قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 29/8/2011

ـ 'الجمهورية'

'الغارديان': هل سيتخلّى حزب الـله عن الأسد؟

&laqascii117o;بينما يوفّر الرئيس السوري كل الدعم الضروري واللازم لحزب الله لتحقيق أهدافه، إلا أن بقاء الحزب لا يتّصل ببقاء نظام الأسد". هذا ما كتبته صحيفة &laqascii117o;الغارديان" البريطانية أمس في تقرير جاء فيه:
&laqascii117o;تنامت الضغوط الدولية بشكل متزايد على نظام بشار الأسد. فبالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، قامت دول عدة، من ضمنها الأردن والسعودية وتركيا، باتخاذ خطوات تصعيدية من أجل إبعاد نفسها عن النظام السوري المتعثّر. وحسب رأي الكاتب الإيراني مير جافندافار، فإنّ القيادة الروحية الإيرانية ستدعم الأسد فقط إلى درجة ما يخدم الثورة الإسلامية الإيرانية القائمة".
وأضاف التقرير: &laqascii117o;تقوّم هذه الدول سياساتها تجاه سوريا مع التركيز على إمكان سقوط الأسد من السلطة والنتائج المترتبة عن ذلك. ولا تختلف مقاربة حزب الله تحت قيادة السيد حسن نصرالله لهذه القضية عن هذه الدول، وكما أشار دايفد هيرست فإن نصرالله قد جعل حزب الله &laqascii117o;اللاعب السياسي الأكثر نفوذا في لبنان، وربما أبرع منظمة مسلّحة في العالم". ونصر الله لن يتساهل في تعريض هذه الإنجازات للخطر.
ومن الواضح أنّ حزب الله قد عزّز دوره السياسي بفضل مختلف أنواع الدعم التي يقدّمها الأسد. وهذا الدعم يتضمن المستلزمات المادية وتوفير ملجأ آمن لقيادات الحزب. كما أن سوريا تؤدي دور الحليف الموثوق والتي تمر عبره شحنات الأسلحة والمال من إيران إلى لبنان. ومع ذلك، وبقدر ما دعم الأسد مهم بالنسبة الى حزب الله، إلّا أنّ بقاء نظامه لا يحتلّ الأسبقية على أهداف الحزب المتمثلة بـ: هزيمة اسرائيل، تهميش النفوذ الأميركي وإنشاء قوة شيعية إقليمية".
وأشار التقرير إلى &laqascii117o;أن حزب الله يعرف أنّ في حال سقوط نظام الأسد، فإنّ سوريا ستشهد صراعا على السلطة غير واضح النتائج بين الطائفتين العلوية والسنّية. ومن السيناريوهات المحتملة التي يخشاها حزب الله، بروز جماعة الإخوان المسلمين، التي لطالما تعرضت للتنكيل (...) وتكبدت مجزرة كبيرة (...) في حماة في العام 1982، والتي ستكون متردّدة جدا في قبول استمرار الرعاية الإيرانية التي تميز طبيعة العلاقة بين الأسد وإيران".
أضاف التقرير: إن نصرالله مستعد، إذا ما وجد أهمية في ذلك، لنقل دعم حزب الله الى خلف الأسد. وهذا الخلف سيكون الشخص الذي يعتقد حزب الله أنه قادر على توفير استمرارية نسبية للعلاقة التي كانت بين الحزب والأسد، والقادر على كبح أي حرب أهلية داخل سوريا. كما أن على حزب الله الأخذ في عين الاعتبار الوقائع السياسية اللبنانية. ففي لبنان، تمكّن حزب الله من بناء نفوذه السياسي الحالي من خلال مزج أنواع مختلفة من القوى السياسية، ما بين تيار ميشال عون والخصم الشيعي السابق حركة أمل. ومن خلال هذه الاستراتيجية، تمكّن نصر الله من جعل حزب الله قوة سياسية مرنة وعنيدة في الوقت نفسه.
واعتبرت &laqascii117o;الغارديان" أن حزب الله &laqascii117o;يدرك تماما أنه يجب تعزيز قاعدة الدعم الشعبية. فالبوارج الحربية السورية التي تقوم بقصف مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وصور قوات الأمن السورية التي تطلق النار وتقتل المتظاهرين العزّل لا تتناغم مع صورة الحزب التي لطالما عمل على تنقيتها وصوغها بطرق أفضل، صورة الحزب التي تتركز على أنّ أعضاء الحزب هم ورثة معركة كربلاء المجاهدين في سبيل التحرر والتمكّن والعدالة الإسلامية.
وتعني كل هذه الوقائع أنّ حزب الله في الصميم لن يقدم على المجازفة في تقديم الدعم المتواصل الى بشار الأسد إذا ما كان ثمن هذا الدعم التقليل من مصداقية صورة الحزب التي تترتكز عليها قوته ونفوذه.وبينما يدعم حزب الله عمليات القمع والعنف الإيرانية ضد المنشقين في داخل الجمهورية الإسلامية، تحت ذريعة ضروريات الثورة لكبح &laqascii117o;التسلل العلماني"، فإن حالة الأسد مختلفة، فبينما يقدم الأسد الدعم اللازم إلى حزب الله في أهدافه، إلا أن بقاء النظام السوري ليس في حد ذاته أحد أهداف الحزب الحتمية.وإذا بدأت اعمال الأسد تؤثّر في حزب الله، فإن المنظمة ستتخلّى عن حليفها المفيد وأنما غير الوجودي".


- 'السفير'

ما الفرق بين ليبيا وسوريا؟
محمد نور الدين:

&laqascii117o;ما الفرق بين ليبيا وسوريا؟". تحت هذا العنوان كتب المعلق المعروف في الشؤون الخارجية التركية سامي كوهين مقاربا الطروحات التي تقول انه بعد سقوط العقيد معمر القذافي في ليبيا جاء الدور على سوريا ورئيسها بشار الأسد.
يقول كوهين &laqascii117o;إن رئيس كل دولة يقول إن وضع بلاده مختلف عن غيرها، ومنهم الرئيس السوري بشار الأسد. ومع أن هناك بالفعل فروقات متعددة لكن هذا لا يعني انه ليست هناك مظاهر شبه عديدة".
ويعدد كوهين في نظرة أولى مظاهر الاختلاف، فيقف عند الآتي:
عندما عصفت رياح التغيير في العالم العربي كانت ليبيا مختلفة عن مصر وتونس لجهة أن المعارضة في ليبيا سرعان ما تحولت إلى معارضة مسلحة. ونجحت حركة العصيان في السيطرة على المنطقة الشرقية، وعلى رأسها مدينة بنغازي. وهذا منح بنغازي موقعا قويا لتقوية الثورة واتخاذها منطلقا لتوسيعها، إلى أن نجح الثوار في التمدد غربا، بل إسقاط طرابلس وإنهاء 42 عاما من حكم القذافي.
أما بالنسبة للحركة المعارضة للأسد في سوريا فقد بدأت قبل خمسة أشهر بتظاهرات غير مسلحة في الشوارع. واتسعت خلال زمن قصير في كل البلاد، ولم يشكل المتظاهرون كما في ليبيا &laqascii117o;منطقة تحرير". وقمع الأسد المتظاهرين بالقوة لكن لم يتحول الوضع في سوريا إلى حرب أهلية كما حدث في ليبيا.
والفارق الثاني، بحسب كوهين، هو أن سوريا تختلف عن ليبيا لجهة موقف المجموعة الدولية. فبعد فترة قصيرة من ظهور الانتفاضة في ليبيا، وبدء القذافي قمعها، تحركت فرنسا وبريطانيا، واستصدر قرار من مجلس الأمن الدولي وبدأ حلف شمال الأطلسي عملياته بذريعة &laqascii117o;حماية المدنيين" ودعم الثوار وقصف حتى مقر القذافي جواً.
أما في سوريا فلم تحمل المجموعة الدولية المبررات التي استخدمتها في ليبيا. ولم تسعَ ليكون هناك تدخل عسكري. كما استمرت المعارضة السورية في أن تكون حركة شارع غير مسلحة، ولم تتحول الثورة بالتالي إلى حرب أهلية.
رغم كل هذه الفوارق، يقول كوهين، إن &laqascii117o;رياح التغيير في سوريا تتسع وتحرج النظام. وفي النتيجة فلا يمكن أن يتبع التغيير في سوريا مسارا مشابها للذي في ليبيا. فلكل بلد في الجغرافيا العربية شروطه الخاصة به. لكن استمرار الأسد في تجاهل مطالب المتظاهرين والقمع الدموي لحركة الاحتجاجات سوف تضعه أمام مزيد من المقاومة والعزلة".
ويدعو كوهين الأسد ومن يشبهه الى أن يأخذوا في الاعتبار من الدرس الليبي، ليس فقط الفروقات، بل أيضا التشابهات، وإلا &laqascii117o;فلن تكون نهايته مختلفة جدا عن نهاية القذافي و(الرئيس المصري حسني) مبارك".


- 'السفير'

سوريا: عما نتكلم؟
نهلة الشهال:

خطف وضرب وتعذيب الفنان علي فرزات يستحضر كل بشاعة النظام السوري وأمثاله، وهم متشابهون بشكل مدهش. وهذه فعلة على قدر من الغباء يثير الحيرة. فعلي فرزات يعرف جيداً السلطة التي عاش في ظلها، وقد عانى منها شخصياً، كما كان شاهد عيان على معاناة رفاقه من المثقفين، وعلى البطش الذي نالهم كما نال عامة الناس. وصاحب &laqascii117o;الدومري" يعرف تماماً مبلغ ضيق صدر أهل هذه السلطة بكل نقد، وهو قرّر منذ البداية عدم استهابة تلك الاعتبارات جميعاً. القمع في بقاع الارض كافة، وبخاصة قمع المثقفين، لم يخمد يوماً صوتهم ولا أذاب معارضتهم، ولا هو أطال في عمر أي نظام، ناهيك بالمساعدة على استتباب الاوضاع فيه. بل يمكن القول إنه الاعلان العريض عن الافتقاد للشرعية. وكل مزيد منه يعني إيغال أكثر في العراء منها. تتكرر التجربة وليس من فائدة، فالسلطة الاستبدادية تشتغل وفق منطقها المغلق. الاعتداء على فرزات جريمة مجانية، يثير الغيظ أن تلجأ السلطة بإزائها الى تشكيل &laqascii117o;لجنة تحقيق": كان يفترض بها إدانتها بأقسى التعابير، وبصدق، وعقاب مرتكبيها علناً وبشدة، على فرض أنهم فعلوا بمبادرة ذاتية غبية، وهم حتماً معروفون ولا يحتاج أمرهم الى لجان. لكان ذلك فاتحة مسلك آخر، لا يوجد سواه لوقف انزلاق سوريا نحو الكارثة، وهي باتت تلوح في الافق.
فلنكن واضحين: ليس محبة بالنظام البشع، وليس مراهنة على فضائل يختزنها، بل خوفاً على سوريا وعلى المنطقة برمتها، حيث سيرورة الوضع فيها ومآله سيحددان مستقبل الارهاص التغييري والثوري الجاري. لا يوجد في بنية النظام السوري إمكانات للانقلاب الذاتي، كما حدث في مصر وتونس، حيث تمكنت مؤسسة الجيش من الإمساك بالأمور ومن استئناف الصراع مع المجتمع بين جدل وتفاوض وتسويات. والافتقاد لهذه الامكانية يعني اندفاع الامور الى المأزق، كما بات جلياً اليوم: لقد جُرّب الحل الامني في سوريا وفشل، إذ لم يحل دون استمرار التظاهرات في الاماكن المقموعة كما في سواها. لم، ولن يؤدي القمع الدموي الى ردع الناس وإخافتهم. ومن ينصح أهل النظام بمزيد منه توخياً للفعالية إما مجنون، وهذا لا يحسب حسابه، أو انتهازي مصلحي بالمعنى الذاتي الضيق، جبان، يريد التملق للنزعة القمعية الموجودة بقوة في مثل هذه الانظمة، ولا يقيم حساباً للغدِ بل لا يهمه سوى رضا أصحابه الآني. ونصحاء السوء بالمناسبة ليسوا قلة، وهم يؤدون دوراً في غاية الضرر إذ يشجعون أهل النظام على التمادي في منحى خطير وبلا مخرج. أسمع الاعتراضات: النظام ليس بحاجة لمن يشجعه، والنظام لا يعرف سوى هذا النهج. وفي هذه الكثير من الصحة، ولكن السياسة لا تخضع الى حتميات محكمة، وإلا لكان كل فعل وموقف عبثيين.
والانتفاضة في مأزق. ففي مواجهة آلة القمع القاتل، ستصطدم التحركات الاحتجاجية سريعاً بحدود فعالية الوسائل السلمية، وستغلب داخل قواها الاصوات الداعية الى مجابهة العنف بعنف مسلح. سيما إذا استمر توفير مستلزماته! وفي لحظة من لحظات نضج الانتفاضات، تُطرح كيفية الاستمرار وكيفية الحسم. وفي سوريا، دفع الناس ثمناً هائلاً من أجل الانتفاض، وسيكون من الصعب تماماً، ومن المحبط وغير المقبول، دعوتهم الى التنازل مقابل تدابير شكلية أو جزئية، من شاكلة ما يقترح النظام عليهم. ذلك موقف لا فرصة موضوعية أمامه للتحقق. ولا يجب.
ولكن إسقاط النظام بسرعة وتماسك ليس في متناول اليد لأسباب متعددة. ولا يوجد في هذا الإقرار أي تهيب من النظام أو تساهل معه، كما ليس فيه بعدٌ قيمي أو أخلاقي. بل هي حسابات باردة. في مقدمة تلك الاسباب أن النظام يمتلك وسائل دفاع عن نفسه لا يستهان بها (عسكرية وطائفية، كما وظيفية، بعضها يمس مصالح قطاعات واسعة من شرائح اجتماعية بعينها، وأخرى تخاطب تناقضات البنية السورية نفسها حيث المذاهب والاثنيات والعشائر والجهات)، وهو لن يوفر استخدامها. كما لا يوجد في داخله وفي مفاصل القوة التي يستند اليها احتمالات انشقاق ذات مغزى، يمكن أن تتحول الى بدائل. ثم هناك طبيعة المعارضة المدنية المشرذمة وغير المتبلورة سياسياً، والتي لا تحل مشكلاتها البنيوية (هي الأخرى) اجتماعات متتالية ولا هيئات تأسيسية معينة على عجل، وستتطلب ولادة بدائل قابلة للتقدم من الناس مقترحة عليهم تأييدها للإمساك بالسلطة في سوريا موحدة متماسكة، اشتغال على التوافق لم ينجز بعد، وليست المسألة مسألة وقت فحسب، بل استعصاءات لا بد من التصدي لها. وأخيراً وبإيجاز، فلا يوجد أبداً في معطيات الوضع الحالي ما يسمح بالاعتقاد أن منقذاً خارجياً يمكنه التدخل، على غرار تدخل الناتو في ليبيا.
ولذا، فحبس الاحتمالات ما بين نجاح النظام في الامساك بالموقف عبر القمع المنفلت من عقاله، أو اسقاطه، يعني ببساطة، ووفق المعطيات السورية، الدفع نحو تعميم العنف، بما فيه خطر الحرب الأهلية وتفكك البلد ودخوله في فوضى عارمة، وتأثير ذلك على كل محيطه وعلى مسار عملية التغيير في المنطقة. ويصدق هذا التقدير على أهل النظام المتشبثين بأساليبهم، كما على المعارضة التي تظن أن فرصتها قد سنحت، وعلى مؤيدي الانتفاضة حتى لو كانت دوافعهم انسانية ومبدئية. ومن يعيب التطرق الى مثل هذه الحسابات، ينكر الواقع. والمخيف أن الطرفين يتقاسمان &laqascii117o;إرهاب" الداعين الى البحث الجاد والسريع عن تسوية، بالمعنى التاريخي للكلمة. وأما مفتاح بدء الفرج فأن يتقدم النظام من الناس بمقترح تغيير فعلي، وليس أقل. وهو حرٌ في تسمية مقترحه &laqascii117o;إصلاحات" وليس &laqascii117o;تنازلات"، فقد تجاوز الخطر الماثل هذه الاعتبارات.


- 'الأخبار'
رداً على إبراهيم الأمين | خطاب الممانعة انتهى
صبر درويش(كاتب سوري):

ليس من السهل استيعاب ما يجري على أرض الثورات العربية والتقاط مغزى فعل التغيير الجاري العمل عليه. لسنا الآن بصدد انقلابات عسكرية تطيح ذاك الزعيم وتنصّب آخر، ولسنا كذلك بصدد مؤامرة أو توريث كما تعودنا، عبر العقود الفائتة. المسألة هي دخول طرف جديد على المعادلة السياسية، كان غائباً حتى اللحظة.
في مقاله &laqascii117o;جنون ما بعد القذافي"، يحذّر السيّد إبراهيم الأمين من حلقة جديدة من حلقات الاستعمار الذي &laqascii117o;سيحاول إفهام من لم يفهم بأنّ إزالة الأنظمة أو تثبيتها لا يتمّان إلا بأمرنا". وفي نهاية مقاله، يصل إلى نتيجة مفادها &laqascii117o;أنّ من الضروري العمل بكل قوة لحفظ سوريا واليمن وبقية بلاد العرب من جرذان فيلتمان".
لا يقدم الأمين جديداً في تحليله، فهو التحليل المكرر لخطاب الممانعة بنسخه المتعددة. ولئن أخذ التحليل طابع الحياد والموضوعية، فهو لا يخرج عن المعتاد والسائد في خطاب الممانعة الركيك. فالأمين لا يزال محكوماً ببنية ذهنية لم يجرِ هدمها بعد أو تجاوزها؛ فمن خلال رصد تحليلاته سنجد أنّه ينتمي إلى تيار الممانعة الذي يقوم على مجموعة من البديهيات، أولها الموقف من الإمبريالية ومواجهة إسرائيل. أما عن كيفية حصول تلك المواجهة والممانعة، فيلتزم الأمين الصمت. هنا يكفي الاعتماد على الخطاب الركيك للأنظمة، كي يثبت أنّها نظم ممانعة. ولكن كيف &laqascii117o;مانعت" ومتى؟ الأمين، كما باقي أقرانه، يلتزم الصمت.
نصف قرن من الزمن، والأنظمة الجاري العمل على إسقاطها، لم تتقدم قيد أنملة في تحقيق ما ادعت تحقيقه. إنّنا ننظر إلى الممانعة عبر شقين، لا انفصال بينهما، أي عودة الأرض المحتلة من جهة، وبناء مشروع تنموي قادر على فك الارتباط مع الخارج، من جهة أخرى. بيد أنّ العقود الماضية تكشفت عن فشل تلك النظم في إنجاز أي شيء، فلا الأرض عادت ولا بلداننا تقدمت خطوة، على العكس، أفضت السياسات إلى تحويلنا إلى شعوب فائضة عن الحاجة، تقبع خارج التاريخ. وكنا في كلّ الحالات، ضحايا الأنظمة الفاسدة، وضحايا دعم الخارج لتلك الأنظمة. ما جرى عبر أشهر الثورة هو أنّ الضحية لم تعد تقبل أداء هذا الدور، فجرى تعديل &laqascii117o;طفيف" على المعادلة، فالضحية اليوم ترفض أن تستمر في أداء دور فرض عليها. الضحية، الشعوب المنتفضة، بدأت اليوم التحوّل من موقعها في هامش التاريخ، إلى موقع الفاعل. لم نعد ضحايا يا سيدي، والشعوب المنتفضة اليوم &laqascii117o;تريد" تقديم إجابات حقيقية عن أسئلة تاريخية عجزت النظم الحاكمة عن تقديمها، لا لشيء إلا لأنّها كانت، ولا تزال عاجزة عن ذلك. لقد مُنحت تلك النظم، السيئة الصيت، فرصتها، وأحداث العقود الماضية أماطت اللثام عن عجزها وذيليتها للخارج، بينما لم يعدُ خطاب الممانعة عن كونه فارغاً، ولم يعد يجدي نفعاً. نعم، لقد تحررت الشعوب من سلطة الخطب الديماغوجية الفارغة، وأسقطت نظم لم يكن لها من شرعية سوى التلاعب بعقول شعوبها وعواطفهم.
ما يثير السخط في خطاب &laqascii117o;الممانعة" هو حذفه لأهم ركائز الممانعة، أي الإنسان. كيف يصح لبلد أن يقاوم ويمانع بالاستناد إلى إنسان خائف وجائع ومهان، وأكثر من ذلك، مهزوم؟
اليوم يتخلص الشعب السوري كباقي الشعوب المنتفضة من مهانة الخوف، ويقرر بداية من الصعب تجاهلها. المهزوم اليوم لم يعد مهزوماً، فها هو يقاوم على جبهات عدة، فكيف يصح القول إنّ الشعوب مهزومة، وهي تجسد الآن مفهوم المقاومة على أرض الواقع؟.


- 'النهار'
14 آذار خسرت المعارك وربحت الحرب على جبهتين ..الحقوقيون اليوم: إخفاء المطلوبين جناية يعاقب عليها القانون
إيلي الحاج:

' يا عمّي إذا كان الحكيم فجّر الكنيسة، فيعني الكنيسة كان يلزمها تفجير'. العبارة الطريفة هذه منسوبة إلى 'قواتي نموذجي' من زمن إطلاق الإتهامات بدوافع سياسية للقبض على الدكتور سمير جعجع تمهيداً لمحاكمته وسجنه الطويل، ابتسم لسماعها بمرارة من عايشوا تلك الحقبة.
يجدر بالسيّد حسن نصرالله وغيره من الزعماء والمهتمين بالسياسة في لبنان أن يتأملوا في العبارة الطريفة ليفهموا أكثر نفسيات الأنصار و'البيئات الحاضنة' . بتحديث كلام 'القواتي النموذجي' ونقله إلى الحاضر تصبح العبارة: 'إذا كان حزب الله اغتال الرئيس رفيق الحريري، فيعني ذلك أنه كان يجب اغتياله'.
طبعاً لا مجال آخر للمقارنة، فـ 'القوات' برّأها قضاء تلك الأيام من تفجير الكنيسة لكنه جرّمها في قضايا أخرى. وعلى أمل، ضئيل أو كبير، في أن يكون حزب السيد نصرالله بريئاً من جرائم الاغتيالات المنسوبة إلى أعضاء فيه، ليس على السيّد ونوابه وبقية المسؤولين في حزبه أن يبرروا ويعللوا للأنصار كما يفعلون فهم مقتنعون، تكفيهم إشارة في خطاب إلى أن الفاعلة إسرائيل. أما غير المقتنعين فلن يقتنعوا ما دام الحزب يعلن رفضه تسليم المهتمين، حامياً إياهم عملياً في هربهم من وجه العدالة الدولية، واللبنانية أيضاً ولو كرهت الحكومة.
على هذا الأساس ينعقد بعد ظهر اليوم في البيت المركزي للكتائب في الصيفي مؤتمر لحقوقيي قوى 14 آذار سيعرض تدرج مواقف 'حزب الله' خلال سنوات، استناداً إلى ما كان يعلنه الحزب نفسه، من التعاون مع المحكمة الدولية إلى تعليق التعاون إلى 'تحريمه'، ليس على الحزبيين وحدهم بل أيضاً على الدولة برجالها ومؤسساتها، وصولا إلى وصف المتهمين بعد نشر المحكمة أسماء الدفعة الأولى منهم بأنهم 'شرفاء هذه الأمة' ورفعهم إلى مرتبة القديسين والأولياء الصالحين، الذين 'لا يجوز القول إنهم متهمون بل هم مفترى عليهم ومظلومون'.
وسيوضح الحقوقيون أن إعلان القيمين على 'حزب الله' نيته عدم تسليمهم حتى بعد 300 سنة يشكل جناية يعاقب عليها القانون الذي يعدّ هذا الإعلان جريمة تدخل في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري. وإن إخفاء أشخاص من وجه العدالة هو الآخر جناية عقوبتها تراوح من سبع سنوات إلى عشرين سنة أشغالاً شاقة. وسيذكّرون بأن الدولة اللبنانية ملزمة الاستمرار في التعاون مع المحكمة الدولية من خلال مواصلة البحث والتحري وصولاً إلى القبض على المطلوبين وإحالتهم على المحكمة. المسألة إذاً لم تنته عند إبلاغ مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا المحكمة بتعذر العثور على المطلوبين، خصوصا أن رئيس المحكمة طلب من ميرزا تقريراً شهرياً عما تفعل الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية في سبيل سوقهم إلى العدالة.
هذا المسار الحقوقي هو البديل الذي اعتمدته قوى 14 آذار من اتهام 'حزب الله' مباشرة بارتكاب الاغتيالات، على ما اقترح بعض شخصياتها.  وهي قوى يمكن اعتبارها محظوظة فوق التصوّر، فبعدما خسرت مجمل المعارك التي خاضتها ها هي تربح الحرب دفعة واحدة. فمن جهة تُطبِق المحكمة الدولية على الحزب الذي كاد أن يكتم أنفاس 14 آذار، ومن جهة يقف حكم خصمها الرئيس السوري بشار الأسد على حافة انهيار لم يعد ثمة مفر منه حتى لو امتدت معاناة السوريين معه شهوراً إضافية مضمخة بالدم.
يشبه وضع قوى 14 آذار من أصاب جائزة اللوتو وجائزة اليانصيب في وقت واحد، لكنها في أحيان كثيرة لا تزال تتصرف كأنها مهزومة لأن قيادات فيها تواظب على ممارسة السياسية انطلاقا من حسابات سلطوية ضيقة. السؤال الذي يجب على هذه القوى أن تطرحه على نفسها، لمن تهدي الإنتصار؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد