قضايا وآراء » قضايا وآراء من الصحف اللبنانية الصادرة الإثنين 3/10/2011

نبيه 'السري'!

ـ 'الشرق الأوسط'

طارق الحميد:

تساءل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في إيران: &laqascii117o;أين المقاطعة العربية لإسرائيل بدلا من سوريا؟ ولماذا ينصب جهد الإعلام العربي على زيادة التوترات في سوريا بدلا من إظهار الاعتداء الإسرائيلي؟"، مضيفا: &laqascii117o;هل لأن سوريا مثل إيران، هي دولة ممانعة؟"!
ربما يبدو هذا الكلام &laqascii117o;مفهوما"، وليس مقبولا، لكون بري يقوله من إيران، لكن ما فات على بري، الذي يقول إن النظام الأسدي ومعه إيران يمثلان المقاومة والممانعة، وغيره من الشعارات المزيفة، أن من يقتل السوريين هو أمن بشار الأسد وليس إسرائيل، كما يبدو أن بري لم يتنبه إلى أنه في يوم تصريحه في طهران كان هناك تصريح للمتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني كاظم جلالي يقول فيه إن الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران ما هي إلا &laqascii117o;جزر إيرانية وستبقى إيرانية للأبد، وسنقطع أي يد تتجاوز عليها"!
فإذا كان بري يعترض على المحتل الإسرائيلي، فماذا عن المحتل الإيراني؟ وإذا كان بري يرفض القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، فماذا عن القمع الأسدي للسوريين؟ وماذا عما تفعله طهران في العراق؟ وماذا عن استقبال طهران لطالبان؟ بل ماذا عما قاله نبيه بري نفسه، أو قل نبيه &laqascii117o;السري"، عن حزب الله الإيراني للسفير الأميركي وقتها لدى لبنان وكشفت عنه وثائق &laqascii117o;ويكيليكس"؟ وماذا قال بري أيضا عن بشار الأسد، الذي يدافع عنه اليوم في إيران، في تلك الوثائق؟

فقد نقل &laqascii117o;ويكيليكس" وثيقة أميركية سرية يقول فيها نبيه بري إن حرب 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان بسبب حزب الله شكلت فرصة لتوجيه ضربة قاسية للحزب الإيراني في لبنان، وحليف النظام الأسدي في سوريا. ونقلت البرقية عن السفير الأميركي السابق لدى لبنان، جيفري فيلتمان، أن بري أقر بأن نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية سيشكل فرصة جيدة لتدمير تطلعات حزب الله العسكرية والسياسية. وأضاف بري في ذلك اللقاء أن الضربات الإسرائيلية على حزب الله &laqascii117o;مثل العسل، قليله مفيد، لكن الإكثار منه ضار". ثم انفجر السيد بري ضاحكا، بحسب البرقية التي نقلت عنه أيضا قوله إنه من الصعب أن يجلس مع حسن نصر الله، لأنه خدعه بعدما وعد بصيف هادئ في لبنان قبيل قيام عناصر حزب الله بعملية خطف الجنديين الإسرائيليين. وبالتالي، فإن بري يقول في الوثيقة إنه لا يمكن الجلوس مع نصر الله &laqascii117o;على طاولة الحوار مجددا.. لقد كذب علينا". وهذا ليس كل شيء، بل قد نُسب إلى بري في وثيقة أخرى - حاول مكتبه نفيها - أنه، أي بري، انتقد الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد في 15 أغسطس (آب) 2006، والذي ساند فيه حزب الله، وهاجم قوى &laqascii117o;14 آذار" والسعودية، حيث قال بري، وفقا للوثيقة، عن ذلك الخطاب: &laqascii117o;لقد ارتكب بشار خطأ، إنه خطاب أحمق".وعليه، فمن نصدق اليوم.. نبيه بري المتحدث من طهران دفاعا عن إيران والنظام الأسدي، أم بري &laqascii117o;السري" الذي اعتبر نصر الله كاذبا، ووصف خطاب الأسد بأنه خطاب أحمق؟ أعتقد أن نبيه &laqascii117o;السري" أقرب للدقة من نبيه الإيراني.


الصحوة: مدنية لا اسلامية

ـ 'صدى البلد'
علي الأمين:

كما كان مؤتمر الصحوة الاسلامية، الذي عقد في طهران منتصف الشهر المنصرم، قاصرا عن مقاربة الثورات العربية وربيعها، بدا مؤتمر الانتفاضة الفلسطينية الذي انعقد في طهران منذ يومين محاولة التفاف ضعيفة على هذه الثورات عبر ذهنية انتقائية، غايتها انعاش خطاب الممانعة المتآلف مع الاستبداد... وهذا ما تجلى في المشاركة الرسمية السورية بالمؤتمر وتغييب المعارضة في محاولة استنقاذ الممانعة والنظام السوري  بمقولة 'فلسطين من البحر الى النهر'. ففي مؤتمر الصحوة الاسلامية برز اصرار ايراني عبّر عنه مرشد الثورة السيد علي خامنئي بأن ما يجري في العالم العربي هو صحوة اسلامية، صحوة تنتسب الى ارث الثورة الاسلامية في ايران. إذ لم يشر الزعيم الايراني الى ان مقولة قيام الجمهوريات الاسلامية كانت غائبة عن شعارات الثوار العرب من تونس الى القاهرة مرورا بالمنامة وطرابلس وصولا الى دمشق وسواها.
في المقابل تقدمت مقولة الدولة المدنية التي تبناها المفكرالراحل محمد مهدي شمس الدين قبل اكثر من 15 عاما، وهي السعي الى دولة الانسان التي كان المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله قد بدأ يعيد النظر بها وبمقولة الدولة الدينية، وهو ما كان له اثر واضح على ادبيات حزب الدعوة في تجربته العراقية كون الراحل احد ابرز منظريه. اما التجربة الاسلامية الايرانية المتمثلة بنموذج ولاية الفقيه فيدرك القائمون عليها انها لم  تكن يوما جاذبة او لم تعد جاذبة لأي من الحركات الاسلامية فضلا عن الشعوب، ولم يغامر اي من حلفاء ايران بالدعوة إلى تبنيها في اوساط عربية واسلامية اسوة بالدولة المدنية او النظام الديمقراطي. وحال ولاية الفقيه كحال الخلافة الاسلامية التي يدأب حزب التحرير على الترويج لها منذ عقود.

وتراجع مقولة الدولة الدينبة هو تعبير صريح عن انكفاء تجربة الاسلام السياسي ومقولة الدولة الدينية عربيا واسلاميا، وتجاوز لادبيات ما سمي الصحوة الاسلامية. فالاصوليات الاسلامية عموما بالغت وتعسفت في نقل المشروعية من الدين الى الممارسة السياسية، من خلال تحويل المتغير والمتعدد – اي السياسة – الى ثابت – اي الدين. لذلك وجدت الشعوب العربية ان الاسلام الايديولوجي في ممارسته قادر على التلاعب وتبرير الشيىء ونقيضه. فاذا كان الظلم قيمة سيئة تحاربها القيم الدينية ولا تضفي عليها اي شرعية ومنها الاسلام، يستطيع الاسلام الايديولوجي تسويغ الظلم وتبريره واضفاء القداسة على هذا الفعل في الممارسة السياسية اذا اقتضت مصالحه في ظرف معين ذلك. من هنا  يستحيل في المفهوم الديني وفي عالمنا وجود سلطة سياسية دينية. ثمة سلطة سياسية تستخدم الدين لمصالحها السياسية المشروعة وغير المشروعة او في تعبير اقل حدة: لها رؤيتها الدينية غير الملزمة، وهي رؤية يقيدها الزمان والمكان، ولا ترتقي ابدا الى قداسة القيم الدينية وثباتها على امتداد التاريخ.
في هذا المعنى فإنّ الربيع العربي، في جوهر ما يحمله من تغيير، تكمن فكرته الأساسية في نزع القداسة عن السلطة باعتبارها شأن الناس ومجال عملهم وابداعهم من دون انكار الدين وقيمه او التنصل منه. لذا فالدعوة الى الدولة المدنية هو موقف واع وعميق ونتيجة اختبار مستمر وقاس خلص الى رفض الاحادية في السلطة، فكيف اذا كانت دينية، والانحياز نحو التعدد والتنوع والانجاز الانساني العظيم الذي مثلته الديمقراطية ومؤسساتها، الاقدر حتى الآن على حماية هذا التنوع وتنميته.وكما ان الشعوب العربية تتخلص من رهاب وسطوة مقولة 'الاسلام هو الحل'، فهي ايضا تتخلص، بثقة في النفس، من مصادرة العقل التي مثلها خطاب الممانعة وادواتها، فقد ساهم الأخير، من خلال سلوكه، في تقديس البندقية على حساب العقل، وتجيير هذه البندقية لصالح تأبيد بعض الانظمة المستبدة وخدمة سياسات لا علاقة لها بفلسطين وشعبها. من هنا يأتي دعم الانتفاضة في فلسطين ليس سياق تجسيرالانقسام الفلسطيني بل تعميقه وجعل هذه القضية، التي تسكن في وجدان كل عربي، وسيلة للاقتصاص من الشعوب العربية. تلك الشعوب التي تدرك، في ربيع ثوراتها، ان المقاومة قبل ان تكون بندقية، هي ارادة حرة وثقافة تنحو نحو تقديس الحرية، وهي التزام بمواجهة الاستبداد السياسي ومبرراته في الثقافة الدينية او الاجتماعية. المقاومة قبل كل شيء هي فعل تقديم نموذج لما نسعى الى تحقيقه في فلسطين... اما أن تستطيع المقاومة تبرير الاستبداد وتنزيهه عن السبب الجوهري لهزائمنا، فهذا يعني أنّها، في لحظة ما، قابلة لتأبيد اسرائيل وحمايتها، وإن رفعت شعار فلسطين من النهر الى البحر... ربما يمكننا اليوم الحديث عن 'الصحوة المدنية' التي قد تستعيد فلسطين بطرق غير التي استنزفتنا ولم تحرّر شبرا واحدا منها.


ـ 'الشرق'
تحليل اخباري
أسامة الزين:

 موقف لـ&laqascii117o;فياض" قد يشكل مؤشراً على حل عقدة التمويل تمهيداً للمقايضة الكبرى بين ميقاتي و&laqascii117o;حلفائه" في الحكومة
في لبنان، لا ينفصل الدين عن الدولة، بل يدخل في بنيتها، فلا دولة من دون دين، بل أكثر من ذلك، لا دولة في لبنان من دون مذهب، ففي كل المعارك السياسية التي خيضت من قبل السياسيين كان شيوخ ومسؤولو الطوائف يشكلون السلاح الذي لا يُقهر وخط الدفاع الأول المحرم على مسؤولي الطوائف اجتيازه. فبثت كل طائفة خطأ أقوى من كل خطوط الدفاع في الحروب العالمية، وكان تجاوزه نوعاً من الاشراك والكفر بقيم الآخر.
الحاجة الى كل صوت
كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بحاجة الى كل صوت يؤيده ليبقى صامداً أمام جحافل خصومه. وعلى رغم كل ثروته المالية وجد نفسه في حال من العوز السياسي وهو يعد الأصوات داخل مجلس الوزراء مرة واثنين وثلاثة عسى يكون هناك خطأ في الحساب. لكن الحساب كان صحيحاً مئة في المئة، ما من قضية سيناقشها مجلس الوزراء إلا وستحصد الأغلبية لصالح خصومه او حلفائه، فحكومته، هي لغز تحتار بتحديد موقع كل وزير من رئيسه.
 
الجرعة الأولى من نيويورك
وجاءت الجرعة الأولى من نيويورك خالية من الحلاوة، بل طعمها مرّ ومرّ، فالوزيرة الاميركية هيلاري كلينتون، شبعت كلاماً ولم تعد تكترث بما يُقال، بل تريد أفعالاً وكأنها تتحدى محاورها ان ينفذ ما يقول، وقد تكون دخلت في رهان، كحال معظم الأميركيين.
تمويل المحكمة الدولية، القضية الشائكة ومن الصعب فعلاً على الرئيس نجيب ميقاتي عدم السير بها، وهو صادق في قوله بما خص أهمية الالتزام بالقرارات الدولية فالقضية هي قضية رأي عام وطائفة أيضاً.
 
المجلس الشرعي
ولأنها كذلك أصدر المجلس الشرعي الاسلامي برئاسة مفتي الجمهورية محمد قباني بياناً أعاد تذكير اللبنانيين بأهمية هذا التمويل، على رغم ان البعض أطلق منذ أيام تصريحاً من الجنوب حول التسامح، فسر على الف معنى ومعنى.
وعلى رغم ان البيان تجنب المطالبة بتسليم المتهمين الأربعة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فقد جاء في توقيته قبل انعقاد مجلس الوزراء بأيام، بمناسبة رسالة الى الطرف الآخر الذي يستعد لدعوة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى لاصدار بيان يرفض فيه تمويل المحكمة، بل يرفضها من الأساس.
 
المقايضة الكبرى
وما بين المجلسين يتبلور الحل الوسط والذي أشار اليه بمعنى من المعاني وللمرة الأولى عضو كتلة الوفاء والمقاومة علي فياض.
ما هو هذا الحل الوسط؟ مقايضة ميقاتي بمعنى تمويل المحكمة مقابل عدم تسليم أي متهم، لتبق قراراتها حبراً على ورق!! او التمويل يقابله تعديل بروتوكول المحكمة في الربيع.
لكن يا ترى من هو الرابح والخاسر وسط كل هذا الصراع؟!


تمويل المحكمة أم حماية المجرمين؟

ـ 'النهار'

نايلة تويني:

من حق الاكثرية الحالية الاعتراض على المحكمة الدولية. رغم تمسكنا القوي بها، ليس لاسباب شخصية وعائلية فقط، وإن كنا لا نستحي بتلك الاسباب لاننا تعرضنا لاعتداءات وحشية لم تكتف بالتخريب المادي، بل حصدت الاعز والاغلى، فاننا ننظر الى المحكمة على انها المدخل الى محاسبة المرتكبين والمجرمين ايا تكن هوياتهم، بعدما تمادى هؤلاء في ارتكاباتهم على مدى سنين طويلة من دون ان يتمكن احد من ردعهم، وخصوصا انهم تلحفوا بغطاء اقليمي اولا، وبغطاء اجهزة عدة دخلت على خط الصراعات اللبنانية.
إن ما يجري حاليا من مزايدات في موضوع المحكمة، وباعادة الملفات الى القضاء اللبناني، يكشف حقيقة مرة لا بد من قولها، وفيها تمكن نظام الوصاية بعد زوال الوصاية العسكرية، وبقوى الداخل، من وضع اليد على معظم القضاء، إن بالتخويف والترهيب، او بالحاجة المادية التي كانت فاقعة لدى القضاة الاوادم، او بالتعيينات واعتماد اساليب النكايات والانتقام فيها. بعد كل هذا تضاعفت المطالبة بالعودة الى القضاء اللبناني، وخصوصا من النائب ميشال عون الذي قال عام 2005، وقبل عودته الى بيروت، إن لا ثقة لديه بالقضاء اللبناني وان لا قضاء في لبنان، فهل ضرب الاصلاح الحالة القضائية من دون علمنا؟
إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ، وإن يرى البعض انها قامت في ظروف سياسية معينة، وفي ظل حكومة جرى اتهامها بانها غير دستورية، الا انها تحولت فرصة للبنان، ولقضائه كي يخرج من حالة الوهن التي تصيبه، وللبنانيين جميعا كي يروا بأم العين أن العدالة لا بد ان تتحقق يوما، وان ينال المجرم جزاءه العادل.
إن تمويل المحكمة، وقد تعهده في الامم المتحدة الرئيس ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ونص عليه البيان الوزاري من باب التزام لبنان تنفيذ القرارات الدولية، تحوّل ضرورة محلية ودولية.
محلياً، إن محاولة تعطيل المحكمة من 'حزب الله' وإن عبر حلفائه، دليل اضافي على التوجه الى الهروب من العدالة، وتأكيد لـ' التهم' بحق كوادر ناشطين في صفوفه. فرفض قرارات المحكمة يكون بالدفاع امام القضاء الدولي لا بتعطيل كل المسار والتواطؤ مع المرتكبين وتوفير الغطاء لهم. وايضا لا يجوز للحزب المقاوم ضد ظلم اسرائيل واحتلالها ان يساهم في ظلم اللبنانيين من ذوي الضحايا الشهداء وغيرهم ممن تكبدوا الخسائر المختلفة، وكيف له ان يسأل عن الكيل بمكيالين تجاه البحرين فيما هو يمضي بعكس ما ينادي به؟ فهل لاهل البحرين الشيعة اولوية على مواطنيه من خارج الطائفة الكريمة؟
اما دوليا، فهل يريد افرقاء الحكومة وضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي واستجلاب العقوبات الاممية وتعريض لبنان لهزات اقتصادية واجتماعية من اجل حفنة من الناس قد لا يتجاوز عددها العشرة؟ هل هكذا تدار الدول وتبنى الاوطان وتقوم المؤسسات؟


'حزب الله' تجاوز إحراجات عدة للحفاظ عليها
الحكومة والتمويل: خياران أحلاهما مرّ

ـ 'النهار'
روزانا بومنصف:

أحد ابرز الاسباب او المبررات التي ستساق في موضوع تمويل المحكمة والذي سيحصل وفق ما تقول مصادر ديبلوماسية لم تتلق تعهدات في هذا الصدد من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فحسب بل ايضا من مسؤولين في 'حزب الله' تلتقي مع بعض منهم هو ان موضوع الحكومة اهم من موضوع المحكمة والحزب سيحافظ على 'حكومته' ايا تكن وجهات النظر المتناقضة التي يعبر عنها حلفاء الحزب وفي مقدمهم 'التيار الوطني الحر'. فتطيير الحكومة او التسبب برحيلها سيؤدي في افضل الاحوال الى بقاء هذه الحكومة بصفتها حكومة تصريف الاعمال من دون القدرة على تأليف حكومة مماثلة او جديدة لعدم امكان الحزب تأمين الاكثرية نفسها التي حصل عليها نتيجة تغير معطيات اقليمية كثيرة. وهو امر سيؤدي الى تحرر الرئيس ميقاتي من التزاماته ومن الضغوط عليه ويمكنه من تخطي هذه الضغوط الداخلية والخارجية مع احتمال تحويله الى رئيس لحكومة تصريف اعمال يقول كثر انها قد تكون اهم طموحات رئيس الحكومة وتمنياته. وفي اسوأ الاحوال سيؤدي تطيير الحكومة الى السعي الى حكومة جديدة، في حال امكن تشكيلها، لن يكون لها صلة بالتركيبة السياسية الحالية ولو جاهد كثر في التشبث بان لا شيء تغير حتى الان في المعادلة السياسية التي تحكم الوضع السياسي. وتاليا فان المخاطر حقيقية على الحكومة في ظل وجهات نظر متضاربة لا بل انقسامات جوهرية بين فريقين احدهما يمثله الحزب مبدئيا بناء على رفضه المبدئي للمحكمة ويقف مع 'التيار الوطني الحر' وحركة 'أمل' والاخر يضم الى الرئيس ميقاتي الذي اعلن انه لا يستطيع ولا ينوي تجاهل المتطلبات الدولية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وكتلة النائب وليد جنبلاط مما يؤشر الى احتمال تطيير الحكومة في حال لم يتم الاتفاق على تمويل المحكمة او حتى في حال تم حشر الرئيس ميقاتي في خيارات اخرى غير تلك التي التزمها علنا مرارا وتكرارا حتى الآن.
 وبحسب مصادر سياسية فان تمويل المحكمة محرج للحزب، لكنه يلتزم الصمت ازاء هذا الموضوع من اجل ترك ابواب المخارج مفتوحة امامه وعدم اتاحة المجال امام المعارضة لتسجيل مكسب في مصلحتها ولو ان مجرد التمويل سيعد مكسبا لها في المرحلة الراهنة. في حين ان تصدر العماد ميشال عون معارضة التمويل بالنيابة عن الحزب يضعف التيار الوطني في اوساط المسيحيين، ولو انه يمكن التعويض على التيار في الانتخابات النيابية لاحقا بوسائل اخرى، في الوقت الذي لا يخوض الحزب معركته او قضيته في هذا الاطار وسيكون التيار احد ابرز الخاسرين المعلنين ظاهرا في هذه المعركة في حال تمويلها وفق التعهدات التي حصلت باعتباره خاض معركة خاسرة سلفا ولم يحفظ الحد الادنى من الصدقية ازاء جمهور خسر الكثير من الشهداء. فالتمويل ليس الموضوع الاول الذي سيكون محرجا للحزب بحسب هذه المصادر وهو احرج بمواضيع كثيرة في الاونة الاخيرة. فبين هذه المواضيع في الشهرين الاخيرين على الاقل موضوع صدور حكم قضائي في حق العميد فايز كرم بتهمة العمالة لاسرائيل في الوقت الذي يشكل التيار الذي ينتمي اليه العميد كرم ابرز حلفائه بحيث اضطر الحزب الى السكوت على فضيحة من ضمن حلفه السياسي في الوقت الذي اعتاد ولا يزال إشهار سيف العمالة لاسرائيل في وجه كل من خالفه الرأي السياسي او لم يدعمه في طموحاته. وهو موقف محرج سحب من يد الحزب ورقة كان يستفيد منها في وجه خصومه السياسيين ويحاربهم بها على هذا الاساس. وهو الامر نفسه الذي انسحب على اضطرار السيد حسن نصرالله اعلان وجود خرق اسرائيلي لصفوف الحزب بعدما كاد الامر ينكشف بكل ما يمكن ان يعنيه ذلك لخصومه.
ولم يكن وقع وثائق ويكليكس وما كشفته من مواقف لاقرب حلفاء الحزب اقل ايلاما خصوصا ان الحزب كان السباق الى توظيف هذه الوثائق ضد خصومه معززا صدقيتها في اعلان نيته احالة خصومه على المحاكمة بالاستناد اليها في حين ان ما قاله حلفاؤه عنه ان في التيار الوطني الحر او حركة 'أمل' كان اقسى واشد وطأة مما هو معلن عن مواقف خصومه المعروفة اصلا. ولم تنف ردود الفعل على اختلافها او تنقض ما ورد في هذه الوثائق من حيث الرأي العميق الحقيقي لحلفائه به وبادائه.
ولذلك تقول هذه المصادر ان الحزب سيتجاوز هذا الاحراج الجديد في تمويل المحكمة اذ لكل امر ثمنه والحكومة هي الاهم بالنسبة اليه ايا يكن الثمن راهنا.


'المقاومة مسلحة' سقطت في نيويورك... و&laqascii117o;الممانعة" سقطت في فلسطين
&laqascii117o;المستقبل" بين انتصارين: إما تمويل المحكمة أو العزلة الدولية

ـ 'السفير'
إيلي الفرزلي:

يرتاح تيار &laqascii117o;المستقبل" عندما يقيم موقعه في المعارضة، فهو يرى نفسه قادراً على تحقيق انجازات كان يصعب عليه تحقيقها عندما كان مكبلاً بقيود &laqascii117o;السلطة والتسويات". في خلفية الارتياح &laqascii117o;المستقبلي" عامل رئيسي يتكئ عليه في أدائه. هو يعرف أن الأكثرية التي تترنح مع كل ملف، غير قادرة على الحكم بدون أخذ بركة &laqascii117o;التيار الأزرق"، إذ أن لمعظم مكوناتها مصالحه التي تجعله يحسب للأكثرية السنية ألف حساب، عدا عن عمليات تدوير الزوايا التي يضطر الفريق الأكثري لاعتمادها عند كل مطب تجنباً للخلافات الداخلية، لاسيما أن سيناريو التهديد والتهديد المضاد بين ميشال عون ووليد جنبلاط لم يُنس بعد.
لم يعد حلم السلطة بمتناول اليد، وبناءً عليه ينصب عمل &laqascii117o;المستقبل" حالياً على المراقبة والتوثب للانقضاض على الفريسة الحكومية مع كل كبوة.
عندما يُسأل أحد كواد التيار عن مصير بيان لقاء البريستول الأخير الذي قرر القيام بحملة دولية لمقاطعة الحكومة، تأتي الإجابة بشقين. الأول، يعترف خلاله أن الحماسة والثقة الزائدة آنذاك أغرقت &laqascii117o;14 آذار" في خطاب &laqascii117o;متعجرف" صعب التطبيق في ظل &laqascii117o;لعبة الأمم"، على ما يقول وليد جنبلاط. الثاني، يدعو إلى العودة خطوة إلى الوراء والتأمل في المشهد الدولي الأخير حيث انتقل أركان السلطة اللبنانية ولاسيما الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، إلى نيويورك. هناك حاول الرجلان الايحاء، بحسب المصدر، أن اللقاءات المكثفة التي عقدت، ولاسيما منها لقاء ميقاتي مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ليسا إلا بمثابة دعم أممي ـ أميركي للسلطة اللبنانية، إلا أن الواقع يؤكد أن هذه اللقاءات لم تأت إلا لتؤكد على عزلة دولية، مع وقت التنفيذ، تعيشها هذه السلطة. إذ يرى المصدر أن كل المسؤولين الغربيين لم يلتقوا اللبنانيين إلا لتنفيذ مهمة واحدة، وهي الضغط على الحكومة العتيدة لتنفيذ التزامات لبنان تجاه المجتمع الدولي، وأولها تمويل المحكمة الدولية، ثم التعاون في الملف السوري، من دون نسيان حث الحكومة على تنفيذ القرارات الدولية.
ويكمل المصدر أن المعادلة الحالية تجعل &laqascii117o;14 آذار" منتصرة سلفاً مهما كان المسار الذي تختاره الحكومة، إذ أن تنفيذ الأجندة الدولية هو بشكل غير مباشر تنفيذ لكل ما تطرحه المعارضة، أما عدم التنفيذ فلن يكون عنوانه إلا العزلة الدولية، وهو أيضاً انتصار للمعارضة.
في ملف المحكمة تحديداً، يرتاح تيار &laqascii117o;المستقبل" لمجريات الأمور. وهو بات متيقناً أن التمويل حاصل لا محالة، بغض النظر عن &laqascii117o;التخريجة الحكومية" أو الحجج التي توضع، وآخرها ما يتردد عن محاولات قوى حكومية تسويق نظرية &laqascii117o;لا بد من التمويل لتجنيب لبنان عقوبات دولية.
ملف المحكمة لم يكن هو الوحيد الذي تابعه تيار &laqascii117o;المستقبل" في نيويورك، فمسار الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، فتح أمام &laqascii117o;التيار" منفذاًَ إضافياً للتصويب، ليس فقط على &laqascii117o;حزب الله"، بل على مجمل العقيدة المقاومة. ويرى المصدر أن خطاب محمود عباس في نيويورك أسقط نظرية الممانعة التي يحاول البعض إلباسها لفلسطين وحشر &laqascii117o;حماس" و&laqascii117o;حزب الله" في زاوية غياب الانجاز، بوصف خياراتهما ليست إلا خيارات بالية تعود إلى زمن آخر. وعليه، يؤكد &laqascii117o;المستقبل" أن الخطوة التي قام بها أبو مازن عززت خيار السلام من دون أن تلغي الصراع مع إسرائيل. وهو خيار ليس بحاجة إلى العنف ليعطي الشعب الفلسطيني فرصة جدية لاستعادة حقوقه المشروعة في الحصول على دولة حرة ومستقلة.
وانطلاقاً من تاريخية هذه الخطوة، فإن لـ&laqascii117o;المستقبل" ثقة بان أميركا لن تستطيع معارضة عضوية فلسطين في الأمم المتحدة لفترة طويلة، خاصة في ظل ما يحمله الربيع العربي من تغييرات ديموقراطية تحتم عليها أخذ مصالحها في المنطقة بعين الاعتبار.
الهواء النيويوركي لم يبعد &laqascii117o;المسـتقبل" عن الساحة الداخلية والساحات العديدة التي يزورها البطريرك بشارة الراعي. ويلاحظ المصدر أن الراعي، وعلى الرغم من تعمده في زيارته الجنوبية، التخفيف من وطأة مواقفه وعدم تكرارها بالحدة نفسها، إلا أن ذلك لم يحجب حقيقة ثابتة مفادها أن الزيارة برمتها حصلت بتغطية من سلاح &laqascii117o;حزب الله"، عدا عن أن الراعي لم يمانع في تجيير الاستثمار السياسي لصالح مستقبليه من &laqascii117o;8 آذار".


هل ستلاحق المحكمة الدولية صحافيين؟

ـ 'الأخبار'
عمر نشابة:

 بعد تسريب محققين في مكتب دانيال بلمار بعض وثائق التحقيق الى &laqascii117o;سي بي سي"، وبعد مقابلة مراسل &laqascii117o;تايم" المزعومة مع احد المتهمين الأربعة، وبعد تسريب تسجيلات الى &laqascii117o;نيو تي في"، لمّحت المحكمة الدولية الى احتمال ملاحقة صحافيين، بينما يستمرّ تمنّعها عن ملاحقة المسرّبين الحقيقيين
إثر نشر مجلة &laqascii117o;تايم" الأميركية مقابلة ادعت أن مراسلها في بيروت أجراها مع أحد الرجال الأربعة الذين اتهمهم المدعي العام الدولي دانيال بلمار بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، طرحت في بيروت أسئلة عن احتمال استدعاء المحكمة الخاصة بلبنان المراسل للتحقيق معه بهدف تحديد مكان وجود المتهم. ورغم تولي المدعي العام اللبناني القاضي سعيد ميرزا التحقيق في الأمر، تساءل اعلاميون لبنانيون عن احتمال طلب أي من الفريقين (الادعاء أو الدفاع)، خلال المرحلة المقبلة، استدعاء صحافيين للمثول أمام المحكمة في لاهاي بصفتهم شهوداً، وعلى خلفية مقابلات أجروها مع أشخاص تشتبه فيهم المحكمة أو تتهمهم بالضلوع في الجريمة، أو في جرائم أخرى متلازمة. مع الاشارة الى أن لائحة المتهمين لن تقتصر على الرجال الأربعة الذين صدرت في حقهم مذكرات توقيف في تموز الفائت، بل يرجّح أن تصدر قرارات اتهامية خلال العام المقبل قد تستهدف قادة في حزب الله عملاً بالمادة 2 من نظام المحكمة (المرفق بالقرار 1757) والتي تحدّد المسؤولية الجنائية للمرؤوس والرئيس.

استدعاء مراسل &laqascii117o;تايم"
لم يكن قرار المحكمة عدم اتخاذ أية اجراءات قضائية فورية بحقّ مراسل مجلة &laqascii117o;تايم" التي نشرت في 19 آب الفائت مقابلة ادعت أنها أجرتها مع أحد المتهمين الاربعة في جريمة اغتيال الحريري، مفاجئاً لمتابعي الحساسية التي تتميز بها علاقات المحاكم الدولية بالصحافيين. تُرك الامر الى القضاء اللبناني الملزم تنفيذ مذكرات التوقيف الدولية الصادرة بحق المتهمين، رغم أن الاختصاص القضائي في كلّ ما يتعلّق بالجريمة يعود حصراً الى المحكمة الدولية، كذلك كرّر المسؤولون فيها في معرض تعليقاتهم على قضية شهود الزور وحقّ اللواء الركن جميل السيد وآخرين مقاضاة المسؤولين عن اعتقالهم التعسّفي لنحو أربع سنوات. على أي حال، بدا أن قضية مقابلة &laqascii117o;تايم" انتهت عملياً في لبنان، اذ إن الصحافي نيكولاس بلاندفورد الذي استُدعي الى قصر العدل، أكد للقاضي ميرزا عدم معرفته بهوية زميله الذي أجرى المقابلة المزعومة، ولم تتمكن أجهزة التحقيق المحلية من جمع معلومات عن المقابلة وما اذا كانت قد حصلت فعلاً.
لكن هل انتهت القضية فعلا؟ لنراجع قضية مشابهة الى حدّ ما، حصلت عام 2001 اثر استدعاء غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، المراسل الصحافي الاميركي جوناثان راندل، على خلفية نشر صحيفة &laqascii117o;واشنطن بوست" في 11 شباط 1993 (قبل نحو ثماني سنوات) مقابلة مع المسؤول الصربي رادوسلاف بردانين، دافع خلالها عن سياسة التطهير العرقي والإبعاد الجماعي. استناداً الى ذلك، لا يستبعد قيام دوائر المحكمة الخاصة بلبنان بخطوة مماثلة بحق مراسل مجلة &laqascii117o;تايم"، أو الاعلاميين العاملين في غيرها من المجلات والصحف والتلفزيونات والاذاعات، لكن الامر يبقى مرهوناً بالاستراتيجية التي سينتهجها المدعي العام الدولي كما سنشرح لاحقاً في هذا النصّ.
&laqascii117o;الأخبار" سألت أول من أمس المتحدث الرسمي باسم المحكمة الدولية مارتن يوسف عما إذا كان في الامكان أن تطلب المحكمة الخاصة بلبنان من صحافيين الادلاء بشهاداتهم أمام المحكمة؟ فأجاب: &laqascii117o;يُتاح للادعاء ولفريق الدفاع ولممثلي المتضررين وللقضاة الطلب من الشهود، بمن فيهم الصحافيون، الادلاء بافاداتهم أمام المحكمة". وهل يمكن أن يصدر قرار اتهامي بحق صحافي؟ أكّد أن الصحافي &laqascii117o;لا يتمتّع بحصانة من الملاحقة القضائية اذا تجاوز قراراً صادراً عن المحكمة، أو اذا ثبت ارتباطه بأي من الجرائم التي تعدّ من اختصاص المحكمة. وتطبّق القواعد على الصحافيين بقدر ما تطبّق على أي شخص آخر".
ورداً على سؤال: هل يمكن أن يطلب المدعي العام من مراسل &laqascii117o;تايم" الذي ادعى أنه أجرى مقابلة مع أحد المتهمين، الادلاء بافادته عن مكان وجود المتهمين؟ قال: &laqascii117o;لن أعلّق على هذه القضية المحدّدة، لكن عموماً، يمكن للادعاء وفريق الدفاع وممثلي المتضررين والقضاة استدعاء أي شاهد للادلاء بافادته (أو افادتها)". وعما اذا كان ما نقلته صحيفة &laqascii117o;المستقبل" عنه من أن &laqascii117o;المدعي العام قد يصدر قراراً اتهامياً بحق الذين اتهموا المحكمة الخاصة بلبنان" دقيقاً، أجاب: &laqascii117o;كلا".

استراتيجية المدعي العام
قبل عرض تفاصيل قضية استدعاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة الصحافي راندل، لا بدّ من أن نشير الى أن اتهام المسؤول الصربي بردانين بارتكاب جرائم ضدّ الانسانية صدر بعد مرور نحو ست سنوات على نشر نصّ مقابلته في &laqascii117o;واشنطن بوست"، بينما اجرت &laqascii117o;تايم" مقابلة مع أحد المتهمين الاربعة نحو شهر ونصف شهر بعد صدور قرار اتهامه مع ثلاثة آخرين بالضلوع في جريمة اغتيال الحريري. ولدى الادعاء العام في المحكمة الخاصة بلبنان مصلحة في استخدام نصّ المقابلة الذي تضمّن تحدّياً واضحاً للقضاء الدولي والمحلي عبر اصرار المتهم على الافلات من الملاحقة، كقرينة يستند اليها لدعم اثبات التهم الموجهة بحقه. ولا شك في أن من شأن ما ورد في المقابلة التأثير على قرارات القضاة لجهة اقناعهم بالتهم التي وجّهها بلمار الى الرجال الأربعة.
وكان المدعي العام في محكمة يوغوسلافيا قد عدّ نصّ مقابلة راندل مادة من المواد المؤيدة للقرار الاتهامي بحقّ بردانين عام 2001. ووافق راندل على تأكيد صدقية ما ورد في نصّ المقابلة خطياً، غير أنه رفض المثول أمام المحكمة، فاعترض الدفاع على تصنيف نصّ المقابلة عنصراً من العناصر المؤيدة لقرار الاتهام شرط مثول راندل شخصياً واستجوابه تحت قوس المحكمة. رفض الصحافي استدعى اصدار المدعي العام مذكرة احضار بحقّه في 29 كانون الثاني 2001. اعترض راندل على المذكرة وطعن فيها أمام غرفة الاستئناف حيث ادعى أن صفته مراسل حرب تمنحه امتيازات خاصة، ولا يجوز بالتالي اكراهه على التصريح أمام المحكمة. وقدمت 34 مؤسسة اعلامية دولية للمحكمة آراء قانونية تؤيد موقف راندل، مشيرة الى أن &laqascii117o;الصحافيين، ومراسلي الحرب خصوصاً، يجب أن يُعفوا من الزامية الشهادة القضائية" (تقارير &laqascii117o;اصدقاء المحكمة" AMICI Cascii85RIAE 1 آب 2002).
رفضت دائرة الاستئناف في محكمة يوغوسلافيا اعتبار القضية متعلّقة بالصحافيين بشكل عام، بل بصلاحيات مراسلي الحروب بشكل خاص. اذ اعتبرت أن لهؤلاء امتيازات تتعلّق بمخاطر عملهم في مناطق الصراع (ما لا ينطبق على عمل مراسل &laqascii117o;تايم" في بيروت). وأشاد القضاة بدور مراسلي الحرب في كشف الجرائم ضدّ الانسانية وجرائم الحرب، وقرّروا اعفاء راندل من الملاحقة، معلّلين قرارهم بسببين: أولاً، رغم ان بردانين لم يطلب عدم ذكر اسمه ولم يتحفظ على ما نقل عنه في نصّ المقابلة، فان اجبار الصحافي على المثول امام المحكمة لاستجوابه حول تفاصيل المقابلة قد تكون له آثار سلبية، خصوصاً لجهة الثقة التي يفترض أن يتمتع بها الصحافي لدى الاشخاص الذين يقابلهم في اطار عمله. ثانياً، بما ان الادعاء العام لا يستند الى نصّ المقابلة بسبب تضمنها دليلاً مباشراً وقيمة أساسية لاثبات جانب مركزي من القضية الجنائية، يمكن الاستعاضة عن طلب مثول الصحافي الذي أجرى المقابلة.
ورغم أن محامي &laqascii117o;تايم" قد يثيرون السبب الاول المذكور في محاضر محكمة يوغوسلافيا لرفض مثول مراسلها في بيروت اذا استدعي فعلاً، بغضّ النظر عن كونه مراسل حرب أو لا، فإن الامر يعود الى مدى صدقية القرائن الأخرى التي تستند اليها اتهامات بلمار. فاذا تمكن فريق الادعاء من اثبات صحة دليل الاتصالات، واقناع القضاة بدقته من دون أن يتمكن الدفاع من التشكيك الجدي فيه، واذا تبين أن الشهود الذين سيستدعيهم بلمار يتمتعون بالصدقية، فلا حاجة لاستدعاء مراسل &laqascii117o;تايم" سعياً إلى استعراض التحدي المزعوم الذي وجّهه للقضاء الدولي أمام القضاة. أما اذا وجد بلمار ومهندس تفاصيل الادعاء في مكتبه داريل موندس ورئيس المحققين في فريقه ضابط الاستخبارات البريطاني مايكل تايلور أنفسهم في مأزق بسبب دقة اعتراضات الدفاع، وتمكن المحامون من تدمير قرائن الادعاء عبر نزع صدقيتها، فقد يصار إلى اللجوء الى أساليب أخرى. علماً أن استدعاء مراسل &laqascii117o;تايم" الى لاهاي لن يكون سهلاً، اذ ان لديها محامين يتمتعون بكفاءة عالية سيتمسكون بالمبررات المهنية لسرية المصادر الصحافية. وقد يرتكز دفاع &laqascii117o;تايم" على الشروط التي وضعت لاجراء المقابلة المزعومة وهي، على الارجح، التزام التكتم عن التفاصيل التي يمكن ان تحدد مكان وجود المتهم.

استهداف خجول لـ&laqascii117o;سي بي سي"
أما في قضية امتعاض بلمار (الذي شغل أيضاً منصب رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة في جريمة اغتيال الحريري قبل توليه حقيبة المدعي العام الدولي)، من الاعلامي في شبكة &laqascii117o;سي بي سي" الكندية (راديو كندا) نيل ماكدونالد، فما زال التنبيه الذي وجّهه مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون القانونية ستيفن ماتياس الى ماكدونالد، على خلفية نشره وثائق رسمية تعود الى لجنة التحقيق الدولية في تشرين الثاني 2010، مجرّد حبر على ورق. &laqascii117o;أراسلكم لتنبيهكم بأن وثائق لجنة التحقيق الدولية المستقلة (في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري) تعود ملكيتها للامم المتحدة وبالتالي فهي غير قابلة للنشر من دون موافقة الامم المتحدة (...) ولقد نبهنا كذلك السلطات الكندية بهذا الشأن" ذكر ماتياس في نصّ رسالة وجّهها الى ماكدونالد قبل نشره التقرير الذي تضمّن الوثائق. وجاء يومها ردّ المدير التنفيذي للجنة حماية الصحافيين جويل سايمون على النحو الآتي: &laqascii117o;هذه الرسالة تدلّ على أن الامم التحدة تسعى الى اتخاذ خطوات قانونية بحقّ ماكدونالد ونحن نرى ظلماً في ذلك"، وتابع: &laqascii117o;اذا كانت الامم المتحدة تريد ملاحقة قضية تسريب، فعليها أن تفعل ذلك مع موظفيها، لا أن تستهدف صحافيين يقومون بعملهم عبر استخدام هذا النوع من المعلومات لاعلام الجمهور".

تراجع الامم المتحدة وانكشاف بلمار
في ما بدا تراجعاً واضحاً للامم المتحدة عن تهديداتها بحقّ ماكدونالد، لم تتخذ اي خطوات قضائية ولم تجر أية ملاحقات رغم التجاوز الفاضح لـ&laqascii117o;الاتفاقية المتعلقة بامتيازات الامم المتحدة وحصاناتها" عبر تسريب وثائق سرية تعود ملكيتها الى لجنة أممية تأسست بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1595/2005. لكن اللافت في ذلك انكشاف اسلوب دانيال بلمار الانتقائي في تطبيق القانون. فالرجل يعرف جيداً أن مواجهته شبكة اعلامية تعدّ الاقوى في بلده الأم (كندا) ستضعه في موقع صعب. وبالتالي لن يجرؤ حالياً المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان على ملاحقة المحقق الكندي الذي سرّب مستندات التحقيق السرّية الى ماكدونالد، اذ ان ذلك سيشكل فضيحة في الاعلام الكندي ستعرّض بلمار لانتقادات من مصلحته تجنّبها. ورغم عرض العضلات الذي قدّمه المتحدّث الرسمي باسم المحكمة مارتن يوسف لـ&laqascii117o;الأخبار" من خلال تأكيده ان في امكان المحكمة استدعاء صحافيين للمثول أمامها كشهود، فهو يعلم على الارجح، كما يعلم المسؤولون الآخرون في المحكمة، أن المسّ بالحرية الاعلامية مقابل التغاضي عن محاسبة المحققين في مكتب بلمار الذين انتهكوا سرية التحقيق، قد تكون لها آثار سلبية على صدقية بلمار والمحكمة في الاعلام وعلى المستقبل المهني للصحافي مارتن يوسف وزميلته المتحدثة باسم مكتب المدعي العام سوفي دولاكومب.


إسرائيل وسلاح حزب الله... وجعجع

ـ 'الأخبار'

يحيى دبوق:

يقول الراوي إن دعوة رئيس حزب &laqascii117o;القوات اللبنانية"، سمير جعجع، حزب الله إلى قرار جريء بالتخلي عن السلاح، أصاب الحزب بصدمة وإرباك غير مسبوقين. بحسب الراوي، تداعت شورى القرار في حزب الله إلى جلسة نقاش، كانت هي الأطول في تاريخها، وشهدت انقساماً في مواقف أعضائها، بين من يرى ضرورة الإسراع وتلبية الدعوة بلا إبطاء، وبين رافض لها، على خلفية &laqascii117o;عدم الثقة" بنصائح جعجع وتشكيكهم بخلفياته.
يضيف الراوي، أن اتجاهات الأمور ما زالت غير واضحة، في ظل الانقسام الحاد الذي تشهده شورى حزب الله. هناك من يرى إمكان اللجوء إلى التصويت، في نهاية المطاف، على أن يعقب ذلك استفتاء يشارك فيه كل المنضوين في صفوف الحزب، من دون تحديد ما إذا كان المناصرون، أيضاً، سيشاركون فيه... لكن في هذه اللحظة، استفاق الراوي، وتبين أنه كان في حلم، تماماً كما صاحب الدعوة، سمير جعجع.
مقابل ذلك، في يقظة إسرائيل، الأمور مختلفة تماماً، ولا تكتفي بالأحلام و&laqascii117o;النصائح". فالحرب الإسرائيلية على لبنان لم تنته، وفشل عدوان عام 2006، لم يؤد إلى استسلام تل أبيب وثنيها عن تطلعاتها، ومنذ خمس سنوات، يحاول جيشها تحقيق جهوزية عسكرية، في مسار طموح جداً، على أن تُمكّنها من الحسم والانتصار في المواجهة المقبلة، رغم أن التأكيد الإسرائيلي، بحسب الحديث المتواتر من تل أبيب، يشير إلى قصور في تحقيق الجهوزية المطلوبة والكافية للانتصار، في ظل سباق الجهوزية مع حزب الله، إلى حد المطالبة بضرورة منع وقوع الحرب &laqascii117o;كي لا تجلب إسرائيل على نفسها كارثة".
في كلام جعجع إشارة إلى أن السلاح لم يعد مبرراً ولا مقبولاً، في ظل التحولات الكبرى في المنطقة، وفي ظل سقوط المعادلات التي أوجدته. وهذه أيضاً جزء من الأحلام. فعن أي تحولات كبرى يقصد؟ وكيف لهذه التحولات أن تؤثر سلباً على المقاومة وسلاحها، وتدفع قادتها إلى &laqascii117o;قرار جريء" بتسليم السلاح طوعاً؟ هل يقصد جعجع وجوب التخلي عن السلاح بعد أن أثبت أنه يمنع تل أبيب عن أطماعها وإمكاناتها في فرض إرادتها السياسية على لبنان؟ هل يقصد أن سقوط النظام المصري، أحد أهم التحولات في المنطقة، يفرض التخلي عن السلاح؟ هل يرى أن خلع الرئيس المصري حسني مبارك يمثّل غياباً لطرف داعم مطلق لخيارات مقاومة إسرائيل؟ هل يقصد أن تراجع مكانة واشنطن ونفوذها في المنطقة، وقرب خروجها من العراق، هو تحوّل من شأنه أن يضغط على حزب الله ويفرض عليه الاستسلام؟ هل يقصد أن بدء الاستسلام الغربي والتركي والخليجي أمام منعة سوريا، يفرض على حزب الله نزع نفسه عن سلاحه؟ أم أن الانكسار الدائم لقوى الرابع عشر من آذار، هو عامل ضاغط ويضع خيار المقاومة في مأزق؟
هذه هي أهم التحولات الكبرى في المنطقة، فهل هي ضاغطة على حزب الله وسلاحه؟ أم على أعدائه وخصومه؟ من يفترض به أن يتحلى بالجرأة ويتراجع عن مواقفه، هو المتضرر من هذه التحولات. وهو سؤال موجه إلى أصحاب النصائح والتوقعات الدائمة.
ولا شك في أن الكثيرين يسألون أنفسهم، عما يدفع البعض، ومنهم جعجع، إلى تكرار الحديث عن سلاح المقاومة، فيما هم وغيرهم يعرفون، جيداً، أن أحداً في هذا العالم، لا ولم يستطع نزع سلاحها؟ في الإجابة، يمكن القول إنه في كثير من الأحيان، قد يكون لمفاعيل الإقرار بالهزيمة وقع أشد من الهزيمة نفسها. من هنا، من غير المتوقع أن يُصارح جعجع وقيادات 14 آذار جمهورهم بحقيقة أن لا أمل في نزع سلاح المقاومة، بل سيواصلون ما بدأوا فيه، ويجترحون لهم آمالاً ورهانات مختلفة. من جهة ثانية، تُعبر شعارات قوى 14 آذار عن حقيقة موقفها من مقاومة إسرائيل، سواء كانت هذه المقاومة في موقع التحرير أو الدفاع أو الردع، لكن صوغ هذه الشعارات يكون بأسلوب لا يشير بصراحة إلى حقيقة المنطلقات والخلفيات، ولعل أكثر من في قوى 14 آذار مراعاة لذلك، هو جزء واسع من مسؤولي تيار المستقبل، قياساً بتاريخ جمهورهم وتطلعاته. وبدلاً من رفع شعار لا لمقاومة إسرائيل، يُستبدَل بشعار نزع السلاح أو ما شابه، ولا يخفى أن وقع هذا الشعار، يختلف في آذان الجمهور، عن وقع شعار لا لمقاومة إسرائيل. أما من جهة ثالثة، فقوى الآذاريين بحاجة إلى قضية مستمرة، تحافظ من خلالها على تماسك جمهورها، وخاصة بعد الرهانات الفاشلة والمتكررة طوال السنوات الماضية، تارة ضد سلاح المقاومة والمقاومة نفسها، وتارة ضد سوريا.
بناءً على ذلك، لن يستسلم جعجع. وستبقى مواقفه عدائية تجاه حزب الله. لكن في ظل إمكاناته المتواضعة، سيكتفي بأحلامه. وكما يقول الراوي، سيظهر بعض من هذه الأحلام إلى العلن، وستسبب من جديد صدمة وإرباكاً، ومن يدري إن كان حزب الله قادراً على تجاوز صدمة جديدة؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد