قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 8/9/2011

كاسيزي والإرهاب الملتبس

ـ 'الأخبار'
عمر نشابة:

كشفت شهادة رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي أنطونيو كاسيزي أمام المحكمة الإسرائيلية العليا عن مفهومه للإرهاب. فبحسب كاسيزي يحقّ للإسرائيليين إطلاق النار على المشتبه فيهم إذا لم يستجيبوا لطلب إظهار كونهم لا يحملون متفجرات
للأستاذ الجامعي في القانون الدولي (جامعة فلورنسا في إيطاليا) والرئيس السابق للجنة الأوروبية ضدّ التعذيب (1989-1983) ومؤسس النشرة الدولية للعدالة الجنائية (جامعة أوكسفورد البريطانية) القاضي أنطونيو كاسيزي العديد من المنشورات الأكاديمية والاستشارات القضائية. القاضي الإيطالي يترأس حالياً المحكمة الخاصة بلبنان، التي تنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وجرائم أخرى متلازمة معها، بعدما ترأس المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (1993-1997)، إضافةً الى الشهادة التي تقدّم بها يوم 21 نيسان 2006 في قضية رفعها الفلسطيني رائد محمد إبراهيم مطر بحقّ المدير السابق للأمن العام الإسرائيلي (جي اس اس) أفراهام ديختر، أمام محكمة نيويورك الأميركية، التي أشار اليها السيد حسن نصر الله خلال إطلالة إعلامية له في 2 تموز الفائت، كان كاسيزي قد تقدّم بمرافعة خطية أمام المحكمة الإسرائيلية العليا في دعوى لجنة مكافحة التعذيب بحق الحكومة الإسرائيلية عام 2002.
قبل عرض مضمون مرافعة القاضي كاسيزي أمام المحكمة الإسرائيلية العليا، لا بدّ من الإشارة الى أن القاضي الأميركي وليام بولاي قرّر في 2 أيار 2007 إبطال دعوى مطر ضد ديختر بحجّة أن الأخير يتمتّع بالحصانة &laqascii117o;وكان يتصرّف وفقاً لواجباته الرسمية". وفي 16 نيسان 2009، ردّت دائرة الاستئناف في محكمة نيويورك الطعن، الذي رفعه مركز حقوق الإنسان الفلسطيني ومركز الحقوق الدستورية الأميركي، بقرار بولاي، وثبّتت بالتالي إبطال الدعوى على نحو نهائي. يُذكر أن أساس هذه الدعوى كان جريمة إلقاء &laqascii117o;جيش الدفاع الإسرائيلي" قنبلة تزن نحو طنّ من المتفجرات والحديد على مبنى سكني في غزّة عام 2002 بحجّة &laqascii117o;استهداف إرهابيين". أدّى انفجار القنبلة الى قتل أو جرح عشرات المدنيين غير المسلحين، بينهم أطفال.

تبرير قتل المشتبه فيهم : في عام 2003 استجاب القاضي الإيطالي، أنطونيو كاسيزي، لطلب مشاركين في دعوى رفعتها اللجنة الإسرائيلية ضدّ التعذيب أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، للإدلاء برأيه كأستاذ جامعي متخصص في القانون الدولي الإنساني. وطلبت اللجنة من كاسيزي تحديداً تقديم رأيه في &laqascii117o;مدى تلازم قتل إسرائيل إرهابيين فلسطينيين مستهدفين مع القانون الدولي الإنساني" (للاطلاع على النص الكامل بالإنكليزية لرأي كاسيزي القانوني في هذا الشأن زوروا: العنوان الإلكتروني http://www.stoptortascii117re.org.il/files/cassese.pdf).
ورد في نصّ الفقرة &laqascii117o;ب" من مرافعة القاضي كاسيزي الخطية، تحت عنوان: &laqascii117o;معنى مصطلح المشاركة المباشرة في الاعتداءات" في القانون الدولي الإنساني، الآتي: &laqascii117o;يفترض القيام باختبار واقعي لتحديد المشاركة المباشرة في المعركة. إن ضلوع شخص في العمل المسلّح (مثلاً إطلاق النار على مدنيين ومحاربين أعداء، أو وضع متفجّرة في مقهى، أو إطلاق صاروخ على دبابة معادية أو أي هدف عسكري آخر) يعدّ على نحو قاطع مشاركة مباشرة في المعركة. (…) كذلك فإن أي مدني ضالع في الانتشار العسكري الذي يسبق هجوماً يفترض أن يشارك فيه، ينبغي اعتباره مشاركاً في المعركة، إذا كان قد حمل السلاح خلال الانتشار العسكري. وينبغي أن يكون قد حمل السلاح على نحو ظاهر" (الفقرتان 12 و13)، لكن كاسيزي أضاف لاحقاً في نصّ شهادته (الفقرة 16) إن &laqascii117o;على المرء أن يأخذ في الحسبان، واقعياً، الوضع الحالي للصراع المسلّح في إسرائيل وفلسطين، حيث اللجوء المتكرّر الى هجمات &laqascii117o;كاميكاز" (مصطلح ياباني للعمليات الانتحارية) التي يقوم بها مدنيون لا يحملون السلاح على نحو ظاهر، بل يخفون المتفجرات على أجسادهم ليتمكنوا من تفجير أنفسهم فجأةً بمدنيين وعسكريين إسرائيليين". وخلص الرجل الذي يتولى اليوم رئاسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الى القول: &laqascii117o;صراحةً، إن السماح للإسرائيليين بإطلاق النار على هؤلاء لمجرد حملهم السلاح على نحو علني أمر عبثي".
وشرح كاسيزي في ما يبدو نصيحة للإسرائيليين: &laqascii117o;إن الطريقة الصالحة لتلازم الحاجات العسكرية والأمنية الإسرائيلية مع القانون الدولي الإنساني قد تتطلّب من السلطات الإسرائيلية، لدى اشتباهها في أن مدنياً يحمل على جسده متفجرات تستهدف إسرائيليين، أن تطلب منه أن يظهر لها أنه لا يحمل متفجرات. ويمكن أن يطلق الجيش النار عليه فقط إذا رفض التجاوب مع هذا الطلب".
ولم يتوقّف القاضي الإيطالي عند هذا الحدّ، بل أضاف إن &laqascii117o;السماح للجيش بإطلاق النار يجب أن يشمل أيضاً الحالات التي لا يتاح له فيها الوقت لأن يُطلب من المشتبه فيه إظهار عدم حمله متفجرات. في هذه الحالة يفترض السماح بإطلاق النار على المدني، شرط أن يُحترم أمران: الأول أن يكون واضحاً أن المدني يخفي متفجرات على جسده؛ والآخر ألّا يتوافر إطلاقاً الوقت الكافي لمطالبته بإظهار عدم حمله متفجرات، فمن الأرجح أن يستخدم المدني المتفجّرات فوراً لمهاجمة مدنيين أو مقاتلين معادين" (الفقرة 17).

لمقاومة الشعبية جريمة حرب : تحت عنوان &laqascii117o;التداعيات بالنسبة إلى الإرهابيين الفلسطينيين" جاء في مرافعة كاسيزي المقدمة الى المحكمة الإسرائيلية: &laqascii117o;إن المدنيين الفلسطينيين ليسوا مخوّلين المشاركة في الاعتداءات. إذا فعلوا من دون تمييز أنفسهم عن المدنيين الآخرين خلال الصدامات المسلّحة، أو خلال عملية ارتكاب فعل معادٍ، فهم يرتكبون جريمة حرب. ولا شكّ أن وضع أو إلقاء متفجّرات أو قنابل بين المدنيين، وأخذ رهائن مدنيين وقتلهم، هي أعمال مخالفة لأبسط قواعد القانون الإنساني الدولي، وبالتالي فهي تُعدّ جرائم حرب".
ويتابع كاسيزي، مشدّداً على أن &laqascii117o;الأفعال الإرهابية محظورة في القانون الدولي خلال السلم والحرب. وهناك ثلاثة شروط لتصنيف الجريمة جريمة إرهابية دولية، هي:
أن يكون الفعل مصنفاً جريمة في القانون المحلي (مثلاً الاعتداء والقتل والخطف والتفجير، وأخذ الرهائن والتعذيب إلخ...) أن يكون هدف الفعل انتشار الرعب من خلال العنف والتهديد بالعنف الموجّه ضدّ الدولة أو الجمهور أو مجموعة محدّدة من الأشخاص.أن تكون دوافع الفعل سياسية أو دينية أو عقائدية، لا أن تكون تلك الدوافع لتحقيق غايات خاصّة".


في ظل قرار الحكومة النظر بتشكيل هيئة وطنية لمتابعة قضايا المخطوفين والمفقودين:
مقابـر جماعية في الحـرش وفـرن الشـباك ومار متـر تنتظـر معرفـة &laqascii117o;هويـة" رفاتهـا

ـ 'السفير'
زينب ياغي:

هل تكفي معرفة وجود مقابر جماعية في بيروت، لكي تطلق الحكومة اللبنانية عملية تحقيق جدية في رفات المقابر، ليُعرف ما إذا كانت تعود إلى مواطنين خطفوا خلال الحرب الأهلية؟يُعتبر ذلك &laqascii117o;أكثر من كافٍ" بالنسبة إلى المتحدثين باسم الهيئات المعنية بمتابعة ملف المخطوفين والمفقودين في لبنان، ولا سيما بعد إعلان الحكومة في بيانها الوزاري قرار النظر في إنشاء هيئة وطنية تعنى بقضية ضحايا الاختفاء القسري من مختلف جوانبها.وقد أكد رئيس لجنة التحقيق الرسمية للاستقصاء عن مصير المخطوفين والمفقودين العميد سليم أبو إسماعيل لـ&laqascii117o;السفير" أن اللجنة كشفت من خلال التحقيقات التي أجرتها، عن مقبرتين جماعيتين في كل من حرش بيروت وتحويطة فرن الشباك، في مدافن الإنكليز.. بينما وجدت في مقبرة &laqascii117o;مار متر" في الأشرفية رفات تدلّ كميتها على قلّة عدد الأشخاص المدفونين فيها.
في المقابل، يسعى أهالي المخطوفين إلى رفع السريّة عن مضمون التقرير الذي أعدّته اللجنة، ورفعته إلى رئيس الحكومة سليم الحص في العام 2000. ورفعت لجنة أهالي المخطوفين لتلك الغاية، دعوى أمام مجلس شورى الدولة.
ويتضمن التقرير مجمل التحقيقات التي أجرتها اللجنة، حول مصير المخطوفين ما بين العامين 1975 و1990، والمعطيات المتوفرة حول المقابر جماعية، وكيفية قتل عدد من المخطوفين، والجهات المسؤولة عن قتلهم.
ويقول أبو إسماعيل إن &laqascii117o;الكشف عن مضمون التقرير يعود إلى قرار تتخذه رئاسة الحكومة"، لكنه يعيد سبب عدم الكشف عن مضمون التحقيقات التي وردت في التقرير إلى &laqascii117o;الرغبة في عدم التسبّب في اضطرابات سياسية، في بلد لا تنقصه الاضطرابات أصلاً".ويوضح أن &laqascii117o;جميع قيادات الحرب الأهلية أعلنت أنه لا يوجد لديها مخطوفون أحياء، ولذلك، تم التوصل في العام 2000، عندما كان رئيس الحكومة سليم الحص، إلى صيغة اعتبار كل شخص فقد، ولم يعد خلال فترة عشر سنوات، متوفى"، بعد استشارة المحاكم الدينية الإسلامية والمسيحية في لبنان.
وقد التقى أبو إسماعيل خلال الشهر الماضي، القاضية زلفا الحسن في سياق متابعة التحقيق في قضية المقابر الجماعية. وبرأيه، فإن إعادة نبش المقابر الجماعية لن تؤدي إلى النتيجة المرجوة، &laqascii117o;حتى ولو أجريت فحوصات الـ&laqascii117o;دي أن آي" للرفات، بسبب تحولها إلى عظام". ويضيف: &laqascii117o;حتى ولو تم إجراء فحوصات لجميع العظام الموجودة في المقابر، والتعرّف إلى رفات عدد من المفقودين، فكيف يمكن معرفة مصير المفقودين الآخرين الذين لم يدفنوا في تلك المقابر؟".وبالنسبة إلى مقبرة الحرش، يقول أبو اسماعيل إنه &laqascii117o;توجد عشرات الجثث المكدسة فوق بعضها في المقبرة، ولكنها ليست جميعها لمخطوفين أو مقتولين في الحرب، بل دفن فيها أيضاً رفات أشخاص من تابعيات غير لبنانية، ولم يأت من يأخذها". ويلفت إلى أن &laqascii117o;عدداً من أهالي المخطوفين تبلغوا بكيفية مقتل أبنائهم، ولكنهم رفضوا تصديق ما تبلغوا به، لأنهم لم يشاهدوا جثثهم".

صاغية: فحص الرفات ممكن في مختبر قوى الأمن
إلى جانب المطالبة برفع السرية عن مضمون تقرير اللجنة الرسمية، أرسلت الهيئات المعنية بالمخطوفين والمفقودين رسائل إلى عدد من السفارات، التي تمتلك مدافن خاصة برعاياها في لبنان، وإلى كل من &laqascii117o;دار الفتوى" و&laqascii117o;المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى"، ومطرانيات الموارنة والكاثوليك والروم الأرثوذكس، لمعرفة ما إذا توفرت لديهم معلومات عن مقابر جماعية. وقد أكدت إحدى السفارات لممثلي الجمعيات، وجود مقابر في حرش بيروت دفن فيها أشخاص تمّ قتلهم. كما رفع المحامي نزار صاغية دعاوى أمام قاضي الأمور المستعجلة، طالباً اتخاذ تدابير الحماية للمقابر الجماعية، حفظاً لحق الأهالي في المعرفة، وهي كل من مقابر مار متر والحرش والشبانية.
يقول صاغية إن معرفة الرفات ممكنة، شرط اضطلاع الحكومة بالمهمة. ويوضح أن &laqascii117o;حجة عدم المعرفة كانت سابقاً، في عدم وجود مختبر مركزي لفحص الحمض النووي للرفات، وقد بات متوفراً في لبنان حالياً مختبرٌ مركزي، لدى قوى الأمن الداخلي، لتحليل الحمض النووي، ولم تعد توجد عوائق تقنية، بل عوائق سياسية".
ويشير إلى أنه تم الاطلاع على الرفات الموجودة في مقبرة مار متر في وقت سابق، ولكن تم إغلاق المقبرة من دون فحصها، بينما رفضت جمعية &laqascii117o;المقاصد" فتح المقبرة الجماعية في الحرش.أما بالنسبة إلى الدعوى الخاصة بمقبرة الشبانية فيوضح صاغية أنه رفعها بعدما رفض أهالي المخطوفين والمفقودين الطريقة التي أجري فيها التحقيق في الرفات، وقال إنه &laqascii117o;لا يمكن مجيء لجنة من قبل الحكومة للكشف على المقبرة من دون حضور ممثلين عن أهالي المخطوفين والمفقودين. وهؤلاء لم يقتنعوا بالقول إنها مقبرة حيوانات كانت تعيش في المنطقة، ويقال إنه يوجد في المقبرة رفات سبع وعشرين جثة، وقد كشف عليها خبير، واستمع إلى الشهود، ويتم تحديد نوعية الرفات تدريجياً على ضوء الشهادات التي تعطى".ويؤكد صاغية أن &laqascii117o;الورشة مؤلمة، ولكن أبعادها الحقوقية والسياسية هامة جداً، وهي تعني أن المواطن غير متروك، كما تعني نوعاً من اعتراف الدولة بالمواطنين الذين تم إنكارهم بعد انتهاء الحرب الأهلية، ومنحهم الحق في المعرفة، بدلاً من محاولات الاستعاضة عن التحقيق بإقامة نصب تذكاري لهم".
ويشرح أنه &laqascii117o;يوجد فرق بين العدالة العقابية وبين العدالة الترميمية، فالعفو الذي حصلت عليه قيادات الحرب الأهلية كان أكثر من كاف"، مضيفاً: &laqascii117o;فلنتصور شخصاً بلا مفقود، وإنما هو مهجّر، ويقال له سوف تبقى مهجّراً طوال حياتك. ما نطالب به هو العدالة الترميمية، وكل ما مرّ الزمن، أصبح فتح الملف أكثر سهولة".
ويذكّر صاغية بأن &laqascii117o;خطوات هائلة حصلت في العالم بين العامين 1990 والعام 2011، تجاه قضايا المفقودين والمخطوفين، ما جعل الأمم المتحدة تقر معاهدة عالمية بهذا الخصوص".

مخيبر: تقديم اقتراح لمجلس النواب لتشكيل الهيئة
رغم كافة التعقيدات التي ترافق تلك القضية، يقول مقرر &laqascii117o;لجنة حقوق الإنسان النيابية" غسان مخيبر إن &laqascii117o;مجموعة عمل تشكّلت، وهي في صدد تقديم اقتراح قانون إلى مجلس النواب، لتشكيل الهيئة الوطنية التي ورد ذكرها في البيان الوزاري، في حال لم يقرر مجلس الوزراء تشكيلها". وتضم المجموعة، إلى مخيبر، كلاّ من المحامي نزار صاغية، ورئيسة لجنة أهالي المخطوفين وداد حلواني، ورئيس لجنة &laqascii117o;سوليد" غازي عاد، وحقوقيين.
وسوف يظهر الاقتراح مدى جديّة الحكومة في تشكيل الهيئة، التي من الممكن أن تضمّ قضاة، ونقباء محامين، وناشطين في حقوق الإنسان، ومتخصصين في الطب الجنائي، وأساتذة تاريخ، وممثلين عن الهيئات المعنية بملف المفقودين والمخطوفين.كما يحضر لدى لجنة الإدارة والعدل حالياً، مشروعٌ يتعلق بإنشاء &laqascii117o;بنك للمعلومات الجنائية والحمض النووي"، على أن يتولى مهمة أخذ عينات من أهالي المخطوفين والمفقودين لدى وفاتهم، من أجل التعرّف إلى رفات أبنائهم في ما بعد. وقد أخذ الحمض النووي لأوديـــت ســـالم عند وفاتها، وهناك أشخاص آخرون قدموا عينات ليتم حفظها في &laqascii117o;البنك".
ويوضح مخيبر أن بعض قادة الميليشيات أبدى استعداداً لتقديم معلومات حول المقابر الجماعية، لكن شرط أن تبقى سرية. لذلك، فإن المطلوب هو &laqascii117o;الإعلان عن جهة حكومية، تتولى المسألة، عبر إنشاء الهيئة التي ورد ذكرها في البيان الوزاري، على أن تكون لدى الهيئة صلاحيات واسعة لتجميع المعطيات من القوى التي شاركت في الحرب الأهلية".ويؤكد أن &laqascii117o;حلّ قضية المخطوفين لا يتم عبر الصيغ القانونية، بل بتوفّر الإرادة السياسية لحلّها"، مذكّراً بأن &laqascii117o;لدى الأهالي الحق في معرفة مصائر أبنائهم، وعلى الأقل استلام الرفات ودفنها بشكل لائق". ويلفت هنا إلى أن &laqascii117o;إعلان الوفاة الذي أتاحته اللجنة الرسمية في العام 2000، لا يلغي حق العائلات بمعرفة أين دفن أبناؤها".
ويرى أن الهدف من معرفة مصير المخطوفين ليس محاكمة خاطفيهم، بل &laqascii117o;الوصول إلى مصالحة حقيقية، وهذه المصالحة لا تمرّ من دون معرفة الحقيقة". ويرفض مقولة الاستحالة السياسية، مطالباً بدلاً من ذلك برفع شعار &laqascii117o;واجب الدولة في حل القضية".
يذكر أن مخيبر وصاغية زارا البوسنة، واطلعا على ما تقوم به الهيئة المتخصصة بالتعرّف إلى الرفات في المقابر الجماعية. لكن، أبو إسماعيل يقول إنه &laqascii117o;يوجد فارق كبير بين رفات قتلى البوسنة الذين لا يزالون جثثاً، ورفات لبنان الذين أصبحوا عظاماً متفرقة".

545 مفقوداً لبنانياً في سوريا
تطالب اللجان المعنية باكتشاف مصير المخطوفين والمفقودين باستعادة عدد من المفقودين في سوريا، لا يزال مصيرهم غير معروف. ويوضح رئيس لجنة &laqascii117o;سوليد" غازي عاد أن اللجنة اللبنانية – السورية التي تشكلت في أيار العام 2005، برئاسة القاضي جوزيف معماري، أي بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، &laqascii117o;لم تقدم على أية خطوة لمعرفة مصيرهم حتى اليوم، على الرغم من المطالبة المستمرة لها بالإفراج عن تقريرها، إذا كان يوجد لديها تقرير".
ويؤكد عاد أنه &laqascii117o;بعد خروج القوات السورية من لبنان، وصل عدد المفقودين في سوريا الذين استطاعت &laqascii117o;سوليد" تسجيلهم ضمن لائحة، إلى ستمئة مفقود، أفرجت القوات السورية بشكل سرّي ومتفرق عن أربعة وخمسين شخصاً منهم، وبقي 545 مفقوداً". ويقول إن &laqascii117o;القوات السورية تنسب للمعتقلين لديها تهم العمالة لإسرائيل أو الاتجار بالمخدرات أو السرقة وغيرها"، ويضيف: &laqascii117o;حتى ولو فرضنا أن تلك التهم صحيحة، فلماذا تحاكمهم القوات السورية، وليس القضاء اللبناني؟".وكانت القوات السورية قد أفرجت بشكل علني عن 121 شخصاً في آذار العام 1998، ثم أفرجت عن 121 شخصاً في كانون الأول العام 2000. وبعد ذلك التاريخ، لم تعترف بوجود معتقلين لبنانيين لديها.
وقد زارت اللجنة وزير العدل شكيب قرطباوي فوعدها بطرح موضوع تشكيل الهيئة الوطنية على مجلس الوزراء، بعد تكوين ملف لديه عن المخطوفين والمفقودين في لبنان.

قرارات مع وقف التنفيذ
وردت المواد الخاصة بمتابعة قضايا المخطوفين والمفقودين في ثلاثة بيانات وزارية متتالية. وفي البيان الأخير لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ورد ذكرها ضمن المواد 15 و16 و17، وأشير فيها إلى أن &laqascii117o;الحكومة ستولي اهتمامها الجدي بمتابعة قضية المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا للكشف عن مصيرهم والعمل على الإفراج عن المعتقلين منهم، واستعادة جثامين المتوفين، معتمدة كل الوسائل السياسية والقانونية، بما فيها وضع اتفاق لبناني – سوري".كما ستعمل الحكومة على &laqascii117o;انضمام لبنان إلى معاهدة حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي أقرّتها الأمم المتحدة. وستولي اهتمامها &laqascii117o;قضية المخفيين قسراً في لبنان وخارج لبنان، لاستكمال الكشف عن مصائرهم والعمل على تنقية الذاكرة، تعزيزاً للمصالحة الوطنية واحتراماً لحق ذويهم في المعرفة".كما ستولي اهتمامها &laqascii117o;تسهيل عودة اللبنانيين الموجودين في إسرائيل بما يتوافق مع القوانين المرعية الإجراء".والجدير ذكره هنا، أن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، دخلت حيّز التنفيذ في 23 كانون الأول 2010. لكن لبنان لم يلتزم بها حتى اليوم.


الراعي و&laqascii117o;مجد لبنان" ..

ـ 'السفير'
ادمون صعب:

&laqascii117o;... ويحتلبون الدنيا درّها بالدين" الإمام علي
فيما &laqascii117o;خطة باسيل الكهربائية" تعلّق البلاد كلها على خطوط توتر عالية، يبادر رئيس الكنيسة المارونية إلى تعليق توتر اللبنانيين وهواجسهم على خط واحد من أهم مراكز القرار في العالم.
فقد زار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي باريس مطلع هذا الأسبوع حاملاً إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رسالة لبنانية تدعو إلى استخلاص العبر من الثورات العربية، وخصوصاً بعد مشاركة الطائرات والقوات الفرنسية في إطاحة نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، لافتاً زعماء الغرب، وخصوصاً الدول التي يضمها حلف شمال الأطلسي الذي ألحقت طائراته دماراً هائلاً في المدن والمنشآت المدنية والعسكرية في ليبيا، إلى ان الحرية والديموقراطية لا تصنعهما المدافع بل ارادة الشعوب.
وهو صارح الرئيس الفرنسي الذي طالما اعتُبرت بلاده &laqascii117o;الأم الحنون" بالنسبة إلى فريق من اللبنانيين، بعدم تكرار التجربة الليبية في سوريا، وأن على فرنسا والأسرة الدولية &laqascii117o;ألا تتسرعا في القرارات التي تريد فيها تغيير الأنظمة وأن تفكرا في ما سيحدث بعد ذلك. إذ ان شن حروب من أجل التخلص من الديكتاتوريات التي كان للغرب، وفرنسا ضمنه، دور في قيامها ودعمها خدمة لمصالحه، لا يحقق مطالب الشعوب، إذ كان عليها (فرنسا) من زمان &laqascii117o;ان تضع شروطاً من أجل الديموقراطية" على الحكام المتسلطين الذين حمتهم، وهم كثر ومن سقط منهم قليل جداً، لافتاً إلى ان &laqascii117o;الاختبارات في العالم العربي كلها أدت إلى الخراب"! وفي اعتقادنا ان زيارة البطريرك الراعي لباريس تفوق في توقيتها وأهميتها أي قضية مطروحة الآن في لبنان، ذلك ان ذاكرة بكركي حافلة بالمآسي التي جرّها التدخل الدولي في المنطقة، وخصوصاً الفرنسي، منذ سقوط الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، ومعاهدة سايكس ـ بيكو لتقسيم المنطقة ووعد بلفور لإقامة دولة إسرائيل في قلب العالم العربي وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه.
ويقصد بطريرك الموارنة باريس بعد 92 سنة من زيارة البطريرك الياس الحويك لها من أجل مخاطبة مؤتمر الصلح في فرساي مطالباً باسم جميع اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين ممن شاركوا في الوفد الذي ترأسه، بـ&laqascii117o;تثبيت" استقلال لبنان بحدوده الطبيعية.
وقد استعجل الراعي الزيارة، اثر التطورات المأسوية التي تشهدها سوريا، والأخطار التي يمثلها للبنان تبدل الأوضاع هناك، وانعكاس ذلك على العالم العربي، نظراً إلى ان سوريا تحتل موقعاً محورياً في هذا العالم، وان ثمة تخوفاً في لبنان ان يتدهور الوضع في سوريا، بفعل التدخل الخارجي، والفرنسي تحديداً، فيؤدي إلى اندلاع حرب أهلية ذات طابع طائفي ومذهبي لا يوفر أحداً بمن فيهم المسيحيون، ومأساتهم في حرب العراق، على أيدي الأميركيين، لا تزال ماثلة في أذهانهم.ولم يكتم البطريرك تخوفه من ان &laqascii117o;تبيع" فرنسا لبنان، كما حاولت ان تفعل عام 1919 بمفاوضتها الشريف حسين لمنح لبنان استقلالاً إدارياً، على ان يكون سياسياً جزءاً من الدولة العربية التي كان سيرأسها شريف مكة الحسين بن علي. وقد رفض اللبنانيون هذا المشروع الذي عرضه الفرنسيون على الوفد اللبناني إلى مؤتمر الصلح الذي كان برئاسة داود عمون. وقد جرى استدعاء الوفد إلى بيروت ليخلفه وفد آخر متشدد حيال الاستقلال برئاسة البطريرك الماروني الياس الحويك. ولم يرق هذا الأمر للفرنسيين. إذ امتنع رئيس الوزراء جورج كليمنصو عن استقبال البطريرك الماروني ما اضطره للتوجه إلى الرئيس بوانكاريه الذي توسط له لدى كليمنصو. وقد قَبل الأخير تسلم مذكرة من البطريرك تطالب بتثبيت استقلال لبنان بعد استرجاع الأقضية الأربعة التي كانت الدولة العثمانية سلختها عنه، لكنه رفض السماح للبطريرك بمخاطبة أعضاء المؤتمر، وقرر إعادته إلى لبنان بسرعة في بارجة حربية، رغم مرضه وسوء الأحوال الجوية، وذلك تفادياً لالتقائه الأمير فيصل الذي كان يحضر المؤتمر ويفاوض الفرنسيين باسم والده على سوريا ولبنان وبلاد ما بين النهرين التي كان مقرراً ان تنتظم في دولة عربية موحدة مع الجزيرة العربية.

من هنا تساؤله: &laqascii117o;هل نحن ذاهبون إلى تقسيم سوريا دويلات طائفية"؟ داعياً المجتمع الدولي إلى عدم إشعال الحروب و&laqascii117o;مباركتها"، بل النظر إلى أين ستوصل هذه الحروب.
وقال ان هذا همّ لبناني جامع، وليس هماً مسيحياً، فحسب.
وربما يكون البطريرك الماروني من مستقرئي الثورات العربية حكمة وبُعد نظر، عبر ترحيبه بالتغيير الديموقراطي والتقدم على طريق الحرية والتحديث، محذراً من &laqascii117o;أي انحراف نحو التطرف والتفتيت"، وداعياً إلى تجاوز الطائفية ـ وهذا موقف متقدم جداً بالنسبة الى أكبر أحبار الطائفة المارونية ـ والابتعاد عن &laqascii117o;الانحراف المذهبي لمؤسسات الدولة والأنظمة السياسية الدينية التي تنخر في جسم مجتمعات الشرق الأوسط".
ورأى ان لا حل إلا بدولة مدنية &laqascii117o;تنتظرها شبيبتنا لتتمكن من ان تنمو وتنضج في مجتمعها. وهذا أيضاً علاج للهجرة المستمرة". إننا أمام بطريرك استثنائي، كان اللبنانيون ينتظرونه خليفة للبطريرك الحويك الذي جاء بالاستقلال فأُعطي &laqascii117o;مجد لبنان"، وها هو البطريرك الراعي يبشر بالدولة المدنية &laqascii117o;علامة رجاء وأمل"، في موقف شجاع في مواجهة اليائسين من الحل الوطني للقضية اللبنانية، بالانتقال من دولة الطوائف إلى دولة المواطنة والمساواة، بعيداً عن مشاريع التفتيت والشرذمة والحكم التقسيمي اللامركزي الذي يدعو إليه بعض أمراء الحرب المسيحيين


ليت رأس الكنيسة اقتدى بالأمّ الحنون

ـ 'الجمهورية'
اسعد بشارة:

لكي تكون كالزيارة التاريخية للبطريرك الياس الحويك الى مؤتمر الصلح التي انتجت ولادة لبنان الكبير، فإنّ زيارة البطريرك الماروني الى باريس لا تستطيع أن تستنسخ ريادة دور الكنيسة في اللحظات التاريخيّة إلّا إذا قرّرت الكنيسة كما دائما أن تستشرف وأن تتبصّر وأن تستشعر أنّ عصرا جديدا في لبنان والعالم العربي الذي سيشكّل المسيحيّون جزءا منه لا يتجزّأ قد بدأ. ولكي لا يُخال أنّ الفترة التي قادت فيها الكنيسة مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، وما تخللها من تأسيس للبنان الوطن الرسالة، وأنّ الفترات الصعبة والتحديات التي واجهت هذه الكنيسة خصوصا في عصر البطريرك صفير تتماثل مع عصر البطريرك الراعي، فإنّ من الواجب التمييز بين التحدّيات التي واجهت الآباء الأوائل للكنيسة في هذه المنطقة المضطربة من العالم، مع ما ينتظر البطريرك الجديد، الذي ومن غرابة الأقدار ان يتسلّم قيادة السفينة في الزمن المتغيّر الذي بدأ يتّجه الى طيّ صفحة حقبة تلفظ انفاسها الاخيرة ليبدأ حقبة جديدة ليس معروفا بعد من سيملأ فضاءها.
وربّما يشفع للبطريرك الجديد الخوف من الآتي عندما نظر بقلق وليس بأمل الى ما يجري في العالم العربي من ثورات على طريق انظمة الاستبداد، والاستعداد للانتقال الى رحاب الديمقراطية والحداثة، ربّما يشفع هذا الخوف بسبب عدم تبلور معالم ما بعد سقوط الأنظمة وما ستحمله من نتائج إيجابية أو سلبية على الشعوب بما فيها الأقلّيات، وما ستتركه من آثار على وحدة المجتمعات واستقرارها، لكن ما لا يمكن استيعابه هو إصرار رأس الكنيسة على تكرار إبداء المخاوف واستهجانه تسمية ما يجري بالربيع العربي، واقتباسه نظرية الشرق الأوسط الجديد، وتبنّيه الخوف من تطبيقها وكأنّها تنفّذ في غرفة عمليّات اميركية لمصلحة إسرائيل مستعملة هذه الشعوب الثائرة على أنظمتها بطريقة تحريك الدمى عن بعد، بحيث بدا - سواء قصد رأس الكنيسة المارونية أم لم يقصد - مدافعا عن الحقبة القديمة، ومجيّرا القوة المعنوية للكنيسة في اتّجاه يقود الى الوراء، ويفوّت على المسيحيّين في لبنان والعالم العربي فرصة تاريخيّة لبناء عقد تاريخي جديد مع شعوب هذه المنطقة التي بدأت تتلمّس طريقها الى بناء شراكتها مع الأقلّيات على قاعدة إدارة الوجه صوب الحداثة وطيّ المراحل الظلاميّة السابقة.
وإذا كان من مجال آخر للاستغراب بما يتعلّق بمواقف رأس الكنيسة، فإنّه يتّصل بمكان وزمان إطلاق هذه المواقف، في باريس تحديدا التي مرّت بتجربة قاسية في تعاطيها السلبيّ والمتحفّظ تجاه أولى بوادر الربيع في تونس، حيث تمسّكت فرنسا - ساركوزي بزين العابدين بن علي في الايّام الأولى للانتفاضة الشعبية ظنّا منها أنّ ما يحدث لن يتعدّى كونه احتجاجات مؤقّتة، فإذا نتائج الثورة التونسية تؤدّي الى انتصار تاريخي للشعب وإلى مساءلة أخلاقية للإدارة الفرنسية أدّت في إحدى تجلّياتها الى استقالة الوزيرة الفرنسية التي قصدت تونس بعد اندلاع الثورة وقبلت استضافت مسؤولين لها غير عابئة بالثورة التي انتصرت وفرضت على فرنسا وأوروبّا والمجتمع الدولي أن يواكبوا بسرعة الثورات اللاحقة في مصر وليبيا وسوريا.
ولو لاحظ رأس الكنيسة أنّ فرنسا التي خافت في البداية من ثورة تونس، والتي صوّبت موقفها وموقعها من الثورات السابقة واللاحقة، باتت اليوم بفعل دعمها للثورتين الليبية والسوريّة شريكة حقيقيّة لليبيا وسوريا المستقبل. ولو توقّف عند أهمّية المكسب الاستراتيجي الذي حقّقته فرنسا عبر دعم الثورات العربية، حيث استطاعت المواءمة بين مصالحها ومبادئها، لكان رسم صورة لدور وموقع مسيحيّي لبنان والعالم العربي، انطلاقا من البداية المرسومة بدماء الثوّار المسالمين المطالبين بالحرّية، الذين لن ينظروا الى نصيحة الكنيسة المارونية الى فرنسا بالتفكير قبل مساعدة الشعوب بإسقاط أنظمة الاستبداد، نظرة فيها تفاؤل الى شراكة ومستقبل واحد، بل نظرة فيها شيء من الشفقة والألم لأنّ الأقلية الخائفة بات خوفها سجنا، وهي باتت لا تكتفي بالتحالف مع السجّان، بل أصبحت تضيء له الشموع لكي ينتصر على من يطالبون بدمائهم بالديمقراطية والحرّية اللتين وحدهما تحميان كرامة الإنسان وتهزمان السجن الكبير.
ليت رأس الكنيسة اقتدى بالأمّ الحنون...


حلحلة ملف الكهرباء لا تلغي كونه مقدمة لخلافات أكبر

ـ 'المستقبل'
ربى كبّارة:

يشكل عبور ملف الكهرباء الخلافي طاولة مجلس الوزراء، في حال تمّ تمريره أمس أو أرجئ او أدى الى اعتكاف وزراء، مؤشراً صلباً الى أن انتكاس الحكومة لا يصّب حالياً في مصلحة اغلبية أطرافها، خصوصا وأن سقف تحرك النائب ميشال عون الفعلي محكوم بإرادة 'حزب الله' الذي ما زال على ما يبدو متمسكاً بالحكومة ولا يريد دفعها إلى مواجهة المجتمع الدولي بانتظار حسم الأوضاع في سوريا.
فباستثناء النائب عون ووزرائه الذين هددوا بإسقاط الحكومة إذا لم يتم إقرار الخطة كما تقدموا بها بالتوافق او التصويت، بدا 'حزب الله' والرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي واثقين من بقائها باعتبارها حاجة اساسية في هذه المرحلة، وهم يستبعدون التصويت لحسم الموضوع باعتباره مسيئا الى التضامن الوزاري.
فقد أكّد عون عشية الجلسة أن مجلس الوزراء ملزم البت 'وإن بالتصويت لاننا نريد ان نعرف من هو صديقنا ومن ليس كذلك'، كما جدد وزيره شربل نحاس قبيل انعقاد مجلس الوزراء القول إن عدم إقرار الخطة في الجلسة او إذا جرى اسقاطها بالتصويت يعني انه 'لن تلتئم جلسة لمجلس الوزراء فيما بعد إلا وتكون خطة الكهرباء بنداً رئيسياً فيها'.وقبل ساعات قليلة فقط على انعقاد مجلس الوزراء أمس وفي ما يشبه جائزة ترضية معنوية للنائب عون أكّد 'حزب الله' بلسان وزيره حسين الحاج حسن تأييده للمشروع 'بالكامل'، رغم اشتداد المزايدات مع تشديد النائب عون ووزرائه ونوابه على أن الخلاف الكهربائي 'سياسي' هدفه الإنتقاص من أهمية 'التيار الوطني الحر' وتأكيد معارضي آلية التمويل من الرئيس نجيب ميقاتي الى النائب وليد جنبلاط بانه مجرد خلاف 'تقني' هدفه تجزئة التمويل لتخفيف الأعباء على خزينة الدولة باعتماد الصناديق العربية والدولية لأنها تتكفل بمراقبة الصرف.
ويرى سياسي متابع أنه أياً كانت الحلول التي سيتم التوصل اليها فهي ستكون على حساب النائب عون رغم سعي 'حزب الله' الدؤوب إلى الموازنة بين إرضاء حليفه منعاً لانهيار الحكومة وبين ألا يتم ذلك على حساب الرئيس ميقاتي او النائب جنبلاط في المرحلة الراهنة حتى لا تتحول الحكومة الى مرحلة تصريف الاعمال قبل اتضاح مصير الثورة في سوريا خصوصا مع تزايد الدعوات الدولية الى تنحي رئيسها بشار الاسد بسبب قمعه الدموي للاحتجاجات المستمرة منذ نحو ستة اشهر.

ويلفت المصدر نفسه الى أن ملف الكهرباء سيؤدي الى شلل حكومة الرئيس ميقاتي كما شلّ ملف شهود الزور حكومة الرئيس سعد الحريري قبل أن يؤدي إلى إسقاطها، متسائلاً عن مصلحة الرئيس ميقاتي بالبقاء وترك مصير حكومته بيد غيره من دون أن يبادر إلى تعويم موقعه السياسي بالإستقالة.
وملف الكهرباء الخلافي ليس الوحيد داخل حكومة الصف الواحد وخلفه ملفات أشدّ حساسية كونها تتعلق مباشرة بمصالح 'حزب الله' لا بمصالح حلفائه وفي مقدمها قريباً جداً تسديد لبنان حصته من تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي اشتبه قرارها الإتهامي الأول بأربعة من كوادره بالتورط في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
فما أعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من باريس على هامش 'مؤتمر المساندة لليبيا الجديدة' من 'أن للبنان مصلحة في أن يتم التمويل المالي للمحكمة وأن الحكومة تقوم بكل ما تقتضيه هذه المصلحة'، رتّب عليه تحديات مقبلة داخل حكومته.وقد جاء هذا الإعلان، الذي سبق أن ادلى به في لبنان، خلال أول ظهور خارجي له بعد نحو ثلاثة اشهر على تسلمه مهامه، وأثار ارتياحاً دولياً مقابل التحفظ الأولي وانتظار الخطوات العملية للحكومة.
لكن فيما احتفظ 'حزب الله' بالصمت من دون تعليق على مواقف الرئيس ميقاتي الأخيرة، سارع احد وزراء النائب عون، وزير السياحة فادي عبود، إلى الردّ معتبراً الموقف 'يعبر عن وجهة نظره (ميقاتي) وأن القرار في هذا الشأن يعود الى مجلس الوزراء مجتمعاً'. وحده النائب وليد جنبلاط الممثل في الحكومة بثلاثة وزراء اعلن التزاما مماثلا.
ولا يستبعد السياسي المراقب أن يوافق 'حزب الله'، حفاظا على الحكومة ولعدم احراج رئيسها امام قواعده الشعبية، على تمرير بند التمويل عبر التصويت مغطياً تراجعه بتسجيل رفض وزرائه، وذلك رغم أنه سبق لعدد من مسؤولي الحزب التأكيد علناً أن التمويل 'خط احمر' . أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فيتجنب حاليا إعلان موقف بذريعة 'أن الوقت لم يحن بعد'. ويعزو السياسي المراقب هذا الاحتمال إلى محاولة 'حزب الله' إرجاء المواجهة مع المجتمع الدولي خصوصا وان التمويل يستحق في الشهر الجاري متزامنا مع رئاسة لبنان مجلس الامن الدولي.
أما مأزق 'حزب الله' الحقيقي بين الحفاظ على حكومته والتنصل من المحكمة الدولية التي يعتبرها 'أميركية-إسرائيلية' فمؤجل قليلاً حتى يحين موعد تجديد ولايتها في آذار المقبل


'براغماتيته' تسكته عن 'خيانة' حلفائه
'حزب الله' يصدّق كل ما جاء في 'ويكيليكس' وهو أول من محضها ثقته

ـ 'المستقبل'
فادي شامية:

بمعزل عن غضب الرئيس نبيه بري الأخير مما كشفته وثائق 'ويكيليكس' عن موقفه من 'حزب الله' في حرب تموز 2006 (الوثائق التي نشرتها 'المستقبل' اعتبارا من 5/9/2011)، وبمعزل عن النفي السابق لحلفاء 'حزب الله' ما نُقل عن لسانهم بشأن الحزب المذكور في 'ويكيليكس'، وبغض النظر عن صمت 'حزب الله' عن 'خيانة 'حلفائه أو حتى اضطراره الدفاع عنهم أحياناً، ورفعه بالمقابل- الصوت عالياً في مواجهة خصومه. فإن الأكيد ـ والمنطقي ـ أن الحزب يصدّق كل ما ورد في 'ويكيليكس'، وأن 'براغماتيته' تدفعه للصمت عمن يكنّون له البغض من حلفائه، طالما أن مواقفهم تخدمه، دون أن يعني ذلك أنه يثق بهم، أو يمكن أن يسلّمهم رقبته، أو أنه لن يقتص منهم أو يتخلى عنهم، إذا سمحت له الظروف بذلك!. (سكت 'حزب الله' عن عمالة عميل، حرصاً منه على علاقته الاستراتيجية بالعماد ميشال عون.!)ولإزالة أي استغراب عن هذه 'الحقيقة' (قناعة الحزب بما ورد في 'ويكيليكس'، بما في ذلك ما يتعلق بحلفائه)، يمكن استكشاف مواقف الحزب من 'ويكيليكس' وفق التسلسل الزمني الآتي:
- أولاً: في أول تعليق واضح له على ما ورد في وثائق 'ويكيليكس'، بدا أمين عام 'حزب الله' واثقاً جداً من صحة ما كتبه السفير الأميركي في بيروت من تقارير؛ لدرجة أنه اختار أهم مناسبة دينية لدى الحزب (العاشر من محرم)، ليتوعد خصومه بالقول: 'كل من تآمروا سيأتيهم يوم أصعب من ويكيليكس'. (جعل من 'ويكيليكس' صفة للزمان'.
- ثانياً: في تطور لاحق على موقفه؛ أعلن السيد نصر الله في 20/3/2011 أن حزبه بصدد رفع دعاوى قضائية ضد من 'كان يحرّض ويدعو إلى تدمير لبنان ويتآمر على المقاومة، ولا يزال يقوم بذلك، وسنكوِّن ملفاً قضائياً ولن نقوم بتظاهرات'. ورغم أن نصر الله كان يعلم - أو يفترض أن يعلم - أنه لا يمكن إقامة دعاوى قضائية بناءً على هذه الوثائق، إلا أن موقفه هذا عكس حجم الثقة بـ 'ويكيليكس'، ومدى الرغبة باستغلال ما يرد فيها إعلامياً.
- ثالثاً: لم تمض أيام على هذا الموقف حتى نشرت صحيفة 'الأخبار'، من دون التنسيق مع 'حزب الله'، وثيقةً تطال الرئيس نبيه بري والوزير محمد خليفة وآخرين، ما أثار بري، الذي أصدر قرارات 'ميدانية' لقيادات حركة 'أمل' للتعامل مع 'حزب الله' على نحو مختلف، فضلاً عن إصداره بياناً شديد اللهجة هاجم فيه 'الأخبار'، التي استخدمت جملة 'عملاء مسعورين' يسعون لـ 'تشويه سمعة الحركة'، منبهاً الحزب بأنه 'سوف لا ينتبه إلى أنه أُكل حيث أُكلت الحركة'.
وعلى الأثر أطل السيد حسن نصر الله على الإعلام لتهدئة خواطر حليفه 'اللدود'، فجعل الحق على الخصوم الذين استغلوا 'ما نُشر في الآونة الأخيرة لإيجاد شرخ بيننا وبين حركة أمل، وبدرجة أقل مع التيار الوطني الحر، والتحالف المستجد مع الأستاذ وليد جنبلاط'!. أضاف نصر الله: 'أحب (أن أقول)، بشكل واضح ونهائي وقطعي: صحيفة الأخبار ليست تابعة لحزب الله. هي بخط المعارضة ونتعاطف معها'. (أورد في موضع آخر من الخطاب إشارة مناقضة تعكس ثقته بويكليكس: 'نحن عندما علمنا أن هناك علاقة بين الأخبار وويكيليكس، نحن شجعناهم للحصول عليها'!). ولم يكتف نصر الله بهذا الإعلان، بل أصدر أوامره بسحب عناصر أمن 'حزب الله' الذين يحرسون الجريدة، كما سحب فريق عمل الصفحة العبرية المحسوبين على الحزب المذكور (يكتبون غالباً بأسماء مستعارة)، وذلك كله بهدف إرضاء بري.

- رابعاً: رغم توالي ظهور وثائق مزعجة تطال الحلفاء، لم يسحب 'حزب الله' ثقته بما يرد في وثائق 'ويكيليكس'، بل أكد هذه الثقة على لسان أمينه العام، ولكنه قَبـِل بنفي المذكورين من حركة 'أمل' و'التيار الوطني الحر' صحة ما ورد على لسانهم، و'حتى ييأس أي أحد من الفصل بينهم وبين 'حزب الله''، كما قال السيد نصر الله، فيما اعتبر 'توبة' النائب وليد جنبلاط ورجوعه عن مواقفه، سبباً مسقطاً لـ 'الجرم' عنه، أما كلام الرئيس نبيه بري للسفير الأميركي المنشور في الوثائق، فلم يجد فيه نصر الله شيئاً مشيناً، بدعوى أن بري كان 'يناور'، متحدثاً عن تفاهم جرى بينه وبين بري بهذا الخصوص. (رغم هذا الكلام الإعلامي فقد رفض 'حزب الله' عودة الوزير محمد خليفة إلى الحكومة، ما يؤكد قناعته بصدق ما نُشر).
- خامساً: ما إن أخمد نصر الله ثورة حليفه بري، حتى استأنف إعلام 'حزب الله' تمجيده وثائق ويكيليكس، وتبنيه مضمون ما جاء فيها، خصوصاً ما يتعلق منها بالوزير الياس المر (إضافة إلى شخصيات أخرى على رأسها الرئيسان سعد الحريري وميشال سليمان)، لكن الرد هذه المرة جاء من جنس العمل، حيث كتب الياس المر مقالاً افتتاحياً في صحيفة 'الجمهورية' (التي أطلقها المر مؤخراً) خيّر فيها نصر الله بين تصديق السفير فيلتمان، وعليه في هذه الحالة أن يتقبل كل ما يرد عنه، وبين أن يقول 'إن فيلتمان كذاب'، وبالتالي يخلي ساحة المر من الاتهامات. وأضاف المر في 11/4/2011: 'أعيد السؤال إلى السيد نصر الله، ولتكن الكلمة كلمته؛ إذا رأيتم أنّ هؤلاء السفراء كاذبون في ما كتبوه وحلّلوه ونسبوه واستنتجوه، فليكن ذلك، وعليه نعتبر أنّ ما بين أيدينا من وثائق هو من النوع المركّب والمفبرك لتعميق الخلاف بين اللبنانيين، أما إذا تمسّكتم بأن تقارير فيلتمان وسيسون مقدسة ومُنزَلة، فمن حقنا أن نبني على ما لدينا من وثائق خطيرة، على أساس أنها صادقة وصحيحة. الكلمة لكم: فيلتمان 'كذّاب' أم لا'.
مرّ نحو شهر على هذا الكلام، قدّم فيها 'حزب الله' عملياً جوابه بثقته بما أورده فيلتمان، من خلال مواصلة بث الوثائق التي تكشف مراسلاته، عندها بدأت 'الجمهورية' بنشر وثائق مدهشة، لا تـُظهر موقف خصوم 'حزب الله' السلبي منه، وإنما موقف حلفاء 'حزب الله' السلبي منه! (مواقف الرئيس ميقاتي والعماد عون ونوابه على سبيل المثال لا الحصر).

- سادساً: بقي 'حزب الله' على قناعته بصدق ما يرد في 'ويكيليكس'، لكنه وإمعاناً منه في 'البراغماتية'، أضاف سبباً إضافياً لسقوط 'الجرم' هو مرور الزمن؛ فغداة نشر صحيفة 'الجمهورية' كلاماً منسوباً للرئيس نجيب ميقاتي وصف فيه 'حزب الله' بـ 'الورم السرطاني' معتبراً أن 'هدفه إقامة قاعدة عسكرية إيرانية على البحر المتوسط' (وثيقة بتاريخ 12/1/2008)، قالت مصادر نيابية في 'حزب الله' لصحيفة 'الشرق الأوسط' إنها: 'أخذت بالتوضيحات التي أدلى بها رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بما يتعلق بالكلام المنقول عنه في موقع ويكيليكس، معتبرة أن 'ما صدر عنه كلام مر عليه الزمن، وهو وليد مرحلة محددة'.
- سابعاً: في إطلالته الإعلامية الأخيرة ـ خطاب مارون الراس بتاريخ 27/8/2011ـ أعاد السيد حسن نصر الله، عَرَضاً، التذكير بثقته بما كشفته وثائق 'ويكيليكس'، معتبراً أنه 'بعد ويكيليكس تبين أن الذي كان يدير ثورة الأرز هو فيلتمان والسفير الفرنسي، بالتفاصيل وبالجزئيات، ويا عيب الشوم كانوا يروحوا يحكوا عَ بعضهم عنده، هل هذه هي الحرية والسيادة والاستقلال؟'، وبديهي أن اتهام نصر الله لقوى 14 آذار جاء بناءً لما كشفته 'ويكيليكس' عن السفير فيلتمان، أي المصدر نفسه الذي كشف مواقف حلفائه.
وبناءً على ما سبق كله، لا داعي أن يُتعب الرئيس نبيه بري نفسه بإصدار تكذيبات وتوضيحات، فـ'حزب الله' مَحَض - وما زال - ثقته بما تكشفه وثائق 'ويكيليكس' عن خصومه وحلفائه (لكن الوصولية تمنعه من اتخاذ موقف من خصومه)، وهو أصلاً يعرف الرئيس نبيه بري أكثر من أي فريق آخر في لبنان، أما باقي اللبنانيين فقد فقدوا ثقتهم بما يصدر عن بري من معلومات ومواقف منذ زمن بعيد. فلمن يصدر بري بياناته؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد