مقتطفات من الصحافة الاجنبية لهذا اليوم السبت 10-11-2007
'ألا فليسد الخوف في واشنطن'
في لوس أنجلوس تايمز 9-11-2007 كتب جو غالواي :
باستثناء الحقيقة القائلة إنه في أقل من 15 شهراً فإن إدارة بوش ستمضي بشكل مخزٍ إلى رحاب التاريخ. وعندئذٍ يمكن لرئيس جديد أن يبدأ التعامل مع الحربين المتواصلتين في أفغانستان والعراق، ومع دين قومي يناهز 10 تريليون دولار، وتهديد إرهابي لأميركا لم يصبح أقوى سوى بفعل سنوات بوش وتشيني الثماني، واقتصاد وطني يرتجف على حافة الركود.
هناك سؤالان في هذا الصدد يتمثلان في: لماذا؟ ولماذا الآن؟
نعم، فأجهزة الطرد المركزية تعمل بأقصى قوتها في منشآت إيران النووية المقامة على عمق كبير تحت الأرض والمنتشرة على نطاق واسع، والتي تخصب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لتشغيل محطات توليد الكهرباء، ويمكن، وهذا صحيح، استخدامها أيضاً في إنتاج الأسلحة النووية.
ما رأيكم في أن نأخذ نفساً عميقاً، حالما تكون لدينا إدارة في السلطة تعتقد أنه من الأفضل إلى حد بعيد إجراء المحادثات بدلاً من خوض المعارك ـ وتتفاوض مع إيران من دون كل هذه الشروط المسبقة التي يعشقها بوش وتشيني؟
بوش وتشيني لا يقومان سوى بالثرثرة والتظاهر بأنهما مهمان وقويان ومسؤولان فيما هما يتعثران تجاه الخط النهائي وحكم التاريخ القاسي.
يمكن للمستشارين العسكريين والمدنيين الأكثر عمقاً في التفكير أن يطرحوا دزينة من الأسباب التي تجعل من هجوم أميركي على إيران عند هذا المنعطف عملاً يتسم بالحماقة إلى أبعد الحدود ومخاطرة بإشعال النار في الشرق الأوسط. وبعض هذه الأسباب يشمل ما يلي:
ـ إيقاف إنتاج إيران والعراق من النفط وربما دفع إيران إلى التحرك المضاد في الخليج. فهل نحن مستعدون لوصول ثمن برميل النفط إلى 300 دولار؟
ـ وضع 160 ألف جندي أميركي و 125 ألف متعاقد أميركي وأجنبي وغيرهم في العراق رهن مخاطرة أعظم كثيراً من الوضع الحالي.
حيث أن إيران يمكن أن تعطي إشارة بدء حرب شاملة من جانب الشيعة في العراق ضد الأميركيين، كما يمكن أن ترسل ميليشياتها ذات التدريب الجيد لقيادة هذا الهجوم وخطوط الإمداد الرئيسية للأميركيين في العراق والتي تمتد 250 ميلاً تمر عبر الجنوب العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة وهذه الخطوط سيتم قطعها، وإذا كنا نعتقد أننا نواجه المتاعب الآن مع الحكومة العراقية المهتزة في بغداد فما الذي يمكن أن تجلبه الحرب مع إيران؟
ـ المخاطرة بمواجهة مع الاتحاد الروسي الغني بالبترول والطاقة والرئيس فلاديمير بوتين. ولما كان بوتين يضع يده على خطوط الغاز الطبيعي والنفط التي تحول دون تجمد حلفائنا في أوروبا حتى الموت فإن من الحكمة افتراض أن أي تأييد للهجوم الأميركي على حليفته إيران لن يكون له وجود تقريباً.
ـ بافتراض أن أي حرب جوية أميركية ضد إيران لن تكون كافية في حد ذاتها، ونادراً ما كانت مثل هذه الحملة الجوية ذات تأثير حاسم في التاريخ الحديث، فأين سنجد القوات البرية القادرة على القيام بهذا الدور الصعب حقاً؟
إن الجيش الأميركي وقوات المارينز قد توزعت في مناطق بعيدة تصل إلى حد الانكسار في العراق وأفغانستان وليست لدينا احتياطات إستراتيجية متوافرة للمساعدة في تأمين حلفائنا دع جانباً شن هجوم داخل إيران. عندما تضيف هذا كله بعضه إلى بعض فإنك تجد الرد التالي: ما من عاقل سيعتقد أن الهجوم على إيران له أي معنى على الإطلاق. ولكن ذلك لا يعني أن بوش وتشيني سيحجمان عنه.
كانت هناك أسباب عديدة للقول بأن ضربة اجهاضية للعراق تقوم على معلومات استخباراتية غامضة وزائفة هي ضربة لا معنى لها، ومع ذلك فقد قاما بتوجيهها على أية حال بما اتصفا به من جهل وصلف.
ألا فليسد الخوف في واشنطن. فليسد الخوف الشديد!
منذ العام 2001 قالت اسرائيل للولايات المتحدة، إن ايران تبعد نصف سنة عن الوصول الي الحد التكنولوجي والذي بعده ستكون لديها المعلومات الكـافية لانتاج القنــبلة.
عن يديعوت في 8/11/2007كتب رونين بيرغمان تحت عنوان : ايران بعيدة عن نقطة اللاعودة ومما قاله :
أعلن الرئيس الايراني أمس عن تفعيل 3 آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، ولكن في الاستخبارات الاسرائيلية يشككون جدا بصحة هذا التصريح ويدعون انه بسبب جملة واسعة من نقاط الخلل، سيمر وقت طويل آخر الي أن تصل ايران الي نقطة اللاعودة، أي الي تحقيق القدرة علي تخصيب اليورانيوم بمستوي عال جدا، مستوي يكفي لانتاج سلاح نووي.
دشنت ايران قبل نحو سنة المنشأة التجريبية لتخصيب اليورانيوم بواسطة اجهزة الطرد المركزي في نتانز. ويدور الحديث عن مشروع تحت الارض يوجد فيه 3 آلاف جهاز طرد مركزي. وحسب الاستخبارات الاسرائيلية وحسب منشورات اجنبية، تصطدم ايران بمصاعب فنية في ربط الاجهزة الواحد بالآخر، في تفعيلها بسرعة عالية ـ الأمر المطلوب لتخصيب اليورانيوم علي مستوي عال، وبمشاكل عسيرة. شبكة سي.بي.اس التلفزيونية أفادت قبل نصف سنة بسلسلة نقاط خلل غريبة في نتانز، نبعت من تزويد أجزاء مخلولة انفجرت مع تركيبها من قبل شركات اجنبية عملت في واقع الأمر بتكليف من الاستخبارات الامريكية و حلفائها .
ايران بالفعل تتقدم، طوال الوقت، في مشروع تخصيب اليورانيوم، ولكن ايضا عندما ستعمل اجهزة الطرد المركزي كما ينبغي، سيستغرق الامر زمنا طويلا كي تُنتج منها المادة اللازمة للقنبلة. ايران لا تزال بعيدة جدا عن نقطة اللاعودة، التي أعلن عنها الرئيس محمود احمدي نجاد، بعيدة جدا عن انتاج المادة المشعة اللازمة، بجودة السلاح القتالي. ومع ذلك، ورغم كل ما قيل أعلاه، بين ايران، واسرائيل والوكالة الدولية للطاقة النووية، نشأ تماثل مصالح مفاجئ: جميعهم معنيون بتحديد سقف التقدم التكنولوجي للمشروع النووي الايراني كمتقدم أكثر مما هو بالفعل في الواقع.
اسرائيل تريد أن تحذر من الخطر، أن تعظمه وأن تشدد علي أن الحديث يدور حقا عن الدقيقة التسعين. من جهة اخري، يجدر بالذكر أنه منذ العام 2001 قالت اسرائيل للولايات المتحدة، المرة تلو الاخري، إن ايران تبعد نصف سنة عن الوصول الي الحد التكنولوجي والذي بعده ستكون لديها المعلومات الكـافية لانتاج القنــبلة. ايران تحذر من تجاوز الحدود، والتحول الي دولة منبوذة تماما ـ مثل كوريا الشمالية، ولكنها غير مستعدة للتخلي عن تطلعها للسلاح النووي. تكتيكات التسويف والطمس ترمي الي التأجيل أكثر فأكثر للعقوبات. وما أن فرضت هذه حتي انتقلت هي الي المرحلة التالية. وهي تعترف، باستفزاز ووقاحة، بانجازات علمية لم تتحقق بعد، انطلاقا من الافتراض بأن كل اتفاق سيوقع معها في المستقبل سيكون من النقطة التي وصلت اليها. ايران تريد أن تتقدم بقدر أكبر من ناحية تكنولوجية، ومن هناك تبدأ ادارة المفاوضات.
رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية، وهو الشخصية غير المحبوبة أبدا في اسرائيل، يطلق سلسلة من التصريحات، المتضاربة احيانا، في هذا الموضوع. بشكل أساسي يدعي محمد البرادعي بأن ايران بعيدة 3 ـ 8 سنوات عن القنبلة النووية، وانه لم يعد ممكنا وقف مشروعها النووي، غير انه لم يجد أي برهان علي انها بالفعل تحاول انتاج قنبلة، وهو لا يقول بأن ايران تقوم باعمال محظورة، ولكنه يحث العالم علي ايجاد حل دبلوماسي سريع. وحسب منهجه، فان ايران اجتازت نقطة اللاعودة.
لايران واسرائيل والوكالة الدولية للطاقة الذرية مصلحة في اظهار ايران بأنها وصلت الي نقطة أعلي مما هي في الواقع في تحقيق القنبلة النووية.
تغيير باكستان.. مهمة أبنائها
عن واشنطن بوست في 9-11-2007 كتب ديفيد إغناتيوس تحت عنوان : تغيير باكستان.. مهمة أبنائها ومما قاله :
بينما نصارع من أجل استيعاب معنى الأزمة السياسية الراهنة في باكستان، من المفيد أن نعود بتفكيرنا الى ما يقرب من 30 عاما مضت على موجة الاحتجاجات التي أطاحت بشاه ايران وانتهت بقيام الجمهورية الاسلامية، وهو زلزال ثوري ما تزال آثاره تهز الشرق الأوسط. كان الشاه صديق اميركا بالضبط مثلما هو حال الرئيس الباكستاني برويز مشرف. فقد كان حليفنا المخلص ضد غول ذلك الوقت، الاتحاد السوفييتي، كما هو حال مشرف كشريك لأميركا في مقاتلة القاعدة. وتجاهل الشاه تحذيرات أميركا الداعية الى تطهير نظامه غير الديمقراطي، بالضبط كما فعل مشرف. وبينما كانت مشاكل الشاه تتعمق كانت واشنطن تأمل في أن يتمكن زعماء المعارضة المعتدلون من ابقاء البلد آمنا من المتشددين الاسلاميين، كما نأمل الآن في باكستان.
غير ان الانفجار الايراني حدث، وكان غضبا عارما اكتسح أية محاولة للاعتدال أو المساومة. وقد بدأت الآن عملية انتفاضة مماثلة في باكستان، مع اختلاف واحد مروع يتمثل في أن باكستان لديها اسلحة نووية. ومن المحتمل ان يتبع انصار التدخل بغرض إنقاذ الوضع خطا مماثلا الآن في باكستان. فرض الجنرال مشرف حالة الطوارئ في باكستان الاسبوع الماضي جاء بمثابة خطوة تنم عن اليأس. تقول الحجة ان على واشنطن، في ظل المؤشرات الدالة على تغير النظام في باكستان، ان تعمل مع قادة المعارضة المسؤولين، مثل رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو بغرض تشجيع عملية الانتقال. وإذا لم يوافق مشرف على المضي قدما في الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في يناير المقبل، يتعين على واشنطن الضغط عليه من خلال خفض المساعدات التي تصل قيمتها الى 150 مليون دولار في الشهر.
ويرى انصار تغيير النظام الاصلاحيون ان موقف واشنطن في باكستان افضل منه في ايران. فإدارة الرئيس بوش بدأت الضغط على الجنرال مشرف قبل شهور، بغرض حمله على توسيع القاعدة السياسية، من خلال السماح بعودة بي نظير بوتو الى باكستان. كما ان كثيرا من المشاركين في احتجاجات الشوارع في لاهور وإسلام آباد وكراتشي، خلال هذا الاسبوع، ليسوا اسلاميين رجعيين، بل محامون ينتمون الى الطبقة الوسطى. زعيم هؤلاء ليس اسامة بن لادن، وإنما رئيس القضاء المخلوع افتخار محمد شودري. في ما يتعلق بإيران وباكستان، ثمة عدم إدراك للقوة الفاعلة في هذه المجتمعات على نحو كاف يسمح بالتأثير في سير الأحداث. كارثة ايران حدثت من ناحية بسبب التدخل الاميركي في تنصيب الشاه اولا، ثم السماح بتمكين حكمه الاوتوقراطي. باكستان عانت ايضا على مدى سنوات من الكثير من التدخل الاميركي.
خرج الباكستانيون الى الشوارع هذا الاسبوع بغرض الاحتجاج على انتهاك الجنرال مشرف للديمقراطية، وأمل في ان يتمكنوا من خلق دولة اكثر حرية وديمقراطية. اتمنى ايضا ان يعمل الاصلاحيون مع الجيش الباكستاني على إخماد حركتي &laqascii117o;القاعدة" وطالبان، اللتين ستعملان على تدمير أي شيء يمت للديمقراطية بصلة في باكستان. إلا ان تغيير باكستان هو مهمة الباكستانيين، وتشير دروس التاريخ الى ان المزيد من التدخل من جانب واشنطن سيؤدي الى نهايات خاطئة.
وزير إسرائيلي: النووي المصري كارثة لإسرائيل
عن الوكالات في 9-11-2007:
عبر وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان عن مخاوفه من برامج نووية مصرية معتبرا أنها ستشكل 'سيناريو لكارثة رهيبة' لإسرائيل. وحذر زعيم حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف للناطقين باللغة الروسية من انه 'اذا بدأت مصر والسعودية برنامجا نوويا فان ذلك يمكن ان يؤدي الى سيناريو كارثة رهيبة بالنسبة لنا'. واضاف ان 'نواياهما يجب ان تؤخذ على محمل الجد وتهدف الى تحضير العالم لما ستفعلانه'.
واعلن الرئيس المصري حسني مبارك في 29 تشرين الاول/اكتوبر ان مصر ستمتلك محطات نووية مدنية عدة، مطلقة بذلك برنامجا جمد منذ عشرين عاما بعد كارثة تشيرنوبيل في 1986. واعلنت ست دول خليجية بينها السعودية، وكذلك اليمن والاردن وليبيا والجزائر في وقت واحد تقريبا منذ عام انها تريد امتلاك برنامج نووي مدني.
انجازات بوش بعد ..تركه منصبه
وعن نيويورك تايمز 9-11-2007 كتب كيرت كامبل :
هناك ما يشبه السباق المحموم الآن بين المحللين والمعلقين الصحفيين حول التركة الأسوأ والأشد كارثية على الإطلاق التي يتوقع لإدارة جورج بوش أن تخلفها وراءها. فهناك الكثيرون ممن يشيرون إلى مأساة حرب العراق، وما سوف تخلفه وراءها من عنف وعداءات مستمرة بين المسلمين السنة والشيعة داخل العراق وما حوله من جوار. وهناك قلة تتنبأ بأن تكون الأزمة النووية الإيرانية والعجز الدبلوماسي الأميركي عن حلها، هي التركة الأكثر خطراً والتي يتوقع لها أن تستمر في مرحلة ما بعد إدارة بوش لسنوات طويلة. ثم هناك من يشير إلى تراجع مكانة أميركا ودورها العالمي، بما في ذلك تراجع 'قوتها الناعمة'، وهو ما يصعب استرداده حتى في ظل وصول قيادة سياسية أكثر استنارة ودبلوماسية من الإدارة الحالية إلى البيت الأبيض. إلى ذلك ربما يرى البعض في الانتكاسة المالية الكبيرة التي مرت بها أميركا في ظل الإدارة الحالية، وتبدل ميزانيتها العامة من ميزانية فائض نقدي كبير إلى ميزانية عاجزة دائنة، تتطلب معافاتها سنوات طويلة من تسديد الديون ذات الأرباح والفوائد الطائلة... التركة الأسوأ والأشد كارثية للإدارة الحالية. وأخيراً ربما هناك من ينظر إلى كلمتي 'ركوب الأمواج' المنسوبتين إلى أساليب تعذيب معتقلي وسجناء الحرب على الإرهاب التي أقرها وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد، باعتبارهما تجسيداً كافياً لسوء تركة الإدارة الحالية.
لكن رغم صحة كل ما قيل، فإن من رأيي شخصياً أن التركة الأشد خطراً وسوءاً التي تخلفها إدارة بوش الحالية، هي تغييب الدور القيادي للولايات المتحدة الأميركية في درء كارثة التغير المناخي طوال السنوات السبع الماضية، وهو ما سنندم عليه ونستحي منه كثيراً في مستقبل أيامنا.
والملاحظ أن الرئيس بوش قد دعا مؤخراً إلى قمة شارك فيها عدد من القادة المتعاطفين معه إلى جانب كبار أصحاب الأعمال وقادة الصناعات، بهدف مناقشة خطر التغير المناخي. والقصد كما يفهم من هذه القمة، هو الإعلان عن قبول بوش لكارثة التغير المناخي كقضية من القضايا المدرجة في جدول أعماله ومهامه الرئاسية. غير أن المقصود فعلياً هو عقد القمة المذكورة لتكون عملاً موازياً وبديلاً للجهود السابقة والحالية التي تبذلها الأمم المتحدة في هذا المجال. ورغم محاولته هذه، فقد وجد بوش نفسه في عزلة شبه تامة عن أصحاب الأعمال والصناعات والسياسيين أيضاً. فمن أستراليا إلى بريطانيا، عبرت القيادات السياسية المحافظة عن بالغ اهتمامها بقضية التغير المناخي وجعلت منها بنداً مقدماً في جدول أعمالها، على الصعيدين المحلي الداخلي والعالمي، خلافاً لما هو عليه حال القيادة المحافظة الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية. ومنذ أن أولى العالم كله اهتمامه لهذه القضية، واصلت إدارة بوش عنادها ورفضها الاعتراف بحقيقة أن الجزء الغالب من كارثة التغير المناخي، هو من صنع البشر أنفسهم بسبب تصاعد غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة الأخرى إلى الغلاف الجوي، نتيجة للصناعات والأنشطة البشرية المسببة لتلك الانبعاثات.
هذا وقد لوحظت إشارة الرئيس بوش مؤخراً إلى ما وصفه بـ'إدماننا للنفط' مصحوباً باعتراف ضمني بأنه ربما كان للنشاط البشري دور في ظاهرة التغير المناخي. لكن ماذا يفيد مجرد الاعتراف وحده؟ لقد اكتفى بوش وإدارته بذلك الاعتراف دون أن يقوما بخطوة واحدة نحو اتخاذ ما يلزم للحد من معدل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات السامة المسببة للظاهرة. وبدلاً من ذلك أبدت الإدارة ميلاً واضحاً في خطابها السياسي المتداول إلى التقليل من حجم الكارثة ومن دور الإنسان فيها. أما فيما يتصل باتخاذ الإجراءات ورسم السياسات الملزمة بالحد من الانبعاثات المذكورة، فقد كان البديل عند هذه الإدارة هو الاعتماد على المبادرات الفردية أو الجماعية وحدها، دون إلزام أحد بشيء! وهذه هي المراوغة التي تقعد بأميركا عن أداء دورها في درء الخطر البيئي الكارثي الماحق ضد البشرية كلها.
إسرائيل تضع قضية القدس أخيراً على مائدة المفاوضات
عن كريستيان ساينس مونيتور في 8-11-2007 كتب آيلين آر.بروشر :
خلال زيارتها الأخيرة إلى الشرق الأوسط، تضغط وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس على المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين بغية التزامهم باتخاذ خطوات من أجل بناء الثقة، وبغية وضع جدول زمني في مقدمة مؤتمر سلام قادم ترعاه الولايات المتحدة في أنابوليس حول الشرق الأوسط.
ومع أن إسرائيل ظلت ترفض وضع جدول زمني، إلا أن رئيس الوزراء أيهود أولمرت قال في كلمة هامة له ليلة الأحد الماضي أنه مستعد للمشاركة في مباحثات سلام متسارعة، حتى لو تضمن ذلك البحث في قضايا الوضع النهائي مثل القدس.
رجحت تصريحات السيد أولمرت ملاحظات كان قد أدلى بها نائب رئيس الوزراء مؤخراً، ملمحا إلى أنه يترتب على إسرائيل أن تكون مستعدة لبحث التنازل عن بعض أجزاء من القدس -ما ينطوي على إمكانية تقسيم المدينة- في المفاوضات المقبلة مع الفلسطينيين.
وكان نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي حاييم رامون قد قال في اجتماع لمجلس الوزراء الاسرائيلي في الشهر الماضي: 'إن من مصلحة اسرائيل ان تتلقى الضواحي اليهودية في القدس اعترافا دولياً، وان يتم تسليم أحياء عربية، مثل الولجة وشعفاط إلى الفلسطينيين'.
وسواء كان القصد من هذه التصريحات أن تكون بالون اختبار ام محاولة اصيلة لجعل الاسرائيليين يعتادون على فكرة نقل السيطرة على الضواحي العربية في القدس إلى السيادة الفلسطينية، فقد أثارت الرسالة موجات من الصدمة في المجتمع الاسرائيلي ونظيره الفلسطيني على حد سواء.
ليس الاسرائيليون وحدهم -الذين يتبنون موقفا تقليديا يقول بأن المدينة يجب ان تظل عاصمة اسرائيل الموحدة- هم الذين يشعرون بالحساسية إزاء التقسيم المحتمل للمدينة، وانما ايضا بعض المقدسيين الفلسطينيين الذين يخشون تردي مستوى معيشتهم اذا ما آل وضعهم إلى سيطرة السلطة الفلسطينية.
تقول رانية محمد اثناء جولة تسوقها المسائية في شعفاط: 'لا اريد أن يكون لي أي شأن بالسلطة الفلسطينية. إنني اريد التأمين الصحي، والمدارس، وكل الاشياء التي نحصل عليها بعيشنا هنا'.
وتضيف رانية التي يعمل زوجها في المجال التجاري ويوفر مستوى معيشة جيدا: 'لقد شاهدت معاناة الناس تحت ظل السلطة الفلسطينية. إن لدينا الكثير من المزايا وانا لست على استعداد للتنازل عنها'.
تبدو هذه المشاعر وهي تختلط بالكثير من التعقيدات. فمن جهة، يقول الفلسطينيون إنه لن يكون هناك سلام مع اسرائيل ما لم تتم إقامة دولة فلسطينية تكون القدس عاصمة لها، ما يوحي بأنه ليس ثمة من طريق إلى التصالح من دون نوع من اعادة تقسيم المدينة. ومن جهة اخرى، تمتع الفلسطينيون الذين يعيشون في القدس بمعظم المزايا التي يتمتع بها المواطنون الاسرائيليون طيلة السنوات الاربعين الماضية -العناية الصحية، والتأمين الوطني، والتعليم الجامعي، والخدمات الاجتماعية الأخرى -وهم غير راغبين في التخلي عنها. وفوق ذلك، يخشى العديدون من ان يفضي تسليم ضواحيهم إلى السلطة الفلسطينية الى قطع سبلهم للوصول إلى القدس.
تعتبر التعقيدات المعنية التي يثيرها غيضاً من فيض من القضايا التي يواجهها المفاوضون الاسرائيليون والفلسطينيون فيما هم يحاولون التوصل الى نوع من 'إعلان مبادئ' يستطيعون حمله معهم الى 'أنابوليس' حيث تنوي الولايات المتحدة استضافة قمة سلام دولية لمناقشة قضية الشرق الاوسط قبل نهاية هذا العام.
قامت اسرائيل بغزو القدس العربية واحتلالها عام 1967 خلال حرب الايام الستة. وفيما أعلنت اسرائيل ضمها اليها رسميا، فإنها تعتبر مدينة محتلة من جهة الفلسطينيين والكثير من أعضاء المجتمع الدولي. ويعتبر أمر إقامة دولة فلسطينية تكون القدس عاصمة لها حجر الزاوية بالنسبة للحركة الوطنية الفلسطينية.
على نحو ما، ظل أمر الإبقاء على القدس مدينة غير مقسمة ملمحا رئيسيا من ملامح البيان الخطابي لمعظم الاحزاب السياسية في اسرائيل منذ وقت طويل. وكانت اسرائيل قد دأبت طيلة عقد الثمانينيات من القرن الماضي على الاستمرار في توسعة ما أسمته 'مغلف القدس'، فبنت عدة ضواح يهودية ضخمة، والتي غرستها كالاوتاد بين الضواحي الفلسطينية القائمة. وكانت النظرية الاسرائيلية السائدة في ذلك الوقت تقوم على أن هذا الاجراء سيقوي وضع القدس، ويحول دون إعادة تقسيم المدينة. ومنذ السنوات الخمس الماضية، استمرت اسرائيل بتشييد جدار الفصل المثير للجدل، والذي يدخل ايضا في لعبة المفاوضات: اذ أصبحت بعض الضواحي 'القابلة للتفاوض' تقع على الجانب الاسرائيلي من الجدار. ويحتاج بعض سكان القدس الى المرور عبر الجدار ونقاط التفتيش العديدة التي يضمها للوصول الى وظائفهم ومدارسهم.
اليوم، يخشى الاسرائيليون من ان يصبح مستقبل المدينة في مهب الريح، ومن ان يعجزوا عن المحافظة على وصول آمن الى الاماكن المقدسة وتوفير الأمن لسكان الحي اليهودي، فضلا عن انهم يخشون من ان يفضي اعادة تقسيم المدينة الى وضع الضواحي اليهودية في وسط القدس في مدى صواريخ الميليشيات الفلسطينية. ومع ذلك، ما يزال موضوع التوصل الى حل منصف للقدس يشكل جزءا رئيسيا من عملية الدفع نحو تحقيق وفاق اسرائيلي فلسطيني.
في استطلاع نشر في السنة الماضية وأجراه المركز الفلسطيني للسياسة والابحاث في رام الله، أيد ما بلغت نسبته 39% من الفلسطينيين، بينما عارضت نسبة قوامها 59%، فكرة التوصل الى حل وسط تصبح فيه القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، والذي تخضع بموجبه الضواحي العربية للسيادة الفلسطينية، فيما تخضع الضواحي الاسرائيلية للسيادة الاسرائيلية. واشارت الدراسة الى أن نسبة 39% ممن استطلعت آراؤهم من الإسرائيليين أعربت عن موافقتها على هذا الترتيب، فيما أعلنت نسبة 69% منهم عدم موافقتها عليه.
وفي الحقيقة، فإن الخطوط الحمراء التقليدية في النقاش الدائر حول القدس قد تحركت قليلا. وقال احد غلاة الجناح اليميني من اعضاء الحكومة الاسرائيلية، وهو وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان انه لن يعارض خطة لنقل بعض الضواحي العربية الى سيطرة السلطة الفلسطينية. لكنه حذّر هذا الاسبوع من انه سيسحب حزبه من حكومة اولمرت، ويحرمها بالتالي من الاغلبية، ما لم يكن هناك لجم تام لكافة النشاطات الارهابية الفلسطينية قبل حلول موعد عقد قمة أنابوليس.
في الغضون، ذكرت صحيفة معاريف الاسرائيلية أن المفاوضين المخضرمين في صنع السلام، الاسرائيلي والفلسطيني، يوسي بيلين وياسر عبد ربه على التوالي، كانا يجتمعان سراً، وقد توصلا الى وضع وثيقة تلقى قبول الجانبين، وتضع اساساً حول حل النزاع. وقد أظهر الفلسطينيون رغبة في ان يكونوا أكثر مرونة فيما يتعلق بمطلبهم التاريخي بحق العودة الى ديارهم التي اصبحت الآن داخل الممتلكات الاسرائيلية، وانهم يقبلون بدلا من ذلك بحل مختلط ينص على عودة بعض اللاجئين الى ما سيكون دولة فلسطينية، فيما يتم اعادة توطين العديد من اللاجئين في بلدان اخرى. اما نظرة اسرائيل، فقد تكشفت عن اظهار رغبة للقبول بمفهوم العودة الى حدود عام 1967 عن طريق اجراء مقايضات في الاراضي، ما يعني انها ستضم إليها مجمعات استيطانية، لكنها ستعطي الفلسطينيين شريطا من الارض بنفس الحجم في مكان آخر.