مقتطف من الصحافة الاجنبية لهذا اليوم 26/12/2007
ربما نستطيع تكليف حزب الله بإعادة بناء مركز التجارة العالمي ؟؟!!
'نيويورك تايمز' 21-12-2007:
الاستسلام سبق وحصل. لكن كرمى لمصلحة أميركا، اتركوا الإرهابيين ينتصرون! بعد ساعات قليلة فقط على وقف لإطلاق النار أنهى حربا من خمسة أسابيع في لبنان بين إسرائيل ومقاتلي 'ميليشيا إسلامية'
وبحسب الصحيفة نتشر مئات الآلاف من عناصر حزب الله في عشرات القرى في جنوب لبنان، ينظفون وينظمون ويعاينون الأضرار. وانهمك رجال ركبوا الجرافات في شق ممرات بين أكوام هائلة من الركام. بعد يوم فقط على بدء سريان وقف إطلاق النار، أصبحت الطرقات التي قطعت بسبب ركام بقايا المباني سالكة تماما. فمن يبالي إذا كان حزب الله تنظيما إرهابيا بحسب تصنيف وزارة الخارجية الأميركية؟ إنه، وعلى خلاف حكومتنا العديمة القيمة والجدوى، يتصرف وينجز الأمور !. ان مواطني 'نيو أورليانز' بحاجة يائسة الى روحية القدرة على الإنجاز التي يملكها حزب الله. فباستثناء منطقة المربع الفرنسي السياحي، لا يزال بحسب جيد هورن من صحيفة نيو ربوبليك ما كان يمثل حتى العام 2005 اكثر المدن فتنة ومركزا للثقافة في بلادنا، <منطقة منكوبة تمتد على مساحة تعادل خمسة اضعاف مساحة منطقة مانهاتن>. فبعد عام على الإعصار الذي يضرب منطقة الخليج الساحلي بشكل روتيني، لا يزال نصف سكان المدينة لاجئين بسبب حكومة لم ترفع اصبعا لتدعي حتى أنها تبالي بالامر... نيو اورليانز مدينة ميتة. والأمر غير القابل للتصديق أن الساسة لم يقدموا لها شيئا وإن ضئيل القيمة.. وفي الذكرى الاولى لهذا الاعصار كتبت صحيفة <ديلي ميرور> البريطانية ان <مياه الفيضان جفت بمعظمها، لكن غير ذلك لم يتغير في المدينة. وكانت صدمة لنا خلال التجوال بالسيارة في شوارعها أن نرى ان كمية الدمار والخراب بقيت على حالها وأن اعادة البناء لم تتم الا نادرا>. واليوم يراقب الاميركيون غير مصدقين كيف ان حكومتهم ردت على الدعاوى اليائسة لضحايا اعصار كاترينا المرضى والجائعين بسوقهم وجمعهم كالقطعان داخل معسكرات اعتقال، تخصص لكل عائلة بطاقات مصرفية برصيد دين من 2000 دولار وهو مبلغ زهيد مهين للتعويض عن خسارتهم لكل ما كانوا يملكونه. وبإمكان الجميع ان يرى ان الحكومة الفدرالية عجزت عن الايفاء بواجبها في حماية مواطنيها. ولا يكفي ان المسؤولين رفضوا دعم القوات المجندة المنهارة وزيادة عددها، بل هم لم يحاولوا حتى إرسال فرق الاغاثة في اعقاب الفيضان المتوقع منذ زمن بعيد. ومع ذلك فإن الولايات المتحدة بلد يقوده رجال يرون الامور من منظار مختلف تماما عن أي أحد آخر غيرهم. فهم في الواقع يعتقدون حاليا أن ضحايا الإعصار كاترينا يتلقون أكثر مما يجب. فقد أوضح مدير الوكالة الفدرالية لادارة الطوارئ دافيد بوليسون في بيان في 23 تموز الماضي: <ان تسليم شخص ما 2000 دولار، يعني ان في يده الكثير من المال>. ولذلك، وبفضل خفض ادارة بوش للموازنة فسيكون على ضحايا أية كوارث قادمة التصرف بمبلغ لن يزيد عن 500 دولار. أتعرفون ان الولايات المتحدة أصبحت من العالم الثالث عندما تم التعاطي مع اللبنانيين الذين تعرضوا للقصف بأفضل مما تم التعاطي معنا. هل تذكرون كيف ان ضحايا الاعصار لم يتمكنوا حتى من الاتصال بالخط الساخن الدائم الانشغال الذي وضعته وكالة ادارة الطوارئ الفدرالية؟. لقد وعد الشيخ حسن نصر الله ان عناصر حزب الله <في القرى والبلدات سيهتمون بأولئك الذين تضررت منازلهم ويساعدونهم على إعادة بنائها>، فأمر مقاتلي حزب الله بمعاينة الأضرار حتى في المناطق المجاورة للقتال والبدء في إصلاحها. كما أعلن حزب الله عن تقديم 'الأثاث الملائم والمقبول' وبدل إيجار مجاني لمدة سنة لكل اللبنانيين الذين فقدوا منازلهم. وبخلاف المسؤولين الحكوميين العنصريين هنا الذين أداروا أمور الخليج الساحلي بشكل فاسد وأخرق، حيث تم إنقاذ البيض ورمي السود وقتلهم، فقد شمل عرض المجموعة الإرهابية الشيعية أيضا المجموعات السنية والمسيحية وحتى اليهودية. لقد كتبت صحيفة التايمز تقول: <إن سمعة حزب الله كشبكة خدمات اجتماعية فعالة في القرى والأرياف كانت جلية في كل مكان. فقد كان شبان يحملون أجهزة اللاسلكي وألواحا ثبتت عليها أوراق للكتابة يجولون في الضواحي الشيعية المقصوفة إلى الجانب الجنوبي من بنت جبيل، يدونون ملاحظاتهم حول مدى الأضرار. كما ان عناصر من حزب الله دارت على منازل القرية بيتا بيتا تسأل سكانها عن احوالهم وعما يحتاجونه من مساعدة. وتسأل 'التايمز' من سيحتاج الى وكالة فدرالية لادارة الطوارئ بوجود ارهابيين مثل هؤلاء؟. اليوم وبعد عام على اعصار كاترينا، لا يزال المسؤولون ينبشون الجثث من بين الركام. ولا تزال عشرات الجثث مجهولة الهوية، ولا يزال الحاكم والمحافظ يتبادلان اللوم والمسؤولية بشأن عدم تحركهما المتعمد. ولا يزال الرئيس جورج بوش يرفض تقبل تحمل المسؤولية. بينما وبعد يوم واحد فقط من سريان وقف إطلاق النار في لبنان، استطاع الشيخ نصر الله ان يجري حسابا شاملا وكاملا للاضرار التي سببتها حملة القصف الاسرائيلي وأن يطلق برنامج إعادة بناء شاملة. ولقد قال قائد حزب الله: <انه وحتى الآن، ونتيجة حساباتنا، بلغ عدد الوحدات السكنية التي دمرت كليا اكثر من 15 الف وحدة. لن نستطيع بالتأكيد انتظار الحكومة وناقلاتها وأجهزتها الثقيلة لان ذلك سيتطلب وقتا طويلا. وكما يحدث غالبا في حالات الطوارئ في الولايات المتحدة، فإن أسعار السكن والمياه والبنزين وغير ذلك من الضروريات ارتفعت على نحو غير مكبوح خلال إعصار كاترينا وبعده. ولم يتحرك بوش. بينما وفي المقابل، حذر نصر الله أصحاب الأعمال والمصانع والشركات من استغلال الوضع قائلا: 'لا يجب أبدا رفع الأسعار بسبب تزايد الطلب'. إن قوة حزب الله، تقول الأستاذة في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت 'أمل غريب' تنبع في جزء كبير منها من الفراغ الذي تركته الدولة. قول مألوف، أليس كذلك؟ إنه كذلك بالنسبة الى سكان لايدي سميث في وينكونسن. تلك البلدة الريفية التي دمرها إعصار العام 2002 والتي أهملتها الحكومة وتركتها لأهلها الذين دفعوا الضرائب لها طيلة حياتهم. لكن ربما نستطيع تكليف حزب الله بإعادة بناء مركز التجارة العالمي ؟؟!!
بعض أسرار وتعقيدات مفاوضات الأسرى بين إسرائيل وحزب الله
الوطن السعودية في 25-12-2007 :
قال خبير أوروبي في شؤون المفاوضات بين الدول، يتابع منذ سنوات ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله أن المعطيات المتوفرة لديه من خلال المتابعة والتحليل وبعض المعلومات التي حصل عليها من صحفي لبناني كان يعمل في فترة الثمانينات مع إحدى الصحف الخليجية، تفيد بأن الطيار الإسرائيلي رون أراد الذي أسقطت طائرته فوق لبنان في عام 1986 واختفى منذ ذلك الوقت،هو في عداد الأموات وان جثته لم يتم العثور عليها بالرغم من الجهود المضنية التي بذلها حزب الله بالتعاون مع أطراف أخرى.
ويضيف أن كل ما حصل عليه حزب الله نتيجة بحثه الطويل، هو صورة ورسالة كتبها أراد بخط يده تعود إلى فترة أسره على يد المسؤول في حركة امل، في حينه، مصطفى الديراني الذي أسرته إسرائيل وأطلق سراحه في عملية التبادل الشهيرة في عام 2004.
وأوضح الخبير الأوروبي أن الصحفي اللبناني أبلغه أن مسؤولا سياسيا بارزا في حركة أمل أكد له أن أراد قتل، من دون توضيح ما إذا كان قد لاقى حتفه على يد آسريه أو في خلال المعارك التي وقعت بين قوات المقاومة والجيش الإسرائيلي في قرية ميدون في البقاع الغربي (المكان المفترض لاحتجاز أراد) في الثمانينات،على الرغم من أن الفرضية الثانية هي المرجّحة.
ويقول الخبير الأوروبي الذي أجرت ' الوطن' اتصالا به إن فرضية بقاء أراد على قيد الحياة وأنه موجود في إيران تحتاج إلى الكثير من الدعائم لتصديقها. ففي حال صحة الفرضية كان حزب الله أول من استخدم أراد في التفاوض ليس حول أسراه اللبنانيين والأسرى العرب، بل كان طرح مبادلته أيضا بما يعتقد انهم 4 أسرى إيرانيين لدى إسرائيل كانت القوات اللبنانية قد اختطفتهم خلال الحرب الأهلية في لبنان وسلمتهم إلى إسرائيل حسبما يزعم الإيرانيون.
من جهة ثانية قال الخبير الأوروبي إنه تناهى إليه من أكثر من مصدر أن الوسيط الألماني في عملية التفاوض بين حزب الله وإسرائيل جيرهارد كونرد، الذي يعمل حالياً بتكليف من الأمم المتحدة، قد عقد بعد عملية التبادل الجزئي الأخيرة (جثة إسرائيلي مع رفات مقاومين لبنانيين)عدة اجتماعات مع مندوبين عن إسرائيل وحزب الله انتهت إلى تراجع كبير للآمال التي كانت معقودة على المفاوضات لإتمام عملية تبادل واسعة النطاق تشمل الجنديين الأسيرين لدى حزب الله. وأضاف 'طلب الجانب الإسرائيلي من حزب الله تعويضا عن عدم تقديم أدلة مفيدة حول مصير أراد، إعلام الوسيط الألماني بالحقيقة الفعلية عن مصير الجنديين وما إذا كانا على قيد الحياة خصوصا وأن تقارير إسرائيلية وألمانية كانت قد تحدثت عن أن الجنديين قد توفيا'.
وتابع الخبير الأوروبي يقول إن 'حزب الله رفض تقديم ما يفيد عن مصير الجنديين،وتمسك بشرطه المعلن بأن كل معلومة في عملية التفاوض لها ثمن، وطالب بثمن عملي لكشف المصير الفعلي للجنديين'.
وقال 'في هذه اللحظة توترت الأجواء وأبدى المندوب الإسرائيلي تحفظا على استمرار التفاوض معلنا أن استئنافه رهن بتقديم حزب الله معلومات وافية عن الجنديين'.
وأضاف 'شعر الإسرائيليون أن حزب الله يمسك بمصير المفاوضات ويديرها وفق شروطه. ففي حين تقدم إسرائيل كل المعلومات التي لديها حول أسرى الحزب وتسمح لهم بالتواصل مع العالم الخارجي يقفل حزب الله الزنزانة بإحكام على الجنديين وهذا أمر لم يعد ممكنا القبول به'.
في هذه الأثناء يقول الخبير الأوروبي إن 'القناعة تعززت لدى الجانب الإسرائيلي،، بأن سرا ما يمنع حزب الله عن كشف مصير الجنديين، وهو إما أنهما قتلا خلال عملية الأسر، أو على لأقل قتل أحدهما، خلال احتجازهما بسبب جراحهما'. ويضيف'إن معرفة أن الجنديين توفيا أو على الأقل واحد منهما سوف تؤدي إلى انخفاض مستوى ونوعية مطالب حزب الله في عملية التبادل ولذلك فإن الحزب يدير التفاوض بكل قسوة وتكتم بغية عدم تقديم أية معلومات قد تضر بموقعه التفاوضي'.
وكانت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' قد نشرت في ملحقها الأسبوعي الصادر في 18/5/2007، تقريراً موسعاً أعدّه محلل الشؤون الاستخبارية للصحيفة، رونين برغمان، كشف فيه عن 'تقرير سري' للجيش الإسرائيلي يشير خلاله إلى أن أحد الجنديين الأسيرين، إيهود جولدفاسر وإلداد ريجف، أصيب بجراح خطرة على الأقل، واحتمالات بقاء الثاني على قيد الحياة تقترب من الصفر.
وعندما واجهنا الخبير الأوروبي بمعلومات مناقضة لمعلوماته بثتها الإذاعة الإسرائيلية مؤخرا وتفيد بأن حزب الله استجاب لمطلب إسرائيلي حمله المفاوضون الدوليون وقضى بمعرفة المصير الدقيق للأسيرين الإسرائيليين بالإضافة إلى معلومات حاسمة عن ملاح الجو الإسرائيلي رون أراد، قال 'هذه مجرد حملة دعائية لرفع رصيد رئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت، وحزب الله لن يقدم ما يساعده على ذلك حتى وإن كان ذلك في إطار عملية تفاوض هو_أي حزب الله _ يسعى إليها'.
وردا على سؤال آخر حول مصير المفاوضات بعد التعقيدات التي طرأت قال الخبير الأوروبي إن' إسرائيل ستعود إلى الطاولة رغما عنها خصوصا وأن أولمرت بحاجة إلى تسجيل رصيد في هذا الملف، أما حزب الله فإنه يقاتل خلال المفاوضات ويعرف أن النفس الطويل وعدم التنازل هما مفتاح النصر'.
أميركيون يتهمون باكستان بإهدار مليارات الدولارات
وكالات :اتهم مسؤولون أميركيون الحكومة الباكستانية بتحويل أموال الدعم الأميركي لتمويل شراء منظومات أسلحة صممت لمجابهة الهند وليس تنظيم القاعدة أو حركة طالبان.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في عددها في 25-12-2007 أن المسؤولين الأميركيين أقروا الآن بأن إنفاق تلك الأموال يفتقر إلى ضوابط في الصرف وأن إستراتيجية النهوض بالقوات العسكرية الباكستانية تقتضي التجديد بشكل جذري.
ونقلت الصحيفة على لسان هؤلاء المسؤولين قولهم إن معظم أموال الدعم الأميركي لباكستان لا تصرف على الوحدات العسكرية الباكستانية الموجودة في الخطوط الأمامية وإن الولايات المتحدة صرفت عشرات الملايين من الدولارات نظير فواتير لشراء وقود وذخائر ونفقات أخرى بأرقام مبالغ فيها.
وجاء في الخبر الذي أوردته الصحيفة من إسلام آباد أن الولايات المتحدة أنفقت ما يربو على خمسة مليارات من الدولارات في محاولات فاشلة إلى حد بعيد لتعزيز قدرات الجيش الباكستاني من أجل التصدي للقاعدة وطالبان.
وأبدى مسؤولون باكستانيون من ناحيتهم حنقهم الشديد على ما يصفونه بالجحود الأميركي لجهود بلادهم في مكافحة الإرهاب التي أودت بحياة نحو ألف جندي وضابط باكستاني, نافين أن تكون الفواتير مبالغا فيها.
الضربة الأميركية... خيار يتلاشى في أزمة إيران النووية
صحيفة الاتحاد في 24-12-2007 :
كتب باسكال بونيفاس : قبل أسابيع قليلة فقط كان احتمال توجيه ضربة أميركية إلى إيران حاضراً بقوة ومتداولاً على نطاق واسع في أوساط الإدارة الأميركية بهدف تفكيك برنامجها النووي والحؤول دون امتلاكها للسلاح الفتاك الذي قد يزعزع الاستقرار العالمي. لكن طهران من جهتها أصرت على رفض الضغوط الغربية وواصلت رفضها القاطع لوقف تخصيبها لليورانيوم، بل واصلت التخصيب مستخدمة المزيد من أجهزة الطرد المركزي حتى ظن البعض في الغرب أن إيران باتت على وشك تفجير قنبلتها النووية الأولى ودخول النادي النووي من أبوابه الواسعة.
وبالطبع لم يكن بوش راغباً في مغادرة البيت الأبيض، وهو يجر وراءه خيبة حرب العراق المتعثرة كتركة لولايته الرئاسية الأولى، وإيران نووية كتركة لولايته الثانية. لذا جاءت كلماته حادة بعض الشيء عندما حذر نهاية شهر أكتوبر الماضي من هولوكوست نووية لا تبقي ولا تذر، ولم يتردد في هذا الإطار أيضاً من دق ناقوس خطر حرب عالمية ثالثة إذا ما أصرت إيران على امتلاك السلاح النووي.
ويبدو أن الرئيس بوش الذي أدرك عقم سياسته الخارجية وفشلها على أكثر من جبهة سواء في العراق، أو في أفغانستان، أو بمنطقة الشرق الأوسط عموماً، قد فكر أن الحل ربما يكمن في مغامرة أخرى كمحاولة منه للهروب إلى الأمام. غير أن حساب البيدر اختلف عن حساب الحقل بعدما أصدرت ست عشرة وكالة استخباراتية أميركية في بداية شهر ديسمبر الجاري تقريراً تشير فيه إلى وقف طهران لبرنامجها النووي الموجه لأغراض عسكرية في العام 2003. ووفقاً لهذا التقرير توصلت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى نتيجة مشتركة تضفي المزيد من المصداقية على التقرير وتستبعد صفة التواطؤ كما ذهب إلى ذلك بعض أركان الإدارة الأميركية. ويرى التقرير أن إيران التي أوقفت برنامجها العسكري في العام 2003 لا تستطيع استئنافه وتحقيق النتائج المرجوة خلال وقت وجيز، بل يتعين الانتظار إلى غاية 2015. ومع ذلك كرر بوش موقفه السابق مشدداً على أن إيران 'مازالت دولة خطيرة وستبقى خطيرة في المستقبل إذا ما تمكنت من حيازة السلاح النووي'.
والواقع أن الرسالة التي بعثت بها هيئة الاستخبارات الوطنية الأميركية كانت واضحة لا لبس فيها، وهي أنها لا تريد تحمل مسؤولية حرب أخرى ضد إيران على غرار العراق عندما وجهت إليها تهم التقصير في جمع المعلومات الدقيقة حول أسلحة الدمار الشامل التي ثبت عدم وجودها. واللافت أن أجهزة الاستخبارات الأميركية التي قامت بالعديد من العمليات القذرة في مناطق العالم المختلفة، وتدخلت لصالح أنظمة بعينها تقود هذه المرة التيار المعتدل في السياسة الأميركية وتقف في وجه 'صقور' البيت الأبيض الذي يريدون تنفيذ أجنداتهم حتى لو استدعى الأمر لي عنق الحقائق وتوظيف المعلومات الاستخباراتية المغلوطة. وهكذا استنفر النقاش الذي أثاره تقرير الاستخبارات الأميركية جهود 'المحافظين الجدد' الذين يميلون إلى تغليب المبادئ الأيديولوجية على الحقائق في اختلاف واضح عن زملائهم الواقعيين داخل الإدارة الأميركية الذين يفضلون الاعتماد على الوقائع كما هي دون إخضاعها لاعتبارات أيديولوجية.
ولا ننسى أن التقرير الصادر عن هيئة الاستخبارات الأميركية جاء ليثبط عزيمة فرنسا وبريطانيا اللتين ألقتا بكل ثقلهما وراء أميركا وقرعتا طبول الحرب معها. لكن الضربة الأهم الناتجة عن صدور التقرير وجهت إلى إسرائيل التي تعتبر امتلاك إيران للسلاح النووي خطراً وجودياً لا يمكن التغاضي عنه. وتختلف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في تقييمها للموقف عن مثيلتها الأميركية، إذ تعتبر أن إيران لم توقف برنامجها النووي العسكري، وبأنها مازالت تسعى إلى الحصول على السلاح النووي. ومع ذلك تجد الدولة العبرية نفسها عاجزة عن الدفع برأيها قدماً، أو ممارسة ضغوط على الولايات المتحدة بعد صدور كتاب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر 'السلام لا فصلاً عنصرياً'، وكتاب آخر عن دور اللوبي الإسرائيلي في توجيه السياسة الخارجية الأميركية، فضلاً عن النقاش الدائر في أميركا حول مدى تطابق المصالح القومية الأميركية مع المصالح الإسرائيلية، والحاجة إلى الربط بينهما كما يدعو إلى ذلك اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وهكذا بدأت بعض الأصوات ترتفع في أميركا متسائلة عن الثمن الذي يتعين على واشنطن دفعه مقابل الاستمرار في دعمها غير المشروط لإسرائيل.
وفي هذا السياق أصبح من الصعب على إسرائيل الظهور وكأنها تسعى إلى لي ذراع أميركا للدفع بها إلى خوض حرب أخرى ضد إيران قد تكون كارثية. فإذا تبين أن الحرب فاشلة، على غرار ما حصل في العراق، وتورطت أميركا في مستنقع آخر، ستتحمل إسرائيل المسؤولية ما سيؤثر على العلاقات الوثيقة بين البلدين. كما أنه عندما تدلي الاستخبارات الأميركية برأيها المستند إلى معلومات موثقة يصعب على الإدارة الأميركية واللوبي اليهودي تبرير الحرب على إيران، أو اعتبارها حاجة ماسة للحفاظ على مصالحهما الاستراتيجية. ويبدو أن ما تشدد عليه الاستخبارات الأميركية من خلال تقريرها الأخير هو أنه مازال هناك متسع من الوقت للحوار والتفاوض، وهو ما يُصعِّب على إسرائيل الدفع في اتجاه الحرب وتحمل مسؤولية ما قد ينجم عنها.
فالجميع يعرف أن شن حرب على إيران، حتى لو استهدفت مواقع محدودة، لن تبقى تباعاتها محصورة في نطاق ضيق، بل ستؤثر على منطقة الخليج برمتها مع تداعيات استراتيجية كارثية على الصعيد العالمي. وإذا كانت حيازة إيران للسلاح النووي ستغير الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط بعد أن ينتهي الاحتكار الإسرائيلي لهذا السلاح في المنطقة وتنامي المخاوف المشروعة للدول العربية المجاورة، فإنه يمكن مع ذلك تفادي الأسوأ باعتماد النموذج الكوري الشمالي وتغليبه على المثال العراقي. هذا النموذج الذي يسمح لطهران بالحصول على ضمانات أمنية بعدم تغيير النظام مقابل تخليها عن برنامجها النووي.