- 'النهار'
الحرب الداخلية أو الرحيل
عبد الكريم أبو النصر:
'ثلاث إستراتيجيات للخروج من الأزمة الكبرى المعقدة والخطرة في سوريا مطروحة اليوم وتشكل محور الإتصالات والمشاورات الأميركية - الأوروبية - التركية - العربية التي تتناول مستقبل هذا البلد ونظامه. ويجمع هذه الإستراتيجيات قاسم مشترك واحد هو أن سوريا ما بعد إنطلاق الإحتجاجات الشعبية ستكون في أي حال مختلفة الى حد كبير أو جذرياً عن سوريا التي كان الرئيس بشار الأسد يجزم مطلع هذه السنة في تصريحات صحافية بأنها بمنأى عن حركة التغيير في المنطقة لأن السوريين يدعمون قيادتهم القريبة منهم والمتمسكة بخيار المقاومة والممانعة'. هذا هو إقتناع مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس مهتمة مباشرة بالملف السوري، إستناداً الى المعلومات التي تتلقاها من دمشق وعواصم أخرى معنية بالأمر.
وأوضحت هذه المصادر ان الإستراتيجيات الثلاث للخروج من الأزمة السورية الكبرى هي الآتية:
الاستراتيجية الأولى: تتبناها دول وجهات تريد إعطاء فرصة لنظام الأسد لإنقاذ سوريا من طريق عملية إصلاح حقيقية تتضمن العناصر الأساسية الآتية: التخلي فعلاً عن الخيار العسكري - الأمني ووقف العنف والقمع في التعامل مع المحتجين وإعادة القوى العسكرية والأمنية الى ثكنها وقواعدها والسماح بالتظاهر السلمي وحرية التعبير وإطلاق المعتقلين وبدء حوار بين السلطة وممثلي المحتجين والمعارضة للتفاهم على إصلاحات جدية يتم تنفيذها ضمن جدول زمني محدد وتؤمن الإنتقال الى نظام ديموقراطي تعددي يسمح بالتداول السلمي للسلطة. لكن نظام الأسد يرفض هذه الإستراتيجية لأنها تكرس هزيمته وفشله وتعني إعترافه بشرعية حركة الإحتجاج وأحقية مطالبها. كما ان نظام الأسد يتخوف، إستناداً الى المصادر الأوروبية المطلعة، من أن يدفع السماح بحرية التظاهر السلمي ملايين السوريين الى النزول الى الشارع لإعلان رفضهم العيش في ظل الحكم الحالي الأمر الذي يشكل إنقلاباً شعبياً على هذا النظام ويساعد على إطاحته.
الإستراتيجية الثانية: تتبناها دول غربية بارزة وتدعمها دول إقليمية وتدعو الى العمل بوسائل متنوعة على إقناع الأسد بالتنحي عن السلطة ومغادرة سوريا لأنه ليس ممكناً إصلاح النظام في ظل قيادته الحالية وبالتعاون معها ولأن بقاء الرئيس السوري في منصبه يؤدي الى إطالة الأزمة وبروز تعقيدات عدة داخليا وخارجياً تدفع الأوضاع نحو الأسوأ وقد تفجر حرباً أهلية. ويساعد رحيل الأسد على تأمين الإنتقال سلمياً الى نظام ديموقراطي تعددي يحتاج اليه السوريون وينسجم مع التغييرات والتحولات في المنطقة العربية. وترفض المصادر الأوروبية أن تؤكد رسمياً ان موضوع إستقالة الأسد نوقش معه أو مع شخصيات بارزة في النظام وتكتفي بالقول 'إن هذا الموضوع مطروح جدياً ولكن ليست ثمة أدلة على أن الرئيس السوري مستعد للتخلي عن السلطة بسهولة'.
الإستراتيجية الثالثة: تتبناها القيادة السورية وتهدف الى إبقاء البلد في حرب داخلية من أجل القضاء على حركة الإحتجاج والإكتفاء بإجراء إصلاحات شكلية مع الحفاظ على القبضة الأمنية المشددة مما يضمن إستمرار نظام الأسد بتركيبته وطبيعته وتوجهاته الحالية فترة زمنية أخرى. لكن هذه الإستراتيجية تقود سوريا الى طريق مسدود إذ انها لن توقف حركة الإحتجاج بل توسع نطاقها، ولن تؤمن الحماية للنظام بل تنعكس سلباً على الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية والأمنية في البلد وتهدد السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتزيد عزلة النظام إقليمياً ودولياً وتضاعف الضغوط والعقوبات عليه وعلى رئيسه. واستناداً الى معلومات باريس فإن النظام الإيراني يشجع فعلاً نظام الأسد على التمسك بإستراتيجية المواجهة هذه لأنها تضعف سوريا وعلاقاتها الإقليمية والدولية وتعزز التحالف السوري - الإيراني وتجعل هذا البلد أكثر فأكثر 'أسير' إستراتيجية الجمهورية الإسلامية وخططها في المنطقة.
وقال لنا ديبلوماسي أوروبي معني بالملف السوري: 'لم يتم الى الآن وضع إستراتيجية حقيقية قابلة للتنفيذ وتؤدي الى إخراج سوريا من مأزقها الكبير لثلاثة أسباب رئيسية: أولا - نظام الأسد يريد الإنتصار بالقوة على شعبه المحتج وهو ليس راغباً في التعايش أو التفاهم سلمياً معه من أجل تغيير الأوضاع وتطويرها، ثانيا - المحتجون يرفضون إضاعة الفرصة التاريخية المتاحة لهم لتغيير النظام وهم مستعدون لبذل كل التضحيات ودفع أغلى الأثمان لتحقيق هدفهم، ثالثاً - الدول البارزة والمؤثرة على إقتناع بأن النظام السوري يجب أن يتغير جذرياً ، بموافقة الأسد أو من دون موافقته، لأن هذا التغيير لمصلحة سوريا والمنطقة'.
- 'النهار'
بحثاً عن الحقيقة في قضية الصدر
سيمون عواد:
أوائل سبعينات القرن الماضي تعرفت الى الإمام السيد موسى الصدر، ثم جمعتنا مناسبات قدّمت خلالها هذا الثائر 'الأشبهي' بتعبير الرئيس كميل شمعون الى قيادات مارونية سياسية وفكرية، كان ضمنها الدكتور كمال يوسف الحاج في الشبانية في طريقنا الى حمانا. ولم تقتصر اللقاءات على القيادات المارونية، بل تعدتها الى الشخصية الفكرية الأبرز في الطائفة السنية الشيخ عبد الله العلايلي، حيث اجتمعنا اليه في شقته القائمة على المفترق قبل جامع بيضون في الأشرفية.
لدى دخوله على العّلامة العلايلي أصر على إبقائه جالساً على طراحة وطاولة أشبه بالطبلية، كان يكتب عليها غالباً بقلم رصاص ليتمكن من المحو تخفيفاً من التشطيب الذي يثير فوضى على الورق.
وكما كان إصرار الإمام الصدر على إبقائه جالساً في قعدته المتواضعة، أبى إلا أن يفترش السجادة قبالة صاحب المنزل، فيما اضطررت أنا الى الجلوس قبالتهما على مقاعد حديد تضمها غرفة الباحث اللغوي الكبير مع خزائن مماثلة، وكأننا في أحد مكاتب الإدارات الرسمية في الدولة!
تحدثنا عن نظريات العلايلي الثورية في المفاهيم الإسلامية، فكان الإمام مصغياً عندما وصل العلايلي في نظريته القائمة على أن 'الماء والكلأ والنار مشاع في الاسلام' وهي النظرية التي ضمّنها كتابه في الثورة الإسلامية الفكرية 'أين الخطأ؟' والذي أقلق كثيراً السفير السعودي في لبنان آنذاك علي الشاعر، الذي استعان بي لثني العلايلي عن طباعة المخطوطة لأنها تشكل مصدر قلاقل للدول النفطية، التي تخشى إثارة الفوضى من التأميم الشعبي 'للنار' التي رمز فيها العلايلي الى النفط!
أصغى الإمام 'الثوري' في ثورة المحرومين الى العلايلي باهتمام بالغ ونظر الي بطرفة عينه، علّني أسجل بعض هذه الأفكار فشرعت أشرح بطريقة غير مباشرة كيف أن علاقتي بالعلايلي هي أكثر من شخصية وهي تتجاوز هذا الحدّ الحميم الى ما هو أشمل في عمقه الفكري.
ومنذ اختطافه من فندق الشاطئ في ليبيا في 31 آب 1978 تابعت هذه القضية باهتمام حتى حظيت بصديق وزميل من العراق في أميركا كان يشاطرني العمل في جريدة 'Arab American News' قبل أن أصدر جريدتي 'News Arab Vision'، وهو من آل السماوي ويتلطى باسم مستعار هو عائلة 'ناصر'، خوفاً من ملاحقة صدام حسين الذي كان يعمل مستشاراً إعلامياً لديه، بعدما رماه سنتين في السجن لتحرشه بصحافية يعرفها صدام معرفة حميمة. ولولا ان كريمته كانت زميلة 'عدي' ابن صدام لكان عفّن في الزنزانة، شأنه شأن السجناء المنسيين في أقبية الأنظمة البوليسية في هذا الشرق. لقد أخبرني هذا الصديق أن صدام أبلغه، كونه شيعياً معنياً بقضية الإمام، أن 'أبا نضال' الذي كان لاجئاً حتى وفاته في العراق جزم بأن القذافي 'صفّى' ضيوفه: الامام الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في اليوم الذي اختطفوا فيه.
وإنها لمفارقة عجيبة في تاريخ الاغتيالات أن يلجأ حاكم جائر الى مثل هذا الإجرام البالغ السوء.
وقد يكون الرئيس الجزائري هواري بو مدين أُحرج ضميرياً كثيراً، لأنه توسط لإصلاح ذات البين في العلاقات، وتدخل لدى الإمام لدعوته الى احتفالات الفاتح من سبتمبر ليلقى هذا المصير المفجع، مع أنني أتمنى أن تُكذّب هذه المعلومة وتكون خاطئة ويعود الامام وصحبه أحياء الينا.
- 'السفير'
سقوط الاستبداد.. هنا وهناك
نصري الصايغ:
لست وحدك في هذا العالم، إلا عندما تختار ان تكون وحيداً، بعيداً عن بيتك ومدينتك وبلدك وأمتك، فتختار مكاناً قصياًً، فتستحضر أحداثاً، كتلك التي تقع في بلاد تنتفض وترتج وتعاني و.. تبشر، ومنها يتساقط الشهداء صعوداً، وفيها يتهاوى الاستبداد، بلا أسف، بل بفرح.
لست وحدك إلا عندما تكون وحيداً، تسأل نفسك عن أمور إشكالية وأحداث بلا حدود وشعب بلا قيود.
خمسة عشر يوماً، كنت فيها مع حالي، ما بين باريس وبحر المانش، أحاسب فيها نفسي وأمتحن مواقفي: &laqascii117o;هل كان تفاؤلك مصطنعاً؟ هل كان اندفاعك تهوراً، هل كان إيمانك بثقل حبة الخردل، أم أقل قليلاً، أم أكثر كثيراً؟ هل كانت تونس، عن جد، فاتحة عصر &laqascii117o;سقوط الدكتاتوريات"؟ هل كانت مصر، عن حق، بوابة العبور إلى الثورة الديموقراطية؟ هل أخطأت في التقدير، وقال التاريخ شيئاً آخر ولم تفهمه؟ ثم... هل أن غودو العربي قد جاء، ولم يعد الانتظار السياسة الوحيدة التي أدمنت عليها نخب القعود في زوايا اجترار السقوط؟ وهل صار العرب عرباً؟
خمسة عشر يوماً، تذكرت أثناءها، وأنا أشاهد قطعة من جدار برلين معروضة في محلة &laqascii117o;الديفانس" في باريس، أن جدار برلين سقط بالفعل، وأن أحداً قبل ذلك لم يرهص به. وتذكرت أننا احتفلنا بسقوطه، إبان عملنا اليومي، في الصحافة المهاجرة إلى باريس. وتذكرت كيف فوجئت أوروبا بسقوط بولونيا الكاثوليكية جداً، فيما كانت تتنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتي انطلاقاً من الجمهوريات الإسلامية فيه، (تجدر مراجعة &laqascii117o;الخبيرة" دانكوس، التي باءت خبرتها بالفشل). لقد أسقط البابا يوحنا بولس الثاني لينين في بولونيا، ممثلاً بليش فاليشا، كما أسقط الشعب الذي، بعدما كفر بلينين، لجأ إلى الكنيسة، مؤقتاً وبشكل عابر، كي يهزم الدكتاتورية.
تذكرت كذلك، ان أوروبا الغربية، لم تصنع ثورة أوروبا الشرقية، وأن الغرب، استلحق نفسه، فركب موجة الاعتراضات الشعبية، وفاز بحصة منها في ما بعد، باستثناء المانيا الاتحادية التي كانت تعمل باستمرار، من أجل إسقاط الجدار، وإعادة توحيد ألمانيا. والثورة العربية الراهنة، اندلعت، فيما كان الغرب ينام في مخدع الدكتاتوريات العربية، ثم استلحق نفسه فتواعد معها في ليبيا. وقد لا تتكرر هذه المواعيد.
الثورة الديموقراطية في المعسكر الاشتراكي آنذاك، لم تنشأ من تحريض غربي. كانت الحرب الإعلامية، ضد السوفيات، الخبز اليومي للدول الغربية. وكان الاستنزاف العسكري سياسة أميركا، عبر تصعيد برامج التسلح، وعسكرة الفضاء. ومع ذلك، لم يسقط &laqascii117o;الاتحاد السوفياتي العظيم"، بالضربات الإعلامية، ولا بالضربات العسكرية. وليس صحيحاً أن ريغان وبعده جورج بوش الأب، هما من أسقطا الإمبراطورية العظمى في التاريخ الحديث، وبانية &laqascii117o;الجحيم الاشتراكي"، بديلاً عن &laqascii117o;النعيم الشيوعي". لقد سقط الاتحاد السوفياتي، لأنه كان دولة الجيش الغني والثري والمتنفذ والحاكم والمستبد والقاهر والـ... ودولة الشعب الفقير والمنبوذ والمضطهد والمقموع والمرذول والمؤجل والـ...
لقد صنعت شعوب المعسكر الشرقي ثورتها من الداخل. ولكم كان مشهد رئيس ألمانيا الشرقية هونيكر معبراً، عندما شاهد بأم عينيه، الجماهير التي أخرجها الأمن السياسي، (الستازي) للاحتفال بالعيد الأربعين &laqascii117o;لألمانيا الديموقراطية"، وبدل ان تهتف له، هتفت للإصلاحات التي كان قد بدأها الضيف المميز آنذاك غورباتشيف. هذه الجماهير، التي جيء بها، غب الطلب، كما جرت العادة، تحوَّلت في لحظة، إلى جماهير غاضبة، ترفع قبضاتها، مطالبة بالحرية والكرامة والعدالة... كم كان هذا المشهد السري، شبيهاً بلحظة تجمد شاوشيسكو عندما هتفت جماهير رومانيا بسقوطه.
في باريس، وأحياناً في عزلة بحر المانش، الفاصل بين بريطانيا وفرنسا، كانت تعود إليَّ، من دون استئذان، صور الماضي الأوروبي، التي تشبه في بعض وجوهها، الزحف الجماهيري الذي يقود الثورة العربية الديموقراطية لإسقاط &laqascii117o;الاتحاد العربي الدكتاتوري"، و&laqascii117o;معسكر الاستبداد العربي" وما بين السقوطين، نقاط تطابق يجدر التوقف عندها.
أولاً: يشبه الدكتاتور نفسه، لا شعبه. الدكتاتور، من صنف خاص. هو فوق البشر وفوق الشعب وفوق المؤسسات، وفوق القيم، وفوق المبادئ، وفوق الإنسانية.. هو إله تام، ويمارس ألوهته الشريرة، بالوسائل كافة. لا يمتنع عن حرام ولا يتنازل عن حلال. لا وعد عنده بسماء أبداً. الجحيم مكان إقامة الناس.
ثانياً: الدكتاتور منزه عن الخطأ. وهو الكامل، فكراً وقولاً وممارسة. يعزى إليه القول، ولا يسمح بأن ينتمي أي فعل إلى سواه. والدكتاتور، رأس الحزب. والحزب ذيل الدكتاتور. ستالين نموذجاً. ومن بعده كثيرون. ولا فرق بين دكتاتور تقدمي، وبين دكتاتور فاشي. يمكن ان يكون بثياب ستالين أو بزي هتلر.
ثالثاً: الدكتاتور، يكثر الحديث، عن الشعب، فيما هو يحتقره ولا يلتقيه أبداً، إلا للركوب على أمواجه المستجلبة غصباً عنها. وهو يعرف أن الشعب يكرهه، فلا يأمن جانبه. فيحاصره ويراقبه ويفتشه، ولأنه يخشى منه، وتزداد خشيته مع الزمن، فإنه يتعامل معه كأنه مؤامرة دائمة... هل الشعوب العربية متآمرة، وعمر مؤامراتها من عمر الاستبداد؟
رابعاً: الدكتاتور، قبضة متأهبة. لا حياة له من دون قمع. إذا تراخت قبضته، دنا أجله. وإذا تجرأ شعبه، قرب حتفه. وعليه، فهو دائم اليقظة، ويسهر على إنامة شعبه في كهف العجز، والعطالة، والانتظار. ولكنه يعوِّض عن غياب الشعب، بعصبة من المتعاونين، عائلياً وحزبياً ومصلحياً، ويكونون اشد وطأة على الشعب، من الدكتاتور نفسه. (راجع ابن المقفع، في كليلة ودمنة، وفتنة أهل الرأي في الممالك).
تعود إليك وجوه الشبه هذه في لحظة الوحدة. تستعيد مشهد سقوط هونيكر في مدينة لايبزغ: الحشود تخرج إلى الشارع من الكاتدرائيات. يتساءل هونيكر، لم الكاتدرائيات؟ كما يسأل الحكام العرب اليوم: &laqascii117o;لماذا يخرجون من الجوامع؟" كأن هناك أمكنة أخرى يمكن الاجتماع فيها؟ لا أحزاب، لا منابر، لا جامعات، لا صحافة.
وتزداد أعداد المحتشدين، فيأمر هونيكر بمنع المتظاهرين من الخروج من الكاتدرائيات. يرفض الجيش بحجة أنه عاجز عن وقف الحشود. يقول الجنرال: &laqascii117o;يكفي أن يعتلي متظاهر ظهر دبابة رافعاً قميصه علماً، حتى يتوقف الرتل".
يقول هونيكر: إذن، &laqascii117o;أطلقوا الرصاص". يجيب الجنرال: &laqascii117o;الجيش لا يطلق النار على الشعب". يسأل هونيكر عن الأمن وعن &laqascii117o;الستازي". يقول الجنرال: &laqascii117o;إنه فقد السيطرة، ولا يستطيع مواجهة الجموع".
فهم هونيكر نهايته، وقف مودعاً &laqascii117o;رفاقه" بالقول &laqascii117o;هذه مؤامرة خارجية"، لا غرابة في ذلك. المؤامرة مقيمة في رأس الدكتاتور، إذ لا يعقل أبداً، في ظنه وعمق فكره، ان يكون الشعب ضده، فالشعب، إما غير موجود، وإما انه مقيد، وإما انه يذوب حباً بمعبوده.
وفيما أنت تجلس وحيداً، وتتأمل أحوال أمتك، ترى أن زلزالاً كبيراً حدث في ثمانينيات القرن الماضي، أزال الاتحاد السوفياتي العظيم ومنظومته &laqascii117o;الاشتراكية" العالمية، وترى أيضاً، زلزالاً عربياً بدأ يحفر تضاريس عالم عربي جديد، عنوانه &laqascii117o;الشعب يريد"، فتعطيه أنظمة وتسقط، أو لا تسمعه أنظمة فترتج وتترنح، أو تقاومه فتدخل في الفجيعة بعويل &laqascii117o;الحروب الأهلية".
يعود إليك تفاؤلك، لأنك تتيقن، أن لا أحد بعد اليوم، قادر على تحويل البلاد إلى زرائب، والشعوب إلى قطعان حيوانات أليفة ومطيعة، لا هم لها سوى البحث عن النجاة من عصا &laqascii117o;الراعي" (الدكتاتور). غير أنه تفاؤل بالحرية، تشوبه مخاطر استدراج عروض التدخل الغربي، وهو تدخل مدفوع الثمن مؤجلاً، بمواثيق وعهود وعقود وسياسات وأسواق. رأس المخاطر، إقامة &laqascii117o;معسكر ديموقراطي" بوجوه طائفية وإثنيه وقبلية، لا يكون لها ثقل إقليمي ولا حيثية خارجية.
يقودك هذا الخوف إلى لبنان. خطر انزلاق الحرية إلى الجماعات لا إلى الأفراد. تنشأ ديموقراطيات على الطريقة اللبنانية، تعطل مسار الحرية وتخلق دولاً كسيحة، لا مفر من الخارج في إدارة شؤونها الداخلية ولا كذلك، من الامتثال لإملاءاته في الشؤون الخارجية... والخارج هنا، غرب لا ضمير له ولا مبادئ.
تعود إلى لبنان من إجازتك. لا شيء تغيَّر. فهو حيث كان، نظام بلا أفق. قيادات بلا أفق. وجماهير، أفقها البعيد، مرتبط بأنف طائفتها الأفطس. لبنان استثناء، لا يعوَّل عليه، إلا في مواجهة إسرائيل. وهذا كاف، في زمن انعدام البدائل.
لست وحدك في هذا العالم. العرب حضروا بكثافة. لسنا مشهداً ثقيل الوطأة. إننا ولادة متصلة بمخاض عسير. لا ولادة بلا ألم. ولكن المولود الجديد، الديموقراطية العربية، سيكون بدءاً جديداً، بلا دكتاتوريات. سيكون بدءاً بشعوب. كل الأمل أن تستكمل ثورتها، بإقامة أنظمة سياسية جديدة، تتأسس على الحرية، والديموقراطية. بلا عورات إثنيه وطائفية وعشائرية، تحترم حقوق الإنسان، وتعلي الإنسان كقيمة لا تسمو عليها قيمة إطلاقاً، وتشركه في صناعة مصيره وفي إدارة دورة إنتاجه.
التاريخ العربي الجديد، عنوانه &laqascii117o;الفتح الديموقراطي"، وها هو يكتب نصه الأول، وسيكتمل بفعل سقوط الدكتاتوريات جميعها، وبفعل انتصار قيم الحرية والالتزام بها.
- 'السفير'
ثورة مصر وكامب ديفيد
سمير كرم:
تناقضت الأنباء الرسمية الصادرة من مصادر اسرائيلية، كما تناقضت الأنباء الرسمية الصادرة من مصادر رسمية مصرية خلال الفترة الاخيرة منذ احداث إيلات - سيناء.
لكن الاخبار الشعبية لم تتناقض. وحينما نقول الاخبار الشعبية، فالمفهوم والمقصود هنا هو الاخبار الشعبية المصرية. ذلك ان الجماعات الشعبية الاسرائيلية لا وجود لها على اي اتجاه في الظروف الخطرة الراهنة. فالحركة الشعبية المصرية نشطة وواعية وتؤكد وجودها وفاعليتها على الساحة السياسية بشكل لا يمكن إغفاله من اي جانب. ولم تدع الحركة الشعبية المصرية فرصة احداث إيلات – سيناء الاخيرة إلا وأكدت انها ترى ضرورة الرد على العدوان الاسرائيلي غير المبرر الذي قضى على حياة خمسة من الشبان المصريين من افراد القوات المسلحة المصرية. ولم تترك هذه الحركة الامر عند حدود تأكيد وجوب الرد على هذا العدوان، لقد اكدت وجوب طرد سفير وسفارة اسرائيل من مصر ووجوب إلغاء معاهدة كامب ديفيد المعقودة مع اسرائيل، فضلا عن طلب التعويض عن استشهاد رجال القوات المسلحة الخمسة.
بل إن الحركة الشعبية المصرية لم تدع مجالا للشك في انها تؤيد الفلسطينيين والقضية الفلسطينية ضد اسرائيل والسياسات الرسمية الاسرائيلية. وقد كان رفع علم مصر وإنزال علم اسرائيل من فوق مقر السفارة الاسرائيلية عملاً وطنياً رمزياً تعانق وامتزج مع هتافات الشباب المصري لقضية فلسطين وحقوق الفلسطينيين. ولم يفوت الشباب المصري فرصة يوم القدس فرفع في تظاهراته أمام السفارة الاسرائيلية شعارات من قبيل &laqascii117o;مطالبنا يوم القدس طرد السفير الصهيوني" ومن قبيل &laqascii117o;لبيك يا قدس في يوم القدس". فلم يكن الموقف الجماهيري المصري إظهاراً للعداء تجاه اسرائيل فحسب، انما كان تأكيداً لتأييد الشعب الفلسطيني. وقد جاء هذا في وقت ارادت فيه قوى اسرائيلية وأميركية الزعم بأن الصراع في سيناء هو صراع بين مصر والمقاومة الفلسطينية.
ويمكن القول من دون ادنى درجة من التردد، بأن الحركة الشعبية المصرية التي اظهرت زخم اهتمام الشباب المصري بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل، هي امتداد او فرع من ثورة الشباب المصري التي توقفت إرادياً وبقرار منها، وليس من غيرها، تقديراً لظروف شهر رمضان وطقوسه الدينية والشعبية. هي اذن صيحة شباب ثورة 25 يناير ضد اسرائيل وسياساتها وضد كامب ديفيد وقيودها على سياسات مصر الرسمية.
كما يمكن القول من دون ادنى درجة من التردد، ان ثورة الشباب المصري تعي جيداً الدور الاميركي الضاغط الذي اسلم الموقف الرسمي المصري الى حالة من التردد والارتباك بشأن ما اذا كان من الحتمي إعلان الرغبة في إلغاء معاهدة كامب ديفيد التي تحظى بتوقيع الرئيس الاميركي، او الاكتفاء بإعلان ضرورة تعديل هذه المعاهدة التي تختلف الى اقصى الحدود ظروف توقيعها قبل اثنين وثلاثين عاماً وظروف وأوضاع مصر الثورة الحالية.
مع ذلك، فإن مصر استطاعت ان تسمع صوتها وصوت إرادتها السياسية في الظرف الراهن عالياً الى حد بدا الى جانبه موقف الهيئات الرسمية خافتاً غير مسموع، بل بدا أن احداً لا يأخذ هذا الموقف الرسمي بجدية. وتخلل ذلك تهديد الإدارة الاميركية، بلسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وتهديد زعماء مجلسي الكونغرس الاميركي بالمثل، بقطع المساعدات الاميركية عن مصر في حال أقدمت على إلغاء معاهدة كامب ديفيد التي يعتبرها الرسميون الاميركيون معاهدة ثلاثية بحكم وجود توقيع الرئيس الاميركي (جيمي كارتر) عليها، الى جانب توقيعي الرئيس المصري (آنذاك) انور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيلي (آنذاك).
ولا يحتاج المرء الى دليل للتأكيد بأن الموقف الاميركي هذا قد رفع درجة استعداد اسرائيل لتحدي الارادة المصرية بشأن كامب ديفيد، وفي الوقت نفسه فإنه هبط بمعنويات الرسميين المصريين، عسكريين ومدنيين، الى نقطة استبعاد إلغاء المعاهدة نزولاً الى نقطة تعديلها. قبل ايام (بالتحديد في 27/8/2011) اعلن مصدر رسمي مصري ان الاتفاق على زيادة القوات المصرية في سيناء لم يتم، فهو لا يزال محل تفاوض. والمقصود بالتفاوض هنا الاطراف الثلاثة الموقعة على معاهدة كامب ديفيد. وكان مسؤول مصري رسمي آخر قد صرح قبل ذلك بأن اسرائيل وافقت على تعديل معاهدة كامب ديفيد بحيث تسمح لمصر بزيادة قواتها المسلحة على ارض سيناء. وفي اعقاب النفي المصري الرسمي لمثل هذا الاتفاق جاء تصريح ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي بأن اسرائيل لن تدع مصر ترسل مزيداً من قواتها الى سيناء في الوقت الحاضر. وقد جاء هذا التصريح من باراك بعد ايام معدودة من تصريح له هو نفسه بأن اسرائيل ترى من مصلحتها ان تسمح لمصر بمزيد من قواتها في سيناء، وذلك للتغلب على ما اسماه حالة الفوضى على طول الحدود بينها وبين اسرائيل. وفي اعقاب هذا التصريح السلبي من جانب باراك قال روفين ريفلين، رئيس الكنيست الاسرائيلي – وهو من كتلة الليكود اليمينية المتطرفة - إن اي تعديل في نصوص معاهدة كامب ديفيد يتطلب بالضرورة موافقة الكنيست الاسرائيلي عليه.
ولقد اختارت صحيفة &laqascii117o;هاآرتس" الاسرائيلية المستقلة تفسير تناقض تصريحات باراك في هذا الصدد بأنه دليل على وجود تناقض داخل حكومة اسرائيل. في الوقت نفسه ادلى الرئيس الاميركي الأسبق كارتر بتصريحات (27/8/2011) قال فيها إن اسرائيل لم تلتزم بنصوص معاهدة كامب ديفيد. وقال في الوقت نفسه، إن ما يحدث الآن مؤشر على تغيير موقف القيادة المصرية، كما انه مؤشر على عزلة اسرائيلية متزايدة. وليس من الصعب استنتاج ان تصريح كارتر هذا يعكس انطباعاته من قوة الاحتجاجات الشعبية المصرية والمطالب الشعبية بإلغاء المعاهدة.
اهم من هذا ما قاله كارتر في الإطار نفسه، من انه يدرك انه وقع هذه المعاهدة مع دكتاتور (انور السادات)، وقال أيضاً إن حسني مبارك كان دكتاتوراً، وهو ما يعتبر إشارة منه الى ان المعاهدة فرضت على الشعب المصري منذ توقيعها وحتى تنحي مبارك.
ووسط ردود الفعل المتباينة، وفي جو حرية الرأي وحرية الصحافة السائدة في مصر بصورة غير مسبوقة، يلفت النظر ان صحيفة مصرية هي &laqascii117o;الشروق" طلعت على قرائها بمانشيت يقول نصه &laqascii117o;العسكري"، والمقصود هنا هو المجلس الاعلى للقوات المسلحة، الذي يعد أعلى سلطة في البلاد في الوقت الحاضر، &laqascii117o;يرفض التصعيد ضد اسرائيل لأسباب ليست للنشر". وجاء نص السطر التالي من المانشيت نفسه ليقول: &laqascii117o;ممثلو الاحزاب والقوى السياسية يرفضون التوقيع على بيان الحكومة بشأن اعتداءات اسرائيل". ذلك ان البيان الحكومي الذي طالبت الحكومة – ممثلة بنائب رئيس الوزراء علي السلمي – جاء خالياً من المطالب الشعبية التي ارتفعت بها هتافات ولافتات المتظاهرين، وهي طرد السفير الاسرائيلي وقطع العلاقات مع اسرائيل وإلغاء معاهدة كامب ديفيد ووقف ضخ الغاز المصري الى اسرائيل.
مع ذلك فإن البيان الذي اعدته الحكومة المصرية قد اكد &laqascii117o;ان مصر قادرة على حماية حدودها ورعاية أمنها القومي، وأن أبناءها يرفضون كل ما يمس امن مصر، وسيناء في القلب منها. وسوف يواجهون اي محاولة للمساس بسيادة مصر بكل الحزم...فلا يُقبل من احد التدخل في شؤون مصر الداخلية او الأمنية". وحذر البيان اسرائيل &laqascii117o;من محاولة استغلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر".
كذلك لم تفت الحكومة المصرية في هذا اليوم فرصة التأكيد بأنه &laqascii117o;لا دوريات مشتركة مع اسرائيل على الحدود".
وفيما بين المواقف المتباينة على &laqascii117o;الجبهة المصرية" السياسية كان اختلاف الرأي في اسرائيل يصل الى حد المحاولة الصريحة لإضفاء طابع الإيمان المطلق باستمرار سياسات النظام القديم المصري تجاه إسرائيل – خلافاً لما اكده الرئيس الأسبق كارتر – فقد ذهبت افتتاحية صحيفة &laqascii117o;هاآرتس" الاسرائيلية الى حد القول في افتتاحيتها (27/8/2011) &laqascii117o;ان على اسرائيل ان تتعامل مع السلطة الجديدة في مصر باعتبارها حليفاً لها". وقالت &laqascii117o;إن على المؤسسة السياسية في اسرائيل ان تدرس الوقائع التي تسببت باندلاع ازمة في العلاقات بينها وبين مصر ...لا شك في ان العلاقات الاسرائيلية المصرية تواجه الآن اختباراً صعباً. اذ ان اسرائيل تدّعي ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة في مصر غير ملتزم بالحفاظ على الامن ولا يسيطر على شبه جزيرة سيناء مثل السلطة المصرية السابقة. ومع ذلك تتهم مصر اسرائيل بقتل جنودها والاستخفاف بقدراتها. وفي حال استمرار هذه الاتهامات المتبادلة فإن ذلك من شأنه ان يؤدي الى تدهور العلاقات بين الدولتين، فضلا عن ان النتيجة المباشرة لذلك تمثلت في قرار مصر سحب سفيرها من تل ابيب، مع أنها تراجعت عنه في وقت لاحق، في أثر إبداء وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الأسف على مقتل الجنود المصريين وإعلانه استعداد اسرائيل لإشراك مصر في عملية تقصي الحقائق بشأن ما حدث".
ما تؤكده العوامل المتشابكة لهذه الأزمة ان ثورة مصر ـ ثورة الشباب، ثورة 25 يناير ـ تنتظرها ازمة سياسة خارجية ذات بعد قومي قوي وصريح، بعد العودة الى ميدان التحرير، حتى وإن كان السؤال الآن: هل يعود ميدان التحرير الى سابق عهده مركزاً لحركة هذه الثورة وانطلاقاتها ومطالبها؟ انما الجانب المهم الذي لا يمكن إغفاله هو ان اساسيات الموقف الراهن في الازمة مع اسرائيل تدل على درجة من العمق في التناقض بين السياسة الرسمية المصرية والسياسة الشعبية الثورية المصرية داخل اطار التناقض الأساسي والأكبر بين مصر وإسرائيل. واذا كانت اسرائيل تستطيع ان تستعين بالتأييد الاميركي لسياساتها فإن باستطاعة السلطة في مصر ـ بما فيها السلطة الاعلى ممثلة في المجلس العسكري ـ ان تستند بلا اي ضعف الى قوة الثورة الشعبية ومطالبها. وحينما يتم ذلك علناً وبوضوح سيكون على الجانبين الاسرائيلي والاميركي مراجعة حساباتهما بشأن الثورة المصرية واتجاهاتها وقوة ارادتها.
ان التحدي الراهن الذي تواجهه ثورة مصر هو اكبر تحد واجهته منذ تحدي إسقاط حسني مبارك. لقد اظهرت ذلك بوضوح الكيفية التي عبرت بها الثورة عن نفسها في هذه الازمة وفي ظروف انقطاع نشاطاتها في ميدان التحرير. وتعرف اسرائيل، كما تعرف اميركا، أن معركة استقلال فلسطين في الامم المتحدة خلال ايام ستكون تحت المراقبة من عيون وأذهان شباب الثورة المصرية، وأن موقفاً اميركياً في الامم المتحدة او ضد مصر ( التهديد بقطع المساعدات) سيشكل تحدياً للثورة المصرية بالقدر نفسه الذي تشكل تحدياً لاستقلال فلسطين، وتحدياً لحرية مصر في امر معاهدة كامب ديفيد، بالقدر نفسه الذي يشكل تحدياً لإرادة الثورة المصرية في شأن حماية سيناء.
وإذا أضفنا ان قضية فلسطين تشكل الاختبار الحقيقي والأصعب لثورات الربيع العربي في المرحلة الحرجة الراهنة فإن على اسرائيل والولايات المتحدة ان يضعا هذا التحدي في اعتبارهما باعتباره عاملاً فاعلاً جديداً يؤكد انحسار حسابات القوة الاسرائيلية وحسابات الضغوط الاميركية.
فإما ان تدرك الدولتان ان واقع المنطقة تغير ولا يزال يتغير لصالح الاستقلال والتحرر وحرية الإرادة بعد عشرات السنين من الرضوخ لهيمنة القوة الاميركية وهيمنة الغطرسة الاسرائيلية ... وإلا فإن استقرار المنطقة واستقرار الدولتين ايضاً معرض لاختبارات على درجة من الصعوبة لم يسبق لها مثيل.