المقتطف الصحفي » مقتطف الصحافة الاجنبية لهذا اليوم الاربعاء 28/11/2007

مقتطف الصحافة الاجنبية لهذا اليوم الاربعاء 28/11/2007
صاروخ ايراني جديد يبلغ مداه القواعد الأمريكية بالمنطقة
موقع CNN :
كشفت إيران الثلاثاء في 27-11-2007 عن إضافة جديدة لترسانتها العسكرية بإنتاج صاروخ باليستي يبلغ مداه 1200 ميلاً، قادر على بلوغ إسرائيل والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، وفق ما نقلت الأسوشيتد برس عن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا).
ونقل المصدر عن وزير الدفاع الإيراني اللواء مصطفى محمد نجار قوله، خلال اجتماع لأعضاء قوات التعبئة، إن الصاروخ 'عاشوراء' من إنتاج المصانع التابعة وزارته، إلا أنه لم يشر إذا ما تمت تجربة الصاروخ الجديد.
وذكر نجار أن الوزارة قامت بإنتاج عتاد حربي منه صواريخ مضادة للدروع وأخرى دفاعيه وقذائف ودبابات وقطع بحريه، بالإضافة إلى مقاتلتي' صاعقه' و' آذرخش'، وفق المصدر.
ويأتي زخم الإنتاج العسكري الإيراني مدفوعاً بالتوتر القائم بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة التي تتهم الأولى بالسعي لإمتلاك سلاح نووي، وهي تهم نفتها حكومة طهران مراراً.
كما تتهمها واشنطن بإمداد المليشيات المسلحة في العراق بالأسلحة والتمويل.
وبدأت إيران برنامج تطوير وإنتاج الأسلحة إبان الحرب مع العراق للتعويض عن حظر الأسلحة الذي فرضته الولايات المتحدة، ويُنقل إنها بدأت، منذ العام 1992، في إنتاج طائرات وطوربيدات وصواريخ لا تلتقطها الردارات والدبابات.
وتضم ترسانة الأسلحة الإيرانية صاروخ 'شهاب -3' الباليستي الذي يبلغ مداه قرابة 800 ميل، وكان المسؤولون الإيرانيون قد أعلنوا عام 2005 عن تطوير هذا الصاروخ ليبلغ مداه 1200 ميلاً، ذات مدى الصاروخ 'عاشوراء' الجديد.
ولم يتطرق وزير الدفاع الإيراني إلى أوجهة الاختلافات بين الصاروخين.
وكانت إيران قد كشفت في سبتمبر/أيلول الماضي عن الصاروخ 'قدر'، الذي يبلغ مداه 1119 ميلاً.
ويعتقد الخبراء أن الجمهورية الإسلامية تعكف على إنتاج الصاروخ 'شهاب -4'، المرجح أن يبلغ مداه بين 1200 ميلاً إلى 1900 ميلاً، مما سيمكنها من ضرب الكثير من مناطق القارة الأوروبية.

هل تنتهز إسرائيل هذه الفرصة؟
صحيفة الاندبندت في 26-11-2007 :

كتب دونالد مكنتاير: إن التوقعات إزاء هذه القمة تظل منخفضة بشكل يبعث على الانقباض، إلى درجة انه لا يبدو مرجحاً، على المدى القصير على الأقل، أن توصف بأنها كارثة. وربما تثبت صحة وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولميرت في إصراره العنيد على أن مجرد حقيقة انعقاد القمة هو إنجاز في حد ذاته.
ولكن، ولو أنها كانت هناك أي فرصة لأن يكون هذا الحدث بمثابة النظير الإسرائيلي-الفلسطيني لاتفاقية 'الجمعة الحزينة'، فان تلك الفرصة قد تبخرت. وبدلا من ذلك، فإن من المحتمل أنها ستؤشر في أفضل الحالات، على بداية مفاوضات جديدة حول إنهاء الصراع، مع بعض الإلماح على الأقل إلى أن هذه المفاوضات يجب أن تستكمل قبل انتهاء ولاية بوش الرئاسية. وفي الغضون، يصر المتفائلون -وهناك القليل منهم- على أنها ستكون هناك عملية سلام قوية، إن لم يكن قمة قوية.
إن المشكلات ليست عصية الذكر، فالمفاوضات ستجري فقط مع جزء من فلسطين المستقبلية -مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومة الضفة الغربية التي عينها في شهر حزيران-يونيو الماضي. بينما حماس، التي تتمتع بسيطرة الأمر الواقع بالكامل على غزة حيث تعيش نسبة حوالي 40% من الفلسطينيين، تظل مستثناة من العملية، بل ولا هي تلتزم حتى بغاياتها. وفي الغضون يمكن القول بأن الحفل الذي أقيم في غزة في الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قد أشار إلى أن شعبية حماس قد باتت في طور الخفوت، كما تؤكد على ذلك الشواهد الروائية واستطلاعات الرأي العام.
حتى لو كان ذلك التجلي المؤثر بمثابة مؤشر على دعم منافسي حماس من فتح والسيد عباس، فإن مشكلة صعبة تظل هناك، وتتجسد في الكيفية التي يستطيع من خلالها الغزيون التخلص من حماس. وحتى لو تراجعت شعبية حماس إلى دائرتها الانتخابية المحورية التي ما تزال ذات وزن، فإن لديها الأسلحة والقوة لعرقلة أي انتخابات قد يفكر السيد عباس في إجرائها، كما ومن الممكن جدا أيضا، وفي حال اختارت ذلك، أن تعرقل العملية التي تنوي قمة انابوليس إطلاقها.
لعل الاحتمال الوحيد لتحييد هذه العوائق، قد يكمن، على ضآلته، في أن تستمر مفاوضات أولميرت-عباس بسرعة وعزيمة بحيث يتمكن عباس من التعامل مع حماس من موقع قوة سياسية فعلية. ولا شك في أن التخلص من بؤس الاحتلال المتزايد باطراد، سيمثل للفلسطينيين، بما فهم أولئك في غزة حيث السيطرة الإسرائيلية على الحدود كلية، ستكون هي المسألة الأكثر إلحاحاً.
أما في الضفة الغربية، حيث المستوطنات المدعومة بآلة عسكرية كبيرة وبنية أساسية ضخمة من الطرقات التي تحيط بها تسيطر على نحو 40% من الأراضي، فإنه يصبح من الأصعب يوما بعد الآخر تجسيد 'الدولة الفلسطينية القابلة للحياة'، والتي ستكون على شفاه كل الحاضرين في أنابوليس خلال الأيام المقبلة.
اذا استمر توسيع المستوطنات الموجودة -كما سيكون الحال ما لم تفرض اسرائيل تجميدا فعليا بدلا من التجميد المؤقت كما أعلن أولمرت في الأسبوع الماضي، فليس من الصعب رؤية كيف سيشعر الفلسطينيون بشكل متزايد بأن الوقت ربما ينفد للتوصل إلى حل الدولتين. ذلك شيء نعلمه. أما الشيء الذي يجري بحثه بشكل أقل في الغالب، فهو أن تلك 'الحقائق على الأرض نفسها'، تجعل من الضروري بالنسبة لإسرائيل، على الأقل في أي عالم عاقل، أن تصل إلى حل بدورها أيضاً. ولعل من المفرط في التشاؤم النظر إلى هذا المؤتمر على أنه 'الفرصة الأخيرة' لوضع حل يقوم على دولتين، لكن بعض المفكرين اليساريين الصهاينة من حيث الأساس أشاروا تكراراً إلى أن البديل عن حل دولتين مبكر، بعد عقود من سفك الدماء والبؤس في صفوف الجانيبن، هو احتمال قوي لقيام كيان يكون فيه اليهود أقلية في نهاية المطاف، والذي يجعل من أمر 'الدولة اليهودية الديمقراطية' فكرة غير قابلة للديمومة.
في مقال مقنع نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت مؤخراً، قال عاموس أوز، أبرز روائي إسرائيلي، إن فشل العملية الحالية قد يفضي إلى 'موت' حل الدولتين، مما يترك المجال أمام الاختيار بين 'كارثتين تاريخيتين': دولة واحدة 'تضم أغلبية عربية' وتقع بين نهر الأردن والبحر المتوسط، أو ما يدعوه أوز بلا تحفظ 'نظاما إسرائيليا عنصريا' يواصل 'الاستمرار في قمع الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال بالقوة، فيما يستمر الفلسطينيون في المقاومة العنيفة'.
يصر بعض الساسة الأجانب ممن قابلوا أولمرت أخيرا على انه يفهم شيئاً من هذا، ويريد لمباحثات ما بعد أنابوليس أن تكون مثمرة، لا أن يخرج نظيفا من المشكلات، كما حدث بشأن التحقيقات التي فتحتها الشرطة في معالجته لخصخصة أحد المصارف عندما كان وزيرا للمالية، أو فيما يتعلق بنتائج التحقيق النهائي الوشيكة عن حرب لبنان. لكن الأمر إذا كان كذلك، فإنه يواجه، مثل السيد عباس، وضعاً داخليا صعبا -ليس من جانب أحزاب الجناح اليميني المعترف بها في ائتلافه فحسب، وإنما أيضا وعلى نحو ربما ينطوي على تهديد أكثر، من جهة الزعيم العمالي وزير الدفاع أيهود باراك. إذ يعد باراك نفسه لتولي رئاسة الوزراء مرة أخرى، وهو يبدي فيما يبدو تشكا عميقا إزاء إجراء أي مفاوضات مع الفلسطينيين، على الأقل تحت مراقبة طرف ما. ويتعرض باراك إلى هجوم قوي من داخل حزبه الخاص بسبب 'هجرانه معسكر السلام'. وقد ظهرت افتتاحية قبل أيام، حيث كان عنوان صحيفة هآرتس الليبرالية اليومية الإسرائيلية: 'باراك: المخرب المشتبه به'.
كل ذلك يعني مرة أخرى أن الولايات المتحدة فقط هي التي تتوافر على القوة لدفع هذه العملية أمام مثل هذه العوائق. ويعتقد بعض الدبلوماسيين بأن الرئيس بوش قد يكون أكثر انخراطاً، أو أن يكون حلفاؤه العرب أقنعوه بان يكون كذلك، بغية تجنب تفاقم النزاع في حال اندلعت مواجهة محتملة مع إيران، حتى أن تلميحات قالت بأن التعويض التي تفرضه اميركيا مقابل فعل ما تريده إسرائيل في إيران هو التوصل إلى حل مع الفلسطينيين. لكن ذلك لن يكون كافيا على الأرجح لضمان عملية ناجحة، والتي تكون لأنها مجردة من كافة القيود المحلية المألوفة للسياسة الداخلية الاميركية والإسرائيلية، ستكون في حد ذاتها مجسدة في مصالح اميركية - وربما إسرائيلية.
لقد رهنت كوندوليزا رايس سمعتها بتحقيق النجاح. وحتى تحققه، فإنها تحتاج، على أقل تقدير، إلى أن تصبح 'جيمس بيكر' جديداً، ولأن تحظى بنفس الدعم من بوش الابن مثلما حظي بيكر بدعم بوش الأب.

لا تغيير.. دون اعتراف فلسطيني بـ يهودية اسرائيل
'يديعوت احرونوت في 22/11/2007':

كتب موشيه (بوغي) يعلون ـ رئيس الاركان الاسبق، زميل في معهد أديلسون للاستراتيجية في مركز شاليم ـ، فشل مفهوم اوسلو كان يفترض به ان يثير تفكيرا متجددا ومفهوما جديدا بالنسبة لادارة النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. ولكن الاطراف تتوجه الي انابوليس وكأن شيئا لم يحصل في الـ 14 سنة الاخيرة، وكأننا لم نتعلم شيئا بعد اكثر من 100 سنة من الصهيونية. مفهوم اوسلو فشل بسبب الرفض الفلسطيني الاعتراف بحق دولة اسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة (أو علي حد نص القرار الدولي: وطن قومي للشعب اليهودي في ارض اسرائيل ). المعني هو ان الهدف الفلسطيني ليس اقامة دولة في حدود 1967، بل اقامة دولة علي خرائب دولة اسرائيل. من هنا الاصرار الفلسطيني علي حق العودة وعلي عدم الاعتراف باسرائيل كدولة يهودية.
اولئك الذين يحاولون تشويش هذه الحقيقة الاساسية بتفسير الفشل، يعلقون الذنب، بشكل مغلوط، علي التسويف الاسرائيلي في تطبيق الاتفاق؛ باغتيال رابين الراحل؛ بمطلب التبادلية لنتنياهو؛ بانعدام الكيمياء بين باراك وعرفات؛ بالرد الحاد من الجيش الاسرائيلي علي هجمات الارهاب بعد ايلول (سبتمبر) 2000؛ بالحواجز؛ بالمستوطنات وما شابه.
منذ بداية تطبيق اتفاق اوسلو كانت لاسرائيل فرص قليلة للصحوة والعمل علي تغيير المفهوم. الفرص فوتت كنتيجة للجدال الداخلي حول ماهية المشكلة، وصعوبة قادة الخطوة في الاعتراف بخطئهم.
الفرصة الاولي كانت عندما دخل عرفات لاول مرة الي قطاع غزة عبر معبر رفح في ايار 1994، في ظل خرق الاتفاق، والذي وجد تعبيره في تهريب مخرب كبير محظور دخوله (جهاد العمرين)، وبادخال سلاح محظور ادخاله. خروقات الاتفاق استمرت في عدم منع العنف (الارهاب) تجاه اسرائيل، والتنكر للمسؤولية من خلال اقامة كيان عصابات، عدم تقديم قتلة الاسرائيليين للمحاكمة، وعدم تغيير الميثاق الفلسطيني .
شن حرب الارهاب في ايلول (سبتمبر) 2000 كانت فرصة اخري لاسرائيل للاصرار وريادة تحطيم الاواني لمفهوم فشل. والفرصة الاخيرة (حاليا) كانت سيطرة حماس علي قطاع غزة في اعقاب فك الارتباط.
لحكومة اسرائيل توفرت فرصة ذهبية لان تثبت مرة اخري بان المشكلة ليست الاحتلال ، بل عدم الاستعداد للاعتراف بحقنا في الوجود كدولة يهودية.
بعد سيطرة حماس علي القطاع، كان بوسع اسرائيل ان تبادر الي سياسة تتعاطي مع قطاع غزة ككيان معاد (وهذه خطوة اتخذت مؤخرا بشكل جزئي)، ومطالبة القيادة الفلسطينية في الضفة بالاثبات بأنها قادرة علي السيطرة علي السكان الذين تحت مسؤوليتها من خلال فرض القانون والنظام، الامن، الاصلاح التعليمي، الاصلاح الاقتصادي والسياسي، دون البحث علي الاطلاق في مسائل التسوية الدائمة.
الانشغال بمسائل التسوية الدائمة يسمح للفلسطينيين بالتملص من مسؤولياتهم عن الفشل، يعفيهم من الانشغال بالاصلاحات الداخلية التي بدونها لا أمل في تغيير الوضع، ويضع العبء علي اسرائيل. دون استعداد فلسطيني للاعتراف بحق الشعب اليهودي في وطن قومي، ودون مسيرة اصلاحات داخلية، لا أمل في تغيير أساسي في الوضع.
بعد اربعين سنة من حرب الايام الستة، 14 سنة من اتفاق اوسلو، ينجح الفلسطينيون في ادارة مفاوضات مع اسرائيل دون اعطاء شيء (باستثناء الكلام)، في ظل تجميد عدم التماثل في صالحهم: فهم يقاتلون علي كل ارض اسرائيل ونحن نقاتل علي منطقة يبدو أننا تنازلنا عنها (الضفة). فقد ثبتوا في الوعي انه للعرب مسموح السكن في كل ارض اسرائيل، ونحن وافقنا بأن هناك مناطق في البلاد محظورة علي اليهود. هم نجحوا في التآكل في مواقفنا في موضوع الحدود القابلة للدفاع في يهودا، السامرة وغور الاردن، والتآكل في مواقفنا في موضوع القدس. الاستعداد الاسرائيلي للبحث في هذه المسائل بعد التجربة المريرة في تطبيق اتفاق اوسلو، وبعد سيطرة حماس علي القطاع، يبدو هاذيا من ناحية سياسية وامنية.
المفهوم الذي فشل في اعقاب اتفاق اوسلو، من المتوقع ان يفشل مرة اخري في انابوليس. واسرائيل بعد أن فوتت فرصة اخري لتغيير المفهوم، يجب ان تتأكد انها لن تدفع ثمنا سياسيا وأمنيا علي الفشل المتوقع.

الأموال الأميركية:هل تشتري ولاء القبائل العرب؟
كريستيان ساينس مونيتورفي 23-11-2007 :

كتب سام داغر: داخل بيت أنيق للضيافة، في حرم قصر صدام حسين في تكريت على ضفاف نهر دجلة، يتندر الشيخ صباح الحسني لأن الحرفين الأولين من اسم الدكتاتور السابق، والمنقوشين على الجدران 'SH' يماثلان الحروف الأولى من اسمه. ويقول بابتسامة عريضة: 'لدي ضعف اتجاه السيجار الكوبي والعطر الفرنسي والأحذية الخفيفة الإسبانية الصنع'.
ويضيف السيد الحسني، الذي يزعم أنه أحد أمراء قبيلة شمر التي يصل عدد أفرادها إلى سبعة ملايين نسمة في العالم العربي انه منذ حزيران الماضي تلقى على الأقل 100.000 دولار نقدا وعدة عطايا من القيادة العسكرية الاميركية ومن الحكومة العراقية.
وبمساعدته تم توزيع مبلغ مليون دولار على الأقل على شيوخ قبائل أخرى ممن انضموا إلى 'مجلس الدعم' في محافظته 'صلاح الدين' وفق ما ذكره ضباط اميركيون. وقد جمع هؤلاء معاً قوة مسلحة مكونة من حوالي 30.000 من رجال القبائل، وأطلقوا عليها اسم 'رجال الصحوة'.
ويخدم هؤلاء الرجال المنخرطون هدفا واحدا: حشد القبائل السنية وأتباعها العديدين لدعم قوات التحالف.
تشكل هذه الدفعات مجرد قطرة من إناء المنح التي تنفقها الولايات المتحدة سنويا في العراق. ولا يعتبر الدفع للقبائل من اجل المحافظة على السلام شيئا جديدا، فقد كان ذلك إحدى وسائل السيد حسين في نظام رعايته الانتقائي الذي استهدف إضعاف كافة المؤسسات خارج حزب البعث التابع له وإحكام السيطرة عليها. كما جرب البريطانيون هذه الطريقة عندما حكموا العراق في القرن الماضي.
لكن هذه الاستراتيجية تظل محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الاحتمال الخطير المتمثل في اندلاع الحروب فيما بين القبائل نفسها، وخلق المليشيات في المناطق العربية السنية المقاومة بعناد، حيث ما يزال الكثيرون يشككون في شرعية وسلطة الحكومة المركزية ذات القيادة الشيعية في بغداد.
يقول الكولونيل ديفيد سو الذي يقود فريقا استشاريا يسدي النصائح للقوات المسلحة العراقية في محافظة صلاح الدين التي تعتبر موطن صدام حسين: 'لقد رمت القيادة العسكرية الاميركية بالأموال على الشيوخ'، ثم يعرض صورا رقمية التقطها حديثاً، والتي تضم شيوخاً مبتسمين يحملون رزما نقدية برفقة ضباط عسكريين اميركيين. وقال 'إنك من حيث المبدأ، تدفع إلى المدنيين ليتحولوا إلى إرهابيين. لقد كان وهب الأموال طريقة متسرعة لمحاولة الحصول على نتائج'.
ويقول ضباط عسكريون اميركيون على الأرض إن ثمة ضغطا كبيرا يمارس من أعلى لإعادة تحقيق نجاحات ما سمي بـ'الصحوة' ضد القاعدة في محافظة الانبار الغربية. وقد وصل هذا الاتجاه إلى أقصاه في فترة التحضير للإدلاء بالشهادات أمام الكونغرس، والتي أدلى بها كبير القادة العسكريين الاميركيين في العراق والسفير الاميركي في بغداد، كما يقول ضباط اميركيون.
يقول الكولونيل سو، وهو من مواطني هاواي الأصليين: 'بغية تحويل مقصد الجنرال ريموند اوديرنو لتحقيق المصالحة إلى فعل، بدأت قوات التحالف على الأرض بتجنيد القادة بشكل أساسي، في محاولة لتحويل توجهات مدنيين آخرين ضد المتمردين'. والجنرال اوديرنو هو القائد العسكري الاميركي رقم 2 في العراق.
ويبدو أن هذه الاندفاعة قد أثمرت، إذ هبط عدد الانفجارات والإصابات في صفوف العسكريين الاميركيين في تشرين الأول-أكتوبر إلى نصف المستويات التي كانت عليها في أيلول-سبتمبر في منطقة خدمة الفرقة الشمالية متعددة الجنسيات الشمالية، والتي تضم محافظات ديالى وصلاح الدين وتميم (كركوك) ونينوى، طبقا للأرقام العسكرية.
يدافع مسؤول كبير في الائتلاف الشيعي الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي عن الحكمة التي تنطوي عليها الشراكة مع القبائل العربية السنية. ويقول همام حمودي، وهو عضو برلمان من حزب المجلس الإسلامي العراقي الأعلى إن القبائل قد تشكل في نهاية المطاف حلفاء سياسيين أفضل من التكتل السياسي السني الذي غادر الحكومة في حزيران - يونيو، وقاطعها منذ تموز-يوليو الماضي.
لكنه يحذر من ضرورة أن يكون لبغداد اشراف اكبر على مشروع الوصول الى القبائل، وبغير ذلك فإن القبائل السنية العربية تستطيع ان تنقلب على الحكومة متى ما انتهى التواجد الاميركي. ويقول السيد حمودي عن القبائل: 'إنها في حاجة لان تجري حواراً مع الحكومة. واذا ما استمر اتصالها مع الاميركيين فقط، فإنها ستصبح عندئذ مثل قنبلة موقوتة، وقد تصبح في المستقبل عدوة لمشروع الديمقراطية'.
ويشاركه في هذا الرأي الفريق عبد الجبار الربعي الذي كان في السابق قائدا في الجيش في عهد صدام، ويتولى حاليا قيادة كتيبة في الجيش العراقي الجديد في محافظة صلاح الدين. وهو يقول ان رجال الحسني يفتقرون الى النظام والولاء، ويمكن ان يتحولوا خلال وقت قريب الى ميليشيات. ويضيف الربعي: 'إنهم ربما يخرجون عن السيطرة، وقد يكونون عملاء مزدوجين يتعاملون مع كلي الطرفين'.
يقول الربعي إنه استنادا إلى معلومات استخباراتية مستقاة من الحسني، قاد قوة من الجنود ورجال الشرطة العراقيين في الثلاثين من تشرين الأول-أكتوبر لإلقاء القبض على قادة خلية في تنظيم القاعدة، ومن اجل تحرير رهائن من 'مستعمرة اختطاف' تقع في جبال حمرين البعيدة في المحافظة. وعندما وصلوا إلى الموقع، تبين لهم أن معظم الرجال هناك كانوا قد تلقوا معلومات مسبقة عن العملية. ويقول الضابط الأميركي 'سو' انه بينما كان دور الحسني في تلك العملية ايجابيا، فإنه قد يخضع لإغواء 'عمل أي شيء يؤمن له استمرار تدفق الأموال'. ويستذكر كيف أن الحسني كان قد هرع، بناء على إخبارية في أوائل تشرين الأول، إلى موقع عملية يقودها الجيش العراقي إلى الغرب من مدينة سامراء المتوترة: 'في محاولة لادعاء بعض الفضل لنفسه' فقط لتضربه قنبلة مزروعة على جانب الطريق، حيث قتل في الانفجار شيخان آخران كانا برفقته.
ويقول سو إن ثمة شائعات تقول بأن الحسني ليس أميرا حقيقيا. وإذا كانت الولايات المتحدة تعتمد على منطق يقول بأنها تمول مسوقين سمجين، فإن شيوخا آخرين قد يشكون في صدقية برنامج 'الصحوة'.
على الأرض في محافظة صلاح الدين، والتي تضم 1.3 مليون نسمة، منهم حوالي 90% ممن كانوا بعثيين في مرحلة ما ويتخذون مواقف من النظام الجديد، فإن تغيير التحالفات فيها يظل أمراً معقداً. وعلى سبيل المثال، حاول عدو الحسني اللدود، وهو نائب المحافظ عبدالله جبارة الذي كان بعثيا رفيعا ينحدر من عشيرة الجبور، حاول اعتقال الشيخ في الشهر الماضي.
من جهته يمتدح الحسني الدعم الاميركي، ويقول انه حصل على 'وعود براقة فارغة' من بغداد. ويضيف انه لو قدر للقوات الاميركية أن تغادر المحافظة، فإنه سيكون في مقدمة القافلة المغادرة. ويقول إن القبائل عندما تستدير لتسوية الحسابات فيما بينها، فسيكون هناك 'حمام دماء'.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد