سيكتفي حزب الله اليوم ببيانه الرسمي عن عملية إسقاط المسيرة الإسرائيلية قرب الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، في إنتظار إطلالة أمينه العام السيد حسن نصرالله يوم غد الثلثاء
اسقاطُ حزب الله لطائرة مسيّرة إسرائيلية فجر اليوم الاثنين في قرية لبنانية حدودية، واعتراف إسرائيل بذلك، يطرح سؤالا مفصليا عند مؤيدي الحزب وخصومه: هل أن المقاومة تريد الزام إسرائيل بالعودة الى قواعد الاشتباك القائمة منذ حرب 2006 أم انها تدفع الى تغيير كل المعادلة في المنطقة ردّا على ما تعتبره خرقاً إسرائيليا فاضحا للخطوط الحمر وضغوطا غير محتملة على ايران والحزب وحلفائهما؟.
في التصريحات أولا:
قال حزب الله في بيانه: "ان مجاهدي المقاومة الإسلامية تصدوا بالأسلحة المناسبة لطائرة إسرائيلية مسيّرة اثناء عبورها الحدود الفلسطينية اللبنانية باتجاه بلدة رامية الجنوبية، وتم اسقاطها وأصبحت في يد المقاومين".
ردّت إسرائيل معترفة بإسقاط الطائرة ولكن المتحدث باسم جيشها حاول التخفيف من الصدمة قائلا:"لا خشية من تسرّب معلومات سرية في اعقاب سقوط الطائرة الصغيرة والتي لم تكن من النوع الأكثر تطورا" مشيرا الى أن المسيّرة كانت تقوم بجولة استطلاع روتينية. ( كأنما أرض لبنان مستباحة له)
في الخلفيات ثانيا:
هذا أول رد مباشر تنفيذا لتهديد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالسعي لإسقاط أي طائرة مسيّرة تخترق الأراضي اللبنانية، برغم ان نصرالله حرص على القول بأن هذا لا يعني قدرة الحزب على اسقاط كل الطائرات. فهذه ليست أول مسيّرة تخترف الأجواء منذ التهديد الأخير لقيادة المقاومة.
العملية التي نفذها رجال الحزب، دقيقة، بحيث أنها استهدفت الطائرة في الثواني الاولى لاختراقها الحدود المُراقبة تماما من قبل الجيش الإسرائيلي، والمرتبطة دوليا بالقرار 1701 والخط الأزرق الذي يمنع الاختراقات من الجانبين، ما يشير الى أن الحزب يملك وسائل دفاع أرضية ضد الطيران وانه يكشف حاليا عن جزء بسيط منها.
جاءت العملية في أعقاب تصريحات نتنياهو في جلسة الحكومة أمس بعد عودته من اجتماعاته في لندن مع وزيري الدفاع البريطاني والأميركي وتصريحاته التي هدد فيها بالرد على ايران وحزب الله، ما يعني توجيه صدمة انتخابية له بعد عملية أفيفيم، وقبل أيام قليلة من الانتخابات في 17 أيلول/ سبتمبر الجاري.
تزامنت العملية مع يوم وصول مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الى بيروت للحث على تطويق الحزب والإسراع في ترسيم الحدود البرية والبحرية بشروط ليست حتى الآن مقبولة لبنانيا.
تزامنت أيضا مع المرحلة الثالثة من تخفيض ايران التزاماتها في الاتفاق النووي، واتهامها أوروبا بعدم تنفيذ تعهداتها، واحتجازها ناقلة بتهمة تهريب نفط إيراني، ما دفع البعض للقول ان المحور يتحرك بانسجام وتنسيق لرفع مستوى الضغوط.
ثمة من يقول ان العملية تزامنت مع الضجة الإعلامية التي اثارها خصوم الحزب بعد العثور على مسؤول سابق في حزب الله مقتولا في شقته بالضاحية. لكن يبدو أن هذا القول غيرُ دقيق، فلا خلفية أمنية لمقتل المسؤول، ثم ان الحزب وفق ما هو معروف يخطط لهكذا عمليات قبل فترة بغض النظر عن أي تطور آخر ذلك انه يفصل صراعه مع إسرائيل ومقاومته لها عن أي ملف آخر.
يبقى السؤال، هل ان الحزب قرّر ضرب المسيّرات وتنفيذ عمليات داخل فلسطين المحتلة لردع إسرائيل واعادتها الى خطوط الاشتباك السابقة، أم أنه قرر نسف المسار برمّته في سياق منظومة محور المقاومة لتخفيف الضغوط عنه وعن إيران؟
يبدو أن الحزب لا يزال حتى الآن ملتزما بمبدأ الدفاع وليس الهجوم، وانه يعتبر أن ما يقوم به هو رد العين بالعين على إسرائيل من أجل إعادة تثبيث قواعد الاشتباك، لكن السيد نصرالله كان قد صرح قبل فترة بانه لن يبقى مكتوف الأيدي اذا ما وقعت حرب على ايران. فمن الصعب اذا بعد اليوم الحديث عن ضلع من محور المقاومة منفصل تماما عن الاضلع الأخرى. ومن الصعب أكثر رصد مشهد التوتر بين إيران والغرب، وأن يكون هناك هدوء على خط حزب الله إسرائيل. نحن أمام منظومة واحدة تشمل طهران ودمشق وصنعاء وبغداد وبيروت. لذلك فان المقبل ليس مطمئنا الا اذا حصل تفاوض جدي إيراني أميركي. لعلّ السيد نصرالله سيشرح أكثر في مهرجان إحياء عاشوراء في الضاحية الجنوبية غدا، ولعلّ نتنياهو مضطر لفعل أي شيء قبل الانتخابات كي لا يبدو ضعيفا.
سامي كليب - موقع 180 درجة