صحافة دولية » روسيا تغزو سوق الميديا في أوروبا الشرقية والبلقان

صوفيا ـ محمد خلف
تتسع الحرب الباردة بين روسيا والغرب، وتتخذ أشكالاً جديدة لم تكن مألوفة قبل أكثر من عقدين. ولم يعد التجاذب المستعر بين الجانبين يقتصر على الحرب بالوكالة كما يجري في أوكرانيا وفي مناطق أخرى، بل أخذ يكتسب أبعاداً مثيرة للجدل، بعدما تسارعت وتيرته واحتدم على جبهة جديدة هي الحرب الإعلامية لكسب العقول والقلوب في مناطق النفوذ السوفياتي السابقة في دول أوروبا الشرقية التي اختارت الحضن الأوروبي – الأميركي، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي وتحول بعضها إلى جبهة المواجهة الأولى مع روسيا - بوتين الساعي إلى استعادة نفوذ بلاده، مستفيداً من الثغرات الثقافية والدينية، والتراجعات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها هذه الدول التي توهمت شعوبها أن مجرد نيلها العضوية في الاتحاد الأوروبي سيكسبها معاييره الاجتماعية والتحديثية ومستويات مواطنيه وامتيازاتهم الاجتماعية والمعيشية.
بلغاريا التي كانت تعد خلال فترة الحكم الشيوعي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي من دون الانضمام إليه رسميا، تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى ساحة المواجهة الإعلامية المفتوحة مع الغرب ومناصريه المحليين من أحزاب وشخصيات سياسية، ولأن الكرملين يولي هذه الدولة الفقيرة أهمية خاصة في مخططاته الرامية لزعزعة أسس الاتحاد الأوروبي كونها الحلقة الأضعف فيه، فقد ضخ أموالاً طائلة لشراء ولاء وسائل الإعلام من صحف ومحطات تلفزة، ووضع اليد في شكل كامل على تلك التي في طريقها للإفلاس، فضلاً عن إصداره صحفاً أخرى مع مواقع الكترونية، كان آخرها باسم &laqascii117o;يوميات روسية" ويصدر بـ16 لغة في 22 دولة، وهو جزء من المجموعة الإعلامية الدولية (Rascii117ssia Beyond the Headlines) التي تمتلك إحدى أهم الصحف الحكومية الروسية &laqascii117o;روسييسكايا غازيتا". ووفقاً للناشرة دنيالا مالينوفا، فإن الموقع يتوجه إلى من سمتهم في مؤتمر صحافي عقدته يوم إطلاقه قبل أيام &laqascii117o;فئات اجتماعية نشطة ومتعلمة تهتم وتتابع في شكل خاص المواقع والنشرات الدولية". وقالت &laqascii117o;إن طاقمه من الصحافيين البلغار سيواجه تحديات كبيرة كونه سيعمل في ظروف صعبة متأتية من الأوضاع الجيوسياسية الراهنة المعقدة للغاية".

تصورات روسية مغايرة
تتركز مهمة الموقع الأساسية في تقديم روسيا وما يجري فيها من تطورات بصورة تختلف عن التصورات التقليدية، وتمكين القراء من الحصول على وجهات نظر مختلفة ومتعددة عما يجري في هذا البلد &laqascii117o;. وقال المدير المسؤول عن منطقة شرق أوروبا، ورئيس تحرير(RBTH) ياجسلاف جريسكي &laqascii117o;إن سياسة دار النشر الروسية التي تنتهجها في سوق الميديا الدولية تقوم على ثلاثة أسس هي &laqascii117o;نشر المعلومات، وتقديم المعرفة التربوية، والمنوعات الثقافية والفنية وغيرها".
ويسعى الموقع إلى تقديم مواضيع وتحقيقات وتقارير من الحياة الروسية التي وفق جريسكي &laqascii117o;يتجاهلها عن عمد الإعلام الغربي" ولهذا فإن &laqascii117o;روسييسكايا غازيتا" برأيه" تعد واحدة من أكبر الصحف الروسية"، فيما يصنف &laqascii117o;يوميات روسية" كواحد من أكبر وأهم ثلاثة مواقع الكترونية في روسيا" من ناحية &laqascii117o;سعة حجم السوق الإعلامية الروسية، وأسعار الإعلانات التي تنشر فيه"، مؤكداً &laqascii117o;أن دار النشر والإصدار ليست لديها صعوبات مالية من شأنها أن تعرقل برامجها الخارجية بما فيها في بلغاريا".
وتعول دار النشر الروسية على سرعة انتشار &laqascii117o;يوميات روسية" وجذبه المزيد من القراء البلغار الذين يهتمون بروسيا ومواقفها وسياستها في المستقبل، خصوصاً أن ذلك سيساهم في استقطاب وكالات الإعلان والدعاية التي ستوفر لزبائنها من الشركات البلغارية المختلفة إمكان الوصول إلى أسواق روسيا الكبيرة والواسعة كما قال جريسكي.
وتزمع موسكو لتوسع نفوذها السياسي وضع يدها على محطة تلفزيون &laqascii117o;تي في 7" التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال دليان بيفسكي الفار من بلغاريا والمطلوب للعدالة بتهمة التسبب بإفلاس المصرف الذي يملكه والذي كان أحد أكبر المصارف الخاصة في البلاد &laqascii117o;corpbank". ووفقاً لما ذكرته صحف يونانية فإن رجل الأعمال اليوناني يانيس كاراغيو غيس الذي يقيم صلات وروابط وثيقة مع الأوليغارشي الروسي قسطنطين مالوفييف المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين هو من سيتولى شراء هذه المحطة التلفزيونية الكبرى نيابة عن روسيا في محاولة من جانب الكرملين للتغطية على كونه مالكها الحقيقي.
تأسست(Rascii117ssia Beyond the Headlines) في إطار مشروع أعدته جريدة &laqascii117o;روسييسكايا غازيتا" عام 2007 بغية توسيع نطاق تأثير روسيا وتوسيع نفوذها في سوق الميديا الدولية وإيصال مواقفها السياسية إلى أكبر عدد من الناس في أنحاء العالم، وهي تقدم عبر &laqascii117o;يوميات روسية" للقراء الأخبار السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والآراء والتحليلات السياسية والاستراتيجية في ما يتعلق بروسيا ومواقفها الرسمية مما يجري من أحداث ونزاعات وقضايا حيوية في العالم.
يقدر عدد قراء المجموعة الروسية بنحو 26.8 مليون قارئ في العالم، ولها فروع في الولايات المتحدة، وأوروبا الغربية، ومنطقة البلقان، وآسيا وأميركا اللاتينية. كما تنشر أخباراً وتعليقات باللغة العربية.
الصحافي التلفزيوني الروسي المعروف فلاديمير بوزنار قال في مداخلة له في مؤتمر عقد في موسكو في أيار (مايو) الماضي &laqascii117o;إن الصحافة كمهنة لا توجد في الوقت الراهن في روسيا، فوسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة تركز في عملها ونشاطها على أمر واحد فقط لا غير وهو تكوين رأي عام يعجب الحكومة قبل كل شيء".
المصدر: صحيفة الحياة

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد