قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة السبت 13/8/2011

ـ 'الأخبار'
عون وحزب اللّه بين جورج حاوي وبيار الجميّل
جان عزيز:

اكتملت أوركسترا أبلسة حزب الله. قد لا تظهر هذه الصورة جلية للبعض من داخل بيئة الحزب. فهؤلاء إحساسهم بالحرب عليهم أولوية. وقد لا تبدو مستنكرة للمنخرطين في &laqascii117o;حرب شاملة" ضد الحزب، حيث كل الضربات مشروعة، على طريقة القاتل أو المقتول. غير أن المعنيين بالعلاقة مع الحزب من داخل البيئة المسيحية، تفاهماً أو تخاصماً، هم أكثر وأول من يدرك هذا الواقع.
صحيح أن الأمر عمره ربما من عمر حزب الله وسلاحه و&laqascii117o;ولاية فقيهه"، ومن عمر ضاحيته وحروبه ونصره &laqascii117o;ما بعد ما بعد" النصر، لكن المسألة باتت اليوم تتخطاه لتطاول في أغراضها الخبيثة كل اللبنانيين والوطن والكيان. يكفي أن يراجع أي لبناني أخبار بضع شاشات ودزينة صحف ومئات مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية، ليخرج بالصورة النمطية التالية:
أولاً، حزب الله متهم بالتورط في اغتيال رفيق الحريري. وأضيف إليه أمس اتهام إضافي بالتورط في ثلاث جرائم أخرى. وسط كلام عن أن جريمتي اغتيال جبران تويني وفرانسوا الحاج تاليتان على اللائحة، وذلك لحسابات تسويقية مسيحية ضرورية لسيناريو الأبلسة المذكور. فضلاً عن كلام مقابل عن وضع جريمة اغتيال بيار الجميّل قريباً في خانة قريبة من الحزب أيضاً.
ثانياً، حزب الله متهم بالتورط في أحداث سوريا، خصوصاً لجهة المشاركة في أعمال القمع والقتل ضد مدنيين. حتى إن الجهة القائمة خلف أوركسترا الأبلسة تبدو من الإمكانات والوقاحة معاً، أنها استطاعت وضع هذا الاتهام على لسان وكالة أنباء أوروبية عريقة، نقلاً مزعوماً عن وكالة تابعة للأمم المتحدة، ليعاد توزيعه داخلياً مع شهادة منشأ أممية.
ثالثاً، حزب الله متهم بوضع اليد على أملاك المسيحيين، ليس من باب التسلط وفوضى &laqascii117o;الدويلة" وحسب، بل من باب مخطط أمني عسكري &laqascii117o;استيطاني" شامل، يبدأ من كحول النبطية ومهرجانات بعلبك، ويتواصل مع أرض الحدت ومعبر جبيل ـــــ أفقا الرابط بين الجبل والبقاع.
رابعاً، حزب الله متهم بوضع اليد على مفاصل الدولة الرئيسية: لا مسايرة في تعيينات بعض المواقع الإدارية الأمنية، ولا تساهل في استكمال التكامل المطلوب واقعياً وعملانياً، بين الحزب وأجهزة الدولة الفاعلة.
خامساً، حزب الله متهم بتقويض الحركة الاقتصادية السليمة للبنان واللبنانيين: معبر للتهريب عبر مرفأ بيروت، تجارة غير شرعية من مثلث أميركا الجنوبية الى قلب أفريقيا، تهرٌّب من الضرائب على استيراد قطاعات كاملة تضرب صناعات لبنانية برمتها، والأهم تعريض القطاع المصرفي اللبناني لخطر الاستهداف والضرب، نتيجة القرارات الدولية والغربية بتجفيف مصادر تمويل الحزب.
سادساً، حزب الله متهم بالذهاب مع المجتمع الدولي، لا الى مجرد مواجهة قانونية وقضائية عبر المحكمة الدولية، بل أيضاً الى مواجهة عنفية مباشرة. بدليل التلميح في قضايا خطف الإستونيين أو انفجارات اليونيفيل، أو حتى الغمز من قناة إيصال الرسائل الى قائد الجيش عقب زيارته باريس وقبل زيارته واشنطن.
سابعاً، أو كرزة قالب الحلوى أمس، حزب الله متهم بتفجير السلم الأهلي وارتكاب جرائم ضد المدنيين اللبنانيين، على طريقة انفجار أنطلياس.
بالتأكيد ان أياً من هذه الاتهامات لا يصيب صدقية أو إقناعاً ولا اقتناعاً في بيئة حزب الله. لا بل على العكس، الأرجح أنها تصلِّب تلك البيئة خلف خياراتها وقياداتها. وقد يكون هذا هو المطلوب بالفعل، من أجل دفع هذه البيئة وأحزابها الى مزاجات اكثر تصلباً وراديكالية وتأثراً بسياسات الخوف والتخويف، تمهيداً لعزلها الكامل عن شركائها في الوطن.
لكن الواضح ان هذه الاتهامات تصيب أكثر ما تصيب البيئة المسيحية، حيث المعركة الحقيقة لقلب موازين الوطن منذ خمسة أعوام. وسط اصطفافات جذرية ونهائية في البيئات الأخرى. لكن اللافت أنه وسط هذا الاستهداف القاتل بالذات، قررت قيادة حزب الله الاكتفاء بالصمت، أو بإعلام البيانات أو الإطلالات الأحادية. وهو ما يعزوه كثيرون الى قرار تجنب الانزلاق الى الفتنة المذهبية الإسلامية، من دون الانتباه الى الواقع المسيحي المرتبط بهذا الأداء. فيما قيادة العماد ميشال عون منصبة في جهدها السياسي و&laqascii117o;تجاربها" الإعلامية على مسائل أكثر يومية ومعيشية: من الغاز الى الكهرباء والاتصالات والفساد... فيما الاستهداف في كل الاتهامات الأخرى، ينهش من الجسم، ويهدد بالتفاقم.
يقول أحد المؤرخين اللبنانيين إن جورج حاوي أمضى عمره يحمل قضايا أبناء بيئته ومشاريعه لحلها. فيما اكتفى جاره في بكفيا بيار الجميّل الجد، بطرح سؤالين اثنين بلا أي جواب عنهما: أي لبنان نريد؟ وإذا كان لبنان في خطر فبمن تفكر؟ وبعد نضالات عقود، تبيّن أن المسيحيين كانوا دوماً مؤيدين للسؤال، لا للجواب. فهل من ينتبه؟


ـ 'الشرق'
السلاح أولاً‮ ‬والسلاح أخيراً
عوني الكعكي:

لقد سعى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان جاهداً لتثبيت ركائز عهده انطلاقاً من سعيه الى تقريب وجهات النظر بين الاطراف كافة مشدداً على أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع. إلاّ أنّ هذا المسعى لم يتكلل بالنجاح مع الاسف. وإضافة الى مآخذ سجّلها أطراف عديدون على بعض المواقف الرئاسية واعتبروها قريبة لفريق أو داعمة لفريق على حساب فريق آخر، فإنّ الملفين الأساسيين اللذين عمل الرئيس عليهما لم تكن نتيجتهما كما يشتهي فخامته، إذ لم يتمكن من البلوغ فيهما الى أي مكان، ألا وهما الملف المسيحي وملف الحوار الوطني.
ومعروف أنّ التباعد بين قطبي الصراع المسيحي ازدادت فجوته، كما هو معروف أنّ الحوار لم يكن أكثر من طبخة بحص.
ولو بحثنا جدّياً عن السبب وراء ذلك كلّه لتبيّـن أنّه السلاح غير الشرعي الذي يستقوي به فريق من اللبنانيين على الأفرقاء الآخرين جميعاً. وما بقي هذا السلاح في أيدي حامليه، فعبثاً الحديث عن حوار وعن مقررات وحتى عن قيام دولة حقيقية.
والتجارب كثيرة. فبسبب السلاح سقط اتفاق الدوحة. وبسبب السلاح أطيحت حكومة الوحدة الوطنية. وبسبب السلاح لم ينفذ أي قرار من قرارات الحوار السابقة التي اتخذت بالإجماع حتى بموافقة الفريق المسلح خارج الشرعية.
لذلك نرى أنّ لا شيء يمكن أن يتقدّم في لبنان ما بقي السلاح منتشراً في يد الفريق الذي وجّهه الى الداخل مراراً وتكراراً، والذي يلوّح بتوجيهه مرة ثانية وثالثة ورابعة.
والرئيس سليمان يعرف، قبل غيره، أنّه لم يستطع، حتى الآن، وبعد أكثر من ثلاث سنوات على ترؤسه الدولة، أن يشكّل حكومة العهد الأولى بسبب السلاح ذاته الذي يفرض ذاته سواء بإشهار السلاح مباشرة أو عبر القمصان السود.
وانطلاقاً من هذه المعرفة لن يكون للحوار الوطني أي معنى ولن ينتهي الى أي جدوى إذا لم يكن بنده الوحيد السلاح غير الشرعي!


ـ 'النهار'
مشهدا لبنان وسوريا
علي حماده:

في مطلع السنة، ولأسباب ليس هنا مجال تعداده، قام ثلاثة أطراف محليين بتسليم السلطة الى 'حزب الله' والنظام في سوريا عبر 'انقلاب' دستوري في الشكل، مسلّح في الجوهر. في البداية كان انتقال وليد جنبلاط من 14 آذار الى منزلة بين منزلتين في مرحلة أولى، ثم اتخاذه خياراً واضحاً وعلنيا، ليس المهم البحث في أسبابه، بالالتزام مع 'حزب الله' والنظام في سوريا وتاليا انتقل ثلثا كتلته النيابية الى مشروع تغيير المعادلة السياسية في لبنان نحو محور طهران – دمشق. ثم أتى نقض نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي لتعهداتهما الانتخابية، الأول بتقدمه ليثبت أنه 'رجل بشار الأسد' في لبنان بطموحه المَرَضي الى موقع رئاسة الحكومة، والثاني بوضع نفسه في خلفية الصورة كبديل مستعد لنهش 'جثة' نجيب ميقاتي السياسية اذا سقط أو قرر 'أبواه الشرعيان' في رئاسة الحكومة التخلي عنه. أما ميشال سليمان فبقبوله وضع وزير تابع لـ'حزب الله' في خانته هو عدنان السيد حسين سلّم الحزب المذكور ورقة إسقاط الحكومة مسبقاً. وكانت مناورة ميشال سليمان بتأجيله الاستشارت أسبوعاً، لمّا كانت الأكثرية مع سعد الحريري، وبإبقاء الموعد الثاني بعد ضمان أصوات وليد حنبلاط، مشهداً معبراً لانتقال سليمان بالأفعال الى موقع آخر.
ليس المهم البحث في أسباب الأطراف الثلاثة، بل المهم ملاحظة النتيجة: لقد جرى تسليم القرار السياسي الفعلي في البلاد الى كل من السيد حسن نصرالله وبشار الاسد، وعلى هذا الاساس جرى تشكيل 'حكومة المطلوبين' وإن بعد مضي خمسة أشهر. فالقرار بالتعجيل كان سورياً، ومشى فيه الأطراف الثلاثة من دون الالتفات الى أن ثمة حقائق مستجدة على أرض الواقع جعلت الانقلاب في صيغته الأولى يفرغ من مضمونه، فيفقد زخمه، حتى بدا المشهد كأن لبنان دخل بكل تلاوينه في غرفة الانتظار.
حكي الكثير في موضوع الحوار الوطني. فوليد جنبلاط لم يتوقف عن التحدث بطريقة 'غاندية' عن محاسن الحوار، ومساوئ انقطاع التواصل بين القوى السياسية الرئيسية في البلاد، وميشال سليمان ما انفك يعلن أنه في صدد الدعوة الى طاولة الحوار ولكن لبحث أكثر من موضوع. وفي الأثناء بقيت المشكلة الأساس المتمثلة بسلاح 'حزب الله' الميليشيوي الفئوي، وحتى الفوضوي من دون بحث جدي، وكأن الاستسلام للقوة الميليشيوية صار 'فرض عين' على اللبنانيين إن لم يرغبوا في التعرض لغزوة جديدة على غرار غزوات بيروت والجبل. لذلك صار الحديث عن حوار وطني ضرباً من المزاح الثقيل في ظل الانهزامية المخيفة أمام فريق بات فوق ذلك كله طرفاً متهماً بقتل قادة ثورة الأرز وفي مقدمهم رفيق الحريري.
في لبنان مشهد مخجل يعكسه الخائفون من سلاح 'حزب الله'، وفي سوريا مشهد رائع يعكسه ثوار سوريون يخرجون كل يوم للاستشهاد في سبيل الحرية والكرامة، ويواجهون الدبابات بالصدور العارية، ومع ذلك لا تتراجع عزيمتهم، ولن تتراجع حتى يسقط قتلة الأطفال. إنهم أمثولة لكل العرب وأولهم اللبنانيون.


ـ 'الحياة'

(الخصم الحقيقي لشيعة البحرين)
جهاد الخازن:

البحرين أصغر البلدان العربية مساحة وأقلها سكاناً بعد قطر، ومع ذلك فتغطية احداثها في الصحافة الغربية، وتحديداً صحف لندن حيث اقيم، كانت إغراقية وكأن الحديث هو عن الصين.
في لندن حملت &laqascii117o;الغارديان" و &laqascii117o;الاندبندنت" لواء المعارضة، وغلبت ليبرالية الجريدتين كل اعتبار آخر، والى درجة الخلل في التغطية. وأسجل قبل ان اكمل ان &laqascii117o;الغارديان" جريدتي البريطانية المفضلة، وقد عرّفتني عليها المسز جيليت، مديرة ادارة &laqascii117o;رويترز" في بيروت، في الستينات، وانا طالب ومحرر، و&laqascii117o;الاندبندنت" صدرت بعد انتقالي الى لندن واقرأها من اول ايام صدورها. وفي الجريدتين صحافيون مهنيون من ارقى مستوى.
حَمَلتُ الجرائد اللندنية كلها وانا في طريقي الى جدة يوم الاثنين الماضي، وعدتُ الى لندن الاربعاء، وقرأت ما فاتني في السفر.
باختصار كان هناك خبر شغل صفحة كاملة في &laqascii117o;الغارديان" يوم الاثنين، وخبر على صفحتين في &laqascii117o;الاندبندنت"، وعادت &laqascii117o;الغارديان" الثلثاء بخبر شغل نصف صفحتين. وأرجح ان اعمال الشغب في شوارع لندن والمدن الانكليزية الأخرى شغلت الجريدتين عن البحرين الى حين، وأنهما والصحف الاخرى ستعود الى تغطية احداث دولة البحرين فــي اقرب فرصة ممكنة.
المعارضة البحرينية لها طلبات محقة، وقد قلت هذا في السابق وأسجله اليوم، وكنت اتمنى لو ان المعارضة ممثلة بجماعة الوفاق اختارت طريقاً غير المواجهة مع الحكومة، وابتعدت عن المتطرفين امثال حسن مشيمع وجماعة حق التي لا تزيد على كونها طابوراً خامساً ايرانياً.
المشكلة ان الصوت الذي ارتفع بعد عودة مشيمع من لندن لم يكن للوفاق التي نحترمها ونقدرها، وانما لانقلابيين هتفوا صراحة بسقوط النظام وسمعتهم بنفسي في ميدان اللؤلؤة، وأصبح مشيمع يهتف بسقوط النظام، ويحلم بجمهورية اسلامية، كما في ايران، وولاية الفقيه، وانتهى في السجن.
الصحافة العالمية فاتها هذا الجانب الانقلابي من احداث البحرين، وان ذكرته فعَرَضاً وضمن اضيق نطاق. وكنت اتوقع اهتماماً أكبر لأن لبريطانيا دوراً في الموضوع، فمشيمع عاد الى البحرين من لندن، وذكرني تطرفه بطبيب سعودي جاء الى لندن معارضاً، واحتضنته الميديا الى درجة المشاركة في برنامج تلفزيوني شعبي، ثم تبين ان اعتراضه على الحكومة السعودية هو انها لا تحكم كفاية على اساس الشريعة، واختفت اخبار الرجل ونشاطه بعد ذلك ولم اعد اسمع عنه شيئاً.
ما زلت مقتنعاً بأن الملك حمد بن عيسى وولي عهده الامير سلمان بن حمد سيقدمان الى المعارضين الكثير على طاولة الحوار، وبأن المعارضة لن تحقق شيئاً إلا من طريق الحوار الوطني الخالص المخلص.
لا اقول إن المعارضة ستحصل على كل شيء، وانما اقول انها ستحصل على الكثير، وكل ما عليها هو ان تنتظر فرصة للمطالبة من جديد في المستقبل.
الملك عيّن لجنة لتقصي الحقائق برئاسة المصري الاميركي محمود شريف بسيوني، وهو حقوقي بارز سمعته عالية. والتعيين وحده يكفي للتدليل على حسن نية الحاكم، كما ان بدء اطلاق المعتقلين دليل آخر. وانتظر ان يطلق سراح المزيد قبل ان تصدر اللجنة تقريرها عن الأحداث في تشرين الأول (اكتوبر) المقبل، وأرجح ان يضم التقرير اقتراحات جذرية لرأب الصدع.
الخصم الحقيقي لشيعة البحرين هو ايران، ولا اقصد الايرانيين وانما النظام بمرشده ورئيسه وتطرفه وغوغائيته وأطماعه ما أخاف الجيران. وكنت نقلت عن وزير خارجية خليجي في هذه الزاوية قوله: &laqascii117o;اننا مستعدون لدخول حرب مع ايران دفاعاً عن انفسنا، ومع العراق اذا ايدت حكومته الشيعية ايران حتى لو ادى ذلك الى تقسيم العراق". الوزير قال ان بلاده تدافع عن نفسها في البحرين، وهذا رأي المملكة العربية السعودية التي ارسلت 1200 عسكري لم يفعلوا شيئاً ثم انسحبوا وقرأت انهم &laqascii117o;جيش احتلال".
مرة اخرى، أنصح الاخوان في الوفاق بأن يعودوا الى طاولة الحوار اولاً لاستحالة ان يحققوا شيئاً بالقوة، وثانياً لأن الملك وولي عهده في نية الاستجابة للطلبات الممكنة، وثالثاً لانني اتمنى الخير لشعب البحرين كله.


ـ 'الحياة'
من يبدأ الحرب هذا الخريف: إسرائيل ام سورية؟!
سليم نصّار:

تتناقل الاندية السياسية والإعلامية في بيروت خبر اندلاع حرب مفاجئة في المنطقة. بينما يتحدث الصحافيون عن حتمية وقوعها استناداً الى مصادر مختلفة.
ما هي حقيقة هذه المصادر، ومن هي الجهة التي ستبدأ الحرب؟ المصدر الاول كان الكاتب ام جي روزنبرغ الذي نشر مقالة تحت عنوان: اسرائيل تهاجم ايران في الخريف!
واستند في توقعاته الى ما قاله روبرت باير في برنامج &laqascii117o;موجز الخلفيات" الذي تبثه قناة &laqascii117o;لوس انجليس". وفي هذا البرنامج المعروف ذكر باير ان اسرائيل ستضرب مفاعلات ايران النووية خلال الخريف المقبل.
وفي تقديره ان اسرائيل ستورط الولايات المتحدة في حرب ثانية بعد حرب العراق، معرضة بذلك مصالحها الحيوية وقواتها العسكرية لخطر اعتداءات متواصلة. ويعتبر باير الذي ارتكز روزنبرغ الى استنتاجاته، من أبرز عناصر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) في منطقة الشرق الاوسط. وقد نشر منذ مدة كتاباً بعنوان: &laqascii117o;سيريانا"، احدث ضجة في العالم العربي بسبب تناوله مجريات الاحداث من زاوية المطلع على خفايا المنطقة وأسرار زعمائها. ولهذا السبب تحولت فصول الكتاب الى فيلم مثير عهد الى الممثل جورج كلوني بأداء دور البطولة فيه. وقد نال جائزة الاوسكار على ذلك الدور المشوق.
المصدر الآخر الذي اعتمده روزنبرغ كان مستنداً الى معلومات صحيفة &laqascii117o;معاريف" التي نقلت وقائع الخلاف السياسي الذي انفجر في اسرائيل بين الحكومة من جهة وقادة اجهزة الاستخبارات من جهة اخرى. وقالت الصحيفة على لسان مخبرها بن كاسبت ان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع ايهود باراك عقدا جلسة مصارحة مع رؤساء الاجهزة الامنية من اجل توضيح الحاجة الى ضرب المفاعلات النووية الايرانية. وكان بين الحضور: مئير داغان، رئيس &laqascii117o;الموساد"، وغابي اشكنازي، رئيس اركان الجيش، ويوفال ديسكن، رئيس منظمة &laqascii117o;شين بيت"، وآموس يدلن، رئيس الاستخبارات العسكرية.
افتتح وزير الدفاع جلسة النقاش بعبارة محرجة قال فيها: إما الآن... وإما تأجيل هذه العملية الى الأبد. وتصدى له رئيس &laqascii117o;الموساد" ليرد على لجاجته برسم صورة قاتمة عن احتمالات ردود فعل ايران وحلفائها في سورية ولبنان وغزة.
ثم تناول داغان الموضوع من وجهة نظر الولايات المتحدة، مؤكداً ان أي هجوم يستهدف مفاعلات ايران النووية، سيعرض المصالح الحيوية الاميركية لخطر الانتقام. وهذا ما حذر منه الرئيس باراك اوباما اثناء استقباله نتانياهو في زيارته الاولى لواشنطن.
وعاد الوزير باراك ليدافع عن موقف الحكومة، مذكراً العسكريين بأن الوضع الحالي مع ايران لا يختلف عن وضع اسرائيل عام 1981 مع العراق. يومها اتخذ مناحيم بيغن قراره بضرب المفاعل النووي العراقي. وعارضه في حينه شمعون بيريز وعازار وايزمان اللذان اعربا عن تخوفهما من تهديد صدام حسين بقصف تل ابيب.
ثم توقف باراك قليلاً ليقارن بين الماضي والحاضر ويسأل مئير داغان: لو ان بيغن اخذ بمنطق بيريز ووايزمان لكنّا سنواجه اليوم عراقاً مدججاً بالسلاح النووي!
وقاطعه اشكنازي مبيناً له ان ايران استفادت من تجربة العراق لتوزع تجاربها على عشرة مفاعلات مبنية في اماكن خفية متباعدة. ومعنى هذا ان تحديد اهداف القصف سيكون صعباً وربما خاطئاً. اضافة الى هذا، فإن عام 2011 يختلف عن عام 1981، الامر الذي يقود الى اندلاع حرب اقليمية مع مئات الصواريخ المعدّة للانطلاق من جنوب لبنان وغزة.
المهم ان النقاش الحاد لم يقنع العسكريين بأهمية تسديد ضربة استباقية وقائية لإيران. وكانت النتيجة ان صرفوا من الخدمة وسط حملات اعلامية شارك فيها الرأي العام الاسرائيلي.
وبعد مرور فترة قصيرة على ذلك الاجتماع الفاشل، وقف مئير داغان على منبر جامعة تل أبيب ليدافع عن وجهة نظره ويتهم نتانياهو بالجنون. ورد عليه رئيس الوزراء بعبارة حملت كل اتهامات التخوين والجبن، واصفاً كلامه بـ &laqascii117o;نباح كلب مسعور"!
ولكن القرار السياسي لا يصبح مؤثراً وفاعلاً الا اذا دعمه القرار العسكري التنفيذي. وهذا ما توافر لخطة ضرب المفاعل النووي العراقي.
وبما ان العسكريين الجدد لم يوافقوا ايضاً على شن الحرب على ايران، فقد لجأ رئيس &laqascii117o;الموساد" المعيّن حديثاً تامير فردو، الى خيار سلفه داغان. اي خيار تصفية علماء الذرة الايرانيين والإقدام على اغتيالهم. وربما توقع داغان وخلفه من وراء هذا الخيار، تأخير انتاج القنبلة النووية الى حين نضوج ثورة المعارضة بحيث تنجح في الاستيلاء على الحكم وإلغاء المشروع الذري.
آخر ضحايا هذه النظرية كان العالم رضائي درويش الذي أرداه درّاج بخمس رصاصات، ثم توارى عن الانظار في العتمة مع رفيقه. وقد نفذت عملية الاغتيال في منطقة تقع خارج طهران.
آخر السنة الماضية قتل عملاء &laqascii117o;الموساد" في ايران عالمين من علماء الذرة هما الدكتور فريدون عباسي ومسعود علي محمدي. وتعترف حكومة احمدي نجاد بأن هذه العمليات بدأت عام 2007 مع مقتل الدكتور اردشير هوسنبور الذي كان يعمل في مفاعل اصفهان.
ولم تكن حرب التصفيات الجسدية لعلماء الذرة في ايران، هي الوسيلة الوحيدة التي استخدمتها &laqascii117o;الموساد" بالتعاون مع &laqascii117o;سي آي ايه"، لوقف المشروع النووي. فقد زار نتانياهو موسكو بهدف اقناع قادة روسيا بأهمية تراجعهم عن المشاركة في انتاج القنبلة الايرانية. فإلى جانب تأثيراتها الامنية في الهجرة المعاكسة من اسرائيل بسبب تهديدات الرئيس احمدي نجاد، فإن توازن القوى يحرم الدولة العبرية من هيمنتها العسكرية.
وقد عبرت واشنطن عن مخاوفها من نتائج امتلاك ايران القنبلة النووية، ومن احتمال انتشار هذا السلاح في دول المنطقة، بدءاً بمصر... مروراً بالسعودية، وليس انتهاء بدولة الامارات المتحدة.
يوم الاربعاء الماضي، اعلن الرئيس محمود احمدي نجاد ان بلاده اصبحت دولة نووية. واتهم شبكات التجسس الاجنبية بمحاولة زعزعة الامن الداخلي. وقال ان اهم انجازات حكومته خلال السنوات الماضية يتمثل في جعل ايران دولة نووية.
الديبلوماسيون في طهران فسروا اعلان نجاد بأنه محاولة سياسية لتخفيف الضغوط الخارجية على بلاده. ذلك انه اراد تطمين الدول الغربية الى ان ايران اصبحت دولة نووية تحاكي اليابان من حيث تقدمها في مجال الذرة. ولكنها مثل اليابان تملك مقومات صنع القنبلة من دون ان تصنعها بعد. اما على مستوى الامن، فقد بعث الى &laqascii117o;الموساد" برسالة سياسية واضحة مفادها ان المفاعلات لم تعد بحاجة الى الخبراء الذين تتعقبونهم وتغتالونهم.
يبقى الجانب المتعلق بروسيا التي اعلنت انها اوقفت تعاونها النووي مع ايران. ويقال في هذا السياق، ان موسكو وعدت واشنطن بسحب خبرائها من المفاعلات الايرانية مقابل مساعدتها على وقف نشاط معارضي الشيشان داخل روسيا، قبل انتخابات الرئاسة.
منذ عام 2007 يحاول المراسلون في طهران اكتشاف المصادر الخفية التي تزود &laqascii117o;الموساد" بالمعلومات الصحيحة حول خبراء الذرة وأماكن وجودهم. وتزعم الصحف الاسرائيلية ان منظمة &laqascii117o;سافاك" في عهد الشاه كانت مرتعاً خصباً لـ &laqascii117o;الموساد"، الامر الذي ترك بعض العناصر التي تعمل في الخفاء تحت مظلة الجمهورية الاسلامية.
اضافة الى هذا، فإن الجنرال الايراني علي رضا اصغري، الذي فر الى الغرب، قدم معلومات غزيرة حول هذه العناصر. كما قدم لمستشار الامن القومي ستيف هادلي (في عهد جورج بوش) أدلة قاطعة تتعلق ببناء مفاعل نووي في منطقة دير الزور السورية. وبما انه كان مكلفاً بدور المراقبة من جانب دولته ايران، فقد اعطى الاميركيين كامل تفاصيل المشروع الذي اشرف عليه خبراء من كوريا الشمالية، ومولته طهران بمبلغ بليوني دولار.
وعلى الفور بدأت الاقمار الاصطناعية الاميركية بتصوير الموقع. ولما تأكدت واشنطن من صحة المعلومات اعطت الضوء الاخضر لاسرائيل التي ارسلت طائراتها الحربية لتدميره. وبقي الأمر سراً لمدة طويلة، الى ان صدر كتاب ميخائيل زوهر ونسيم مشعال، ليكشف اسرار تلك المغامرة العسكرية تحت عنوان: &laqascii117o;الموساد... عمليات كبرى". وزعم الكاتبان ان الاسم الشفرة لتلك العملية التي نفذتها طائرات &laqascii117o;اف – 15"، كان &laqascii117o;بستان الفاكهة".
بقي السؤال المتعلق بقنبلة ايران الذرية، وما اذا كان ما اعلنه الرئيس نجاد حول بلوغ بلاده مستوى الدول النووية، كافياً لرفع الحظر الاميركي عن قرار ضرب مفاعلات ايران؟!
يقول المراقبون ان نتانياهو قد يقدم على هذه المغامرة من اجل نسف الجهود الدولية الرامية الى اعتراف العالم بدولة فلسطين اثناء الاجتماع السنوي للامم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل. ولكنه في الوقت ذاته سيبقي خيار مهاجمة ايران مفتوحاً مع الحفاظ على الغموض في شأن توقيت التنفيذ. علماً ان اهتمامه بإعلان دولة فلسطين يفوق كثيراً اهتمامه بامتلاك ايران قنبلة نووية. والسبب ان الاعتراف الدولي بفلسطين – لا فرق أكان من طريق مجلس الامن ام الجمعية العامة – يشكل بداية نهاية مشروع المستوطنات التي اقيمت اصلاً لمنع قيام دولة فلسطينية متماسكة وقادرة على البقاء. وفي كتابه &laqascii117o;مكان بين الامم"، يقسم نتانياهو بأنه لن يسمح لحزبه او لأي حزب اسرائيلي آخر بقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة لاستيعاب المقيمين واللاجئين، لأن هذه الدولة المحشورة بين الاردن وبلاده، ستتمدد باتجاه دولة اليهود.
تقول الصحف الفرنسية والبريطانية والالمانية، ان نظام الاسد ربما يكون المستفيد الاول من اندلاع حرب في المنطقة. وقد اعرب الرئيس بشار عن اسفه امام شخصيات لبنانية، لأن جنوده لم يشاركوا في انتصار &laqascii117o;حزب الله" عام 2006. ولكن حاجته الى الحرب اليوم تفوق حاجته الى السلام قبل خمس سنوات.
بعض المحللين يناقض هذا التوجه على اعتبار ان نصف الجيش السوري مستنفر لتنفيذ عمليات ضبط الامن ومنع التمرد داخل اكثر من خمسين مدينة وبلدة وقرية. وعليه يرى العسكريون ان من الخطأ فتح جبهة خارجية اذا كانت الجبهة الداخلية معادية او مضطربة.
المراسلون داخل سورية يتطلعون الى محاولة الانقاذ من زاوية مختلفة. ذلك ان المعالجة السياسية في نظرهم لن تثمر إلا اذا اقدم النظام على مغامرة جريئة توقف التململ الداخلي، وتحض الدول العربية على دعم سورية في حال هاجمت اسرائيل بهدف استرداد الجولان.
صحيح ان سورية قد تتعرض لضربة انتقامية موجعة توجهها اسرائيل الى منشآتها الحيوية... ولكن الصحيح ايضاً ان الضربات الداخلية المتوقعة ستكون اقسى على وحدة البلاد وتماسكها الوطني... خصوصاً ان &laqascii117o;حزب الله" سيجد في هذا المخرج فرصة ذهبية للتخلص من تبعات المحكمة الدولية!


ـ 'الشرق الأوسط'

بروجردي: ثورة السوريين سببها مصر!
عبد الرحمن الراشد:

لم يخجل أن يتحدث في القاهرة معلنا صراحة وقوفه إلى جانب النظام السوري، في العاصمة المصرية. أول ضيف من النظام الإيراني يزور مصر بعد الثورة، رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي، لم يتفاد الأسئلة أو يلجأ إلى الإجابات العامة بل بوقاحة اتهم ملايين السوريين الذين يخرجون كل أسبوع ضد النظام بأنهم جزء من مؤامرة أميركية سببها الثورة المصرية. قال، &laqascii117o;أميركا فقدت مصر كقاعدة مهمة في المنطقة، وبالطبع تضررت كثيرا هي والكيان الصهيوني، ولهذا السبب قام الجانب الأميركي بحشد كل استعداده وطاقته لكسر المقاومة في سوريا". أي إن أميركا حشدت كل ملايين السوريين من درعا إلى حماه لكسر المقاومة، والمقاومة يقصد بها النظام السوري الذي لم يطلق رصاصة في أربعين سنة ضد إسرائيل!
الخلاف مع إيران حول كل القضايا تقريبا مفهوم ومقبول في إطاره، من مقاومة حزب الله المزعومة التي تهدف للسيطرة على لبنان إلى الخلاف على أسعار النفط، إلا أن جرأته على الإدلاء بمثل هذه الاتهامات للشعب السوري في أكبر عاصمة عربية ألهمت الثورة السورية نفسها تؤكد أن إيران عاجزة عن فهم التغيرات التي تحدث في المنطقة.
إيران، بغض النظر عن متى وماذا ستتمخض عنه الثورة السورية، هي الخاسر الأكبر. حرق الأعلام الإيرانية في الساحات السورية أبلغ تعبير حيث يرى الشعب السوري أن إيران شريكة في قمعه، ويؤكد هذه الاتهامات ما قاله بروجردي في القاهرة من أن إيران ستقوم بمساعدة سوريا لتأمين استقرارها وهذا لا يفسر بأكثر مما تتحدث عنه الأخبار من إرسال ميلشيات إيرانية وأسلحة ودعم على كل الأصعدة لإسناد النظام الحليف.
إيران قلقة على نفسها لأنها تواجه استحقاقات شعبية نتيجة اتساع شقة الصراع بين أركان الحكم فيها وزيادة النقمة الشعبية ضد النظام سياسيا واقتصاديا. والشعب الإيراني يرى بأم عينيه اليوم كيف أن موارده تبدد على دعم الأمن والجيش السوري في قمع مواطنيه، ويرى أن تصرفات حكومته في طهران تزيد من غضب الشعب السوري.
لا يهم ما الذي يقوله أركان النظام الإيراني، وما يعلنونه صراحة ضد الشعب السوري لأننا أمام حتميات تاريخية تقول بأن أنظمة القمع مآلها السقوط. واليوم صاحب القرار لن يكون إيرانيا ولا أميركيا ولا تركيا، بل ما هو إلا الإنسان السوري نفسه، الذي يخرج كل يوم متظاهرا رغم القتل وبشاعة التعذيب وكل القسوة التي لم يشهد مثلها العرب في تاريخهم المعاصر، إلا في زمن نظام صدام العراق.
لا يغرنه الترحيب البروتوكولي الذي يجده في القاهرة اليوم لأن الموقف المصري يستحيل أن ينتهي في نفس الخندق الإيراني إلى جانب النظام السوري. فقد سعت إيران منذ سقوط حكم مبارك إلى تطوير العلاقة وتغيير بوصلة سياسة مصر الخارجية، وهو أمر مستبعد. فمصر منذ عام 1952 لم تكن قط مع نظام إيران نتيجة توازن القوى في المنطقة أو بحكم الخلافات العميقة بين النظامين في كل العهود السابقة. أما المصريون الذين ثاروا على نظام التمديد والتوريث والفساد والقمع فلا يعقل أن يكونوا في نفس الخندق مع إيران وسوريا التي تتربع على قمة الأنظمة السيئة.


ـ 'الشرق الأوسط'
فرعون سوريا!
طارق عبد الحميد:

بجوار منزلي في جدة مسجد يؤم فيه إمام ذو صوت عذب، وبينما كنت أَهمُّ بالنزول من سيارتي لدخول المنزل كان الإمام يتلو آيات من سورة القصص أثناء صلاة التراويح، ومنها: &laqascii117o;إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ".
وأول ما تبادر إلى ذهني هو ما يفعله بشار الأسد بسوريا، حيث يقتل البشر، وينكل بهم، وتهدم دور العبادة، وأبسط مثال صورة مئذنة مسجد عثمان بن عفان وهي تقصف أمام العالم دون مراعاة لحرمة المساجد، أو الشهر الفضيل، حيث إننا أمام نظام يريد حكم شعبه ولو بالنار والحديد.
نعم إن الأسد هو فرعون سوريا، وهو من أشد المفسدين في الأرض، حيث لم يفسد على السوريين حياتهم وحسب، بل وأفسد على المنطقة أمنها، واستقرارها، منذ عقود، وبشعارات زائفة لم تنطلِ إلا على المفسدين من أمثاله. ولذا فإن السؤال اليوم للجميع، وخصوصا من يناصرون النظام، في لبنان وإيران: أهذا هو النظام الذي تتحالفون معه؟! أهذا هو حليفكم أيها المتشدقون بالإسلام، والكرامة، والممانعة؟!
ولنسمي الأشياء بأسمائها، فإن السؤال هو لعقلاء الشيعة في منطقتنا: أهذا هو حليفكم، والمحسوب عليكم في منطقتنا؟! فمتى يخرج من الشيعة مثل من خرج من السنة وأنكر على &laqascii117o;القاعدة" إرهابها، وأنكر على بعض المحسوبين على الدين من رجال السنة وتصدى لهم طوال العشر سنوات الماضية؟! فإذا كان موظفو النظام يكذبون على الناس بدافع الولاء الأعمى، والتبعية الطائفية المقيتة، مثل مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة الذي يقول إن بشار الأسد أكثر الحريصين على أبناء الشعب السوري، فما عذركم أنتم؟! ولماذا يطول صمتكم؟!
أنكر السنة على &laqascii117o;القاعدة" إرهابها، وعلى بعض الأنظمة العربية قمعها، كما أنكروا على معظم الأنظمة العربية ترددها في الإصلاح، مثلما أنكر السنة أيضا على حماس جنوحها عن خط المصلحة الفلسطينية، وانشقاقها وتشرذمها، وأنكر السنة على نظام صدام حسين قمعه، والأمثلة كثيرة، حيث بات السنة بحرا من جزر ومد في كل نازلة، وكل ما يشغل الأمة، فأين أنتم يا عقلاء الشيعة من خبث النظام الإيراني، في كل مكان، سواء في إيران أو المنطقة؟! وأين أنتم من الفرقة التي يبثها حزب الله في لبنان؟! وأين أنتم من فساد وإفساد نظام بشار الأسد في سوريا؟! أين أنتم من قول المحسوبين عليه بأنه سيدعم الشيعة ضد الأنظمة الخليجية، في السعودية، والبحرين، والكويت؟! فأي إهانة بعد هذه، وأي تخوين؟!
ليس الحديث هنا حديث طائفية، لكنه لغة واقع الحال للأسف، فحين ارتكب ميلوسوفيتش جرائمه في قلب أوروبا، هبّ الغرب، ومنه أوروبا بالطبع، لإنهاء قمعه، وإنقاذ المسلمين، واليوم تتوسل هيلاري كلينتون إلى العالم، والبعض بمنطقتنا للأسف، من أجل أن يقفوا موقفا حازما ضد الأسد، بينما بيننا من هم صامتون، ومن هم مبررون، والأسوأ من كل ذلك من هم متلحفون بعباءة الطائفية دون أن يقولوا كلمة حق في كل مصائب المنطقة، وآخرها، وأسوؤها، فرعون سوريا بشار الأسد!


ـ 'المستقبل'
المستقبل اليوم:

ثمة صورة تزداد قتامة وسواداً لتضيف إلى 'مآثر' حكومة الانقلاب مآثر إضافية. فإلى الانفلات الأمني الممتد من الجنوب حتى انطلياس مروراً بالضاحية وملحقاتها، وتولّي الحكومة 'رسمياً' مهمة التضليل والطمس.. إلى كل ذلك فإن الضربة على العصب الأهم من أعصاب الجسم اللبناني يسير باضطراد موازٍ: كلما خرجت تظاهرة سلمية للتعبير عن موقف من الأهوال الحاصلة في الجوار، كلما واجهتها عصابات شبيحة 'شبه رسمية'.. والأنكى من ذلك هو أن حكومة الانقلاب ترى ذلك وتطنّش، بل وتمارس ما هو أكبر من التطنيش.
لا بأس بذلك، لأن كل ما يجري يؤكد في نهاية المطاف طبيعة هذه الحكومة. لكن لا بدّ من التذكير بأن اللعب بعصب الحرية فيه مسٌّ بمسلّمات أكبر من كل الناس، ولم يسلم في تاريخ هذا البلد أي طرف حاول أن يخنق حرية اللبنانيين.
وبالمناسبة، فإن بياناً للعلاقات الإعلامية في 'حزب الله' دعا بالأمس إلى 'وضع الضوابط الكفيلة بضمان عدم استمرار بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية في نهجها التضليلي'!! ماذا يعني الحزب الحاكم بقصة الضوابط؟ وهل فعلاً يظن أن إعلام لبنان، والإعلام العربي في لبنان يمكن أن يصبح مثل إعلام النظام في سوريا.. أو النظام في إيران؟؟
في الجواب عن ذلك، يقال أن معضلتنا الحقيقية مع هذا الحزب تكمن في أنه يتصرف فعلياً وكأننا في سوريا أو إيران.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد