قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الثلاثاء 6/5/2011

المكان والتوقيت والتشويش والتفجير جواً
أربع ملاحظات من &laqascii117o;وحي" القرار الاتهامي

ـ 'السفير'
الياس فرحات:

أخيرا جاءنا القرار الاتهامي خاليا من اي تفسير لكيفية حصول جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن دون ان يظهر كيف حصل التفجير، واكتفى بان اتهم اثنين من المتهمين الأربعة من عناصر &laqascii117o;حزب الله"، بالاتصال بمحطة &laqascii117o;الجزيرة" للابلاغ عن الشريط (أبو عدس) واتهام احدهم انه اعطى أمر التفجير، انما كيف؟ لم يذكر ذلك. يؤكد القرار الاتهامي ان انتحاريا فجر نفسه لكن التقنيات التي تحمي سيارة الحريري وموكبه تجعل من الصعب على اي انتحاري ان يصيبه لاسباب نعرضها ادناه، ثم ماذا عن اختيار منطقة فندق سان جورج؟ لا يقدم القرار شيئا عن هذا.
يركز القرار على الاتصالات ويعتبرها ادلة ظرفية، لكنها في الواقع وكما وردت في سياق القرار ليست ادلة لا ظرفية ولا دامغة. المعروف ان لجنة التحقيق الدولية والادعاء العام استجوب ما يزيد عن الف شخص في الجريمة ومن بينهم حسب قول المدعي العام دانيال بلمار في حديثه الشهير الى موقع &laqascii117o;ناو ليبانون"، عناصر من &laqascii117o;حزب الله" لكنه لم يستجوب المتهمين الاربعة حسب ما اعلن، ولم يعلن انه استدعاهم للتحقيق ولم يحضروا. كيف عرف بلمار ان هذا الرقم الهاتفي لهذا الرجل؟ لا نجد جوابا في القرار الاتهامي. اسقط بلمار شبكة &laqascii117o;حزب الله" على شبكة هواتف القتلة المقفلة حسب تقرير ديتليف ميليس (كشفتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بعد وقوع الجريمة بشهرين تقريبا) لوجودها في البقعة نفسها في حين يعرف القاصي والداني ان آلاف الارقام تتواجد في منطقة مسرح الجريمة (السان جورج والوسط التجاري). واذا افترض ان كل عنصر من شبكة القتلة المقفلة لديه هاتف اخر للاتصالات العادية، فكيف افترض ان كل واحد من شبكة القتلة لديه رقم من الشبكة المصنفة &laqascii117o;شبكة حزب الله" وهي التي يقول انها مقفلة وخرقت في اتصال واحد. لكن هل يجري اعضاء الشبكة اتصالاتهم العادية بواسطة شبكة مقفلة؟ انها استنتاجات شخصية غير منطقية قادته الى اتهامات من دون ادلة لا ظرفية ولا غير ظرفية.
نعم كان باستطاعة القرار الاتهامي ان يجيب على سؤال اللبنانيين، كيف حصلت الجريمة؟
بالاستفادة من تقارير لجنة التحقيق الدولية خصوصا حول مسرح الجريمة، نحاول تقديم اجابة علمية - جنائية تتلخص بالآتي:

من الواضح ان من خطط للجريمة، كان يتعمد التأكيد بانه سيقتل من دون اي شك، وقد كان التخطيط على درجة عالية من الدقة ولا يحتمل اي خطأ، بدءا من اختيار المكان ورصد الموكب، الى نوعية المتفجرات وطريقة التفجير.
أولا، اختيار المكان: كان الرئيس الحريري يتنقل بسيارة &laqascii117o;مرسيدس" شديدة التصفيح ترافقه 3 سيارات &laqascii117o;مرسيدس اخرى باللون نفسه (اسود) والطراز نفسه وسيارة تحمل اجهزة تشويش لا تسمح بمرور الاشارات اللاسلكية ضمن شعاع يبلغ نحو 1000م بما يمنع اي تفجير عن بعد ضمن هذه المساحة بالاضافة الى سيارة مواكبة من قوى الامن الداخلي وسيارة اسعاف.
لا يمكن تنفيذ التفجير في الطرقات الداخلية في بيروت وذلك لكثرة التقاطعات وزحمة السير التي تحد من التحكم بالتوقيت المرسوم في اي مخطط يعد للجريمة وتحد ايضا من حرية حركة المنفذين. يبقى الطريق البحري الاقل زحمة والاقل تقاطعات، لكن اي تفجير على الطريق البحري يؤدي الى ذهاب معظم العصف الناشئ عنه الى الفراغ في الجهة البحرية لانه لا يوجد ابنية مرتفعة من تلك الجهة، فقانون البناء يمنع اشادة ابنية اعلى من مستوى الطريق لجهة البحر في بيروت باستثناء منطقة عين المريسة التي يوجد فيها ابنية بارتفاع طابق واحد، معظمها مطاعم وبناء واحد الى الجهة البحرية هو فندق سان جورج الذي شيد في اربعينيات القرن الماضي.
يمتد الفندق مسافة اكثر من 20 مترا على الطريق البحري ويرتفع 5 طبقات وعلى الجهة المقابلة من مكان الانفجار يقع مبنى فندق &laqascii117o;بالم بيتش&laqascii117o;، وهو يرتفع12 طابقا. ان وقوع الانفجار بين بنايتين من شأنه الافادة القصوى من العصف الناتج عن الانفجار لضمان تحقيق اكبر قدر من الضرر. لذلك كان على الشاحنة الصغيرة المحملة بالمتفجرات وهي من طراز &laqascii117o;ميتسوبيشي كانتر" ان تكون اما متوقفة او تسير ببطء على امتداد مبنى فندق سان جورج من اجل ضمان الاستفادة القصوى من الانفجار واتجاه اكبر قدر من العصف نحو سيارة الرئيس الحريري. ان اي تفجير على امتداد الطريق البحري بعيدا عن فندق سان جورج لا يعرض سيارة الحريري لعصف كبير ولا يؤدي الى اصابتها بأضرار قاتلة لانها مصفحة بشدة.
ثانيا، التوقيت: ورد في تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس تاريخ 19 تشرين الاول 2005 الفقرة 133 عن شريط الفيديو في كاميرا مصرف HSBC ما يلي:

&laqascii117o;... بيّن التسجيل بوضوح أن شاحنة &laqascii117o;الميتسوبيشي كانتر" كانت تتنقل بسرعة أبطأ ستة أضعاف من جميع المركبات الأخرى التي كانت تعبر الجزء نفسه من الطريق. وبيّن تحليل للتسلسل الزمني أنه بالنسبة لمسافة الـ50 متراً تقريباً من الطريق التي تغطيها آلة التصوير تحتاج سيارة عادية إلى مدة 3 إلى 4 ثوان لقطع المسافة في حين تحتاج سيارة نقل كبيرة إلى فترة 5 إلى 6 ثوان لقطع نفس المسافة. واستغرقت المدة التي قطعت فيها شاحنة &laqascii117o;الميتسوبيشي كانتر" هذه المسافة حوالى 22 ثانية، ودخلت المنطقة قبل وصول موكب الحريري بدقيقة و49 ثانية".
ان ما ورد في هذه الفقرة من تقرير ميليس يعني ان سيارات موكب الرئيس الشهيد الحريري كانت تعبر مسافة الـ50 مترا بمدة من 3 الى 4 ثوان اي بسرعة تتراوح بين 13 و16 مترا بالثانية. وهذا يعني ان اي تأخير او تقديم في التفجير لمدة ثانية واحدة من شأنه ان لا يصيب سيارة الحريري مباشرة.
يتنقل الرئيس الحريري عادة في موكب يتألف من 4 سيارات من اللون نفسه(اسود) والطراز نفسه (مرسيدس) مما يجعل من الصعب على اي انتحاري مفترض ان يختار اللحظة المناسبة لمرور السيارة - الهدف لتفجيرها، لأن عليه ان يميز سيارة الحريري من بين 4 سيارات. وحتى لو كان عالما بترتيب السيارة في الموكب، فان التحقق من السيارة وفقا لترتيبها اولى او ثانية او ثالثة او رابعة يحتمل خطأ خصوصا ان سيارة &laqascii117o;الميتسوبيشي كانتر" مقودها الى اليمين وهذا ما يضيق مجال الرؤية نحو اليسار اي باتجاه الموكب ويحصره من خلال النافذة في حال كان ما يزال جالسا على مقعده.

إن أي خطأ لمدة ثانية يبعد او يقرب سيارة الحريري عن التفجير مسافة بين 13 و16 مترا وهي كافية لنجاته. هذا الخطأ وارد بنسبة كبيرة وذلك بسبب الالتباس الذي يحصل بين السيارات الاربع المتشابهة وتحديد اي منها تكون سيارة الرئيس الحريري. ووارد ايضا بسبب ضيق مجال الرؤية لسائق &laqascii117o;الميتسوبيشي" لان مقودها الى اليمين، وايضا بسبب العامل الانساني للانتحاري المفترض (ارتباك الخ..)، الأمر الذي يمكن ان يؤخر او يقدم مدة ثانية او اكثر.نظرا لهذه العوامل، ان اقدام انتحاري على تفجير موكب الحريري لا يضمن اصابة سيارته وبالنسبة للمخططين في افضل الاحوال ان احتمال الاصابة وارد لكنه ليس اكيدا ولا يمكن لمن خطط للجريمة ان يجازف بامكان نجاة الحريري بل المطلوب التيقن من مقتله والانتحاري لا يضمن ذلك (..). ولقد نجت فعلا احدى سيارات الموكب الاربع وكان محتملا ان تكون سيارة الحريري.
ان سائق سيارة &laqascii117o;الميتسوبيشي" الذي لم يعرف شيء عن هويته هو شخص طلب منه قيادة السيارة والتوقف بمحاذاة فندق سان جورج فقط. وحسب تقرير ميليس فان وقوفه لم يتجاوز مدة دقيقة و49 ثانية قبل ان يحصل الانفجار. اما الانتحاري المزعوم ابو عدس، فالواضح ان الهدف من بث الشريط الذي يظهر فيه مدعيا انه من قام بالتفجير هو اولا توجيه الانظار الى ان هناك عملية انتحارية وثانيا توجيه الاتهام الى منظمات اصولية وخلق جدال حول هاتين المسألتين.
ثالثا، التشويش: ورد في تقرير المحقق ديتليف ميليس تاريخ 19 تشرين الاول 2005 الفقرة 154 (د) ما يلي:
&laqascii117o;جرى فحص نظام التشويش من قبل عضو في مجموعة السيد الحريري الأمنية قبل الانفجار بيومين وبدا أنه في حالة تشغيل جيدة. ومن بين أجهزة التشويش الثلاثة دُمر واحد بالكامل بفعل الانفجار واحترق آخر ولكن أمكن انتشاله والاحتفاظ به كدليل، بينما لا يزال جهاز ثالث يعمل، وعند اختباره تبيّن أنه يعمل بشكل سليم، وفضلاً عن ذلك خلص أيضاً تقرير خبراء المتفجرات الهولنديين والمختصين بالأدلة الجنائية إلى أنه بفحص الجهازين اللذين لم يُدمّرا واحتُفظ بهما كدليل، تبيّن أن جهاز التشويش السليم يؤدي وظائفه".
يستبعد التقرير التفجير عن بعد الا في حالات وردت في التقرير نفسه الفقرة 155:
&laqascii117o;وهناك إمكانيات مختلفة تشمل حدوث تفجير انتحاري أو تفجير لاسلكي باستعمال ترددات مختلفة عن ترددات أجهزة التشويش أو استعمال ترددات أجهزة التشويش، أو تفجير لاسلكي باستعمال أجهزة التشويش نفسها، أو تفجير لاسلكي باستعمال أحد هواتف الثريا المتصلة بالتوابع الاصطناعية، و"الثريا" هي شركة الهاتف الوحيدة العاملة في الأراضي اللبنانية التي لديها صلات بالتوابع الاصطناعية، او تفجير سلكي باستعمال كابل تي ان تي، أو تفجير سلكي باستعمال نوع آخر من الكوابل المركبة من قبيل سلك الهاتف بوصفه سلك توصيل. ورغم أنه يبدو للجنة استناداً إلى تحقيقاتها التي جرت حتى الآن، لا سيما نتائج بحث فريق الأدلة الجنائية الهولندي الذي تناول موقع الجريمة أنه من المحتمل أن يكون تفجير انتحاري قد تسبّب في هذا الانفجار، تستدعي الاحتمالات الأخرى مزيداً من التحقيق سواء إمكان تحقيقها وحدها أو بالاقتران مع حدوث تفجير انتحاري".
يتضح من التقرير ان اجهزة التشويش كانت تشتغل اثناء حدوث التفجير وان الامكانيات المختلفة التي تحدث عنها التقرير مثل استعمال ترددات اجهزة التشويش ذاتها او ترددات مختلفة واستعمال اجهزة &laqascii117o;الثريا" وغيرها هي موضوعات تستدعي مزيدا من التحقيق وفقا لصلاحيات اللجنة والامكانيات التقنية المتوافرة لها. ولا يبدو ان اللجنة طوال عملها ولا المدعي العام قد عمل على الاحتمالات غير ـ الانتحاري ولو عملت لكانت توصلت الى نتيجة ما حول هذه الاحتمالات واعلنتها حتما ولكان القرار الاتهامي قد ذكر شيئا عنها.

رابعا، الاحتمال الاخير: اذا كان التفجير الانتحاري مستبعدا لانه لا يضمن القتل كما ورد انفا والتفجير عن بعد بشكل عادي مستبعد ايضا لان اجهزة التشويش في الموكب كانت تعمل بشكل سليم، والاحتمالات الاخرى للتفجير عن بعد لم يثبت اي منها حسب تقرير لجنة التحقيق الدولية فيما لم يذكر القرار الاتهامي شيئا عنها، فان الاحتمال الاخير يبقى اعطاء امر التفجير من الجو لصاعق مثبت في سيارة &laqascii117o;ميتسوبيشي كانتر&laqascii117o; وهذا احتمال وارد لم تتطرق اليه لجنة التحقيق ولا القرار الاتهامي. ان امكانية ارسال امر التفجير من الجو بترددات عالية تستطيع خرق اجهزة التشويش العاملة في موكب الرئيس الحريري ليست متاحة لمنظمات عادية ولا لافراد. انها تتطلب تجهيزات تقنية معقدة لا تتوافر الا عند دول متقدمة تملك مثل هذه الاجهزة المتطورة وتركبها على طائرات خاصة. وبعض هذه الطائرات مجهزة باجهزة تصوير سريعة ودقيقة تلتقط الصور من اماكن بعيدة بدقة عالية وبسرعة كبيرة وهي مجهزة ايضا بجهاز احساس censor يمكنه تمييز سيارة الحريري استنادا الى معدنها المختلف وتصفيحها المميز ووزنها.
عندما تظهر السيارة على الشاشة في داخل الطائرة وهي تصل الى قرب سيارة &laqascii117o;الميتسوبيشي" يعطى امر التفجير من الجو باشارة ذات تردد فوق العالي يستطيع خرق اجهزة التشويش الى شحنة المتفجرات الموجودة داخل &laqascii117o;الميتسوبيشي" التي تنفجر فيصيب التفجير سيارة الحريري مباشرة وتتلقى السيارة اكبر عصف ممكن لان التفجير حصل بين بنايتين.
بغير هذه الطريقة لا يمكن التيقن من قتل الرئيس الحريري، ومن نافل القول ان المجال الجوي اللبناني يتعرض لخروقات شبه يومية ومن السهل معرفتها، وافادت معلومات لم تنفها اية جهة رسمية ان نشاطا للطيران سجل يوم حصول الجريمة ولحظتها. كما افاد تقرير لجنة التحقيق الدولية المشار اليه انفا ان اللجنة تلقت من الشركتين المشغلتين للهاتف المحمول ان تشويشا حصل على الاتصالات بين سان جورج وساحة النجمة يوم حصول الجريمة بين الساعة 1200و1300 لم توضح اللجنة في تقاريرها اللاحقة من قام بالتشويش ولم يظهر في القرار الاتهامي اي كلام عن مصدر هذا التشويش ولا عن الهدف منه.


'لا يجوز وطنياً أن يكون ثمن الخروج من السلطة ضرب الاستقرار'
مرجع رسمي: الإجماع حول الجيش أبلغ رد على محاولات استهدافه

ـ 'السفير'
داود رمال:

من البديهي تصنيف أي حملة تستهدف مؤسسة وطنية تقوم بواجباتها على أكمل وجه برغم ضعف الإمكانيات ومحدوديتها، في خانة ضرب مقومات استعادة دور الدولة في جميع المجالات العامّة وفق ما ينص عليه الدستور والقوانين المرعية الإجراء، وفي هذا السياق، تأتي الحملة المركّزة على الجيش اللبناني من &laqascii117o;أطراف وشخصيات معروفة بعدائها المزمن لهذه المؤسسة العصية على كل محاولات النيل من مناعتها ووحدتها" حسب تعبير مرجع رسمي مسؤول، يضيف أن &laqascii117o;هذه الحملة بدأت ترتد على أصحابها لاعتبارات كثيرة أبرزها الدور الحاضن للجيش على الصعيد الوطني وفي المفاصل الأساسية وصولا لقيامه بمهام إنسانية واجتماعية لا تدخل أصلا في صلب مهامه الموكل بها".
ويقول المرجع نفسه انه &laqascii117o;يكفي التذكير بمحطات مؤلمة لم تمح من ذاكرة اللبنانيين كان المستهدف فيها الجيش مباشرة في دوره ومهامه، بدءا من العملية الارهابية التي استهدفت قوة من الجيش في الضنية في مطلع الألفية الجديدة والارتباطات لبعض المتحاملين على الجيش اليوم بهذه المجموعات الاصولية، مرورا بذبح العسكريين وهم نيام وعزل من اي سلاح عشية معارك مخيم نهر البارد مع تنظيم &laqascii117o;فتح الاسلام" الارهابي، والتفجيرات التي استهدفت العسكريين في طرابلس وتحديدا في محلة البحصاص، الى معارك نهر البارد حيث سقط للجيش في ساحة الشرف 171 شهيدا ومئات الجرحى والمعوقين، وصولا الى تظاهرات 8 و14 آذار التي حماها الجيش في العام 2005 وحافظ على حرية التعبير وانتهاء بحادثة عيات وإطلاق النار على الصائمين من قبل مسلحين معروفي الانتماء ولولا تدخل الجيش لوقعت مذبحة نتيجة ردود الفعل بعد مقتل رجل دين، فهل الجيش بناء على هذه الوقائع يستحق بعسكرييه ومخابراته المحاسبة والتعرض لهجمات ام الاحتضان والدعم والتقدير". ويضيف المرجع &laqascii117o;ان كل ذلك تم استنادا الى توجيهات قيادة الجيش وهذه التوجيهات ما زالت ذاتها وسلوك مخابرات الجيش لم يتغير قيد أنملة، الا ان مشكلة البعض عدم قدرتهم على تطويع او استمالة هذا الضابط او ذاك ممن يشغلون مواقع حساسة لا سيما في منطقة الشمال برغم كل الإغراءات التي يتعرضون لها حيث يصرون على تنفيذ تعليمات القيادة والاحتكام للقانون وهذا مصدر قوة الجيش حيث لا مراعاة او محسوبيات على حساب المصلحة الوطنية العليا".

ويوضح المرجع &laqascii117o;انهم يريدون الآن محاسبة الجيش ومخابراته لسببين: الأول، أخذ لبنان وتحديدا الشمال لكي يصبح ممرا لتهديد أمن الشقيقة سوريا وتهريب السلاح الى الداخل السوري ما يؤدي الى إراقة دماء السوريين، من المدنيين والعسكريين على حد سواء. والسبب الثاني، هو تسهيل تمرير المشاريع المشبوهة والتي كانت عملية الضنية الارهابية جزءا منها ومعركة نهر البارد جزءا آخر، والآن الدعوة للتمرد داخل الجيش ليست سوى حلقة في مخطط تعميم الفراغ والفوضى لتمرير مشروع اقامة امارة اسلامية في الشمال".
وأشار المرجع الى &laqascii117o;التناقض الذي يمارسه البعض لجهة الشعار الذي يرفعونه والذي يقول، نعم للدولة ولا للدويلة، وفي السياق ذاته، يهاجمون احد اهم اعمدة قيام الدولة المتمثل بالجيش اللبناني، وهنا يطرح السؤال البديهي: &laqascii117o;كيف تريدون نزع سلاح المقاومة وتقوية الدولة وبسط سلطة الجيش وأنتم تهاجمون الجيش؟ والجواب البديهي انكم تريدون ضرب عناصر قوة لبنان جيشا ومقاومة لتسهيل استباحة الوطن وتحويله جزءا من مشروع تفتيت المنطقة وتحويلها دويلات طائفية متناحرة تكون الغلبة فيها للعدو الاسرائيلي".
ولفت المرجع الانتباه الى ان &laqascii117o;تسليح الجيش ومنذ إعادة توحيده في مطلع التسعينيات ما زال طي الوعود وأسير مقولة عدم قدرة الخزينة على تحمل الاعباء، وكل ما حققه الجيش على مستوى التسليح كان بمبادرات ذاتية من قيادة الجيش تجاوبت معها الدول الشقيقة والصديقة من غير شروط، لان الجيش محل ثقة وضامن للاستقرار والسلم الاهلي ويبقى الرهان عليه في الحفاظ على ركائز الاستقرار".
واعتبر المرجع &laqascii117o;انه لا يجوز وطنيا ولا اخلاقيا ان يكون ثمن الخروج من السلطة ضرب الاستقرار عبر استهداف المؤسسة الضامنة له، ولا يمكن لأي لبناني الادعاء أنه على حق وموقفه هو الصائب اذا كان خارج الاجماع الوطني الذي عبّر عنه اركان الدولة والمرجعيات الدينية وفاعليات المجتمع المدني وكل الحريصين على امن البلد".
ورأى المرجع &laqascii117o;ان الاستمرار بحملات كهذه وتحديدا عبر التركيز على بيئة محددة هو بمثابة السير بعكس السير، لأن عكار هي خزان الجيش ومنها سقطت النسبة الاعلى من الشهداء في ساحة الشرف، وهي الامينة على هذا التاريخ المشرف وهي الادرى بمن وقف الى جانب اهلها وما زال يوم تخلى عنها كثيرون خدماتيا واجتماعيا (..) وفي ذلك لا منّة بل واجب لا يرقى الى مستوى تضحيات ابناء هذه المنطقة العصية على محاولات حرفها عن دورها الوطني وتنوعها المتين".


مسألة تعريف الإرهاب

ـ 'الأخبار'
عمر نشابة:

أرهبت جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005 المواطنين واستدعت تدخلاً دولياً واسع النطاق ما زال مستمراً. صنّف مجلس الأمن الجريمة إرهابية وأنشأ المحكمة الدولية الأولى المتخصصة في الإرهاب، وتفوّقت الاعتبارات السياسة على المعايير القضائية. ما تعريف الإرهاب من الوجهة القانونية؟

&laqascii117o;لا تقتصر وظيفة المحكمة على محاكمة المسؤولين عن الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في لبنان في عامي 2004 و2005"، قال رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي، إذ يبدو أن للمحكمة الدولية الأولى المختصّة بالإرهاب وظيفة إضافية تتمثل في إعادة تعريفه انطلاقاً من القانون اللبناني، ليمثّل سابقة تستند إليها الآليات القضائية الدولية الأخرى، في إطار مساهمتها في &laqascii117o;الحرب على الإرهاب".
قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين استند إلى اجتهاد خاص لمواد في القانون اللبناني تعرّف الإرهاب صدر عن غرفة الاستئناف في 16 شباط 2011 لتصديق اتهام أربعة أشخاص منتسبين إلى حزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي صنّفها مجلس الأمن الدولي إرهابية، قبل التحديد القضائي لركنيها المادي والمعنوي. تفوّقت السياسة الدولية على الإطار القانوني والعدلي في ذلك التصنيف الذي كُشف عنه للمرة الأولى بعد ساعات قليلة من وقوع جريمة 14 شباط 2005، في بيان رئاسي صدر عن مجلس الأمن الدولي قبل استجماع المعطيات الكافية للجريمة. فجرائم اغتيال الرؤساء والزعماء لا تصنّف دولياً جرائم إرهابية: إن جرائم اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي والزعيم القس مارتن لوثر كينغ والرئيس المصري أنور السادات والرئيسين اللبنانيين بشير الجميّل ورينيه معوّض ورئيسي الحكومة رياض الصلح ورشيد كرامي ومفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد والأمين العام لحزب الله عباس الموسوي وغيرها، لم يصنّف مجلس الأمن الدولي أياً منها إرهابية، بل جرائم قتل تستدعي (طبعاً) الملاحقة القضائية. أما إذا كان تصنيف جريمة اغتيال الحريري جريمة إرهابية بسبب نتائجها السياسية المتوقعة وتأثيرها على السلم والأمن الدوليين، بحسب ما شدّد عليه المندوب الفرنسي وزميله الأميركي في مجلس الأمن في 15 شباط 2005، فإن جريمة اغتيال ولي عهد الإمبراطورية النمساوية المجرية فرانسوا فرديناند يوم 28 حزيران 1914، التي مثّلت الشرارة لاندلاع الحرب العالمية الأولى، لم تصنّف جريمة إرهابية، حتى بعد إنشاء عصبة الأمم ثم منظمة الأمم المتحدة. كذلك فإن جريمة اغتيال ملك يوغوسلافيا الإسكندر الأول يوم 9 تشرين الأول 1934 في مرسيليا لم تصنّف إرهابية، رغم أن القاتل فلادو شيرنوزمسكي كان ينتمي إلى منظمة صنّفها البعض إرهابية (المنظمة الثورية المقدونية). أما جريمة اغتيال رئيس جمهورية غينيا ــــ بيساو، جاو برناردو فييرا في 2 آذار 2009، فلم يصنّفها مجلس الأمن إرهابية رغم التوتر السياسي الذي أحدثته. وكان الرئيس فييرا قد نجا من انفجار وقع في القصر الجمهوري، غير أن مرتكبي الجريمة لحقوا به ليقتلوه ذبحاً بواسطة سواطير. أدان بيان رئاسي صدر عن مجلس الأمن الجريمة، لكنه لم يدع إلى تحقيق دولي أو إلى إنشاء محكمة دولية، رغم تدخل أنغولا في الشؤون الداخلية لغينيا ــــ بيساو.
قبل الغوص في التفسيرات القانونية للجريمة الإرهابية، لا بد من الإشارة إلى أنه لا تعريف دولياً موحّداً للإرهاب. فجرائم الإبادة في رواندا وكمبوديا ويوغوسلافيا السابقة وسيراليون التي استدعت قيام محاكم الدولية، لم تصنّف إرهابية، رغم الفظائع التي تخلّلتها. بل إن المحكمة الخاصة بلبنان هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تعنى بالإرهاب واختصاصها القضائي الأضيق بين المحاكم الدولية الأخرى يقتصر على جرائم اغتيال زعماء سياسيين خلال مدة زمنية محدّدة تبدأ في الأول من تشرين الأول 2004.
وزير العدل القطري الأسبق الدكتور نجيب النعيمي شرح خلال &laqascii117o;المؤتمر القانوني العربي لدراسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان"، الذي عقد في لاهاي في شباط 2011، أن لتعريف جريمة الإرهاب بُعداً سياسياً، حيث إن التعريف الدولي للإرهاب غير ثابت حتى الآن، لأن إرهاب الدولة لم يشر إليه في النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان. في هذا الإطار، لا بد من الإشارة إلى أن تصفية آلاف اللبنانيين وخطفهم واغتصابهم واستمرار تغييب أكثر من 10 آلاف لبناني منذ الحرب لم يستدع محاسبة دولية. كذلك فإن ممارسات الترهيب بحقّ مئات آلاف الفلسطينيين عبر الذبح والتهجير وجرف القرى المستمرة منذ 60 عاماً ليست إرهاباً دولياً. وقصف قاعدة للأمم المتحدة كان يرفرف فوقها العلم الأزرق، احتمى فيها مدنيون بينهم أطفال عام 1996، ليس جريمة إرهابية، واستهداف قوات حفظ السلام في الجنوب وقتلهم عام 2006 كانا خطأً يغتفر لمرتكبه. أما التعذيب والإذلال المستمران في سجون أبو غريب وغوانتنامو فحدّث ولا حرج.
وكان &laqascii117o;النشاط الإرهابي" باستخدام وسائل تمثل &laqascii117o;خطراً عاماً" موضوع نقاش دولي للمرة الأولى خلال المؤتمر الدولي لتوحيد القانون الجنائي، الذي عقد في العاصمة البولونية فرصوفيا في تشرين الثاني 1927. وبعد اغتيال ملك يوغوسلافيا عام 1934، أعدّ اتفاقان دوليان لمكافحة الإرهاب: الأول لتعريف الإرهاب الدولي وتجريمه، والآخر لإنشاء محكمة دولية لمقاضاة مرتكبي الجرائم الإرهابية. لكنّ هذين الاتفاقين لم يحصلا على التصديق اللازم عليهما من الدول ليدخلا حيّز التنفيذ.
تعرّف جامعة الدول العربية الإرهاب بالآتي: &laqascii117o;هو كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر". ولو كان ذلك التعريف معتمداً، لعُدّت جرائم إحراق السفارة الدنماركية وتدمير الأملاك العامة والخاصة، وتعريض حياة الناس وحريتهم للخطر في 5 شباط 2006 إرهابية. لكن المحكمة العسكرية أصدرت يومها أحكاماً بحقّ &laqascii117o;مشاركين في ارتكاب أعمال الشغب في محلة التباريس بالأشرفية ومعاملة عناصر القوى الأمنية بالشدّة وعدم التفرّق بغير القوّة". وقضت هذه الأحكام بالسجن سنة وشهراً واحداً غيابياً لمحمد ي. وشهرين لكلّ من يوسف د. وخالد ر. وأسبوعين لكل من عبد المطلب م. وأيمن س. وعلي ز. ومحمد ق. وعلي م. وجمال الدين ع. فتعريف الإرهاب في القانون اللبناني جاء في نصّ المادة 314 من قانون العقوبات على النحو الآتي: &laqascii117o;يعنى بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجّرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو الميكروبية التي من شأنها أن تحدث خطراً عاماً".
غداً الحلقة الثانية: قضاء فضفاض

الإرهاب جريمة جماعية
القانون الدولي الإنساني لا يقدم تعريفاً مفصّلاً للإرهاب، لكنه، لدى تناوله &laqascii117o;أعمال الإرهاب"، يركّز على التدابير الجماعية لا على الممارسات والاغتيالات التي تستهدف أفراداً. فجاء في نصّ المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة ما يأتي: &laqascii117o;تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب"، فيما يحظر البروتوكول الإضافي الثاني (المادة 4) &laqascii117o;أعمال الإرهاب" ضد الأشخاص الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية. والهدف الرئيسي بحسب الصليب الأحمر الدولي &laqascii117o;هو التركيز على أنه لا يجوز أن يكون الأفراد أو السكان المدنيون عرضة لعقوبات جماعية من الواضح أنها تؤدي، من بين أشياء أخرى، إلى إحداث حالة من الذعر". أما الأمم المتحدة، فصدرت عنها توصيات لمواجهة &laqascii117o;الإرهاب"، وعُقدت مجموعة من الاتفاقيات تناولت بعض الجرائم التي صنّفت إرهابية، مثل الاعتداء على الطيران المدني وخطـف الدبلوماسيين واحتجاز الرهائن و قرصنة السفن.


اللبنانيون يقودون بلادهم إلى أزمة خطيرة !(2)

ـ 'النهار'

سركيس نعوم:

تخشى الجمهورية الاسلامية الايرانية انهيار النظام السوري جراء الانتفاضة الشعبية التي اندلعت قبل ستة اشهر تقريباً والتي تتصاعد بثبات. ولذلك فانها، استناداً الى معلومات مركز الابحاث الاميركي الجدي نفسه الذي له مصادر جدية في المنطقة، طلبت من 'حليفها' 'حزب الله' مساعدة هذا النظام بكل الوسائل المتوافرة له. وهو قد فعل ذلك باندفاع كبير، لأن الانهيار المذكور لا بد من ان ينعكس عليه سلباً في لبنان دوراً وهيبة وقوة ونفوذاً وربما وجوداً. علماً ان مساعدته هذه كلفته الكثير من رصيده في العالم العربي والاسلامي (السني بغالبيته) وألحقت اضرارا مهمة بصورته. وهنا تشير المعلومات نفسها الى وجود نوع من الاختلاف او بالاحرى التباين داخل قيادات 'الحزب' وكوادره حول ما يجري في سوريا. علماً ان اي مصدر آخر، قريب من 'الحزب' او من ايران مؤسِّسته وراعيته او حتى من سوريا، لا يمتلك ما يمكنه من تأكيد ذلك. فقدامى القادة والكوادر من الحزبيين يريدون ان يمارس حزبهم دوراً متصاعداً ومهماً جداً داخل لبنان، وان يمارس استقلالية جدية حتى عن حليفيه وراعييه المعروفين. اما الشباب من هؤلاء، او الاكثر شباباً، فانهم يطالبون وبقوة وصلابة الوقوف مع الرئيس السوري بشار الاسد. وهم يعتقدون، ربما بسبب تأثير 'الحرس الثوري الايراني' عليهم، ان الرئيس السوري سينجح في البقاء (Sascii117rvive) لأسباب عدة اهمها دعم ايران له. وهذا اعتقاد ينظر اليه 'القدامى' من القادة والكوادر بكثير من الشك.

 وفي انتظار تبلور الاوضاع في سوريا، تلفت معلومات مركز الابحاث الاميركي نفسه، أن قيادة 'حزب الله' قررت ادخال تغيير تكتيكي قصير المدى على عملياته، كان الدافع اليه القلق من تعاون السنّة والموارنة والدروز في لبنان بدعم من السعودية وتركيا والغرب، ومن محاولتهم تبعاً لذلك مواجهة 'الحزب' عملياً على الساحة اللبنانية، وخصوصاً اذا تأكدوا من بداية تضعضع سوريا الاسد ومن انشغال حلفائها في لبنان في محاولة مساعدتها. ومن دوافع القلق اقتناع اصحاب المعلومات اياها بوجود تدفق للأسلحة على كل الاطراف في لبنان. ولهذا السبب يراقب 'الحزب' اخصامه في فريق 14 آذار وفي مقدمهم مسيحيوه الاقدر من سائر حلفائهم على قيادة مواجهة مسلحة له (اي لـ'حزب الله').طبعاً من المستحيل حالياً، تفيد المعلومات واصحابها في مركز الابحاث الاميركي اياه، معرفة اي من الطرفين المشار اليهما اعلاه اكثر اهتماماً من الآخر بافتعال مواجهة كالمذكورة. فاخصام 'الحزب' قد يغريهم ضعفه المرتقب او قدرتهم على اضعافه جراء ضعف حليفه السوري فيشنون عليه حربهم. الا ان حلفاءه ايضاً وفي مقدمهم سوريا قد تعمد الى افتعال اصطدامات طائفية ومذهبية في لبنان، وذلك للقضاء على احتمال تحوّله ساحة معادية لها بالكامل، ولإبعاد اخصامها فيه عن التدخل في ازمتها الجدية الراهنة. وهي تمتلك كل الوسائل والادوات اللازمة للنجاح في هذا الامر. ومعظمها 'محلي الصنع' اذا جاز التعبير على هذا النحو.
في اي حال دفع تصاعد خطر المواجهة الداخلية بين اللبنانيين 'حزب الله'، وتبعاً للمعلومات نفسها، الى تركيز همّه الاساسي على الداخل. وقد ترجم ذلك بنقل، اذا جاز التعبير على هذا النحو، ساحة عملياته من جنوب الليطاني الى الشمال وتحديداً الى البقاع حيث له ولشعبه الشيعي وجود كثيف. ولا يعكس ذلك تخلياً عن الجهوزية الدائمة لمواجهة اسرائيل. وهو يتابع ترجمته باقامة خط دفاعي يمر في قمم كسروان والمتن. وفي المجال نفسه يحاول حلفاء 'الحزب' بمساعدته اقامة خط دفاع ثان في عكار ذات الغالبية السنية وخصوصاً بعد حادث اطلاق النار على شيخ علوي اثناء مأدبة افطار رمضاني، علماً انه قد يكون مفتعلاً.
في اختصار، تفيد معلومات المركز البحثي الاميركي اياه، يُزيد الضغط على نظام الاسد داخل سوريا احتمال نشوب حرب اهلية في لبنان. إذ ان فيه من تناقض المصالح السياسية والدينية والايديولوجية والمذهبية و'الاعمالية' (اي البزنسية) ما يشكل مزيجاً قابلاً للانفجار في سرعة وخصوصاً اذا تدخّل عامل خارجي في ذلك مثل تطوّر اوضاع سوريا سلباً. وفي اختصار ايضاً ستفعل ايران كل شيء للمحافظة على موطئ قدمها في المنطقة. اما السعودية وتركيا فستنتظران لاقتناص اي فرصة استراتيجية لاعادة 'المشرق' (Levant) الى النفوذ السني. ووسط هذه المعمعة او 'الملغوصة' يعيش اللبنانيون، ويُحضِّرون، وهذا من سخرية الاقدار، لقيادة بلادهم نحو ازمة خطيرة جدا


بدعوة اعتكاف الوزراء بعد بدعة 'التوافقية'
من لا يلتزم قرارات الحكومة يستقيل أو يُقال

ـ 'النهار'
إميل خوري:

بعد 'بدعة الديموقراطية التوافقية' التي فرضها منطق 'القوة اساس الحكم في لبنان' ما دامت الطائفية السياسية لم تُلغ، وبالمنطق نفسه تشكلت حكومة الاكثرية من قوى 8 آذار والمتحالفين معها ولم تعد الديموقراطية التوافقية معمولاً بها ولا إلغاء الطائفية شرطاً للعودة الى الديموقراطية العددية، فإن منطق القوة ذاته يفرض بدعة 'اعتكاف' الوزير او الوزراء او انسحابهم من الحكومة لا لشيء سوى ان الاكثرية رفضت مشروعاً لهم، في حين ان مرسوم تنظيم اعمال مجلس الوزراء ينص في مادته الـ28: 'ان قرارات مجلس الوزراء ملزمة لجميع اعضاء الحكومة وفقاً لمبدأ التضامن الوزاري، وعلى الوزير المختص تبعاً لذلك الالتزام بتوقيع مشاريع المراسيم تنفيذاً لهذه القرارات'. وهذا معناه ان على الوزير الذي لا يلتزم قرارات مجلس الوزراء عملاً بمبدأ التضامن الوزاري ان يستقيل، لا ان يلجأ الى بدعة 'الاعتكاف' او الانسحاب من الحكومة من دون ان يقدم استقالته ليظل يتقاضى تعويضاته وهو لا يقوم بأي عمل، لا بل انه يعطل أعمال الناس ويمتنع عن تأمين الخدمات الضرورية لهم.
لذلك ينبغي، كما يرى النائب السابق حسن الرفاعي على رئيس الجمهورية باعتباره اقسم على احترام الدستور، توجيه كتاب الى مجلس الوزراء يعرض فيه وضع الوزير غير الملتزم القرارات كي يلتزمها او يستقيل وإلا واجه الإقالة. فإذا لم تتأمن الاكثرية المطلوبة وهي ثلثا اعضاء الحكومة لهذه الغاية، فعلى رئيس الجمهورية في هذه الحال توجيه كتاب الى مجلس النواب يعرض فيه وضع الوزير الذي لم يلتزم قرارات مجلس الوزراء ولا يستقيل ولا اكثرية وزارية تقرر إقالته، كي يتخذ النواب قرارا في شأنه.
وما يقترحه الرفاعي لا ينص عليه الدستور انما تقضي به مصلحة الوطن والمواطن، حتى إذا لم يسائله (الوزير) لا مجلس الوزراء ولا مجلس النواب فإن المواطن هو الذي يحاسبه يوم الانتخابات.
واذا كان الدستور لم يلحظ الحالة التي لا يلتزم فيها الوزير قرارات مجلس الوزراء بفرض الاستقالة او الاقالة فلأن المشترع لم يبلغ به التفكير حد رؤية وزراء، لا يؤنبهم ضميرهم اذا تصرفوا على هذا النحو ولا يحسبون حتى حساباً لناخبيهم وللمصلحة العامة.

لقد انسحب وزراء من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة احتجاجاً على اقرار النظام الاساسي للمحكمة الخاصة بلبنان فامتنع بعضهم عن مزاولة اعمالهم في الوزارة واستمر بعضهم الآخر في مزاولتها، ولم تكن الحكومة في وضع يسمح لها بقبول استقالتهم عندما قدمها بعضهم لانه كان يتعذر عليها تعيين بدائل منهم بحكم الظروف الموضوعية التي كانت سائدة، ولا كان في استطاعتها اقالتهم، فاستمر الوضع الحكومي على ما هو من اعتبار البعض اياها (الحكومة) شرعية واعتبار آخرين انها غير شرعية وغير ميثاقية لأن الطائفة الشيعية غير ممثلة فيها. وظلت المراسيم التي صدرت عنها معلقة حتى الآن ولم يتم التوصل مع الحكومة الحالية الى تسوية لها مع ان بينها مراسيم مهمة وتتعلق بالصالح العام.والسؤال المطروح هو: هل سيتصرف رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة كما تصرفت حكومة الرئيس السنيورة اذا ما قرر وزراء في الحكومة الحالية الاعتكاف او الانسحاب منها من دون تقديم استقالتهم اذا لم توافق الاكثرية على مشروع يتمسكون به مثل مشروع الكهرباء وغدا مشروع المياه وبعدهما مشروع النفط، وهذا معناه تعريض اعمال الحكومة للشلل، وجعل الاعتكاف بدعة جديدة وورقة ضغط على الوزراء لكي يوافقوا على ما يرفضون الموافقة عليه اذ لا نص في الدستور يرغمهم على الاستقالة ولا اكثرية الثلثين في الحكومة متوافرة لاقالتهم فتدخل الحكومة عندئذ الوضع الشاذ الذي دخلته من قبل حكومة الرئيس السنيورة بسبب المحكمة، والآن بسبب الكهرباء التي يختلط فيها العامل التقني مع العامل السياسي والمالي في حال عدم التوصل الى اتفاق.
وفي المعلومات ان 'حزب الله' يرفض إقدام وزراء 'تكتل التغيير والاصلاح' على الاستقالة من الحكومة لئلا يتم تعيين بدائل منهم سواء من داخل مجلس النواب او من خارجه، ولأن الاستقالة التي تجعل الحكومة مستقيلة برمتها لم يحن اوانها بعد، وقد يكون اوانها مرتبطا بتطورات الوضع في سوريا او بسير اجراءات المحكمة الدولية والتزامات لبنان حيالها. لكن الحزب قد لا يمانع في اقدام وزراء 'تكتل التغيير والاصلاح' على الاعتكاف او الانسحاب من دون تقديم الاستقالة لان هذا لا يبقي على الحكومة وإن مشلولة العمل والانتاج الى ان يحين موعد تفجيرها من الداخل، لكن عندها يكون هؤلاء الوزراء قد اسقطوا عن الحكومة شعار 'كلنا للعمل'... وانقاذاً لهذا الشعار حرص 'حزب الله' على ايجاد تسوية لا يموت معها ذئب طرف ولا يفنى فيها غنم طرف آخر.


شيعة العراق وثوار ليبيا: بين الخيانة والشرف

ـ 'الأخبار'
محمد فضل الله (باحث لبناني):  


(...) في أيار 2008، بدأ المثقفون الشيعة يتساءلون في ما بينهم عما هي &laqascii117o;واقعة كفر رمّان" التي ردّدها الدروز في حينها، فقالوا: &laqascii117o;الشيعة يثأرون لواقعة كفر رمان". لاحقاً، علمنا أنّها ما حدث حين قام جيش عثماني ـــــ درزي بكمين لقوة من جبل عامل، مرتكبين مجزرة. اللافت أنّ الغالبية العظمى من مثقفي الشيعة لم يَسمعوا بتلك الواقعة قبلاً. طبعاً، هناك تاريخ طويل للنسيان الشيعي، إذ يمكننا التأريخ للنسيان الشيعي أكثر منه للذاكرة الشيعية. قد يَرى البعض ذلك مَرَضياً، ولكنّه أيضاً مناسبة تَسمح بإعادة قراءة جذرية، وبمرونة سردية. هناك عارض يمكن تسميته &laqascii117o;عارض لحد"؛ إذ ينسى اللبنانيون الشيعة ذكريات العمالة مع إسرائيل، ويمكننا الذهاب إلى الشريط المحرر من دون أن نجد أثراً لخطاب تأريخي يتعلق بالعملاء. إنّ سلوك حزب الله بعد تحرير عام 2000 في ما يخصّ العملاء، هو إشارة إلى النسيان/الصفح، باعتباره قدرةً على التجاوز، تمرّس عليها العقل اللبناني الشيعي. ليس من المستغرَب أنّه لا يتوافر أرشيف مادي بصري أو روائي لحدث ضخم كتحرير جنوب لبنان أو حرب 2006. الصفح عن عملاء لحد هو ذاته فقدان القدرة على أرشفة لحظة أيار 2000.
لدينا أيضاً &laqascii117o;Damnatio memoriae"، أو النسيان السياسي، وهو مصطلح قانوني روماني؛ إذ يتخذ مجلس الشيوخ قراراً بحق شخص ارتَكب خيانة بحق الدولة، يُمنَع بموجبه ذكر اسمه نهائياً، وذلك بهدف إزالة أي أثر لذلك الشخص من حياة روما.

عند سؤالي لصديق من طرابلس، شمال لبنان، عما إذا كان يَعرف بأمر &laqascii117o;إمارة بني عمار" الشيعية التي كان مركزها عاصمة الشمال واحتوت أضخم مكتبات المنطقة، فوجئت بأنّه لم يَعرف بها قبلاً. لكن الوجود التاريخي لتلك الإمارة متعارَف عليه في صفوف المثقفين الشيعة. لسنا بحاجة إلى تأريخ &laqascii117o;خاطئ" لتتبيّن لنا خطوط تأويلية متعددة للحدث. يمكن فهم إعادة القراءة بأنّه تجميع لخط سردي يَشتمل مجمَلاً مختلفاً من &laqascii117o;الوقائع". التذكُّر الشيعي لإمارة بني عمار، والنسيان السني لها، هما قراران سياسيان.
نسبة ضئيلة ممن ينحدرون من جبل عامل يَعرفون مَنْ هو الشيخ ناصيف النصار، إحدى أهم الشخصيات السياسية والعسكرية في التاريخ العاملي. بعد مقتله، بكاه الشيعة أربعين عاماً، ولكن علماء الشيعة اللبنانيين خافوا أن تحلّ ذكراه محلّ عاشوراء، فمَنعوا إحياء ذكراه، ومنذ ذلك الحين أصبح اسمه مغموراً.
■ ■ ■
بُعيد حرب 2006، نُقل أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وفي اجتماع داخلي صَرّح: &laqascii117o;لقد غسلنا عار العراق". بغضّ النظر عن دقة النقل، إلا أنّ ذلك كان لسان حال شيعة لبنان، حين يناقشون الملف العراقي.
يَفتقد الشيعة عموماً إلى دائرة تداول مستقلة. حلقتهم السردية لا تزال مفتوحة (لا منفتحة) سلباً على حلقة السرد السنّي الأوسع. السنّي يتحدث إلى السنّي، على مسامع الشيعي، ومن دون أن يَحسب للأخير حساباً، أما الشيعي فيَفتقد القدرة على مخاطبة الشيعي الآخر، إلا وفي مخيلته رقيب سنّي رابض.
منذ ما قبل اجتياح العراق 2003، كان المثقفون العراقيون الشيعة يتحدثون بأسى عن امرأة بريطانية اسمها غرترود بل. غرترود، الملقَّبة بصانعة الملوك، هي مَنْ وضع الخريطة السياسية للعراق. &laqascii117o;مسّ بلّ"، كما هي معروفة، اشتُهرت بموقفها السلبي من الشيعة. تتحدث غرترود في رسائلها عن الغبار التاريخي الكثيف الذي يلفّ المؤسسة الدينية الشيعية، غبار يَمنعهم من أن يكونوا مرئيين (كما لو كانت أمنية تاريخية شيعية، ألا يكونوا مرئيين)، ويَمنعهم من الرؤية أيضاً. بالمناسبة، تلك الصورة سيردّدها لاحقاً السيد موسى الصدر في لبنان، في خطابه الشهير &laqascii117o;جئتُ لأُزيل غبار السنين عن وجه عالِم الدين".
يستذكر مثقفو الشيعة العراقيين دائماً غرترود بل باعتبارها لحظة أَخطأوا تقديرها؛ إذ رَفض مراجع الشيعة حينها عروضها للانخراط في العملية السياسية، فكان أن تجاوزتهم العمليةُ السياسية لقرن. وعند اجتياح العراق في 2003، كان الشيعة العراقيون يقولون إنّهم لن يكرِّروا لحظة غرترود القاتلة. ولكن مثقفي الشيعة اللبنانيين لا يَعرفون غرترود. وهنا تتبيّن بنحو أوضح إشكالية فقدان حلقة السرد الشيعي المستقلّ. لقد كانت مطالبة حزب الله للشيعة العراقيين بمقاومة الأميركيين أمراً غير مفهوم نيمونياً. في المقابل، تمكّنت حلقة السرد السنّي الأقوى من فرض عبارة &laqascii117o;العلقمي".
مؤيد الدين بن العلقمي، عالِم وخطيب وُلد في قم، على الأغلب، أصبح وزيراً للخليفة العباسي المستعصم؛ ويتهمه المؤرخون السنّة بأنّه خان المستعصِم وسَلّم بغداد لهولاكو المغولي، رغم أنّ روايات شيعية أخرى تَنفي ذلك.
أيامٌ على اجتياح العراق وتَدخل عبارة العلقمي حيّز التداول الفعّال في العالمين العربي والإسلامي؛ والمغزى أنّ الشيعة يَستعيدون العلقمي في الخيانة. أما عبارة &laqascii117o;غرترود"، التي اعتمد عليها التأويل الشيعي العراقي، فقد بقيت طيّ النسيان. ليس ذلك دفاعاً عن شيعة العراق، فالدولة التي أسسوها بعد الاجتياح تستحقّ كل النقد والمحاسبة. ذلك قد يكون موضوعاً لنقاش آخر.المثال الأبرز على عدم القدرة على تجاوز النيمون السنّي، هو أحداث ليبيا الراهنة. فما يَحصل في ليبيا هو تماماً ما حصل قبلاً في العراق. وإذا كان القذافي قد وَجّه المدفعية إلى شعبه، فإنّ صدام حسين، منذ التسعينيات، لم يجد أي رادعٍ لاستخدام القوة الجوية في إبادة مئات الآلاف. بطريقة ما، جرى تأويل ما يَحصل في ليبيا بأنّه حقّ طبيعي للشعب الليبي في طلب النجدة للتخلُّص من حاكم طاغية. أما ما حصل في العراق فهو خيانة تُشعر الشيعة أينما كانوا بالخجل.

خلال الأيام الأخيرة لاجتياح العراق، قيل إنّ السيد علي السيستاني طَلب من المواطنين في محيط مدينة النجف عدم قتال الأميركيين، وكان ذلك كافياً لشنّ حملة إعلامية تخوينية عليه. والنفي الذي أَصدره مكتب السيستاني في بيروت أراح حزب الله، وصارت وسائله الإعلامية (دون أي وسيلة إعلامية أخرى) تتناقله باعتباره صكّ براءة شيعياً.
بعد ثماني سنوات على تلك الواقعة، خرج الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ودافع عن ضربات قوات التحالف، ونفى عنها صفة الصليبية، وهتفت قلوب العرب للثوار الليبيين في خطب الجمعة والمنابر الإعلامية. اللافت أنّ مراسل الجزيرة في ليبيا عبد العظيم محمد، يقدِّم برنامج &laqascii117o;المشهد العراقي" الذي يروِّج للمقاومة العراقية. الحديث هنا ليس عن التناقض في معالجة الأحداث وتأويلها؛ فالسرد لا يمكنه إلا أن يَنتقي ويَقتصد في الاسترجاع ويتوسّع في النسيان. لكن الأمر يتعلق باستكشاف احتياط سردي يمكننا أن نعيد صياغته. كذلك فإنّه دعوة إلى حزب الله تحديداً لمراجعة تصوّره لما حصل في العراق، وبالتأكيد دعوة للعالم العربي لأن يتسامح مع العراقيين، كما فعل مع ليبيا.


صمم التوتر والغضب

ـ 'الحياة'

حسام عيتاني:

إضافة إلى تصويرها خطوط الانقسام السياسي والطائفي، تعطي ملابسات محاكمة فايز كرم المدان بالتعامل مع إسرائيل، فكرة عن النظام السياسي والقضائي اللبناني.ورغم أن العميد المتقاعد في الجيش قد حظي بمعاملة &laqascii117o;تفضيلية" من قبل الأجهزة الأمنية التي لا تتورع عن اللجوء إلى إساءة معاملة المعتقلين لديها، فإن الجهة التي ينتمي كرم إليها وصلت في حملتها على القضاء وعلى فرع المعلومات حدود الابتذال والسفه، بعدما كان زعيم التيار المذكور شبّه كرم بـ &laqascii117o;يهوذا الاسخريوطي".
لكن المحاكمة جرت في لبنان حيث لا قيمة لمؤسسة ولا لقانون. ولا قيمة لدليل في المحكمة طالما أن الوظيفة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد