صحافة دولية » مقالات مختارة من صحف ومواقع أجنبية

 صحيفة 'نيويورك تايمز':
إيران على مفترق طرق / أبو الحسن بني صدر/12-8-2009
خلال الأسابيع التي تلت الانتخابات الإيرانية ، كانت حكومة الجمهورية الإسلامية منقسمة بصورة علنية ، خسرت شرعيتها وازدادت ضعفا بصورة متسارعة. الوضع الحالي يماثل عدم الاستقرار السياسي الذي مهد للثورة الإسلامية عام 1979 ، تلك الثورة التي أنهت حكم الشاه.
تاريخيا ، الحكومة الإيرانية تمتعت بأربع مصادر للشرعية: كفاءتها في إدارة شؤون الدولة ، سلطتها الدينية الرسمية ، التزامها باستقلال إيران ، وقدرتها على توفير قاعدة مستقرة من الدعم الاجتماعي. كل هذا انتهى الآن إلى غير رجعة.
التزوير الهائل في الأصوات في الثاني عشر من حزيران وضع مقدرة الرئيس محمود أحمدي نجاد في إدارة شؤون الدولة تحت المجهر ، والانتفاضة العفوية التي أعقبتها نزعت الشرعية السياسية للحكومة.
وفيما بعد ، وفي خطبة صلاة الجمعة ، هدد آية الله على خامنئي ، القائد الأعلى ، بحملة عنيفة تستمر حتى قبول النتائج الرسمية للانتخابات. وهذا أزال آخر آثار شرعية النظام الدينية.
هذه الشرعية كانت تتضاءل منذ بعض الوقت ، حتى داخل النظام وبين الإسلاميين التقليديين. آية الله علي السيستاني (رجل الدين الشيعي الأهم في العراق) كان ضد مبدأ ولاية الفقيه (حكم رجال الدين) ، وآية الله حسين علي منتظري (الذي كان يفترض أن يخلف الخميني وأصبح منتقدا له فيما بعد) جادل بأن هذا المعتقد كان ببساطة دليلا على التهرب من المسؤولية ، أو التأليه الزائف. إضافة لذلك ، ينص الدستور بدون أي غموض على أن سلطة القائد الأعلى ، والرئيس والبرلمان يجب أن تنبع من أصوات الشعب ، وليس من الله.
بمعزل عن هذا ، خسر النظام قاعدة قوة رئيسية ، كانت تاريخيا تجعل الحكم المطلق ممكنا في إيران ، وهي الحكم المبني على القوة الاقتصادية للتجار وكبار ملاك الأراضي. وبسبب ذلك دعم نظام إيران نفسه بأداة أخرى للاستبداد: محاولة استخدام التهديد الخارجي لتبرير الاتفاقيات السرية والأزمات المفتوحة مع دول أخرى ، وبشكل رئيسي الولايات المتحدة.
رئاسة جورج بوش كانت فترة مثمرة للنظام الإيراني ، فالتهديد الدائم بعمل عسكري وعقوبات اقتصادية عززت سيطرته على السكان. نهج باراك أوباما الذي لا يعتمد على الصدام وضع النظام في موقف صعب. فلم يعد قادرا على تقديم نفسه كمدافع عن الاستقلال والسيادة ضد التدخل الخارجي.
أخيرا ، الدعم الأول والرئيسي للنظام ، رجال الدين ، استبدل بمافيا عسكرية - مالية. رجال الحرس الثوري الآن يحتلون الحكومة بأكملها ويعتقدون أن واجب رجال الدين لا يتمثل بإدارة البلد ، بل ، ببساطة ، إعطاء شرعية لأولئك الذين يديرونها.
مثل الأنظمة الملكية التي سبقتها ، سلطة النظام الحالي تعتمد على كلا من المؤسسة الداخلية والخارجية ، مما يجعلها عرضة للتأثر بالاضطراب العام. نستطيع أن نعقد مقارنة بين انتخاب جيمي كارتر عام 1976 والسيد أوباما في ,2008 الإيرانيون اعتبروا انتخاب السيد كارتر تهديدا لمصدر القوة الخارجي الرئيسي للملكية ، أي الدعم الأميركي للشاه. وبنفس الطريقة ، إذا ما واصل السيد أوباما التنازل عن السياسات المتشددة تجاه إيران وتجريد النظام من عامل الأزمة ، فإن هذه الانتفاضة قد تتبع مسارا مشابها.
ولكن الحركة الحديثة تختلف عن الاضطراب الذي أدى للثورة عام 1979 من بعض النواحي المهمة. ففي حين أن أول تحركات المعارضة في العام 1979 جاءت من خارج النظام ، فإن المعارضة الحالية بدأت من داخل النظام نفسه ، عندما جرى تزوير الانتخابات ضد مير حسين موسوي. وبالرغم من أن هناك مؤشرات قوية أن حركة الاحتجاج تتنامى ، إلا أنها ما زالت بحاجة لوقت للانتشار في كافة أنحاء البلد.
إلى أين يمكن أن يقود كل هذا؟ جزئيا ، قد يعتمد المستقبل على نتائج الإخفاق السياسي التي خلقه آية الله خامنئي نفسه. الحقائق بأن الانتخابات جرى تزويرها وأن السيد خامنئي حاول القيام ب'انقلاب مخملي' سلطت الأضواء على كلا الجانبين.
تغيير الموقف في كلا المعسكرين يمكن أن يكون انتحارا سياسيا. السيد خامنئي والسيد أحمدي نجاد لا يمكن لهما الاعتراف بأنهما قاما بتزوير الانتخابات ، بما أن ذلك سينتزع منهما ما تبقى من شرعيتهما القانونية والسياسية. الرئيس الأسبق ، علي أكبر رافسنجاني ، يتعرض الآن لهجوم كاسح من قبل مؤيدي خامنئي ، والسيد موسوي ومهدي خروبي ، المرشحان الرئاسيان الآخران ، يعرفان أنهما سيخسران الدعم الشعبي وسيصبحان تحت رحمة النظام الذي لا يسامح ولا ينسى إذا ما خضعا لمطالب السيد خامنئي.
هناك عدة نتائج محتملة. تاريخيا ، تكتيكات النظام الرئيسية للبقاء في السلطة كانت تتمثل في تقسيم نخبة البلد إلى مجموعتين متنافستين والتخلص من واحدة منهما. الآن ، وبما أن هذه العملية وصلت إلى قلب النظام ، فقد أصبحت عملية مميتة. كوادر النظام نفسه تعارض السيد أحمدي نجاد ، والأزمة الاقتصادية المتفاقمة جردت النظام من الموارد وشجعت على المزيد من التمرد الشعبي. هذا قدم فسحة يمكن للإيرانيين من خلالها أن يقرروا نتيجة الصراع.
إذا توقف الناس عن المقاومة ، ستصبح الأوقات أشد صعوبة ، إذا استمروا ، فإن انتفاضتهم ستتحول إلى ثورة ناضجة. وهذا سيجعل من تأسيس ديمقراطية احتمالا حقيقيا. وكل المؤشرات تشير إلى تصميم الشعب الإيراني على مواصلة هذه الانتفاضة حتى النهاية بالرغم من كل الصعوبات.
أبو الحسن بني صدر كان أول رئيس لإيران بعد الثورة الإسلامية عام 1979.


- صحيفة 'نيويورك تايمز' 
الشيعة في العراق يتريثون بينما يستمر السُنة بالمهاجمة / رود نوردلاند / 12-8-2009
لقد دأب رجال الدين الشيعة والساسة بنجاح على حث أتباعهم على التزام الهدوء وعدم الثأر والرد على حملة العنف الطائفي الشرسة والتي تكبدت خلالها الشيعة خسارة 566 عراقيا قتلوا منذ انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية في 30 حزيران الماضي.
ويقول الشيخ خضير العلاوى، إمام مسجد قصف مؤخراً: 'دعهم يقتلونا، فهذا مضيعة لوقتهم، كارت الطائفية بات قديماً ومستهلكاً ولن يلعب به أحد بعد الآن. نحن نعرف ما يريدون، ولكننا سنصبر'.
إن هذا الصبر الذي تتحلى به الشيعة اليوم أمر يتناقض كلياً مع ماضي العراق الحديث، فمع الأغلبية الديموجرافية للشيعة الذين تصل نسبتهم إلى 60%، باتت السلطة بين أيديهم لأول مرة منذ ألف عام، والعودة إلى الحرب الطائفية ما هو إلا طريق قصير لخسارة كل هذا خاصة إذا كانوا سيسحبون جيرانهم من العرب السنة إلى صراع إقليمي لا طائل منه.


- صجيفة 'بوسطن غلوب'
أستراليا تقترح إعادة النظر في قوانين مكافحة الإرهاب / 13-8-2009
سيُعاد تعريف الإرهاب في استراليا ليشمل الضرر النفسي وتحصل الشرطة بموجب ذلك على سلطات طوارئ لتفتيش المنازل دون مذكرات في ظل التنقيحات المقترحة لقوانين مكافحة الإرهاب في استراليا.
وقال المدعي العام روبرت ماكليلاند أمس الخميس أن الإصلاحات المقترحة تسعى إلى فرض توازن بين حماية الوطن من الإرهاب المحتمل وحماية الحريات المدنية.
وستيم توسيع سلطات تنفيذ القانون في بعض المجالات، ولكن سيتم إضافة ضمانات في بعض المناطق الأخرى لحماية المواطنين من عمليات الاحتجاز لفترات طويلة أو الاعتقال غير المشروع. وسُتعرض التغييرات المقترحة للمناقشة وستكون مفتوحة لتعليق الرأي العام لمدة ستة أسابيع قبل عرض مشاريع القوانين على البرلمان للتصويت عليه.
وتقترح الورقة مجموعة من الإصلاحات على التشريعات القائمة، بما في ذلك توسيع تعريف العمل الإرهابي في القانون الجنائي ليشمل الضرر النفسي، فضلا عن الضرر المادي، كما تخلق الورقة جريمة جديدة تتعلق بالإرهاب يعاقب عليها بالسجن مدة تصل إلى 10 عاما في السجن، وأضافوا جريمة أخرى هي التحريض على العنف على أساس العرق أو الدين أو الجنسية أو الأصل القومي أو الرأي السياسي.
وثمة تدبير آخر من شأنه أن يعطي الشرطة صلاحيات طوارئ لدخول وتفتيش المباني بدون أمر إذا كان يشتبه في وجود مواد تتعلق بعمل إرهابي ويشكل تهديدا للسلامة العامة. ومن شأن الإصلاحات المقترحة أن تحد من احتجاز شخص دون توجيه تهم إلى ثمانية أيام. هذا التغيير جاء بعد استعراض حالة محمد حنيف، الطبيب الهندي الذي ربط خطأ بمؤامرات هجوم  في بريطانيا والذي حجز لمدة 12 يوما دون توجيه تهم إليه من قبل الإفراج عنهم.


- صحيفة 'واشنطن بوست'
الحرب في العراق، لم تعد حرب أميركا / غريغ جافي 
لكن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة كسبت هناك وحققت كل أهدافها، أو أن الاقتتال بين العراقيين سوف يتوقف. ولا يعني ذلك أن العراق قد أصبح بلداً مستقراً وديمقراطياً وخالياً نسبياً من الفساد.
لقد انتهت الحرب بالنسبة للولايات المتحدة لأن العراقيين ليسوا في حاجة، بل إنهم لا يريدون وجود القوات الأميركية في المكان بعد الآن. وفي كل مرة تندفع فيها القوات الأميركية خارجة من البوابات مع نظيرتها في بغداد، فإنها إنما تخفض من رصيد القوات العراقية في أعين الناس هناك، وهي تجعل من عمل شركائها في العراق أكثر صعوبة. ورغم أن القائد الأميركي الأعلى في العراق يفهم ويقبل بهذه الحقيقة في الدوائر الخاصة، إلا أنه لن يعترف بها أبداً في العلن.
نهاية الشهر الماضي في بغداد، امتقع الجنرال راي أوديرنو، القائد الأعلى في العراق، حين سأله مراسل صحافي عما إذا كانت الحرب قد 'انتهت عملياً ووظيفياً'. وأجاب: 'ما يزال هناك مدنيون يقتلون في العراق. وما يزال لدينا أناس يحاولون مهاجمة النظام العراقي الجديد ومسيرته نحو الديمقراطية وتحقيق اقتصاد أكثر انفتاحاً. سوف يكون بعض العمل الذي ينبغي أن ننجزه '.
وفي العاصمة العراقية، تحدث وزير الدفاع روبرت غيتس خلال زيارته الأخيرة انسجاماً مع الخط الخطابي المعياري عندما قال إن هناك 'أياما صعبة في الأمام' ما تزال تنتظر للولايات المتحدة والقوات العراقية، حيث يعمل 'أعداء العراق الحر على تعطيل التقدم'. وفي اليوم نفسه الذي تحدث فيه غيتس، اجتاحت القوات العراقية معسكراً لجماعة معارضة إيرانية كانت القوات الأميركية قد أنفقت السنوات الست الماضية في حمايتها. وكانت قوات منظمة 'مجاهدي خلق' قد تحالفت مع صدام حسين ضد إيران، لكن الحكومة العراقية الجديدة التي ترى في طهران حليفاً محتملاً قررت أنها لا تستطيع أن تسمح لهذه الجماعة بأن تجد لها ملجأ على أراضيها.
كانت وجهة نظر أوديرنو أنه لم يكن من مهمة الجيش الأميركي أن يتدخل فيما كان أساساً شأناً داخلياً، وقال: 'إن هذا أمر يتعلق بالعراقيين'. وقد أشرت نغمته على تغير كبير عن الأيام التي كان القادة الأميركيون يضغطون فيها على الحكومة العراقية من أجل طرد أو استبدال قادة كانوا يعتقدون بأنهم غير أكفاء أو طائفيين على نحو ظاهر.
في وقت أبكر من اليوم نفسه، زار غيتس قاعدة الطليل الجوية في الجوب الشرقي من بغداد ليتبادل الحديث مع الجنود الأميركيين وقادة الشرطة العراقيين بينما كانوا يتهيؤون للخروج في دورية مشتركة. كان العراقيون يرتدون أزياءهم المموهة ورتبهم العسكرية، ويختالون حول عرباتهم الهامفي في عز حرارة النهار القائظة، بينما تجمع الأميركيون في حزمة منفصلة حول غيتس. وقد شكرهم رئيس البنتاغون على تضحيتهم وخدمتهم، وقال: 'إن مهمات التدريب والشراكة التي تقومون بها هي الخطوة التالية في نجاحاتنا'.
على بعد بضعة أقدام، كان الميجور سيان كويستر يعترف بأن الشرطة العراقية في المنطقة كانوا مكتفين ذاتياً إلى حد كبير وبأن جنودهم قد أصبحوا أكثر قليلاً من ضجرين. كان العراقيون يطلبون بعض المساعدة في جمع الأدلة وأساليب التحقيق، وكان هذا كل شيء. وكان هؤلاء يقومون بدورياتهم الخاصة وبإجراءات التحقيق بالقليل أو من دون أي أشراف من جانب القوات الأميركية. وقال كويستر: 'بأمانة، يبدو أنهم يتمتعون بسيطرة جيدة على الأمور'.
في فترة العصر، عاد غيتس إلى بغداد، حيث التقى بوزير الدفاع العراقي عبد القادر محمد جاسم في مبنى القيادة العسكرية العراقية، وهو مبنى رخامي فيه مصاعد لم تعمل منذ الأيام الأولى للغزو الأميركي. وفي المؤتمر الصحافي الذي أعقب اللقاء، كانت أسئلة الصحافيين العراقيين كافة فعلياً تتوجه إلى السيد جاسم.
قبل نحو سنتين تقريباً، كان من غير الممكن التفكير في أن يكون وزير عراقي هو محط الاهتمام والجذب في مؤتمر صحافي عندما يكون مع نظير أميركي له. وقد افترض الجميع أن الأميركيين كانوا مسؤولين حقاً وأن العراقين كانوا موجودين فقط  ليضيفوا وجهاً عراقياً إلى مسعى عسكري أميركي من حيث الأساس. ولعل من الأكثر إدهاشاً أن الصحافة العراقية لم تكن لديها أسئلة حول التمرد أو الاقتتال الداخلي. وقد سأل الصحافيون بدلاً من ذلك عما إذا كان الأميركيون سيبيعون للعراقيين طائرات 'إف-16' المقاتلة النفاثة. وكانت لدى اثنين من الصحافيين العراقيين أسئلة حول التوترات الحالية مع الكويت. وكان أحد العراقيين مستثاراً بسبب شائعات تقول إن الجيش والبحرية العراقيين يحشدان على الحدود استعداداً لصدام محتمل مع الجيش الكويتي. أهلاً بعام 1990.
الجنرال المتقاعد جون أبي زيد الذي كان قد قاد القوات الأميركي في الشرق الأوسط فيما بين الأعوام 2003 و2007، والذي كانت لديه شكوك جدية إزاء غزو العراق، شاهد هذا اليوم وهو يأتي. كانت لدى أبي زيد سقطاته كقائد للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، لكن فهمه للعالم العربي ظل أعمق بكثير من الفهم الذي يمكن أن ينطوي عليه أي جنرال آخر في الجيش الأميركي. ففي أواخر السبعينيات، كان أبي زيد قد تعلم العربية وأمضى سنتين من الدراسة في الجامعة الأردنية في عمان خلال زمن التغيرات المضطربة في المنطقة. وكان مراقباً للأمم المتحدة في جنوب لبنان في أواسط الثمانينيات، عندما ظهرت جماعة حزب الله الشيعية الراديكالية كقوة رئيسية هناك. وفي أوائل التسعينيات، تم إرسال لوائه إلى شمال العراق لتأمين حماية الأكراد من الجيش العراقي خلال فترة الفوضى التي أعقبت حرب الخليج.
كان أبي زيد يعرف بأنه كانت هناك قوى تاريخية ودينية وثقافية هائلة تعمل في العراق، والتي لا يمكن أن تتمكن الولايات المتحدة أبداً من تغيير وجهتها. كان بوسع الجيش الأميركي أن يشذب الأوضاع على الهوامش، كما كان يعتقد، لكن مستقبل العراق يؤول في نهاية المطاف إلى العراقيين. وغالباً ما كان يقول: 'إنك إذا ما حاولت السيطرة على الشرق الأوسط، فإن الأمر سينتهي به وقد سيطر عليك هو'.
أما الجنرال ديفيد بترايوس، صديق أبي زيد القديم ومنافسه، فقد ظن أن ذلك كان غير منطقي. وقد عبر موجز عرضه في تسع صفحات من الشرائح المشغولة على برنامج 'بوربوينت' في العام 2003 بعد انتخابات الموصل، عن توجهاته خلال الأيام الأولى من الحرب. وكانت إحدى الشرائح تقول: 'لا تمكنوهم، ينبغي أن تظلوا متفوقين عليهم'، وكان الضمير 'هم' يعني العراقيين الذين وافقوا على التعاون مع بترايوس.
أفضت ميول أبي زيد القدرية إلى حد ما الى الحدت من فعاليته في بداية الحرب، عندما لم يكن هناك عراقيون قادرون على فرض النظام، وكانت لدى الولايات المتحدة وحدها القدرة على ضبط الفوضى التي كانت تضم البلاد. وبدلاً من استخدام القوات الأميركية لحيازة السيطرة، استشرف أبي زيد استراتيجية ركزت على نقل السلطة إلى الوحدات العراقية الوليدة التي لم تكن بأي حال قريبة من الجاهزية المطلوبة. ومع ذلك، يبدو أبي زيد اليوم حاضراً. ذلك أن اللحظة التي طالما تنباً بها قد حلت.
في أفغانستان، التي تجعل العراق يبدو مقارنة وكأنه يشبه قليلاً نسخة صحراوية من سويسرا، يحتمل كثيراً أن تمر سنوات قبل أن يجري الدفع بالجيش الأميركي إلى الخلفية. إن لدى أفغانستان القليل من الطرق، والقليل من قدرة الحكومة، وليس هناك اقتصاد تقريباً، إلى جانب وجود معدلات أمية مذهلة. وما لم يقم الجيش الأميركي بدفع الحكومة وقوات الأمن الأفغانية إلى التصرف، فإن القليل سيحدث. ولعل من غير المفاجئ أن معظم الضباط الأميركيين الطموحين يبذلون قصارى جهدهم ويفعلون كل ما يستطيعونه هذه الأيام لإقحام وحدات يمكن أن تنشر في أفغانستان بدلاً من العراق. بل لقد اقترح كولونيل أميركي في العراق في مذكرة نشرتها صحيفة النيويورك تايمز مؤخراً أن الوقت قد حان 'للولايات المتحدة لإعلان النصر والعودة إلى الديار'.
لكن الولايات المتحدة ما يزال لديها دور تلعبه في العراق. ويخدم وجودها في مراقبة الجيش العراقي وخطو القادة السياسيين والتوجهات الطائفية الأخرى. وفي حالة الغارة التي شنت على معسكرات مجاهدي خلق، ضغط الضباط الأميركيين على العراقيين لمعاملة عناصر المعسكر بإنسانية. وثمة القليل من الجنود الأميركيين الذين يتمركزون خارج المعسكر، ولو أن من غير الواضح إذا ما كان وجودهم قد أحدث فرقاً. وكان قادة المنظمة والحاكم المحلي قد أعلنوا بعد الغارة أن المئات من سكان المخيم قد جرحوا وأن العديدين قتلوا في الهجوم.
يمكن للأميركيين أن يتصرفوا أيضاً كوسطاء نزيهين لحل الخلافات حول توزيع عوائد النفط والحدود الإقليمية في شمال العراق. وقد كانت هاتان القضيتان موضع تركيز رئيسي في رحلة غيتس الأخيرة إلى العراق.
كان حتى الجنرال بترايوس قد احتفى بعقيدة مكافحة التمرد التي انتهت في العام 2006 عندما تعرض الجنرال لهجوم في مجاهل قلعة ليفنورث خان، وأدرك أن نقطة حرجة ستأتي عندما لن تعمل جهود الجيش الأميركي لتحسين وضع العراق سوى على نزع الصدقية عن المسؤولين العراقيين فحسب، وتجعل الأمور أسوأ. ويقول أحد مبادئ العقيدة على نحو يشبه تعبيرات زينون: 'أحياناً يكون عدم القيام بشيء هو أفضل ردود الفعل'.
بعد ست سنوات، ثمة أكثر من 4.300 شخص قد قتلوا وحوالي 31.430 جرحوا، ويبدو أن لحظة عدم القيام بشيء في العراق قد أزفت.
 

- صحيفة 'واشنطن تايمز'
انسحاب أميركا نذير احتراب العراقيين 
كشفت الصحيفة أن جامعة الدفاع الوطني في البلاد بصدد نشر تقرير الشهر الجاري يشير إلى أن الجيش والشرطة العراقية باتا رهنا لأهواء التيارات السياسية في بلاد الرافدين، وهو ما يؤدي إلى توفر عناصر وأدوات لأي حرب أهلية محتملة هناك.
وذكرت الصحيفة أن التقرير أعده من سمته العمدة ورئيس الشرطة العراقي السابق نجم عبد الجبوري، الذي قالت إنه أسهم في تقديم الدعم للقوات الأميركية في أول حملة عسكرية ضد من وصفتهم 'بالمتمردين' إبان الغزو الأميركي للبلاد.
ويشير التقرير إلى فشل الولايات المتحدة في إبقاء الجيش والشرطة العراقيين في معزل عن نفوذ الأحزاب والجماعات الإسلامية الشيعية والسنية والكردية في العراق، ما من شأنه تشكيل تحد كبير أمام قدرة القوات المحلية على حفظ أمن البلاد عند الانسحاب الأميركي منها.
ويمضى التقرير إلى أن الولاءات الطائفية والعرقية لأفراد الجيش والشرطة في العراق إنما تسهم في بث بذور الفرقة وتهيئة الأدوات لحرب أهلية قد تنشأ في البلاد.
وأضافت واشنطن تايمز أن الجبوري شغل منصب رئيس بلدية تلعفر في نينوى للعامين 2005 و2006 عندما تعاون مع العقيد الأميركي إتش آر ماكماستر في شن حملة أسهمت في إنجاح الإستراتيجية التي شنتها القوات الأميركية ضد المقاومة العراقية عامي 2007 و2008 عبر أنحاء مختلفة من العراق.
 ومضت إلى أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش سبق أن أثنى في خطابه في 20 مارس/ آذار 2006 على الدعم الذي قدمه الجبوري، بالقول إن الولايات المتحدة 'تفخر بأن يكون لها حليف مثل العمدة نجم'.
ونسبت الصحيفة إلى العقيد الأميركي قوله 'إن ما يضفي كبير الأهمية على التقرير هو كونه صادرا  عن امرئ أسهم في تقديم نموذج من الشخصية القيادية حالت دون اندلاع حرب أهلية مروعة' في البلاد آنذاك.
ويمضي الجبوري في تقريره إلى أن التقييدات التي تمنع اندلاع حرب أهلية في بلاده سرعان ما تتلاشى عند انسحاب القوات الأميركية وعند ترك العراقيين كل أدواته، وأوضح أن الكثير من مكونات الجيش العراقي تدين بالولاء لرعاتها السياسيين أكثر منه للحكومة المركزية في البلاد.
الشبح الأميركي
من جانبها أشارت صحيفة ذي إندبندت البريطانية إلى أن ما يمنع نشوب حرب بين العرب والأكراد في شمالي العراق هو وجود 'الشبح' الأميركي في البلاد في إشارة إلى القوات الأميركية هناك.
وأضافت أن العراقيين هم على شفير حرب أهلية إثر ما سمته الخلافات بين العرب والأكراد بشأن السيطرة على الأراضي الغنية بالنفط، التي تمتد من الحدود السورية في غربي العراق إلى إيران في شرقي البلاد.
ومضت إلى أنه بإمكان كل من الطرفين ردع ومقاومة الآخر، وأنه لن ينتصر أي من الجانبين في أي نزاع قد ينشأ بينهم، وأن كل جانب منهما سيسعى للحصول على تحالفات أجنبية.
وأوضحت ذي إندبندنت أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ورؤساء العراق السابقين فشلوا فيما سمته 'سحق' الأكراد على مدار الأربعين سنة ماضية، في ظل ما وصفته بأنه صعوبة كبيرة في حل الخلافات بشأن كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها.
وأضافت الصحيفة أنه يتطلب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وقف أي تصعيد محتمل بشأن الصراع المستحكم بين الجانبين.


- صحيفة 'التايمز'
قتل قادة طالبان وحده لن يحقق النصر / أناتول ليفن
سوف تذرف القليل من الدموع على موت بيت الله محسود، سوى لدى المتشددين من طالبان. فقد كان أعلن المسؤولية عن ذبح المئات من الباكستانيين من المواطنين العاديين، ناهيك عن شن هجمات على الجيش والشرطة.
لكن الجمهور الباكستاني سيحتاج إلى بعض الاقتناع حتى يتيقن بأن الرجل قد مات. إذ ينحو الباكستانيون نحو معاملة معظم البيانات الأميركية على أساس أنها كاذبة، كما أنهم يبدون تشككا حيال ادعاءات حكومتهم. إضافة إلى أن الكثيرين منهم يؤمنون بصحة نظرية المؤامرة المحمومة التي لا تعزو العمليات الإرهابية إلى طالبان، وإنما إلى عملاء الهند، بل وحتى الولايات المتحدة.
أما بين الباكستانيين الأكثر تعقلاً، فسيدور السؤال حول الفارق الذي سيحدثه مقتل محسود. ذلك أنه ينظر إلى طالبان الباكستانية على أنها أقل وحدة من حليفتها الأفغانية. وحتى مع كونه قائداً أعلى، فإن محسود كان أشبه بشخص يقود فريقاً في شجار.
في سوات، حيث أتواجد حاليا لمتابعة الأحداث، يعتقد الناس بأن الحملة التي تشن ضد طالبان هنا هي أكثر أهمية بكثير -وقد يكونون على حق. وكان ضابط باكستاني قد صرح لي بقوله: 'إن من الخطأ أن تعتقد أميركا بأنها تستطيع كسب الحرب من خلال قتل قائد بعد الآخر... هناك دائماً من يحل محله. إن ما يجب أن تفعله هو أن تسحق القوات الوغدة وتعيد احتلال المنطقة'.
ذلك ما يعتقد الجيش الباكستاني بأنه يفعله الآن في سوات. فبعد سنتين تمكنت خلالهما طالبان من بسط سلطتها، استطاع هجوم مضاد شنته القوات الباكستانية خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن يطهر الوادي منهم، وتقسيمهم إلى مجموعات صغيرة وإبعادهم إلى الجبال. وقد انطوت الحملة على استخدام قوة نيران هائلة على نحو حمل مئات الآلاف من الناس على الفرار. ومع ذلك، وبينما كنت في طريقي قادماً إلى هنا مررت، بشاحنة وراء شاحنة وحافلة وراء أخرى، كلها محملة بممتلكات العائدين إلى منازلهم.
ويبدي الجنود الذين تحدثت إليهم  كل الثقة في أن طالبان قد سحقت في سوات، وأنها لن تستطيع العودة. ومن جهتهم، يبدي رجال الأعمال في بيشاور وأمكنة أخرى ثقة أكبر في المستقبل مقارنة بموقفهم قبل سنة من الآن. ومع ذلك، ثمة شيء يدعو الى الإفراط في الثقة، وهو ما دفعني إلى أن أبقى في شوارع عاصمة سوات – مينغورا – إلى ما بعد حلول الظلام. خلال سريان منع التجول، تبدو هذه الشوارع بمظهر غير الذي تبدو عليه خلال ضوء النهار الساطع، حيث يعتقد الجنود المتوترون الواقفون في نقاط التفتيش بأن سيارات طالبان المفخخة تظل تشكل تهديدا خطيرا جدا لهم.
إلى ذلك، ما يزال العديد من الباكستانيين العاديين يعتقدون بأن المفاوضات، وليس الاقتتال مع طالبان، هي أفضل الطرق لإحراز التقدم. ولذلك، يبدو موت محسود وإعادة احتلال وادي سوات وأنهما مجرد بداية جيدة، وليس أكثر.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد