قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الخميس 29/9/2011

ـ 'السفير'
... والآن إلى الحوار
إدمون صعب:

&laqascii117o;العيش المشترك هو معنى لبنان وروحه. وهو الأساس في تكوين الشعب اللبناني. ومن دون هذا العيش المشترك لا يمكن أن يوجد لبنان".
الشيخ محمد مهدي شمس الدين
هل توقّف &laqascii117o;تسونامي" الراعي عند دار الفتوى التي التقى فيها ممثلو &laqascii117o;العائلة اللبنانية الواحدة" وتعاهدوا (في 27 أيلول 2011)؟
خيّل لبعض الذين رافقوا &laqascii117o;هجمة" البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي على المناطق التي &laqascii117o;ظلمتها" الكنيسة المارونية في عهد سلفه البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، انه يحاول التكفير عن أخطاء سلفه الذي عز عليه الاعتراف بانتصارها على العدو الإسرائيلي في حرب تموز، بل هو أصدر &laqascii117o;فرماناً" بطريركياً في 7 أيلول 2006 اعتبر فيه ان المقاومة استمرت بعد اندحار إسرائيل وإخراجها جيشها من الجنوب في أيار 2000، في &laqascii117o;حمل السلاح خلافاً لأحكام اتفاق الطائف" الذي قضى بحل الميليشيات معتبراً &laqascii117o;حزب الله" زمرة مسلحة خارجة على القانون، وقد تفردت بالقرار في خطف الجنديين الإسرائيليين في 12 تموز 2006 آخذة البلاد &laqascii117o;الى حيث لا تريد"، وأن هناك &laqascii117o;يداً فوق أيدي بقية اللبنانيين"، وقصد بذلك أهل المقاومة، &laqascii117o;تتصرف بمقدراته وتأخذهم إلى حيث لا يريدون".
إنها شهادة في أنبل بطولات شهدها تاريخ لبنان الحديث.
وهي وحدها تطوي صفحة الماضي لتفتح صفحة جديدة على ما قال الراعي، وأضاف: &laqascii117o;إننا نتطلع إلى الأمام، إلى المستقبل (...) لأننا أصبحنا عائلة واحدة"، وإن تكن مفككة ومشتتة.
والبطريرك الذي دعا إلى &laqascii117o;قراءة الحوادث من دون سطحية"، أي بعمق وبعيداً من الشعارات والرومانسيات، مدرك تماماً ان ترجمة &laqascii117o;الشركة والمحبة" لتكون جسر عبور إلى &laqascii117o;وحدة الحياة"، أو &laqascii117o;الحياة المشتركة"، أي ما هو أقوى من العيش المشترك، تحتاج إلى تلاقي اللبنانيين حول &laqascii117o;الثوابت التي تحمي العيش المشترك، بل العيش الواحد"، على ما قال الوزير محمد فنيش خلال تكريم البطريرك الراعي في صور، وتجديد تمسك المسيحيين والمسلمين بهذه الثوابت، معتبراً ان المواقف الجريئة والصريحة للبطريرك تشكل &laqascii117o;رؤية وطنية" يمكن التأسيس عليها عبر &laqascii117o;الحوار من أجل تجديد الثقة"، كما قال الرئيس نبيه بري، ذلك بأن &laqascii117o;الحوار وبناء الثقة ـ في نظر بري ـ هما الأساس الذي يمكننا جميعاً من بناء الشركة الأفقية مع كل الناس، ومن كل الأطياف، ومن كل دين وثقافة، وكل رأي وانتماء".

والآن، ماذا بعد &laqascii117o;الهمروجة" الراعوية؟
ومن أين نبدأ في ترجمة الشركة والمحبة مشروع حياة واحدة؟
نبدأ من &laqascii117o;البَدَأْتَجي"، كما يقول الشاعر سعيد عقل، أي من قول الراعي إن &laqascii117o;لبنان أمام تحدي لمّ الشمل، وإعادة بناء نسيجه الاجتماعي لنعيش جمال الشركة والمحبة"، وذلك يتطلب &laqascii117o;تشديد الثوابت بين بعضنا، وأن نعي ما ينتظرنا من مسؤوليات، ونجلس إلى طاولة الحوار".
إنها دعوة إلى التلاقي مجدداً من أجل استخراج عقد وطني جديد يقوم على فكرة الاندماج الاجتماعي بين مختلف مكونات لبنان، والخروج من بيئات الانعزال والمربعات الطائفية والمذهبية التي تسيّجها الخصوصيات والامتيازات، فضلاً عن الاستئثار بالأرض والوطن. علماً ان معظم هذه الأمور قد سقطت مع الوقت وبفعل التطورات الديموغرافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وخصوصاً بالنسبة إلى المسيحيين.
ولو أصغى البطريرك الراعي إلى ميشال شيحا، أحد أبرز المفكرين المسيحيين، ممن ملكوا العقل والمنطق بعد &laqascii117o;تكبير لبنان" ودخول مكونات إسلامية سنية وشيعية إضافية إلى الكيان المسيحي ـ الدرزي الصغير، أي جبل لبنان، لكان قال له، في عز الانتداب الفرنسي والمعركة من أجل تعديل الدستور لنيل الاستقلال (في 2 تموز 1936): &laqascii117o;مطلوب تنازلات سريعة من أجل تحقيق التوازن الوطني. ويجب ان يتصرف اللبنانيون في الحكم بطريقة تقلل التمايزات في ما بينهم. وهذا يعني انهم يجب ان &laqascii117o;يدوموا" كفاية ومن أجل تحقيق التوازن الدائم".
وأضاف: &laqascii117o;عندما يكون هناك قائد أو زعيم، أياً يكن، يجب ان يتصرف كحكيم وديبلوماسي فطن، وليس كمدفع في حرب".وأشار إلى انه &laqascii117o;يتعذر التقريب بين عناصر كثيرة وتوحيدها من دون منحها الفرصة لأن تعيش معاً سياسياً (...) وإننا في لبنان محكومون، في ضوء دروس الماضي، بقوانين التوازن أكثر من انجرارنا وراء ميولنا الديموقراطية المفرطة. ويجب التنبة إلى ان ما تكسبه الفكرة الطائفية إنما يتم على حساب الوطن، لأنه سيكون هو الخاسر في النهاية".

وكان شيحا نصح اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين، بالصعود إلى الجبل &laqascii117o;بدلاً من النزول منه، وتسلّقه مجدداً، والتعلق بالأرض وإصلاحها وإعادة الاعتبار إليها، وإظهار المحبة للفلاحين ومعهم للأشجار، ولمياه الينابيع، وللحقول والبساتين، ولأن يبللوا أنفسهم من جديد بعظمة هذه الطبيعة التي تبعدهم عن الصغائر".
انطلاقاً من هذه الدعوة الرمزية للصعود إلى الجبل، نأمل من البطريرك أن يطلق رسالته الجديدة إلى اللبنانيين، بإخراج المسيحيين من التقوقع وإعادة نشرهم على كامل مساحة الوطن، والتشارك مع الآخرين في إعادة &laqascii117o;بناء نسيج اجتماعي" متجانس، يفضي إلى قيام مجتمع واحد، مدني، غير طائفي. يتشارك فيه الجميع، إخوة أحراراً و متساوين، في الأرض كما في الوطن بدل تناتشهما، والتعرض للانقراض مع الزمن بسبب العجز عن الاستمرار: طوائف ومذاهب تتبادل الخوف والتخويف، وتتاجر بكل شيء، على ما قال الراعي في مواجهة الحملة التي شُنت عليه ظلماً بعد عودته من فرنسا بسبب موقفه من سلاح المقاومة والوضع في سوريا.
وإننا ندعو الراعي إلى النظر في الخلاف حول أرض منطقة الدردار في الحدث التي اشتراها مقاولون شيعة وتحاول الرابطة المارونية &laqascii117o;استرجاعها" للمسيحيين بدل الدخول في مشاركة معهم لإقامة مجمعات سكنية تعيد دمج الشيعة والمسيحيين في خطوة تجسّد شعار الشركة والمحبة. كذلك النظر في النزاع حول ملكية الأراضي في قرية لاسا الجبلية بين الشيعة والموارنة، ومعهم بكركي بحيث يُحصر الأمر في قضايا قانونية تبتها المحاكم أو لجان التحكيم التي شارك فيها الأفرقاء المعنيون. وكانت محامية دعت أخيراً إلى لقاء في لاسا، شارك فيه مواطنون من القرية وخارجها، أبدت خلاله تخوفها &laqascii117o;من انضمام لاسا إلى المناطق العاصية على الدولة"، معتبرة ان &laqascii117o;لاسا خط دفاع عن مؤسسات الدولة الشرعية". وشاركها في هذا الموقف، ويا للأسف، رئيس أحد الأديرة هناك الذي تعتبر بكركي مرجعيته، بقوله: &laqascii117o;لاسا إذا كانت مربعاً أمنياً (يقصد لـ&laqascii117o;حزب الله") فنحن هنا".
من هنا يجب أن يبدأ البطريرك.


ـ 'السفير'

هل تدرجت الحملة على سوريا من &laqascii117o;إسقاط النظام" إلى &laqascii117o;إزعاج النظام"؟
الأسد: انتقلنا من الدفاع إلى الهجوم.. ولا للعثمنة
نبيل هيثم:

يستنتج زائر دمشق من كلام المسؤولين السوريين أن النظام استعاد زمام المبادرة، وأمسك بالأرض سياسيا وأمنيا، بصرف النظر عن &laqascii117o;طريقة الإمساك"، وما تبثه الفضائيات، &laqascii117o;فالمهم اننا نمسك بالارض. فيما المعارضة أو المعارضات تتوالد بين دولة واخرى كالفطر، فلا رأس واحدا، ولا برنامج موحدا، ولا رؤية واحدة، بل يحكمها التنافس في ما بينها". ثم ان تعدّد المؤتمرات المعارضة، &laqascii117o;علامة فشل وليس دليل عافية، وها هي فرنسا تعد لمؤتمر موسع في العاشر من الشهر المقبل على مسرح &laqascii117o;الأوديون" في باريس، لحشد أكبر عدد ممكن من المعارضات السورية".
ولزائر دمشق أن يسمع رأياً في الحملات الخارجية: &laqascii117o;لقد قدمت أقصى ما لديها في سبيل تحقيق هدفها، لكن الرئيس بشار الاسد استطاع أن ينزع مخالبها الداخلية، فتدرجت من عنوان &laqascii117o;إسقاط النظام" الى عنوان &laqascii117o;إزعاج النظام"، بالضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية".
ومع هذا التدرج من &laqascii117o;الإسقاط" الى &laqascii117o;الإزعاج"، انتقلت سوريا سريعا الى اعتماد سياسة &laqascii117o;شد الحزام" ومحاولة التكيف مع الواقع الجديد والتخفف من وطأة تلك الضغوط، ولعل أول الإجراءات التي اتخذت، كان في القرار الصادر عن مجلس الوزراء السوري في الخامس والعشرين من الجاري، والذي علق بموجبه &laqascii117o;استيراد كل المواد من كل الدول التي تربطنا بها اتفاقيات تجارة حرة أو تجارة تفضيلية، باستثناء المواد التي تخضع لرسم جمركي 5% وما دون". ويشمل هذا القرار العديد من السلع والكماليات والسيارات الخ.. علما أن هذا القرار هو واحد من سلسلة إجراءات ستتخذها الحكومة السورية لاحقا.
مما لا شك فيه أن الوضع الاقتصادي صعب، وربما يكون أصعب مع العقوبات، ولكن زوار الرئيس بشار الاسد يسمعون أن &laqascii117o;هناك صعوبة اقتصادية، لكنها ليست كما يصورون، انها قيد المواكبة الحثيثة، ثمة خطوات احترازية وموضعية، نحن أمام تحد اقتصادي سنواجهه، قد تتأثر صناعات كبيرة، لكننا سنجد بدائل صغيرة، لقد أمنّا أسواقا للنفط السوري ولا مشكلة في هذا المجال، ثم ان أسواق سوريا الاخرى ونوافذها مفتوحة مع الصين، روسيا، الهند، مع الدول الشرقية، وصولا الى أميركا الجنوبية. وفي النهاية سنجد العلاج".

وبحسب زوار دمشق، فإن العد العكسي قد بدأ للخروج من واقع الأزمة، &laqascii117o;فلقد تخطينا منطقة الخطر، ونحن ندرك أن الازمة ليست سهلة، ولكننا ندرك في الوقت ذاته أنها أزمة ليست مستعصية، صحيح انها قد تحتاج لبعض الوقت. هناك هجمة على سوريا وعليّ شخصيا، ومن جهتنا نحن مستعدون لها، وفي الخلاصة هناك أزمة تعالج بالطريقة السورية وبحسب ما تقتضيه المصلحة السورية وبحسب الأجندة السورية" على حد تعبير الأسد.
ويضيف الاسد، كما ينقل الزوار، &laqascii117o;هناك مقولة يسوقها الآخرون بأنهم تمكنوا من كسر حاجز الخوف، ولكن أنا أقول إنني كسرت حاجز الخوف ايضا، وبالتالي نحن انتقلنا من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم. سنردع أي عمل أمني يضر بالأمن القومي السوري ويهدد حياة المواطنين السوريين، أما في القضايا الاخرى ولا سيما المطالب الاصلاحية، فنحن منفتحون على كل ما هو أفضل لسوريا، وأنا مطمئن جدا، خاصة انه كلما ارتفع الضجيج الخارجي ضد سوريا، فمعنى ذلك اننا نسير في الطريق الصحيح".
يقول الاسد: &laqascii117o;أنا ماض في العملية الإصلاحية، وسنظهر المزيد من الانفتاح والحوار الداخلي"، ويقدم نظرة إيجابية ملحوظة الى الشعار الذي يطرحه معارضون سوريون في الداخل ومفاده &laqascii117o;..لا للعنف ..لا للتدخل الخارجي.. لا للاقتتال الداخلي". وأما &laqascii117o;الإخوان المسلمون"، فالمعركة معهم تاريخية ومستمرة.
فاجأ الاسد زواره في المراجعة النقدية التي قدمها حيال الوضع في سوريا، و&laqascii117o;التصرفات الخاطئة التي أدت الى الترهل السياسي والحزبي"، وفي إبرازه الحاجة الى الاصلاحات وسعيه الى التحديث في سوريا، على أساس &laqascii117o;عروبة جديدة حضارية نهضوية تلغي التفرّد، وتؤكد التنوع على كل المستويات، وليس على أساس &laqascii117o;عروبة عنصرية" تفرض نفسها على صعيد قومي صغير، ولا تستطيع أن تفرض نفسها كعنصر احتضاني لكل التنوعات ومن منطلق حضاري واعتباري لكل تلك التنوعات".

ولعل الاولوية التي يضعها الاسد نصب عينيه، كما يقول الزوار، هي كيفية مواجهة الأصولية التكفيرية المسلحة التي لا تقبل الآخر، فيجب أن نواجهها بالتنوع السياسي وبالصورة الحزبية التي تعبر عن كل شرائح المجتمع السوري، فللأسد رؤيته في هذا المجال. وكما ينقل عنه فهو يعارض &laqascii117o;الحزب الديني، أي لا حزب مسيحيا ولا حزب إسلاميا، ولا حزب من لون واحد، فالاحزاب في سوريا يجب أن تعكس صورة سوريا، بحيث ان كل حزب يجب ان يضم في عداده منتسبين من كل المناطق السورية ومن كل أطياف المجتمع السوري".
لقد بلغت الاسد قبل أيام صورة مفصلة عن هواجس المسيحيين في سوريا والمنطقة وفيها: &laqascii117o;نحن أبناء هذه الارض مصرّون على التعايش، نحن لسنا غرباء، ولا نتحرك بأجندة غربية، ولن نكون حصان طروادة لأحد، ان سوريا تعنينا، يعنينا أمنها واستقرارها وعدم حصول أي اقتتال داخلي، ويهمنا ايضا أكبر قدر من الإصلاحات فهذا يفيد سوريا ويفيدنا. اننا نرى ما يحصل في المنطقة من تصاعد موجات الأصولية التكفيرية ومن استهداف لمطارنتنا وكنائسنا ورعايانا ومصالحنا، والعراق نموذج صارخ وايضا مصر، ولو اختلفت الأحوال, ناهيك عن فلسطين".يؤكد الاسد &laqascii117o;ان لا خوف على المسيحيين في سوريا"، ويرفض المنطق القائل بتحالف الاقليات في المنطقة كتدبير احترازي يقيها من تداعيات ما يحصل، وينقل عنه قوله &laqascii117o;أنا لا أحبذ هذا الامر، ولا أنصح بإقامة تحالف الاقليات والى أين سيؤدي ذلك، يجب ألا يعتقد أحد انه غارق في بحر ما في المنطقة، فخريطة المنطقة متوازنة، فهناك سنة وشيعة وأكراد وعلويون ودروز ومسيحيون، ومن جهتنا ليست لدينا عقدة أو خشية من ان نكون غارقين في هذه المنطقة".

يؤكد الاسد على الطابع العلماني العام الموجود في سوريا، على رغم البيئة الإسلامية فيها، ومن هنا يأتي قوله أمام زواره: &laqascii117o;لا فرق بالنسبة إلينا بين كردي أو علوي أو سني أو شيعي أو مسيحي، فكلنا نعيش معا، وانطلاقا من حرصنا على الجميع نحرص على المسيحيين وعلى حضورهم في سوريا ولبنان والعراق وفي كل المنطقة". واذ يلفت الانتباه الى ان هناك من ينادي بالتسامح بين هذا المسلم في سوريا وذاك المسيحي، فيقول: &laqascii117o;ان هذا الكلام مرفوض، نحن ذراعان لجسم واحد، ولا نقبل أن يقال بالتسامح لان التسامح هو بين قوي وضعيف، نحن واحد وجسم واحد".
وأما بالنسبة الى الهجمة على سوريا، فهي كما يراها، مستمرة لإخضاعها وهذا ما لن يحصل. وهناك استغراب كبير لاندفاعة قطر الى الاتجاه المعادي لسوريا، وثمة من يقول ان قنوات الاتصال بين البلدين ليست مقفلة بالكامل، وان هناك &laqascii117o;اتصالا مهما" حصل في العيد الأخير، وأما بالنسبة الى الجانب التركي، فثمة رسالة واضحة يطلقها الاسد في وجه &laqascii117o;الاردوغانيّة": لا للعثمنة.


ـ 'النهار'

كلام نيويورك وحساب بيروت!
إدمون صعب:

يشكل كلام نجيب ميقاتي في الأمم المتحدة فواتير سياسية مستحقة وممهورة بتوقيعين، توقيع رئيس حكومة لبنان وتوقيع رئيس مجلس الأمن، لأن لبنان يرئس هذا المجلس في دورته الحالية.
لا ندري كيف سيسدد ميقاتي هذه الفواتير التي تشكل موضوع خلافات داخلية أين منها الخلافات على مسألة الكهرباء.وليس من الواضح كيف سيبتلع 'حزب الله' الكلام الذي قاله ميقاتي عن تمويل المحكمة الدولية، وكيف سيقبل النظام السوري كلامه عن التزام لبنان أي قرارات عقابية دولية قد يتخذها مجلس الأمن ضد دمشق.
في التحليل السياسي، هناك من يرى ان رئيس الحكومة يستند الى نظرية تقول: 'إن حزب الله أكل الضرب' بعدما نفذ الانقلاب على حكومة سعد الحريري وجاء به الى السرايا. بمعنى انه لا يريد له الآن ان يستقيل ولا يريد للحكومة ان تسقط، ولهذا فإن ميقاتي يلعب على طريقة 'عرف الحبيب مقامه...'!
لكنَّ للدلال حدوداً، إن لم يكن عند 'حزب الله'، الذي يلتزم الصمت كمن يبلع الموسى، فعند الجنرال ميشال عون الذي دعا ميقاتي الى تمويل المحكمة من حسابه وحساب اخيه.
ميقاتي تعهد تمويل المحكمة امام مجلس الأمن وكرئيس للجلسة، لكنه في تعهده احترام قرارات الشرعية الدولية وجّه سهاماً مؤلمة الى 'حزب الله' عندما قال:

'إن المستفيد الأول من عدم تمويل المحكمة هو اسرائيل، لأننا نكون قد اعطيناها ما لم تستطع اخذه بالحرب، وهي تنتظر الفرصة لكي تتخذ اجراءات ضد لبنان'، مضيفاً ما يكرره السيد حسن نصرالله: 'لن اسمح لإسرائيل بأن تأخذ مني في السلم ما لم تأخذه في الحرب'، ولا ندري طبعاً ما علاقة السلم والحرب هنا!
بالتأكيد لهذا الكلام وقع الصاعقة على السيد نصرالله، الذي يقول إن المحكمة هي 'مؤامرة اسرائيلية – اميركية'، وكذلك على دمشق وطهران.
وعندما يؤكد ميقاتي التزام لبنان القرار 1701 بكل مندرجاته، فذلك لا يعني إلزام اسرائيل بموجباته فحسب، بل يعني إلزام لبنان بهذه الموجبات التي تدعو الى نزع سلاح 'حزب الله'، فماذا سيفعل عند عودته؟ ام ان 'زئبقية السياسة' ستمحو كلام نيويورك، او انه سيجد مخرجاً على طريقة اتهام سعد الحريري بإعفاء الإيرانيين من التأشيرات بينما هو الذي أعفاهم؟!


ـ 'المستقبل'

ميقاتي في الأمم المتحدة وفرصة الاعتراف الدولي بحكومته
ربى كبارة:

منحت رئاسة لبنان لمجلس الامن الدولي الرئيس نجيب ميقاتي فرصة إضافية، علّها الأخيرة، ليثبت أن حكومته ليست 'حكومة اللون الواحد' أو حكومة يسيطر 'حزب الله' على أهم قراراتها. لكن الإعتراف الدولي بذلك ما زال ينتظر ترجمة وعوده اللفظية إلى قرارات تنفيذية، خصوصاً أن وعوده مفتوحة دائما على مقولة مطاّطة تتعلق بمعنى الحفاظ على مصلحة البلاد اولاً.
فقد لخصت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ردّها على تعهدات الرئيس ميقاتي بقولها 'نريد رؤية لبنان ينفذ التزاماته الدولية'، بما يعني أن الالتزامات الشفهية غير كافية وأن العبرة بالتنفيذ. ورداً على سؤال صحافي عن اجتماعه بها قال الرئيس ميقاتي إنه أبلغها 'أننا جزء من المجتمع الدولي ومتابعة القرارات الدولية جزء اساسي من ثقافتنا وممارستنا (...) لدينا اولوية، اولويتنا هي وحدتنا الداخلية وسلمنا الاهلي'.
فكسب الرئيس ميقاتي ثقة المجتمع الدولي يتطلّب منه بالدرجة الاولى إقناع حلفائه في الحكومة بضرورة تنفيذ ما تعهد به من على أعلى منبر دولي، وعدم التزامه يجعله مسؤولاً امام اللبنانيين عن وضع بلادهم في مواجهة الشرعية الدولية وما يمكن أن ينجم عن هذه المواجهة من عقوبات.
فقد جدّد ميقاتي من الامم المتحدة، مستنداً الى حاجة 'حزب الله' الحفاظ على هذه الحكومة، تأكيد تمويل لبنان حصته من موازنة المحكمة، بل ووجد لهذا التمويل مبررات جديدة منها أن الامتناع عنه 'يخدم مصلحة اسرائيل'، فيما يرى 'حزب الله' ان هذه المحكمة بذاتها هي خدمة لاسرائيل، ودعا سابقاً إلى مقاطعتها وحرّم التعاون معها.

وأوضح رئيس الحكومة أن التمويل سيقر في الاسابيع المقبلة دون تحديد كيفيّة او موعد ذلك: أهو عبر قرار من مجلس الوزراء او مرسوم يتطلب عدة تواقيع بما فيها توقيع وزير العدل شكيب قرطباوي من 'التيار الوطني الحر'. فيما تتراوح تفسيرات مهلة التمويل بين ضرورة انجازه قبل انتهاء السنة المالية الشهر المقبل أو حتى استحقاق التمويل اللاحق.
لكن الرئيس ميقاتي، الذي دخل المقر الاممي ملتفاً بعباءة 'وسطيته' فتح نافذة جديدة لاسترضاء 'حزب الله' عبر كشفه عن سعيه لمحاولة تعديل قرار مجلس الامن بشأن المحكمة عندما يحين موعد تجديد ولايتها في مطلع آذار المقبل رغم قوله 'اذا عدّل نكون قد نجحنا (...)لكن في كل الحالات لا يمكن للبنان الخروج عن الإرادة الدولية'.
ولم يعلّق 'حزب الله' حتى الآن على مواقف الرئيس ميقاتي هذه أو على مواقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي أكد أمام مجلس الأمن الإلتزام بالقرارات الدولية ومنها قرار إنشاء المحكمة، لاغياً بذلك مقولة عدم دستورية المحكمة التي نادى بها سابقاً 'حزب الله' لأن حكومة الرئيس الاسبق فؤاد السنيورة أقرّتها وأحالتها إلى مجلس الأمن من دون توقيع رئيس الجمهورية حينها إميل لحود.
لكن حليف 'حزب الله' الأقرب النائب ميشال عون جدّد رفضه الواضح والصريح للتمويل، بل ودعا الرئيس ميقاتي إلى تأمينه من ماله الخاص إذا أراد تنفيذ التزاماته.
ويستند ميقاتي في مواقفه اللفظية الحازمة وفي عدم خشيته من تحول ملف التمويل الى ملف متفجر على طاولة مجلس الوزراء، إلى حاجة 'حزب الله' الى بقائه على رأس الحكومة بانتظار جلاء الاوضاع في سوريا على الأقل. وكانت له في مفاوضات ملف الكهرباء تجربة مفيدة، اذ ضغط 'حزب الله' في الدقائق الأخيرة على حليفه للقبول بالضوابط على خطة الكهرباء بعد ان هدّد الرئيس ميقاتي بالاستقالة وفق معلومات صحافية.
ووصل سعي الرئيس ميقاتي لانتزاع شرعية دولية لحكومته حدّ التأكيد أن لبنان، ورغم استمراره في موقفه 'النأي' بنفسه عن أي قرار دولي ضد النظام السوري بسبب مواصلته القمع الدموي لشعبه، سيلتزم تطبيق العقوبات في حال صدور قرار بذلك.
ففي ردود صحافية على اسئلة عن موقف لبنان في هذه الحال، قال ميقاتي 'لا يمكننا التصويت مع أي عقوبات ضد سوريا. هذا لا يعني أن لبنان لن يطبّق العقوبات في حال اتخاذ قرار في مجلس الامن حيال ذلك'.
وقد استبقت عودة الرئيس ميقاتي قمة روحية هدّأت قليلا من اجواء الانقسام الحاد، خصوصاً بعد اللغط الذي أثارته تصريحات البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عن هواجس المسيحيين من الثورات العربية، وخصوصاً من احتمالات سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد.
فقد دعا البيان الصادر عن هذه القمة إلى حل المسائل الخلافية بالحوار من دون أن يتطرق إلى أي منها من تمويل المحكمة الدولية إلى سلاح 'حزب الله' او أحداث سوريا، مكتفياً بتأكيد ثوابت العيش المشترك في دولة مدنية على اساس المواطنة وقواعد إتفاق الطائف.
ورأى البيان في 'الحراك العربي' فرصة وخطراً: فرصة لتحقيق 'الحرية والكرامة والديموقراطية'، وخطراً من الانزلاق إلى اتجاهات تحرفه عن غاياته الأصلية تكون سبباً في إثارة المخاوف والهواجس


ـ 'النهار'

لا جدوى من العودة إلى طاولة الحوار ما لم يوافق 'حزب الله' على البحث في سلاحه
إميل خوري:

الجنوب الذي كان بداية تفكك الدولة اللبنانية بفعل سيطرة الدويلات عليه هل يكون بداية عودة الدولة بعد جولة البطريرك الراعي واستقباله استقبالا منقطع النظير وهو يرفع شعار 'شركة ومحبة' تعزيزا للعيش معا وترسيخا للوحدة الوطنية، وبعد البيان الذي اصدره امس مجلس المطارنة الموارنة؟
الجواب عن هذا السؤال هو عند حزب الله، اولا لانه الحزب الذي يملك السلاح الذي لم يكن سبب خلاف بين اللبنانيين عندما كان لمقاومة اسرائيل، لكنه اصبح كذلك عندما ارتد الى الداخل وانخرط في اللعبة السياسية ليرجح كفة فئة على فئة، تماما كما حصل خلاف بين اللبنانيين حول السلاح الفلسطيني في لبنان عندما تحول الى الداخل ولم يتم التوصل الى ضبطه حتى بعد توقيع 'اتفاق القاهرة' ظنا بأن هذا الاتفاق قد يحافظ على البقية الباقية من سلطة الدولة اذا حصر نشاطه في المنطقة الحدودية مع اسرائيل.

الواقع ان المشكلة مع الدولة وبين اللبنانيين كانت دائما مع حملة السلاح خارج سلطتها، ولم يكن في الامكان اقامة الدولة القوية القادرة مع وجود هذا السلاح. فعندما انتخب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية وتصدى له العماد ميشال عون، الذي كان رئيسا لحكومة انتقالية، صار تخييره بين القبول بالسلطة الجديدة المنتخبة او مواجهة ضربة عسكرية سورية لان البلاد لا تتحمل وجود سلطتين، فكانت تلك الضربة التي اخرجته من قصر بعبدا وجعلته يلجأ الى السفارة الفرنسية ومنها منفيا الى باريس. وعندما اقر 'اتفاق الطائف' لوقف الاقتتال بين اللبنانيين كان حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم اسلحتها بداية اقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها بواسطة قواتها الذاتية. لكن هذه الدولة لم تستطيع ذلك لان التنظيمات الفلسطينية ظلت محتفظة بأسلحتها بحجة التصدي لاسرائيل وحماية نفسها من اي اعتداء... فكان هذا سببا لبقاء الجيش السوري في لبنان لحماية الدولة اللبنانية الضعيفة واعتبر بقاؤه 'شرعيا وضروريا وموقتا'... وظلت الدولة ضعيفة حتى بعد انسحاب هذا الجيش من لبنان لانها واجهت مشكلة سلاح 'حزب الله' لمقاومة اسرائيل، خصوصا بعدما نجح في تحرير جزء كبير من اراضي الجنوب التي احتلتها اسرائيل، فبات هذا السلاح مقدسا في عيون غالبية اللبنانيين. لكن عندما صدر القرار 1701 وباتت قوات 'اليونيفيل' والجيش اللبناني مسؤولة عن حفظ الامن في المنطقة الحدودية مع اسرائيل وتوقفت العمليات العسكرية، لم يعد لهذا السلاح وظيفة على الحدود ومع اسرائيل في نظر فئة كبيرة من اللبنانيين، وبات مطلوبا من الحزب تحديد وظيفة اخرى له على طاولة الحوار، فكان البحث عبثيا حال دون التوصل الى اتفاق على الاستراتيجية الدفاعية التي تعطي لسلاح المقاومة دورا. وقد اختلفت آراء المتحاورين، فمنهم من اصر على ان يبقى سلاح 'حزب الله' قوة دعم ومساندة للجيش اللبناني عند مواجهة عدوان اسرائيلي، ومنهم من اصر على ان تكون الامرة على هذه السلاح للسلطة اللبنانية التي تملك وحدها بموجب الدستور حق اتخاذ قرار الحرب والسلم، وان يوضع في تصرف الجيش اللبناني وهو جيش وطني يثق به الجميع، وهو الذي يعرف من يكون في حاجة الى استخدام هذا السلاح فيطلب ذلك. وتوقف الحوار عند هذه النقطة التي لا يزال التفاهم حولها صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وبما ان الحوار هو السبيل الى هذا التفاهم، فإن الرئيس ميشال سليمان سعى ويسعى الى معاودته، والرئيس نبيه بري والبطريرك الراعي دعوا للعودة اليه ايضا. لكن الخلاف ليس على الحوار من حيث المبدأ انما على موضوعه كي لا يظل يدور في حلقة مفرغة.

لقد رحب جميع اللبنانيين بشعار البطريرك الراعي 'شركة ومحبة'، ولكن السؤال: كيف يترجم هذا الشعار؟ وهل يثير خلافا جديدا بين اللبنانيين حول مفهومه؟
إن الشركة الحقيقية هي التي تساوي بين جميع مكوناتها، وهي التي تكون عادلة في احكامها وقراراتها بين الجميع، وهذا لا يتحقق إلا بالمحبة وليس بالعداء والكراهية. فأين هي هذه المحبة لكي تحقق الشركة الحقيقية، فتصبح قرارا ولا تظل شعارا؟ وهي شركة لا تتحقق بالخطب الرنانة ولا بالعواطف الجياشة التي تذهب مع ذهاب المناسبة.
يقول وزير سابق إن قرار قيام الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها وعلى تحقيق 'الشركة والمحبة' بين اللبنانيين هو في يد 'حزب الله' اولا، لأن من يملك السلاح يملك القرار، ومن كان يملك في الماضي هذا القرار هي الميليشيات قبل حلها وتسليم اسلحتها الى الدولة، لكن الوصاية السورية لم تنفذ ذلك كاملا لغاية في نفسها. فهل الحزب مستعد لأن يتخذ القرار الجريء في ما يتعلق بسلاحه ليس كرمى لأحد بل كرمى للدولة ولمستقبل لبنان، ام انه ينتظر تبريرا للاحتفاظ به وجوب تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من قرية الغجر، مع ان في سوريا دولة وجولانها غير محرر؟
اذاً الجواب هو عند 'حزب الله'، وهو الذي يقرر العودة الى طاولة الحوار للبحث في سلاحه او يرفض هذه العودة لانه يصر على ان يبقى هذا السلاح خارج البحث والتداول.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد