الـدول تسعـى لفـرض السيطـرة.. كونهـا &laqascii117o;محفـّز التغييـر"

- صحيفة 'السفير'
سوزان الوتار

ينشئونها، ثم يديرونها، فيحمونها، وغالباً ما يكسبون منها... هم &laqascii117o;رؤساء النت" أو قادة الشبكة العنكبوتية. هؤلاء تحديداً، وعددهم نحو ألفي شخص، يمثلون أكثر من مئة دولة، اجتمعوا بين 27 و30 أيلول الماضي في نيروبي، للمشاركة في &laqascii117o;منتدى حوكمة الإنترنت"، تحت رعاية الأمم المتحدة، فقط لأجل إقرار هوية من سيدير الانترنت.
عنوان المنتدى &laqascii117o;المضجر" (والتوصيف لمجلة &laqascii117o;الإيكونوميست" البريطانية) هو &laqascii117o;الإنترنت محفز للتغيير"، في تلميح جليّ إلى موقع &laqascii117o;ويكيليكس"، وغمز من قناة الربيع العربي.
لكن، يبقى الواقع خارج جدران قاعة المؤتمرات في مقر الأمم المتحدة في العاصمة الكينية مدهشاً. فالكينيون يستخدمون الإنترنت على هواتفهم الخلوية، يومياً. تصفح الشبكة يصبح أسرع وأرخص، يوماً بعد يوم. ولم تعد الانترنت حكراً على المهووسين من الأغنياء، بل أصبح متغلغلاً في نسيج عالم الأعمال وحتى في حياة الفقراء.
وليس منتدى حوكمة الإنترنت كأي منتدى نمطي تنظمه الأمم المتحدة، بمعنى أنه يتمتع بجدول متزمت يتّبع بروتوكولاً دبلوماسياً صارماً. في نيروبي، يحق لجميع المشاركين أن يلقوا كلمة. أما أصحاب البزات من المسؤولين الرسميين فما كان عليهم سوى التحلي بالصبر والإنصات إلى شكاوى الناشطين الإلكترونيين. واختتام المنتدى لم يكن بدوره نمطياً. لا بيان ختامياً، بل ورشة عمل تمحورت حول ما يتعين على المنظمين القيام به لتحسين وضع الانترنت. جعل ذلك كله من منتدى حوكمة الإنترنت تجمعاً غير عادي، تجمعاً يمهّد لما يحبّ المعنيون بعالم الانترنت تسميته &laqascii117o;نموذج حملة الأسهم المتعددين"، حيث &laqascii117o;يقول الجميع كلمتهم، وتتخذ القرارات بالإجماع".
حتى الآن، يدار الانترنت وفق النموذج المذكور. لكن يمكن لذلك ألا يستمر طويلاً. فالحكومات تريد أن تتمتع بالكلمة الفصل في المسائل الخلافية، بدلاً من أن تعامل كأي &laqascii117o;حامل أسهم" آخر.
عمر مقاربة &laqascii117o;حملة الأسهم المتعددين" من عمر الشبكة العنكبوتية، التي آمن آباؤها المؤسسون بالانفتاح سبيلاً للأمان والمزيد من الابتكار، ناهيك عن أن الانترنت هي عبارة عن مجموعة شبكات مستقلة يصعب تأطيرها في شكل حوكمة نمطي، يسمح برأس هرم يدير القاعدة.
حتى أوائل الألفية الثانية، كانت معظم الحكومات &laqascii117o;ممتنة" تجاه الانترنت، أقلّه في الغرب حيث يعيش غالبية مستخدميها. حتى حينه، لم يكن لدى الحكومات مشكلة في أن تدير منظمات مثل &laqascii117o;انترنت انجينيرينغ تاسك فورس" الشبكة، كما لم تشتك أي حكومة عندما أسست الولايات المتحدة في العام 1998 شركة &laqascii117o;انترنت كوربورايشون فور اسايند نايمز اند نامبرز" أو ما يعرف اختصاراً باسم &laqascii117o;ايكان"، التي تدير مسألة توزيع نطاقات الانترنت (domain).
لكن ما إن أصبحت الإنترنت شائعة عالمياً، حتى تبدّلت المواقف. خلال القمة الدولية لمجتمع المعلوماتية التي عقدت في تونس في العام 2005، ضغط العديد من المشاركين على الأمم المتحدة وإحدى وكالاتها (الاتحاد الدولي للاتصالات) كي تدير شبكة الإنترنت. قاومت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تلك المطالب. فكانت التسوية بإنشاء منتدى حوكمة الإنترنت.
لم تخبُ المطالب، وخاصة بعدما أظهر الربيع العربي أن الانترنت أداة فاعلة للتغيير والتجييش الاجتماعي، كما قال شون غونارسون من شركة &laqascii117o;كيرتون وماكونكي" للمحاماة. الصين وروسيا وغيرهما، اقترحت وضع &laqascii117o;مدونة سلوك دولية لأمن المعلومات"، في حين دعت الهند، وجنوب أفريقيا، والبرازيل إلى إنشاء &laqascii117o;هيئة عالمية جديدة" لضبط الإنترنت. إزاء تلك المطالبات، التمست &laqascii117o;منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، التي تضم الدول الغنية، ضرورة عقد اجتماع رفيع المستوى للدفاع عن &laqascii117o;مقاربة حملة الأسهم المتعددين".
وبالفعل، عقد الاجتماع في حزيران الماضي. وقد بدا واضحاً أن محور المشكلة يكمن داخل &laqascii117o;ايكان"، تحديداً بين مجلس إدارة الشركة وحملة الأسهم من الدول، التي كانت ترى في &laqascii117o;ايكان" شركة تفتقر للشفافية ولا يمكن محاسبتها حقيقةً.
وكانت المشكلة قد انفجرت في العام الماضي، عندما اتخذ مجلس إدارة &laqascii117o;ايكان" خطوة تفضي إلى إنشاء &laqascii117o;نطاقات انترنت فرعية وموسعة" تضاف إلى النطاق الأكثر شيوعاً، وهو &laqascii117o;دوت كوم". ما أثار حفيظة المسؤولين، خشية أن تتفاقم المسألة ونشهد نطاقات من قبيل &laqascii117o;دوت جيزوس" أو سواها من التسميات التي يمكن أن تثير الحساسيات.
لن يتخذ القرار النهائي بشأن إدارة &laqascii117o;ايكان"، التي تهيمن عليها الحكومة الأميركية، حول نطاقات الانترنت قبل العام المقبل. لكن الأصوات تصدح منذ الآن وعالياً، تطالب بوضع دستور شامل يحرر الشبكة العنكبوتية من سطوة &laqascii117o;الدول النافذة".