جريدة الحياة / راي وافكار
المقال: عشية أنابوليس: غياب الاستراتيجيا في اسرائيل!
الكاتب : مرزوق الحلبي
- ان أبرز ما يُمكن أن نشير إليه في الوضع الإسرائيلي الراهن هو غياب الاستراتيجيا أو الخيار الاستراتيجي. وهي حالة مستمرة منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق اسحق رابين قبل 12 عاما. بمعنى أن النخب المتنفّذة تعدم الخيار الاستراتيجي.
ومن نتائج ذلك أن النخب تلك لم تستطع إدارة الحرب الأخيرة على لبنان أو الاستفادة من تفوق إسرائيل العسكري المطلق. كما أنها تبدو عاجزة عن استثمار ما هو متاح من فرص لها بفعل التدخل والرعاية الدوليين لإحداث انفراج في حالة الصراع مع الفلسطينيين والعرب عموماً...وإن غياب &laqascii117o;استراتيجية وطنية" إسرائيلية في السنوات الأخيرة دفع النُخب الإسرائيلية أكثر فأكثر إلى الانخراط في المشاريع الاستراتيجية الأميركية.
- وقد جاء هذا التدخّل الامريكي عبر ثلاث قنوات أساسية وهي: أولا ـ التدخّل المباشر في جولات الانتخابات الإسرائيلية بدعم مرشحين أو أحزاب. ثانيا ـ من خلال تحريك أوساط البيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ في اللعب بالسياسة الإسرائيلية والتأثير على قيادات حزبية وسياسية. ثالثا ـ من خلال دعم مراكز بحث وباحثين إسرائيليين وحلقات التشاور وصنع السياسات في إسرائيل.
اختارت النُخب الاسرائيلية، تحت تأثير المنظومة الاقتصادية العولمية، أن تتنازل عن رعاية الدولة للمجتمع وبنائه وتكريس تضامن أبنائه لصالح قوى السوق وإطلاق العملية الاقتصادية كما إن السعي وراء الحياة الطيبة والمرفّهة أدى إلى فقدان المنظومة العسكرية للمهارات البشرية التي انتقلت إلى القطاع الاقتصادي.. فيما انفتحت في الحياة العامة نقاشات قديمة أولها مسألة توزيع عبء الخدمة العسكرية بين قطاعات المجتمع الإسرائيلي وآخرها مكانة العرب الفلسطينيين مواطني إسرائيل في إطار تسوية محتملة وعلاقتهم بالدولة اليهودية في غياب التسوية، مرورا بتفجّر أزمة جهاز التربية والتعليم على مراحله وتواصل إضراب نقابات المعلمين والمحاضرين الجامعيين المرشّح للاتساع منذ شهر ونصف الشهر، ومعاودة السجال حول يهودية الدولة وديموقراطيتها.....الامر الذي يصعّب على النخب الإسرائيلية الآن بقياداتها ورموزها الذهاب باتجاه قرارات مصيرية في المستوى السياسي الاستراتيجي، هذا علما بأن استطلاعات وأبحاثا دورية، ترصد &laqascii117o;مزاج السلام" الإسرائيلي، تشير بشكل منهجي إلى وجود غالبية إسرائيلية راغبة في مواصلة مسار التفاوض مع الفلسطينيين والعرب تطلعا إلى تسوية.