سيتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مواجهة مصيره في العام 2020؛ فمن ناحية، يواجه اتهامات بالفساد قد تقوده إلى السجن، ومن ناحية ثانية، فإنه سيخوض انتخابات هي الثالثة خلال أقل من عام.
وسارعت أوساط المعارضة الإسرائيلية، للتقدير بأن عام 2020 سيطوي صفحة من انفرد بقيادة إسرائيل، على مدى اكثر من 10 سنوات دون منازع.
ولكن محللين إسرائيليين قالوا لوكالة الأناضول، إن من السابق لأوانه التقدير بخسارته للمعركة، مشيرين إلى أنه سيخوض معركة قانونية، قد تستمر سنوات.
وكان المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أفيخاي ماندلبليت، قد أعلن قراره تقديم لائحة اتهام، تشمل الرشوة وإساءة الأمانة والاحتيال، ضد نتنياهو بعد التحقيق في 3 ملفات فساد.
وبالمقابل، فقد أخفق نتنياهو بتشكيل حكومة بعد الانتخابات التي جرت في إبريل/نيسان، ومن ثم سبتمبر/أيلول، دون أن يلوح في الأفق نجاحه بهذه المهمة، بعد انتخابات الثاني من مارس/آذار المقبل.
**خروجه حتمي
وقال يوني بن مناحيم، محلل الشؤون الإسرائيلية، إن خروج نتنياهو من الساحة السياسية هي مسألة وقت فقط.
وأضاف لوكالة الأناضول:" إنها بداية النهاية وخروج نتنياهو من الساحة السياسية هي مسألة وقت، إذ لا يعقل أن يخرج الإنسان بريئا من لائحة اتهام في 3 قضايا، تشمل الرشوة وإساءة الأمانة والاحتيال".
واستدرك المدير العام السابق للأخبار في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية:" ولكن الأمر يعتمد على الانتخابات التي ستجري في الثاني من مارس/آذار".
وأكمل موضحا:" التقديرات تشير إلى انه سيكون من الصعب عليه الحصول على 61 صوتا المطلوبة لتشكيل الحكومة؛ ولكن إذا ما حصل عليها فهذا يعني أنه سيحصل على حصانة برلمانية تبقيه في الحكم حتى فترة 4 سنوات".
وأضاف بن مناحيم:" أعتقد أن أقوال منافسه في حزب الليكود، جدعون ساعر، صحيحة، فإن احتمالات نتنياهو بالحصول على تأييد 61 عضوا لتشكيل الحكومة ضئيلة جدا".
وتابع:" إذا لم يحصل نتنياهو في الانتخابات على هذه الأصوات، فإن هذا يعني إنه قد انتهى سياسيا".
ورجّح بن مناحيم ألا يمنح زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني أفيغدور ليبرمان، حبل النجاة لنتنياهو.
وقال:" ليبرمان يدفع من أجل خروج نتنياهو من الساحة السياسية، وبتقديري فإنه حال خروج نتنياهو من المشهد، فإن ليبرمان سيعود إلى حزب الليكود، وسينافس على رئاسة الحزب، وستكون له فرص معقولة للنجاح".
واعتبر بن مناحيم أن نتنياهو، في أضعف حالاته، وهو يخسر حتى في داخل حزبه "الليكود" فضلا عن خسارته الكثير من ثقة الرأي العام.
**معركة صعبة
ويشير آفي إيسخاروف، المحلل في موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، إلى أن نتنياهو، يخوض معركة صعبة.
وقال إيسخاروف لوكالة الأناضول:" المؤيدون لنتنياهو يقولون إنه لم ينته بعد، وإنه ما زال قادرا على البقاء، أما المعارضون له فيعتقدون إنه قد انتهى فعلا".
وأضاف:" بالنسبة للمؤيدين، فإن بإمكان نتنياهو البقاء حتى إدانته من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية، وهي عملية قد تستمر عدة سنوات، وخلالها فإن بإمكانه البقاء كرئيس للوزراء".
وتابع إيسخاروف:" ولكن من ناحية ثانية، فإن نتنياهو يواجه منافسة داخلية في حزب الليكود، هي الأولى من نوعها منذ تزعمه الحزب، كما أنه يواجه منافسة قوية جدا من حزب أزرق أبيض، برئاسة بيني غانتس على المستوى الوطني".
وأشار إيسخاروف إلى أن نتنياهو سيسعى في الانتخابات القادمة، مطلع مارس/آذار، إلى زيادة مقاعد اليمين ليتمكن من تشكيل الحكومة.
وقال:" في ظل الوضع الحالي، وبحسب استطلاعات الرأي العام، فإن فرص تشكيل نتنياهو حكومة تحظى بثقة 61 عضوا في الكنيست هي صفر، ألا إذا تراجع ليبرمان وقرر أن يدعمه، وهذا الأمر غير مؤكد، بعد أن امتنع ليبرمان عن خطوة مشابهة بعد الانتخابات في إبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول".
وأضاف:" كما أن نتنياهو يواجه إشكالية ما بين أحزاب اليمين والدينية، التي باتت ترى بوضوح أن نتنياهو قد لا يتمكن من تشكيل حكومة جديدة".
وتابع:" وبالتالي فإن نتنياهو يواجه مشكلة داخل حزبه الليكود، وصعوبة تشكيل حكومة جديدة واتهامات بالفساد، فضلا عن إشكالية متوقعة مع شركائه من اليمين والأحزاب الدينية".
ورأى إيسخاروف أن نتنياهو "سيبذل كل جهد ممكن من أجل النجاح في الانتخابات القادمة من اجل تأكيد مكانته في الليكود والحفاظ على شركائه من اليمين والأحزاب الدينية، وأيضا لأن ذلك يعني حصوله على حصانة برلمانية تمنع محاكمته بتهم الفساد".
ولفت إلى أن "نتنياهو يعتقد أنه ليس رجلا سياسيا فقط، وإنما أنه ملك إسرائيل، وأنه بدونه لن تبقى دولة إسرائيل، وهذا غير عقلاني ولكنه هكذا يفكر هو وزوجته وأولاده".
وقال إيسخاروف:" نتنياهو يعتقد أنه زعيم ويجب أن يبقى الزعيم".
**مريض وقد يشفى
ويرى وديع أبو نصار، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن مغادرة نتنياهو للمشهد السياسي قريبا "ليست مؤكدة".
وقال لوكالة الأناضول:" حتى اليوم، تمكن نتنياهو من الحفاظ على بقائه؛ صحيح أن وضعه صعب، وأنه يواجه خصوما داخل حزبه وعلى المستوى العام، ولكنه من الناحية الأخرى يحافظ على كتلة يمينية قوية كما انه يحكم قبضته على حزبه، الليكود".
وأضاف:" كي يتمكن منافسه بيني غانتس من القضاء عليه، فإنه بحاجة أن يأخذ من أصوات اليمين أو الأحزاب العربية، وهذا غير مضمون".
وتابع:" نتنياهو لن يقدّم إلى المحاكمة قبل الانتخابات، وهو يسعى جاهدا من أجل الحصول على 61 صوتا في الانتخابات القادمة، إذ يعتقد أن 15-20٪ من اليمين لم يصوتوا في الانتخابات الماضية في سبتمبر/أيلول، وأنهم سيصوتون في الانتخابات القادمة في مارس/آذار خشية خسارة اليمين للحكومة".
وفي هذا الصدد، يضيف أبو نصار:" إذا صدقت توقعات نتنياهو وصوّت أنصار اليمين بكثافة في الانتخابات القادمة، فهذا سيعني أن وضع نتنياهو جيد".
ورأى أبو نصار أن نتنياهو، دفع منافسه على زعامة حزب "الليكود" جدعون ساعر، لخوض انتخابات رئاسة الحزب "لأن ساعر ضعيف حاليا، وغير جاهز، وبالتالي سيكون بإمكان نتنياهو القضاء عليه بسهولة".
وقال:" تصويت اليمين يعني تشكيل حكومة يمينية، ويعني حصول نتنياهو على الحصانة البرلمانية، ويعني إسكات الأصوات المعارضة له في داخل حزبه الليكود، وتكريس نفسه على أنه الملك".
وأضاف أبو نصار:" اعتقد أن نتنياهو هو مثل المريض، في غرفة الإنعاش؛ وضعه صعب، ولكن هذا لا يعني أنه سيموت إذ من الممكن جدا أن يعود للحياة".
الأناضول