المقتطف الصحفي » الاستبداد الغربي بنظر إعلاميي 14 آذار: الخطأ في واشنطن ولندن والجريمة في دمشق وط

- موقع 'الإنتقاد'
هيلدا المعدراني

لم يكن الاضطهاد المعنوي والمادي الذي انزله الغرب باسم قيمه ومبادئه بكل من عميدة المراسلين في البيت الأبيض هيلين توماس، والإعلامية في 'السي أن أن' الزميلة أوكتافيا نصر، والسفيرة البريطانية في بيروت فرنسيس غي، هو الذي مزّق برقعه الذي يتنكر به ليواجه مجتمعات المنطقة لتبرير تدخلاته المغرضة في شؤونها، فالوقوف من المكان المطل على مشاريع الغرب وسياساته في بلادنا ماضيا وحاضرا، كافٍ لتحسس وتلمس الملامح والقسمات القبيحة للوجه الغربي الذي لا تنفع في تجميله كل مساحيق تشدقه بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وتمكين المرأة ونشر ثقافة الديمقراطية وتقبل الرأي الآخر وغيرها من العناوين البراقة.

هناك نخب إعلامية ومنها في لبنان، ما زالت تنظر إلى الغرب من خارج المأزق الذي يتخبط فيه، وهو المأزق الذي احتدمت عقده مع تعثر زعيمة هذا الغرب، الولايات المتحدة الأميركية، في تجديد بسط هيمنتها على المنطقة وفقا لشروطها، وجعلها جسراً ومنطلقا للإمساك بشكل مطلق بكل شؤون العالم.

فلم تعرف هذه النخب، ما معنى أن يفشل جيفري فيلتمان على الرغم من توزيعه 500 مليون$ في مهمة تشويه صورة حزب الله، في حين أن أميركا نفسها لم تتكبد إبان الحرب الباردة سوى بضعة ملايين من الدولارات في مهمة مشابهة (إذاعة أوروبا الحرة) أنجزتها بنجاح لتحطيم النموذج السوفياتي.

ولا تريد هذه النخب التسليم بالأسباب الحقيقية التي جعلت ما كان سهلا ومؤثرا في موسكو صعبا وشاقا في بيروت، ولم تدرك أن قيم الغرب قد استنزفت حتى آخر نقطة منها، بانحيازه غير الأخلاقي لـ'اسرائيل'، ومشاريعه الاستعمارية المتجددة، وتماديه في نهب خيرات وثروات شعوب المنطقة، وترفض أن تجاري أبناء المنطقة الذين لم يبق أمام أنظارهم من النموذج الغربي سوى الفوضى والفتن الدموية في بغداد، ودمار الـ2006 في بيروت، ومجازر الأطفال في غزة، والحصارات الجائرة من دمشق إلى طهران، والعدالة الدولية العوراء التي تلاحق الرئيس السوداني عمر البشير وتفرش السجاد الأحمر لأولمرت وباراك ونتنياهو!.

'الانتقاد ' أجرت اتصالات هاتفية مع رموز هذه النخب، خصوصا أولئك الذين كانوا يظهرون تحسسا عاليا حيال أي تعرض لصحفي سوري أو إيراني، واستطلعت آراءهم حول ما حدث لكل من هيلين توماس وأوكتافيا نصر والسفيرة فرنسيس غي، وكانت ظاهرة الازدواجية في تعاطيهم مع التعرض لحرية الرأي، فقمع إعلامي في إيران أو سوريا أو أي دولة من خارج الغرب، هو جريمة يبنى عليها مطالبات بتغيير النظام وإعادة النظر بالثقافة وفتح الأبواب أمام كل أنواع التبشير السياسي والديني والثقافي، أما ذات الجريمة في بلدان الغرب ولو ارتكبت بآليات مختلفة فهي ليست سوى غلطة لا تستدعي سوى لوم مؤسسة أو موظف بتهذيب ولياقة.

الزميلة مي شدياق اكتفت بحديث من خارج الموضوع ليس للنشر بناءً لطلبها، ورفضت التعليق على ما حدث لزميلتيها نصر وتوماس والسفيرة غي بداعي عدم امتلاكها حيثيات ما جرى.

أما الزميلة جيزيل خوري، فتقر أن هناك خطوطا حمراء لحرية الرأي في الغرب من دون توضيح هذه الحدود أو تأثيرها على قضايا الشعوب، وإذ تبدي تضامنها مع أوكتافيا نصر واصفة 'طردها' من العمل بالأمر المعيب، غير أنها انتقدت موقف زميلتها توماس، واعتبرته 'غير مفيد' للقضية العربية، وقالت عنها: 'تستطيع القول إن إسرائيل أهلكت المنطقة، ولكنها لا تستطيع القول لليهود أن يرجعوا إلى بولندا، ففي هذه الحالة كل شخص له أصول معينة تقول له ارجع إلى موطن أصولك، وعندها تقول لأوباما ارجع إلى كينيا وهي ترجع إلى لبنان'.

وعندما قلت لها ان أوباما لا تنطبق حاله على اليهود لأن أجداده اقتيدوا بالقوة إلى أميركا، وعوملوا بعنصرية عديمة الرحمة والإنسانية ولم يكن بوارد عندهم اقتلاع شعب من أرضه وتشتيته في أصقاع الأرض، قاطعت السؤال وتابعت: 'ما حصل مع أوكتافيا خطأ فظيع، وحاولنا الاتصال بها على شاشة العربية وكان جوابها الرفض، كما أن أصحاب الشأن رفضوا التحدث عن هذا الموضوع، وشو بيطلع بإيدنا غير هيك'.

الزميلة وردة، على طريقتها عبرت عن تضامنها مع السفيرة غي والإعلامية نصر، بتوجيه التحية إلى روح العلامة السيد محمد حسين فضل الله الذي وصفته بالكبير، ودعت هيلين توماس وأوكتافيا نصر كي يتحركا لنصرة قضيتهما، و'يقودا الثورة ضد قمع الإعلام وحريته'، مؤكدة وقوفها إلى جانبهما ودعمهما.
وإذ رفضت تقويم الحريات الإعلامية في الغرب، قالت وردة: 'إن لبنان هو أول بلد يمارس حرية التعبير، ولا يوجد إعلام حر حول العالم كما هو حاصل في لبنان، والله يديم هذه النعمة'.

أما الزميل عمر حرقوص، فلا يرى ما حدث لتوماس ونصر أو للسفيرة البريطانية، يشكل إدانة للنموذج الغربي في الحريات، وأقصى ما يذهب إليه في وصف القمع الغربي هو نعته بالخطأ، ويحصر التبعة على مؤسسات بعينها وليس على السقوف الواطئة الضوابط والمنصوبة فوق رؤوس المجتمعات الغربية بأسرها.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد