صحافة دولية » مقالات وتحليلات مختارة من صحف ومواقع أجنبية

- صحيفة 'نيويورك تايمز'
القيادة الإيرانية تصعد من حملتها لإخراس مزاعم حدوث اغتصاب داخل السجون/روبرت ورث/15-8-2009
إن القيادة الدينية في إيران صعدت أمس الجمعة من حملتها لإخراس مزاعم المعارضة بأن المحتجين المعتقلين في السجون قد تعرضوا للاغتصاب، في الوقت الذي رفض فيه خطباء المساجد في المدن الرئيسية في البلاد هذه الاتهامات.
إلى أن الاتهامات بالاغتصاب، وهو من الموضوعات المحرمة في إيران، قد أثارت ردود فعل قوية بعد أن أثار هذا الموضوع رجل الدين الإصلاحي والمرشح للرئاسة في الانتخابات الماضية مهدي كروبي.
وقد أشعلت مزاعمه مزيدا من الجدل الموجود بالفعل وسببه النقاش الدائر حول وقوع تعذيب داخل السجون في أعقاب الانتخابات الإيرانية المتنازع عليها.


- صحيفة 'الفايننشيال تايمز'
المعارضة الإيرانية تصف السجون الإيرانية بأبو غريب / 15-8-2009
إن المعارضة الإيرانية تتهم النظام بارتكاب انتهاك في حق المعتقلين السياسيين على طراز انتهاكات أبو غريب في العراق والتي أثارت غضب جماعات حقوق الإنسان والعالم، ولكن وعلى الرغم من هذا تؤكد الصحيفة أن المعارضة الإيرانية ترفض قبول الهزيمة والأمر الواقع.
وواصل مهدى كروبى أحد المرشحين المنافسين لنجاد؛ حملة الضغط من خلال الزعم بأنه لديه أدلة تفيد بتعرض المحتجزين من الرجال والنساء للاغتصاب في سجني' أيفين وكهرزاك' بطهران، كما يتعرض المعتقلون السياسيون للتعذيب حتى الموت.
وكتب كروبي على الموقع الإلكتروني الخاص به 'إننا نلاحظ أن في بلد إسلامي يتعرض بعض الشباب للضرب حتى الموت فقط لأنهم يرددون شعارات'.
ويؤكد كروبي إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم والزحف على أيديهم ورُكبهم مثل الحيوانات ليركب حراس السجن على ظهورهم، كما يقوم سلطات السجن بوضعهم فوق بعضهم وهم عراة.. ويتساءل كروبي هل هذه الممارسات تتفق مع الإسلام؟.


- صحيفة 'الغارديان'
العمل العسكري هو حلم خطير... يمكننا أن نتعايش مع إيران نووية/ ديفيد كلارك/ 14-8-2009 
إن شن ضربات وقائية لا علاقة له بإقامة حوار جاد. لا بد لنا أن نتعامل مع رجال الدين الإيرانيين على أنهم رجال دولة ذوو مصلحة ذاتية، وليس على أنهم ملالي متعصبين.
احد نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية  المتنازع عليها هي أنه يمكن الآن صرف النظر عن أفضل سيناريو وضعه الرئيس أوباما للتعامل مع القضية النووية. وتصور هذا السيناريو حدوث انتصار للإصلاحيين وتشكيل حكومة إيرانية جديدة على استعداد لتتوقف عن تحولها إلى الدولة العاشرة التي تملك سلاحا نوويا في العالم . ويوحي حجم مظاهرات المعارضة أن التغيير سيأتي، ولكنه قد يصل لاحقا وليس عاجلا. في غضون ذلك نواجه نظاما محافظا ذو امن معدوم يأمل في دعم موقفه الهش عبر تضخيم التهديد الخارجي، وجعل الأمن القومي قضية تحدد السياسة الداخلية. وهذا لا يشكل أساسا واعدا للتوصل إلى تسوية...
لا أحد يريد أن تمتلك إيران سلاحا نوويا، وفرض عقوبات جديدة يجب أن يتم تجربيه بالتأكيد. ولكن إذا حسبنا الأمور بشكل صحيح فإن احتمال حصول إيران على سلاح نووي في نهاية الأمر له علاقة بمسألة الإرادة الإيرانية، وحينها يجب أن نقيم حوارا ناضجا حول كيفية إدارة تلك المخاطر. فبدلا من التهديد بعمل عسكري لن يؤدي سوى إلى زيادة رغبة إيران بامتلاك أسلحة نووية، وهو ما يضعف فرص للتغيير الديمقراطي، على القوى الغربية أن تركز على تطوير قوة الردع في إطار يوفر ضمانات أمنية للبلدان الضعيفة، ويذكر زعماء إيران بما سيفقدونه عبر استغلال إمكانيتهم النووية. إن عملية الانتشار هي عملية خطرة دائما، ولكن يمكننا العيش مع إيران نووية إذا اضطررنا لذلك.


- صحيفة 'كريستيان ساينس مونيتور'
نشرت الصحيفة تقريرا جديدا لمركز 'سوذرن بفرتي لو'، الذي يراقب جماعات الكره والنشاط المتطرف،افاد  أن المليشيات اليمينية في الولايات المتحدة في ازدياد بعد نحو عقد من الخمول.
وحذر التقرير الذي نشرته مؤخرا من وجود 'مؤشرات أكيدة على انبعاث ما كان يعرف في التسعينيات بحركة المليشيات'.
وقال إن صوت المليشيات بدأ يعلو في الأرجاء مرة أخرى، وهو غالبا من جيل ثان من المتأدلجين، وبدأت نظريات المؤامرة تعود ثانية بقوة. وقد بدأت فعاليات المليشيات تنتشر بأعداد كبيرة وأصبحت مشاهدة الآن على موقع يو تيوب.
وتقدر إحدى الهيئات الفدرالية عدد جماعات تدريب المليشيات التي برزت في أقل من عامين بنحو 50 جماعة جديدة. وبلغت مبيعات الأسلحة والذخيرة أرقاما فلكية وسط مخاوف من قوانين جديدة للحد من انتشار الأسلحة.
كذلك أورد التقرير مجموعة من الأحداث والسجلات دليلا على الطفرة الظاهرة في فعاليات المليشيات، بما في ذلك قتل ستة من رجال القانون خلال الأشهر الماضية بأيدي المؤيدين للمعتقدات المناوئة للحكومة أو العنصرية أو الموالية للمليشيات.
ويزعم تقرير المركز أيضا أنه بانتخاب باراك أوباما لترؤس الولايات المتحدة الذي تنظر إليه المليشيات على أنه عدو لها، تكون رسالة المليشيات، التي لا تركز عادة على الكره العنصري، قد اتخذت منحى عنصريا متخفيا.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية إن بعض الخبراء يعتقدون أن الزيادة المفاجئة في المليشيات سببها الجزئي هو 'وجود عالم نابض بالمؤامرات الواهية لكنها شائعة جدا'.
ومن جانبها قالت شبكة فوكس نيوز إن الجماعات المحافظة تفند التقرير الذي تعتبره مبنيا على تقرير لوزارة الداخلية نشر في بداية هذا العام حول تطرف اليمين. وقالوا إن تقرير الداخلية يستند إلى تقارير غير رسمية ويعتبرون تقرير المركز الجديد مشكوكا فيه لنفس الأسباب. 
لواقع المتشابك في الشرق الأوسط والسياسة الأميركية .. إلى أين؟ (دراسة)


- صحيفة 'موقع بنتش'
إيلان هاغوبيان:

جاء أوباما إلى السلطة مع تعهد بحل المسألة الفلسطينية، كما تعهد أيضاً بمقاربة قضايا الشرق الأوسط، خاصة المسألة الإيرانية، بكياسة ودبلوماسية بهدف دعم القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقد هدفت خطته المكونة من شقين إلى إزالة المسألة الفلسطينية عن الأجندة الإقليمية من جهة، وإلى تهيئة الأجواء لإقامة علاقات أفضل مع دول المنطقة وحل القضايا الراهنة العالقة بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة من جهة أخرى. ثم كان أن تمخضت انتخابات شباط (فبراير) الإسرائيلية عن فوز بنيامين نتنياهو ليكون رئيس وزراء يترأس حكومة يمينية متطرفة، والذي رفض دعوة أوباما لإقامة دولة فلسطينية، وقال إن برنامج إيران النووي، بتهديده المفترض لإسرائيل ومصالح الولايات المتحدة، هو الذي يشكل القضية الطارئة الرئيسية التي تتوجب معالجتها، وليس فلسطين. وبانجلاء انتخابات شهر حزيران (يونيو) الإيرانية عن فوز أحمدي نجاد، المعادي للإمبريالية، والمعادي للصهيونية ومنكر الهولوكوست، زعم نتنياهو بأن خطر إيران قد زاد الآن بما لا يقاس، وبأن القيام بعمل عسكري بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى، ولذلك ينبغي ركن مسألة فلسطين في المستودع الخلفي. كل هذا زاد من كم التنافر الواضح والمعلن بين إسرائيل والولايات المتحدة حول أجندة أوباما الخاصة بفلسطين وإيران بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وأصبح هذا التنافر عامل تهديد لجهود أوباما الرامية إلى نزع الفتيل من الحالة الشرق-أوسطية المحتقنة والقابلة للانفجار.

وصل الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض بوعد إنجاز عمل غير عادي. وعلى الرغم من أن أهداف السياسة الخارجية الأميركية لم تخضع لأي تغيير، فقد أصر أوباما على منح الأولوية لنهج الحوار وتوظيف الدبلوماسية لتحقيق هذه الأهداف، باستثناء أفغانستان (والباكستان). وقد أعلن أوباما عن هدفين مباشرين وعاجلين يسعى إلى تحقيقهما في الشرق الأوسط: (1) حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وفقاً للإجماع الدولي على أساس حل الدولتين، من دون إلحاق ضرر يكون من شأنه إضعاف إسرائيل. ذلك أن إسرائيل ما تزال تعتبر مهمة :1) لتأمين وضمان المصالح الاقتصادية الأميركية وإدامة هيمنة أميركا السياسية في هذه المنطقة. ولهذا، يجب على الولايات المتحدة أن تضمن مصالح إسرائيل الشرق-أوسطية الحيوية والرئيسية، بما فيها ضمان هيمنة إسرائيل الإقليمية. و2) تفكيك، أو على الأقل محاصرة التحالف الإقليمي الوحيد الذي يتحدى المخططات الأميركية-الإسرائيلية في المنطقة، أي التحالف القائم بين إيران وسورية وحزب الله وحماس والعناصر السياسية الموالية لإيران في العراق.
 وكان أوباما ينظر إلى حل المسألة الفلسطينية باعتباره الوصفة التي ستسهم حتماً في تفكيك التحالف المعادي للحلف الإسرائيلي-الأميركي عن طريق تفكيك المسألة الجوهرية في تكوينه، وبحيث تصبح العناصر الرئيسية في هذا التحالف أقرب إلى طائلة الذراع الأميركية. وكانت الفكرة أن تحقيق هذين الهدفين المستقلين سوف يمنح لأميركا إمكانات غير محدودة للمناورة في مجال تدجين الحركات الإسلامية في المنطقة، وامتلاك اليد العليا في لعبة الطاقة الكبرى هناك.

من أجل التعامل مع الهدف الأول، تم تعيين السيناتور السابق جورج ميتشل مبعوثاً خاصاً للرئيس الأميركي، لغرض جلب الفرقاء معاً لحل النزاع. كما عين ميتشل مسؤولاً عن تسهيل عملية إنجاز سلام شامل في المنطقة، والذي يشمل القضايا اللبنانية والسورية العالقة مع إسرائيل. وقد تطلب تحقيق الهدف الثاني رعاية مبادرة متصلة ومتزامنة تتضمن العناصر التالية: أ) ضمان الانتخاب البرلماني لتحالف 14 آذار الموالي للولايات المتحدة في لبنان ضد حزب الله الموالي لسورية وإيران، والمتحالف مع حركة التيار الوطني الحر التابع للجنرال عون، ب) إعادة إشراك سورية عن طريق إعلان عودة السفير الأميركي إلى دمشق، وفتح إمكانية إجراء مفاوضات جدية فيما يتعلق بمرتفعات الجولان السورية التي تحتلها إسرائيل، وإزالة بعض العقوبات الاقتصادية التي كانت فرضتها إدارة جورج بوش على سورية. ج) التشجيع من خلال التغطية الإعلامية على انتخاب مير حسين موسوي، الذي يفترض أنه إصلاحي، ليكون رئيساً لإيران. د) الاعتماد على 'خبراء' في منظمات غير رسمية، مثل منتدى بيروت الذي يشارك في رئاسته نائب سابق، ألاستير كروك، (2) والذين يتحاورون مع الحركات المحلية الإسلامية، مثل حزب الله وحماس، على أمل تشجيعها على التوجه نحو إقامة علاقات 'إيجابية' مع الغرب. ولو قيض لكل هذه المبادرات النجاح، فإن النتيجة المتوقعة ستكون لاعبين إقليميين أكثر ضعفاً وأقل عدائية من أولئك المنطوين على نية إعاقة المصالح الأميركية، ثم 'تطبيع' إسرائيل المهيمنة إقليمياً ودمجها في الشرق الأوسط. ولكن، ما الذي تم إنجازه من هذه الأهداف حتى الآن؟

مباشرة عقب تنصيب الرئيس أوباما، ذهب السيناتور ميتشل إلى الشرق الأوسط للقيام بجولته التقويمية الأولى لمشكلة فلسطين وقضايا المنطقة. وعلى الرغم من عودة نتنياهو إلى رئاسة الوزارة الإسرائيلية بعد انتخابات الكنيست في شباط (فبراير)، يستمر ميتشل في بذل جهوده التي لا يعلن عنها نسبياً من أجل التفاوض على حل دولتين، وفتح نقاشات تمهيدية مع لبنان وسورية. وبينما يبدو نتنياهو غير متعاون بكل وضوح وعلنا بهذا الصدد، فإن سياسته الفلسطينية لا تختلف جذرياً عن تلك التي يتبناها قادة أحزاب إسرائيلية أخرى. لكن خطابه يبقى مع ذلك منسجماً مع خطاب أقصى اليمين المحافظ. وعلى أي حال، وبأخذ التشظي والتقسيم الذي حل بالأراضي الفلسطينية بسبب عمليات المصادرة الإسرائيلية بعين الاعتبار، أصبحت احتمالية إنجاز هدف إقامة دولة فلسطينية أقرب إلى الصفر.
ربما تستطيع قدرة أوباما أو رغبته في ممارسة ضغط استثنائي على إسرائيل لحملها على الانصياع للإجماع الدولي أن تغير الناتج. ومع ذلك، تظل رافعة الضغط الإسرائيلي المقابل من خلال نشاط اللوبي الإسرائيلي الأميركي، وبسبب دور إسرائيل المفترض المعروف في الشرق الأوسط أموراً مهمة ويعتد بها (3)، ولم يعمد أوباما حتى اليوم إلى تحدي تلك الرافعة علناً. ورغم أن نتنياهو قد أمر فعلاً بـ'تجميد' بناء ما يقارب 900 وحدة في مستوطنة بيسكات زئيف في القدس الشرقية، إلا أن ذلك لا يعدو كونه خطوة رمزية أكثر من كونه مؤشراً على تعاون قادم (4). وليس من الواضح تماماً ما إذا كان أوباما يستطيع فعلاً أن يجيش دعم الكونغرس اللازم لتحدي سيطرة إسرائيل الظاهرة على سياسة الولايات المتحدة الشرق-أوسطية.

محاصرة التحالف الذي تقوده إيران: حزب الله ولبنان
في الشأن اللبناني، أوضح كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ونائب الرئيس جو بيدن، وكذلك خطبة الرئيس في القاهرة، بما لا يقبل اللبس أن الولايات المتحدة أرادت لتحالف 14 آذار المؤيد لأميركا أن يفوز في انتخابات حزيران (يونيو) اللبنانية البرلمانية، وقد فعل. ومع ذلك، قدم حزب الله وحركة ميشال عون عرضاً قوياً في الانتخابات. وفي الفترة الأخيرة، انسحب الزعيم الدرزي وليد جنبلاط من تحالف قوى 14 آذار، وعمل على تدفئة علاقاته مرة أخرى مع حزب الله وسورية. ونتيجة لذلك، فإن الوزراء الدروز الثلاثة القادمين في حكومة الحريري، وحوالي 9 برلمانيين من كتلته ربما ينضمون إلى المعارضة. وفي تلك الحالة، سوف يشكل تحالف 8 آذار المعارض أغلبية في البرلمان (5). وهكذا، يبقى حزب الله طرفاً قوياً في المعادلة اللبنانية وفي التحالف الذي تقوده إيران، كما يحظى الحزب أيضاً بدعم رسمي لبناني فيما يتعلق بمسألة منطقة مزارع شبعا التي ما تزال تحتلها إسرائيل.

سورية، حزب الله، وحماس
بعد الزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون إلى دمشق، أعلنت إدارة أوباما أنها تقوم بدراسة احتمال إرسال سفير إلى سورية. وبعد ذلك، شرعت إدارة أوباما برفع عقوبات معينة عن دمشق. وقد أوضحت سورية من طرفها أنها مهتمة بإقامة علاقات أكثر دفئاً مع الولايات المتحدة، وأنها تأمل بمساعدتها في استعادة مرتفعات الجولان المحتلة من إسرائيل. ورغم إدراكها بأن هناك مطلباً إسرائيلياً يدخل في المعادلة، أي قطع كافة الصلات السورية مع إيران وحزب الله وحماس، فإنه لا يبدو من المرجح أن تذهب سورية إلى ذلك الحد (6). ويظل الشأو الذي يمكن أن تقطعه سورية باتجاه الولايات المتحدة من إجل إعادة مرتفعات الجولان إليها غير معروف، لكن سورية لا تبدو ميالة إلى تقليد مصر. وقد أوضحت سورية تماماً في عدة مناسبات أنها لن تتخلى عن تحالفها الذي يوفر لها الضمان والتأثير لمجرد إدخالها في المدار الأميركي-الإسرائيلي فحسب. كما أوضح المسؤولون الإسرائيليون تماماً أنهم لن يتخلوا عن الجولان بأي حال من الأحوال. وحتى اليوم، لم تتنازل سورية عن أي شيء للولايات المتحدة، والذي يمكن أن يضعف التحالف الذي تنتمي إليه.

إيران والإعلام الغربي
على المستوى الرسمي، أعيد انتخاب أحمدي نجاد المعادي لأميركا وللصهيونية، ومنكر الهولوكوست، والذي يحظى بدعم ومباركة المرشد الأعلى آية الله خامنئي، رئيساً لإيران، وفاز على منافسه الإصلاحي المزعوم مير حسين موسوي الذي تفضله الولايات المتحدة والإيرانيون في المنفى. وقد ساد افتراض أن موسوي سيكون مرشح الطبقة الإيرانية الوسطى المحظوظة، ولو أن الكثيرين من المفكرين شككوا في ذلك. وبعد نتيجة الانتخابات، صرخ مؤيدو موسوي بدعوى الانتخابات المزورة، وخرجوا إلى الشوارع للتظاهر والاحتجاج على إحصاء الأصوات. وفي الوقت نفسه، هتف داعمو خامنئي وأحمدي نجاد بدعوى التدخل الغربي في تأجيج الاحتجاجات الشعبية. وكانت التغطية الإعلامية تجري بشكل أساسي من خلال 'تويتر'، 'فيسبوك' وكاميرات الهواتف النقالة التي فضلت تسليط عدساتها على المتظاهرين من معارضي نجاد. ويلاحظ مسؤول وزارة الخارجية الرفيع المتقاعد تيري آرنولد كمية الصعوبة في تقييم المدى والمصدر والتأثير الذي يتمتع به النظام الإيراني للتدخل في اتصالات الشبكة العنكبوتية والاتصالات الفضائية، والذي يمكن أن '... يشكل نسخة إيرانية من الخوف الصيني من الشبكة العنكبوتية'. ويشير سكوت ريتر إلى مثل هذا النشاط على أنه 'مناورة الديمقراطية الرقمية' التي يستخدمها أوباما' (7).
كان واضحاً من التغطية الإعلامية أن الولايات المتحدة أرادت فوز موسوي، معتقدة من دون أساس حقيقي بأنه ربما يكون أكثر قابلية للتحاور حول كافة القضايا الإقليمية، بما فيها برنامج إيران النووي. ومن الناحية الأخرى، أرادت إسرائيل فوز أحمدي نجاد حتى تصرف الانتباه عن محاولة أوباما حل المسألة الفلسطينية، ومن أجل تدعيم مزاعم إسرائيل بأن إيران هي التهديد الأكبر للأهداف الإميركية-الإسرائيلية في المنطقة. وتفضل إسرائيل إخضاع إيران عن طريق الوسائل العسكرية وتدمير القدرة النووية/ العسكرية التي ربما تطورها. أما الأهداف الإسرائيلية النهائية، فهي توجيه ضربة قاضية إلى إيران كلاعب يزاحمها على النفوذ في الشرق الأوسط، وبحيث يمكن بذلك عزل وإضعاف سورية، وحزب الله، وحماس، والعناصر الشيعية الموالية لإيران في العراق. وعلى أن الولايات المتحدة تشاركها نفس الأهداف، إلا أن النغمة والأسلوب والوسائل لتحقيقها تختلف بشكل كبير في الوقت الراهن. تريد الولايات المتحدة أن تفصل بين بلدان التحالف الذي تقوده إيران من خلال البوابة الفلسطينية باستخدام الحوار والدبلوماسية. وتريد إسرائيل أن تفرق هذا التحالف من خلال استخدام القوة العسكرية، ومن دون عبور البوابة الفلسطينية. وهذا هو السبب الذي جعل من المهم لإسرائيل أن يفوز أحمدي نجاد المكروه في الانتخابات الرئاسية. ذلك أن فوزه سوف يدعم قضية إسرائيل الخاصة بالعمل العسكري ضد إيران، والضغط على الولايات المتحدة من أجل دعم ذلك العمل. وفي التفكير الإسرائيلي، سوف يضع ذلك مسألة فلسطين في الخلفية –وللأبد إن أمكن.
على الرغم من أن السؤال حول الطرف الذي كسب الانتخابات الرئاسية الإيرانية فعلاً يظل بلا حل، فإنه يبقى سؤالاً إشكالياً بالنسبة للتقدميين في العالم، بل إنه قسم صفوفهم. فمن ناحية، هناك المفكر العربي البارز والمحترم دولياً عزمي بشارة، الذي بينما ينتقد أحمدي نجاد على إنكاره للهولوكوست يميل إلى تأييد ادعاء أحمدي نجاد بأحقية إعادة انتخابه، ويعرب عن إعجابه بانتقاد نجاد للكولونيالية والعنصرية الغربية (8). ومن الناحية الأخرى، يؤمن جوان كول بأن موسوي قد فاز في الانتخابات على الأرجح، ملاحظاً أن المسألة كانت حرباً ثقافية وليس طبقية (9). أما حامد دباشي فله وجهة نظر أخرى، إنه لا يناقش قضية من الذي كسب الانتخابات، وإنما يقول ببساطة إن ترتيب الانتخابات أصبح 'حقيقة اجتماعية' واقعة. وهو يعتقد بأن ما يحدث في إيران هو حركة حقوق مدنية موثوقة يشترك فيها طيف طبقي واسع وجماعات نسائية، وليس ما يدعى ببساطة بالطبقة الوسطى التي يعتبر الكثير من أفرادها معجبين بالملكية (10). كما يعتقد أيضاً بأن الرئيس أوباما كان 'مثالي النغمة'، أي أنه كان متحفظاً وحذراً في الاستجابة إلى الانتخابات الإيرانية والتظاهرات التي أعقبتها. (في برنامج الجزيرة الحواري، الإمبراطورية، تموز 2009). لم يقم أوباما بالتدخل في تقييم من فاز في الانتخابات، أبقى الباب مفتوحاً للتحاور مع أحمدي نجاد وموسوي، في حال فاز الأخير، في الوقت الذي عبر فيه فقط عن الاستياء من الطريقة التي عومل ويعامل بها المحتجون. ومع ذلك، يصر خامنئي وأحمدي نجاد على أنه كان هناك تدخل أجنبي، خاصة بالتدخل من خلال الشبكة العنكبوتية، في تأجيج الاحتجاجات الإيرانية. وقد أصر مفكرون تقدميون أميركيون ودوليون آخرون على أن أحمدي نجاد قد انتخب، وأن الولايات المتحدة كانت تتدخل فعلاً في إيران لصالح موسوي. وقد بنى هؤلاء اتهاماتهم على تاريخ طويل من التدخل الأميركي في الشأن الإيراني.

تظل الهندسة الأميركية في العام 1953، لعملية إسقاط حكومة مصدق وإعادة الشاه إلى العرش في إيران معروفة جيداً. ومع ذلك، ومنذ ثورة الخميني عام 1979، جرت عدة محاولات لإضعاف ثيوقراطية إيران الشيعية. ولعل العنصر الذي تغير خلال هذه السنوات هو إضافة العنصر الإسرائيلي/الصهيوني إلى المعادلة. منذ بدايتها الأولى، كانت إسرائيل قد شخصت وحددت ثلاثة بلدان عربية قومية رأت فيها تهديداً محتملاً للاستيطان الإسرائيلي في فلسطين، ووصولها إلى الهيمنة السياسية والاقتصادية في المنطقة. هذه الدول كانت مصر، والعراق وسورية. وبعد الإطاحة بنظام الشاه، أضافت إسرائيل دولة إيران غير العربية إلى قائمتها من المتحدّين والمنافسين المعادين لمشروعيتها وهيمنتها في المنطقة. في بداية الأمر، جرى تحطيم مصر في حرب العام 1967 ووقعت في النهاية اتفاقية سلام مع إسرائيل بعد أكثر من عقد. وفي شهر آذار (مارس) 2003، قامت الولايات المتحدة، بتشجيع من إسرائيل ومؤيدي أميركا، بغزو العراق ثم تدميره حسياً على الأرض. واليوم، أصبح العراق غير مستقر سياسياً وسهل الاختراق أمام التأثير الإيراني والمصالح الإقليمية. وقد طور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي علاقات مهمة مع إيران. ومع أن سورية لا تتمتع بنفس الوزن السياسي والعسكري الذي كانت تتمتع به أي من مصر أو العراق في وقت من الأوقات، فإنها ما تزال تلعب دوراً حيوياً في الشرق الأوسط، مستمدة قوتها من تحالفها مع إيران والحركات الإسلامية المرتبطة بها من غير الدول، مثل حزب الله وحماس. وقد استبدلت سورية رعاية الاتحاد السوفياتي التي فقدت مسوغاتها في العام (1991) بإيران باعتبار الأخيرة القوة الإقليمية الوحيدة المعادية لإسرائيل وأميركا في المنطقة –على الرغم من مفاجأة تشرين الأول (أكتوبر) من العام 1980 (11). وقد نظرت إسرائيل إلى صعود إيران على أنه يشكل تهديداً رئيسياً، ليس لوجودها، رغم أنها تزعم ذلك، وإنما لهيمنتها في المنطقة وادعائها المشروعية. وهكذا، وعلى الرغم من أن إسرائيل شاهدت مصر والعراق تخرجان من 'ميدان المعركة، جاء صعود إيران المتحالفة مع سورية، وحزب الله وحماس، والعناصر المؤيدة لإيران في العراق، ليحل محل التحدي القومي العربي السابق.

على الأثر، عمدت المنظمات الداعمة لإسرائيل، مثل 'آيباك'، ومعهد المؤسسة الأميركي، ومعهد هدسون، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، وأميركيون من أجل الانتصار على الإرهاب، ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، ومؤسسات ومعاهد ومنظمات أخرى مؤيدة لإسرائيل، عمدت كلها إلى التشمير عن ساعد الجد والشروع بالعمل. وقد تحالفت هذه الجهات جميعاً في الوقوف وراء رضا بهلوي، ابن الشاه الذي يعيش في فيرجينيا، وعملت مع أعضاء من الكونغرس من أجل استصدار تشريع معاد لإيران. وكان من أبرز النواب الأميركيين الذين وقفوا في مقدمة هذه الجبهة، وما يزالون، كل من النائبين سام براونباك (كنساس) وجو ليبرمان (كونيكتكوت). وقد دعم هؤلاء تمويل الكونغرس لمحطتي 'صوت أميركا' و'راديو فاردا' اللتين وجهتا برامجهما باللغة الفارسية من المنفيين الإيرانيين في كاليفورنيا إلى إيران. وكان هدفهما، وما يزال، هو تغيير النظام في إيران. وقد دفعت إدارة بوش إلى بث عدد من البرامج الهادفة إلى شل إيران، وبالتالي إضعاف النظام الإيراني على أمل حدوث تغيير فيه (12).

أصر الناشطون في اللوبي الأميركي الإسرائيلي على أن إيران تشكل تهديداً، ليس لإسرائيل والشرق الأوسط فحسب، وإنما على العالم كله، لأن برنامجها الإيراني المزعوم يهدف إلى تطوير ترسانة من القنابل النووية. من الواضح أن إيران تمتلك برنامجاً للطاقة النووية، وربما تسعى إلى الحصول على قدرة صناعة قنبلة كرادع لهجوم محتمل من طرف إسرائيل والولايات المتحدة. وتبدو كافة التقارير وهي تشير إلى أنها لا تمتلك الآن ترسانة قنابل نووية وأنها لن تمتلكها في المستقبل القريب. وبهذا تكون إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمتلك رؤوساً حربية نووية في المنطقة. ومع ذلك، وبانتخاب أحمدي نجاد في العام 2005، وبوجود خطابه البائس الذي يغذي الصورة التي تصنعها إسرائيل عن 'الفاشيين الإسلاميين' الإيرانيين العاكفين على تدمير إسرائيل، كسبت إسرائيل في حرب العلاقات العامة الساعية لكسب الرأي العالمي، خاصة الرأي العام الأميركي. وقد أضاف بوش إلى شيطنة إيران ورئيسها أحمدي نجاد بضمه إيران في جماعة 'محور الشر' الخاص به، إلى جانب كوريا الشمالية والعراق. كما أضافت إعادة الانتخاب المعلنة لأحمدي نجاد مزيداً من القوة للأطروحة الإسرائيلية.

بعيداً عن التدخل المحتمل من خلال الشبكة العنكبوتية، هل تدخلت الولايات المتحدة هناك كما يعتقد عدد من التقدميين الغربيين والآخرين؟ هل فوضت إدارة أوباما أولئك العملاء الأميركيين الموجودين مسبقاً في إيران منذ حقبة بوش بتشجيع الانقسام؟ تتضمن القطعة التالية من مقالة جرمي هاموند(13) المنشورة يوم 23 تموز أن إدارة أوباما كانت وما تزال تتدخل في الشأن الإيراني.
تقول المقالة: ربما يقع المرء تحت إغواء القول بأن استراتيجية تغيير النظام التي تم تطبيقها في ظل إدارة بوش، التي اشتملت على التمويل والدعاية، ودعم الجماعات الإيرانية المنشقة، ودعم المليشيات المناوئة للنظام والإرهابيين، قد تغيرت في ظل إدارة الرئيس أوباما الجديدة. وليس هناك دليل، كما أشار الكثيرون، على تدخل أميركي في الانتخابات الإيرانية.
ولكن، لا توجد هناك أي إشارة واضحة إلى أن أوباما قام أبداً بمراجعة الاستراتيجية السياسية التي كانت تطبق في ظل إدارة بوش. ولعل السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن أوباما قد وضع الخيار العسكري الذي فضله البعض في إدارة بوش في المخزن الخلفي لصالح استخدام وسائل أخرى لإحداث التغيير في النظام في إيران.

مهما يكن واقع الحال، ونظراً لسجل التدخل الأميركي في شؤون دولة إيران والسياسة الواضحة الهادفة إلى تغيير النظام هناك، فإنه يبدو من شبه المؤكد، بل من المرجح، أن الولايات المتحدة قد لعبت دوراً يعتد به في المساعدة في إحداث الفوضى الإيرانية الأخيرة، في جهد يرمي إلى إضعاف حكومة الجمهورية الإسلامية.
لدى أخذ التدخل الأميركي المباشر والمفتوح في الانتخابات اللبنانية، والهادف إلى إغلاق الطريق أمام حلف حزب الله الموالي لإيران وسورية، وحركة التيار الوطني الحر للفوز بالانتخابات بعين الاعتبار، هل يكون من المنطقي القبول بتأكيد أوباما على عدم وجود تدخل أميركي في إيران؟ وبتأمل المخاوف الأميركية إزاء الصداقة القائمة بين أحمدي نجاد والرئيس الفنزويلي شافيز، والنفوذ الذي يحظيان به في منطقتيهما، خاصة فيما يتعلق بسياسة النفط والتحول المحتمل من البترو-دولار إلى اليورو، هل من المقنع القول بأن يظل أي رئيس أميركي محايداً نسبياً ومكتوف اليدين فيما يتعلق بالأحداث في إيران؟ يقول معظم التقدميين الغربيين في الإجابة عن هذه الأسئلة: كلا. ويصر آخرون مثل دباشي على أن ثمة شيئاً جديداً يحدث في إيران. ومهما يمكن أن تكون طبيعة التدخلات التي حصلت أو لم تحصل، وبغض النظر عما يريده أولئك الإيرانيون المتشبثون بأيام الشاه، فإن هناك من وجهة نظر دباشي مشاعر غضب عميقة إزاء أحمدي نجاد والثيوقراطية السلطوية في أوساط طيف واسع من شرائح المجتمع الإيراني. ولا يبدو دباشي وأنه يعترف بموسوي بحماس على أنه الحل، وإنما يجري النظر إلى موسوي على أنه رمز للمعارضة والإصلاح. وفي ندوة أقامتها جامعة كولمبيا بعد الانتخابات الإيرانية، ارتدى دباشي وشاح عنق أخضر، وهو اللون الرمزي للمتظاهرين المؤيدين لموسوي.

يبقى تحليل دباشي، نظراً لجذوره وخبرته، منطقياً. فقد تحدى العقيدة اليسارية الصحيحة سياسياً، والقائمة على تفضيل الفريق الأكثر احتجاجاً وصوتاً ووضوحاً في معاداة الإمبريالية باعتبار ذلك الفريق ضحية للغرب. ومن الواضح أنه يكره حيل نجاد ومغالطاته بشدة، لكن ذلك لا يعني القول بأنه لم يكن هناك تدخل خارجي فيما عدا التدخل من خلال الاتصالات والشبكة العنكبوتية فيما حدث ويحدث في إيران، ولا يعني القول بأن أحمدي نجاد قد انتخب أو لم ينتخب. وربما لا نعرف حقيقة ذلك بشكل مؤكد لسنوات قادمة. وليس هناك من سبب للاعتقاد بأن الغالبية من المتظاهرين ليسو أشخاصاً معادين لإسرائيل وأميركا في المنطقة بنفس المقدار. وربما يكون موطن اختلافهم هو أنهم يصرون أيضاً على مسألة الحريات الشخصية في أي نظام يقبلون به لحكم إيران، بما في ذلك نظام ثيوقراطي إصلاحي. بهذا الفهم المخصوص، فإنه لا يعود من المهم والذي يحدث فرقاً حقاً من الذي انتخب. لقد قدحت عملية الانتخابات الزناد حتى يعبر الإيرانيون مرة أخرى عن مشاعر استيائهم وسعيهم إلى واقع أفضل. ومع ذلك، فإن ما يظل مهماً في الانتخابات هو تداعياتها النهائية محلياً، وإقليمياً ودولياً. ولا يحاول أي من النقاد على كلا الجانبين أن يستخلص شيئاً من الكيفية التي ربما تكون عليها مثل هذه التداعيات.
من المهم تذكر أن الرئيس الإصلاحي خاتمي كان قد أرسل عرضاً للسلام والتسوية حول القضايا الشرق أوسطية لإدارة بوش في شهر أيار (مايو) عام 2003، والذي قام بوش بإهماله بكل بساطة. وقد أرسل أحمدي نجاد رسالة إلى بوش في شهر أيار (مايو) من عام 2006، والتي أشار فيها إلى نفاق أميركا الأخلاقي، والمتصل بانتقاد الدول الأخرى حول الديمقراطية في الوقت الذي تخوض فيه حرباً غير مخولة وتمارس معاملة غير قانونية للمعتقلين في حربها على الإرهاب. لكن رسالته بينما كانت انتقادية، فإنها يمكن أن تقرأ على أنها فتح نافذة للاتصال والتحاور مع الولايات المتحدة. وفي كلا الحالين، تم رفض المقاربات الإيرانية للولايات المتحدة. وفي حال بقي أحمدي نجاد رئيساً لإيران، فإن أوباما سوف يسعى إلى إقامة محادثات معه ويتوقع بعض التفاعل الملتف والمعقد. وإذا ما أصبح إصلاحي ما رئيساً عند نقطة ما، فإن ذلك لا يعني أنه/ أو أنها، سوف يكونون أقل قسوة على الولايات المتحدة وحليفها الإسرائيلي. ربما يكون أسوأ حاصل من الفوضى الراهنة في إيران هو منافسة تجري بين جماعاتها العرقية المتعددة وصراع على السلطة. سيكون من شأن الفوضى المستمرة في إيران أن تسرّ إسرائيل وتهدد استقرار إيران الداخلي ونفوذها الإقليمي. ومن جهته، فصل أوباما تصرفاته على نحو يتيح له أن يعمل بشكل محترم مع أي طرف يصعد كقائد، ولاحتواء الفوضى والعنف الممكنين. أما الحد الزمني النهائي المقرر بشهر أيلول (سبتمبر) للموافقة على الشروع في المحادثات، وكانون الأول (ديسمبر) لإحراز تقدم، والذي كان أوباما قد حدده لإيران على شكل تنازل لإسرائيل تقريباً، فإنه ربما لا يكون مرناً بما يكفي نظراً للظروف الحالية في إيران.
إن الأمر الواضح هو أن انتخابات العام 2009 قد جاءت بنهج مختلف لسياسة الولايات المتحدة الخارجية، وبيميني متشدد الخطاب ليترأس إسرائيل، وباضطراب سياسي في إيران، والذي نجم عنه خلاف نمطي معلن بين إسرائيل والولايات المتحدة، على نحو تكرر في حقب أيزنهاور، وكارتر، وبوش الأب. لم ينل نهج أوباما الفرصة ليتجلى ويثمر، وإنما أوثقته النزعة العسكرية الإسرائيلية إلى عنان قصير يتيح له القليل من مساحة الحركة. حتى اليوم، لم ينفتح الباب الفلسطيني الذي سعى أباما إلى استجلاب الضوء منه. وما يزال التحالف الذي تقوده إيران متماسكاً ولم يقدم أي تنازلات حقيقية يمكن التحدث عنها.

رغم أن إسرائيل تتمتع بتحالف 'لا يهتز' مع الولايات المتحدة، ومع تحالفها القوي مع تركيا، ووجود معاهدات سلام تربطها مع مصر والأردن، ومع توافرها على رابع أقوى جيش متقدم تقنياً في العالم، فإنها ما تزال تشعر بعدم الأمن. وينبع شعورها بعدم الأمان من عاملين. 1) باعتبارها دولة استيطانية كولنيالية مؤسسة على التطهير العرقي، فإن قادتها يعرفون أن مشروعيتها تظل محل استنطاق. 2) من أجل إدامة دولة إسرائيل في وجه التحديات التي تواجه شرعيتها، ناضل القادة الإسرائيليون لجعل إسرائيل لا غنى عنها حصرياً (بطريقة أو بأخرى) بالنسبة للولايات المتحدة، ضامنها الرئيسي. وهكذا، يخشى القادة الإسرائيليون من احتمال أن يحاول أوباما العودة إلى شيء يشبه قليلاً فترة تحالفات أيزنهاور مع طائفة من الدول العربية، والتي يمكن أن يضاف إليها الآن دولة غير عربية مثل إيران. ضمن هكذا سيناريو، سيكون مكان إسرائيل وأهميتها في المدار الاستراتيجي الأميركي قد هبطا، كما سيهبط نفوذها كذلك. ويعمل انفتاح أوباما على الدول الإقليمية التي تراها إسرائيل معادية على تكثيف جهودها للحيلولة دون نجاحه. وسيعمل الاختلاف في العلاقات الأميركية-الإسرائيلية على اختبار معدن أوباما فيما هو يسعى إلى التأثير على مصالح أميركا بطريقة أقل عسكرية. هل ستتمكن إسرائيل من أن تكون لعنة أوباما وطائر نحسه، أم أنه سيكون قادراً على جمع دعم كاف لتحقيق أهدافه؟ أسئلة ستجيب عنها الأيام.

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد