قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الأربعاء 21/9/2011

وضّاح خنفـر: صفحة تُطوى من تاريخ 'الجزيرة'
المحطّة القطريّة أمام مرحلة اهتزازات ومراهنات

ـ صحيفة 'الأخبار'
الياس مهدي:

بعد أيام على تسريبات &laqascii117o;ويكيليكس" التي طاولته، استقال الإعلامي المعروف من منصبه كمدير عام للمحطة القطرية، تاركاً علامات استفهام كثيرة. هل استقال أم استقيل؟ هل يعلن رحيله نهاية شهر العسل بين قطر والإخوان المسلمين؟ هل دفع ثمن خلافاته مع عزمي بشارة؟
الدوحة | استقال وضّاح خنفر (1968) أم أقيل؟ سؤال خيّم أمس على غرفة أخبار &laqascii117o;الجزيرة" في الدوحة بعدما خرج المدير العام الذي بات في حكم السابق، ليودّع زملاءه في غرفة الأخبار. وقبل ذلك، ودّع خنفر معجبيه وأصدقاءه عبر رسالة على تويتر، وأتبعها بأخرى إلى موظّفي القناة الإخبارية بعثها عبر البريد الإلكتروني الداخلي (نص الرسالة في الصفحة المقابلة). مصادر في القناة قالت لـ&laqascii117o;الأخبار" إنّ خنفر دخل بهو القناة الإخبارية في حدود الثالثة بعد العصر، ليفاجئ موظفيه بخبر استقالته. ويروي أحد الإعلاميين أنّ وضاح قال لهم &laqascii117o;جئت لأودّعكم، وأبلغكم أنني قررت الاستقالة من منصبي. اتخذت هذا القرار منذ ثلاثة أشهر، لكني ارتأيت الانتظار حتى الأول من أيلول (سبتمبر) لأكون قد أمضيت ثماني سنوات كاملة".

وأضاف: &laqascii117o;أنا مرتاح البال، فلا يمكن أن تدعو &laqascii117o;الجزيرة" المسؤولين والحكام إلى تداول السلطة، ولا نعمل نحن بذلك". وفي ما يشبه رسالة استباقية لنفي أي إرادة عليا دفعته إلى التنحّي، خصوصاً أنّ ذلك جاء بعد أيام فقط على تسريب &laqascii117o;ويكيليكس" برقية سرّية تفضح العلاقة بين خنفر ووكالة الاستخبارات العسكرية الأميركية (&laqascii117o;الأخبار"، ١٠ أيلول/ سبتمبر ٢٠١١)، قال لموظفيه: &laqascii117o;كان يمكن أن أتنحّى خلال الثورة المصرية مثلاً، حين كانت &laqascii117o;الجزيرة" في أوج عطائها، ولدينا سجل حافل من الإنجازات، لكنّي كما قلت فضّلت التريّث. وقد حصل إجماع على تعيين السيد أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني مديراً عاماً للقناة (راجع الإطار في الصفحة المقابلة)، وتطلّب الأمر إمهاله فترة لترتيب أموره الإدارية. واليوم، تسلّم منصبه رسمياً، وجئت لأودّعكم بنفسي".
وجدّد الإعلامي الفلسطيني تأكيده أنّه استقال ولم تجر إقالته، حين أشار صراحة في رسالته للموظفين إلى أنّه &laqascii117o;كنت قد تحدثت مع رئيس مجلس الإدارة منذ زمن عن رغبتي في أن أعتزل الإدارة عند انتهاء السنوات الثماني، وقد تفهّم مشكوراً رغبتي".

وطوال ربع الساعة الذي استغرقه الحديث إلى الموظفين، لم يكشف وضّاح صراحة عن وجهته المستقبلية، مكتفياً بالقول: &laqascii117o;سأجد الآن وقتاً أكبر للمضي في بعض المشاريع الخاصة، أوّلها الكتابة. أفكّر في كتاب خاص عن تجربتي في &laqascii117o;الجزيرة" صحافياً، ومراسلاً، ومديراً عاماً للقناة طيلة ثماني سنوات". ولئن أكّد وضاح مراراً أنّه استقال بنفسه من القناة، فإن مصادر موثوقة جزمت لـ&laqascii117o;الأخبار" بأنّ &laqascii117o;وضاح خنفر لم يتنحَّ بمحض إرادته، بل أبلغ منذ فترة أنّ مهمته في القناة انتهت، وطلب منه أن يبقى في منصبه حتى إيجاد بديل له". وتشير المصادر ذاتها إلى أنّ الرجل &laqascii117o;لم يعد يحظى بثقة القيادة القطرية منذ فترة طويلة"، لأسباب لم توضحها. إلا أنّ مصادر أخرى تنفي ذلك، بل تذهب إلى الترجيح أنّ خنفر قد يتولّى منصباً في إحدى المؤسسات الحكومية في قطر، مثل منصب مستشار. وعن تداعيات إقالة خنفر أو استقالته على السياسة التحريرية للقناة، استبعد أحد الإعلاميين في المحطة أن تغيّر القناة خطها التحريري، قائلاً &laqascii117o;ما حدث هو تنحية المدير العام للقناة فقط، بينما لا يزال مجلس الإدارة على تركيبته الحالية، وأنتم تدركون أن السياسة التحريرية للقناة لا يرسمها المدير العام بمفرده".واستطلعت &laqascii117o;الأخبار" الأجواء السائدة داخل غرفة الأخبار بعد إعلان القرار. قال أحد الإعلاميين: &laqascii117o;من الطبيعي أنّ القرار فاجأنا جميعاً، رغم أن شائعة رحيل خنفر كانت تدور في الكواليس خلال الأشهر الأخيرة بقوة". وأضاف: &laqascii117o;لم أسمع في الكواليس تشفّياً أو فرحة على رحيل خنفر، بل كانت التساؤلات تنصبّ أكثر على مستقبل القناة بعده، خصوصاً أنّ المدير العام الجديد ليست لديه خلفية إعلامية". كذلك استبعد موظف آخر أنّ تعدّل&laqascii117o;الجزيرة" خطها التحريري، أقلّه في ما يخصّ التغطية الإخبارية للثورات الشعبية، لأنّه &laqascii117o;لو كان هناك امتعاض من السياسة التحريرية للقناة، لتغيّرت حينها فوراً". وعمّا إذا كانت لرحيل خنفر علاقة بالتسريبات الأخيرة لـ&laqascii117o;ويكيليكس" قال أحد الإعلاميين القدامى في &laqascii117o;الجزيرة" من المحسوبين على خصوم وضاح: &laqascii117o;يصعب تأكيد الأمر. التقرير يتحدث عن فضيحة حدثت قبل سنوات، بينما رحيل وضاح خنفر، سواء بالإقالة أو الاستقالة، يعود إلى أشهر فقط".
ومهما كان الأمر، فالأكيد أنّ رحيل خنفر قد يثير زوبعة في بعض المناصب الحساسة داخل القناة، إذ يأخذ عليه خصومه أنه أحاط نفسه بمجموعة من المستشارين الموالين له، وأقصى بعض الإعلاميين البارزين، إذ كان وراء استقالة نجوم بارزين، أبرزهم سامي! كما شهد عهد وضاح رحيل وجوه لم تتفق مع السياسة التحريرة للقناة، بدءاً من حسين عبد الغني، وحافظ الميرازي، ويسري فودة، وصولاً إلى غسان بن جدو، وسامي كليب. ولا يمكن طيّ صفحة وضاح من دون الحديث عن الاتهامات التي كانت توجّه إليه بدعم التيار الإخواني، سواء لناحية التغطية التحريرية للقناة، أو من خلال القيادات التي كانت تحيط به مثل بشير نافع وأحمد منصور وغيرهما...


أحمد بن جاسم

تسلم الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني أمس، منصبه كمدير عام لقناة &laqascii117o;الجزيرة". وبحسب قرار تعيينه، فإنّ المهندس البترولي &laqascii117o;يحمل بكالوريوس في هندسة البترول، وماجستير في الإدارة المتكاملة للمشاريع البترولية من لندن وفرنسا (...) وقد تدرج منذ عام 1991 في مناصب عدة في شركة &laqascii117o;قطر غاز"، ويتمتع بخبرة خارج دولة قطر في بعض الشركات العالمية". علماً بأنّه رافق أمير قطر حمد بن خليفة في زيارة قصيرة للسعودية الأسبوع الماضي، التقيا فيها بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز وفق ما جاء في &laqascii117o;بوابة الأهرام". ويبدي العاملون في &laqascii117o;الجزيرة" مخاوفهم إزاء مستوى القناة، وخصوصاً أنّ الوافد الجديد لا يمتلك أية خبرات في مجال الإعلام


ليلة سقوط الإمبراطور

ـ 'الأخبار'
ليال حداد:

ترك وضّاح خنفر مكتبه في مقرّ قناة &laqascii117o;الجزيرة" في الدوحة، وأعلن أنّه مغادر &laqascii117o;إلى ميدان آخر جديد". الإعلامي الفلسطيني الذي بدأ عمله في الفضائية القطرية مراسلاً في بغداد، وصل إلى إدارة أكبر شبكة إعلامية في العالم العربي، قبل أن يصدر قرار إقالته من منصبه وتعيين أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني مكانه.
لم تكن قصة وضاح خنفر مع &laqascii117o;الجزيرة" تقليدية. الرجل الآتي من خلفية &laqascii117o;إخوانية" بامتياز، والمتمرّس في مجال الصحافة والإعلام، تمكّن من كسب ثقة أمير قطر، فحصل منه على تفويض كامل بحرية التصرّف في القناة، واستند إلى موازنة ضخمة تجاوزت نصف مليار دولار سنوياً. كلّ هذه العوامل حوّلته بسرعة قياسية إلى الحاكم الفعلي والوحيد في المحطة، والرجل الذي تخشاه الحكومات والأنظمة، حتى إن النكتة الشائعة عنه أنّه كان يمسك الريموت كونترول ويسأل أولاده: أي نظام تريدني أن أسقط لك؟
وخلال ثماني سنوات، نجح الرجل في إحكام القبضة على كل المفاصل الحيوية في المحطة، فعيّن مقرّبين منه في أغلب الإدارات، وهو ما جعل مجموعة كبيرة من العاملين في الفضائية يعبّرون عن امتعاضهم من تهميشهم على حساب &laqascii117o;إسلاميين" مقرّبين من المدير العام. وأدى ذلك إلى استقالات متتالية أبرزها للمذيعات الأربع (جمانة نمور، ولينا زهر الدين، ونوفر عفلي، ولونا الشبل)، ثمّ غسان بن جدو، وغيرهم. ونجح خنفر كذلك في إبعاد مجموعة من مديري المكاتب في العواصم العالمية مثل ميشال الكيك (باريس)، وأكرم خزام (موسكو)... واستبدالهم بآخرين مقربين فكرياً وإيديولوجياً من توجّهاته.
ويرى مراقب للشؤون الداخلية في &laqascii117o;الجزيرة" أن كل هذه الأخطاء المتراكمة جعلت قرار التخلّي عن خنفر سهلاً على الإدارة القطرية و&laqascii117o;خصوصاً أنّ وثائق &laqascii117o;ويكيليكس" ظهرت في هذه الفترة أيضاً، ما سهّل عملية إقالته". إلا أن المراقب نفسه يضيف أن عاملاً آخر &laqascii117o;حرق أسهم خنفر"، وهو الصراع &laqascii117o;التقليدي بين التيارَين القومي العربي والإسلامي في فلسطين والعالم العربي... ويبدو أن الكفّة مالت إلى الطرف الثاني".
رحل إذاً وضّاح خنفر، بعدما كان الصانع الحقيقي لمجد قناة &laqascii117o;الجزيرة" من خلال التغطية المتميّزة خلال اجتياح العراق، ثمّ عدوان تموز 2006، فالعدوان الإسرائيلي على غزة، وصولاً إلى الثورات العربية التي شهدت &laqascii117o;السقوط الأكبر للمحطة مع مواكبتها لكل الثورات، وتجاهلها الكبير لثورة البحرين" يقول مصدر من داخل المحطة.

ويضيف أن هذه الازدواجية في المعايير، ثمّ وثائق ويكليكيس، جاءت لتُفقد خنفر الكثير من صدقيته الشارع العربي.
ومع رحيل الإعلامي الفلسطيني من منصبه، ترتسم علامات استفهام حول مصير العاملين المحسوبين عليه أو من باتوا يعرفون بـ&laqascii117o;أيتام وضّاح خنفر": هل سيُبعَدون عن مناصبهم؟ وهل ستخضع القناة لإعادة هيكلة، تعيد خلط الأوراق عند الموظفين؟ وهل يراجع بعض الصحافيين في المحطة حساباتهم؟ أسئلة كثيرة لن تتضح الإجابة عنها إلا عند التعرّف إلى الخلفيات الحقيقية للمدير الجديد، أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني. الرجل الآتي من عالم الاقتصاد، عمل مديراً لشركة &laqascii117o;قطر غاز"، ولا يكاد يعرفه العاملون في المحطة. إلا أنّ مجرّد تعيينه في هذا المنصب يفتح الباب واسعاً أمام استنتاجات عدة. أوّلها أن &laqascii117o;الجزيرة" فقدت إحدى أبرز نقاط قوتها، مع تعيينها مديراً من عائلة آل ثاني. المحطة التي تغنّت طويلاً باستقلاليتها، وبمديرها الفلسطيني، تعود اليوم محطّة نظام بالمعنى الكامل. وها هو أحد أعضاء العائلة المالكة يُعيّن مديراً عاماً لأكبر فضائية عربية. &laqascii117o;الشيخ البترولي" ــــ كما بات لقبه على مواقع التواصل الاجتماعي ــــ سينجح من دون شك في الجانب الإداري، لكنّنا لا نعرف بعد من سيدير التحرير من الآن فصاعداً، ويحدد سياسة المحطّة؟ هنا يترك خنفر نقصاً واضحاً، هو الملمّ بخفايا الإعلام والسياسة، وقد كان معروفاً عنه اطلاعه على كل شاردة وواردة في &laqascii117o;الجزيرة". يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هناك تحوّل في السياسة التحريرية لـ&laqascii117o;الجزيرة"؟ ربّما كان من السابق لأوانه الدخول في هذا النوع من التكهّنات، وإن كان يجري الهمس في كواليس المحطّة، كما نقل إلينا إعلامي بارز من داخلها، عن &laqascii117o;تغيير في سياسة قطر إزاء الملف السوري، ما جعل من وضّاح خنفر كبش المحرقة". وبغضّ النظر عن إمكان حصول انعطافة سياسية، يبدو أن المحطة اتخذت قرارها قبل فترة، من دون أن تبلغ حتى أعضاء مجلس الإدارة الذين لم يعرف بعضهم بالقرار، إلا قبل ساعة واحدة من نشره في وسائل الإعلام. وبانتظار أن تتضح الصورة الجديدة، ستبقى الأنظار معلّقة بفضول إلى شاشة &laqascii117o;الجزيرة"، بحثاً عن بوادر أي تغيير أو تحوّل في محطّة &laqascii117o;الرأي والرأي الآخر".

من رسالة الوداع: ها أنا أمضي إلى ميدان آخر...

الزملاء الكرام،
15 عاماً قاربت على الانقضاء منذ أن أطلت &laqascii117o;الجزيرة" على جمهورها قوية مدهشة ومتميزة، ومنذ اليوم الأول، قطعت على نفسها عهداً ووعداً بأنها مستقلة شعارها &laqascii117o;الرأي والرأي الآخر". ولعل كلمتي الإعلام والاستقلالية كانتا في ذلك الوقت من الأضداد التي لا تجتمع. فالإعلام الرسمي العربي كان قد أفسد صورة الصحافة في أذهان الناس، وحوّل الإعلامي إلى أداة طيّعة في أيدي الحكومات (...).
ومرت الأيام، فإذا &laqascii117o;الجزيرة" وفية بوعدها، وإذا الأنظمة الفزعة من هذا المخلوق الجديد تحاربه بكل صرامة، بالإشاعات أولاً، ثم بالاحتجاج لدى الحكومة القطرية، ثم بالاستهداف المباشر لمراسلي القناة ومكاتبها، وصولاً إلى الاعتقال وإغلاق المكاتب، ثم حجب إشارتها والتشويش على بثها، كل ذلك و&laqascii117o;الجزيرة" ماضية في طريقها التحريري القويم، كلما وقع عليها أذى، ازدادت عنفواناً.
فلما رأى المشاهدون سيرة القناة مع أهل السلطة والنفوذ، وأيقنوا أن &laqascii117o;الجزيرة" انحازت لهم في شوقهم القديم للتحرر والكرامة والانعتاق، وأنّ شاشتها تنتمي إلى عالمهم هم، ليست وافدة مما وراء البحار، ولا حاملة لأي أجندة سياسية أو حزبية أو أيديولوجية، وأنها تؤمن بمنح الجميع صوتاً، حتى أولئك الذين أذوها واعتقلوا أبناءها، عندها وعندها فقط منحوها ثقتهم.

شارعنا العربي ليس كما رآه الزعماء والملء من أعوانهم: سوقة ودهماء وغوغاء وأتباع كل ناعق، بل هو شارع ذكي ومسيّس، يدرك بفطرته السليمة ما لا تدركه النخب ولا أهل النفوذ، والثقة التي منحها الناس لـ&laqascii117o;الجزيرة" كانت عن سابق وعي وتمحيص، ومع ذلك، فلن يكون جمهورنا رفيقاً بنا إن أخطأنا، وهذا خير ضمان لاستمرار &laqascii117o;الجزيرة" في طريقها ونهجها. ذات النهج الذي قضى من أجله طارق ورشيد وعلي حسن الجابر، ومكث فيه تيسير وسامي في السجن بضع سنين، ومن أجله اعتقل وعذب وأبعد كثير منكم (...)
وعلى المستوى الشخصي، أكمل ثمانية أعوام في إدارة المؤسسة، بعدما عملت قريباً من الناس مراسلاً في أفريقيا وأفغانستان والعراق، وانزرع في وعيي أنّ الصحافة الحرة الحقة هي تلك التي تضع الإنسان في مركز اهتمامها، درس تعلمته وتعلمه كل مراسل لـ&laqascii117o;الجزيرة" وكل عامل بها، وهو ما آليت على نفسي أن أحافظ عليه في السنوات الثماني الماضية: غرفة أخبار مستقلة تحترم عقول المشاهدين وتنحاز إلى وعيهم الجمعي بمهنية ومسؤولية.
الفضل يعود إليكم وإلى اقتراحاتكم في أن انتقلت &laqascii117o;الجزيرة" من قناتين إلى شبكة من القنوات تزيد على 25، وتبث بالعربية والإنكليزية وقريباً بالتركية والسواحلية ولغة أهل البلقان، وكنتم أنتم من أعان في تشييد بنية مؤسسية حديثة وراسخة، احترمت العاملين فيها وقدمت لهم ما يستحقونه. ثم بجهدكم الدؤوب استطعنا أن نصل ببث الشبكة إلى مئات الملايين حول العالم، بما فيها الولايات المتحدة التي اتهم وزير دفاعها السابق &laqascii117o;الجزيرة" بأنها كاذبة وشريرة، والتي عادت وزيرة خارجية إدارتها الحالية لتشيد بتغطيتها وتصفها بأنها تقدم أخباراً حقيقية. لم يفلّ الوصف الأول من عزم &laqascii117o;الجزيرة"، ولم يَغُرّها النعت الأخير، فـ&laqascii117o;الجزيرة" هي &laqascii117o;الجزيرة" لم تتبدل ولم تتغير.

إنهم مراسلو الجزيرة المنبثون في أصقاع الأرض وصحفيوها ومنتجوها ومذيعوها وكل العاملين بها من قدم للعالم تغطية مدهشة للأحداث في حرب أفغانستان والعراق ولبنان وغزة ومقديشو، وهم من نقل الصور الأولى لكارثة تسونامي والمجاعة في النيجر، وفي عامنا هذا كنتم من أدهش العالم ونقل أنظارهم وأفئدتهم إلى ميادين التحرير والتغيير من سيدي بوزيد إلى جسر الشغور، في ثورة عربية سطّر الشباب فيها أسمى وأنبل ملحمة عاشتها أجيالنا، لا تزال تؤتي ثمارها كل حين، ماضية إلى منتهاها: عزة وكرامة وانعتاقاً من أغلال الاستبداد وأوثان الديكتاتورية.
وكنت محظوظاً في سنواتي الثماني الماضية أن جمعتني بمجالس إدارة &laqascii117o;الجزيرة" علاقة عمل متميزة، وكان لخبرة رئيس المجلس، سعادة الأخ الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني (...) وما كان لـ&laqascii117o;الجزيرة" أن تحقق ما حققت لولا الرعاية التي أولتها قطر شعباً وقيادة لها. فقد احتملت في سبيل الحفاظ على استقلالية &laqascii117o;الجزيرة" أذى كبيراً (...)
ولأنّ &laqascii117o;الجزيرة" قوية بمنهجها، ثابتة بانتماء أبنائها (...) ولأن ثمانية أعوام من العمل الإداري كافية لتقديم ما لدى القائد من عطاء، وأن مصلحة المؤسسات كما هي مصالح الدول (...) فقد كنت قد تحدثت مع رئيس مجلس الإدارة منذ زمن عن رغبتي في أن أعتزل الإدارة عند انتهاء السنوات الثماني، وقد تفهم مشكوراً رغبتي هذه، فها أنا ذا اليوم أمضي من موقعي إلى ميدان آخر جديد، أستلهم فيه روح &laqascii117o;الجزيرة" ورؤيتها، وأنقل ما تحصل لي من تجربة وخبرة، مستمراً في الدفاع عن الإعلام الحر النزيه (...) وأبارك للمدير العام الجديد متمنياً له التوفيق والسداد في قيادة المؤسسة والمضي بها نحو آفاق أوسع. وبتعاونكم جميعاً معه، فإن &laqascii117o;الجزيرة" ستكون بحول الله على الدوام منارة للإعلام الحر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وضّاح خنفر
(مقتطفات من الرسالة التي بعثها أمس إلى زملائه في 'الجزيرة')


هل يتكرر مشهد الزحف الفلسطيني إلى الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة؟

ـ 'االلواء'

هيثم زعيتر:

فوجئت الأوساط الجنوبية اللبنانية بتحركات إسرائيلية مريبة على الحدود أو ما يُسمى مشارف الخط الأزرق الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.. وقد أثارت هذه التحركات حفيظة ليس المراقبين الجنوبيين فحسب، بل وقوات الجيش اللبناني و&rdqascii117o;اليونيفل&rdqascii117o; الدولية..
ولم تكن هذه التحركات التي طاولت ما يشبه التحركات الإسرائيلية، غريبة على الأفق العام في المنطقة الحدودية، التي اعتادت بين فترة وأخرى أن تشهد مثل هذه القضايا، خاصة عندما تكون هناك رسائل معينة، يقصد بها أهداف ذات مدلولات خاصة..
وكذلك لم تكن هذه التحرشات المستجدة بمفاجئة أو غريبة من الجانب الإسرائيلي الذي اعتاد التحرش والاعتداء بشكل خاص في هذا الظرف الدقيق، الذي تتوجه فيه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة للدول الفلسطينية من &laqascii117o;مجلس الأمن الدولي" والجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولعل المفارقة الملفتة، أن توجه الرئيس الفلسطيني محمود &laqascii117o;أبو مازن" إلى أعلى المنابر الدولية للحصول على الاعتراف الكامل للدولة الفلسطينية، يأتي في أدّق المراحل حساسية، سواء منها الفلسطينية – الفلسطينية، أو الفلسطينية – الإسرائيلية، أو العربية التي تشهد الانتفاضات بشكل عام، كما هو الأمر بالنسبة للواقع الدولي، سواء الأوروبي أو الأميركي بالذات، حيث الجميع في هذا الوقت أو المرحلة مربك على جميع المستويات والأحوال..
فالجميع في هذا السياق قد يكون سواء بالنسبة لأوضاعهم الداخلية أو علاقاتهم الخاصة لدولهم فيما يتعلق بالثورات الجارية على الساحة الدولية، والتي ترسم بل تجبر وتضطر المسؤولين باتخاذ إجراءات ومواقف معينة تناسب أوضاعهم الداخلية من جهة، وتتوافق أو تتصادم مع المصالح والمواقف الدولية الأخرى..

ففي الواقع الفلسطيني الداخلي، هناك ما يُسمى محاولات التوافق ما بين &laqascii117o;فتح" و&laqascii117o;حماس" في إطار استكمال خطوات المصالحة التي تمّ التوافق عليها في القاهرة في شهر أيار الماضي، مهما كانت الظروف، ومهما كانت نقاط الخلاف أو التباعد، على اعتبار أن القضية الفلسطينية واحدة ولا تتجزأ، وما يُمكن أن يصيب أحد الأطراف من شر أو خير، إما أن يصيب الكل أو يعود بالخير على كل الفلسطينيين، بإعتبار أن المطلب الأساسي والمهم بالنسبة للجميع، هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف..
ومن هذا المنطلق، توجّه الرئيس &laqascii117o;أبو مازن" إلى &laqascii117o;مجلس الأمن"، رافعاً بل مطالباً بالاعتراف الكامل بعضوية الدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران للعام 1967، بصرف النظر عن الموقف المستجد لحركة &laqascii117o;حماس" الذي اعتبرت فيه هذا المطلب تنازلاً من حق كل الأرض الفلسطينية لصالح الاحتلال، على اعتبار أن ما أخذته &ldqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o; من أرضٍ فلسطين إنما تمّ بالقوة وبالإحتلال، والقانون الدولي يمنع على أي دولة أن تستولي على أراضي الغير بالاحتلال وبالقوة.
المتتبع للتطورات على الساحة الدولية يُلاحظ أن واقع القوانين الدولية شيء والواقع الدولي بالنسبة لـ &laqascii117o;إسرائيل شيء آخر، فحيث تكون هناك قضية تتعلق بـ &rdqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o; تنتفي مفاعيل القوانين الدولية، فإما أن تتوقف وأما أن يتم التغاضي عنها، وأما تهمل، وأما تطوى في &laqascii117o;دهاليز النسيان".
وفي هذا السياق تندرج مجموعة القوانين التي تمّ اتخاذها في &laqascii117o;مجلس الأمن" لصالح القضية الفلسطينية، ولم يتم العمل بها، بل تم تجاهلها وطيها في غياهب التأييد الغربي المطلق لصالح &ldqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o;، والتغاضي الغربي المطلق عن الحقوق الفلسطينية في أرض فلسطين.

طريق المفاوضات : ومنذ أن قفزت القضية الفلسطينية الى واجهة الأحداث الدولية، والقضية تحور وتمور، ما بين الحروب وما بين القوانين، وما بين مَنْ يُسمى المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
والغريب في الأمر الذي يثير العجب العجاب أن &ldqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o; وفي هذا الوقت بالذات، تطرح مقولة أن الحقوق لا تعود إلا بالمفاوضات بين الجانبين، وأن إعلان الدولة لن يوصل إلى خواتم طبيعية إلا بالمفاوضات، ناسية بل متناسية أن أرض فلسطين لشعب فلسطين، وأن ما حصلت عليه أو اغتصبته &ldqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o; إنما تم بفعل وعد بلفور البريطاني وبالقوة البريطانية، التي كانت تحتل فلسطين في ذلك الوقت، وبعد ذلك بفعل قوى الغرب الأخرى.
ولهذا، وجدت القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس &laqascii117o;أبو مازن" بعد كل هذه المماحكة والمماطلة الإسرائيلية وبمساندة الدول الغربية لها، وبعد كل هذا الزمن الطويل والمديد من التسويف والتهرّب من الالتزامات، أن لا مفر ولا مخرج إلا بالتوجه إلى &laqascii117o;مجلس الأمن" والجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل الحصول على الاعتراف الكامل للدولة الفلسطينية، وشرعية حق الشعب الفلسطيني بأرضه ودولته وعاصمتها القدس، اعتراف من دول العالم الحرة والأبيّة التي تقر وتعترف بهذا الحق الأزلي للشعب الفلسطيني في أرضه فلسطين.

القضية والعالم : والملفت في هذا الأمر أن القيادة الفلسطينية التي تتوجه إلى &laqascii117o;مجلس الأمن" والجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد كل هذا التسويف في الحصول على الحقوق، لا تأتي من فراغ أو طرح في المجهول، وإنما تأتي مستندة الى:
- أولاً: القوانين الدولية التي اعترفت وأقرّت هذه الحقوق الفلسطينية.
- ثانياً: الإقرار الأميركي بالذات والغربي عموماً بحق إقامة الدولة الفلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية.
ولعلّ الغريب في هذا الواقع أن يأتي الموقف الأميركي منسجماً ومتوافقاً مع الموقف الإسرائيلي، الذي يدعو إلى عدم اللجوء إلى الأمم المتحدة، وعوضاً عن ذلك اللجوء إلى المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بالرغم من أن هذه المفاوضات قد طوت عقوداً طويلة ولا يزال البحث سارياً في المجهول إزاء التعنت الإسرائيلي من جهة، وعدم التفاعل الأميركي والغربي مع الحقوق والمطالب الفلسطينية من جهة أخرى.
ورفض الرئيس عباس العديد من الأفكار الجديدة، ومنها التوجه للجمعية العامة وفق ترتيبات محددة، وأكد بشكل حازم ونهائي، بأن التوجه سيكون الى &laqascii117o;مجلس الأمن" لنيل العضوية الكاملة، وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال لقائه به أمس الأول في مقر الأمم المتحدة، أنه سيتقدم يوم بعد غد (الجمعة) الى &laqascii117o;مجلس الأمن" بطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، على الرغم من التهديد الأميركي باستخدام حق النقض &laqascii117o;الفيتو" لاحباط هذا التحرك.

وقد حسم أمس (الثلاثاء) موقف دولة الغابون العضو غير الدائم في مجلس الأمن لصالح الطلب الفلسطيني لتصبح عدد الدول المؤيدة سبع دول، حيث تعهدت &laqascii117o;منظمة التعاون الإسلامي" بالتدخّل المباشر لدى دول نيجيريا والبوسنة والهرسك &laqascii117o;لإقناعهما بالتصويت لصالح طلب العضوية لضمان تسعة أصوات، وإغلاق الطريق أمام الولايات المتحدة وإحراجها وإلزامها بالتصويت"
إيجابيات التوجه إلى &laqascii117o;مجلس الأمن"
وكان أمام الفلسطينيين خياران رئيسيان في الأمم المتحدة، أما السعي للعضوية الكاملة عن طريق &laqascii117o;مجلس الأمن" أو تحسين صفة مراقب في الجمعية العامة، بحيث تنتقل عضويتهم كمراقب من &laqascii117o;منظمة التحرير الفلسطينية" الى دولة مراقبة غير عضو. ويرى المراقبون أن هناك العديد من الإيجابيات بالتوجه الى &laqascii117o;مجلس الأمن" وليس الجمعية العمومية للأمم المتحدة، حيث سيؤدي ذلك الى تعزيز دعم وتأييد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وشعوب العالم. وكذلك يثبت مصداقية القيادة الفلسطينية أمام العالم أجمع، ويعزز مساعي الوحدة الوطنية الفلسطينية، حيث سيثبت للجميع صحة وقوة توجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن للحصول على عضوية كاملة لفلسطين، وإذا ما تم ذلك، ستصبح فلسطين (دولة محتلة) وليس أراضٍ متنازع عليها، وبعدها ستكون أية مفاوضات للاتفاق على جدول زمني للإنسحاب بما يشمل القدس الشرقية.

ولن تكل القيادة الفلسطينية من التوجه الى &laqascii117o;مجلس الأمن" إذا ما استخدم الـ &laqascii117o;فيتو"، بل يُمكن أن تكرر طلب العضوية الى &laqascii117o;مجلس الأمن" في أي وقت (كما جرى مع اليابان في العام 1955).
وتدرك القيادة الفلسطينية بما لا يدعو إلى الشك أن الموقف الأميركي بالرغم من كل التفاعل والمواقف الصارمة لما يجري في الأرض العربية من ثورات وانتفاضات، وتضع &ldqascii117o;إسرائيل&rdqascii117o; في موقع متأرجح ما بين السلام المزعوم والانتفاضات والحروب، وتهدد باستعمال حق النقض الـ &laqascii117o;فيتو" المعترض على طرح قضية الدولة الفلسطينية في &laqascii117o;مجلس الأمن"، وعلى هذا الأساس سيتم طرح هذا الحق بالاعتراف على الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يُرجح ويؤمل أن تنال موافقة واعتراف أكثر من 130 دولة في العالم من أصل 193 دولة تتكوّن منها الجمعية العامة. وهذا الانتصار وهو انتصار واقعي وحقيقي وملموس، تسجله القيادة الفلسطينية في أرجاء العالم، الذي قد يُضاهي ذلك الانتصار الذي حققته القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس ياسر عرفات &laqascii117o;أبو عمار" في انتزاع مقعد لـ &laqascii117o;منظمة التحرير" الفلسطينية في الأمم المتحدة، ثم بعد مفاوضات أوسلو بحق الانتقال إلى الداخل الفلسطيني على الأرض الفلسطينية وإقامة السلطة الفلسطينية في رام الله.

وكما حصل انتصار للقيادة الفلسطينية في الإقامة في رام الله في ظروف بالغة الدقة في ذلك الوقت، يأتي الانتصار الثاني بإعلان العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية من أغلبية دول العالم في ظروف أكثر دقة وحساسية في المسار الفلسطيني، الذي ينشد المصالحة والوحدة، وفي المسار العربي الذي يشهد انتقاضات للوعي والإدراك للحقوق في الحرية والكرامة، وفي المسار الدولي العام الذي يقف ويؤيد الحق والعدل، بالرغم من محاولات التغييب والمماطلة والتناسي والتغاضي في مهب المصالح الخاصة والتأثيرات أيضاً الخاصة.
وفي وقت تشهد فيه المخيمات الفلسطينية والعديد من المناطق اللبنانية تحركات داعمة لتوجه القيادة الفلسطينية الى &laqascii117o;مجلس الأمن"، أبدت مصادر إسرائيلية تخوّفها من قيام اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من التوجه الى الحدود الجنوبية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، لتنفيذ احتجاجات لا يُعرف الى أين سيصل مداها إذا ما قررت قوات الاحتلال استهداف المعتصمين، على غرار ما جرى في شهر أيار الماضي..
وفي ضوء الضغوطات الأميركية، فقد أبدت القيادات الفلسطينية ارتياحها لمكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتحويل 200 مليون دولار أميركي للسلطة الوطنية الفلسطينية، حيث ثمن الرئيس عباس، الدعم السعودي المتواصل للشعب الفلسطيني، والذي يأتي مع التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف


مار بشارة بطرس الراعي خلع ثياب أبرشية جبيل... وارتدى حلة انطاكيا وسائر المشرق
السفير البابوي لم يزر بكركي والفاتيكان ترك 'ابنه الحبيب' : يزور مسيحيي الاطراف
فريق اعلامي من 8 آذار يضع خريطة طريق للراعي والمعارضة تترحم على ايام البطريرك صفير

ـ 'الديار'

ابراهيم جبيلي:

البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي مالئ الدنيا وشاغل المسيحيين، مرّ على اعتلائه السدة البطريركية بضعة اشهر، لكنه اثار موجة عارمة من الرضى والقبول واخرى رافضة تتهم الراعي بانه اخرج بكركي عن مسارها وتقاليدها وتراثها، وخربط في مفاهيمها وثقافتها المتداولة من جيل الى جيل ومن بطريرك البطريرك. وانقسم اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً، على جاري عاداتهم، بين المؤيد المعجب، والآخر الرافض المندهش، وتدورالان بين فريقين، معركة يتنازل خلالها الاثنان للفوز بالمقرّ وبسيده، او هكذا خيّل للمعارضة والاكثرية فغاب بعضهم عن الترحيب فيما البعض تكاثر على غير عادته على الطرقات مرحباً.
هل تغير اسقف جبيل المطران بشارة الراعي؟ وهو كان سباقاً في مسائل الحرية والسيادة والاستقلال وفي رفض الوصاية السورية، ام ان البطريرك الماروني سمع في فرنسا كلاماً، اعاده الى ترتيب الاولويات خصوصا عندما وجد لدى الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي بان الوجود المسيحي في الشرق ليس من اولوياته، بل ان فرنسا ومعها عواصم القرارمشغولون بامور كثيرة فيما المصير المسيحي في اسفل اهتماماتهم وهنا تسأل الاوساط المقربة من الصرح عن صوابية ما اقدم عليه بطريرك الموارنة، وهل ان صاحب الغبطة ينطلق من قناعاته الذاتية ام انه يسير وفق الروزنامة الفاتيكانية التي وضعت هواجس مسيحيي الشرق في كل ورقة من اوراق السنة التقويمية، وتضيف الاوساط بانه في الحالتين فان سيد بكركي احسن عندما قلب صفحة مطران جبيل ليفتح صفحة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق، وتعدد الاوساط المقربة من الصرح الاحتمالات وفق المنهج التالي:

1- البطريرك الماروني يلتزم كلياً بتعاليم كنيسته، وهو راهب مريمي نشأ على الطاعة، فكيف اذا كانت هذه الطاعة لحاضرة الفاتيكان ونظرتها الشمولية لجميع ابنائها المسيحيين، وفي هذا المجال تؤكد الاوساط المقربة بان السفير البابوي غاتشيا لم يكلف نفسه عناء زيارة بكركي لمساءلة سيدها عن المواقف التي اثارت جدالاً واسعاً في الاونة الاخيرة. وتضيف الاوساط بان المسافة بين حريصا، مقر السفارة البابوية وبكركي لا تستغرق سوى ثلاث دقائق فيما مرّ اسبوع على زيارة الراعي الى باريس، ولم يغيّر البطريرك اية فاصلة في الكلام الذي قاله في فرنسا.
2- تؤكد الاوساط المقربة بان البطريرك الراعي هو رئيس كنيسة سريانية انطاكية مارونية وبالتالي فان اي موقف يصدر عن هذه المرجعية سيجد صدى في دوائر الفاتيكان، وتبشر الاوساط جميع المعترضين بان موقفاً مؤيداًَ سيظهر خلال الايام القليلة المقبلة عن دوائر الفاتيكان.
3- خلافاً لما يروجه الخبثاء بان البطريرك يعيش &laqascii117o;حفلات اقناع" مستمرة ابطالها عدد من الزملاء الصحافيين وبينهم غسان بن جدو الذي حضر الى الصرح بصحبة صحافي تنقل من 14 اذار ليستقر حالياً في فريق 8 آذار، اضافة الى احدى الصحافيات الفرنكفونية التي تعتبر من انصار التيار الوطني الحر، كذلك فان الوزير السابق ميشال سماحه زار بكركي عشية سفر الراعي الى باريس، مثله فعل السفير السوري الذي استمر لقائه مع الراعي لاكثر من ساعتين، هذه الاخبار نفتها الاوساط المقربة واعتبرت ان الزيارات حصلت لكن سيد بكركي لا يعمل الا وفق مسيحيته ورسالته السماوية.

4- تستغرب الاوساط المقربة ما يروجه البعض في المعارضة بان صاحب الغبطة يفتش عن الزعامة الشعبية من خلال طرح مواقفه وبان رهانه على الاقوياء في منطقة الشرق الاوسط سيضعه في مصاف الزعماء الكبار، وتعتبر هذه الاوساط بأن هذا الكلام معيب خصوصاً بأن موقف سيد بكركي جاء لخلاص شعبه المسيحي الذي يعاني التهجير بفضل بطش الآخرين في العراق أمام أعين وبحضور القوات المتعددة الجنسيات، وهو اليوم يعاني المشهد السوري ويدرك تماماً بأن الخسارة مع الرئيس السوري هي أفضل بكثير من الربح مع الآخرين، هذه المعادلة تعرفها جيداً حاضرة الفاتيكان لذا فهي لا تحرك سفيرها باتجاه بكركي في زيارات توضيحية، علماً أن الحقيبة الديبلوماسية لدوائر الفاتيكان لا تزال تعتمد الحقيبة الديبلوماسية المليئة بالأوراق والمستندات التي تسلم باليد بعيداً عن التكنولوجيا الحديثة التي يعتمدها الديبلوماسيون الغربيون، كالفاكس و&laqascii117o;الإيميل" وغيرهم.
وفي المقابل فإن المعترضين داخل المعارضة يعتبرون بأن ما قاله الدكتور سمير جعجع من أننا سنترحم على أيام البطريرك صفير، قد تحقق لكن بالآية المعكوسة، وإن قوى 14 آذار هي التي تترحم حالياً، وان المعترضين يتهمون فريقاً إعلامياً من غلاة 8 اذار تجتمع دورياً لوضع السياسية الاعلامية للصرح، وصباح اليوم سيعقد هذا الفريق اجتماعاً استثنائياً في بكركي لوضع خريطة طريق اعلامية للبطريرك الماروني الذي أعلن عن اجتزاء مقصود في كلامه الباريسي.

ويعتبر المعترضون بأن عدد من الاساقفة سوف يطرحون هواجسهم عما يجري في محيط الراعي، وإنهم جهزوا بعض الاسئلة لصاحب الغبطة تبدأ بالمستشار الذي بنى منزلاً في خراج بكركي وفي أملاك الصرح، وصولاً الى قضية لاسا والحلول التي وضعها الراعي ولم تثمر في البلدة بل استمر المخالفون في احتلال الاراضي، اضافة الى ان الاجتماع لم يراع الاصول لناحية ان يحضر البطريرك من الديمان ويجتمع بالوفد في بكركي، فيما المطلوب أن يصعد الجميع الى الديمان والإجتماع مع سيد الصرح.ويسأل المعترضون في قوى المعارضة عن الكلام الذي اجتزأ من مواقف البطريرك، فيما كرر الموقف ذاته في بعلبك عندما قال: نحن نخشى ان يكون هناك انتقال من أنظمة شديدة الى أنظمة أكثر تشدداً لنعود الى الوراء. ويضيف المعترضون بأن البطريرك قرر نهائياً أن يخلع ثوب راعي الأبرشية في جبيل، ليختار المسيرة التي سلكها العماد ميشال عون سابقاً. وفي جميع الاحوال ينهي المعترضون بأن لبكركي رب يحميها ولن تقوى عليها أية مواقف ظرفية.
وهكذا استطاع البطريرك الراعي الجالس على كرسي مجد لبنان من &laqascii117o;مبارح العصر" أن يثير هذا الكم الهائل من النقاش السياسي، فكيف اذا استقر في مقرّه حيث لن تقوى عليه قوى المعارضة والأكثرية، فصاحب الغبطة، ينصح أبناءه جميعاً من مختلف القوى السياسية ولسان حاله يقول: تعوّدوا ولا تملّوا.. وإنتهى عهد البطريرك الذي يزار ولا يزور.. فالراعي سيزور ويزور..طالما أن خرافه ضالة ومشتتة ومنتشرة في الأطراف


'14 آذار' المربكة تسأل نفسها كيف تتعاطى مع الراعي؟

ـ 'السفير'
دنيز عطا الله حداد:

يصعب تجاوز الهزات الارتدادية التي يخلقها البطريرك بشارة الراعي بعد كل تصريح وموقف وسلوك له. حضور بطريرك الموارنة في الحياة السياسية اللبنانية وتأثيره فيها ليس وليد الساعة. فاللبنانيون يتفقون، ولو مع بعض الملاحظات، على ان الكنيسة المارونية هي التي انجبت لبنانهم &laqascii117o;الكبير".
لكن انشغال الوسط السياسي اليوم بمواقف البطريرك بات حديث الساعة. يتقدم على اخبار الخطة الكهربائية وتمويل المحكمة الدولية. وبديهي، في لبنان، ان يتقدم على حاجات الناس المعيشية.
فمنذ مواقفه الباريسية تعرف اللبنانيون الى &laqascii117o;بطريرك جديد". بطريرك بدت معه بكركي تنتقل من ضفة سياسية الى اخرى. بطريرك لا يتجنب &laqascii117o;العشاء العلني" في ضيافة الوكيل الشرعي للامام الخامنئي في لبنان. بطريرك يدافع عن النظام في سوريا ويبرر الابقاء على السلاح خارج السلطة الشرعية.
&laqascii117o;بطريرك جديد" بكل ما للكلمة من معنى. وما اتهم الاعلام بتجزئته او تحريفه عاد واكده بخطاباته الاخيرة والكثيرة. فانتقل من كانوا خصوما الى مدافعين. وانسحب من كانوا من حماة بكركي الى منتقدين لسياستها ومواقف سيدها.لكن سرعان ما تذكر المسيحيون في فريق &laqascii117o;14 آذار" ان مخاصمة بكركي لها انعكاسات سلبية. سحبوا &laqascii117o;ملاحظاتهم" على الراعي من التداول. اعجب معظمهم تعبير رئيس &laqascii117o;القوات اللبنانية" سمير جعجع &laqascii117o;غيمة صيف ومرت". كرروها بعد ان سمع بعضهم تفسيرات رأوها &laqascii117o;كافية من بطريرك يريد ان يكون على مسافة من الجميع وللجميع".

لم يطل الامر. توالت مواقف الراعي التي يُنتظر ان تكتمل مع زيارته الى الجنوب. دوّر بعض الزوايا، ارسل اشارات &laqascii117o;محبة وشركة" الى السنة والدروز، لكنه لم يعدّل في مواقفه الاساسية.
تحولت &laqascii117o;غيمة الصيف" الى &laqascii117o;غيمة كانونية" رابضة في سماء العلاقة مع بكركي. وقع مسيحيو &laqascii117o;14 آذار" في ارباك كبير. هو الموقع الذي طالما دافعوا عنه. هو سيد الموقع يصدر احكاما وآراء تنحاز الى وجهة مناقضة لوجهة نظرهم وفي مواضيع جوهرية. فكيف يجب التعاطي مع هذا الواقع الجديد؟
لم يتوصل هؤلاء بعد الى توافقات في كيفية إدارة &laqascii117o;ملف" الراعي من دون استفزاز &laqascii117o;الرعية".
يقول احد النواب &laqascii117o;نشرب اليوم من الكأس نفسها التي شربها مسيحيو &laqascii117o;8 آذار" ايام البطريرك نصرالله صفير. فبكركي تغرد بعيدا عن قناعاتنا وعن ثوابتها. لكن اي انتقاد لها سُيستغل للعب على الوتر المذهبي. وان تعبير حلفائنا المسلمين عن استيائهم من مواقف البطريرك ستصب في خانة تقوية المدافعين الجدد عنه".
ويتوقف نائب ثان عند &laqascii117o;تأثير موقف بكركي على قسم كبير من المسيحيين الوسطيين عند الاستحقاقات الكبرى لاسيما الانتخابية". فبرأيه &laqascii117o;شكّل موقف البطريرك صفير عشية انتخابات الـ2009 الكفة المرجحة لفوز &laqascii117o;14 آذار" ليس فقط في الشارع المسيحي انما لدى السنة والدروز لما لكلام بطريرك الموارنة من ثقل ومصداقية في وجدان اللبنانيين عموما. فما العمل وانتخابات 2013 على الابواب؟
اكثر من شخصية مسيحية تتحدث عن الانتخابات وكأنها واقعة غدا. يتساوى في ذلك وجوه من &laqascii117o;المعسكرين" المسيحيين المتواجهين. يستثمرون في المواقف والتطورات وكأن الانتخابات على الابواب.
وفي هذا السياق، تبدو مواقف الراعي مقلقة لتأثيرها في توجيه الرأي العام. لذا يعتبر احد المعترضين على وجوب التهدئة مع البطريرك من مسيحيي &laqascii117o;14 آذار" ان &laqascii117o;سياسة النعامة لا تنفع. ولا يجوز تمرير مواقف الراعي من دون التنبيه الى مخاطرها. فهي تضع المسيحيين في قلب اتون الاحداث الحارقة. فلو اكتفى بمواقف محايدة لتفهمناه، اما ان يضع المسيحيين في مواجهة بيئتهم ودولتهم فهذا ما لا يجب السكوت عنه. والدليل ان السكوت و&laqascii117o;التأتأة" في التعاطي مع مواقف الراعي في باريس، جعلته يذهب الى ابعد منها. فماذا يمكن ان ننتظر بعد؟".

قلة من مسيحيي" 14 آذار" يشاطرون زميلهم فكرة مواجهة الراعي علنا &laqascii117o;لا عن اقتناع او موافقة على ما يصدر عنه انما تجنبا للاسوأ. ومع ذلك يلح السؤال: &laqascii117o;ما العمل؟ كيف يجب التعاطي مع ما يصدر عن البطريرك الجديد؟".
هنا تبرز فكرتان الاولى تقول بوجوب &laqascii117o;تجاهل مواقفه بالكامل. ليقل ما يشاء ولنعلن نحن مواقفنا. فلو نحن اقنعنا البطريرك اليوم بوجهة نظرنا وعاد فتبناها فسيكون فاقدا للمصداقية. واذا استمر على مواقفه ستثبت له الايام بالملموس انه اخطأ بربط المسيحيين بنظام ساقط، وباضفاء الشرعية على سلاح خارج الدولة. وسيحمل على ضميره خطأ خياراته".ويدافع فريق آخر من مسيحيي &laqascii117o;14 آذار" عن فكرة اخرى تقول بـ&laqascii117o;ضرورة الاحاطة بالبطريرك. فلا يسمع لجهة او طرف واحد. ولا يُدفع اكثر فاكثر الى تبني طروحات تلك الجهة. وبالتالي لا ينفع انتقاده او معاتبته علنا انما يجب ان نلتقي به باستمرار وننقل اليه هواجسنا والحساسيات التي يسببها كلامه لفريق كبير من اللبنانيين".تتسابق الطروحات داخل &laqascii117o;مسيحيي 14 آذار". ويشير احد النواب الحزبيين الى &laqascii117o;اجتماع يتم السعي الى تحضيره لمسيحيي &laqascii117o;14 آذار" لاخذ موقف موحد من كيفية التعاطي مع مواقف الراعي وربما تشكيل وفد لزيارته وبلورة الصورة معه"

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد