عكا للشؤون الإسرائيلية
مقال تحليلي– بقلم: نائل عبد الهادي
تزايدت في الأيام الأخيرة، التصريحات لكبار ضباط الجيش الإسرائيلي، عن سيناريوهات الحرب القادمة، سواءا ضد حزب الله في لبنان، أو حماس في غزة. وحاول ضباط الجيش الإسرائيلي، خلال تصريحاتهم هذه، الكشف بشكل متعمد عن بعض التفاصيل الدقيقة، التي سوف تحدث خلال هذه الحروب القادمة، إن وقعت.
فهذا اللواء كوبي براك، قائد سلاح البر في الجيش الإسرائيلي، تحدث صراحة الأسبوع الماضي، عن سيناريوهات اندلاع حرب ضد حزب الله، وتطرق لإمكانية اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، كعنصر لحسم المعركة، الأمر الذي يعتبر خارج نطاق تخصصه، بحسب كبار المحللين العسكريين في إسرائيل.
كما تحدث العميد ساعر تسور أول أمس، عن استهداف لقادة الكتائب والألوية التابعة للذراع العسكري للقسام، خلال الحرب القادمة، وتعمد العميد تسور الغوص في تفاصيل دقيقة عن مخططات الجيش الإسرائيلي خلال الحرب القادمة، والتي تعتبر شبه أسرار عسكرية، لا يجوز الإفصاح عنها.
كل هذا بالإضافة الى التغطية المدروسة والممنهجة والموجهة، من قبل وسائل الإعلام العبرية، عن تدريبات ومناورات واستعدادات الجيش الإسرائيلي، والتركيز على أسلحته الحديثة المتطورة، التي سيتم الاعتماد عليها في الحرب القادمة.
بحسب العقلية العسكرية الإسرائيلية، فإن الحديث عن مخططات الحروب المستقبلية بشكل عام، والحديث عن طبيعة الأسلحة المتطورة لدى الجيش الإسرائيلي، تعتبر من الأسرار المحرم الكشف عنها. فلماذا يتم الكشف عن هذه الأسرار، بالمجان وبكثرة هذه الأيام؟ ومن الذي يقف خلف هذه العملية المدروسة؟ وما هو الهدف منها؟
اعتقد أن قيادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية بشكل عام، وقيادة الجيش الإسرائيلي بشكل خاص، تتعمد ذلك بهدف ممارسة الحرب النفسية ضد ألد أعداء إسرائيل على الجبهتين الأكثر سخونة، الشمالية والجنوبية، وذلك لعدة أسباب وهي:
أولا: من أجل إحداث تأثير نفسي على الطرف الآخر بشكل عام، ( مدني وعسكري) وحصد نتائج هذا التأثير لو وقعت حربا بالفعل.
ثانيا: من أجل العمل على إصلاح قدرة الردع الإسرائيلية المتهالكة، والتي تراجعت الى حد كبير أمام حماس وحزب الله ، اللتان تعتبران منظمات صغيرة وضعيفة أمام القدرات التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي. ( على الأقل بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي)
ثالثا: من أجل تكوين صورة داخلية مطمئنة لدى المجتمع الإسرائيلي المذعور، صورة تصور الجيش الإسرائيلي أنه الجيش المنتصر، والقادر على حماية السكان بالجبهة الداخلية، رغم أنفاق حماس الهجومية، ورغم صواريخ حزب الله الدقيقة.
أخيرا: هذه الحرب النفسية، هي سلاح ذو حدين، فهي موجهة بالدرجة الأولى للمجتمع الإسرائيلي، وللأعداء على حد سواء من جهة. ومن جهة أخرى قد تكون مقدمة لسيناريوهات عسكرية تستعد لها إسرائيل على المدى القصير، محليا واقليميا ودوليا.
ويفسر ذلك، زخم التدريبات التي أجراها الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، شمالا وجنوبا، برا وبحرا ، داخليا وخارجيا ( قبرص واليونان)، محليا ودوليا، (آخرها التدريب المشترك مع الجيش الأمريكي في النقب والذي لم ينتهى بعد)، والتي قد لا تكون حسب اعتقادي، جزء من التدريبات العامة والمخطط لها مسبقا، كما تدعي وسائل الإعلام العبرية في كل مرة، وقد تكون بحق، جزء من خطة شاملة، تستعد إسرائيل لتنفيذها في الصيف القادم، وهذه الحرب النفسية مقدمةً لها.