- صحيفة "السفير"جنى سكريخلص كتاب مثير للجدل عنوانه «مزيد من الأخبار السيئة من إسرائيل» للكاتبين غريغ فيلو ومايك بيري، إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» فشلت في تقديم تغطية منصفة ومتوازنة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، طبعا مع رجحان كفة ميزانها لصالح الجانب الإسرائيلي.
ورصد الصحافي في «الغارديان» البريطانية تيم ليويلين ما جاء في الكتاب، الذي خلص الى أن تغطية «بي بي سي» لهذا الصراع، «مفعمة بانعدام التوازن وتشويه الحقائق».
وقال ليويلين إنه غطى أخبار الشرق الأوسط لصالح «بي بي سي» منذ منتصف السبعينيات وحتى أوائل التسعينات، معربا عن أسفه «لعجز تلك المؤسسة المستمر عن تناول الصراع بين كيان يحتل عسكريا وبين شعب محتل عسكريا، بطريقة عادلة معززة بالقرائن»، آخذا عليها عدم «محاولتها توصيف السبب والنتيجة، بطريقة دقيقة لتغطية المأساة والعنف والسلب الذي يحط من قدر الفلسطينيين ويحرمهم من حريتهم ويستفز أعمالهم المحدودة».
وأضاف: أثبت فيلو وبيري في كتابهما، بالتحليل النصي وعبر مقابلات أجرياها مع المشاهدين والمستمعين، أنني على حق، تماما مثل العديد ممن أصبحوا على دراية بأن هيئة الإذاعة البريطانية لا تقول الحقيقة عن إسرائيل».
في كتابهما، وهو نسخة محدثة عن كتاب يحمل العنوان نفسه صدر في العام 2004، يدقق فيلو وبيري في تغطية هيئة الإذاعة للعدوان الإسرائيلي على غزة، في الفترة الممتدة من 27 كانون الأول 2008 ولغاية 17 كانون الثاني 2009.عن الحصاروجد الكاتبان ان التبرير الإسرائيلي لشن الحرب على شعب غزة الأعزل هو التبرير المقبول لدى هيئة الإذاعة البريطانية. وهكذا كانت الحرب «ردا» على صواريخ الفلسطينيين. أما أن الإسرائيليين انتهكوا الهدنة التي صمدت خمسة أشهر تقريبا في تشرين الثاني 2008، وأن أهل غزة عانوا سنوات من الحصار المشدد الذي أوصلهم الى حالة كساد وفقر مدقع، فقلما جاءت الهيئة على ذكرها، إن فعلت. لتبدو «القصة فارغة من محتواها».
في النشرات التي دققا فيها، تبين أن «بي بي سي» منحت 421,5 جملة نصية للتبرير الإسرائيلي، بما في ذلك «الحاجة للأمن»، و«صواريخ العدو»، و«وقف تهريب الأسلحة»، مقابل 14,25 جملة فقط للحديث عن الاحتلال العسكري الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية، و10,5 جمل للحديث عن الحصار.
مرارا وتكرارا، استخدمت «بي بي سي» كلمة «الرد» الإسرائيلي، مشيرة الى أن مراكز الشرطة التي قصفها الإسرائيليون كانت أهدافا عسكرية، في حين وصفت الضحايا الآخرين بأنهم «مدنيون». وعليه، وصفت المجمعات المدنية بأنها «أهداف».
وقال الكاتبان إن «العرض الذي قيل إن حركة «حماس» قدمته لوقف تبادل (الصواريخ ضد القنابل والغارات)، غاب تماما عن التغطية»، ونقلا ما قاله مراسل بأن «إسرائيل تشعر بأنها محاطة بالأعداء، ولديها الحق في ذلك». هنا رد الكاتبان بالقول «لم نجد أي تحليل يشير الى أن الفلسطينيين أنفسهم يشعرون بأنهم ضحايا احتلال عسكري وحشي، ولديهم الحق في الشعور بذلك».
وتابعا: «هكذا تصبح رؤية إسرائيل الرسمية حقيقة. وعليه فإن الإسرائيليين «يقولون»، في حين أن الفلسطينيين «يرون»، وعلى المنوال ذاته فإن إسرائيل «تصرّح»، في حين أن الفلسطينيين «يزعمون».
وحتى عندما بدأت «بي بي سي» بتغطية أخبار الضحايا المدنيين الفظيعة في غزة واستخدام القنابل الفوسفورية ضدهم، «حل المتحدثون باسم اسرائيل على الفور ضيوفا عليها لينفوا أو يشرحوا و يعتّموا». في حين أنه نادرا ما كان الفلسطينيون، وخصوصا «حماس» قادرين على الرد على المزاعم». خصوصاً أن الفلسطينيين في الداخل «يفتقرون الى الموارد والفرصة للدفاع عن قضيتهم، والعديد من المقيمين منهم في لندن الجاهزين للمساعدة لا يتم الاتصال بهم»، بما أن «السفير الإسرائيلي كان عمليا متمركزا في مركز التلفزيون»، كما قال أحد المطلعين على عمل «بي بي سي».
وخلص ليويلين إلى أن «بي بي سي» تواصل «الخلط بين السبب والنتيجة»، وعليه، «دائما ما تكون الهجمات الإسرائيلية ردا على العنف الفلسطيني. أما فكرة أن الصواريخ الفلسطينية، رغم عدم فاعليتها، تأتي في سياق مقاومة للقصف الإسرائيلي جوا وبرا وبحرا، فقلما ما يشار اليها خلال التغطية».عناوين الأخبارنقل فيلو وبيري عن مراسل «بي بي سي» بول ادامز، وهو خبير في شؤون الشرق الأوسط، قوله إن ما ينقص في التغطية هو الرؤية القائلة بأن الفلسطينيين متورطون في حرب تحرير وطني، وأنهم يحاولون طرد قوة محتلة. وهكذا تحتل «إصابة إسرائيلي عناوين الأخبار، المدعمة بصور ذات جودة عالية»، في حين أن «الضحايا العرب قد يظهرون في تقارير عن جنازة، غالبا ما تكون صورها مأخوذة عن وكالة، وتبقى الضحية بلا اسم»، ليبدو كأن الإسرائيلي هو بالنسبة لهيئة الإذاعة «إنسان مثلنا»، بينما العرب «هم الآخرون».
لا يكتفي فيلو وبيري بالرصد، بل يحاورون مشاهدين ومستمعين لـ«بي بي سي»، على درجة عالية من التعليم. ووجدا أن هؤلاء «غير مدركين لحقيقة الاحتلال الإسرائيلي، وغالبا ما يصدقون أن المحتل هم الفلسطينيون. وقلة منهم يعرفون أن حماس انتخبت ديموقراطيا في كانون الثاني 2006».
كما أن «بي بي سي» تقول باستمرار عن المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية: «توصف بأنها غير شرعية». ولكنها بالفعل مستوطنات غير شرعية، بشهادة وزارة الخارجية البريطانية، كما قال ليويلين، مشيرا الى أن التقدم بشكوى حول هذا الأمر «سيحيلك الى مسار طويل من ملء الاستمارات المحفوفة بالعقبات».