المقتطف الصحفي » من يجرؤ ألا يكون اسرائيلياً؟

- 'الإنتقاد'
بثينة عليق

يُجمع عارفو اوكتافيا نصر على أنها اعلامية ناجحة ومميزة، وأنها ممن ساهموا في شهرة قناة CNN العالمية. كما انهم يجزمون بأن اوكتافيا لم تكن من المؤيدين لمحور الممانعة والمقاومة أو من المتعاطفين مع حركات المقاومة في المنطقة. وهي ككل العاملين في القناة الأميركية خاضعة ومتماهية مع سياسة الـCNN وإلا لما كانت وصلت الى الموقع الذي تبوأته في القناة الشهيرة. إلا ان ما بات واضحاً، أن هذه الشروط لم تعد كافية ليحتفظ الاعلامي بوظيفته في الولايات المتحدة الاميركية. هناك أمر أساسي لا بد من توفره لدى جيش الاعلاميين العامل هناك، هو ان يكون بكل وضوح 'اسرائيليا '. وهذا يعني ان يعلن الاعلامي ولاءه سراً وعلانية لـ'اسرائيل' وان يلتزم أمنها ووجودها وان يتبرأ من اعدائها بمناسبة او من دون مناسبة، وصولاً الى برمجة عواطفه، فلا يعلن تعاطفاً او احتراماً او حزناً لمن وضع في خانة اعداء 'اسرائيل'.

اما اذا حصل العكس كما جرى مع هيلين توماس وأوكتافيا نصر، فستكشف المؤسسات الاعلامية عن وجهها الحقيقي حيث اللوبي الصهيوني هو اللاعب الأساسي والعامل الحاسم في رسم السياسات والتوجهات ولا ننسى دوره التمويلي .

وبيدو ان ما يجري في المؤسسات الاعلامية في الولايات المتحدة الاميركية هو امتداد لما يحدث في الجامعات والاكاديميات وفي مجلس النواب وفي مجلس الشيوخ . فاللوبي الصهيوني يعمل بطريقة مذهلة فيراقب كل التفاصيل في الحياة العامة والسياسية والاكاديمية والاعلامية ويتابعها ويلاحقها بهدف السيطرة على العملية السياسية والاعلامية من خلال ممارسة حق الاعتراض على وجود الأشخاص الذين لا يتناغمون بما فيه الكفاية مع وجهات نظر اللوبي. لا يتردد هذا اللوبي بالهبوط بتكتيكاته الى مستويات متدنية فيلجأ الى تشويه السمعة والاعتماد على استشهادات انتقائية مغلوطة وتحريف متعمد للسرد وتلفيق اكاذيب وتجاهل تام للحقيقة.

أي منتقد لـ 'اسرائيل' تُشن عليه في عاصمة حرية الرأي والتعبير حملات لا هوادة فيها لاسكاته عن طريق جعل الحياة صعبة بالنسبة اليه، او التهديد بسحب الدعم للمؤسسات التي ينتمي اليها ويصل الأمر الى حد تهديد حياته الوظيفية او حرمانه من الحصول على وظائف بديلة وجديدة.

اما دور الاعلام في تثقيف المواطن وتعريفه على الحقيقة وعلى جوهر القضايا السياسية حتى يتمكن من ممارسة الاختيار السليم، فكلام اجوف وللاستهلاك لا اكثر. بالنسبة للوبي الاسرائيلي من غير الضروري ان تقوم الصحافة بنقل الحقيقة، يمكنها بكل بساطة ان تضلل المتلقي من خلال الاعتماد على صحفيين اختاروا ـ من اجل المحافظة على مواقعهم الوظيفية وعلى نجوميتهم ـ تأييد 'اسرائيل' بشكل مطلق وتكريس الصراع العربي الاسرائيلي جزءا من الصراع بين الديمقراطية والارهاب، واعتبار قضية 'اسرائيل' جزءاً لا يتجزا من تاريخ اميركا ويصل الامر الى عدم انتقادها ولو لمرة واحدة في تاريخهم المهني.

هذا ما لم تدركه اوكتافيا نصر وهيلين توماس والمؤرخ اليهودي نورمان فنكلشتاين الذي طرد من جامعة دي بول ومع تشارلز فريمان الذي أجبر على الانسحاب من ترشيح اوباما له لرئاسة مجلس الاستخبارات القومي.

وتزداد فعالية هذه الضغوط بغياب تام لأي دور عربي في الولايات المتحدة الاميركية، غياب يصل الى حد التواطؤ. والدليل هو الصمت العربي الرسمي تجاه هذه القضايا. هل سمع احد دعماً عربياً لتوماس؟ هل تم تكريمها لدعمها الرمزي للقضية الفلسطينية؟ هل دعيت لزيارة احدى البلاد العربية؟

وبعد كل ذلك هل نشهد مجددا اعلاميين يتجرأون على ان لا يكونوا اسرائيليين؟

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد