قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة السبت 1/10/2011

عندما يمنح الجنرال 'اللبناني' هوية لبنانية لـ 'حزب الله'

ـ 'المستقبل'
بول شاوول:

ميشال عون يفتخر بما نشر عن لسانه لبعض المسؤولين الأميركيين في 'ويكيليكس' على الأقل، (وهذا يُحسب له) انه لم يعتبر أن ما صدر عنه 'مؤامرة'. ولم يُنكر، ولم ينفِ، ولم يصف الوثائق بالمزيفة أو الملفقة. مهما فعل سواه من حلفائه عال! ولكن ماذا لو قارنا بما أسرّه في 'حضرة' بعض المسؤولين الأميركيين معلناً غرامه بأميركا، وبأنه موالٍ لها، وبأنه لا يعاديها، بل هو 'زعلان' و'آخذ عَ خاطرو' من أن هؤلاء 'الأصدقاء' أحفاد 'العم سام يحاولون معاقبته على مواقفه وعلى تحالفاته مع 'حزب الله' الذي وصفه عون 'بالإرهابي' (تأملوا). وهذا ما لم يصدر عن أي من خصوم الحزب لا سيما من 14 آذار. وكيف علت نبرة التزلف العونية في حضرة هؤلاء مقترحاً أنه يريد وعلى طريقته أن ينتزع سلاح المقاومة(!) ويفصل سوريا الذي أبدى انزعاجه منها عن حزب الله وإيران(!) رائع! وكيف عبّر عن عتبه على الأميركان من سوء تقدير موقعه وهو الزعيم الذي يستطيع ان يقنع جمهوره بما يريد، محولاً إياه، مجرد 'قطيع'. والأجمل في اعترافات عون أمام المسؤولين الأميركيين انه وبفضله، وبعبقريته وبدهائه، وحنكته تمكن من اجتراح معجزة وهي تحويل حزب الله من حزب 'إيراني' ومن حزب ولاية الفقيه (دام ظله الشريف) إلى حزب لبناني! رائع! من دون أن يقول بعدها لا ما هو الحزب اللبناني ولا الحزب غير اللبناني، أمن يأتمر بالخارج هو حزب لبناني؟ أم غير لبناني؟ أَمنْ يقبض من الخارج هو لبناني أم غير لبناني؟ أمن يدافع عن النفوذ الإيراني السوري، أهو لبناني أم غير لبناني؟ والعروبي أهو لبناني أم غير لبناني؟ والشيوعي أهو لبناني أم غير لبناني؟ والناصري أهو لبناني أم غير لبناني؟ والحزب القومي الاجتماعي السوري أهو لبناني أم غير لبناني؟ وحزب البعث أهو لبناني أم غير لبناني؟ و'تيار المستقبل' أهو لبناني أم غير لبناني؟ و'القوات' و'الكتائب' و'الأحرار' و'الجماعة الإسلامية' و'الأحباش' و'النجادة'، أهي أحزاب لبنانية أم غير لبنانية؟ وأخيراً تياره 'الطيار': أهو لبناني أم غير لبناني؟ وهل عندما تحالف عبره مع البعث العراقي أكان لبنانياً يطلب مساعدة عراقية يأتمر بصدام حسين، أم عراقياً يريد أن ينتصر على السوريين في لبنان؟ وهل عندما تحالف مع الفرنسيين (الذين آووه إلى سفارتهم في بيروت) وعندما حاول التقرب من الأميركيين، أكان من إرادة 'لبنانية' يطلب 'عون' هؤلاء للوصول إلى الرئاسة، أم كان يستجلب إرادة خارجية للتدخل في شأن لبناني؟ وعندما عقد صفقة مع سوريا وتالياً مع إيران (لتقسيم 14 آذار) على قاعدة مساعدته على الوصول إلى سدة الرئاسة... أكان كزعيم لبناني يتعامل مع الوصايتين، أم كعضو في الوصايتين يتعامل ليصل إلى مبتغاه؟ وعندما يدافع عن السلاح الإيراني في تغيير الواقع السياسي، أترى يدافع كإيراني عن سلاح لبناني، أم كلبناني يدافع عن سلاح إيراني؟ وعندما يسفّه الثورة السورية الشعبية مثلاً، ويشوهها ويتبنى موقف النظام السوري، أهو كبعثي يتخذ موقفاً لبنانياً، أم كلبناني يبتنى موقفاً بعثياً؟ وهو (بالمناسبة) عندما أرسل إلى الرئيس حافظ الأسد كتاباً يعرض فيه خدماته من باب التزلف لتأييده في الرئاسة، ويقول فيه 'أنا جندي صغير في جيشك الكبير'؟(نشر في 'السفير') أكان يعني انه جندي صغير لبناني في جيش سوري، أم جندي سوري في جيش لبناني؟
فوثائق 'ويكيليس' عامرة بالأطايب. وكاشفة للمستور لكن ما لفتني في ما قاله ميشال عون، انه قسم الأحزاب إلى لبنانية وغير لبنانية، ووصف حزب الله بغير اللبناني الذي صار على يديه 'اللبنانيتين' الناصعتين بالسيادة والاستقلال والحرية، لبنانياً! وهذا المفهوم الضيق، وبصرف النظر عن الارتباط المعنوي أو الأيديولوجي ببعض الخارج، فأنه مفهوم ضيق. إنعزالي سطحي، يصدر وعبره تصنيفات تافهة. وكأن الأفكار التي يجب ان يتألف منها كل حزب 'يجب' أن تكون لبنانية محضة. لكن ما هي الأفكار اللبنانية. اخبرنا يا ميشال عون. الناصرية؟ العروبة؟ الماركسية؟ القومية السورية؟ حتى الكتائب والأحرار والقوات استلهموا أفكاراً من الآخر؟ حتى النهضة العربية قامت على تلاقح بين أوروبا والعرب. حتى دساتيرنا ليست عربية. حتى 'ثوراتنا' الاشتراكية ليست لا لبنانية ولا عربية. حتى مسرحنا. وشعرنا. والسينما. والفن التشكيلي.. والرواية، كلها مقتبسة من الغير. انقول لكل من انفتح على هذه الظواهر من مبدعينا وكتابنا انهم غير لبنانيين؟
ونظن أن هناك ربما فئة واحدة قد تصلح لمفهوم عون 'اللبناني': القومية اللبنانية! ولكن حتى القومية اللبنانية من نتاج الفكر القومي العالمي. من الممكن أن يقول هتلر بأن الحزب النازي هو حزب 'الماني' انطلاقاً من انغلاقية أيديولوجية وعرقية. وكذلك الفاشية؟
يبدو أن ميشال عون متأثر بالألمان أيام الفوهررية، من دون أن يعرف.


عن شجاعة علوش وخيانة المالكي

ـ 'صدى البلد'

علي الأمين:

استياء قادة 'المستقبل' من موقف الطبيب الطرابلسي ادانة لهم
- تخلي الحكومة العراقية عن دعم الاسد كفيل بزوال المخاوف المذهبية
  موقفان يكتسبان اهمية بالغة في مسار ربيع الثورات العربية: الاول هو الموقف المشرف لعضو قيادة تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش في شأن الحريات عبر تأكيده امس أنّ 'مسألة الحريات مسألة عامة ولا تتوقف عند حدود اي دولة ولا خطوط حمر فيها'. موقف جاء في سياق رده على ما قيل عن تأنيب تعرض له من زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري اثر انتقاد علوش الواقع السعودي وأداء النظام في المملكة العربية السعودية، قبل يومين. الثاني . هو الموقف غير المبرر، ان لم نقل المسيء، الصادر عن رئيس الحكومة العراقية ورئيس حزب الدعوة نوري المالكي، قبل يومين أيضا، من الثورة السورية التي تستهدف تغيير النظام. فقد اعتبر المالكي أنّ 'تغيير النظام أو سقوطه ليس من مصلحة احد'. ويأتي هذا الموقف ليؤكد الدعم العراقي المالي واللوجستي للنظام السوري في مواجهة الثوار، وهو دعم لنظام طالما اشتكى منه المالكي نفسه لتورطه في التخريب الذي طال العراق في السنوات الماضية.
هذان الموقفان يتصلان بربيع العرب، كل من زاويته، بما يثيره من مواقف وتساؤلات، كما يكتسبان اهمية تتصل:
 اولا، بأن موقف الدكتور علوش قد يكون الوحيد بين قيادات السنة في لبنان وقيادات 14 آذار الذي جمع بين موقف التأييد للربيع العربي والثورة السورية من جهة وتأييده تحقيق الحريات العامة في المملكة السعودية من جهة أخرى، ومنها تعزيز دور المرأة وحقوقها، التي أبسطها حق قيادة السيارة الى المشاركة في الحياة العامة والسياسية بشكل خاص. ويهذا المعنى ينسجم الطبيب الطرابلسي مع نفسه اولا، ويؤكد ان شرط اكتمال ربيع بيروت 2005 هو في ان يزهر ربيع العرب دعما كاملا لخيارات الشعوب في الحرية والديمقراطية وتحقيق الكرامة الوطنية.

اما استياء بعض قيادات تيار المستقبل من الموقف المبدئي والصائب، فهو ادانة لاصحابه، اذ كيف يحق لهؤلاء، ومنهم الرئيس سعد الحريري، ان يتفوّه بكلمة حيال دعم الشعب السوري ومطلبه في الحرية والديمقراطية، واكثر من ذلك كيف يحق لمنتقدي النائب السابق ان يوجهوا انتقادا لهذا الترابط العضوي بين حزب الله وإيران والولاء، الذي يحول دون ان يصدر اي انتقاد للسياسة الايرانية الخارجية، فكيف السياسة الداخلية؟
وإذا كان البعض ينتقد ولاية الفقيه ولا يقر بها، فلا يحق له ان يتبناها عمليا في سلوكه السياسي. وموقف النائب السابق علوش بشأن المملكة السعودية يجب ان يكون محل افتخار تيار المستقبل وقوى 14 آذار، وسوى ذلك تخلف فاضح عن ركب الربيع العربي ومخاضه الذي يكشف معدن الاحرار والعبيد.
ثانيا: مما سبق يمكن مقاربة مواقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فهو ببساطة عبّر عن حالة خداع من الطراز الاول. خداع وانقلاب فاضح على كل المبررات التي اعتمدت لاسقاط النظام العراقي، عبر توسل التدخل الخارجي تحديدا. فغريب ان يتبنى المالكي خطاب خصومه البعثيين حين قال إنّ 'إسرائيل والصهيونية العالمية قد تكون هي المستفيدة من رياح التغيير'، (وذلك في مناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس منظمة بدر في 17 آب 2011)، وعاد فحذر بعد ايام، خلال لقاء مع كوادر نسائية عراقية من ان 'تؤدي الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية الى سايكس – بيكو وتقسيم الدول الى دويلات'. غريب ان يصدر هذا الموقف عن زعيم اسلامي شيعي عراقي وعلى قمة السلطة اليوم، فقط بعد ان انتفض الثوار في سورية ضد حزب البعث وحكم العائلة، وطالبوا بحقهم في الحرية واصلاح شؤون الدولة والمجتمع.
وإذا كان المالكي مقتنعا بما يقول حري به ان يعتذر للشعب العراقي عن جريمة اسقاط نظام البعث والعائلة. وهل يدرك المالكي ان في موقفه يضع العراق بمواجهة ربيع العرب؟ وان خذلانه احرار سورية هو اضاعة فرصة التعجيل بعناق تاريخي بين شعبين عربيين استنزفهما حزب البعث وحزب العائلة والتسلط؟
يبدو المالكي في سلوكه وموقفه يؤكد انه ينتمي الى حقبة ما قبل ربيع العرب، حقبة عنوانها منع الأكثريات الشعبية من إدارة شأنها العام في سائر دول المنطقة.مصطفى علوش في موقفه يجب ان يغري كل المنادين باكتمال ربيع بيروت بربيع دمشق والقاهرة وصنعاء وطرابلس والمنامة وكل العواصم العربية. إنّه مسار التاريخ وعلى المهوّلين عليه من رفاق دربه إدراك أنّ الحرية كلّ لا يتجزأ.أما في العراق فليس من فرصة سانحة للخروج من فشل تجربة الحكم وبناء الدولة، بغير التماهي مع ربيع العرب. وليس هناك من سبيل افضل لافشال محاولات اثارة الفتن المذهبية في المنطقة بغير اندفاع العراق حكومة وشعبا لملاقاة الثورة السورية... وغير ذلك ايغال في الفتنة ومزيد من انكشاف الخواء والعجز.


'أوراق' سوريا الأسد نظرية في معظمها!

ـ 'النهار'
سركيس نعوم:

المتابعون الموضوعيون لما يجري في سوريا لا يستبعدون، وإن نظرياً فقط، احتمال نجاح نظامها في القضاء على الانتفاضة بالقوة العسكرية وإن اسال ذلك انهاراً من الدماء. لكنهم يؤكدون ان ذلك سيحوِّل سوريا دولة مماثلة لكوريا الشمالية المعزولة تقريباً دولياً لسجلها الاسود في قضايا حقوق الانسان والحريات والديموقراطية، والضعيفة اقتصادياً الى درجة الفقر والجوع، والفاقدة التأثير في السياسات الاقليمية خلافاً للسابق. ولا يستبعد هؤلاء ايضاً، وإن نظرياً فقط، احتمال استمرار الانتفاضة السلمية مع تصاعد العمليات العسكرية تدريجاً. كما لا يستبعدون قدرة النظام على التعايش مدة طويلة مع هذا الواقع. لكنهم عملياً لا يبدون مقتنعين بهذا الاحتمال. فالانتفاضة تطاول تقريباً كل محافظات سوريا ولذلك لا يسهل التعاطي معها بكفاءة. واستمرار هذه الحال طويلاً مستحيل. إذ ليس امامها إلا الانتهاء او التطور. والانتهاء معروف. اما التطور فهو مخيف لأنه قد يكون نوعاً من الحرب الاهلية. وهناك في اوساط حليفة لسوريا ومؤيدة لحربها من منطلق أقلوي، مَن يتمنى استمرار ما يجري فيها، وإن تفاقم، سنوات طويلة وذلك كي يفرض على المنطقة التي ستتأثر به كما على العالم البحث الجدي في صيغ لحماية الاقليات. والحماية لا يمكن ان تكون في عالم 'متخلف' الا التقسيم او ما يشابهه.
في اي حال نعود الى 'الموقف' الصادر امس لنشير الى ان المتابعين الموضوعيين لما يجري في سوريا الاسد انفسهم لا يوافقون حلفاءها على امتلاكها اوراقاً ثمانياً، لا سبعاً كما ورد خطأ في عنوان الامس، تسمح لها بالاستمرار في سياسة المكابرة والمعاندة والمواجهة المسلّحة للانتفاضة الشعبية السلمية رغم ميل بعضها الى 'التعسكر'. فروسيا الاتحادية لن تذهب الى الحرب او الى المواجهة الشاملة مع اميركا والمجتمع الدولي كرمى لعيون النظام في دمشق. وهي تحاول مساعدته، وفي الوقت نفسه تحاول من خلال التفاوض مع اميركا واوروبا حول المقابل الذي يدفعها، اذا اخذته، الى السير معهما في الموضوع السوري، او على الاقل الى التعاون معهما جدياً لإيجاد مخرج يحقق الاصلاح الجدي والفعلي في سوريا.

وروسيا هذه تخشى حالياً مصاعب مالية واقتصادية على ما ورد في إعلام الامس. وإذا كانت هذه المصاعب عند اميركا تمنعها من بلوغ اهدافها السورية، وهي القوة الاعظم عسكرياً واقتصادياً رغم مصاعبها، فإن مصاعب روسيا ستمنعها قطعاً من المغامرة. والصين الشعبية تعرف موقعها وحجمها جيداً. فهي القوة الدولية الوحيدة المؤهلة لأن تصبح قوة عظمى. لكن ذلك تلزمه سنوات طويلة وتقدم هائل في كل المجالات وثبات لاستقرار الداخل فيها. والاخير غير اكيد لأن الاستقرار المفروض بالقوة قد يتداعى اذا هبت نسائم الحرية او رياحها. وهي ليست منخرطة في مناورات مع اميركا او مواجهات في منطقة للاخيرة فيها مصالح استراتيجية كالشرق الاوسط. وكل ما يهمها هو الاعتراض حيث يجب ولكن بهدوء حيناً بالامتناع عن التصويت في مجلس الامن، وحيناً آخر بممارسة 'الفيتو'، علماً انها لم تمارسه من زمان. والبرازيل وافريقيا الجنوبية والهند لم تتخذ موقفاً ايديولوجياً مؤيداً لسوريا بدليل موقفها المؤيد لمشروع القرار 'السوري' الاخير في مجلس الامن رغم رفض روسيا له. وهذا مؤشر على تطور محتمل في مواقفها مستقبلاً.
اما العراق فاستمرار تنسيقه مع سوريا الاسد يرتبط بايران الاسلامية، والامر نفسه تقريباً بالنسبة الى 'حزب الله' اللبناني. وايران هذه ستبقى الوحيدة التي تساعد النظام السوري وإن تخلى عنه الجميع لاعتبارات متنوعة. لكنها، وهذه حقيقة تعرفها دمشق، لن تنتحر اذا رأت ان الاسد قرر الانتحار، ولن ترفض صفقة مع اميركا اذا أمنت لها دوراً اقليمياً مميزاً وإن كان ذلك على حساب سوريا. اما الشعب السوري فانه لا يختلف من حيث الجوهر عن الشعب اللبناني وعن الشعوب العربية الاخرى من حيث التناقض الذي تثيره العصبيات المذهبية والدينية والطائفية والقبلية. وعدم التحدث عن ذلك علناً في هذه الامور كان بسبب استقرار فرضه القمع وليس بسبب علمانية اسسها النظام. ولو كان فعل ذلك مؤسسه لربما كانت حال سوريا افضل. لكن 'فات الميعاد' على ذلك. وأما عدم وجود مصلحة لاسرائيل في سقوط النظام فإن هذه حجة في غير مصلحته، فضلاً عن انها لا تستطيع ان تساعده وإن ارادت ذلك، علماً انه لا يريد مساعدتها.في اختصار سوريا النظام في وضع صعب. وسوريا الشعب المنتفض او الثائر في وضع مماثل. والمستقبل غامض، لكن لونه يميل مع الأسف الى 'الاحمرار'.


مَخرج للتمويل بمرسوم يوقّعه وزير العدل بالوكالة؟
المشاركة في نيويورك انحصرت بفك العزلة

ـ 'النهار'
روزانا بومنصف:

لم تخلُ مشاركة لبنان في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة عبر الزيارتين اللتين قام بها كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحت عنوان رئاسة لبنان لمجلس الأمن من مآخذ لدى كل من الأكثرية والمعارضة على حدّ سواء ولو ان أياً من هذه المآخذ لم يجد طريقه الى العلن لدى اي منهما. اذ تتركز هذه المآخذ على عدم افادة كبار المسؤولين اللبنانيين، بالنسبة الى الاكثرية، من موقع تاريخي حصل عليه لبنان في مجلس الامن وفي رئاسته على نحو قد لا يتكرّر خلال عقود من أجل خوض غمار معركة الدولة الفلسطينية بقوّة او السعي الى لعب دور أكثر فاعلية خصوصاً ان لدى لبنان قضيته مع الفلسطينيين بما يمكن ان يسهّل مقاربته لها في الداخل من خلال مقاربتها على اعلى منبر دولي. يضاف الى ذلك انها قضية لا يشوبها اي اعتراض داخلي او اقليمي على الاطلاق. في حين أخذت المعارضة على كبار المسؤولين عدم المبادرة والافادة أيضاً من هذا الموقع من أجل طرح مواضيع أكثر حيوية تؤكد دور لبنان المحوري في التعامل مع قضايا مقلقة بالنسبة اليه وبالنسبة الى دول العالم ولئلا يظهر في موقع الدولة التي تتجنب مقاربة المواضيع الحسّاسة لأنه في موقع حسّاس. ولذلك لم تحظ اي من الزيارتين بتعليقات ايجابية لئلا يؤدي ذلك الى تظهير السلبيات على نحو أكبر من هذه المشاركة المزدوجة للبنان.
وتقول مصادر وزارية ان ما يمكن الركون اليه كحصيلة هو اظهار الرئيس ميقاتي من خلال توجهه الى الامم المتحدة ان حكومته ليست في عزلة او حصار وانه يستطيع ان يبرز للدول الكبرى انه يستطيع التعامل معها على غير ما احيطت به حكومته منذ تأليفها. وهي اجواء قائمة فعلا ليس فقط على الصعيد الدولي بل على الصعيد العربي أيضاً وانطلقت منذ اطاحة النظام السوري و'حزب الله' حكومة الرئيس سعد الحريري بما عنى ذلك بالنسبة الى الدول العربية من تطيير لمعادلتين اساسيتين لهذه الدول في لبنان هما اتفاق الدوحة الذي رعته قطر في العام 2008 ومعادلة السين السين التي عملت قطر أيضاً مع تركيا على محاولة انقاذها فلم يقبل النظام السوري الذي أصرّ على اطاحة كل ذلك مما حكم على الحكومة اللبنانية التي ترأسها الرئيس ميقاتي بالمقاطعة العربية اذا صحّ القول.

وتقول هذه المصادر ان الهامش السياسي الذي تمتع به الرئيس ميقاتي من خلال ما اعلنه في شأن التزام تمويل المحكمة في شكل خاص وحتى في نفي صلته المالية بالنظام السوري والانفتاح على لقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون إنما يتصل بواقع الحاجة الى 'فك عزلة' الحكومة او منع تكريس هذه العزلة السائدة واقعيا ومن خلال الصراع الداخلي القائم بين الاكثرية والمعارضة. وهي أمور يحتاجها افرقاء الحكومة ويتفهمونها من دون اثارة قلقهم او حفيظتهم لرغبتهم، كما رغبة النظام السوري على الارجح ، في ان تتمكن الحكومة من تطبيع واقع الامور مع الخارج الدولي في شكل أساسي خصوصاً ان الرئيس ميقاتي يملك الاتصالات اللازمة والقدرة على القيام بذلك وتوظيفه لمصلحة الحكومة التي يرأس. ولذلك ليس ثمة اعتراض على تمويل الحكومة التي التزم الرئيس ميقاتي تمويلها امام الغرب بما يمكن ان يرضي الدول الكبرى وان هناك اتفاقا بينه وبين افرقاء الحكومة على ذلك وفي مقدمهم 'حزب الله' وان الصيغ لذلك كانت تدرس من اجل ايجاد المخرج الملائم. اذ ان تأمين التمويل من خلال مرسوم سيحصل على رغم الضجيج الاعلامي الذي يثيره 'التيار الوطني الحر' رافضاً التمويل وان هناك مخارج على الطريقة اللبنانية لهذا المأزق من خلال احتمال مغادرة وزير العدل شكيب قرطباوي المحسوب على 'التيار الوطني الحر' لبنان لكي يحل مكانه بالوكالة في التوقيع على المرسوم الذي يفترض ان يحمل توقيع وزير العدل الى جانب تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير المال وزير الاعلام وليد الداعوق الذي ينتمي بدوره الى الطائفة السنية. وبذلك فان اصواتاً من الاكثرية ستعلو اعتراضاً وما شابه لكن من دون عرقلة فعليّة بل تساهم على عكس ما يعتقد في رفع اسهم رئيس الحكومة من ضمن طائفته باعتبار انه وافق على تمويل المحكمة على رغم اراء معارضة من ضمن الحكومة. وهو ما يمكن ان يعتبر في ظل الصراع الذي تدور رحاه على أكثر من صعيد داخلي من ضمن الطوائف الاساسية نفسها على انه سعي او محاولة توظيف في وجه الاكثرية السنية الموجودة في مكان آخر أي لدى 'تيار المستقبل'. لكن من غير المستبعد ان تتلقف المعارضة بدورها امرار 'حزب الله' تمويل المحكمة التي اعتبرها الحزب 'اميركية اسرائيلية' وتستهدفه من أجل ان تسجل في خانته سعيه من الأساس الى اهداف أبعد من المحكمة وتطاول وضع اليد على البلد وقراره السياسي باعتباره قام بدور تعطيلي للحكومات السابقة على مدى الاعوام الماضية بذريعة رفضه المحكمة وكذلك الأمر بالنسبة الى اطاحته مع النظام السوري الحكومة السابقة بالذريعة نفسها لكي يجد نفسه ممولاً لها طوعاً وبارادته  في نهاية الأمر. وهذا أمر محرج له أمام الرأي العام اللبناني على الأقل.


المجمع الماروني مع محاربة نظريات ' التهديد الإسلامي'
هاجس الأصولية بين الخوف المسيحي والاعتدال السني

ـ 'النهار'

هيام القصيفي:

يفتح الحديث عن الاصوليات الاسلامية باب الاجتهادات ويثير هواجس الخلافات الطائفية، على قاعدة الانقسام الحاصل بين فريقي 8 و14 آذار. فلم يعد سراً ان مسيحيي الاكثرية ينحازون الى التهويل من الاصوليات السنية، فيما يركز مسيحيو المعارضة على هاجس 'تشيّع الارض والهوية' منذ توقيع العماد ميشال عون 'وثيقة التفاهم' مع 'حزب الله'، وصولا الى التغيير البنيوي في خطاب الكنيسة المارونية حول الاصولية والتطرف الاسلامي.ومن شأن دخول الكنيسة على خط هذه الاجتهادات، بعد احداث سوريا، ان يحفر عميقاً في ترسيخ الرؤية المتناقضة لأسباب الخطر على الوجود المسيحي، ليس من باب العدد بل من باب الدور والموقع. لكن مقاربة هذا الواقع تتعدى اللحظة الآنية للحدث الاقليمي وانعكاساته على لبنان، لتشكل رؤية متكاملة حول وضع الشرق الاوسط برمته. فالمجمع البطريركي الماروني اكد ان 'الموارنة ليسوا اقلية'، وان 'المسيحيين في لبنان والعالم العربي مدعوون في شكل خاص الى محاربة بعض النظريات في الغرب التي تنظر الى المسلمين وكأنهم يشكلون تهديداً والتي تؤدي الى رسم حدود دامية بين الاسلام والمسيحية'.فعودة الكلام عن الاصوليات في المحيط العربي تكتسب أهميتها في ضوء عوامل عربية ودولية تحيي التقاطعات الاسلامية في وجه المد الايراني من العراق الى سوريا ولبنان. لكن اهمية المقاربات الغربية للموضوع الاصولي تكمن في التمييز بين الاسلاميين والاصوليين، بخلاف نظرة بعض الاوساط اللبنانية التي تدمج الخطين رغم التمايز بينهما.

من هنا كان ظهور 'الاخوان المسلمين' في اللحظات الاولى للثورة السورية بمثابة تقاطع تركي - اميركي، لجسّ النبض حول قوّة هذه الحركة في مواجهة النظام، وخصوصاً في ضوء ما سبق ان خبرته من قمع في الاعوام الماضية، في وقت سعت تركيا الى تقديم صورة حديثة للاسلام السوري المعتدل في مواجهة الحركات الاصولية التي اختبرت عنفها دول العالم الغربي.وعلى خط موازٍ، بدأ تحرك الاسلام السني يظهر في ليبيا وفي مصر من خلال خطى واثقة في محاولة لفرض ايقاع مختلف عما تطالب به جماعات الثورة المدنية. لكن الوضع السوري هو الذي يترك بصماته في شكل اكثر وضوحاً، لأن الساحة السورية تختزل مجموعة من التقاطعات الطائفية والمذهبية، بخلاف ما هو عليه الأمر في الدول العربية الأخرى. وبسبب حساسية هذا الوضع، جهدت أنقرة وواشنطن لنزع صورة العنف الاسلامي عن المتظاهرين السوريين، في محاولة للتعامل مع الامر الواقع وفق الخبرات التي نجمت عن الحالة العراقية المتفجرة، ولا سيما ان روسيا والصين اللتين تحاول انقرة وواشنطن اقناعهما  بفرض  فرض حظر شامل على النظام السوري، تبديان خشية متزايدة من تمدد الحركات الاصولية ونموها في المناطق الروسية والصينية التي سبق لها ان شهدت توترات مماثلة.  
في حين ان الديبلوماسية التركية تسعى لتجميع المكونات السورية التي قد تقدم صورة عصرية ومتماسكة بديلاً من النظام السوري. من هنا التأخر في حسم الاوضاع السورية التي تنحو تدريجاً نحو الحرب الاهلية.
وبسبب حساسية الوضع السوري يصير للكلام عن الاصوليات الاسلامية تأثير مباشر على لبنان، الذي عانى مرات عدة عنف هذه الظاهرة، كما حصل ابان 'غزوة الاشرفية' للاحتجاج على الرسوم الكاريكاتورية الدانماركية. لكن الخطورة تكمن في تعميم اي حادث وإن كان خطراً على جميع اللبنانيين. فخطف الرهائن الاجانب في الثمانينات، وضع الطائفة الشيعية في نظر العالم الغربي اعواماً تحت مجهر المراقبة الدائمة، كما يمكن ان يحصل مع اتهام افراد من 'حزب الله' باغتيال الرئيس رفيق الحريري.لذا فان الكلام المسيحي عن الاصوليات واستخدام معركة نهر البارد كمثل عن خطر الاصولية يوحي بأن ثمة معطيات يتجاهلها البعض، كارتباط 'فتح الاسلام' وتنظيمات فلسطينية بالنظام السوري. والقادة العسكريون في تلك المرحلة يعرفون جيدا هذه الصلات. وحساسيات تناول بعض المسيحيين الملف الاصولي الآن، الى جانب محاولة تهميش المواقع السنية المعتدلة وتجاهلها والامعان في التصويب عليها، قد ترتد لاحقاً على الوضع السياسي برمّته في وقت يعتبر الفريق السياسي السني انه هُزم نتيجة دفعه الى التنحي عن السلطة، لمصلحة الثنائية الشيعية بدعم فريق مسيحي، ولاحقاً بغطاء كنسي ترجم بعدم زيارة البطريرك الماروني لعائلة الحريري في صيدا، كما للنائب وليد جنبلاط.والارتداد الذي انعكس في الصحف الخليجية والمصرية حول تعميم الكلام عن الاصوليات، ترك اثره في لبنان وفي الشارع السني في سوريا. وبحسب مرجعيات سنية معتدلة، فان  الطائفة السنية عرفت تحولاً كبيراً منذ عام 2005، باعادة اكتشاف لبنانيتها والعودة الى معنى لبنان ، وهي التي كانت تاريخياً مندمجة مع الفكر القومي العربي. والخشية اليوم ان يعيد بعض المفردات والمصطلحات  تذكير الشارع السني الذي تماهى مع الشارع المسيحي وخطاباته في تلك المرحلة، بأنه لم يعد مقبولا من الآخر. وهذا يحمل خطورة كبيرة مع انتظار تداعيات المحكمة الدولية على الشرائح اللبنانية، ومع التحولات السنية العربية كما حصل أخيراً في السعودية. لذا يصبح التوازن في الخطاب المسيحي مطلوباً عملاً بالمجمع البطريركي الذي تمسك باتفاق الطائف ودعا الى تواصل الموارنة مع كل 'الجماعات' في لبنان والشرق، وليس مع جماعة واحدة من دون غيرها.  


سيد بكركي يستعد لزيارة العراق... تحضيراً للقمة الروحية في المنطقة
الراعي وسليمان: توافق على المخاطر المحدقة بالمسيحيين

ـ 'السفير'

داود رمال:

&laqascii117o;خارطة طريق واضحة وطويلة وشاملة ومعبّدة بالأشواك لا بل اشبه بدرب الجلجلة"، اختطها بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للموارنة بشارة الراعي، &laqascii117o;لا مكان فيها للاصطفاف او للتمحور في الزواريب والحسابات السياسية الضيّقة، لأن الأساس هو حفظ الوجود والدور وحماية المكتسبات وصون لرسالة".
ربما يكون هذا التوصيف فيه شيء من المبالغة بالنسبة الى البعض لكن المواكبين لحركة الراعي منذ اعتلائه السدة البطريركية، يعتبرونه توصيفا واقعيا، ذلك أن الرجل &laqascii117o;فتح كل الابواب التي اوصدت في السابق بإرادة كنسية او اوصدها الآخرون".ويقول المصدر المواكب إنه &laqascii117o;انطلاقا من حرص البطريرك الراعي على مقام رئاسة الجمهورية، فانه يستبق كل مناسبة او زيارة رسمية أو رعوية الى الخارج بزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لتبادل وجهات النظر معه في المستجدات، وذلك في اطار العلاقة الوطيدة التي تربطهما والمبنية على ثقة راسخة وتقارب في الافكار والتوجهات".من هنا كانت زيارة الراعي بالأمس الى القصر الجمهوري، يرافقه المطران بولس الصياح والمطران كميل زيدان والاب انطوان خليفة، عشية زيارته الرعوية الى الولايات المتحدة الاميركية حيث سيطول غيابه لأكثر من شهر وسيكون له بعدها محطة في حاضرة الفاتيكان، قبل عودته الى لبنان &laqascii117o;وفي ذلك اشارة كبيرة لحجم التنسيق القائم بين الراعي وبين المرجعية الفاتيكانية الحاضنة على صعيد التوجهات والخيارات التي ينتهجها".
ويضيف المصدر &laqascii117o;ان الراعي وضع سليمان في صورة برنامج جولته في اميركا والتي سيلتقي خلالها ابناء الجالية اللبنانية، كما كانت مناسبة لوضع رئيس الجمهورية في نتائج جولاته على المناطق اللبنانية والتي سيستكملها بزيارة المناطق التي لم يزرها بعد، اضافة الى سعيه لعقد قمة روحية على صعيد الشرق الاوسط، واصراره على بث الامل في كل رعية تتبع له في المنطقة عبر اشعارها برعايته واهتمامه من خلال التوجه المباشر اليها".
ويؤكد المصدر &laqascii117o;ان رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي متفقان على وجود مخاطر اربعة يعبر عنها البطريرك في مواقفه الخارجية والداخلية وهي الآتية: الخطر على مسيحيي الشرق، الخطر من مخطط لتقسيم الشرق الاوسط الى دويلات مذهبية متناحرة، الخطر الاسرائيلي المتمثل بالاعتداءات المتكررة والاطماع التاريخية، والخطر الناجم عن مشاريع التوطين للاجئين الفلسطينيين في لبنان وهذا ما يتناقض وروحية ونص الدستور اللبناني، وهذه العناوين هي محل اجماع وطني وليس هناك من لبناني بإمكانه التقليل من حجم هذه المخاطر وانعكاساتها على لبنان وفي قلبه المسيحيين".وفي قراءته لمواقف الراعي، يوضح المصدر المواكب الذي تربطه صلة وثيقة بالفاتيكان &laqascii117o;ان البطريرك هو رجل دين وليس سياسي تقليدي، وليس مطلوبا منه ان يجيد التعبير عن المواضيع ذات البعد الخطير وعن الهواجس بأسلوب دبلوماسي، علما انه سيد في اللياقة والدبلوماسية، ولكن كونه راع ومسؤول عن رعيّته وهو يتبوأ موقعا وطنيا كبيرا، فانه يرى من واجبه طرح الامور كما هي وقول الحقائق بلا تجميل وتورية، لذلك نراه يقول كلمته كما هي، وهذا يفترض ان يكون مصدر ارتياح الجميع لان المرجعية التي يقابلونها ويتحاورون معها واضحة وصريحة لا تخفي شيئا لتقول آخر".
ويشير المصدر الى ان &laqascii117o;الراعي مقتنع بان ما اصاب المسيحيين في العراق سيصيبهم في سوريا، وهو لن يتوقف عند غضب هذا الزعيم الدولي او ذاك حتى لو كان نيكولا ساركوزي او باراك اوباما، علما ان الاقليات المشرقية تسعى دائما لعدم اغضاب فرنسا واميركا، ولكن بالحقيقة هذا ما حصل، الا ان هذا (الزعل) في ظل الظروف الراهنة ربما يكون مفيدا من حيث التوقيت لأنه سيدفع المعنيين لإثبات عدم صحة الهواجس والمخاوف التي يطرحها الراعي وفي ذلك مكسب كبير للمسيحيين، وهو ايضا لن يألو جهدا في اقناع من يخالفه الرأي بموقفه المبدئي الذي استقاه نتيجة قراءته للتطورات المتسارعة في المنطقة".

ويلفت المصدر الانتباه الى انه &laqascii117o;من الظلم الحكم على مواقف رأس الكنيسة كما نحكم على مؤسسة سياسية او زعيم سياسي، ولا بد من عملية ربط تاريخية في مقاربة حقيقة المخاطر، اذ اننا لسنا في القرون الوسطى وايام الصليبيين حين كان الغرب يأخذ في الاعتبار الوجود المسيحي في الشرق، ففي يومنا الحاضر اصبح ثابتا ان المصالح هي التي تحرك التوجهات وخير مثال على ذلك المقاربة التاريخية لما حصل يوم احتل محمد الفاتح القسطنطينية وحوّلها الى اسطنبول فجهّز الروس اسطولا كبيرا وابحروا لتحريرها وكادوا يحققون ذلك الا ان الذي ساعد الاتراك هما الأسطول الانكليزي والأسطول الفرنسي اللذان اغرقا الاسطول الروسي وحالا دون عودة اسطنبول الى قسطنطينية علما انهم مسيحيين الا ان مصلحتهم تقتضي بعدم تمدد النفوذ الروسي. فالغرب في وقتنا الحاضر ليس مهتما بالمسيحيين انما جلّ اهتمامه منظومة مصالحه الكبرى، وهو اذا رأى أن هناك مصلحة له في مصالحة طائفة اسلامية، لضمان مصالحه، لن يضع مصالح المسيحيين في الحسبان، ولذلك لم يعلق الغرب المسيحي على التذكير الاستفزازي لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان لجهة قوله مؤخرا ان استعادة محمد الفاتح لمدينة اسطنبول انهى عهدا اسود، وهذا ما اثار غضبا شديدا لدى الارثوذكس".
ويضيف المصدر المواكب ان ما يحصل اليوم هو صراع شركات كبرى على منابع النفط ولا يوجد أي اعتبار للضرر الذي قد يتأتى عن ذلك على صعيد الوجود المسيحي المشرقي، وما يحصل في ليبيا خير دليل على هذا النوع من الصراع، فشركة &laqascii117o;توتال" الفرنسية تريد المحافظة على استثماراتها لا بل زيادتها وايضا تركيا لديها استثمارات بمليارات الدولارات والامر ذاته ينطبق على بريطانيا وايطاليا، فالكل يريد زيادة حصته في نهب ثروات المنطقة بغض النظر عن شعارات الحرية والديموقراطية".ويطمئن المصدر الى ان حركة الراعي &laqascii117o;تأسيسية لتعزيز روح الوحدة الوطنية والعيش اللبناني الواحد عبر كسر الجليد القائم نتيجة توجهات سابقة مع التمسك بالثوابت التاريخية لبكركي والتي هي في صلب الثوابت اللبنانية، فالأيام المقبلة هي التي ستحكم على صحة الخيارات والمواقف التي انتهجها واطلقها البطريرك الراعي".


'الربيع العربي' إسلاميّ في عيون الصحافة الأميركية:
صراع بين النموذجين التركي والسعودي. وتسليح قطري

ـ 'السفير'


فيما لا تزال الكثير من أحداث &laqascii117o;الربيع العربي" في حالة مدّ وجزر لم تحسم بعد، وفي ظل احتدام الصراع بين الأنظمة القديمة والحركات الثورية الصاعدة. انصرفت الصحافة الأميركية لتحلل سقوط الأنظمة العربية الحاكمة، وإحالة أمور السلطة لأنظمة أخرى، في ضوء الصراع الدائر بين &laqascii117o;القوى الإسلامية" نفسها، بتجاهل للتيارات العلمانية والليبرالية المتعددة على مساحة الأقطار العربية المنتفضة.
وتنطلق صحيفة &laqascii117o;نيويورك تايمز" من حديث أحد شباب السلفيين، خلال مشاركته في إحدى تظاهرات ميدان التحرير في القاهرة: &laqascii117o;أليست الديموقراطية هي حكم الغالبية؟ الإسلام هو الغالبية، لا أعلم لماذا يصر العلمانيون على فرض إرادتهم علينا". التحليل الأميركي خرج بعيداً عن الصراع بين العلمانيين والإسلاميين على حكم البلاد الثائرة. واتخذت من كلمات عزّام تميمي، الباحث التونسي المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، محورا رئيسيا لتحليلها: &laqascii117o;المعركة الحقيقية لن تكون بين من هو إسلامي أو علماني، بل بين من هو إسلامي ومن هو أكثر إسلاميّة".وأشار التقرير إلى أن التجاذب الأساسي في وسط الإسلاميين يدور بين قطبين: المملكة العربيّة السعودية، حيث تعد الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، وتركيا، التي أصبح بعض الإسلاميين يطلقون على قادتها &laqascii117o;إسلاميين سابقين". علماً بأن التجربة الأخيرة بدا وكأنها نالت النصيب الأكبر من الاستقطاب، مثلاً في حالة حركة &laqascii117o;النهضة" في تونس، ولدى شباب جماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" في مصر، اللتين تسعيان لتأسيس نظام &laqascii117o;مدني بمرجعيّة إسلاميّة". أولى التجارب الإسلاميّة التي تلقي الصحيفة الأميركية الضوء عليها، كانت من نصيب حركة النهضة التونسية، وتعتبر أنها تأثرت كثيراً بتجربة حزب العدالة والتنميّة التركي. وهو ما تجلى في أحاديث راشد الغنوشي، زعيم الحركة، عما قدمه حزب العدالة والتنميّة من رخاء اقتصادي، وحياة ليبرالية سليمة، تحت إشراف سياسيين لديهم معتقدات إسلاميّة راسخة. وقال الغنوشي &laqascii117o;إذا كانت الحركة الإسلاميّة تمتد من أفكار بن لادن وحتى رجب طيب أردوغان، لماذا لا أحد يفكر سوى في النموذج الأول فقط، وفي حركة طالبان والمملكة العربية السعودية؟"، مؤكداً أن أنظمة تركيا، ماليزيا وأندونيسيا هي امتداد للأفكار الإسلاميّة، واستطاعت إدارة أنظمة مدنيّة بنجاح.

على الصعيد المصري، ألهم النموذج التركي العديد من الأطراف الإسلاميّة. كان أولها جماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين"، التي سرعان ما تحوّلت من موقع المدافع عن &laqascii117o;العدالة والتنميّة" إلى منتقده، خاصة عند زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لمصر، والتي تمنى فيها تأسيس نظام مصري علماني، فشنّت الجماعة هجوماً عنيفا ضده، ومن أبرز ما قاله المتحدت باسمها محمد غزلان &laqascii117o;تركيا ألغت عقوبة جريمة الزنا، ربما يجوز هذا في النظام العلماني، لكنها جريمة واضحة في الشريعة الإسلاميّة".جماعة &laqascii117o;الإخوان"، التي لم تجب حتى الآن عن السؤال الذي طرحته قبل سنوات، حول جواز تولي المرأة أو الأقباط رئاسة الجمهورية، وإن كان هذا مسموحاً في أحكام الشريعة الإسلاميّة. وكانت الجماعة قد فصلت من صفوفها العديد من الأصوات الأقرب للنموذج التركي، كالقيادي والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عبد المنعم أبو الفتوح، إضافة إلى مجموعة من الشباب الذين انصرفوا لتأسيس حزب جديد، منتقدين نظام المملكة السعودية. كان أحد قيادييهم، إسلام لطفي قال عن النظام هناك &laqascii117o;هذه ليست إسلامية، بل دكتاتورية فاقعة".نموذج مصري آخر هو حزب الوسط، الذي عانى لست عشرة سنة ليحصل على ترخيص من النظام السابق. نقلت الصحيفة عن زعيمه أبو العلا ماضي &laqascii117o;نحن في الوسط بين القوى الإسلامية والليبرالية.. نجن لسنا إسلاميين ولا علمانيين. نحن نقف في المنتصف".سوريا، لم تغب عن تحليل &laqascii117o;نيويورك تايمز"، التي رأت أنها ستشهد جدلا واسعا بعد إسقاط النظام الحالي. خاصة بين جماعة &laqascii117o;الإخوان المسلمين" والتيارات السلفية، التي تدعو لحصر التشريع الدستوري في أحكام الإسلام. واختتمت الصحيفة تحليلها بأن &laqascii117o;الجدل الإسلامي - الإسلامي" سيكون أكثر سخونة في الدول العربية مقارنة بالوضع التركي. خاصة في ظل غياب التيارات الليبرالية عن الساحة السياسية، وتعدد التيارات الإسلامية من النقيض للآخر.
&laqascii117o;واشنطن تايمز" من جهتها ركزت على الشأن الليبي، والذي يبدو أنه الأكثر حساسيّة، لما تراه من تواجد ملحوظ لـ&laqascii117o;القاعدة". ونقلت الصحيفة عن مصدر بين الثوار قوله إن &laqascii117o;قطر أرسلت باخرة محملة بالسلاح لعبد الحكيم بلحاج، قائد الثوار في طرابلس. وكانت من بين بواخر أخرى نقلت مواد غذائية للثوار".
تعاون قطر مع بلحاج يأخذ قضية صعود الإسلاميين لرأس السلطة إلى اتجاه آخر غير محتمل في مصر وتونس. عبد الحكيم بلحاج، بحسب الصحيفة، هو من أبرز رموز &laqascii117o;القاعدة" في ليبيا. وكان قد سبق له تأسيس &laqascii117o;الجماعة الليبية المقاتلة"، التي أعاد تأسيسها هذه الأيام. وكان قد اعتقل من قبل الاستخبارات المركزية الأميركية في تايلاند في العام 2004، قبل أن يرحل إلى السجن في ليبيا.
مساعدة قطر لبلحاج، لم تثر شكوك البعض، بقدر ما أثارت تحليلاتهم لهذا الموقف، الذي بات شبه مؤكد. محمد بن رسالي، عضو &laqascii117o;مجلس الاستقرار الليبي" يستنكر: &laqascii117o;لا نعلم لماذا تساعد قطر رجلا مثل بلحاج، الجميع يعرف توجهاته". أما شهرزاد قبلان، الصحافية الليبية التي أقامت في قطر لسنوات، فقالت &laqascii117o;لا أظن أن دعم قطر لبلحاج يعني أنها ستدعم التيارات الإسلاميّة. في النهاية الامارة بعيدة عن هذه التوجهات".
دبلوماسي أوروبي، لم تكشف &laqascii117o;واشنطن تايمز" عن هويته، قال &laqascii117o;كل ما في الأمر أن قطر تريد زيادة نفوذها الإقليمي. وتريد طرح اسمها على جدول المجتمع الدولي". (&laqascii117o;السفير")


أنقرة تنفي وتصف عرض توزير 'الإخوان بالدعاية السوداء'
سـوريا تواجـه تـركيـا: 'تصفـيـر التجـارة'

ـ 'السفير'
محمد نور الدين:

للمرة الأولى تدخل العلاقات التركية - السورية في مرحلة ردّ الفعل السورية.
فقد التزمت سوريا الرسمية منذ بدء الأزمة بينها وبين تركيا الصمت تجاه كل المواقف التركية الرسمية، والتي كانت تمرّ مداورة على لسان رئيسي الجمهورية عبد الله غول والحكومة رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية أحمد داود اوغلو.وإذا كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد رفض مرة التدخل التركي في الشأن الداخلي السوري، فإن الرئيس بشار الأسد لم ينتقد أنقرة علناً، ولا في أي حوار أو تصريح.ولكن منذ أيام قليلة بدأت تظهر تسريبات غير مباشرة ولكن &laqascii117o;حرفية" عن لسان الأسد تتعلق بالموقف التركي وتنتقده. فمنذ فترة قصيرة اعتبر الرئيس السوري، في لقاء مع وفد من المعارضة التركية، أن &laqascii117o;الشعب التركي شيء وحكومة حزب العدالة شيء آخر". وبالأمس نقلت &laqascii117o;السفير" أن الأسد تحدث منتقداً الأردوغانية قائلاً &laqascii117o;لا للعثمنة" في إشارة قوية إلى أن تركيا تنتهج سياسات عثمنة تجاه الوضع في سوريا. كذلك قول الأسد، في لقاء مع مسيحيي سوريا، إن دمشق ترفض أن تحلّ العثمنة مكان العروبة، وأن تدير أنقرة المنطقة عبر الإخوان المسلمين الذين مركزهم الرئيسي، بحسب الأسد، في أنقرة.كلام سوري جديد؟ نعم، وهو مؤشر على أن مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين قد بدأت، وربما تعكس انتقال دمشق في علاقتها مع أنقرة من الدفاع إلى الهجوم.
ومن علامات ذلك، القرار الذي اتخذته الحكومة السورية بوقف استيراد البضائع التي تتجاوز نسبة الضرائب عليها خمسة في المئة، والصرخة التي بدأت ترتفع في تركيا من جراء هذا القرار. وهنا عكست الأوساط الاقتصادية التركية قلقاً من الخطوة السورية التي تطال قطاعات اقتصادية مهمة، وأحد أهم شرايين الحياة في اقتصاديات المحافظات التركية القريبة من سوريا، والتي انتعشت كثيراً في السنوات الأخيرة.
وتنقل صحيفة &laqascii117o;راديكال" عن رئيس اتحاد مصدّري المواد المعدنية والحديدية في اسطنبول مراد أق يوز قوله إن القرار السوري يشمل عملياً كل الصادرات التركية إلى سوريا من المواد الغذائية ومواد البناء إلى الملابس والأنسجة والمواد الكيميائية. وأضاف &laqascii117o;هذا يعني قطع التجارة تماماً بين سوريا وتركيا". ويرى أق يوز أن &laqascii117o;القرار سياسي".أما رئيس اتحاد المصدرين في جنوب شرق الأناضول عبد القادر تشيكماز فيقول إن القرار السوري هو &laqascii117o;تصفير التجارة" بين تركيا وسوريا.غير ان ردة الفعل الأقوى جاءت من وزير الاقتصاد التركي ظافر تشاغليان الذي ذكّر السوريين بأن الإجراءات السورية تنتهك اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. وقال إنه اذا كان السوريون يعتقدون أنهم يعاقبون تركيا فإن &laqascii117o;أحداً يده ليست فارغة، والعقوبة تستدرج عقوبة مضادة".

واضاف تشاغليان، في مؤتمر اقتصادي عقد أمس في اسطنبول، ان الاجراءات السورية تضرّ بالاقتصاد والصناعة السورية، لأن وقف تركيا لاستيراد المنتجات السورية سيلحق أذى أكبر بالاقتصاد السوري. وقال ان كبرى الاقتصاديات العالمية تستورد بأحجام وأرقام كبيرة، ومنها الولايات المتحدة والصين وهذا لن يؤثر على قدرتها، وتركيا دولة كبيرة اقتصادياً، ولن يؤثر عليها وقف تصدير محدود من أصل صادراتها البالغة 300 مليار دولار، فيما وقف تركيا استيراد منتجات سورية بقيمة 700-800 مليون دولار سنوياً سوف يترك آثاراً سلبية على الاقتصاد السوري. واذ دعا تشاغليان السوريين الى التراجع عن &laqascii117o;هذا الخطأ" قال إن الانغلاق على الخارج لا يؤسس لديموقراطية.ونشرت الصحف التركية أمس صوراً لبوابات العبور الجمركية مع سوريا، فبدت خفيفة الحركة. وقد لفتت صحيفة &laqascii117o;ميللييت" إلى أن حجم التجارة بين سوريا وتركيا قد تضاعف 200 في المئة، إذ كان عام 2005 حوالى 823 مليون دولار وأصبح العام 2010 حوالى مليارين ونصف المليار دولار. وقد بلغ حجم صادرات تركيا إلى سوريا في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي (2011) ملياراً و152 مليون دولار.من جهة ثانية، نفت أنقرة ما أوردته وكالة فرانس برس من أن تركيا عرضت على الأسد توزير أربعة من الأخوان المسلمين في الحكومة السورية. ووصف المستشار الخاص لوزير الخارجية غورجان باليق &laqascii117o;إن هذه دعاية سوداء" تستهدف كسر تأثير تركيا

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد