صحافة دولية » حربٌ على المصداقية بين الصحف البريطانيّة


هادي نعمة
لا تزال أصداء السجال المفتوح بين بعض أعرق الصحف البريطانيّة تتردّد، على خلفيّة فضيحة مصرف &laqascii117o;أتش أس بي سي" الذي أجرى تسهيلات مصرفيّة لعدد من الأثرياء حول العالم، لتجنيبهم دفع ضرائب باهظة.
المصرف ذاته هو أحد أكبر المعلنين في صحيفة &laqascii117o;ذا تلغراف"، التي استقال منها مؤخراً رئيس قسم التعليق السياسي والكاتب بيتر أوبورن، استنكاراً لتعتيمها على الفضيحة المصرفيّة. تبعات استقالة أوبورن تضخّمت ككرة الثلج، لتتحوّل إلى معركة حول المصداقيّة المهنيّة بين &laqascii117o;ذا تلغراف" من جهة، و &laqascii117o;ذا تايمز" و &laqascii117o;ذا غارديان" و &laqascii117o;ذي إندبندنت" من جهة أخرى... وآخر تبعات القضيّة الحديث عن تلقّي رئيسة &laqascii117o;بي بي سي تراست" رونا فيرهيد مبلغاً مالياً ضخماً، كبدل عن وظيفة استشاريّة في المصرف المذكور، بما يتعارض مع عملها في &laqascii117o;هيئة الإذاعة البريطانيّة".
بدأت المعركة حين نشرت &laqascii117o;ذا غارديان" تقريراً أشارت فيه إلى تغاضي &laqascii117o;ذا تلغراف" عن الفضيحة، لعدم خسارة الإعلانات التي يضخّها المصرف فيها. وأشارت &laqascii117o;غارديان" إلى أنّ مالكي &laqascii117o;تلغراف" يستفيدون من قرض بقيمة 250 مليون جنيه استرليني (نجو 384 مليون دولار)، من &laqascii117o;أتش أس بي سي".
هبّت &laqascii117o;تلغراف" للدفاع عن نفسها، بهجوم مضاد، كاشفةً أنّ &laqascii117o;غارديان" غيّرت جذريًّا في عنوان خبر عن العراق، على صفحتها الإلكترونية الرئيسة، ثم سرعان ما حذفت الخبر كلـيًّا. ونقلت &laqascii117o;تلغراف" عن موظّف من داخل &laqascii117o;غارديان" أن الأخيرة أبرمت مع شركة &laqascii117o;آبل" الأميركيّة اتفاقاً يقضي بحيّز إعلاني للشركة في الجريدة، بشرط ألّا يُنشر خبر &laqascii117o;سلبيّ" (يحمل طابع مأساة إنسانية) بجانب إعلان &laqascii117o;آبل".
من جهة ثانية، كشفت &laqascii117o;تلغراف"، وفي سياق دفاعها الشرس عن نفسها، ورداً على ما أشيع حول سطوة قسم الإعلانات فيها، على سياسة التحرير، تقريراً عن انتحار اثنين من موظّفي قسم الإعلانات في صحيفة &laqascii117o;ذا تايمز". قوبل التقرير المذكور بإدانات واسعة، وصفت خطوة الصحيفة بأنّها &laqascii117o;كريهة وغير مقبولة". كما وصفت شخصيات بارزة في الشركة المالكة لجريدة &laqascii117o;ذا تايمز" أسلوب &laqascii117o;تلغراف" بأنه &laqascii117o;مروِّع ويائس.. ونموذج منحطّ من الصحافة، لا يراعي مشاعـر عائلات الزميلَين المنتحرين، غير كونه خرقَ القواعد المرعية في تغطيات جرائم الانتحار". فيما وصف المدير التنفيذي في &laqascii117o;ذا غارديان"، ستيوارت ميلر، ادعاءات &laqascii117o;تلغراف" ضدّ صحيفته بأنّها &laqascii117o;مادة تأليبيّة بلا هويّة حقيقيّة، مفبرَكة بالكامل".
وقالت ناطقة باسم &laqascii117o;تلغراف" إنّ كلّ التهم الموجّهة لها &laqascii117o;لا أساس لها من الصحة. ونحن الآن منشغلون في وضع إطار منظّم لآلية عمل قسمي التحرير والإعلان، لموافاة مقتضيات الوسائط الرقميّة العصرية". وتابعت: &laqascii117o;هذه خطوة مهمّة في قطاع الإعلام، بعدما أظهرت فضائح وسائل إعلام مختلفة، نقـلناها أخيراً، ضرورة الإطار المنظّم هذا". وللمفارقة، فقد فضح ردّ الصحيفة &laqascii117o;المتحاذق"، محاولتَها التستّر عن خطئها. فمع كونها غمزت من ناحية الصحف الأخرى، بأنّها فضّلت مستلزمات قسم الإعلان على الاعتبارات التحريرية، فقد اعترفت هي كذلك، من حيث لا تدري، بما اتهَمت به نظيراتها. فبدا أنها محتاجة كذلك إلى كبح طغيان النفوذ الإعلاني داخلها، على عملية نقل الحقائق.
وفي إطار الفضيحة ذاتها، عرضت جريدة &laqascii117o;ذا هافنغتون بوست"، فيديو لحوار أجري مع بيتر أوبورن، بعد استقالته من &laqascii117o;تلغراف". بدا خلافُ أوبورن مع الجريدة شخصيًّا، لا مهنيًّا، إذ استفاض في حديثه عن اعتزازه بكونه كاتباً (سابقاً) فيها. فباغته المحاور بسؤالٍ عمّا إذا كان استقال نتيجة تضايقه من إبراز تلغراف لكتّاب جُدد، واستبعاده هو من الواجهة. فبدا أبورون متردّداً في حسم موقفه حيال انحراف الإدارة عن &laqascii117o;الدقّة المعهودة في تغطيتها للأحداث". واقتبس المحاوِر إقراراً لأوبورن بأن &laqascii117o;تلغراف" نشرت تقريراً اقتصادياً عن &laqascii117o;أتش أس بي سي"، لأحد مراسليها الشباب، هاري ويلسن. فارتبك أوبورن، وتلعثم في كلامه وهو يحاول بلورة منطق مستقيم يدعم موقفه. وكان الصحافي الشابّ، هاري ويلسن، استقال بدوره من &laqascii117o;تلغراف"، بعدما حذفت تقريره الفاضح لـ &laqascii117o;أتش أس بي سي". ذلك ما يعزّز فرضيّة وجود مشكلة بين قدامى &laqascii117o;تلغراف" مع العنصر الشابّ لديها، ومشكلة العنصر الشابّ مع سياستها التعتيميّة.

المصدر: جريدة السفير

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد