- صحيفة 'السفير'
وسيم عيد
أطلق ناشطون مصريّون قبل أيّام حملة على فايسبوك، لجمع تواقيع تدعو إلى مقاطعة شراب الشعير الخالي من الكحول &laqascii117o;بيريل". والسبب حملة الشركة الإعلانيّة التي تحمل شعار &laqascii117o;إشرب بيريل .. واسترجل"، التي يتم بثها بكثافة عبر شاشات مصرية عدة خلال شهر رمضان. الحملة تتضمّن إهانة للمرأة والرجل على حدّ سواء، من خلال تكريسها لصور نمطية للرجولة والأنوثة، تربط الأولى بالخشونة والفحولة، في حين تربط الثانية بالمياعة والتفاهة والضعف. إعلانات المشروب، تجعل من شمشون الجبار أو سي السيد أو الشاب الـ&laqascii117o;دونجوان"، رجلاً مثالياً يجدر الافتداء به، في حين تصور المرأة على أنها كائن ضعيف كثير البكاء والشكوى، غير جدير بمشروب الرجال وعنوان الفحولة الأوحد.
حملة &laqascii117o;بيريل" الإعلانية ليست جديدة. عبارات من نوع &laqascii117o;طعم ميقدروش إلا الراجل"، &laqascii117o;الرجولة مش سهلة"، &laqascii117o;فيه شعراية بين الرجولة والـ ... &laqascii117o; أو &laqascii117o;ارجع للدكر.. اشرب بيريل واستدكر"... كلّها شعارات اتخذها المنتج عنواناً لحملاته الإعلانية المتواصلة منذ سنوات. كأنّ الشركة تجعل من نفسها بمثابة الراعي الرسمي للرجولة. في حين كان الشعار الأكثر استفزازاً الذي حمله أحد إعلانات المشروب قبل ثلاث سنوات: &laqascii117o;شخصية البنت آخر حاجة تعلق عليها"، في اختزال واضح للمرأة في جسدها، واعتبار أي حديث عن &laqascii117o;شخصية المرأة" شكلاً من أشكال النقص في رجولة المتحدث. فعلى هذا الأخير، ما دام رجلاً حقيقياً، أن ينظر للمرأة على أنها جسد فقط.
كلّ ذلك استفز الناشطين على فايسبوك، فقرر بعضهم التحرّك أخيراً ضد شركة &laqascii117o;البيرة الحلال". فكان أن أطلقت الناشطة المصرية نعمة ج. حملة المقاطعة عبر صفحة &laqascii117o;الاتحاد النسائي المصري ــ تحت التأسيس" (أكثر من 16 ألف متابع). وكتبت شارحة الأسباب التي دعتها إلى ذلك: &laqascii117o;إعلانات بيريل تستفز جمهوراً كبيراً، لأنّها مهينة للمرأة، ورسخت مفاهيم خاطئة عند الجمهور عن الرجولة". وأضافت نعمة شارحة الخطوات الفعلية للحملة: &laqascii117o;سنقاطع المشروب، وقد نتظاهر في مخازن الشركة، تختار أفكار أخرى لإعلاناتها".
صفحات واسعة الانتشار على موقع &laqascii117o;فايسبوك" تبنت الحملة فور إطلاقها، من بينها صفحة &laqascii117o;انتفاضة المرأة في العالم العربي" (أكثر من 113 ألف متابع)، وصفحة &laqascii117o;علمانيو سيلنترو" (أكثر من 64 ألف متابع)، وصفحات أخرى عديدة دعت متابعيها لدعم الحملة والانضمام إليها ونشرها على أوسع نطاق ممكن.
الحملة، التي تعتبر الأولى من نوعها على فايسبوك، سواء من حيث سعة انتشارها أو من حيث استهدافها لمنتج تجاري بعينه، قد تفتح الطريق في حال نجاحها لكثير من الحملات المشابهة، خصوصاًَ في ظل الاعتماد المتزايد لصناعة الإعلان العربي على الصور النمطية والإيحاءات الجنسية. وتلك أفكار تشكّل غالباً وصفة جاهزة للنجاح السريع، لأي إعلان تجاري، من دون أن يبالي صانعوه بالمفاهيم الخاطئة التي يكرّسونها لدى متابعيهم، وخصوصاً من جيل الشباب.
لكن واحداً من أبرز الأمور المثيرة للحيرة، هو ترافق نجاح الحملات الإعلانيّة عادةً، مع حملات استهجان شعبية واسعة. وهو أمر يضعنا مرّة أخرى أمام السؤال عن سبب ذلك الفصام الذي يعاني منه المتابع العربي. فهو يعلن استهجانه لمثل تلك الإعلانات، لكنّها تحقق في المقابل رواجاً كبيراً، كا حصل مع إعلانات &laqascii117o;وديع وتهامي" التي بثتها قناة &laqascii117o;ميلودي" قبل سنوات وحققت ــ برغم أو ربما بفضل ما احتوته من إيحاءات جنسية فجة ــ نجاحاً كبيراً، ولم يتوقّف بثها إلا بقرار صادر عن القضاء المصري.