المقتطف الصحفي » مواقع الصحف العربيّة... متى ينتهي الجهل الإلكتروني؟

82346_430- صحيفة 'السفير'
سجى مرتضى

لن تضطر للانتظار أكثر من خمسة عشر دقيقة، ليتم تحديث موقع صحيفة &laqascii117o;ليبيراسيون" الفرنسية بمادة جديدة. وغالباً ما يكون الخبر مرفقاً بتقرير مصوّر، بشكل يغني عن التلفزيون. وإن أردنا أن نجمع محتوى موقع صحيفة أجنبية في عدد ورقي واحد، لصار حجم الجريدة بحجم كتاب. وهذا ما لا نجده في أي موقع عربي. إذ أن الطبعة الالكترونية لمعظم الصحف العربية، هي نسخة طبق الأصل عن العدد الورقي. والمفارقة، أن تكون شرارة الثورات العربية، نابعة من عالم الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، في حين أن صحفنا، الناطقة باسمنا ولغتنا، &laqascii117o;جاهلة" إلكترونياً... إن لم نقل &laqascii117o;أميّة".
من الصعب جداً أن نقارن مواقع الصحف الأجنبية بمثيلاتها العربية، إن كان من حيث الشكل والتصميم أو حتى المضمون. إذ لا تزال الصحف العربية متخلفة كثيراً، وسط التطور الواسع للصحافة الالكترونية في العالم. فمواقع &laqascii117o;الغارديان" و&laqascii117o;نيويورك تايمز" مثلاً، غنية بالتحقيقات الخاصة، واللقطات المصوّرة، التي قد لا تجد لها مكاناً على الورق، لضيق المساحة. كما أن معظم تلك المواقع، تعتمد على تغيير التصميم وتحديثه، بين عامٍ وآخر، بهدف جذب مزيد من القرّاء. ولا تخلو صفحات تلك المواقع، من المادة الإعلانية، إذ تعدّ باباً منفصلاً لتأمين دخل إضافيّ للصحف. وهذا ما لا نجده على مواقع الصحف العربية. فهل السبب في ذلك هو ضعفٌ في التمويل أم في التخطيط؟
المشكلة الأساسية لا تتعلق بالتمويل، بحسب مسؤول موقع صحيفة &laqascii117o;الأخبار" اللبنانية منصور عزيز بل &laqascii117o;العقلية الورقية المسيطرة على الصحف العربية التي من الصعب جداً التخلص منها. فالنسخة الالكترونية للصحف في العالم العربي لا تزال ذات صيغة مطبوعة، ودورة العمل في الصحيفة تتمحور حول الورقيّ". ويرى عزيز أن أحد الأسباب الرئيسية للتخلّف الالكتروني في مواقع الصحف العربية، هي &laqascii117o;المركزية الشديدة التي تلزم مرور كل المواد المعدة للنشر إلى تدقيق رئيس التحرير بينما العمل الدائم في الموقع يتطلب إعطاء قدر من الحرية لفريق العمل لينشر بشكل مستمر من دون رقابة شديدة". ويضيف أن &laqascii117o;الصحافة الإلكترونية مبنيّة على فكرة التحرر في العمل والنشر، مما يفرض على إدارة الصحيفة إن أرادت تطوير الموقع أن تقوم بإعادة توزيع جديدة للأدوار مع رقابة بسيطة لا بد منها لرئيس التحرير".
ومن جهتها ترى مريم مهنّا، مسؤولة النشر الإلكتروني في &laqascii117o;السفير" أن إحدى الأسباب التي تجعل مستوى مواقع الصحف العربية متدنياً، هي &laqascii117o;أن كلفة الانترنت أرخص في الدول الأجنبية، كما أن الخدمة هناك أسرع مما هي عليه في العالم العربي، حتى أن كلفة اليد العاملة في المجـال الإلكتروني هناك أقل... وكل هذا يمنع الصحف العربية من الاهتمام بالصورة، ومقاطع الفـيديو أو حتـى النقل المباشر للأحداث على مواقعها".
وقد تكون المشكلة الأبرز بحسب العاملين في مجال النشر الإلكتروني، هي العقلية التقليدية التي لا تزال مسيطرة على النشر في العالم العربي. إذ أن منطق البحث عن &laqascii117o;سكوب" ونصوص حصريّة، لا يتوافق مع منطق السرعة الذي يفرضه دفق المعلومات على الشبكة، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن معظم الصحف العربية لا تفرز فريقاً من الصحافيين للعمل على مواقعها، بل تعتمد على أناسٍ قادمين من عالم تكنولوجيا المعلومات حصراً. مع العلم أن النشر الإلكتروني صار مادةً تدرّس في كليّات الصحافة.
قد تكون مشكلة تطوير المواقع الإلكترونية للصحف العربية، أعمق بكثير من مشكلة التمويل، والبحث عن فريق بشري قادر على العمل في موقع الكتروني. فعدم تحديث النشر الإلكتروني، يبعد الشباب عن الصحف، وصار يؤدي إلى انخفاض نسبة القرّاء، ما يجعل الصحف أمام معضلة الاستمرارية. بهذا المعنى، صار تطوير المواقع الإلكترونية للصحف العربية حاجة وجوديّة بالنسبة لهذه المهنة، خصوصاً أننا اليوم في صلب ثورة إلكترونية، سيكون من الصعب على المتخلفين عنها، اللحاق بالركب...

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد