ستة عشر عامًا مرت على أسر المقاومة الفلسطينية الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط"، محققة من خلاله الإنجاز الأكبر في تاريخ المقاومة الفلسطينية، بكسر قيد 1027 أسيرًا وأسيرةً من سجون الاحتلال. بحسب حركة حماس، فإن المقاومة بددت في الخامس والعشرين من حزيران عام 2006 أوهام العدو بعملية "الوهم المتبدد"، وأذلته وكسرت هيبته، وأسرت الجندي شاليط من داخل دبابة خلال عملية إنزال خلف خطوط العدو في موقع "كرم أبو سالم" العسكري جنوب شرق رفح، بعد أشهر فقط من فوزها في الانتخابات التشريعية.
وقد نفذ العملية مجاهدو كتائب القسام وألوية الناصر صلاح الدين وجيش الإسلام، وقد استشهد اثنان من المنفذين، وتمكن الباقون من أسر شاليط وقتل ضابط صهيوني ومساعده بالإضافة إلى إصابة ستة آخرين، لتطبق حركة "حماس" سريعًا شعارها الانتخابي "يد تبني ويد تقاوم".
وقد شكلت مرحلة ما بعد أسر شاليط علامة فارقة في مسيرة المقاومة، فكان لها ما بعدها من عمليات أسر، وأصبح في قبضتها المزيد من الجنود الأسرى، ورسخت معادلات كبيرة فرضتها المقاومة بالقوة، فكان من أبرزها الانتصار لقضية الأسرى باعتبارها أحد أبرز الثوابت الفلسطينية التي تعمل لأجلها، فقضيتهم على رأس الأولويات، وواجب تحريرهم دين وأمانة في الأعناق، ولن تتوانى للحظة في الدفاع عنهم.
ولخمس سنوات، ظل شاليط في قبضة المقاومة، فيما منيت أجهزة أمن العدو ومخابراته بالفشل الذريع، ولم تتمكن من معرفة مكان احتجازه أو الوصول إلى أي طرف خيط يُوصل إليه. ويعود الفضل في الحفاظ على شاليط في الأسر إلى "وحدة الظل" التي أسستها كتائب القسام عام 2006، ولا تزال تحكم قبضتها منذ عدة سنوات على عدد من الجنود الأسرى.
وعام 2016 نشرت كتائب القسام بقرار من القائد العام محمد الضيف مقطع فيديو كشفت فيه لأول مرة عن أخطر وحداتها السرية "وحدة الظل"، وأشارت إلى أن مهمتها هي تأمين الأسرى "الإسرائيليين" الذين تأسرهم القسام، وإخفاؤهم عن الاحتلال وعملائه. ولا تزال وحدة الظل في كتائب القسام "على رأس عملها" ويحافظ عناصرها على الأسرى الذين بين أيديهم، وفق ما أكده نائب قائد هيئة الأركان في كتائب القسام مروان عيسى.
وقد شن الاحتلال عدوانًا واسعًا عام 2008 للقضاء على المقاومة واستعادة شاليط، لكنه فشل في ذلك، وأمام فشله في استعادة جنديه الأسير من غزة، رضخ لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع المقاومة الفلسطينية، عبر وساطة متعددة، أفضت إلى التوصل لصفقة عرفت باسم "صفقة شريط شاليط".
وبموجب الصفقة أفرج الاحتلال عن عشرين أسيرة فلسطينية مقابل شريط فيديو مدته دقيقة واحدة يُظهر "شاليط" على قيد الحياة.
وبعد سلسلة مفاوضات مضنية، توصلت المقاومة إلى صفقة تبادل للأسرى "وفاء الأحرار" عام 2011، أفرج بموجبها عن ألف و27 أسيرًا وأسيرة على مرحلتين، مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
ويزخر سجل كتائب القسام بأكثر من 25 عملية ومحاولة أسر، تكلل بعضها بالنجاح والاحتفاظ بالجنود، فيما حالت الأقدار دون نجاح عدد آخر منها، والتي انتهت بالاشتباك مع جنود الاحتلال وقتل الجنود المأسورين. وتوالت عمليات أسر الجنود التي نفذتها كتائب القسام في سبيل تحرير الأسرى في سجون الاحتلال والوفاء بالوعد لهم بالحرية، حتى غدت صاحبة أكبر سجل في عمليات أسر جنود الاحتلال.
وأكدت حركة حماس أنها ستبقى الوفية لأسراها في سجون الاحتلال، وتعمل من أجل حريتهم، وستظل قابضة على البندقية حتى تنعم فلسطين وقدسها وأقصاها بالحرية.