عمر معربوني | باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
مواضيع العرض: معركة قوس الدونباس وانهيار القوات الأوكرانية

في تطور لافت لما بعد تحرير كامل مدينة ماريوبول، شهد ميدان العمليات العسكرية مجموعة من التحولات الهامّة يمكن ادراجها في البعد التكتيكي بما يرتبط بكل بقعة، ولكنها باتت انجازاً عملياتياً بما يرتبط بالمجموع العام لحجم التقدم الروسي ونوعيته انطلاقاً من الأهمية الجغرافية والعسكرية للمناطق التي تتم السيطرة عليها تباعاً.

ففي الأسابيع الفائتة كان التطور الأكبر هو تمكن الوحدات الروسية من السيطرة على مدينة "سيفيرودونيتسك" وتطويق عددا كبيرا من الجنود الأوكرانيين والوحدات النازية في معمل "آزوت" ضمن المنطقة الصناعية جنوب غرب المدينة، واحتفاظ القوات المُطوقة بعدد كبير من المدنيين كدروع بشرية، وهو نفس ما حصل في معمل " آزوف" في مدينة "ماريوبول"، علماً ان المعلومات ترجح ان يكون عدد القوات المُطوقة بين 2000 الى 2500 جندي ونازي.

كذلك كان لتقدم الوحدات الروسية في منطقة "كراسني ليمان" أهمية كبيرة حيث اقتربت من مدينة "سلافيانسك" وبات الفاصل بين الوحدات الروسية والقوات الأوكرانية حوالي 9 كلم.

توقف الوحدات الروسية عند هذا الحد سببه وجود مجموعة من المعابر المائية والهضاب، الا ان هذه الإندفاعة كانت ضرورية لتثبيت جزء كبير من القوات الأوكرانية على هذا الإتجاه، في حين عملت الوحدات الروسية على السيطرة على مدينة "سفياتوغورسك" للتقدم نحو "سلافيانسك" ضمن مناورة التفاف من الواضح انها ستؤدي الى تطويق القوات الأوكرانية في المدينة" مع التأكيد على ان أي تقدم من هذا الإتجاه سيتزامن مع تقدم آخر من اتجاه من منطقة "ايزيوم".

على اتجاه آخر نشطت الوحدات الروسية على جبهة "سفيتلودارسك" واستطاعت السيطرة عليها ما ساعد في تفعيل العمليات النشطة في جيب "زالاتويا" و"غورسكايا" والتي تمكنت الوحدات الروسية من تطويقها بالكامل ما يعني تثبيت نقاط ارتكاز ستمكن الوحدات الروسية من التوجه بثلاثة اتجاهات:

1ـ الإتجاه الأول نحو الشمال الغربي لإستكمال تطويق مدينة "ليسيتشانسك" بالتزامن مع دفع وحدات أخرى من اتجاه "بيليغوريفكا".
2ـ الإتجاه الثاني نحو "كراسناغورا" و"ارتيموفيسك" وتسمى بالأوكرانية "باخموت" للوصول الى "كراماتورسك" و"سلافيانسك".

3ـ الإتجاه الثالث سيكون نحو "كوستانتينيفكا" و"دروجكوفكا" من الجنوب ومن "سفياتوغورسك" من الشمال لتطويق كامل طوق الدونباس، وهو ما سيكون حتمياً بعد انهيار القوات الأوكرانية في جيوب القتال الحالية.

[القوات الأوكرانية تنهار: ماذا تحقق من عمليات قوس الدونباس؟]

موضعياً يعتبر تطويق منطقة بلدتي "زالاتويا" و"غورسكايا" انجازاً هاماً جداً وسيكون له تداعيات سلبية على معنويات القوات الأوكرانية وادائها.

في هذا الجيب تم تطويق:

1ـ الكتيبة 3 من اللواء 24 مشاة ميكانيك
2ـ الكتيبة 15 من اللواء 128 قتال جبلي
3ـ الكتيبة 42 من اللواء 57 مشاة ميكانيك
4ـ الكتيبة 70 من اللواء 101 دفاع إقليمي
5ـ مجموعة المدفعية من اللواء 57 مشاة ميكانيك
6ـ تشكيل من القطاع الأيمن للوحدات النازية الأوكرانية
7ـ تشكيل من المرتزقة الأجانب
8ـ تحييد 80 مدفع ميدان وهاون و40 مدرعة مختلفة
9ـ استسلام 41 جنديا بكامل أسلحتهم.

وقد أكدت معلومات مصادر خاصة لموقعنا ان القوات المحاصرة تقارب 2000 جندي بينهم 1800 من الجيش الأوكراني و120 نازي و80 مرتزق اجنبي.

كما اكدت المعطيات الميدانية ان 41% من القوات المحاصرة لا تزال قادرة على القتال بينما وصل 60% من المحاصرين الى حالة الإنهاك.

وفي المعلومات ايضاً ان القيادة العسكرية الأوكرانية فقدت قدرة التواصل والسيطرة على القوات المحاصرة ما يعني اقتراب استسلام كامل القوة.

بالنظر الى الوضعية الميدانية الحالية من المرجّح ان يتم تحييد ما يقارب 7000 الى 8000 جندي اوكراني من اصل 35 الف يتموضعون في قوس الدونباس في حال تم استكمال تطويق "ليسيتشانسك" وبدء التقدم نحو مدينة "سلافيانسك".

كما من المهم الإشارة الى ان النمط الذي تستخدمه الوحدات الروسية هو النمط الذي استخدم في سورية مع بعض التعديلات حيث يتم تنفيذ عمليات تطويق واطباق تكتيكية متزامنة تؤدي الى إنجازات عملياتية وهو ما سيحصل في منطقة قوس الدونباس.

علماً ان استكمال العمليات في القوس ووصولها الى مرحلة التطويق الكاملة استنادً الى الأنماط المعتمدة حالياً سيستغرق وقتاً لكن نتائجه ستكون كارثية على الجيش الأوكراني في أي عمليات لاحقة خارج منطقة قوس الدونباس، فبالنظر الى التشكيلات الأوكرانية المقاتلة نجد ان غالبيتها من قوات النخبة المدربة تدريباً عالياً والتي سيؤثر خروجها من القتال الى تراجعات كبيرة.