناً للدفاع عن الأرض، عن الوطن بطوائفه مجتمعة، عن أهله، الفقراء منهم والأغنياء.
أن تكون مقاوماً، يعني أن تكون مجهولاً، فقيراً لا تملك، إذا ملكت، إلا كفاف يومك، مترفعاً عن التبجح والتوعّد، بعيداً عن السياسة وخبثها، نائماً في حضن ذكريات لا تبوح بها، منتظراً لحظات من العزلة.. لا يعرفها أطفال السياسة. أن تكون مقاوماً، يعني أنك ستنام في الحُفر، التي تشبه القبور، منتظراً إما إطلاق رصاصة في صدر من جاء لينتزع الأرض منك، أو استقبال رصاصة في صدرك، ترميك مخضباً بالدماء، تاركاً سلاحك، لطفل آخر، تمنى الأمنية ذاتها. بعد أيام قليلة، سيعود ع. إلى سرير المستشفى، للامتثال لعلاج طويل، ربما يُبقي على جسده الملاءة البيضاء، ومعها اعتراف لا يبوح به: العشريني دمّر إحدى عشرة دبابة.. مبتسماً.
لماذا تغيِّب الثنائية الشيعية قضية الصدر؟
ـ 'صدى البلد'
علي الأمين:
تبدو غائبة حتى الآن الاستعدادات لاحياء ذكرى تغييب الامام موسى الصدر في 28 آب 1978 ومع اقتراب موعدها لم يلحظ اي تحرك اعلامي او قضائي او سياسي بهدف تتبع القضية بعد المستجد من تدهور اوضاع نظام العقيد الليبي معمّر القذافي المتهم بهذه الجريمة. لا بل يمكن القول بثقة ان القضية تبدو كما لو أنها لم تعد قائمة، هي التي شكلت قاعدة الصعود السياسي لحركة امل والشيعية السياسية عموما، وكانت لازمة في برامجها السياسية وشعاراتها، اما اليوم فيبدو ان مطلب كشف مصير الامام الصدر ليس شاغلا القيادة، فكيف بالحكومة؟
وكان النائب وليد جنبلاط سأل الحكومة قبل يومين عن اسباب عدم اعتراف الحكومة اللبنانية بـ'المجلس الانتقالي' الليبي. ويستدعي السؤال، ونحن على مبعدة ايام من الذكرى 34 لاختطاف الامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، سؤالا آخر ومتصلا، هو حيال صمت قيادة حركة امل والرئيس نبيه بري، وقيادة حزب الله والسيد حسن نصرالله تجاه متابعة هذه القضية، والتنسيق مع المجلس الانتقالي من اجل كشف مصير المغيبين، علما ان الدولة اللبنانية كانت، ولا تزال، مقصّرة في متابعة هذه القضية على ما يرد دوما في مواقف قيادة امل كلما جرى تناول هذ الموضوع. فما الذي يمنع اليوم من مطالبة الحكومة اللبنانية بخطوات من قبيل الاعتراف بهذا المجلس، او رفع دعوى قضائية تمهد لكشف الجريمة، ومحاكمة المتورطين فيها؟
الصمت مريب وغير مفهوم اليوم اذا ما قيس بكل ما قيل وكتب من بيانات وما اقيم من مهرجانات، والعهد للامانة وصاحبها. فبعدما ظلت ترتفع الاصوات المطالبة بمعاقبة مرتكبي الجريمة وتحديدا الزعيم معمر القذافي طيلة السنوات الماضية، يخيم الهدوء والسكينة اليوم على من كانت قضية الامام قضيته الاولى. ومع اقتراب ذكراها الـ34 ما الذي سيقوله الرئيس نبيه بري في خطابه السنوي في هذه المناسبة؟ ...وهل من جديد سيقال؟ خصوصا ان الاخير كان نجح، وبدعم من حزب الله، في النأي بلبنان عن المشاركة بقمة الرؤساء العرب في ليبيا قبل عامين، وقبلها ساهم موقف امل وتحركها في خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وليبيا وصولا الى اغلاق السفارة الليبية في بيروت. ولكن الصمت اليوم لا يخرقه احد
لا من قبل الحكومة ولا اي مسؤول شيعي في الحكومة او البرلمان.
هذا الصمت يترافق مع معلومات تؤكدها جهات في المجلس الانتقالي الليبي مفادها ان نظام القذافي يتلقى مساعدات عسكرية ايرانية، وهي عبارة عن خبراء عسكريين وذخائر ومعدات، ومساعدات أخرى سورية تصل اليه عبر الجزائر. هذه العلاقات ليست جديدة بين ايران وليبيا وسورية: فهل الجديد اليوم ان هناك ثمنا دفع لسكوت القيادات الشيعية في لبنان عن المطالبة بالامام الصدر وعدم رفع دعوى على القذافي في محكمة الجنايات الدولية؟
الا يطرح تساؤل لماذا يلوذ بالصمت نجل الشيخ يعقوب، النائب السابق حسن يعقوب، في قضية كانت عنوانا اساسيا في اهتماماته السياسية الى ما قبل 3 اشهر؟ كذلك الاجماع الشيعي الرسمي على الصمت والتراجع الغريب والفاضح عن المطالبة والمتابعة في هذا الشأن، ألا يعني اما تغييرا في الموقف من القذافي وتبرئته من الاتهامات في جريمة الاختطاف، او ان ثمنا دفع مقابل هذا الصمت؟ ...فما هو؟
يفضح هذا المشهد القدر الذي تعرضت له قضية الامام الصدر للاستغلال السياسي، وفي حالتي المبالغة الخطابية في العداء مع ليبيا، كما درجت العادة في المناسبة السنوية خلال السنوات الماضية، او الصمت غير المفهوم في اللحظة التي يمكن احداث تقدم جدي على صعيد كشف ملابسات هذه الجريمة، خصوصا انه لا الرئيس بري ولا السيد نصرالله كانا في مواقفهما المعلنة يريان في نظام القذافي شيئا ايجابيا او يستحق الذكر بل كان دائما نظاما مجرما في اقل التهم وابسطها.
بعدما غيّب، من يغيّب قضيته اليوم؟ وهل هناك من باع الإمام الصّدر؟ وما هي السلعة التالية؟
14 آذار تتخوف من &laqascii117o;الآتي الاعظم" وترسم سيناريوهات عن مستقبل لبناني قاتم:
إنتشار مسلح ليلي وحماية حزبية للسفارة السورية ومواكب دراجة تراقب أية شاردة
المخيمات تنتشر في منطقة الجبل والقمع في الحمرا بروفة للمرحلة الخطيرة المقبلة
ـ 'الديار'
ابراهيم جبيلي:
من يرسم السيناريوهات المرعبة عن اقتراب المرجل الداخلي من الانفجار لا سيما ان الاشاعات التي تصم الاذان لطالما لعبت دورا يسبق تحولها الى حقيقة ميدانية، خصوصا وان ما يحصل في سوريا والتقاذف المتبادل بالتورط في الشأن السوري من خلال تهريب الاسلحة للثوار وامداد النظام بعناصر لمساعدته في قمع المنتفضين، كل ذلك دفع اللبنانيين لادخال &laqascii117o;الدب" السوري الى كرمهم من حيث لا يدرون في الوقت الذي لا يزالون يعانون فيه من طعم التداخل السوري اللبناني.
اشاعات تملأ الفضاء والفضائيات وكلها تشي بايام مخيفة، فيما الواقع ان القوى الامنية لا تزال ممسكة بالامن حتى الآن وهي استطاعت قمع اعمال الشغب او الاشتباكات، ونجحت في تبريد الرؤوس الحامية لدى اطراف الخلافات.
لكن الرؤى التي يتناقلها المتخاصمون في كلا الفريقين 8 و14 آذار، تؤكد العكس وان الظاهر من الامور هو غير باطنها تماما، ويذهب البعض الى سرد وقائع حصلت مؤخرا وكلها تدخل في حروب صغيرة يخشى ان تكبر ككرة الثلج، وان المراقبين يتوقفون امام ارتباك النائب وليد جنبلاط وقلقه المتزايد من زيارة خارجية الى اخرى حيث يقرأ ويسمع عن الاتي الاعظم، فتتعاظم هواجسه على مصير البلد وعلى مصير طائفته.
وفي الوقائع ان الخوف قاسم مشترك بين المعارضة والموالاة، لان الاثنين يتوزعان على محورين مرتبطين بالاحداث في الداخل السوري علما ان السفير السوري علي عبد الكريم علي سبق واوضح بان ما يحصل في سوريا سينعكس على الاوضاع في لبنان.
بداية، اوساط في المعارضة تراقب وتكشف عما تملكه من معلومات، وهي تؤكد الانتشار المسلح الليلي في بعض شوارع بيروت، ومنها شارع بلس وعبد العزيز وصولا الى شارع الحمرا، وان السفارة السورية محاطة بحماية حزبية محلية لكن غير مرئية، وان انتشارا مسلحا امام البنايات في الشوارع المتفرعة في المنطقة حيث الاعلام الحزبية خصوصا ان الرايات المرفوعة هي للحزب السوري القومي الاجتماعي.
وتضيف الاوساط ذاتها بان عناصر اخرى ترتدي لباسا مدنيا اسود، تجول على مدار الساعة في الشوارع المحيطة بمنطقة شارع الحمرا، يضاف اليها حركة كثيفة لمواكب دراجة لا تهدأ ليل نهار على طريق المطار وصولا الى الطريق الجديدة، وتعتبر الاوساط بان هذا الاستعراض خصص لعيون المراقبين بحيث لا تفوتهم اية شاردة.
وتؤكد الاوساط المعارضة بان مخيمات للتدريب تنتشر في عدد من المناطق الجبلية حيث يشترك عدد من احزاب قوى 8 آذار فيها وان بعض الاوساط الدرزية في الجبل تفيد بان المخيمات ايضا موجودة في القماطية وكيفون، وتذكر هذه الاوساط حادثة جرت في مدينة عاليه منذ ايام قليلة بين حزبين في 8 و14 آذار وبعض الاشتراكيين على قاعدة اطلاق الاناشيد الحزبية بصوت عال في الشارع الرئيسي ما اغضب الاهاليوهم بالاصل بدأوا يرتابون من تنامي وجود المخيمات في منطقة الجبل، علماً ان الاشتراكيين يجولون بطريقة &laqascii117o;الدوريات" في منطقة رأس الجبل المعروفة بتلة 888، كونها موقعا استراتيجيا لمع اسمه في معارك سوق الغرب، بحيث يخشى الاشتراكيون من ضياع هذا الموقع الاستراتيجي كما حصل في الباروك عشية احداث 7 أيار.
وتروي الأوساط المعارضة بعض الاحداث التي تعزز خشيتها بأن الاتي اعظم على خلفية الاحداث في سوريا والقرار الاتهامي المفصل الذي ستذيعه المحكمة الدولية وسط كلام عن مذكرات توقيف دولية جديدة تطال اسماء كبيرة، وما الحادث الذي كاد ان يقع بين المعتصمين في ساحة الشهداء حيث حاول هؤلاء رفع العلمين اللبناني والسوري عن النصب التذكاري للشهداء، كان في المقابل فريق مسلح ينوي اقتحام الساحة لكن &laqascii117o;الفهود" حالوا دون ذلك. وكادت اضاءة الشموع ان تتحول الى حريق يشعل البلد.
وتشرح هذه الاوساط عن السرّ الذي دفع النائب وليد جنبلاط الى اليأس والقرف، خصوصاً انه كان وسط &laqascii117o;اشتباك" قام به &laqascii117o;شبيحة" الداخل ضد المحتجين امام السفارة السورية، فعلقت سيارة جنبلاط وسط الاشتباك، فشاهد بأمّ العين ما يحصل من ارتكابات وعاد بذاكرته الى 7 آب عندما قامت عناصر النظام الامني &laqascii117o;بدعس" رقاب المحتجين &laqascii117o;بالجزمات".
وتفند الأوساط المعارضة الاستياء الجنبلاطي الذي بلغ الزبى وكاد ان يفجر نزاعاً علنياً مع الحلفاء، لكن الزعيم الدرزي آثر السفر الى عواصم القرار المؤثرة في الأزمة السورية، مع إدراكه التام بأن اهل الداخل في لبنان يلعبون بالنار فيما لا قيمة مضافة لهؤلاء في حرب الآخرين على الأراضي السورية سوى نقل النار السورية الى حدائقهم بصورة ارادية وغبية.
وتضيف الأوساط بأن اكثر ما يلفت ويدهش جنبلاط تلك المرافعات التي يطلقها كل ثلثاء العماد ميشال عون دفاعاً عن سوريا بأسلوب ومضمون سيئين، غلب عليهما طابع الواجب، البعيد جداً عن القناعات، ولو عزّز تصريحه &laqascii117o;بالشنتيان" الذي استبدل حاليا &laqascii117o;بالسترينغ" الاكثر عرياً لمثل هكذا مواقف.
من هنا، تضيف الأوساط، جاءت المقاطعة الاشتراكية للعشاء الشوفي الذي أقامه التيار الوطني الحر وحضره العماد ميشال عون شخصياً، فيما حضر الاشتراكيون عشاء القوات اللبنانية في عاريا.
في جعبة 14 آذار كلام كثير يكاد لا ينتهي وكله يؤشر الى ان الامور سائرة نحو المجهول والخطر، فيما الاكثرية الجديدة تراقب ارتباك خصومها وتعتبر أن الخوف الذي تسوّقه بين الجمهور وأمام الرأي العام لا صحة له بل هو احدى الوسائل التي تستعملها في قتالها معنا، وهي لن تتورع من استعمال الأسلحة المحرمة وطنيا.
غداً، الاكثريون الجدد : انهم يحرقون البلد لإشعال سيجاره
طرابلس تتمايل مع الحراك المناهض.. وقوى اسلامية تؤيد الاسد
أرضية الاحتجاجات في مدن سوريا هي أرضية أصولية
فتاوى حلّلت الذبح وتقطيع الاوصال والتنكيل بالجثث
ـ 'الديار'
جهاد نافع:
تكاد تنفرد مدينة طرابلس دون غيرها من المدن اللبنانية بالحراك المناهض للقيادة السورية والمناصر لـ &laqascii117o;الاحتجاجات الفوضوية" التي تشهدها بعض المدن السورية..
وكان حزب التحرير الاسلامي اول من أخذ بادرة الحراك في طرابلس، ومن ثم انضم الى الحراك تيارات اسلامية اصولية اخرى في وتيرة متصاعدة الى أن بات هذا الحراك شبه يومي بعد صلاة التراويح ليل كل يوم عدا عن ايام الجمعة بما يحاكي حراك مدن سورية تشهد اعمالا لا يمكمن وصفها الا بالتخريبية نتيجة ما تسفر عن اعتداءات تستهدف المراكز والمقرات الحكومية والمنشآت العامة والخاصة.
الحراك الطرابلسي الاسلامي الاصولي لم يعد مقتصرا على حزب التحرير، بعد مشاركة القوى الاسلامية الدائرة في فلك تيار المستقبل لا سيما المشاركة اللافتة من الجماعة الاسلامية التي استوقفت مصادر سياسية لبنانية رأت في هذه المشاركة اشارة الى تنسيق حاصل بين قوى اصولية محلية وقوى اصولية خارجية مقيمة في تركيا وعلى رأسها تنظيم &laqascii117o;الاخوان المسلمين"، حيث رأت هذه المصادر &laqascii117o;أن الحراك الطرابلسي ليس حراكا ذاتيا وانما هو أمر مهمة خارجي ليس بعيدا عنه &laqascii117o;الاخوان المسلمين" وان من يتابع هذا الحراك سواء في طرابلس ولاحقا في بعض المناطق اللبنانية يلمس انه يقتصر على التيارات الاصولية التي تقود هذا الحراك وعلى القوى التي تدور في فلك &laqascii117o;المستقبل".
وتشير المصادر السياسية اللبنانية الى ان علاقات وثيقة تربط ما بين الجماعة الاسلامية والاخوان المسلمين خاصة اولئك المقيمين في تركيا، كما تربط الجماعة علاقات وثيقة بحزب العدالة والتنمية وزعيمه اردوغان، وتتحدث هذه الاوساط عن زيارة قام بها احد قيادة الاخوان المسلمين السوريين صدر الدين البيانوني الى مدينة طرابلس قبل اندلاع الاحداث السورية بأشهر حيث كانت له لقاءات واجتماعات مع قيادات اسلامية متعددة بمواكبة الجماعة الاسلامية التي رعت هذه الزيارة وبتنسيق مع تيار المستقبل.
المصادر السياسية اللبنانية ترى ان هذا الحراك في طرابلس او في منطقة البقاع كان متوقعا، وان ارتفاع وتيرة هذا الحراك قد حصل اثر الموقف الذي اعلنه الرئيس سعد الحريري مؤخرا ومن ثم الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز وسوف ترتفع ايضا في الايام المقبلة بعد الغطاء السياسي والعربي الذي توفر لهذا الحراك الى درجة اطلاق الشعارات والهتافات التي تتجاوز سقف القانون اللبناني الذي يعاقب عليه كل من يسيء او يعكر صفو العلاقات مع دولة شقيقة او صديقة.
هذه المصادر تتحدث عن مظلة تركية تظلل الاحداث من سوريا الى الحراك الطرابلسي اللبناني بدأ منذ احتضان تركيا للأخوان المسلمين الفارين من سوريا وانعقاد مؤتمر انطاليا الى احتضان تركيا لتيارات اسلامية اصولية في لبنان وان تركيا قد تعهدت لدى الادارة الاميركية بان وصول الاخوان المسلمين الى الحكم في سوريا او في خطوة تمهيدية اولى الى المشاركة في الحكم السوري بأن يعمل &laqascii117o;الاخوان المسلمين" بأجندة اميركية تصب في خدمة مشروع الشرق الاوسط الجديد بقيادة اسرائيل وأن تكون &laqascii117o;سوريا الجديدة" احدى الدول المانحة لسلامة اسرائيل وامنها واستقرارها.
لدى هذه المصادر معطيات ابرزها أن &laqascii117o;تركيا العدالة والتنمية" هي تركيا الحالمة بعودة الخلافة العثمانية، وفي ذلك تلتقي تركيا مع &laqascii117o;الاخوان المسلمين" الذين يحلمون بالخلافة الاسلامية مثلهم مثل حزب التحرير وقوى اصولية اخرى تعتنق فكر الخلافة الاسلامية وتناضل لأجل احيائها، واكثر من ذلك فإن هذه القوى الاسلامية الاصولية تتفق ايضا على عقيدة أن الشام هي ارض هذه الخلافة ومن يسيطر على الشام يمتلك ناصية القرار والسلطان في البلاد العربية كافة.
المصادر المذكورة تشير الى أن ارضية الاحتجاجات في كثير من المدن السورية هي ارضية اصولية &laqascii117o;اخوان مسلمين وسلفيين" وليس في ذلك مجرد كلام او اتهامات القيت على عواهنها بل اثبتت الوقائع ذلك وأن المجازر التي ارتكبتها العصابات المسلحة قد نالت الفتاوى التي حللت الذبح وتقطيع الاوصال والتنكيل بالجثث ونهب المراكز والمؤسسات الرسمية والخاصة والمصارف، وبالتالي فان هذه العصابات قد ضربت عرض الحائط كل القرارات الاصلاحية التي اتخذت، حتى أن تركيا ودول عربية قد غضت الطرف عن هذه الاصلاحات الشاملة التي حققت وتحقق نقلة نوعية في تاريخ سوريا مما يؤكد أن اهداف هذه &laqascii117o;الاحتجاجات" ليست اصلاحية وانما في واقع الحال تصوب على هدف واحد هو الانقلاب على الحكم والسيطرة على مقاليد السلطة، ولذلك فان المجازر التي ارتكبتها العصابات، في رأي هذه المصادر، تأتي في سياق المخطط الترويعي للمجتمع السوري وما كان لهؤلاء أن يرتكبوا ما إرتكبوه لولا ايعاز ما تلقوه من قوى خارجية وغض طرف بات لا يحتمل الشك رغم كل الادلة والاثباتات والوثائق التي تتحدث عن فظاعة وهول تلك المجازر التي تندى لها جبين الانسانية وراحت تحاول تحويل انظار الرأي العام العربي والعالمي نحو الجيش السوري الذي تعامل بمهنية اخلاقية وانسانية عالية المستوى خلال تنفيذه مهماته الامنية العسكرية النوعية لازالة حالت الفوضى والتخريب والعبث بأمن الناس وما كان هذا الجيش ليقوم بعملياته النوعية لولا تلك النداءات الملحة والمتكررة من المواطنين في جسر الشغور الى دير الزور والبوكمال وحماه وحمص وغيرها من المدن التي عبثت بها الايدي المخربة التي تلقت المال والسلاح والتي تدل على تورط جهات خارجية سوف يتم الافصاح عنها في الايام المقبلة.
وتذكر هذه المصادربالشعارات التي رفعتها بعض القوى في مدينة طرابلس اثناء احداث بانياس والتي قالت &laqascii117o;بطرابلس كل الناس بتلبيكي يا بانياس" حيث اوحى هذا الشعار عن دور ما لقوى اصولية في حركة الاحتجاجات وحقيقة الاهداف التي تصبو الى انقلاب في سوريا وليس لاجل اصلاح او حرية وغيرها من الشعارات التي تلطى خلفها &laqascii117o;المعارضون" حسب رأي المصادر.
لكن ليست طرابلس كلها مؤيدة لحراك هذه القوى التي بدت انها تعمل على تعبئة الشارع الطرابلسي ـ برأي مصادر طرابلسية ـ في اتجاه رفع منسوب الحقد على القيادة السورية في سياق توظيف ذلك في مشاريع سياسية منتظرة عدا عن الايحاء بأن &laqascii117o;النظام السوري قد سقط" واكثر من ذلك اعتبار &laqascii117o;أن شرعية الرئيس الاسد قد سقطت لحظة اعلان الملك السعودي موقفه" وكأن الاسد نال شرعيته من الملك السعودي وليس من شعبه السوري الذي خرج بمسيرات مليونية في كل المحافظات والمدن السورية هاتفة للاسد حتى في تلك المدن التي راهنوا عليها وحاولوا عزلها لانشاء امارات اسلامية تكون منصة الانطلاق للسيطرة على كل سوريا.
ففي طرابلس، تقول الاوساط الطرابلسية، قوى اسلامية معتدلة ترى في قيادة الاسد، قيادة الممانعة والحاضنة للمقاومة وتشكل هذه القوى حالة شعبية منتشرة في احياء طرابلس كافة لكنها وفي حرص منها على امن واستقرار المدينة تمتنع عن مواجهة القوى الاصولية الناشطة من منطلق الثقة بالنفس وقدرتها على الامساك بالشارع الطرابلسي عدا عن نهج الرئيس ميقاتي المعتدل وموقفه الاخير من الاحداث السورية الذي لاقى ترحيبا من الشارع الطرابلسي لا بل اعتبرته الاوساط السياسية الطرابلسية انه ينسجم مع نخب طرابلسية ومع شارع واسع في المدينة نظرا لارتباط طرابلس بمصالح تجارية واقتصادية تاريخية مع سوريا ،وان هذه النخب والشرائح ليس من صالحها العداء لقيادة كانت على الدوام الى جانب طرابلس والشمال وقدمت الكثير من خلال علاقات الاخوة والتنسيق ولم تتخلف في يوم عن مد يد المساندة والمساعدة الى لبنان كله والشمال بشكل خاص...
احسبوها.. كي لا تخسر المعارضة الإصلاح والمقاومة السلاح
ـ 'السفير'
نصري الصايغ:
سوريا تندفع إلى الهاوية. لا موانع في الطريق الدموي تؤجل الكارثة. النظام سيدافع عن نفسه حتى آخر ما عنده، وما عند الآخرين، والمعارضة أحرقت مراكبها. البحر من خلفها والنظام أمامها... ولا مفر.
كل ما قبل هذا الاندفاع، بات من الماضي. لا تنفع الاتهامات المتبادلة. لا جدوى بعد اليوم، من اتهام النظام، بما يرتكبه. حتى أهل النظام لا يدافعون عن سيرته وبنيته وسياساته. أهل النظام، يدافعون عن أنفسهم، وليس عن النظام.. لا جدوى من اتهام السلطة للمعارضة بغير ما هي عليه. لا ينفع اتهامها بأنها جزء من المؤامرة، وبالاسلامية والتقسيم وتنفيذ أجندة خارجية. لم يعد مجدياً البتة، توضيب المعارضة في حقيبة السلفيين والمسلمين والعصابات. كما لم يعد ممكناً إعلان براءة أحد، أو نظافة أحد. فالنظام يرتكب، وهو مستعد للمزيد من العنف والاجتياح والاعتقال والقتل والترويع، والمعارضة مستعدة للمزيد من التضحية وتذخير الذات بوسائل، قد تكون قتالية لدى البعض منها، للأسف الشديد.
الصراع المعلن والمفتوح في سوريا لن يحل في نهاية الأمر، على طاولة الحوار أو على طاولات التفاوض. ولن يحل كذلك من خلال الكسب الكلامي. كل طرف في سوريا، يستجمع أوراق القوة ويوظفها في المعركة. النظام، يلجأ إلى ورقة العنف، إلى نعت الثورة بالمؤامرة، إلى ربطها بأميركا وفرنسا وتركيا، إلى اعتبارها مجموعة من العصابات تقود جماهير مغرراً بها... والمعارضة تستجمع أوراق قوتها: دمها الذي تنقل نزفه وسائل اتصال الكترونية، مؤتمرات هنا وهناك وهنالك. توظيف القوى الاقليمية والمحافل الدولية في حراكها... النظام يسمح لنفسه باستعمال الممنوعات. والمعارضة، في بعض أطيافها، تستعمل الممنوعات كذلك (مؤتمر برنار هنري ليفي).
لم يعد كل هذا مجدياً. الطرفان في معركة. النظام ذاهب إلى إلغاء المعارضة بالكامل، والمعارضة ماضية في إسقاط النظام. وما هو ممنوع في أزمنة ما قبل الحسم، يصير حلالا، بكل أسف، في لحظة مواجهة الحقيقة: إما الهزيمة أو الانتصار.
انه زمن الحساب..
احسبوها إذاً. هل حسب النظام كلفة معركته؟ أم أنه حسبها وعرف كلفتها وهو مستعد لتدفيع سواه ما كان باهظاً منها، أم أنه أدرك أن معركته في مواجهة التظاهرات السلمية في أكثريتها، أشد قسوة عليه من مواجهة &laqascii117o;الحركات والعصابات المسلحة"؟ هل قرر قتالهم بقسوة ليقاتلوه بالسلاح، فتسهل عليه المعركة، فيوظفها سياسياً وإعلامياً؟ هل حسب قوته العسكرية فقط، وقوة ضغطه الأمني، أم أنه مطمئن إلى قاعدته الشعبية الصلبة، المؤلفة بكل أسف أيضا، من قوى أهلية ذات صبغات طائفية ومذهبية؟ هل حسب أخطار انزلاق سوريا برمتها إلى حروب أهلية متقطعة ثم متصلة؟
أحسبوها بكل تفاصيلها. بالإمكان قراءة الخريطة السورية بكاملها. لا شيء مستوراً. النظام معروف ومكشوف ولا يحتاج إلى شرح وتفصيل. هو يعتمد سياسة محددة، أكان مقتنعاً بحقيقتها أم مدركاً زيفها. هو، يطيب له، أن يكون في امتحان مواجهة المؤامرة. والمؤامرة، كما هو مفترض، تكون سرية العناوين والتفاصيل. فلماذا هذه المؤامرة، بين ما عرفناه في التاريخ القديم والحديث، ليست سرية، بل هي معلنة وفضفاضة وكثيرة الترداد. أركان المجتمع الدولي، من أميركا والمنظمات الواقعة تحت تأثيرها ونفوذها، مع عدد من دول الغرب، تريد من سوريا أن تفك تحالفها مع إيران ومع حزب الله.. هل من جديد في ذلك؟ أليست هذه مطالب قديمة؟ أين المؤامرة إذاً؟
النظام في سوريا مصر على أن المؤامرة الجديدة تريد تقسيم سوريا. لم يقل لنا كيف؟ لم يصرح بمن؟ إلا إذا افترض أن هذه المعارضة هي رأس حربة الحروب الأهلية ورأس حربة التقسيم، فأقدم على فعل اجتثاثها. لعل المسألة معكوسة: قمع المتظاهرين بالعنف المتمادي يؤدي إلى حروب أهلية ويفضي إلى تقسيم أهلي، لا جغرافي.
هل حسب النظام معركته ليحسم نتيجتها مهما كانت كلفتها؟ لا يعقل ألا يكون مدركاً وعارفاً أن القبضة الأمنية والمطرقة العسكرية، لم تحسما المعركة بعد. لم يكن النظام متساهلاً مع أي تظاهرة أو أي مدينة أو أي حي. كان بالمرصاد العسكري والأمني. هل حسب النتائج؟ ألم يكتشف أن العلاج الأمني، أوقع المزيد من القتلى وسفك المزيد من الدماء وفسخ النسيج الوطني وأضاف إلى الأخطار الداخلية مخاطر التدخل الأجنبي وبلغ حد الاحتراب الداخلي بين مكوّناته، فاستيقظت عصبياتها الطائفية والمذهبية؟ ألم يدرك أن العزلة تشتد والخناق يزداد، وأن الطلاق بين السلطة وأكثرية الشعب صار حتميا، وأن المزيد من العنف، يفتح جراح الماضي كلها، فيحاسب الحزب ويحاكم الأب ويدان البنون؟
احسبوها، إلا إذا كان السائد لدى أي سلطة مغلقة واستبدادية هو منطق: &laqascii117o;عليّ وعلى أعدائي"، أو &laqascii117o;إما أنا أو الفوضى"، أو &laqascii117o;إما أنا أو الأصولية المخيفة" أو &laqascii117o;إما أنا أو الحروب الأهلية" أو، &laqascii117o;إما أنا أو الجحيم". وهذه الوصفة جرى استعمالها والتداوي بها من قبل أنظمة الاستبداد ولم تكن شافية.
إن الاندفاع إلى الهاوية يلغي إمكانية الحوار، يمنع الانفتاح، يلغي التفاوض، ويجعل من القرارات الإصلاحية، حبراً على ورق، أو زينة متأخرة لسحنة سلطة لم يعد لديها ما تتجمل به.
احسبوها. بعد كل هذه الاعتبارات وعلى خلفية ما جاء أعلاه، لا بد من سؤال أخير للنظام: هل الفوز بالقوة محسوم ومأمون، مهما كانت كلفته الإنسانية والاقتصادية؟
لا أحد ينتصر على الشعب إلى الأبد. الشعب باق، والسلطة إلى رحيل والنظام إلى أفول. فالحرب، إذا ربحها النظام، خسر خسارة له وللوطن.
[[[
حساب المعارضة بكامل أطيافها من طينة أخرى. السؤال الأول: هل حسبت قوتها ووظفتها في المعركة السلمية، بشعارات ممكنة التطبيق؟ هل كانت قادرة على الحراك والانجاز أم أنها ذهبت بعيداً في المطالبة بإسقاط النظام، وهي غير قادرة على ذلك.
النظام في سوريا، له خصوصية شديدة الوطأة. هو نظام عسكري، وليس نظاماً حزبياً. حزب البعث مات من زمان. كان مجرد واجهة مدنية بأدوات أمنية. الجيش ليس محايداً أبداً. النظام هو جيشه، وجيشه هو النظام. لا ينفصمان أبداً. لا شبه بين تونس ومصر وبين سوريا. فـ&laqascii117o;السلمية" التي فازت هناك، توعكت في سوريا، وتأزمت في اليمن، وانتكست في البحرين. السلمية في سوريا، غرقت في الدم. والدم في سوريا، لا لون موحداً له، دم الثوار، لا يشبه دم المؤيدين للسلطة. دم هنا، يستنفر غرائز. ودم هناك يستنفر غرائز مضادة. وهذان الدمان، يعبدان الدرب إلى الهاوية، هاوية الاحتراب الأهلي المخيف.
لا أعرف ما كان يجب أن تقوم به المعارضة، ولا أعتبر نفسي مؤهلاً لتقديم أي نصح. أتساءل فقط، عن المخاطر التي تهدد الحراك، كأن يستنقع في التكرار، الذي عرفته معارك الكر والفر في ليبيا. تتحرر مدينة ثم يعاد اقتحامها من قبل القوى العسكرية، مرة تلو مرة. أو كأن يصبح الدم النازف رخيصاً جداً، فتتعامل معه السلطة بالاتهام المسبق والمبتذل، أو كأن يفتح الاستتقاع الدموي الطريق أمام أهوال التدخل الخارجي.
أنحني أمام الدم المسفوك، ولا طاقة لدي لأخذ العبرة وإبداء الرأي، إنما الخوف مشرّع: خوف على المعارضة ومشروعها الديموقراطي، وخوف على سوريا المجتمع والدولة والسياسة والقضية.
خوف يتلبّس من اكتوت قلوبهم بنيران الاحتلال الاسرائيلي في لبنان، وخشية من أن ينزلق الصراع إلى إقالة سوريا من دورها القومي في دعم المقاومة في لبنان وفلسطين. خوف من الخارج الذي يبيع الحرية ويشتريها، لكنه لا يساوم أبداً على مصالحه ومصالح اسرائيل الاستراتيجية. دمشق ليست عاصمة لسوريا... هي عاصمة لفلسطين، من أزمنة قديمة. دمشق عاصمة للمقاومة والممانعة. والشعب السوري فلسطينياً كان... والخوف من القطرية والكيانية والمذهبية والاثنية...
سؤال يقلق ويلح بقلقه، لأن مثل هذا المسار سيؤدي حتماً إلى خسارة الجميع. لا رابح أبداً من معركة مستدامة، يتداخل فيها الوطني المعارض، مع الخارجي المتربص والاقليمي المحتال.
سؤال يقلق ولا يريح صاحبه الجواب التقريبي. سوريا اليوم وسوريا الغد، مسؤولية المعارضة. لقد كتب النظام تاريخه المعروف، وهو بصدد كتابة الفصل الختامي. لا مستقبل لهذا النظام. إذا هزم المعارضة فسيخرج مهزوماً. المعارضة في صدد إنجاز تاريخ جديد لسوريا. ومطلوب بإلحاح، طمأنة القلقين والخائفين على دور سوريا الاقليمي والعربي.
لا نصدق أي دولة عربية. انها أنظمة استبدادية فتاكة. لا نصدق انها مع الديموقراطية والحرية والعدالة والمساءلة وتداول السلطة. هي أنظمة دموية، عفنة، تبعية، قروسطية، لا تصلح إلا لدفن عسى يكون قريباً على أيدي شعوبها... ولا نصدق الدول الغربية الكاسرة، ذات التاريخ المشهود في دعم الاستبداد العربي، وفي تأييد وتشجيع نظام الإبادة الاسرائيلي وسياساته الاستيطانية اللاغية لفلسطين برمتها ولأهلها بأجمعهم. ولأن القلق بهذا المستوى ولا يوازيه إلا القلق على الثورة نفسها فإن المطلوب طمأنة الأمة على مستقبلها والمقاومة على سلاحها. [[[
بعد القلق على المعارضة لا قلق لدينا يفوق القلق على المقاومة في لبنان أساساً وفي فلسطين تحديداً. وهي مقاومة أنجزت تحريراً غير مسبوق البتة، في أزمنة &laqascii117o;الصراع العربي الفلسطيني". وهي مقاومة متجذرة في مستقبل الأمة، وليس في ماضيها الحديث فقط. المقاومة الاسلامية في لبنان، لم تعد مشروعاً من الماضي، كما يقول بعض أهل السياسة في لبنان وبعض أصحاب النيات الشريرة في دنيا العرب. المقاومة هذه، هي العمود الفقري للصمود والمواجهة، في الصراع العربي الاسرائيلي، وهي كذلك في مواجهة سياسات العداء الأميركي الغربي للأمة، ان من خلال تأييدها المطلق لإسرائيل او من خلال نهبها المشرعن بقوة النفوذ والوجود والعسكر للثروة العربية، بالتواطؤ مع ممثلي الغرب الناطقين باللغة العربية.
قلقنا على المقاومة، نابع من حاجتها إلى استمرار الدعم الكامل، وتحديداً بالعدة العسكرية، التي يؤمنها النظام السوري. ولا يفيد أبداً، اتهام النظام بأنه يتاجر بالقضية وبالمقاومة. هذا كلام غير دقيق وغير جائز، لأن المقاومة تتنفس من الرئة السورية والرئة الايرانية، وقلبها ينبض وينزف في لبنان. وهذه حقيقة مثبتة ومؤكدة ومبرهنة بالدم والتضحيات هنا، وبالغضب الدولي على سوريا... سوريا النظام، مغضوب عليها، ليس بسبب نظامها الاستبدادي، بل لدعمها المقاومة في لبنان وتحالفها مع ايران.
معادلة أثبتت صحتها ورجاحتها وفوزها، فيما أنظمة التباكي على الحرية، غربية وعربية، كانت تتفرج على دمنا وتتمنى أن نسقط بالضربة الاسرائيلية القاضية في حرب تموز 2006.
قلقنا مشروع... وقد يفسر هذا القلق، موقف حزب الله في لبنان، من النظام في سوريا، دعماً وتأييداً. هذا النظام كان الحليف القوي والوحيد بين الدول العربية، فكيف يقف ضده، وهو لا يزال بحاجة إليه، فإذا سقط، فإن سؤاله يصير بحجم الأسئلة عن المصير الوجودي.
احسبوا الخسائر. لا خسارة أفدح من خسارة الحرية، لا خسارة تضاهي خسارة الديموقراطية، لا خسارة أشد وطأة من خسارة الكرامة، لا خسارة تتفوق على خسارة الثورة العربية الديموقراطية في سوريا... وشقيقاتها العربيات، المتفرجات أو المنتظرات.احسبوا الخسائر. لا خسارة جسيمة، بجسامة خسارة المقاومة في لبنان. خسارة الربح المؤزر بالدم والتضحية والوفاء والكرامة والنبل والقيم.كم ستكون الخسائر قاتلة، إذا خسرت المعارضة السورية ثورتها، وإذا خسرت المقاومة اللبنانية سلاحها؟ما العمل؟الأيام المقبلة، قد تقذف نوراً في الصدر فننجو من الضلال، أو قد تقذف سهما في القلب، فتكون لنا أفدح مقتلة.من يمنع عنا الهاوية؟ حتى الآن... لا أحد.
الثورة السورية والموقف اللبناني
ـ 'اللواء'
رضوان السيّد:
كان واضحاً منذ بدء المذبحة في حماة أن النظام السوري يقوم بمحاولته الأخيرة لاخماد الثورة، باعتماد النمط الإيراني الذي طُبّق ضد ثورات الطلاب أيام خاتمي، كما طُبق بعد انتخابات محمود احمدي نجاد الثانية عام 2009&bascii117ll; والمعالم الرئيسية لهذا النمط: تقطيع أوصال الأحياء بالتمركز فيها وباطلاق النار العشوائي، وقتل عدد من الناس بمجرد دخول الحي، وترويع السكان من خلال موجات التفتيش والنهب وانتهاك الحرمات&bascii117ll; والأمر الثاني: عدم التردد أمام سفك الدم حتى لو عُرف ذلك في الخارج لإرعاب سائر السوريين وليس المنطقة أو البلدة المعنية&bascii117ll; والأمر الثالث: عدم التردد أمام الرموز الدينية مثل هدم المساجد بالقذائف، والإذلال بالإرغام على التجديف تحت التعذيب&bascii117ll; والأمر الرابع: الاعتماد على الخبرة الإيرانية ليس لجهة التكتيكات فقط، بل ولجهة التجهيزات&bascii117ll; والأمر الخامس: اعتماد لغة الشتم والقطيعة تجاه الخارج العربي والاقليمي والدولي بحجة المؤامرة والتآمر، وليس كما سبق في الشهور الثلاثة الأولى من وعد الخارج والداخل بالتغيير&bascii117ll;
وقد كان هذا هو الوجه الثاني لمواجهة النظام السوري لشعبه الثائر&bascii117ll; وكان الوجه الأوّل وعلى مدى حوالى الأربعة شهور: محاولات إقناع الخارج بفائدة وفوائد بقاء النظام السوري، وأنه كما يملك أن يفيد إسرائيل والولايات المتحدة أو فرنسا، فهو يملك أيضاً أن يضرّ هذه الأطراف إن تضايق أكثر أو حوصر أكثر&bascii117ll; وقد تحول إلى طريق المذابح بوصفها منهجاً لمنع التظاهر، بعدما لاحظ بدء تعوّد العرب والدوليين على العيش بدون نظام الأسد الخالد&bascii117ll; وهكذا فقد أراد - بالمناهج الإيرانية - إرعاب الجميع بالداخل والخارج، بحيث يخف التظاهر تحت وطأة الخوف، وبحيث ترجوه الأطراف الخارجية أن يرأف بشعبه في مقابل تخفيض الضغط عنه! وقد قال بشار الأسد لبعض من زاروه إن الموقف الذي يجد نفسه فيه الان، ليس أصعب من الموقف الذي وجد فيه نفسه عام 2005 على اثر الاضطرار للخروج من لبنان&bascii117ll; وقد صمد وقتها وتصدى (لأميركا وإسرائيل بالطبع!) في العراق ولبنان وفلسطين وفاز وانتصر، فلماذا لا يفوز الآن؟!&bascii117ll;
لن يفوز الآن لأن الثائر اليوم الشعب السوري نفسه وليس اللبنانيين أو العراقيين&bascii117ll; ولأنه قتل من شعبه أكثر من ألفين، والمفقودون ثلاثة آلاف حتى الآن، واللاجئون بتركيا والأردن ولبنان حوالى الثلاثين ألفاً، والهاربون من الجيش أكثر من خمسة آلاف&bascii117ll; ولن يفوز هذه المرة لأن المذابح لا تقتصر على حماة وحمص كما في العام 1982 والافتقار وقتها إلى الاتصالات والمعلومات&bascii117ll; بل كما أن المذابح شاملة، فإن المعلومات شاملة، وفي الداخل كما في الخارج&bascii117ll; ولن يفوز هذه المرّة لأن الجيش السوري لا يستطيع التسليم إلى ما لا نهاية لقيادته الحالية&bascii117ll;&bascii117ll;&bascii117ll; إلخ&bascii117ll;
وقد بدأت بوادر العصيان والتمرد على القتل وأوامره، وعلى ما يشاهده الجنود من قتل على أيدي قوات الأمن والشبيحة&bascii117ll; وقد أقال وزير الدفاع أو استقال احتجاجاً على ما جرى بحماة، فقد كان من رأي الوزير علي حبيب عدم غزو حماة، وعدم استثارة التاريخ المليء بالدم والآلام&bascii117ll;
ولن يفوز النظام السوري بإسكات المواطنين مهما ارتكب من مذابح لأن الزمن زمن الثورات العربية، وحركات التغيير العربية&bascii117ll; وقد كان ممكناً أن يحدث التحوّل السلمي لو أن السلطة تجاوبت بالفعل، لكنها لم تفعل ولن تفعل، لأن الشعب لا يقبل إلا تحولاً حقيقياً ينهي الأسد وأسرته ونظامه بالسلم الخالص أو بالاحتجاج&bascii117ll;
ولن يفوز النظام السوري أخيراً لأن الرأي العام العربي والدولي لن يقبل باستمرار المذابح، وسيزداد الحصار عليه لإضعافه مهما فعلت له طهران (والإيرانيون يطلبون الآن من حكومة المالكي أن تساعد النظام باعتبار الانتماء إلى المحور نفسه، والجنرال سليماني الذي يدعم الرئيس السوري مع حزب الله، هو نفسه الذي كان قد اتفق مع الأميركيين على (التجديد للمالكي)&bascii117ll;
على أن السبب الرئيس لعدم نجاح بشار في سحق ثورة شعبه عليه يتجلى في انتصار الدم على السيف، بإصرار الجمهور السوري على إزالة النظام هناك مهما كلّف ذلك من تضحيات&bascii117ll;
إن الطريف والمأساوي موقف <حزب الله> وإيران ونجيب ميقاتي وحكومته من ثورة الشعب السوري&bascii117ll; فقد نسي الحزب وأولياء اموره مقولة انتصار الدم على السيف&bascii117ll; أما نجيب ميقاتي فأثنى على حكمة الملك عبدالله?بن عبدالعزيز الذي دعا إلى إيقاف سفك الدم في سوريا فوراً، ونسي أن كل مواقفه هو وحكومته من الشعب السوري ما كانت حكيمة: من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإلى ترك الحزب القومي السوري